كاتب الموضوع :
MALAK
المنتدى :
الارشيف
السلالم عليكم ورحمة الله وبركاتة ...اشكر لكم لمروركم وتشجيعكم مع انني كنت اريد تشجيع اكثر من الاعضاء ....
ولكنني اضعة بين ايديكم اعترافا لكم بالشكر ...اتمنى ان يعجبكم ....
((3))
بدات منى تتعافى جسديا ..اصبحت تتحرك بحرية اكبر ..اما من الناحية النفسية فلقد شعرت انها لم تعد كما كانت ..وكأن هناك شئ قد انكسر في اعماقها ..وكان شرخا سكن في داخلها ..في الحقيقة حتى انا لم اعد كما انا ...لم اعد صبور كما كنت ..كان من المفروض ان اجلس معها اكثر ..فهي في النهاية ام فقدت طفلها بعد طول انتظار ..
اصبحت كثيرا ما اغضب ..حتى زملائي لاحظوا هذا التغيير ..فانا لم اكن يوما عصبيا ..ولم اقدم يوما على جرح اي شخص ...
قالت لي شقيقتي(( مها ))انني لابد ان اكون اكثر ايجابية وتقربا من ((منى))فلقد كانت ((مها ))صديقتها والاقرب سنا من بين شقيقاتي الثلاث اليها ..
فكرت ان اصطحبها الى احدى الاماكن التي كنا نرتادها دائما ..علها تشعر ببعض الراحة ..على الرغم من انني لا املك اي رغبة في الخروج او التنزة ..ولكنها الطرف الاضعف ..لقد تاذت على الصعيدين النفسي والجسدي ..مهما يكن فان خسارتي ومعاناتي اهون من معاناتها ...
عندما عدت من العمل في ذلك اليوم ..عزمت على ان اخرجها من الجو الكئيب الذي تعيشة ..لابد لي ان افعل شيئا ..فان تركتها هكذا فانها سوف تدوي وتذوب سريعا
كالشمعة ..تلفت في ارجاء المكان ..كل شئ يبدو نظيفا وبراقا ..تسائلت اين من الممكن ان تكون ..كان الغذاء جاهزا معد لي في المطبخ ..لم تترك اي شئ ...كان كل شئ جاهزا...
منذ ان عرفتها وهي لا تترك هذة العادة لقد كان عملها في المنزل هو اللذي يريحها دائما وينعش روحها الا هذة المرة ..فانا لا اظن ذلك ابدا ...
خمنت انها لابد ان تكون في غرفة النوم ..ربما تكون مستلقية ..تسللت بخطوات وئيدة عابرا من المطبخ الى غرفة النوم وانا احاول ان لا اصدر ازعاجا على ارضية الرخام اللامعة ..اقتربت من الباب ووضعت يدي برفق على عروتة..ادرتها وفتحت الباب بهدوء ..كانت الاضاءة خافتة ..ادرت عيني كانت ترقد على الفراش
عيناها كانتا مغمضتين ..لابد انها شعرت بالتعب فخلدت الى النوم ..نظرت الى ساعتي انها الساعة الخامسة مساء ...
حسنا مادامت ترقد على فراشها فلادعها ترتاح قليلا ..عندما هممت ان اغلق الباب ..سمعت صوتها خافتا ينادي باسمي ..عاودت النظر اليها من خلال فرجة الباب
هل كان هذا صوتها ام ماذا ..وجدتها وقد اعتدلت على السرير وقد بدى شعرها الحريري مشوشا قليلا...
((هل اجهز لك الغذاء))...قالت لي ذلك وهي تحاول ان تفتح عينيها بسبب الضوء الاتي من الخارج ..لم اجبها على ذلك فتحت الباب اكثر وتقدمت الى زر المصباح ..وكبست عليه لتسبح الغرفة في ضوءة..اغلقت عينيها بقوة وهي تقول ((الضوء ساطع))...
