السلام عليكم ....
هذا جزء جديد من روايتي....
اتمنى لكم قراءة ممتعة...
تركتها وحيدة((19))..
يذكرني قرص الشمس المتوهج البرتقالي في وقت الغروب باشياء تدور في عقلي ..ان الشمس
هي اكبر مثال واوضح برهان على ان التغيير ليس بالضرورة ان يكون تحولا...
فهي ومع مرور الوقت تتغير شدة وهجها وتختلف درجة ضوءها ..ففي الصباح الباكر يكون
ضوءها لطيفا خجلا يتسلل الينا من خلال خيوط الليل المتبقية..
وفي الظهيرة يتحول وهجها الى سطوع متوهج فتغشى الاعين من شدة خيو طها الحارة ..وعند المساء يكون يكون ساكنا متماهلا يرغمك على الاصغاء...
هكذا هي حياة الانسان وتغيراته التي تكون شدتها ووضوحها تبعا لمدى شفافية القلب وتقاس
على قدر الظروف وتتشكل بهيئة المشاعر المختلطة والمتغيرة ...
ان ملامح الانسان تعكس تماما ما يختلج داخلة وكانها مرآة صافية لا تعتريها الخدوش ولا يغطيها الغبار ..لذا نرى ان اكثر الاشخاص صفاء وارقهم من ناحية المشاعر وادقهم من
ناحية الشفافية ..لايبذلون جهدا في سبيل اظهار من يتغير داخلهم ...
لان ذلك يبدوا كطاقة كامنة في الداخل تحركها المشاعر المتغيرة من الابتهاج البراق الى الحزن المنطفئ..فتبدوا العينان اكثر جمالا ونقاء وبراءة حينما يتوجة القلب الى الناحية
الخيرة فيه..فيضفي ذلك الاحساس بتقديم الخير وبذل سبل المساعدة وانكار الذات الكلي
على الكيان نوع من الشفافية والشعور بالراحة الذي يغمر من يشهد تلك الحالة ..
فترى الاخر يرسل اليك بذبذبات خاصة تتلقاها ملامحك وتتقبلها مشاعرك وتترجمها عواطفك
الجياشة المملوءة بالحنان والالفة لذلك الشخص..
وتسيطر عليك علامات العدوى حتى وان لم يجد الاخرون سببا لذلك ..رغم انك تعلم في
داخلك انها انما حالة من التوحد تصل بها الى اعلى درجات الاحساس..والتناغم..
وتصبح كالمستمع النبيه لضارب طبل او عازف كمان ..فتطرب لدقات الطبل الايقاعية المتسارعة..وتهتز رموشك تاملا وتناغما مع
الحان الكمان الحزينة الرقراقة..
لم اظل على نظرتي القديمة لوقت طويل وانا ارى انسانة شفافة وكانها فراشة قد فردت جناحيها لتتغذى من رحيق زهرة وتقف على زهرة اخرى ..
انتابني الكثير من الارتياح وانا استمر مع منى على نفس الوتيرة من الحماس..واتابعها
بعيني الاثنتين تبتسم على الرغم من الجهد والتعب ..
بيد انني لم افعل شيئا سوى انني وافقت على ان تذهب الى ذلك المكان ..تمسكا
مني بامل ان اجد( منى )تتناسى حلمها القديم لتبدا في بناء
احلام اخرى..
كنت لا زلت انظر الى اغصان الاشجار التي تضرب اطرافها بزجاج النافذة الكبيرة وانا اسهب
في الحديث مع صديقي..الذي انتقلت عدوى السعادة والارتياح اليه..
فبدى يسمعني بانتباه ويرد على تعليقاتي بود وصبر وكانه يقول لي ان الامر لم يكن يحتاج
الا الى خطوة حكيمة وشجاعة من قبلي ..
كرات الثلج الصغيرة كانت تتراقص في الاعلى وهو يحرك كاسة المملوء بالعصير ..وكانه
كان يتامل ويحلل كل كلمة القيها على مسامعة..
_اذا فالاوضاع مستتبة هذة الايام ..
