كاتب الموضوع :
MALAK
المنتدى :
الارشيف
تركتها وحيدة
(20)...
بعيدا عن كل الاشياء التي تحتل الاعماق وتجعلنا نهرب من انفسنا ..نمد ابصارنا الى ذلك
الافق ونتمنى ان ينتهي كل شئ من شانة ان ينغص علينا سير حياتنا وسكون ارواحنا ..
نتوق الى ان نعود كما كنا في السابق تخلو ضمائرنا من تأنيب الضمير وتفتقر عقولنا الوساوس
التي تنتهنبنا يمينا ويسارا..فلا نقدر الا ان نهرب من تلك المطارق الثقيلة التي تضرب احساسنا بالرضى...و
لا نستطيع بعدها ان نشعر بالتوازن الا اذا استمتنا في اخراجها
وتكوين خط دفاع متين كي لا تهاجمنا مرة اخرى ..
تنتابنا خيبات امل متوالية متلاحقة وكأننا نخرج من انكسار لنسقط في انكسار اخر ..وتشعرنا محاولاتنا المستميتة لتصحيح الاوضاع بمزيد من الارهاق وبكثير من الترقب لما سوف تنبئ عنه ردت فعل الطرف الاخر ..
فنمشي في طريقنا كالمتخبطين الذي يصارعون الظلام ..ويركبنا الارتباك بحيث يمنعنا عن
فعل الشئ المناسب او ردم الحفرة العميقة من المشاعر المتشاحنة بسبب افعالنا الغريبة
الحمقاء ..فلا نستطيع الا ان نستمر في ضرب ضمائرنا التي لا تستقر على حال بسياط من اللوم بحيث نصل اخيرا الى حالة من الارهاق والعجز تكلنا الى الخوف من رفض الاخر والخشية من اكتشاف هوة عميقة اخرى قد احدثناها نحن بانفسنا ..
كنت طوال طريقي الى عملي في ذلك الصباح وانا اشعر بوخز غريب في صدري لا اعلم مستقرة ولا ادرك من اين جاء..حاولت كثييرا ان اسيطر على هواجسي الشرسة وافكاري المتلاحقة المضطربة ..ولكنني لم
افلح الا قليلا ..وضعت يدي على جبيني وانا اقف عند اشارة المرور وفي داخلي امنية ان يطيل وقوفي هنا..فلست في مزاج جيد اليوم وليست لدي رغبة للذهاب الى العمل ..
تذكرت كلماتها اليوم عندما كنا نجلس على طاولة الافطار ..ترى هل تريد معاقبتي على امر
ماسبب له ارقا وسهادا ... ام ان ذلك الامر كان وليد اللحظة ..
_اريد ان اذهب اليوم الى والدتي بعد عودتي من رياض الاطفال ..
ترى هل لا زالت تحمل علي ام ان الموضوع برمتة كان بالنسبة لها في طي النسيان..فكرت
لو كانت تحمل لي في نفسها بعضا من عتاب او مسحة من غضب فلماذا اراها طوال الفترة التي مضت تتصرف بشكل عادي وطبيعي ..ربما لانني انشغلت بالعمل ولم تكن تحتك بي كثييرا ..اما وقد قد اخبرتها اليوم انني ربما اعود في وقت مبكر ..
فقد وجدت ان زيارة والدتها عذر لا غبار عليه ...وادركت هي انني لااستطيع ان ابدي حياله تحفظا او اعتراضا
من جهتي خاصتا وهي تخبرني قبل ذلك ان والدتها متعبة بعض الشئ..
امسكت بهاتفي الخليوي طويلا وانا انتظر الاشارة لتعطينا الاذن بالمرور..لست استطيع التخلص من كل ذلك ..
يااااااااااه لماذا اشعر انني مشتت الى هذة الدرجة وكانني لا اعرف كيف اوازن مشاعري وعواطفي .احسست وكان راسي يكاد ينفجر وانا ابحث عن كلمة او حرف من الممكن او اكون قد جرحت بها مشاعر منى..لازال الهاتف بين اصابعي تنتابني رغبة عارمة في الاتصال بها ...
