المنتدى :
الطفولة
الخيال القصصي للأطفال وسبل ترشيده
يولي علماء النفس والتربويون الاسلوب القصصي الذي يسرد للاطفال اهمية كبيرة لما له من دور في تبسيط المعلومات المعطاة لهم وتوسيع عالم الخيال الذي يلازم الطفل منذ سنواته الاولى وهو يسمع حكايا وقصص ما قبل النوم، فعالم الخيال امر طبيعي لا بد من تنميته والاسلوب القصصي احد اهم وسائل تنمية الخيال الذي اكد عليه هو الاخر من قبل المختصين بعد ان ثبت دوره في تكوين شخصية الطفل. لذا علينا مراعاة ما نحكيه من قصص يتمكن الطفل من ترسيخ صورة واضحة المعالم في مخيلته عن الواقع الذي يكتشفه من حوله.
وكما معروف ان الانطباع الاول الذي يتشكل في مخيلة الصغار يصبح محوه صعباً اذا ما كان سيئاً، وحتى نتجاوز الاخطاء التي قد تقع من الكبار دون قصد اثناء سرد قصصهم للاطفال ولكي نوجه خيال الطفولة الساحري توجيهاً علمياً سليماً التقينا السيدة فريدة عبد الكريم (مديرة روضة النور) لتحدثنا عن نوع القصص التي تحكى للصغار وكيفية تنمية خيال الطفل بالشكل الصحيح فقالت: ان العلم الحديث اكد بما لا يقبل الشك على اهمية تنمية مواهب الطفل وتطويرها ومن الاساليب التي تساهم في ذلك، القصص التي تحكى للصغار وللاسف فقد كان الطفل في السابق يتعرض الى سماع قصص عن الساحرة والعفاريت واللصوص والوحوش وغيرها مما كنا نسمعه من حكايا الجدات وحتى الكتب والمجلات فمحتوى قصصها لا يلائم مخيلة الطفل وهذا كله يساهم في ارباك تفكير الطفل ويؤثر على مخيلته وصوره المستقبلية دون شك.
وهنا نؤكد دائماً على الالتزام بالاسلوب العلمي في التعامل مع الطفل وبالشكل الذي يفسح المجال امام خيال الطفل ليتوسع وينفتح على العالم وفق الاسس الصحيحة وعلينا توجيه الخيال وبصورة غير مباشرة لما يسمى الابداع والابتكار، وفي الوقت نفسه الوقوف بوجه الخيالات الخارقة والتي قد تكون نتائجها هدامة للمجتمع من اذهانهم كي نقوم الاخطاء في بدايتها وهذا يتوقف على مدى وعي الام با لدرجة الاولى والاب والمعلم من خلال سؤاله والاستفسار عما يشغل فكره.ويبقى دور ما نحكيه من قصص له اهمية فى تكوين فكرة صحيحة عما يحيط به.
خيال يوافق الشريعة
السيدة ميعاد محمود (رياض اطفال) تؤكد على ظرورة توجيه خيال الطفل الى ما يرضي فضوله ويوافق الشريعة فيغرس داخله حب الدين لما يحتويه من فضائل وحكم فيشب على ذلك، وديننا حفظ لنا العديد من القصص التي فيها من العبر ما يقوم فكر الصغير ويرشده الى الطريق الصحيح.
* كيف نحكي قصص الاطفال؟
سؤال لابد ان يتبادر الى ذهن كل واحد منا بعد ان علمنا ان قصص الجدات مثيرة للجدل بما تحويه من افكار تؤثر على خيال الطفل في مراحل تكوينه الاولى وعلى ما يبدو ان فينا من الامهات ما زلن تستهويهن حكايا الجدات تلك، فصرن يلعبن الدور نفسه مع احفادهن تماشياً من منطق التقليد في التربية فيتربى الاطفال على افكار لا تليق بما توصل اليه العصر من علم ومعرفة لذا فلا بد ان تقف الامهات عندما يقررن ان يحكين قصص لاطفالهن ويفكرن بما الذي يحكى للصغار وبأي اسلوب يكون الكلام، ليكون الكلام مشوقاً ونتجنب فيه في قصصنا ما يضر بعقولهم وافكارهم الصغيرة.
اسماء فؤاد (اخصائية نفسية) تقول: قبل ان نبدأ في رواية قصة لاطفالنا لابد ان نتذكر ان هذا الصغير سوف يتوسع في خياله على اساس ما يسمعه لذا فعندما نحكي قصص الرعب فقد تؤدي الى ازعاجه ليلا، وعندما نحكي عن الشريرة والساحرة، ربما تنمي فيه افكاراً شريرة، فلماذا لا نحاول الابتعاد عن هذه القصص واللجوء الى قصص فيها براءة توازي عالمهم النقي بدلاً من زرع العنف والكراهية في قصص مثيرة للجدل.
