كاتب الموضوع :
MALAK
المنتدى :
الارشيف
السلام عليكم ...
اشكركم على متابعتي واشكر كل من ساندني ...
ومن بث الحماس في نفسي ...
وحفزني على المتابعة ...فشخصية الكاتب ليست
المهمة ولكن اسلوبة وقدرتة ...
تحياتي لكم ....
وتفضلو الجزء الرابع والعشرين....
تركتها وحيدة ....
(24)...
هناك بعض الاشياء لا تستطيع ان تعتبرها سحابة صيف او طبقة من الغبار لا تلبث ان تنجلي ..وانك لتدرك ان هناك اشياء يمكن ان تمر بين جوانحك مرور الكرام ..فثير في نفسك
بعض الاسى من حين الى اخر وكان انفسنا تابى الا ان تذكرنا بوجودها ...
في الحياة نعايش كل يوم تجربة وان كانت تلك التجربة حدث تافة صغير يحدث كل يوم ..لكنك ترى في بعض الاحيان ان نظرتك الى الحدث قد تتغير من حيث تغير الزمان ..
لا تبقى نظرتك للاشياء كما هي دائما فلابد ان يشوبها بعض التغيير وان كان بسيطا ..فان وجدت نفسك تنظر
الى الاشياء بنظرة موحدة فلتعرف انك لم تتغير ابدا ..
عندم تتعرض لهزة قوية او حدث جلل تشعر لاول وهله انك من المستحييل ان تستطيع العيش ..وان لحظاتك الاخيرة لقادمة لا محاله تركض اليك سريعا من شدة وطاة حزنك او اساك ..
هذا يحدث عندما تجتاحك تلك الصدمة في المشاعر والروابط الانسانية التي كانت تربطك باشخاص ما ..فتفعل كل
ماهو من شانه ان يخفف عليك تلك الوطاة ..ولو كان ذلك الشئ وهميا ..
ولكنك بعد مرور بعض الوقت سواء ان كان طويلا او قصييرا غالبا ما تدرك ان الحياة لابد ان تستمر لانك لا زلت على قيد الحياة ..حتى وان شعرت
ان ذلك له بالغ الاثر والقسوة عليك ..
نداء العقل لا يظهر جليا حينما تسيطر علينا عواطفنا ..يضمحل وجودة ليتحول تدريجيا الى شئ هو اشبة بغلالة
شفافة ..فهل تستطيع غلالة شفافة ات تقيك برد الشتاء القارس الذي يضرب اضلاعك ..
تخيفك فكرة المستقبل وتغمض عينيك عن الحقيقة ..تتخيل بوجل كيف ستكون حياتك القادمة وكانك انت لم تعد انت ..تنقلب كل الموازين ...
تفقد ولو جزئيا القدرة على متابعة حياتك وكانك قد اصبت بشلل ما في مشاعرك وقدرتك على المتابعة ..
ان طبع الانسان قد جبل على الخوف والفزع من المجهول حتى ولو كان هذا الانسان شخص لا تهزة الرياح..فلكل شخص ما يخيفة او يثير الفزع في نفسة وان تفاوتت الاسباب واختلف المقدار ..
فالرئيس الذي يجلس على كرسي الرئاسة سواء في العمل او في اي مجال اخر .. يخاف ان يزاح ذلك الكرسي الوثير من تحتة ..فيدب البرد في اطرافة بعد كانت تدفئة السلطة ببريقها الاخاد..فيضحي من دون ظهر يسندة او
يظهر له قيمة ..بعض الاحيان يعتقد مثل هؤلاء الاشخاص..ان الكرسي هو المصباح السحري..
وثمة اشخاص يخشون ان يفقدون الرعاية والاهتمام ممن حولهم ..فيعيشون طوال حياتهم وهم يقتاتون عواطف ومشاعر الغير ..ويظنون ان اهميتهم تنبع من اهتمام الاخرين لهم ..
بيد انهم يتلاشون ويهتزون بسرعة ان انفض الجمع من حولهم...
وهناك اشخاص لا يستطيعون العيش الا باشخاص الى جانبهم يفرغون عليهم تلك الشحنات الفائضة فيهم ...وكان اولائك الاشخاص لا يرون في هذاالعالم الا
هم يبعدون تفكير العقل المتوزان عنهم ويسلمون نفسهم الى عواطف لاتفضي بهم الا الا الضياع..
ويهيا لهم ان الجمييع يحتاجون الى رعايتهم واهتمامهم ويعيشون دون ان يدركو انهم يتلاشون تدريجيا ..ويعتقدون
انهم موجودين فقط للسهر على الغير ومراعاتهم...
