مرحبا يا اعضاء اقدم لكم الجزء الخامس ....ارجو ان يعجبكم .....
تركتها وحيدة....
((5))
مرت عدة ايام على ذلك اليوم ..مضت حياتنا ولحظاتنا معا طويلة فارغة .. كان كلا منا في عالمة ..او بالاحرى كنت انا في عالمي الخاص ...كنت لا زلت احمل عليها ..لا زلت اظن انها هي المذنبة..وكانت هي لازالت تحاول ان ترضيني وتتقرب مني بشتى الوسائل ..صددتها مرارا تارة بالتجاهل وتارة اخرى بنظراتي المؤنبة ..ربما كان ماحدث قضاء وقدرا ..ولكنني كلما تذكرت تحذيري لها ..اشعر بانني اغلي من الداخل ..
عندما كنا نجلس معا كانت تجلس وهي تضم نفسها ربما كانت تشعر بالوحدة ..خاصتا انني منعتها منعا باتا ان تذهب الى اي مكان ..لا سيما منزل والدتها ..عندما كانت تسالني عن امر ما كنت اجيبها باقتضاب وكاننا في دائرة رسمية او مقابلة شخصية .. على المائدة كانت كثيرا ما تشرد بعيدا ..لم الاحظ في الفترة الاخيرة انها تاكل كنت اعلم انها ربما تظل طوال اليوم لاتاكل شيئا ولا تدخل لقمة واحدة الى معدتها ..لقد نحل جسدها كثيرا في هذة الفترة القصيرة..واصبحت عينيها اكثر اتساعا ..بدى فيهما انطفاء غريب ..لم اكن اريد ان تقتل نفسها بطيئا بهذة الطريقة ..كنت احن في بعض اللحظات اليها الى ابتسامتها التي افتقدتها طويلا ..
كنت انظر اليها خفية وهي مشغولة بتنظيف الاثاث او اعداد المائدة لاشك انها كانت تثير شفقتي ..كنت اعرف انها تعاني ..ولكنني بالفعل لا اعلم الان لما تركتها هكذا ..ربما كنت اريد ان اعاقبها ..وربما كان عقابي قاسيا قليلا عليها ..بل ربما كان عقابا قاتلا ..فانا اعرف جيدا كم متعلقة بي كثيرا ..وانا ايضا متعلقا بها ولا زلت الى الان ..ان ما احتل قلبي من المستحيل ان يكون كراهية او بغضا فلا زالت ((منى))التي احبها ....
تنفست الصعداء وانا انظر الى الاوراق المتناثرة على مكتبي ..حككت راسي طويلا وانا احاول ان ارتب افكاري ..ان مهنتي في مجال المحاسبة تتطلب دقة كبيرة ..كان العمل كثيرا هذة الايام حتى اني اضطررت في اليومين السابقين لان اعود في وقت متاخر من الليل ..وكنت كل مرة اعود لاراها مستلقية على فراشها ..لم اكن اصدق انها نائمة ..ربما كانت توهمني بذلك لانها ارادت ان تبتعد عن نظراتي ..
كان علي ان اعاود قراءة ومراجعة كل تلك الاوراق التي امامي ..لم اشعر بالراحة وانا انقل عيني بين سطورها عندما كنت في اخر ساعات الدوام الرسمي ..شعرت بخلل ما هنا او هناك ..ربما علي ان اكون اكثر دقة
حملت ذلك الملف الكبير الضخم الى المنزل عازما على قضاء الوقت في ترتيبة واعادة صياغتة..تسلل الصداع الى راسي وشعرت ان اصابعي قد اصابعها الجمود ..فانا على هذا الوضع منذ ما يقارب ثلاث ساعات ..
كانت منى تدخل لتقف على باب المكتب بين الحين والاخر..تسالني ان كنت احتاج شيئا ولكن كعادتي في ايامي الاخيرة كنت اجيبها باقتضاب..كان حلقي يابسا بشدة نظرت الى الكاس الفارغة على سطح مكتبي ..
