-2-
طفله غير مسؤوله
ذلك المساء حين وضعت السيدة اوكيف في فراشها اعربت لها عن تمنياتها ان تكون سعيدة باقامتها معها ..كانت عينا العجوز تلمعان ببريق دافئ وهي تتحدث الى منيرفا وهذا مالاحظته منذ وصولها وندشلتر
- واضح انك تحبين المزرعه جدا
تنهدت المراة في اوائل الستينات من عمرها برضى : اوة اجل لقد احببتها لحظه وطأتها قدماي وسأبقى على حبها حتى مماتي . اتعلمين ان عائله اوكيف تعيش فيها منذ اربعه اجيال ؟ هزت رأسها نفيا :
- اخشى ان السيد غرايتنغ لم يبلغني الكثير عن تاريخكم.
- اجلسي عزيزتي وسأقص عليك ما شئت . ربتت على الفراغ من السرير الى جانبها حين جلست منيرفا تابعت الكلام :
منتديات ليلاس
- حين مات والد زوجي الراحل ورث زوجي و اخاة وندشلتر لكنهما سرعان ما اكتشفا ان من المستحيل ان يتعاونا معا في ادارة المزرعه ... فزوجي عامل نشيطا لا يكل بينما اخاه كان كسولا طائشا لايهتم بشي وهذا الواقع هو الذي دفع الى قسمه المزرعه وكان زوجي المحظوظ احتفظ بقطعه الارض التي تحتوي على المنزل الاصلي وبنى اخاه لنفسه منزلا في ارضه يدعى بيشوب ستون ومنذ تولى ماركوس ادارة المزرعه بعد وفاه ابيه تضاعف حجمها ضعفي الحجم الاصلي .
- ومزرعه بيشوب ستون ؟
- بقيت كما هي من منذ تأسست ....فابن اخي زوجي ستيفن يشابه اباه المسكين ,انه كسول وطائش لكني احبه ولا استطيع ان امنع نفسي من الشفقه عليه , حاول ماركوس مساعدته لكن ستيفن تغاضى عن محاولاته واستمر في الحياه كما هو .
تراخى رأس العجوز الى الوسائد واغمضت عينيها فقالت منيرفا : حاولي ان تنامي سيدة اوكيف.و تمنت لها ليله سعيدة وغادرت الغرفه لكنها سرعان ما كادت ان تصطدم بماركوس في الممر الخارجي , طوله الفارع وعرض كتفيه كانا كافيين لجعل اعصابها تتوتر .... وسألها بصوته الخشن :
- هل نامت امي؟
- ليس بعد سيد اوكيف , بامكانك الدخول لكن لاتبقيها مستيقظه كثيرا فهي تحتاج للراحه
لسبب مجهول اقلقها ان يكرهها هذا الرجل لقد جاءت الى هنا لعمل محدد ... وحين تنتهي مهمتها سترحل .... خلال ساعات قليله اكتشفت عوامل محددة في شخصيتها صدمتها ... ثقتها الهادئه بنفسها سالت في صحوة غضب لم تكن لتحلم انها قادرة على الاحساس به , هذا الغضب كاد يدفعها الى عنف كانت متأكدة انه غريب عليها ... واستدارت في فراشها لتطفئ المصباح القريب .
غرفه الافطار كانت واسعه مشمسه ولم تستطع منيرفا الا ان تعجب بالطاوله الخشبيه الصفراء واخذت تتلمس سطحها الصقيل باصابعها لكنها سرعان ما رفعت وجهها لترى ماركوس يراقبها من تحت حاجبيب سوداوين كثيفين مقطبين فقالت معلقه بصدق وهي تخفض يديها الى حجرها تحت الطاوله : لديك اثاث رائع في منزلك .
لكن ردة لم يتركها تشعر بالراحه اذا قال ساخرا : كلها قطع منتقاة و غاليه الثمن , جمعت عبر الازمان .
قالت ايفوري اوكيف شارحه : والد زوجي استورد عدة قطع من اوروبا في السنوات التي كانت فيها تجارة الخيول مزدهرة .... هذة الطاوله مثلا اشتراها منذ اربعين سنه حين كنت واياه في شهر العسل
- لا يستطيع احد التصديق انها قديمه هكذا
رد ماركوس ساخرا مرة اخرى : هذا لان والدتي تعتني بكل قطعه من الاثاث و كأنها الكنز الثمين
ردت ايفوري وكأنها تدافع عن نفسها : هذا لاني احب الخشب .. أي نوع منه
امتدت يد ماركوس الضخمه لتمسك يد امه : اعرف هذا يا امي , ولسؤ الحظ لا يشاركك الكثيرين حبك لما تقدمه الطبيعه .