اننا نفكر في بعض الاحيان هل يجدر بناان نستغرق في الواقعية
لا سيما اذا اردنا ان نخفف الالامنا التي تقض مضاجعنا ..ام نحلق في الاحلام كي تكون بالنسبة لنا هي اقرب الى مخدر ينسينا اوجاعنا التي تسكن فينا منذ امد بعيد..حركت راسي
وانا اشعر بصدري يكاد ينفجر ..
ترى هل سبب قلقي هو خوفي الشديد على منى وخشية الرجوع الى انتكاستها الاولى ..ام انني بالفعل قد فعلت ما الوم عليه نفسي الان ..
بيد ان منظرها ذاك وهي ترى والدة الطفلة تنتزعها من بين يديها بغضب يثير في نفسي الحزن
عليها والاشمئزاز من ذلك الفعل لا ينفك يفارق مخيلتي ويثير في نفسي غضبا ممزوجا بمشاعر اخرى ....
لست ادري مالذي جعلها بالضبط تبكي بحرقة وهي تنظر الى الام وهي تمسك يد طفلتها الصغيرة على عجلة وتدخلها عنوة الى باب السيارة الواقفة امام المنزل ..
لا انكر ابدا انني تاثرت من موقف الام القاسية وفعلها المتغطرس المتكبر وهي تقول لمنى
وكانها اقترفت جريمة باحضارها الطفله الى هنا ..
_لم يطلب منك احد اصطحابها الى منزلك..فقد كنت سوف اصطحبها على اية حال!!
_المعذرة ولكنها طفلة صغيرة ليس من ؟؟؟
قطعت تلك المراة كلمات منى المتلجلجة الحائرة ..لست اعلم ماقالت بالضبط فقد كنت مشغولا بمراقبة منى من بعييد..كانت كمن يصارع امواج البحر التي تحركها يمينا وشمالا بين الحين والاخر كانت تنظر الي ربما لتستمد مني العون ..وربما كانت تجد صعوبة في شرح موقفها وسط موقف المراة المتشدد ..نكست راسها مرة اخرى وهي تسمعها تقول بصوت اعلى وبعصبية ظاهرة جعلتني اصر على اسناني وانا مكاني..
_لا اظن ان عملك يستمر لخارج الحضانة ايضا..
قالت تلك الجملة الاخيرة وهي لا زالت تسحب ابنتها الصغيرة الباكية ..ابعدت وجهي بسرعة وانا اسمع شهقاتها الضعيفة بين كلمات والدتها التي بدت كشرارات طائرة..
_انا لا اريدك ؟؟اريد ابي اريد ابي؟؟؟؟
_اخرسي سوف اترك له المنزل بما فيه!!!!الاحمق يطردني ويجعلني اذهب الى منزل
والدي ثم يتصل بي لاحضار طفلتة من الحضانة ..
كانت تلتقط انفاسها بين الحين والاخر قبل ان تلقي كلماتها التي فضحت بعض ما يدور بينها
وبين زوجها ..قطبت حاجبي باستنكار عندما سمعت صوتها يصل الي مرة اخرى ..
_يريد ان يلقي علي بالمسؤولية كاملة..
_لكنني لم اسمح له!!!
قالت ذلك وابتعدت بالطفلة الى السيارة الواقفة هناك ..ادخلتها عنوة وانا اسمع بكاءها اغمضت عيني وانا اسمع صوت السيارة تبتعد وكانها عاصفة هوجاء..يبدوا ان شقيق المرأة الذي يجلس في السيارة لا يختلف عنها كثييرا ..
تاملت مليا في عبارتي اللي قلتها لها وانا احاول ان اقنع نفسي بانني القيتها بكل هدوء وروية..
حتى انني رسمت ابتسامة على ثغري جعلتني اشعر انني اقف امامها كالابلة ..فليس مالوفا
ان تبتسم في موقف يستدعي الغضب ويثير مكامن الالم ..
_لماذا تبكيين هكذا؟؟لقد فعلتي ما يمليه عليك ضميرك؟؟
كانت لا زالت تنظر الى الباب المغلق وهي تكفكف دموعها التي انحدرت على خديها ..ابعدت خصلات شعرها الاسود الفاحم وهي تمسك بالمنديل تمسح به انفها الذي احمر من
اثر البكاء ..لم تجبني بسرعة بل استمرت للحظات تنظر الى علبة المناديل بين يديها الى ... اتراها كانت غارقة في الاسف على حلمها البعيد الذي بنتة على رمال متحركة وتلاشى
امام عينيها ام ان منظر الطفلة الصغيرة وهي تتوسل قد ارهقها واثر فيها لدرجة انها لم تستطع حبس دموعها ..