اقتربت منها اكثر جلست على طرف السرير قربت يدي اليها مسحت على شعرها وانا احاول ان ابدا حديثا اعتزمت ان اقوله لها ..كانت ترخي براسها لا اعرف على اي نقطة كانت تركز بالضبط ..رفعت ذقنها الى مستوى نظري ..كانت نظرتها شاردة وهي تنظر الى لثواني ..ما لبثت ان اعادت نظرها لتركز على بقعة مجهولة ..((ما رايك ان نخرج اليوم))....
لم تجبني مباشرة شعرت انها تفكر في كل حرف تريد ان تنطق به ..ربما لم تكن تريد ان تسبب لي الضيق والاحراج ..قالت ((الى اين))..
((لا يهم المهم ان نخرج معا كالسابق ))لم اشعر انها تريد ذلك ..احسست انها تريد ان تبقى كما هي ..وكانها تحيط نفسها بسياج منيع وتحبس نفسها في الداخل ....
ارتدها ان تتكلم تقول كل الذي يترسب في اعماقها تخرج كا اللذي يسبب لها الالم ..لتعود ((منى))كما كانت ..
امسكت بكلتا يديها قلت بود((انا لا اقبل اعذارا ))..رغم انها تحركت بصمت الى خزانة ملابسها لكنني شعرت ان محاولاتي ربما تبوء بالفشل ..ربما كانت تريد ان تجنب نفسها مشقة الحديث ..لا رغبة لها في خوضة...
كنت انتظرها خارج الغرفة عندما رايتها تخرج منها كانت ممسكة بوشاحها الاسود تلفة حول وجهها الصغير الشاحب ..لا اعرف لماذا بدت لي ان وجنتيها قد برزتا الى الامام ..وان عينيها قد فقدتا شيئا لا ادركة ..نهضت سريعا واتجهت لها وضعت يدي خلف ظهرها ...وخرجنا معا ...
وجدت ان الجو في تلك الليله يبدو ربيعيا لطيفا فكرت اولا ان آخذها بجانب البحر ...ومن ثم نذهب الى مطعمنا المفضل لنكمل سهرتنا ..فهي تحب جو البحر كثير..
كانت كثيرا ما تقول لي ان البحر اقرب شئ الى نفسها هذا طبعا في المرتبة الثانية ..اما المرتبة الاولى فكانت تردد انها لي دون منافس ..
كانت حمرة الشفق لا زالت تزين السماء ..بدت الشمس الغائبة تكتسب ذلك اللون الناري الجميل ..لم نكن نسمع الا طيور النورس تحلق فوق رؤسنا ..شعرت بها تنكمش الى جانبي ..يبدو ان نسمات الهواء الباردة نوعا ما قد جعلتها تشعر بالبرد..احطت كتفها بذراعي وانا احدق الى السماء التي اكتست لونا قانيا .. ..
صوت امواج البحر جعلني اندمج معة تماما ..في صوتة امرا كان ولا زال يحيرني ..ينساب عذبا رقراقا الى النفس فيجبرها على اخراج خباياها ولواعجها الكامنة
وكأن البحر العميق والكبير اتساعا يستحثك على افشاء ماكان مختبئا داخلك طويلا ..انه كالصديق الحميم ..لا يجبرك على البوح ولكنه يهيئ لك ذلك ..
كانت ((منى ))لا زالت مستكينة الى جانبي كلانا كان يبحث عن الكلام ..مع اننا كنا دائما ما نستهلك اوقات خروجنا كلها في الكلام والضحك ..كنا نضحك معا وكاننا اطفال صغارا ..لا يوجد في نفوسنا ما يكدرها او يسبب الحزن والضيق لها ...