ابتسم ابتسامه لامه فعلت الاعاجيب في منيرفا .... القساوة المتحجرة في عينيه استبدلت بدفئ حنون لكن التحول هذا كان قصيرا ورفضت ان تفكر بما قد يحدث لها لو قرر ان يبتسم لها هكذا يوما ما .
من كرسيها المتحرك اخذت ايفوري تصدر التعليمات الى الخدم و تتفقد المؤن ثم راقبتها وهي تديرالكرسي نحو الشرفه كي تطل على الحدائق و الحقول وراءها ولم تستطع منيرفا الا ان تحسدها على هذة الجنه التي تدعوها بيتها . وصل ماركوس من عمله في المزرعه في الوقت الذي كان الخدم يقدمون الشاي فيه وطقطقت كرسي الخيزران تحت ثقل جسمه وهو يجلس على مسافه غريبه من منيرفا وصب لهما الشاي ولنفسه ثم جلست تصغي لحديثه مع امه لكن حديثهم توقف لوصول سيارة بيضاء رياضيه وقفزت فتاة صغيرة لها شعر اسود طويل وجسد انيق جميل الحنايا من السيارة لتسير بخفه فوق السلم الحجري نحوهما , كانت في العشرين من عمرها تقريبا وعيناها بلون بني فاتح و فمها الاحمر الشهي منفرج بابتسامه كانت موجهه لماركوس فقط الذي جلس يراقبها بابتسامه خفيفه .
- يبدو اني وصلت في الوقت المناسب لشرب الشاي , وجذبت كرسيا لتجلس بجانب ماركوس .... ثم توجه نظرها الى ايفوري : رائع ان اجدك في منزلك سيدة اوكيف
لكن منيرفا احست بشئ من عدم الصدق في صوتها واجابت السيدة :
- شكرا لك لويزا ... اقدم لك الانسه فارلاين , منيرفا هذة لويزا ماكجيل , مزرعه والدها لا تبعد كثيرا من هنا .
تبادلت الفتاتان التعارف بادب ثم قالت لويزا :
- اعذرني ماركوس ان كنت مخطئه كنت اظن انك طلبت خدمه ممرضه مسنه .
التوى فم ماركوس ساخرا وجالت عيناة الزرقاء فوق منيرفا وهو يقول :
- وذا ما كنت اظنه تماما لكن خالي قرر العكس . قاطعته امه بحدة:
- وانا مسرورة بهذا
خلال الصمت الذي تلا احست منيرفا بنوع من العداء بين الفتاة و المراة ... سرعان ما التفتت لويزا اليها مبتسمه : عذرا انسه فارلاين لم اكن اقصد ان اكون فظه
- لم يزعجني هذا انسه ماكجيل ,,, فانا اعي تماما واقع اني لست كما كان يأمل السيد اوكيف ان اكون
لاحظت لويزاء نظرة العداء التي اطلقها ماركوس نحو منيرفا فشدت انتباهه بسرعه و سهوله : حبيبي هل كنت جلفا مع الانسه فارلاين ؟
وقف فجأة وقال : اشربي الشاي .. لدي شئ اريك اياة
بوزت لويزا بشكل جميل : انت مستبد ماركوس ولست ادري لماذا اتحملك
رد باقتضاب حاد : قادمه ام لا ؟
وابتعد الى السلم الموصل الى الممر الخارجي , بسرعه ابتلعت لويزا ما تبقى شايها ووقفت : انا قادمه .. اراكما لاحقا . وسارعت لتتعلق بذراع ماركوس ويختفيان وراء المنزل . فقالت منيرفا : انها جميله
- ومغرورة ... فأنا اعرفها منذ كانت في السادسه من عمرها ولا استطيع ان اقول اني احببتها يوما
- لكن ولدك يبدو مولعا بها
انها الفتاة الوحيدة التي تمكن من التساهل معها منذ....صمتت ايفوري فجأة وهزت رأسها الرمادي : صبي لي فنجان شاي اخر ولنتحدث عن امور سارة .