لا يستطيع اي شخص ان ينكر تلك التوجهات او الاعتقادات ..لان داخل كل شخص فينا صمام امان مختلف عن
الاخر يمثل له الامان من الكوارث والهزات ...
وطبيعي ان يحدث نوع من الاختلال في التوازن .. وذلك شئ حتمي ومن المتوقع ان يحدث ذلك اذا انفلت صمام الامان وانفجر..وربما ناخذ وقتا طويلا
لاعادة تهياة انفسنا للعيش من دون ذلك الصمام ...وربما نبحث لنا عن صمام اخر نستطيع به ان نتابع حياتنا ..
هناك شئ في انفسنا جميعا نستشعر باختفائة بالنقص ..ويتملكنا احساس به الى درجة اننا في بعض الاحيان نفقد توازننا اذا غاب عن حياتنا ...
فنحاول ان نعايش لحظاتنا تارة ونتركها تتسلل من ايدينا تارة اخرى ..
يختلط حب الحياة بمقتها في آن واحد دون ان نستطيع ان نميز بينهما ..فنشعر بعظيم الذنب اذاصدر منا ما يرقد
هناك عميقا في نفس اي بشر او انسان وهو حب الحياة ..
ونضرب انفسنا بسياط اللوم والتقريع وكاننا بذلك نعتقد ان خصال الوفاء والاخلاص قد تلاشت منا لهم..وانسانا بعدهم طيوفهم الجمييلة .. ..
ونحاول ان نقمع انفسنا المتمردة على الرغبة في الفناء ..فنشعر بمزيد من الاهتزاز وكان رغبتنا في الحياة شظايا تهرب من فوهة بركان ...
تدب فينا بعد هنيهات الرغبة في المواصلة وكاننا ارض بور قد لامست عذوبة قطرات المطر ..نستنشق في بعض
اللحظات رغبتنا في الاحلام ولو كان ذلك خفية وتواريا ..
فيخلتط في اعماقنا مزيدا من الحزن وكثيير من الخيبة ..نتذكرهم ونتمنى ان يعودوا الى الحياة كي لا تخبو بين الحين
والاخر نظرة الفرح المكبوتة في اعيننا ..
نكرر مليا باننا نحبهم ونعشقهم الى مالانهاية ..وكاننا بذلك ننفي فينا اي بادرة لخيانة ذكراهم العزيزة ..وندوس بهواجسنا اي شعور بالرضى قد يتسلل الى النفوس ...
سالت نفسي كثييرا كم من الوقت سوف يمضي ونحن نشعر بهذة الغربة القاتلة في انفسنا ..لم ارى في نفسي نفورا
او استنكار ولكنها هواجسي التي باتت متخوفة مترددة..
على الرغم من بعض التقبل الذي بدانا نسير في دربة الا اننا في بعض الاحيان كنا نعود القهقهري وننكفا على انفسنا راغمين ..فليس من السهل ان تفقد الخيمة احد اعمدتها ....
فتحت عيني الناعستين وشخصت ببصري الى سقف الغرفة المظلمة ..وضعت ذراعي خلف راسي وانا افتح عيني
واغمضهما من جديد ..شعرت ببعض الحرقة فيهما واخذت افركهما ...اوعزت ذلك الى الارهاق ..
لاشئ في هذة الغرفة الا الظلام الدامس ومع ذلك لا اكف عن التحديق في الظلمة التي تسبح فيها الغرفة ......
استلقيت على جانبي الايمن واضعا كفي على المخدة حاجزا بينها وبين وجنتي الدافئة ...
بقيت هكذا للحظات علني احصل على قسط قليل من النوم يزيح عن جسدي بعض الانهاك والتعب ..تحليت بالصبر وانا القي بنظرة جانبية الى النور الخافت الذي يدخل من خلال فتحات النافذة ..
ادرت وجهي الى الجهة الاخرى وانا اشعر بحنق غير مبرر ..فتلفظت شفتاي ببعض الكلمات المحتجة الغاضبة ..
في قرارة نفسي اعرف تماما ان الضوء الخافت ليس هو من يجعل السهاد يعرف طريقة الى جفني ..
ولكننا في بعض الاحيان نعلق خيباتنا على اتفة الاسباب خوفا من السبب الحقيقي ..ونهرب بشدة من محاكمة انفسنا
من الداخل لاننا لا نتحمل ان نرى انفسنا مذنبين ..
شعرت بها بجانبي وانفاسها البطيئة الهادئة تلفح عنقي ... انها مستغرقة في النوم العميق ..لم يكن يتبين شئ من ملامحها
ابدا تمنيت ان ارى ولو شئ بسيط ..فانا بحاجة الى شئ اركز فيه بصري ..