وضعت ذراعي خلف راسي وانا ارجع بالكرسي الى الوراء ..ان صالح اكثر من يفهمني
من اصدقائي ..لم افضي بجميع مشاعري والمي وعذابي الا اليه ولم تسمع تنهداتي اذن
غير اذنة المصغية المتلقية بترحاب ..
على انني كنت اشعر دائما انه يفوقني سنا ويسبقني في دروب الحكمة والحنكة باشواط كبيرة
على الرغم من تقاربنا الشديد في السن ..
_نعم انني ارى ذلك..
_وهل رايت منها رغبة في الاستمرار؟؟
_رايت منها اصرار على الاستمرار!!
_وانت ما رايك؟؟
منذ زمن بعيد بدات افهم هذة الاسئلة التي يلقيها علي ..فعلى الرغم من صيغتها الغامضة
وتركيبتها المبهمة الا انني اصبحت متمرسا في فهمها ومن دون فخر..
_انا يريحني ان اراها سعيدة!!
رايت علامات الرضى تعلو وجه صديقي الوفي ..توقف عن هز كاسة التي ذابت كرات الثلج
الصغيرة فيها ..بدلا من ذلك هز راسة بايجاب وهو ينظر الي لبرهه ..ثم التفت ليركز في شئ خارج
النافذة حاولت ان اتبينة لكنني لم استطع ..
_هااا اراكما هنا؟؟؟
التفتنا بشكل مفاجئ انا وصالح للصوت الجهوري الذي جعلنا نستيقظ من شرودنا وتفكيرنا ..لم يمهلنا شيئا حتى سحب لنفسة كرسيا بسرعة والقى نفسة عليه دون حتى ان يسمع من جوابا ..
اتكأ على طرف الطاولة الخشبية وهو ينظر الى كأسا العصير ..سحب واحدا منهما والذي كانت يد صالح لا تزال تمسك به وافرغة في جوفة وسط اندهاشنا..
_ماهذا الا تخاف على نفسك؟؟
قلتها وانا اراه يسحب الكاس الاخر من يدي ويهم لان يلقية في جوفة بسرعة ..رفع عينية
الي قائلا بنوع من خيبة الامل ..
_كان حريا بك ان تطلب لي واحدا!!
_انك حتى لم تعطنا اي فرصة لتقبل وجودك!!
كانت هذة طريقتي دائما في استنفار عبدالله الصاخب على الدوام ..من خلال معرفتنا به انا وصالح
ومالك لم نكن نتوانى عن كيل سيل الاتهامات الزائفة ..
وذلك لعلمنا انه رجل صاحب نكتة ولا تفوتة اي شاردة او واردة ..وبالتاكيد سوف يرد على اتهاماتنا ومشاغباتنا بسيل من التعليقات التي تجعل احدنا ينفجر ضاحكا ..
_كان علي ان افعل ذلك لانقاذ الوضع..
_اي وضع تعني؟؟
_حالة الشرود التي تعيشانها..
_كان لابد لكم من صفعة قوية لتستيقظا ..قبل ان يجن الليل ..
ويحتار صاحب المحل بكما..
كالعادة انفجرنا انا وصالح على كلمات عبدالله اللاذعة ولم نجد في نفوسنا ادنى شعور بالسوء
او التحفظ على تعليقاتة ..
كان عبدالله في صدد التحول للسكن في منزلة الجديد الذي انتهى من بناءة في الاشهر الاخيرة
حدثنا كثيرا عن تصاميمة واركانة وزواياه التي اختارها على احدث طراز..
وافضى الينا برغبتة الشديدة في الحصول على محل للاثاث ينزل فيه احدث التصاميم وارقى
الديكورات ..فلقد كانت هذة نصيحة زوجتة ..
_سعيد هل لك ان ترافقني الى محل شقيقك سالم..
_هل تريد التفرج على الاثاث والديكور الذي ينتجة..
_نعم !!فربما اختار شيئا من هناك..
_لا بأس!!لكن سالم مسافر هذة الايام..
افترقنا بعدها على وعد مني لعبدالله ان اعمل اتصالا هاتفيا لشقيقي سالم المسافر لاحدى
الدول رغبة منه في المرور على معارض الاثاث ..
كان الوقت غروبا عندما استقريت في المقعد الامامي للسيارة ..فقد اصطحب عبدالله صالح
معة الى منزلة فهو الاقرب اليه..