عندما شعرت انني قد قسوت عليها بجملتي تلك اقتربت منها واحطت كتفها
بيدي وانا اقول بلهجة احاول فيها ان اتمالك اعصابي..
_منى لماذا تبكين الان ؟؟اخبريني؟؟
_لا اعلم ما مصير تلك الطفلة بين يد اب وام يتنازعان بهذة الطريقة !!
تنهدت بعمق وانا انظر الى السقف وكانني استنجد بشيئا ما ..تاملت كلماتها ربما كانت على
حق في ذلك ..فكما يبدوا ان هناك معارك طاحنة تدور بين والد الطفلة ووالدتها ..
وهذا ماكان يبدوا من سخط الام وبكاء الطفلة الذي لم تجد غيرة اعتراضاعلى قسوة والدتها ..وكان الطفلة هي معركة اخرى من معاركها مع زوجها ..
على اننا لا نستطيع ان نحكم من بضع كلمات غاضبة ...من هو الجدير بالمحاكمة والادانة في هذة القضية..وليس لدينا الصلاحية اصلا للبث في موضوع كهذا
لاننا باختصار لسنا معننين به او مكلفين في اصدار الاحكام عليه..فالطفلة ووالدتها حدث عابر وامر لا ينبغي ان نقف طويلا حياله..
_هل هذا فقط ما يجعلك تبكين؟؟انتي لست امها ؟؟الاجدر بوالدتها فعل ذلك وليس انت ؟؟
لا اعلم لماذا القيت عليها بهذا السؤال المفاجئ..هناك شئ كان يدور في داخلي ولم استطع
السيطرة عليه او وأده اكثر في اعماقي ..
رفعت وجهها الي لتنظر لعيني مباشر..كانت لحظات طويلة بالنسبة الي حسبتها دهر..
حبست انفاسي وانا ارى نظرتها الجامدة ..ترى هل فطنت الى نبرة الشك في صوتي ..ام
ان سؤالي كان اصعب من ان تجيب عليه بالكلمات ..
ندمت كثييرا على تهوري وانا ارى دموعها تتحجر على مقلتيها ..لم يعد هناك دموع او صوت للبكاء كل ما كنت تراه اهتزاز رموشها الطويلة فوق عينيها ..
_نعم هذا فقط!!
اسرعت الى الغرفة وهي ترمي علبة المناديل جانبا ..لا اعلم من ماذا كان هروبها من ارتعاشة صوتها الذي بالكاد اسمعة ام من قسوتي الحمقاء التي لا استطيع السيطرة عليها
كل ما استطيع ان اصفة حيال ذلك انني شعرت بالذنب..
عندما اضاءت اشارة المرور باللون الاخضر رميت بهاتفي سريعا على الكرسي الذي
بجانبي وامسكت مقود السيارة محاولا ان اشد انتباهي الى الطريق ..
لا زال الاحساس بالذنب يلاحقني على الرغم من مرور ثلاثة ايام على تلك الحادثة ..وعلى
الرغم من ان منى حاولت ان تبدوا طبيعية جدا بعد ذلك ..
هكذا كنت اراها انا او اشعر بها فلست استطيع اقناع نفسي ان تفكيرها بمصير الطفلة هوما
جعلها تتأثر الى هذة الدرجة ..
ومحاولتي للاتصال عليها في هذا الوقت ربما لا تكون مجدية ..ترى اعيد دعوتها مرة اخرى
الى ذلك المطعم الذي تواعدنا قبل يومين ان نذهب اليه ..
لم استطع ان ادعوها قبل ذلك فقد كان الشعور بالذنب يسيطر علي ..وربما جبنت ان اسمع
منها كلمة رفض او اشارة استنكار ..هذا بالاضافة الى انشغالي المفاجئ في اليومين السابقين ..ولكنني لم انسى ابدا ان افعل لها اي شئ يكون بمثابة اعتذار لها على قسوتي
تنهدت بعمق وانا اترجل من السيارة متوجها الى باب الشركة ..