مددت يدي الى كفها الراقدة على بجانبي وسحبتها الي واضعا اياها على صدري ..ربما يغلبني النعاس ويرحم عيني
اللتان تتشوقان الى قليل من الهجوع والراحة ..
تحركت اصابعي لتلاعب اصابعها الرقيقة انها دافئة ..رفعتها ووضعتها بجانب خدي وانا اغمض عيني لا اعلم لماذا
فعلت ذلك ..ربما لانني اريد ان اشغل نفسي باي شئ عن التفكير في اي شئ ..
وربما لان وجودها الى جانبي دائما يشعرني بالراحة حتى وان اردت ان اغيضها واقول لها غير ذلك ..وضعت كفها مر اخرى على صدري وقد شعرت بانفاسي تتلاحق ..
بقيت هكذا وانا اعاود النظر الى السقف دون ان ترمش عيناي للحظة واحدة ..تشنجت اصابعي لتضغط على
اصابعها الراقدة على صدري دون ان اعلم ..
هناك مايجعلني اشعر بالغضب ويحيلني الى شعلة ملتهبة من مشاعر مختلطة ..لا اعلم ايضالماذا يسيطر علي الان ذلك
الاحساس الذي يضغط علي الى درجة الجنون ..
_سعيد مالذي يوقظك؟؟؟
تناهى الى سمعي صوتها الناعس الرقيق وانا لازلت امسك بكفها ..تراخت اصابعي القابضة على كفها بقوة وانا احمد نفسي ان الغرفة تسبح في الظلام والا لن استطيع ابدا ان افسر لها ما يعتمل في في داخلي ويطفو على وجهي ..
ابعدت يدها ووضعتها على الفراش واستدرت الى الجهة الاخرى مغمضا عيني وكانها تراني وترصد حركاتي ..لا
اعلم لماذا لم ارد ان اجاوبها على سؤالها ..ربما لانني لا اعرف حقا مايشقيني في هذة اللحظات ..
_سعيد هل انت مستيقظ؟؟
سيطر السكون هذة المرة على المكان مرة اخرى ..تمنيت ان تياس من محاولتها وتصدق فعلا انني نائم..اردت ان
اكون لوحدي دون اي رغبة في النقاش ..
_حسنا !!
ربتت على كتفي وكانها تقول لي انا افهم سبب صمتك العنيد هذا ..شعرت ببعض الارتياح وانا اشعر بيدها تبتعد
سمعت قوائم السرير تصدر صوتا وهي تعدل نفسها لتدير وجهها الى الجانب الاخر ..
كنت لا زلت اغمض عيني وانا اترقب ردة فعلها القادمة ..بقيت هكذا على وضعي دون حراك رغبة مني في المزيد
من الايهام والايحاء لها بانني نائم..
وان مافعلتة قبل قليل لم يكن الا فعل شخص نائم استغرق في النوم فلم يعد له سلطان على حركاتة وسكناتة ..فان استيقظ من سباتة لم تفلح جهودة الجبارة في تذكر ماحدث ..
_هل لا زلت قلقا ومرتبكا ؟؟؟
احكمت قبضتي على غطاء المخدة الذي اقبض عليه وانا اسمعها تكلمني من خلف كتفي ..فاجاني صوتها وقد عدت
للتو الى حاله الشرود التي كنت فيها ..فظننت انها قد استغرقت في النوم مرة اخرى ..
_ليس هناك من شئ انه بعض الصداع !!
_هل احضر لك الدواء!!
_كلا !!
انهيت النقاش بهذة الكلمة وانا اسحب الغطاء الثقيل واغطي به راسي ..فاصبحت اشعر بحرارة انفاسي وانا احاول
ان اسيطر على الارتباك والتوتر الذي ينتابني ..
كان علي ان ابدوا اكثر هدوئا وانا ارقد على السرير فلن يفيدني التقلب عليه يمينا وشمالا ..سوف امعن في اثارة
قلقها وانا اريد ان اهرب من كذبتي الصغيرة التي كذبتها قبل قليل ..
رفعت كفي ووضعتها على جبيني وانا اشعر ان راسي فعلا على وشك الانفجار ..اغمضت عيني اللتان اصبحتا كجمرتين مشتعلتين ..فركتهما وانا اضم شفتي بقوة...
في لحظات قليلة رفعت اللحاف بقوة ورميت به جانبا ونهضت بسرعة وانا امسك براسي الذي يكاد ينفجر ..تحركت ببضع خطوات سريعة الى الباب وكان هناك شيئا يرعبني ويلاحقني ..
_عمي اريد ان اذهب معك !!!!