وجدتها فكرة جيدة ان اتصل بسالم لاتفق معة على موعد معين..وضمرت في نفسي رغبة
ان اهنئة على الحمل الجديد..
انتظرت لبعض الوقت وانا اسمع الهاتف الاخر في وضع الانتظار ..اتصلت للمرة الثانية
وانا اتمنى ان اسمع جوابا منه هذة المرة ..
_الووو؟؟
_الو السلام عليكم !!
_وعليكم السلام !!
_من معي؟؟
قالها سالم بعد فترة من الصمت قبل ان يعاود السؤال بصوت ناعس متعب ..عقدت حاجبي
هل اكون قد ازعجتة في فترة قيلولتة ..تنحنحت برفق وانا اجيب بحرج..
_انا شقيقك سعيد..
_اهلا سعيد كم هي اخباركم ؟؟
_بخير وانت هل لا زال امامك المزيد من الوقت لترجع الى البلاد؟؟
عاد الصمت مرة اخرى ..ابعدت هاتفي الخليوي ونظرت اليه بشك ثم اعدتة قرب اذني..
ترى هل يجد سالم صعووبة في سماع صوتي بسبب ضعف الارسال..
_الو سالم هل تسمعني؟؟
_نعم نعم معك ..اسمع سعيد!!
_انا متعب الان هل لك ان تحادثني في وقت اخر..
_لا باس !!انا اسف اذا كنت قد ازعجتك؟؟
ما ان اكملت كلامي حتى سمعت ذلك الصوت المميز في الهاتف الذي يشير الى حاله مشغول
يبدوا ان الارسال ضعيف جدا بحيث انقطع قبل ان انهي المكالمة..
في الايام التالية سارت بالنسبة الي والى منى على مايرام ..كان الوضع مناسبا الي على
الرغم من انني كنت اجد في بعض الاحيان بعض الانشغال من جهة منى ..
فجهاز الكمبيوتر الذي كان موضوعا في مكتبي طويلا دون ان تستعملة ..حتى اعتلاه الغبار
واصبح بشكل يرثى له لولا اشفاقي علية وجلوسي امام شاشتة بعض الاوقات عندما اجد من
نفسي متسعا نفسيا ..وقليل من الوقت قبل ان اخلد الى النوم ..
اصبح الان شغلها الشاغل واخذت تجلس امام شاشتة بمقدار ساعتين تقريبا مستعملة خدمة الانترنت في جمع
اكبر عدد ممكن من الاناشيد والرسومات التي تنفع لسن الاطفال في دار الحضانة..
فاصبحت ارى الطاولة الصغيرة مملوءة بملفات تزينها ملصقات لرسومات كرتونية شخصيات
محببة الى الاطفال ..تضعها الى جانبها لتفرزها وتكتب عليها بعض الملاحظات ..
في تلك الامسية استلقيت الى جانبها في السرير وانا انظر الى يدها التي علقت في اصابعها
بعض قصاصات الرسومات االاصقة ..كانت تضع ذلك المجلد في حجرها وتلصق فيه بعض
الاشكال..رفعت جدعي قليلا وانا ارى ذلك تملكني بعض الفضول لمعرفة ما يشغلها ..
_ماهذا؟؟
_ارتب ملفا لتسهيل تعليم الحروف للاطفال!!
_وضعت تحت كل حرف شكلا يساعد الطفل على الاستيعاب..
_وهل يفيدهم ذلك كثيرا..
_نعم وبشكل كبير!!
سمعتها تقول ذلك بحماسة مفرطة وهي تنظر الي بابتسامة واسعة ..اعدت نفسي مرة اخرى
الى وضعي السابق وانا انظر الى السقف ..
_منى ما رايك ان نخرج سويا في الغذ..سوف انتهي من عملي في وقت مبكر..
_لا باس انه اقتراح رائع!!
هززت راسي وانا انظر الى الملف الموضوع في حجرها نظرة طوييلة ..لا اعلم لماذا اشعر في نفسي انشغالا ..ثمة ما يشغل تفكيري ...شعرت بيدها تمتد
الى شعري وتتخلل مقدمتة ..التفت اليها وانا اراها تضع الاشياء جانبا دون اي مقدمات ..