كنا نستثمر كل لحظاتنا معا ..لم نكن نضيعها ابدا ..حتى ان زملائي تبدو الدهشة في وجوههم عندما اذكر لهم ذلك..فبعضهم يشعر بالملل بمجرد مرورسنة واحدة على الزواج ..كنت اهز راسي واقول مساكين لا يشعرون بالسعادة ..ان السعادة ان تشعر ان هناك انسانا يكون هو الاقرب اليك ..
يملك مساحات شاسعة من قلبك وروحك ..يشاركك في كل شئ حتى انفاسك ..حتى افكارك التي تقبع في اعماقك..قطبت جبيني عندما وصلت افكاري الى هذة النقطة
لماذا اشعر بفراغ كبير لم اعد اشعر ان هناك ما يملئ علي حياتي ..ماللذي حدث لي لكي اشعر بالوحدة ..رغم وجود زوجتي التي كانت دائما تشغل قلبي بحبها ...
شعرت بالضيق اننا نعيش وكاننا غرباء تحت سقف واحد ..وكاننا نجهل بعضنا البعض ...وكان انفاسنا لم تتلاحم يوما ما ...انني اسئل نفسي بحيرة لماذا بات كل ما يملئ اعماقي هو مساحات شاسعة واسعة من الفراغ ...احسست بيدها تضغط على كتفي ..مال راسها اكثر وهي لا زالت تنظر بشرود الى الشمس الغاربة ...سكنني شعور بالذنب اريد ان اقترب منها اواسيها ..اريد ان اشعر بها لاخفف عنها لكنني عاجز عن ذلك ..
كان الظلام قد بدا يزحف سريعا ..تحولت حمرة الشفق الى لونا قرمزي جعلني اشعر بوحدة فضيعة ..لا زال البحر تتراقص امواجة ويتهادى البنا صوت تكسرها ...شعرت بالرطوبة تتسلل الى اطراف اصابعي ..نظرت الى قدمي وجدتها وقد تجمعت حبات الرمال على اطرافها ..كنت اريد ان اتحرك من هذا المكان
فالليل بدا يسدل استارة وزوجتي ساكنة هادئة الى جانبي ...
ولكن هناك ما كان يبقيني ويجبرني على الاستمرار في الشرود
والتفكير بعيدا ..ربما في تلك اللحظات شعرت انني اريد ان ابقى تحت الظلام ...ربما خشيت ان ينكشف ما باعماقي عندما تصافح عيني الاضواء ...بت لا اعرف نفسي ...فانا من اقترح عليها الخروج رغبة في الترفيه ..وهانا اراوح مكاني لا استطيع ان اتقدم خطوة واحدة ...
حملت نفسي على النهوض متثاقلا ..نفضت ثيابي الرطبة وانا احاول ان اوازن نفسي ...كانت تقف الى جانبي ويداها تعبثان بغطاء راسها اللذي بدا يتراقص بفعل نسمات الهواء ....
لم اتبين ملامحها فالظلام حالك ..وكانت تدير راسها الى الجهة الاخرى ..امسكت بيدها برفق وحثثتها على السير اردت ان اخذها الى مكان هادئ وجميل كما وعدتها ....
استقرت بجانبي في السيارة ...عندما ادرت المحرك كانت تلك التساؤلات المزعجة لا زالت تسكن راسي وتسبب لي صداعا اضافيا ...نظرت الى الطريق الطويل امامي ...كنت عازما على فتح الموضوع معها ..حاولت ان اكون شجاعا ...كنت احدث نفسي طوال الطريق
وانا اتمنى ان لا تخونني شجاعتي ..فربما يتخلص كلانا من الترسبات العميقة في نفسة اذا فتح كلا منا قلبة ...لابد ان يحدث هذا ....
في المطعم الهادئ اللذي اعتدنا ان نقضي فيه دائما ليالينا الرومنسية ...مشينا متخطين الطاولات المتناثرة هنا وهناك ...كانت الاضواء خافتة ...والجو بدى لي اكثر برودة...سارت معي ممسكة بيدي وكانها تخشى ان اتركها ...استقبلنا العامل هناك بابتسامة مهذبة ...قادنا الى طاولتنا التي اعتدنا ان نجلس عليها ..القيت نظرة متفحصة على المكان ...كان هادئا بالفعل ...