صممت اذني وانااغلق الباب بقوة ورائي القيت بنفسي على الاريكة في الصالة وانا اتنفس بعمق وكانني اتنفس من
خرم ابرة ..تناولت جهاز التلفاز وانا اضيق عيني ...
فلا زالت عيناي تعانيان من صدمة التعرض الى النور بعد ان كان تسبحان في الظلام ..لم اركز على الاشياء التي
كانت تتحرك في شاشة التلفاز ..بدت لي انها خيالات غريبة ومبهمة ..
كنت لا زلت اعاني من الصداع وانا ادلف الى باب غرفة مكتبي في الشركة ..انه اليوم الاول الذي اداوم فيه بعد
ان توفي شقيقي سالم يرحمه الله .. مررنا في هذة الفترة ولا زلنا نمر بشئ هو اشبة بالحلم القاسي ..حتى انني اتوقف كثييرا عندما يستوقفني اي شخص ليمد يده الي قائلا باسى بالغ...
_يرحمة الله..
ينتابني شئ من الذهول في كل مرة واظل احدق الى الشخص الذي يمسك يدي ويهزها برفق ..حتى انني لا اجد من شفتي او جوارحي اي استعداد للرد عليهم او شكرهم ..
وكانهم بذلك يضربونني بسياط قاسية مؤلمة فافر هاربا عنهم وانا ارتجف من الذهول ..لا زلت اعاني من بعض حالات عدم التصديق كشان اسرتي اللتي افتقدت ذلك الراحل الرائع..
قضيت ساعات دوامي وانا اقلب في اوراق اشك انني قد علمت ما تحتويه ..كنت اشعر انني داخل صندوق ضيق يكاد يكسر اضلاعي ويحيلها الى هشيم من شدة الضغط ..
على الرغم من مرور ثلاثة اشهر تقريبا لا زلت ابتعد عن كل ما يجعلني احتك بالعالم ..اصبحت حياتي مجرد زياراتي
اليومية لامي التي اصبحت هشة الى درجة غريبة ..
تسائلت في نفسي ان بدت اليوم افضل حالا مما سبق ..ارتحت لتلك الفكرة التي من شانها ان تريحها وتنسيها المها
ولو لبعض الوقت ..رغم تسبب لي مزيدا من التمزق الداخلي الفضيع ..
نظرت الى ساعتي وانا اتمنى ان يسرع الوقت وتنتهي ساعات الدوام البطيئة المتماهله ..عرض علي زميلي الطيب
ان يتحمل الجزء الاكبر من عبئ العمل لما راى ذلك الشحوب في وجهي ..
_انه اليوم الاول لك بعد ذلك الحدث المؤلم عليك ان تكون صبورا...
_نعم اشكرك!!
نهضت بوهن وانا احاول ان اسيطر على الالام التي تضرب راسي بمضارب قاسية ..اردت ان اذهب الى دورة المياة
لارش بعض الماء البارد عل قطراتة العذبة تزيل شئ من الضيق الذي يقتلني ...
وقفت امام المرآه الكبيرة وانا احدق الى عيني اللتان غارتا ..تحسست وجنتي البارزتان بوضوح ..لا اكف عن
النظر الى نفسي طويلا في كل مرة انظر الى المرآه..
اصبحت شديد الشرود لدرجة انني اصبحت لا اركز في اي شئ سوي الجدران السميكة التي احيط بها نفسي بحذر
لم انتبه الى الشخص الذي دخل للتو والقى علي السلام ..
_السلام عليكم ..
_وعليكم السلام ..
شعرت ببعض الحرج وانا اراه يبتسم لاشك انه سوف يظنني مخبولا ..او رجل لا مسؤوليه لديه اذا يستغرق ساعات
الدوام في التحديق الى ملامحه في مرآه دورة المياه التابعة للشركة ....
_عفوا ان وجهك مالوف لدي..
_لا اظن انني رايتك من قبل!!!
اجبتة بفظاظة لم احاول ان اخفيها ربما لكي اجبرة على الصمت واذهب انا مسرعا من هنا ..فلقد انتهت ساعات الدوام وفي داخلي رغبة كبيرة في الخروج من هذا الجو الخانق ..
-هل انت شقيق سالم عبدالهادي ال؟؟؟
تنهدت بعمق وانا اسمع ذلك الاسم يصل الى اذني فيثير كل حواسي ويجعلني اضطرب بشكل غريب ..الا يعلم انه
بذكره هذا الاسم قد هيج مشاعري المتضاربة واشعل جذوة الجمرة التي لا تلبث ان تنطفئ..
_كيف حاله ؟؟لقد كنت رفيق سفرة !!