تذكرت تلك الهدية التي احضرتها لها ..القميص الاحمر المزركش بورود فضية ..لازال موضوعا في الرف الداخلي من دولاب ملابسها ..يالخيبة الامل انها حتى لم تشر اليه او تتحدث عنه ..تسائلت ترى هل سيظل حبيس مكانة..
وقفت امام باب ذلك المنزل بعد عودتي من العمل مبكرا ..كنت استطيع ان اهاتفها عبر الموبايل واسئلها ان كانت تريد البقاء لمدة اطول في منزل والدتها ..
لكنني فضلت ان احضر بنفسي الى هنا ....ربما كي اضعها امام الامر الواقع فتسرع في ارتداء
عبائتها وتركب معي السيارة ..او ربما كانت مجرد رغبة في رؤيتها وتبين ما يستشف داخلها من ناحيتي ..تمنيت ان لا يطول بي امد حيرتي وتطلب مني العودة من دونها ...
ضغطت على الزر بجانب الباب وانا انتظر ان يفتح ..حاولت ان ارسم ابتسامة على وجهي
عزمت على ان اسئلها عن حالة والدتها الصحية ..
لاشك انها سوف تقدر لي ذلك ويتلاشى احساسها بالغضب من ناحيتي ..ربما اعرض عليها
ان نذهب بوالدتها الى المستشفى ..
هززت راسي وانا اعض على شفتي لماذا فاترض انها غاضبة او تحمل لي مشاعر سلبيه
في داخلها حيال موقفي ذاك ..
ولماذا ابدوا الان امام نفسي رجل انتهازي لا يهمة الا مصلحة نفسة ..فمجرد التفكير بانني
سوف اعرض عليها الذهاب بوالدتها الى المستشفى املا في نسيان شئ ما..او اعتذار من موقف معين...
يعتبر انتهازية كبيرة فكان حري بي ان افعل ذلك دون ان ارمي الى مصلحة ما... ولوكانت ارضائها فهي في النهاية والدة زوجتي وهذا ما يجعلها في مقام والدتي..
_سعيد انت هنا؟؟
فوجئت كثييرا عندما سمعت صوتها ينتزعني من افكاري ..التفت اليها وانا ابحث عن اجابة
لشرودي وانا اقف بجانب باب منزلهم ..
تمنيت ان لا تكون قد لا حظتملامح وجهي التي لن تستقر على حال من وصولي الى هنا ...
ولكنني عذلت عن ذلك عندما رايتها تمسك بوالدتها ويشاركها شقيقها وليد من الجانب الاخر
اصبت بالخرس وانا ارى الموقف فلم اعرف هل اعرض خدماتي واوصلهم الى المستشفى ام اذهب معهم واترك سيارتي هنا ..
_ ماذا حدث لوالدتك؟؟
_انها متعبة ووو!!
_ابتعد رجاء انك تسد علينا الطريق!!!
كانت منى تنقل نظراتها بيني وبين شقيقها الذي قطع كلامها وهو ينظر الي بتحدي ..هذا الولد لا يستطيع ان
يتخلى عن طبعة الجاف ابدا ..كنت تلك مدة طويلة التي لم اراه فيها ..
لم يتغير ابدا فقد بقي كما كان واشك انه في يوم من الايام سوف يتغير او يرجع الى رشدة..
ردود افعالة كانت ولا زالت دائما مندفعة تستفز من حوله واولهم انا ..
_هل اوصلكم بسيارتي؟؟
_كلا سوف اصحبها انا؟؟
نفس الطريقة الجافة ونفس الاسئلة المقتضبة ..لا اعلم لماذا يتصرف بهذة الطريقة وانا احاول بقدر الامكان ان اكلمة بطريقة محايدة وصبورة ..
مددت يدي الى كتف والدة منى وانا اشعر انني اكتم اشياء كثيرة داخلي حاولت ان استلمها
بدلا منها واوصلها الى سيارتي ..
_هيا بنا الى سيارتي؟؟
_قلت لك لا احتاج مساعدتك !!