اعتدلت في جلستها واقتربت مني وهي تقول بخفوت ..
_سعيد هل يزعجك انشغالي؟؟
_لماذا تقولين ذلك؟؟
_لا اعلم ارى نظرة شاردة في عينيك!!
_كلا انه امر اخر!!
تناولت يدي المستكينة على صدري اخذتها بين يديها الصغيرتين ..وضعتها بالقرب من قلبها
وهي تغمض عينيها بشدة وكانها تحاول ان تفهم ما الم بي بلمسة اصابعها الرقيقة ..
_الا تريد ان تخبرني به؟؟
_لا عليك امر طارئ في العمل..
هزت راسها باستفهام والقت الي بابتسامة صغيرة ..ثم نهضت من على السرير مبعدة تلك
القصاصات الصغيرة واضعة اياها على الطاولة ..
_الى اين انتي ذاهبة؟؟
_لاحضر لك كاسا من الحليب الدافئ..
فهذا سوف يريحك..
تناولت هاتفي الخليوي بعد ان رايتها تتوارى خلف باب الغرفة ..حاولت اكثر من مرة الاتصال بسالم ولكنه لا يرد على الهاتف النقال ..ان والدتي كانت تعتمد علي في الوصول
اليه لانها اشتاقت الى صوتة كثيرا..وبما انها امراة اقصى ما تملكة معرفة بعض الحروف ..حتى انها لا تعرف الارقام فقد اوكلت الي بهذة
المهمة ..وانا منذ الامس احاول ان احصل عليه ولكن لا فائدة..
_تفضل كوب الحليب الدافئ..
وضعت هاتفي على الطاولة الصغيرة التي بجانبي ..واخذت كوب الحليب الذي كانت تمسك
به..شعرت ببعض الراحة والاسترخاء عندما ارتشفت منه بضع رشفات ..
لم اناولها اياه الا عندما انهيت اخر قطرة في قعرة ..شعرت بعدها في رغبة في النوم ..
اعتدلت برفق عدلت كلا ساقي على السرير..واغمضت عيني ليتسلل النعاس الى جفني..
في اليوم التالي حاولت بقدر الامكان ان انهي عملي باسرع وقت ..فقد وعدت منى ان اصطحبها الى ذلك المطعم المفضل لديها ..
فذلك المكان الهادئ يذكرها كثيرا باجواء الفترة التي سبقت زواجنا ..اي فترة الخطوبة
والتي كانت تاخذ كثيرا طابع الرومانسية بالنسبة لها ..
لا انكر انني ارتاح كثيرا لذلك المطعم الهادئ..فاضواءة الصفراء ومقاعدة الوثيرة بالاضافة
الى اللون الاحمر الذي يميزة ويظهر في كل شئ فيه..
بداية بالمقاعد المخملية وانتهاء بالستارة الثقيلة الفاخرة ..نظرت الى ساعتي امامي من الوقت نصف ساعة تقريبا على انتهاء دوامي ..
علي ان انهي هذا العمل الذي بين يدي ثم اركب سيارتي متجها الى المنزل لاخذ حماما قصيرا
اشعر بعده ببعض الانتعاش ..
تنفست الصعداء وانا احمل مفاتيح الادراج التي في مكتبي ..وضعت كل ما يهمني في الداخل بالاضافة الى الملفات التي تحتاج الى اكمال البيانات..
تجاوزت باب غرفة المكتب وانا اودع زميلي الذي كان يلم اوراقة ايذانا بانتهاء ساعات العمل
كانت الشمس تشارف على المغيب وانا استقر في الكرسي الامامي ..
عندما وصلت الى المنزل كانت يدي التي اخبئها خلف ظهري تحمل شيئا الى منى ..كنت
احاول ان اخمن مدى ردة فعلها وهي ترى ذلك الشئ..
فلم استطع مقاومتة وانا اراه في طريق عودتي الى المنزل..تخيلت نفسي وانا اراها ترتدي
ذلك الطقم المميز ..كان عبارة عن قميص مزركش باللون الاحمر الذي تحبة كثيرا ..