_لقد توفي قبل ثلاثة اشهر..
تركتة ينظر الي بجمود بينما تابعت انا طريقي زائغ النظرات خائر القوى انتابني هم شديد وانا اخرج من البوابه
الكبيرة للشركة ..
نظرت الى الافق وقد شعرت انني اريد شخص ابثة كل لواعج صدري التي تقتلني ..الشمس المائلة الى الغروب
تغريني للوقوف والتحديق اليها ..
تلهب وجنتي الشاحبتان وتلقي عليهما بعض الدفئ والحرارة ..ضممت كلتا يدي الى صدري وانا اتجة الى السيارة
وافتح بابها لاستقر فيها ..يلفني شعور بالبرد الشديد..
استدرت لارى موظفين الشركة يتقاطرون الى مركباتهم وبعضهم يكون على شكل جماعات ..سمعت ضحكة ذلك
الموظف الى زميلة وهو يقول له ..
_لابد ان طفلتي العزيزة تنتظرني الان فقد وعدتها باحضار لعبة جديدة لها ..
نكست راسي وانا اغالب عدة رغبات تتنازعني بقوة وتمزقني بلارحمة ..قد تكون هذة الضحكات والعبارات عادية
جدا في اي وقت من الاوقات ..ولكنها الان تطعنني في العمق كسكاكين قاسية ..
تسائلت بحيرة وانا احمل ذلك الهم الكبير على عاتقي ..كيف ستكون ايامي القادمة هنا هل ساعود يوما الى سابق
عهدي ..ام انني سوف اكون كالشجرة القوية التي امتدت اليها يد العمران فاقتلعتها ..
كل شئ هنا يقتلني يحيلني الى حاله من الارتباك والتوتر ويثير في الرغبة في الهروب بعيدا ..هززت راسي وانا اتذكر
ان اليوم هو اول يوما لي في العمل بعد انقطاع ..تمنيت ان يلهمني الله الصبر على نفسي..
امسكت بمفاتيح السيارة وانا لا زلت اجلس على المقعد الامامي ..تنفست بعمق وانا اضع طرف ذقني على المقود
لقد وصلت للتو عازما على اصطحابهم الى منزل والدي ..
هناك شئ يجعلني اشعر برغبة في الجلوس هنا دون التقدم اي خطوة للامام وكان القادم الشئ الاكثر الما بالنسبة الي
كنت ارغم نفسي على الابتسام في وجة الصغيرتين ..
اللتان تنظرانني بلهفة في كل مرة احضر لاصطحابهم الى منزل والدي ..فلقد كانت هذة رغبة والدتي للتخفيف عنها
وطاة الحزن ولاضافة بعض البهجة عليها ..
تخيلت موقفها عندما تراهم لاشك انها ستفعل مثل كل مرة تراهم فيها ..لماذا يصر كل شئ على الضغط علي لدرجة
اشعر انني سوف انفجر ..
اشفقت على نفسي من هول اللقاء على الرغم من لقائي المتكرر بهم في المرات السابقة ..ولكنني في كل مرة اشعر بوجودة الى جانبي ..ارى في ملامحهم البريئة انفه وشفتاه ..
تشعرني اصواتم الطفوليه في كل مرة بانني اسمع صوتة وكانة موجود ..تتلاحق الصور مسرعة مجنونة امام عيني
وتشعرني بالدوار ..فابعد وجهي لتصفعني صورتة ..
واتمنى ان ترحماني من اسئلتهما وتجنباني عناء السيطرة على اعصابي امامهما ..لم يكن هذا موقفي ابدا عندما تلتقي
عيناي برؤياهن ..فقد كنت اشعر انني عندما بنسمات عليلة تتسلل الى صدري اذا احتضنتهما ..
لا اعلم متى اصبحا بالنسبة الي ثقل كبير اتهرب من حمل مسؤوليتة ..وكاني بذلك اثبت ان كل شئ قد انتهى الى
غير رجعه..استغرب كيف اصبحت اشعر بالرعب اذا رايت ذلك التساؤل البرئ على ملامحهم ..
ارغمت نفسي على الترجل من السيارة وفتحت ذراعي الى الصغيرتين ..احتضنتهما وانا اشعر انني اشم انفاسة
قوية جليه واضحة وكانني المس ذراعه ..
اردت ان تختفي تلك الدمعة اليتمية قبل ان يروها فتزيدني دهشتهما البريئة الما فوق المي ..استقرت هديل الى جانبي
بينما جلست هاله الكبرى في الكرسي الخلفي ...