انني بحاجة الى كوب من الشاي ارطب به شفتي اليابستان وفي نفس الوقت يعيد الى بعض النشاط ..اردت ان اظل نشيطا لكي اتابع عملي دون اغلاط او اخطاء..نهضت ببطء من مقعدي المتحرك تحركت بعيدا عن الاوراق ..اردت ان اخذ فترة من الراحة لقد كانت قدماي متصلبتان ..اقتربت من النافذة ازحت الستار عنها ..لقد كان الظلام دامسا في هذة اللحظات ..نظرت الى السماء الكحلية ..يبدو ان الجو هذة الليلة ينذر بامطار غزيرة ..فنحن الان على مشارف فصل الشتاء ..مددت يدي وفتحت النافذة على مصراعيها كنت اريد ان اتنفس هواء نقيا فانا في امس الحاجة اليه..كان الجو يبدو باردا فعلا ..نظرت الى ساعتي انها الثامنة
مساء ..ياااااااااه لقد بدات عملي في حوالي الخامسة وها انا الان لا زلت ضائعا بين هذة الاوراق وحساباتها الكثيرة..انها مهنة متعبة فعلا ..تخللت بضع نسمات باردة وجهي ..شعرت ان وجهي وعنقي كانا يتقطران عرقا
اذ كان عنقي يبدوا باردا عندما مرت عليه تلك النسمات الاتية من خلال النافذة المفتوحة ..كنت اهم ان ارجع الى مقعدي مرة اخرى عندما سمعت ذلك الصوت يتناهى الى سمعي ..كان صوت ضحكات يظهر ويخفت بين الحين والاخر ..رجعت قليلا الى الوراء شدني ذلك الصوت ..اخذت ابحث بعيني عن مصدر ذلك الصوت ..حاولت ان اركز كثيرا وانا ادير عيني في الظلام ..كانت سيارة تقف الى جانب باب احد المنازل المجاورة
وضعت يدي على جانب وجهي واستندت على النافذة لا اعرف لماذا شدني المشهد..ربما من السخف ان اراقب عائلة ليس لي بها صلة او معرفة ..ولكنني لم اقاوم تلك الضحكات الرائعة ..انني اعشق هذا النوع من الضحكات ..كانت تلك الطفلة الصغيرة تشاكس والدها ..يبدوا ان الام كانت سعيدة وهي تنظر الى الطفلة ..كانت تحمل بين يديها طفلا صغيرا ..بينما كانت الطفلة تشد ملابس والدها وكانها تريد منه شيئا ..
لم ارى عيني والدها وهو ينظر اليها ..اذ كانت المسافة بعيدة نسبيا ..ولكنني تخيلت ذلك ..كانو جميعا يقفون بجانب سيارتهم التي وصلت للتوا يبدو انهم ..كانو في رحلة او ماشابة ..بعد قليل رايت الاب يرفع يدة الى
الام ثم رايت الام تحمل طفلها الصغير وتدخل الى منزلهم ولحق بها ايضا طفل في حوالي العاشرة...بينما ابتعد الاب مع ابنتة الى مكان لم تستطع عيني الفضوليتان الوصول اليه ...حاولت ان ابعد نفسي عن النافذة واعود
الى عملي اللذي ينتظرني ..ولكنني لم استطع ابدا ..بعد عدة لحظات رايت الاب وابنتة عائدين يبدو ان الطفلة كانت تحمل لعبة بين يديها ..فلقد كانت تتراقص هنا وهناك فرحة بذلك الشئ ..رايتها تحتضن والدها قبل
ان يتوارو خلف باب منزلهم ..لم اشعر بنفسي الا وانا ابتسم يالها من طفلة بريئة ..كان شعرها يتراقص معها وهي ترفع لعبتها حينا وتخفضها حينا اخرى ..