امسك بكتف والدتة من الجهة الاخرى وهو يمضي الى الامام دون ان يعير وقوفي اهمية او انتباها ..وقفت حائرا احاول ان اختار كلماتي او ان احدد موقفي حيال اندفاعة الشديد في الرد علي وكانني عدو لذوذ له وليس زوج شقيقتة ..
_لا باس عليك ان تبتعد قليلا !!سوف اذهب معهم !!
تركتني منى اقف مكاني بعد ان قالت ذلك بسرعة وهي تضع يدها على ذراعي ..نظرت اليهم وهو يبتعدون وتضمهم سيارة الاجرة التي وقفت بالقرب منهم..
لم تترك لي فرصة لكي اعود واعرض عليهم المساعدة ..كانت تبدوا وكانها تريد ان تنهي
الموقف ..لا تريدني ان ابدي تعاونا او مساعدة كان موقفها مثل شقيقها ..
ربما يكون لها الحق في ذلك فلا تريد مساعدة من رجل لا يلبث بعد مدة ان يجرحها ويقسو عليها ..تحركت وركبت سيارتي ..نظرت الى الشارع امامي ..تمتمت بخفوت وانا
اضع المفتاح في المحرك واهم بتحريك السيارة..
_ربما يحق لك فعل ذلك..
لست اعلم كم المدة التي ظللت فيها جالسا على الكنبة الكبيرة في وسط الصاله ..كان جهاز التحكم بالتلفاز لا زال في يدي وانا احدق الى الشاشة المضيئة ..
مضى وقت طوييل ومنى لم تعد الى الان ترى هل حالة والدتها خطرة الى هذة الدرجة ..اعدت نفسي الى الوراء مرة اخرى وانا احاول ان اركز في حلقة المسلسل الذي يعرض في مثل هذا الوقت ..وجدت نفسي مشتتا لدرجة انني لم استطع فهم اي شئ من الاحداث التي
تدور وكانني انظر الى فراغ ..
فكرت ان انهض واذهب الى المطبخ لاصنع لي شيئا اسد به جوعي ..وقفت عند البوتجاز
وانا انظر الى الاشياء في المطبخ ..
كنت اريد اي شئ يحضر بطريقة سهلة وسريعة فلست بارعا على ايه حال في فنون الطبخ
فتحت الثلاجة الكبيرة المملوءة بمختلف المواد الغذائية ..
تناولت بيضا واخذت معة برطمان الجبنة البيضاء ووضعتهم على طاولة المطبخ ..رفعت يدي
الى راسي واخذت احكة بحيرة وانا ابحث عن السكين لاقطع بها شرائح الطماطم ..
على الرغم من انني اسكن هنا منذ ثلاث سنوات تقريبا بعد ان ودعنا شقتنا القديمة التي استاجرناها قبل ان نشترى هذا المنزل ويصبح ملكا لنا..
الا انني لم اكلف نفسي والاحظ مكان الاشياء والاغراض في داخل المطبخ فقد كانت هذة مهمة منى..والتي كانت تقوم بها بجدارة ..
لم استطع ابعاد موقف منى وشقيقها وليد من مخيلتي وانا اقف بجانب البوتجاز انتظر البيض
المسلوق ان ينضج ..ان الامر واضحا الان ولا يوجد به اي ذرة من الشك..
انها تحمل علي بسبب ذلك الموقف وانا هنا اقف مكتوف الايدي اعض اصابع الندم والخيبة
كلما حاولت ان اضمد جراحي وجراحها ارني افتق جراحا اخرى ..تسائلت كثييرا مالذي جعلني اتهور والقي عليها ذلك السؤال الاحمق ..والذي لا اجد له تفسيرا الى الشك في موقفها وعدم التاكد من مصداقية محاولتها للمساعدة لااكثر ولا اقل..
انا اعرف منى جيدا ولست بحاجة الى موقف كهذا لاتاكد من حبها للمساعدة ونيتها الطيبة
فلو كان لدينا عشرة اطفال لن تتوانى ابدا عن موقفها ..
ولكنني ايضا لم افعل ذلك الا خوفا عليها من ان يكون ذلك مجرد امعان في جرح نفسها دون
ان تعلم ..فانا وبصدق كنت خائفا عليها وان لم تفلح طريقتي في ايصال ذلك..