مزينا بفراشات فضية تتناثر على ياقة القميص والجزء العلوي منه ..وتزين اطراف كمة القصير ..مع تنورة طويلة من نفس القماش تزينها تلك الفراشات وتشكل حاشية على الطرف السفلي وتصل الى اسفل الركبة تقريبا ...
بيت في نفسي رغبة وهي ان اطلب منها ارتدائة عند ذهابنا الى مطعمنا المفضل ..ادرت المفتاح في الباب ودخلت وانا اتفحص المكان ..
رايت وانا اقف مكاني النور يخرج من تحت الباب من غرفة النوم ..ابتسمت لابد ان تجهز
نفسها للذهاب ..سوف افاجئها بهديتي..
اقتربت من الباب وانا اشعر بابتسامتي تزداد اتساعا ..امسكت بعروة الباب وانا احاول ان
ابحث عنها في كل مكان في الغرفة ..
وقعت عيني على السرير فقد كان امام ناظري مباشرة ..نظرت الى ذلك الشئ مذهولا وكنت
اتمنى انني لم اخطأ عنوان منزلي ..
اقتربت اكثر وانا افتح عيني واغلقهما ظانا انني انما اتخيل اشياء لا وجود لها ..وقفت بجانب السرير وانا ارى تلك الطفله النائمه بسكون..
احنيت جذعي وانا اضع العلبة المغلفة على طرف السرير ..جلست وانا لا زلت انظر اليها
كالابله ..رفعت راسي بسرعة عندما شعرت بها تدخل من باب الغرفة ..
وقفت بالقرب مني وهي تنقل نظراتها بين وبين الطفله على السرير..كانت ملامحي اشد
تعبيرا من اي سؤال ام استفسار ..فقد كنت انظر اليها مشدوها ..اشرت اليه..
_ما هذا؟؟
_انه طفلة !!!!
_اعلم ذلك ولكن مالذي اتى بها الى هنا؟؟
_تاخر والداها اليوم عن اصطحابها من دار الحضانة ولم تجدي اتصالاتنا ...
كانت خائفة جدا وقد خلى الفصل من الاطفال فاحضرتها معي وتركت عنواني عند البواب!!فانة يسكن بالقرب من الحضانة ....
_انها الساعة الرابعة !!!..
_نعم ولكن لا اعلم لماذا لم يحضر والداها لاصطحابها..
اقتربت وجلست بجانبي على طرف السرير مدت كفها الى شعر الطفله الاسود الفاحم ..كانت
نظراتها تفيض حنانا وشفقة ..شعرت بها تطيل التامل اليها..قاطعت تاملها بانزعاج ..
_ولكن في ذلك مسئوولية كبيرة!!
_نعم ولكنني لم استطع تركها وحدها..
كنا لا زلنا نتناقش في امر الطفلة عندما شعرت بحركتها بجانبي ..كانت تحرك يداها وساقيها
بشكل جعلني احدق اليها ..كان شعرها الاسود القصير يغطي عينيها واجزاء من وجهها ..
لامست اطراف اصابعها ركبتي كانت لا زالت تتحرك ..ابتعدت قليلا وانا اراها تفتح عينيها
ببطء..لوهلة كانت تسدد نظراتها الي وهي لا زالت على السرير ..
ثم تحركت بسرعة وقفزت الى منى التي احتوتها بين ذراعيها وهي تتمتم بعدة كلمات لم اسمعها ..دفنت راسها الصغير في صدر منى وهي تنظر الي بخوف وقد ترقرقت عيناها بالدموع ..
_انها خائفة!!
قالت منى ذلك وهي تضمها اكثر اليها لتبرر نظرات الطفلة الغريبة الي..ابعدت نظري
بسرعة لم ارى طفلة بجمالها وبرائتها حتى وهي تسدد الي تلك النظرات ..
كنت اسيطر على نفسي بشدة وانا امنعها من النظر الى تلك الطفلة الآسرة ..تمنيت ان احرك يدي واخذها بين احضاني لا اعلم لماذا شعرت انا ايضا برغبة في ان اضمها كم تفعل
منى..نهضت بسرعة وذهبت الى جانب الباب وانا اقول بعدم رضى..
_لكننا لا نعرف ردة فعل اهلها !!