ما اجمل الاطفال ان برائتهم وطفولتهم تضفي المزيد من الراحة والسعادة على حياة الانسان ((المال والبنون
زينة الحياة الدنيا))تنهدت بعمق انا لا اريد مالا ..فالمال اخر اهتماماتي ..علاوة على ذلك فان وضعي المادي جيد جدا ..لم اشغل بالي في هذا الامر يوما ان ما يشغل بالي ويحز في نفسي شوقي الفضيع الى طفل اضمة ويتربى بين احضاني ..ليتني استطيع ان اكبت هذة الرغبة ...ولكنها تسيطر علي لا استطيع ان انسى..
تذكرت ذلك اليوم عندما عدت من العمل ..كانت زوجتي تقف في وسط الدار ..تعلو وجهها ابتسامة بشر..عندما اقتربت مني واحتضنتني ..لم اصدق ذلك ظننت انه حلم جميل ..ولكنها كانت صادقة تماما ..
هززت راسي ليت ذلك كان حلما ...ان لا تحصل على الشئ ..اهون من ان تحصل علية وينتزعة احد من بين يديك بعد ان شعرت انه امر ملموس ..من الصعب ان يحدث ذلك ..
انه شئ اشبة بانتزاع روحك وتركك جسد خاويا ..ليتهم لم يفعلوا ذلك بي ..ليتها لم تذهب الى منزل والدتها في ذلك اليوم المشئوم ..ليتها ظلت هنا الى ان اعود لم اكن لاسمح لها ان تخاطر ابدا ..ولكن كل شئ قد ذهب
لا يجدي التاسف الان ..ولا يفيدني ارهاق نفسي بالاحتمالات ..فلقد حدث ما حدث وطويت تلك الصفحة الى الابد ..تسائلت ترى هل طويت الصفحة فعلا ام انني سوف اكابد الالامي طويلا...
اغلقت النافذة سريعا واتجهت مباشرة الى مكتبي الراقد بسكون ..امتدت يدي مرة اخرى لتعبث بالاوراق وضعت نظارتي الطبية على عيني مرة اخرى ..وحاولت ان اتابع عملي دون منغصات ..ولكنني رفعت راسي عندما سمعت الباب يفتح لا شك انها هي ..اطلت براسها من خلال فتحة الباب ..كانت على ثغرها ابتسامة واهنة حاولت ان تبدوا مريحة ..بين يديها كانت ترقد الصينية الكبيرة ..شطائر اللحم وكاس الشاي اللذي كنت باشد الحاجة اليه ..شكرت ربي انه وصل في الوقت المناسب فانا اتضور جوعا ..كنت لا ازال اعبث بالاوراق ..وانا اقطب جبيني لم احاول ان ابدي ارتياحي الى توقيتها الرائع والمناسب ..
وضعته امامي على طرف المكتب برفق ..وقفت للحظات تنظر الي ..كانت تحدق الى الاوراق بين يدي ((هل لا زال هناك المزيد))..اجبتها باقتضاب تعودتة مني((نعم))..كانت تحك يديها بين الحين والاخر
يبدوا ان داخلها شئ تريد ان تقولة لي ..لم ارفع عيني عن اوراق اذا كانت تريد الن تقول شيئا ستقولة دون ان استحثها على ذلك ..كان من الواضح ترددها من طريقة وقفتها المتوترة ..
((هل تريد شيئا اخر))هززت راسي علاوة على النفي واستمريت في تقليب الاوراق ..لم تقف طويلا بعدها ابتعدت متوارية خلف الباب ..اغلقتة خلفها نظرت الى الباب وانا اسمع ابتعاد خطواتها ...شعرت ببعض الذنب لتجاهلي اياها كانت رائحة الطعام شهية بالفعل ..انها لم تفعل الا الشئ الحسن منذ ان تزوجتها ..ثمان سنوات لم تفعل فيها اي شئ يغضبني او يثير استنكاري منها ..كانت نعم الزوجة ولا تزال ..مددت يدي الى شطيرة اللحم التي اغرتني برائحتها ..انها لذيذة ..كانت ولا زالت طباخة ماهرة ..كنت التهم الطعام بسرعة غريبة ..فلقد اخذ مني الجوع كل ماخذ ..