لم تكن تلك الطفله يوما من الاطفال الاشقياء ابدا ..كانت هادئة دوما بشكل غريب على عكس شقيقتها الصغرى
اللتي لاتكف عن الحركة والاحتجاج ..
كانت تتامل في الاشياء وكانها تحاول ان تستكشف ما يكمن ورائها ..تقف طويلا امامها وهي تنقل عينيها بينها
تقلب الاشياء بين يديها وكانها تبحث عن مكامن السر فيها ..
كانت هالة تلك الطفلة الكبيرة هي الاقرب صورة وطبعا الى والدها ..بينما كانت الصغرى بسنواتها الثلاث
صورة مجسمة من الشقاوة والمشاكسه ..
على الرغم من ذلك فانا احبها واعشقها الى درجة غريبة ..ولا اكف ابدا عن ضمها الى صدري وكانها جزء لا
يتجزا مني ..والثم خداها الورديان اللذان يشبهان ملمس الورد المخملي ..
_عمي متى سيحضر والدي؟؟؟
_أأأ....؟؟عزيزتي ربما يطول سفرة هذة المرة ..
رسمت على شفتي ابتسامة مصطنعه وانا انظر الى الطريق امامي ..حانت مني التفاتة الى المرآه فوق راسي فاردت
ان اتاكد ان كذبتي قد انطلت عليها ..
شعرت بقلبي يتصدع لمنظرها ذاك اذ كانت تضع يدها على خدها وهي تنظر بشرود الى الاشياء التي تتحرك بسرعة
هزتني بشدة تلك النظرة المنكسرة في عينيها ..
ترى ماذا يؤرقها ويجعلها تصبح كالوردة الذابله اللتي اقتلعت من جذورها ..دق قلبي بقوة وانا اتوجس خيفة من ان
يزل لسان اي شخص منا بشئ ما فتكون هنا الكارثة ..
هاتان الصغيرتان الهشتان البريئتان يجب ان لا يعلمان بشئ ..يجب ان لا يتسلل الاحساس باليتم والقهر اليهما
ويحيلهما الى مجرد اطياف لا تملكان من صفة الطفولة الا الاسم ..
_عمي اريد ان اذهب الى الملاهي!!!
-ليس الان ياعزيزتي فيما بعد!!
مرة اخرى اشعر انني متخاذل الى درجة الجبن لا زلت اهرب منهما ..لا زلت لا استطيع ان اتصور ان الاعبهما ..
في داخلي خووف كبيير يسكنني من عيونهم البريئة المتسائلة ..
يقتلني عجزي عن فهم ذلك وانا الذي كنت اهيم بهما الى درجة العشق المجنون ..في الايام الاخيرة اشعر في كثير
من الاحيان بالغموض الذي يلفني ..كنت دوما اتمنى ان يكون لدي طفل الاعبة ..
كنت اتوق الى تحمل مسؤوليتة الى الاهتمام بكل تفاصيل حياتة ..تسرني رؤيتة تسعدني ويشقيني رؤيه عينا تلمع
فيهما دمعة يتيمة ..اما الان فماذا دهاني وانا اتحمل مسؤوليه طفلتين مرة واحدة ..
ترى اليس هذا ماكنت اريدة ام ان موازيني قد انقلبت راسا على عقب ..فاصبحت لا اميز بين ما اريد وما ارفض
هززت راسي وانا لا زلت امسك المقود ..
لا ليس هذا ما اريدة لان الوضع يختلف هنا ..ليس الامرمجرد الخوف من تولي مسؤوليه طفل ..انني حتى الان
اخاف حتى ان اخدشهما او اعكر صفائهما بمجرد احتكاكي بهم ..
لن استطيع ان احافظ على اعصابي دوما ولن اقدر ان اسيطر على مشاعري اللتي تهزني بقوة كلما ذكرتا اسم والدهما ..لست اهلا لتلك المسؤوليه ابدا ...
_اريد ابي انه ياخذنا الى الملاهي دائما ..
ذهلت استدرت اليها وانا اراها تنظر الي بغضب طفولي ..كانت تمسك بيدها شيئا من السكاكر رمتة على ملابسي
قالت وتمط شفتيها ..
_انك لا تاخذنا الى الملاهي انا لا احبك ..
_ان ابي ياخذنا كثييرا كي نلعب ..
ارتجفت اصابعي بشكل غريب وانا امسك المقود لدرجة انني حاولت ان اسيطر على نفسي فلم استطع ..
كانت تلك الكلمة اللتي القتها تلك الفتاة كالكرة الصغيرة التي ارتطمت بمجموعة من القوارير فاسقطتها
جميعها على الارض وتركتها متناثرة ..