قفزت بسرعة وانا اشعر بحرارة اللهب تصل الى يدي ..اسرعت باطفاء النار التي بدا يزداد لهيبها بفعل الحليب المغلي الذي بدا يفيض على البوتجاز..
وضعت يدي على خصري وانا انظر الى اثار الدمار الذي احدثة شرودي ..رفعت اطراف اكمام قميصي الطويلة وبدات انظف الحليب المحترق ..
نظرت الى الصحن الصغير الذي وضعت عليه شررائح البيض المسلوقة مع قطع الطماطم
ان هذا يبدوا بالنسبة لي عملا جبارا استحق الشكر عليه ..
ارتشفت قليل من الحليب الذي بدا بعض الطعم الغريب عليه ..لم يكن ذلك مهما بقدر ما
يهمني الان ان املئ معدتي الفارغة ..
امسكت بقطعة الخبر ووضعت البيض والطماطم ورشيت عليها بعض الملح لاستسيغ الطعم ....
كانت طريقة منى في عمل سندوتشات البيض رائعة ولذيذة ..
ابتسمت وانا اتذكر طريقتها في لف الخبز بعناية وانا ارى ذلك الشئ بين اصابعي ..كانت
قطع البيض والطماطم تتدلى منها ..عندما هممت ان اضعها في فمي تساقط بعضها على ملابسي فاحدث بقعا واضحة فيها ..كان الاحرى بي ان ابدل ملابس العمل تحسبا لذلك..
تمنيت ان تستطيع منى ازالة هذة البقعة من قميصي المفضل ..
كنت انظف البقع التي بانت واضحة اكثر بمناديل الورق ..نظرت الى العلبة استهلكت الكثير
من المناديل ..كان المكان يبدوا فوضويا وغير مرتبا البتة ..
شعرت بالاحراج عندما سمعت صوت الباب يفتح لابد انها هي ..ترى ماذا ستقول عندما ترى قطع الطعام وورق المحارم على الارض ..
ربما سيزعجها اكثر رائحة الحليب المحترق من داخل المطبخ ..حاولت ان الملم ما استطعت من الاشياء ليبدوا المكان اكثر ترتيبا ..
_ماهذا؟؟
كانت تقف بجانب الباب وهي تفك وشاحها الاسود الذي تلفة حول وجهها ..بدى الارهاق في كل ملامح وجهها المتعبة ..اقتربت وهي تمعن النظر في الصحون ..
_لماذا يبدوا المكان هكذا؟؟
لابد انها تفكر الان في طريقة ناجحة لتنظيف هذة الاشياء ..وضعت يدي على تلك البقعة في
قميصي عندما لاحظت انا تنظر اليها ..قلت وانااحاول ان ابعد عن نفسي الحرج..
_كيف حال والدتك؟؟
_انها بخير الان؟؟
قالت ذلك بارتياح وهي تبعد خصلات شعرها التي تدلت على جبينها ..امسكت حقيبتها ووشاحها وابتعدت الى الغرفة دون ان تقول شيئا ..
ضربت ركبتي بقبضتي وانا اتفوه بشيئا ما ..انا ماهر...دائما في افساد الامور كان من
المفروض ان اجعلها تشعر بمزيد من الارتياح عند عودتها الى المنزل ..لكنني بدلا من
ذلك احدثت الفوضى في كل مكان ..
ظللت مدة وانا في مكاني اخير نفسي بين الذهاب اليها اولا ..او الانشغال برفع الصحون
واعادتها الى المطبخ ..وفي النهاية رجحت الخيار الاخر ..
سمعت صوت الماء يصطدم بالارض ..لابد انها الان تاخذ حماما لتبعد الارهاق ..هذا
يعطيني مزيدا من الوقت لاصلاح ما افسدتة ..
ويبدوا انني قد اسرفت في وضع سائل الغسيل فقد كان هناك رغوة كثييفة ملئت المجلى ..وسالت على الارض...
امسكت الصحون واخذت افركها ولكنني اسقطت واحدا منها على الارض..
فتحول الى قطع متناثرة على الارض ..اغلقت صنبور الماء وابتعدت خارج المطبخ كي
لا استمر في تدمير كل شئ ..
انشغلت عن ذلك بمسح البقع من على الارض ..ابعدت الطاولة الصغيرة واستمريت في
ذلك ..كان كاس الحليب لا زال موضوعا عليها عندما تناثر بعضا منه على الارض..