يوم السيرة
عندما نفكر في رواية نرغب قصها لصغارنا لابد ان نبدأ باعظم قصة واروع رواية وهي قصة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) ففيها من الومضات واللمحات ما تزكي النفوس وكذلك كان المصطفى يداوي النفوس بالرحمة ويعالج الشارد بالالفة والشفقة فهل هناك اروع من هذه القصة تحكى للصغار.
والاكثر من ذلك فان الدكتور (محمد عبده يماني) في كتابه (علموا اولادكم محبة رسول الله) يطالب بجعل يوم من ايام ربيع الاول يسمى بيوم السيرة تجلس فيه الامهات لاطفالها لتروي لهم قصة الرسول وكفاحه من اجل الدين الحنيف.
قصص من القرآن الكريم
اضافة الى قصص الحبيب المصطفى فقد لمسنا من خلال تعاملنا مع اطفالنا انهم يرددون ما يسمعونه في مدارسهم من حكايا وقصص تقصها عليهم معلماتهم في فترة الاستراحة وبعد انتهاء الدرس وجدنا ان لها تأثيراً كبيراً في مخيلة الصغار فعلى معلمينا الانتباه لهذه الناحية والتركيز على نوعية القصص المرواة للصغار ومن ضمن ما شد انتباه الصغار من حكايا وقصص قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) فقد صار الصغار يرددونها بكل طلاقة لما للسرد القصصي المبسط الذي روت فيه الحكاية، من هنا برزت اهمية اهتمام المدرسة بالاسلوب القصصي المتبع مع الاطفال والتركيز على قصص تنمي فيهم القيم الحميدة والفضيلة.
وهناك قصص في القرآن الكريم كثيرة تحمل معاني مهمة يمكن ان تروى للصغار كقصة سيدنا ابراهيم مع ابنه اسماعيل (عليهما السلام) وقصة النبي موسى ونوح (عليهما السلام) المهم هو الطريقة التي تقص فيها الرواية وشد انتباه الصغار لها هذا بالاضافة الى خيال الصغار وتوسعه فلا بد للمعلمة ان تحاول معرفة الى أي مدى ذهب خيال الطفل الذي قد تجده سرح بعيدا عن الانتباه كي تستطيع ان تركز مخيلته بالشكل الصحيح لتتمكن من تحقيق الفائدة المرجاة من قراءة القصة اليهم.
قصص الخيال العلمي
اذا كان الخيال الذي يصاحب سرد القصص امراً طبيعياً فعلينا استثماره لأن كبت هذا الخيال قد يؤدي الى آثار سلبية فقد يسبب له الخوف او الخجل والانطوائية، واذا كان اعطاء الخيال مساحة كافية في عقل الطفل مهماً فان الخيال العلمي له من الاولويات ما يدفع به نحو تشكيل صورة جديدة لما ستكون عليه الاشياء في المستقبل، وقد اثبت ان قصص الخيال العلمي التي تحاكي الطفولة باسلوب علمي مبسط تساهم في توسيع مدركات الطفل وتنشيطها وربما تفسح هذه القصص مجالا للاكتشافات والاختراعات من خلال تنشيط العقل اذا ما استغلت بشكل جيد. وعليه لا بد من تشجيع قصص الخيال العلمي من خلال البرامج والانشطة التربوية ولكن باشراف تربويين متخصصين في هذا المجال لا ان تترك القصص دون رقابة فتكون اثارها سلبية على عقول الصغار.
قصوا عليهم
ما اجمل ان يتوسع خيال الطفولة البريء لما يرضي الله وما اجمل ان يتفهم الآباء هذه الحقيقة فيقصوا لصغارهم ما يرضي فضولهم وخيالهم، فدعونا نقص عليهم حكايا من الاسراء والمعراج ليلة اصبح الرسول صلى الله عليه وسلم اماماً للانبياء بعد ان ام بهم يوم اسري من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى.
ودعونا نقص عليهم قصة الجارية التي لقت صلى الله عليه وسلم باكية لانها اضاعت ثمن دقيق لاسيادها فدفع لها ثمن الدقيق، ولكنها استمرت تبكي خوفاً من ضرب اسيادها لها فذهب معها اليهم وتحدث معهم في لطف ولين حتى سامحوها وعفوا عنها.
هذه امثلة وقصص ومثلها اكثر فدعونا نقص عليهم قصصاً من هذا القبيل تربي فيهم حب الخير والفضيلة والتسامح والكفاح من اجل العقيدة لتكون عبرة لهم ولكل مكافح في هذا الزمن الصعب.
|