لويزا ماكجيل الفتاة الوحيدة التي تساهل معها منذ ... منذ ماذا ؟ ... عدة احتمالات تصاعدت الى راس منيرفا لكنها قررت اخيرا ان الامر لايعنيها . بعد ظهر اليوم وصل زائرن اخران وقدمت منيرفا الى كاتلين اوكيف وابنها ستيفن , كان ستيفن طويى نحيى اسمر البشرة وفي عينيه الرماديتين نظرة جوع كانت تلاحق منيرفا كيفما استدارت ... بدايه لم تكن تدري اتشعر بلاطراء ام بالحرج لكنها قررت اخيرا على تجاهله قدر الامكان . خلال تناول الشاي جذب كرسيه مقتربا منها :
- اخبريني منيرفا هل قمت سابقا في مزرعه مواشي ؟
- لا ابدا
- ولا اظنك بعد قد تمكنت من التجول فيها ؟
- لا .... لم يتح لي الفرصه بعد
- يجب ان تطلبي من ماركوس ان يريك المزرعه فليس هناك أي شي عن الخيول والمواشي لا يمكنه من اخبارك به
- انا لن احلم ابدا ان اتطفل على وقت السيد اوكيف هكذا , اضافه الى هذا ..... انا مشغوله جدا
- بكل تأكيد لديك وقت لنفسك خلال النهار ؟
- يبدو انك نسيت سيد اوكيف اني وصلت البارحه فقط
- اجل نسيت .... وسيشرفني ان تناديني ستيفن .. وفري السيد اوكيف لماركوس
رفعت نظرها فجأة لترى ان ماركوس يرمقها بعدائيه ولسبب لا تعرفه ابتسمت للرجل الجالس بجانبها بدفء اكثر مما كانت تنويه : شكرا ستيفن . تشجع ستيفن ليقول : ارجو ان تقبلي دعوتي في الذهاب معي الى بيشوب ستون في يوم قريب ؟
ترددت لكن لوقت قصير : سأحب ذلك
فيما بعد ذلك المساء وحين تركت منيرفا السيدة اوكيف مرتاحه في فراشها تابعت ماركوس في الممر خارج غرفه امه لكنه بدلا من ان يفسح لها الطريق اوقفها : هل وجدت ابن عمي مسليا ؟
- وجدته ودود و مؤدب
- ستيفن ودود ومؤدب نحو أي شئ يرتدي تنورة , ويجب ان احذرك مع هذا انع لايعتمد عليه وليس ذلك اللقطه الماليه
تصلبت منيرفا على الفور واحست ببرودة تجتاحها : شكرا للتحذير لكنه غير ضروري .
سخر منها : اتظنين هذا ؟
- لا اظن هذا فقط ... بل متأكدة منه
- انت اذا تأملين في اصطياد سمكه اكبر .... هه؟
- مالذي يجعلك متأكد هكذا سيد اوكيف , بانني اسعى الى اصطياد رجل لنفسي ؟
- اصطياد احمق مسكين وتعليقه بحبل هو اساس وجود النساء ........
- لك رأي سئ بالنساء عموما سيد اوكيف ام ان هذا رايك بي لوحدي؟
- كل النساء سواء ..... يظنون انهن حين ينشبن مخالبهن في رجل يستطعن فعل ما يشأن فيه
- وهل اوصلتك الانسه ماكجيل الى درجه التي تفعل بك فيها ما تشاء
ساد صمت متوتر ومتفجر تركها متساؤل عما اذا كانت تمادت اكثر من اللازم , ثم قال ببرود : أرجوك اتركي لويزا خارج نقاشنا انسه فارلاين
- وهل لي ان افهم ان رايك الضيع بالنساء يستثنيها ؟
- لويزاء فتاة مميزة جدا
- هذا ما يبدوا
ارتسم شبح ابتسامه على شفتيه : هل استشف السخريه في صوتك انسه فارلاين ؟
ردت ببرود : لم تكن السخريه في نيتي سيد اوكيف .... والان لو تسمح اريد الصعود الى غرفتي
بدا لها للحظات انه سيتجاهل طلبها لكنه تنحى جانبا فصعدت الى السلم بسرعه لكنها كانت تحس بعينيه تحرقان ظهرها الى ان ابتعد عن انظارة .. وادركت ان من المستحيل تجنب شخص مثله وهي تعيش تحت سقف واحد معه والسماء وحدها تعلم كيف ستتمكن من تحمله في الاسابيع القادمه . بعد تاكدها من راحه مريضتها وحصولها على كل ما تريد في الصباح الباكر خرجت منيرفا وبناء على الحاح ايفوري تتمشى نحو الحظائر حيث وجدت كوبر يتفحص اكواما من رزم عشبه الغصه المخصصه للعلف .... رفع قبعته العريضه عن راسه حين تقدمت اليه :
منتديات ليلاس
- صباح الخير انسه
- صباح الخير كوبر
- لماذا لايوجد سوى ثورين في الحظيرة ؟
- اخرجهم الرعاه الى الحقول انسه ..... انه موسم التزاوج ... في هذا الوقت يكون الثور مؤذيا اذا حوصر بالسياج , قد تنشب بين الذكور معارك يمكن ان يقتل فيها واحد او اكثر ..... لذلك نتركها لوحدها في الحقول وهذان بقرة وثور وليسا ثورين
- وهل هي مؤذيه الى هذة الدرجه ؟
- آنستي لقد شاهدت في ايامي ثورا يمزق امعاء رجل .... لذلك يجب ان تبتعدي عن امثاله ايام التزاوج فهو خطير
تحول اهتمام منيرفا الى الى الثور و البقرة داخل الحظيرة . البقرة كانت مخفوضه الراس ترعى وبدت انها تحاول لفت انتباة الثور الذي استجاب بسرعه وتقدم وهو يخور لكنها كمعظم الاناث اظهرت عدم الاهتمام وابتعدت عنه فاسرع خلفها .