شعرت ان اعصابي قد هدات قليلا ..لم يعد في نفسي المزيد من التوتر ...اخذت نفسا عميقا وانا القي نظرة اخيرة على الستائر الحمراء المخملية ...تسلل الى مزيدا من الارتياح عندما رايت تلك الابتسامة الخفيفة على وجة زوجتي ((منى))..لابد ان لها ذكريات جميلة في هذا المكان ...هززت راسي لا شك ان هذة الذكريات تخصني ايضا ...
عندما سالتها وانا انظر الى قائمة الطعام متفحصا عن رغبتها ...
اجابتني انه لا باس باي شئ اطلبة ...مططت شفتي وانا اعاود تفحص القائمة في الحقيقة كنت اتضور جوعا ....
انهيت طلباتي ودفعت القائمة الى الجرسون الواقف الى جانبي
هز راسة باذب وتوارى سريعا ....
((لماذا لا تاكلين))سالتها وانا التهم طعامي الموجود امامي ..فانا اعرف انا هذا الصنف المفضل من الطعام بالنسبة لها ...
كانت تمسك بالشوكة بيدها مستندة على الطاولة بيدها الاخرى ...لم يتغير شئ من الطعام ..لاحظت انه قد بقي على حاله ...((انه طعامك المفضل))رفعت نظرها الي قائلة بشرود((انني اكل لا تشغل بالك ))ثم عادت سريعا الى طبقها كانت يدها تعبث بالشوكة دون ان تمس الطعام...توقفت قليلا وانا انظر اليها كنت لا ازال امضغ طعامي ...شعرت بالحيرة اتجاهها تملكني الاحساس بالخيبة كنت امل ان يساعد هذا الجو الهادئ على ادخال بعض البهجة الى نفسها ..عندما رايتها تبتسم قبل قليل ظننت انها قد بدات تخرج من قوقعتها التي تحبس نفسها داخلها ...قلت لها محاولا ان اخفف عنها((منى ان ما تفعلينة لا يجدي نفعا يا عزيزتي))لم تبدي اي ردة فعل فقط اكتفت في التحديق الى النافذة دون ان تنبس ببنت شفة ...تنهدت للمرة الالف لايمكن ان يستمر الحال على ماهو عليه ..فان كانت قد فقدت جنينها ..فانا ايضا خسارتي كبيرة بفقدة ..فلقد كنت انتظرة بلهفة ..كان الجميع ينتظرونة لم تكن وحدها الخاسرة ابدا ...قلت لها وقد بدا صوتي متوترا((لم تكوني الخاسرة الوحيدة))..كنت انتظر جوابا منها تركت ما بيدي وانا انتظر ان تنطق بكلمة واحدة ..
اردت ان تخرج من عالمها ..ان اقضي على صمتها القاتل ...
((الامر مختلف تماما))قطبت حاجبي وانا اضم شفتي ..ما معنى ماتقولة لماذا تلقي علي بعباراتها الغامضة تلك ..ماذا تعني بكل ذلك لم اعد املك المزيد من الصبر ..((ماذا تقصدين))..قلت لها هذة الكلمة ولقد بدا صبري ينفذ فعلا ...((سعيد ..........انا السبب في كل ذلك))اعتدلت في جلستي اسندت ظهري الى الوراء وانا لا ازال انتظر ....كان صوتها يبدو وكانه ياتي من وادي سحيق ...بدى خافتا مهزوزا ولكنني سمعتها اخير تقول((انا من قتلة ...صدقني))..ازدادت دقات قلبي بشدة ..بقيت جامدا بينما داخلي مضطرب كعاصفة هوجاء لا تهد ابدا ....ماذا تعني بذلك ....
|