كانت اعماقي تشبة تلك القواير وانا احاول ان لا اظهر تشتتي وتمزقي على ملامحي ..تنفست بعمق وانا
اراها بطرف عيني تبتعد عني وتلتصق بالنافذة ..
لم ارى منها الا شعرها الحريري الاشقر يتراقص مع كل حركة منها ..لا اعلم لماذا ازدادت دقات قلبي
وانا اتخيلها وقد علمت بوفاة والدها ..
كررت داخلي يااااااالهي كيف لهذة الفتاة الصغيرة ان تتحمل كل ذلك الحزن ..انتابتني حالة غريبة وانا
اشعر بوجودهم الى جانبي في السيارة..هاجمني ذلك الشعور مرة اخرى ..
الرغبة الشديدة في الهروب والفرار الى مكان لا ارى فيه عيناهما ..اللتان تقتلانني بشكل قاسي لا رحمة
فيه وكانهن الجلاد وانا المذنب صاحب الذنب الذي لا يغتفر...
انني اذنب في كل مرة اشعر فيها بالهروب تركبني الخطيئة في كل يوم تنتابني رغبة في الابتعاد عنهما ..يخيل
الي انني رجل لا اصلح لاي شئ الا خيانة الامانة ..
-اعتني بالصغيرتين يا سعيد !!!انهما تعشقانك!!
مالذي كنت تقصدة ياسالم وانت تضربني بسياط تلك الكلمات ..مالذي كان يدور في خلدك ايها الرجل
الاشبة بطيف عذبنا غيابة فرحل الى غير رجعة ..
اكنت تشفق على صغيراتك ام انك شفقتك كانت علي من تحمل رحيلك وشقاء الفتاتين ..ليتني انسى
تلك العينان يا اخي كي لا تعذبني نفسي الى غير نهاية ..
ولكنني اعلم انني لن انساك ابدا اتعرف لماذا لان ملامحك تحييني وتلقي علي سلاما عذبا كلما نظرت الى تلك
العينان على وجة هالة او هديل ..
وكانك قد استودعتهما شئ من عذوبة طيفك الذي لا ينفك يتمثل امامنا ..
خواطري الثقيلة لا تتركني اشعر ببعض الراحة ابدا وانا اقود سيارتي الى منزل والدي ..احمل معي امانة الى
والدتي اللتي اثقلها الحزن وانهكها الفراق ..
_اين والدي؟؟؟ياعمي؟؟؟
فجاة انحسرت الرؤيا عن عيناي واصبحت لا ارى الا الاشياء ترتج امامي ..امسكت بمقود السيارة بقوة
وانا اعض على شفتي بقوة حتى خلتهما قد ادميتا ..
ارتجت السيارة بشكل غريب وانا انحرف عن الطريق بشكل لا ارادي ..سمعت صراخ الطفلتين وشعرت
بهديل تتعلق باذيالي وتقبض على ملابسي ..
بدى لي ان كل شئ يدور ويتحرك بسرعة جنونية والسيارة تستقرعلى الطريق الترابي ..كانت دقات قلبي
لا تزال تضرب في صدري بما يشبة الهستيرية وانا انظر الى الطريق امامي ..
تنفست بعمق وانا ادرك اخيرا اننا لا زلنا على قيد الحياة وان سيارتي تقف في طريق ترابي ..كان الغبار الذي اثارتة اثر انحرافها لا يزال يتطاير..
وضعت راسي على المقود وانا احمد الله الف مرة على نجاتنا ..اغمضت عيني وانا احاول ان استرجع
هدوئي وبعض من رباطة جأشي اللتي كنت على وشك ان افقدها ..
وانا ارى بعيني الموت يتمثل امامي وكانه اشباح مخيفة تحاول ان تنتهبني ..كنت لا زلت اغمض عيني عندما
ادركت فجاة ان الطفلتين الصغيرتيين لا زالتا تبكين بشدة ..
_لا باس لا حبيبتي اننا بخير!!
كانت تمسك بقميصي وهي تدفن راسها في صدري وتهتز بشدة ..مددت يدي التي تهتز كشعرها وربت عليه برفق وانا اتحسس بيدي الاخرى شفتي المتورمة ..
كان ذلك الجانب من راسي يؤلمني وادركت انني قد اصطدمت بزجاج السيارة ..تحسست راس الصغيرة
بينما لا زالت هي تبكي بطريقة متقطعة ..
كانت الطفلة الاخرى لا زالت تبكي خلفي دون توقف ..مددت يدي الاخرى اليها لاحملها الي الى الكرسي الامامي واحتضنها هي الاخرى ..
_انكم بخير لا تخافوا من شئ!!