هب هواء خفيف بارد وقبل ان تستطيع شيئا طار الشال عن كتفيها ودفعه الهواء داخل الحظيرة ولو كان أي شال اخر لما اهتمت لكنه كان اخر هديه من غاي قبل موته ولا يمكنها تركه ليتمزق تحت اقدام المواشي . كان الحيوانان عند مؤخرة الحظيرة وبحساب بسيط للمسافه قررت ان من السهل استعادة الشال و العودة الى البوابه ودخلت .... لكن الثور كان سريعا في رؤيه الشال الملون الملقى على الارض فرفع راسه متوتر يراقبه ولكن الوقت كان قد فات لمنيرفا لتتراجع وقررت انها لا تزال قادرة على استعادته
- انسه ! انسه منيرفا اخرجي بسرعه
كان كوبر يصيح من مسافه عنها لكنها تجاهلته عمدا واسرعت الى الشال والتقطته عن العشب .... لا يمكن ان يكون الثور لم يشاهدها بعد فتقدم منها مهددا رافعا اذنيه ضاربا الارض بحوافرة سرعته كانت لاتصدق وشلها الخوف ,,,, وقفت هناك دون حراك تواجه الثور المنقض وشالها الملون بيدها وقلبها يعلو حتى يصل الى حلقها
- اركضي يا انسه ...... اركضي
صوت كوبر المرتفع الحاد حرك اطرافها فنظرت نظرة اخيرة الى الثور ثم ركضت وكأن الشيطان بنفسه يجري بأعقابها ثم وجدت كوبر امامها وبيدة غصن شجرة كبيرة يلوح به في وجه الثور
- قفي خلفي انسه ! قفي خلفي
احست بضجيج اذنيه وللحظات ظنت انه سيغمى عليها لكنها فعلت ما قاله لها وباعجوبه اوقف الثور عند حدة بتلويح الغصن بوجهه بينما اخذ يتراجع و يدفعها خلفه نحو الامان وعلمت انها واجهت الموت لبضع لحظات بسبب عملها الارعن ...... لكنها واجهت نوعا اخر من الموت حين قبضت يد ضخمه على ذراعها وشدتها جانبا وصاح ماركوس راعدا : تأكد من اقفال الباب بأحكام يا كوبر
دون انتظار تنفيذ اوامرة قاد منيرفا بخشونه نحو شجرة بعيده قليلا وما ان اصبحت تحت فيئها حتى اوقفها بحده وادارها نحوة :
- ماذا كنت تفعلين بحق الشيطان ؟
- انا اسفه ....... لكنني .... استطيع التفسير ........
- انا منتظر!
مرتجفه من راسها حتى اخمص قدميها قالت : طار الشال عن عنقي الى الحظيرة والحيوانان كانا يرعيان بعيدا ففكرت ان من الامان التسلل بسرعه لاستعيدة. تفسيرها وقد اصبح كلاما بدا لها سخيفا ولابد انه فكر بهذا ايضا فنظر اليها باحتقار : اذن ظننت نفسك قادرة على التفوق على سرعه الثور التي تصل الى اكثر من اربعين كيلو متر في الساعه ؟
- لم افكر بهذا....انا اسفه
- وما هو المهم في هذا الشال على أي حال ؟
- انه ........ هديه
امسك بكلتا ذراعيها واخذ يهزها حتى احست ان عنقها سينكسر و صاح: اتدركين ان عاطفتك الغبيه كادت تكلفك حياتك ؟
ردت بصعوبه : انت ........ انت تؤذيني
عضت شفتيها لتمنع نفسها من البكاء فتركها فورا بقوة ارسلتها الى الخلف تتعثر حتى اصطدمت بجذع الشجرة وصاح آمرا : ارجعي الى المنزل ...... واذا كنت ستتصرفين كطفله غير مسؤوله اقترح عليك ان تبقي بعيدة عن الحظائر في المستقبل .
احست انها بلهاء تماما لكنها تعلقت بم تبقى من كرامتها و شجاعتها المشتته فسارت منتصبه نحو المنزل تحس ان عينيه الحارقتين اللامعتين المحتقرتين تلحقان بها في كل خطوة متعثرة تخطوها