كاتب الموضوع :
brune
المنتدى :
القصص المكتمله
مرت الأيام بحزن وسحب الفصـول.. كاهو الشـتاء يشـرف عليـهم.. واقبـل شهـر الله محمل بالنسائم الباردة الخفيـفة.. تجدم رمضـان هالسنة الى بداية شهـر 11.. وكانت التحضيـرات في البيوت على اوج في انتـظار واستقبال هالشـهر الكريـم.. وفاتن اللي فكرت تراسـل الجامـعة تخبرهم بانسـحابها من البرنامج البعثي.. لانها ما راح تتحمل السـكن في ذيج المنطقة مرة ثانية وين ما تكون حزينة.. الحين مساعد ماله سلطة عليها واهي تقدر تعيش ويا أهلها مثل ما تتمنى... لان أهل هيام بيردون اميـركا عن الجريب العاجل.. وياهم زياد اللي راح يتزوج هيـام مع مطـلع السنة اليديدة..
سمـاء اصبـحت مقيـمة رسميـة في بيت ام جـراح.. وخالد طـلع من البيـت وراح سكن ويا خالته عزيزة.. مع ان بيتها تقريبا بعيـد عن بيت ام جراح الا انه ما تذمر.. ففكرة تواجد سماء في عهدة خالته تريـحه اكثر من اي شي في هالدنيا.. وتمنى بس لو انها كانت اكبر شوي عشان يتقدم لها.. لكن اهي اخوها اللي توفى مو ابوها.. وفي قلبه الخوف جايس لو انه مثلا ايي ويطالب بسماء محد يقدر يرده ويقدر ياخذها معاه اي مكـان ويظل خالد مكانه من غير اي حركة.. ويا كـثر ما كانت تخرعـه هالفكـرة..
سمـاء كانت حالتها النفسية مستقرة وسط الاجواء العائلية مع ام جراح.. صج انها ما كفت صياح على اخوها .. الا ان اللحظات الللي تبجيها الحين اقل من قبل.. وما تبجي الا اذا لقت شي يذكرها فيه.. فجراح صار لها اكثر من الأخ اللي يمـكن تعتمـد عليه بحياتها.. ومناير وام جراح وفاتن ولا ننسى خالـد اشبه بالعواميد العريضة المتينة بحياتها..
اما جراح فهو يحاول انه يكظم نفسـه عن مريم ويحـاول يتناسى الضنا اللي فيه عليها.. او انه يحاول يموت اللي فيه.. لان اشياء كثيرة قاعدة تصير تمنع الاثنين من بعضهم.. وفجأة صار الشي متعب اكثر من اللازم.. اذا هالكثر عراقيل ومصاعب ملازمة الشي فمعناته ان الله مو راضي عليـه..
مسـاعد حالته تتأزم يوم عن يـوم.. مع انه يطـلع وايي ويروح ويرد.. حتى السيارة بدى يتعلـم عليـها.. عشان ياخذ مواصلـاته بنفسه.. الا ان طيف فاتن ما فارج عيـونه.. ولا عيـونها الحزيـنة اللي كانت تنشده عند باب المطبخ في بيتهم ذيج الليلة.. لكن فات الآوان على اي شي اهو يمكن يسويه. .ألا اذا معجزة من رب العالميـن بتنزل وتعدل الأوضاع..
وكـاهي المعجزة في تحقق.. الكتيـب كمل ونسخ كبيـرة منه جهزت.. وصار الكتاب في اوج الاستعداد للانطلاق الى عالم الحقيـقة وين ما يلمـس شغاف قلوب الناس.. وصارت جلسة تجربة للي مكتوب من قبل كتاب (من غير ذكر اسماء) وادباء في البحرين.. وكلهم عطوا الموافقة او المباركة لنشـر الكتاب للاشعار الجميلة اللي يحـتويه..
عنوان الكتاب كان (ما بعد الحبـ .. رسائل عشـق) والغلاف يحمل غلاف فني التصمـيم.. وماتقدر مريم تكون اكثر من راضية وممتنه.. مع ان الشغلة كلفتها الكثـير.. الا انها بتلاقي الرادي اللي يخليها تعوض ويصير فائض عندها .. لكن المادة ما تهم اهم شي الاثر العميـق اللي بينشره هالكتاب ان شاء الله في نفس الاثنين..
اتفقت على يوم النشـر الا وهو بعد يومين من اليوم الحالي.. وشكثر كانت مريـم متوترة على هالشي وخايفة بعض الشي من ردة فعل مساعد لو عرف.. لكن اهي راح تضمـن سلامتها في الوقت الحالي لان الكتاب كتب عليه بتجميـع: فاعل خيـر..