تخللت اصابعي شعر الطفلة الاخرى وتراقص شعرها الاشقر..كانت تمسح بضع دمعات على خدها وهي
تنظر الي بصمت وكانها تقول انك تثير الذعر فينا ..
ابعدتها عني واجلستها بجانب شقيقتها الصغرى في الكرسي الامامي ..وترجلت انا من السيارة لارى ان
كان قد لحق بمقدمة السيارة بعض الكسور او الاضرار ..
عند البوابة الكبيرة في منزل والدي كنت امسك بكلتا يدي الصغيرتان ومعهما بعض السكاكر والحلوى
تعويضا مني على ما تسببت لهما من رعب ..
التفت الى الصغيرة اللتي بجانبي وانا اتفحص ملامح وجهها الجميلة التي بدت منشغلة بالذي تمسكة ..
_هل انتي راضية الان يا هديل؟؟
_نعم!!
قالت ذلك ثم عادت مرة اخرى الى تلك الحلويات التي بيدها تتفحصها ..بدت سعيدة جدا بكرات الحلوى
الفسفورية اللون اضاف هذا لها بهجة اضافية ....
عندما اجتزنا الباب الكبير كان والدي يقف في مواجهتنا ..اغلق الباب ثم التفت الينا وعلى محياه ابتسامة
مرهقة لكهل اتعبتة السنون والايام ..
كانت تلك النظرة تحتل عينية في الايام الاخيرة وكأن وفاة سالم قد ذكرتة انه رجل كهل قد قارب على
السبعين ..وانه مهما يكن مجموعة من المشاعر تختبئ داخل انسان ..
اقترب من الفتاتان الصغيرتان وهو يهش لهما بوجهة على الرغم من حزنة الذي يخفيه عنا ..قرب وجهة
اليهما وهو يمد يده ويمسك بيد اخرى عكازة ..
-مالذي بحوزتكما ؟؟؟
_اشتراها لنا عمي سعيد!!
اجابت هالة على سؤال والدي وهي لا زالت تقف الى جانبي ..ولكنها لم تلبث ان اقتربت من يد جدها
الممدودة لتمسك بها وتتقدم معة الى الداخل ..
_الن تذهبي لرؤية جدتك يا هدييل؟؟
اقتربت مني وهي تمسك بحلوياتها وتضمها اليها كانت تنظر حينا الى جدها وشقيقتها وحينا اخر الي وكأن
باعماقها البريئة شئ تريد ان تقوله لي ..
_عمي الى اين ستذهب؟؟
_سوف اذهب الى المنزل يا عزيزتي!!
_الن تبقى هنا لتلعب معي؟؟
_أأأأ.....؟؟عزيزتي انني مت .. مت ..عب بعض الشئ!!
مسحت على راسها الصغير وتحركت ببطء الى الباب مرة اخرى كان ذلك الالم في ذراعي وراسي لا يزال
يجعلني اشعربالدوار ..لذا كنت احاول ان اوازن نفسي وانا امسك بمفاتيحي اللتي كادت ان تسقط مني ..
_الى اين ستذهب الن ترى والدتك؟؟
_كلا يا والدي سوف اذهب لارتاح بعض الوقت ثم اعود في وقت لاحق..
_لا تتاخر كثييرا ان الصغيرة تريدك ان تلعب معها وانت تعرف انها تحبك!!
_أأأ...نعم سوف احاول ذلك...
فتحت الباب بسرعة واغلقتة ورائي ان ابي يصر على ان يذكرني في كل ثانية ان الصغيرتان مسؤوليتي ..
تذكرت تلك النظرة الصارمة في عينية من وراء حزنة ..
وكانهة يقول انني اعرف ما يعتمل في داخلك ويجعلك تهرب كالذي يهرب من شئ لطالما يخيفة ..هربت
كي لا اتصاغر امامة الى الحد الذي لا ارى فيه نفسي ..
ليتك تعلم ايها الرجل الذي عاركت الحياة بساعديك انني انما رجل لا املك من صفاتك الا عينيك ..اما فيما عدا ذلك فانني كيان هش لا يستطيع ان يتحمل رؤية فتاتين
صغيرتين ويتذكر بهما تلك الامانة اللتي تطوق عنقة ....
اللتي لا تلبث ان تقض عليه مضجعة وتحيلة الى كومة من المشاعر المتناقضة المتضاربة ..فيغلب الهروب الاقبال ويسيطر الخوف على البهجة وتقتل الذكرى الامل ..تمتمت بداخلي وانا ابتعد واحدق بذلك الباب الكبير الذي يحوي داخلة ارواحا احبها الى درجة العشق ..
_ليتك تعلم يا والدي!!!
انتظر ردودكم ....
|