لم انتبة الى بقايا الطعام العالق على فمي ..سمعت الباب بفتح مرة اخرى توقفت قليلا ..انها هي ..((ان والدتك وشقيقك سالم هنا ))..لم تبقى طويلا ولكنني رايت شبح ابتسامة على شفتيها قبل ان تغلق الباب ..
لم اشغل نفسي طويلا نهضت سريعا ..لم ارى شقيقي سالم منذ وقت طويل ..اما والدتي فقد كنت ازورها بين الحين والاخر..
اصلحت هندامي وخرجت اليهم استقبلهم..كانت والدتي تقف في وسط الصالة ويبدو انها كانت في حديث خاص مع زوجتي
اذ بمجرد ان راتني ...حاولت ان تغير الموضوع بسرعة...اسرعت اليها ارحب بها فوجئت عندما احتضنتني طويلا ..كنت انكس راسي على كتفها سيظل كتف امي هو مرفئ همومي واحزاني دائما ..ستظل احضانها شاطئ الامان التي اتوق اليه دوما ...انها اول مرة تحضر فيها الى منزلي بعد حادثة الاجهاض ..
كنا لا زلنا متعلقين ببعضنا عندما لاحظت انها تقف بعيدا عنا كانت
تعبث بخصلات شعرها الحريري وكانها تحاول ان تشغل نفسها باي شئ ..ابتعدت عني والدتي وهي تكفكف دموعا علقت باهذابها ..كانت تبتسم لي ولزوجتي بود ..كانت والدتي دوما الصدر الحنون ..حتى انني اتذكر ها دائما عندما ارى زوجتي فلقد
كانت اختيارها ...كانت منى تملك المزيد من الصفات المشابهة لوالدتي ...((هل لكي ان تحضري لي كاس من الماء يا عزيزتي))
انتفضت زوجتي وكانها تلقت امرا عسكريا ..كانت تحب والدتي وتحترمها كثيرا وفي المقابل كانت امي تعتبرها مثل احدى بناتها
عندما توارت سريعا لتحضر كوب الماء التي تعللت به امي ..
شعرت ان هناك ما تريد ان تقولة ..كانت عيناها تفضح الكثير مما في داخلها ..والدتي واعرفها لا تستطيع ان تخفي شيئا في اعماقها..امسكتها برفق واجلستها على احد المقاعد في الصالة منتظرا ما تريد ان تقولة...((ارجوك حاول ان تساعدها))...
دهشت لكلماتها نظرت اليها صامتا املا ان توضح ما اعتلاة الغموض من كلامها ((انها تدوي كشمعة يا بني))..فهمت الان انها تقصد منى ..اشحت بوجهي بعيدا وانا اقول((حاولت ذلك ولكنها تصر على البقاء في عالمها))...كانت امي تنظر الى باب
المطبخ بين الحين والاخر ..كانت تخشى ان تاتي منى وهي لم تكمل ما ارادتة بعد((ارجوك يا عزيزي حاول اكثر التقرب منها))..
التزمت الصمت ..ماذا يطلبون مني اكثر من ذلك ..فانا لم افعل لها ما يستحق كل هذا اللوم والعتاب ...اتراها افضت بما حدث لوالدتي..لو كانت فعلت ذلك فان الاحرى ان تتلقى هي اللوم والتقريع وليس انا...((ارجوك ان تفعل يا سعيد))هززت راسي باقتضاب ..ترى لو علم الجميع بما فعلتة هل سيكون موقفهم مشابة لموقف والدتي ام ماذا....
تركت والدتي تدخل الى الغرفة الجانبية مع زوجتي وذهبت الى استقبال شقيقي سالم في مجلس الرجال ....
عندما دخلت وجدتة جالسا هناك وقد استغرق في تفكير طويل ...
نظرت اليه للحظات هو ايضا لدية ما يشغلة .... ماذا حدث للجميع ...ولكنني فوجئت بها تتعلق باذيال ملابسي ..تملكني ارتياح غريب وانا اراها ..
اسرعت الى حملها بين ذراعي ..فهذة الطفلة حبيبيتي الحقيقية ....