قبل ان تتمكن من الاجابة علي رايتها تقف بسرعة وهي تحمل الطفلة وتقترب الي لتضعها
بين ذراعي بسرعة ..ثم لتتجاوزني قائلة ..
_دعها معك قليلا اريد ان اتاكد من وجبتها التي اعددتها لها ..
وقفت كاالغريق وانا انظر الى كل شئ عدا عينا تلك الطفلة ..امسكتها بين ذراعي وانا اشعر
باشياء غريبة تتولد في داخلي واعجز عن فهمها ..
ربما كنت قد تعودت دائما ان احمل بنات شقيقي سالم والاعبهما ..لكنني لم استطع ان افعل
ذلك مع هذة الطفلة ..ربما لانني اشعر ان فعلت ذلك انني اشارك منى في تحمل عواقب اشياء
كثييرة لا اريد لها ان تحصل ..فلقد عاد الي من جديد ذلك الشعور بانها تحاول ان تعوض
اشياء داخلها بعملها في رياض الاطفال ..والدليل انني احمل هذة الطفلة بين ذراعي ..كل ما فعلتة
هو ان ربت برفق على ظهرها الصغير ..ولم افطن لانني اضمها..كانت سارحا في افكاري..
دق قلبي بشدة عندما شعرت براسها على صدري ..يبدوا انها اطمأنت الي بسرعة قياسية..اهتزت يدي عندما احسست بخصلات
شعرها السوداء تلامس قميصي ..لقد كانت متعبة بحيث امالت راسها واغمضت عينيها بهدوء وكانها تعرفني ..ارتكزت على جدار الغرفة وانا اشعر بانفاسها تضرب عنقي ..
لم احرك ساكنا عندما شعرت بيدها الصغيرة جدا تمسك بطرف قميصي ..
كنت اضمها بشكل لا شعوري وانا لا زلت واقفا على ارض الغرفة..اغمضت عيناي وانا
اسمع دقات قلبي ..احساس غريب عندما تدرك ان هناك من يستكين على صدرك بعد ان كان يرتجف من الخوف ..شئ يجعلك ترغب بان تضمة بين ذراعيك طويلا ..
عندما عادت منى لم تتمالك نفسها من الابتسام وهي ترى الطفلة الصغيرة تغفو مرة اخرى .
تخللت كفها شعر الصغيرة وهي تهمس..
_المسكينة انها متعبة ...
ضممت شفتي بانزعاج وانا اسمع صوت الهاتف الخليوي يرتفع صوتة من مكان ما ..ارتجفت منى واسرعت الى حقيبتها ..
_نعم؟؟
_حقا حسنا لا باس لا باس!!
رايتها تعيد هاتفها الى حقيبتها وعلى وجهها شئ اشبة بخيبة الامل ..تنهدت بعمق وهي تنظر
الى حقيبتها ..ادركت ان شعوري لم يخطئ ابدا ..اعادت حقيبتها الى مكانها وعادت الي
_انهم والدا الطفلة سوف يحضران بعد قليل لاصطحابها..
مددت ذراعي اليها بالطفلة دون ان انبس ببنت شفة..تحسست مكان يدها الصغيرة وانا اخرج من باب الغرفة متعللا بذهابي الى دورة المياة ..
وقفت في الخارج قليلا وانا احرك سلسلة المفاتيح التي وضعتها على مكتبة التلفاز الكبير
في الصالة ..شعرت بغضب شديد وانا ادرك اخيرا انني قد انسقت الى تلك اللعبة التي
تلعبها منى دون ان تشعر ..دخلت معها الى نفس الدوامة التي تصر ان تغرق نفسها فيها كنت احرك السلسلة بعصبية وانا لا زلت اقف بجانب المكتبة..ليتني افهم مايدور في اعماقها .. ترى هل
كان هذا حادث متعمدا من قبلها ام!!!!فركت راسي بشدة هل من المعقول ان يصل بي
الحال الى هذا التفكير...منى امراة تتصرف على سجيتها ومن المستحيل ان تفعل شيئا كهذا ...
امسكت سلسلة المفاتيح بسرعة وانا اتجة الى الباب...فقد سمعت صوت الجرس الخارجي ..وهذا
يعني ايذانا بوصول والدي الطفلة لاخذها ...
انتظر ردودكم ....