رميت بقطعة القماش على الارض ونهضت وانا اشعر بالحنق ..يبدوا انني في حاجة ماسة
لاخذ قسطا من الراحة اقضية في النوم ..لابد انني مرهق..
_مارايك؟؟
وقفت مشدوها وانا انظر اليها و لا زلت يدي تمسك بعروة الباب ..كنت اقف هناك دون
ان اجرئ على الدخول الى الغرفة ..اخذت احدق اليها باعجاب وانا انظر الى تلك التنورة
الحمراء المزينة بالنقوش الفضية صعودا الى القميص الاحمر المزين بالنقوش نفسها انتهاء بوجهها الذي بدا مشرقا من اي وقت مضى ..كان ذلك اللون الاحمر يغزو شفتيها ايضا ..
بشرتها الخمرية كانت متناغمة بشكل كبيير مع اللون الممزوج بالاحمر والفضي فوق رموشها
الطويلة ..خصلات شعرها كانت تشاغب وجنتيها الزهريتان ..
تاكدت من وضع الاقراط على اذنها وتلمست العقد الذي بدا يلمع تحت اضاءة الغرفة ثم اقتربت مني حتى شعرت بانفاسها ..
_ان ذوقك راقي جدا ..احببت هذا اللون كثييرا ..
تدافعت الكلمات الى فمي المطبق بدهشة ..لم اكن اعرف ماذا اقول لها في هذا الموقف
احتار عقلي بين تصفيف عبارات الاعتذار او القاء كلمات الاعجاب ..كنت اريد فقط ان اقف واراها دون ان ترمش عيني
ولو للحظة واحدة حتى لا افوت ابتسامتها الرائعة تتالق باللون الاحمر..امسكت يدها وانا اقترب اكثر منها قلت بهمس..
_انا آسف...
_لماذا؟؟
_لاني قسوت عليك في تلك المرة ..عندما حضرت والدة الطفل؟؟؟؟
_كلا يا سعيد لا تعتذر !!
قاطعتني وهي تنظر الي برجاء ان لا اكمل عبارتي ..كم انا احمق حتى في مواقف كهذة
اصر على ان انغص عليها لحظات السعادة التي ترجوها مني ..
_انا التي يجب ان تعتذر..
لم اجبها كنت انظر الى عينيها وان انتظر منها الاجابة ..وايضاح ماكانت تقصد وجدت فيهما
دعوة لي للاستماع اليها وكانها تقول ارجوك اسمعني ..
_انا اسفة لكل ما سببتة لك ..فلم يكن علي ان احرجك في ذلك اليوم عندما احضرت الطفلة
الى هنا ..انا كنت اتصرف من غريزة انسانية ..لم اقصد ان احملك اكثر مما تستطيع
الاحتمال صدقني!!
كانت تشعر بالخجل تريد ان تهرب من الموقف المحرج الذي وضعتني فيه ..فهمت هروبها
نشوزا من طريقتي الفضة واكتشفت الان انه خجل واعتذارمن موقف لم تكن تطلب منه شيئا الا المساعدة ..
مددت يدي وضممتها الى صدري وانا اهون عليها الموقف ..فلم ارد ان نستمر في الاعتذار
وتفسير المواقف ..كنت اريدها ان تعيش لحظاتها التي تتمناها مني ..
_لاعليك ؟؟انا افهم موقفك جيدا؟؟
كانت لا زالت تدفن راسها في صدري وكانها تريد التاكد من كلماتي ..وكانها تريد ان تعرف
انني اعني ما اقول فعلا ..سمعتها تهمس ..
_ارجوك قدر موقفي اليوم ياسعيد فلم ارد ان تحدث مشكلة بينك وبين وليد..
ابتسمت لاستمررها في سلسلة التبريرات ..لم تدرك انني فهمت كل شئ الان ولست بحاجة
الى اي شرح او تبرير..تخللت يدي خصلات شعرها المنسدل على ظهرها وانا اقول..
_مارايك ان نخرج سويا....
التعديل الأخير تم بواسطة MALAK ; 18-01-08 الساعة 07:54 AM
سبب آخر: اخطاء املائية
|