مناير وهي متحمسة بالسيارة: واااااااااو السالفة حدها كشخة.. تعرفيـن.. احس ان مسـاعد وفاتن راح يردون لبعض
مريم وهي فرحانه بفرح مناير: الله يسمع منج منور.. الله يسمع منج.. لان ان ما صار شي من اللي انا متوقعته واتمناه من هلشي بصير فيني شي لا محال..
مناير: اذا انتي بصير فيـج شي.. انا بمووووت..
مريم: هههههههههههههههههههه وانتي شلج بالموت؟؟؟ صلي على النبي بلا سوالف تقرف البدن.. خلينا الحين بس نفكر باللي يمكن نقوله.. النشر بعد يومين.. حاولي ويا خالتي انها تخليـج تطلعـين.. من الساعة ثلاث الى الساعة خمس..
مناير: اوكيــــك. لا تحاتين.. محسوبتج مو مدمغة.. باتدبر عمري.. انتي بس عطيني نسـخة
مريم بخوف: لااااا شنو اعطيـج نسـخة.. خلي الكتاب ينزل قبل.. جذي بتكشفينا
مناير: لا ما بكشفنا ولا شي.. ابي اقراه انا بعد .. ابي اعرف شاقول يوم المؤتمر ..
مريم وهي تحس ان مناير متفرغة: فراغة صراحة.. يالله روحي ما بعطيج..
مناير: عطيني لا فظحج..
مريم: هههههههههههههه..بعطيج بس ها.. محد يشـوفه..
مناير: اوكيـك.. فظحتينا عاد.. (خذت مناير النسخة من جنطة مريم).. والله ان هالكتاب بيهز عالم العشق.. شكسبيــر احذر من مساعد..
ممريم وهي توقف عند باب بيت ام جراح بضحكها: مالت عليـــــــج يا منور تتطنزين على اخوي..
مناير: من صجج انتي.. صلي على النبي.. والله مو قصدي ترى بس الاشعار اكيد حلوة (اتفج صفحة وتقرى اللي فيها ).. احيانا قريب واحيانا بعيـد يلقطك نظري .. قوليلي يا حبيبتي اين اركن كي اجد دربي لك.. (سكتت مناير شوي) ااااااااه من خوج.. خوفي لا حبه..
مريم: هههههههههههههههههههههههه ولي عاد انتي.. يالله سلمي
مناير: اوجي..
طلعت مناير من السيارة وهي تخبي المجلد بجنطتها الكبيـرة.. وتدخل البيت وهي تحاول انها ما تلفت انتباه احد .. لكن فاتن كانت طالعة من دارها وهي رافعة شعـرها ومشمرة السواعد وكأنها ترتب شي.. وشافت مناير الداخلة البيت..
فاتن وهي تخبي غيرتها:.. هلا منور؟؟ وينها مريم
مناير وهي تتحاشى فاتن : ها.. مريوم؟؟ شدراني فيها .. قطتني وراحت على ماظن بيتهم.. (تتصنع التثااااوب) يااااااااااااااه والله ياهو تعـب.. تصبحين على خير فتون
فاتن وهي مستغربة من مناير: ترقدين بهالحزة؟؟
مناير: ما فيها شي.. الا المغرب
فاتن: الاذان ما باقي عليه شي
مناير وهي تلتفت لفاتن عند الدري: لا عادي مافيها شي.. بحاول اني اصحى قبل الاذان.. او بعده بجم دقيقة.. تصبحين عخير... باااااااااااااي..
راحت مناير فوق وهي تاركة فاتن في دوامة الشك.. مريم ومناير وراهم شي.. هالطلعات والروحات والييات لها سبب ولها معنى ولها مغزى .. مايصير يترابعون الحين ويصيرون كلووز من غير سبب.. لكن انا مابسأل ولا وحدة فيـهم.. لاني احس ان اللي بيي من وراهم شي عود وكبيـر..
فاتن وهي تدخل الغرفة: هم اذا يبون يقولون بيقولون.. انا عن نفسي ما بسـال احد عن شي..
---------------------
ويا وقت الليل والناس كلها في مضاجعها.. وسالفة السفر قايمة على قدم وساق بين الكل.. تقرر السفر انه في الشهر الياي.. بداية الشتا والكل من غير استثناء كان متحمس.. وفي خطط جراح كانت اعظم الافكار منها المواصلة في جدة ولا أبها عشان يتحلوون بالجو هناك.. لكن ما عمم هالشي إلا حق امه .. ما يبي يوعدهم بشي وهو مو قـده ولا يبي يبتعد عشان لا يبتعد عن اللي اهو مخطط له. صح ان وفاة مشعل توها صايرة واهو بنتظر احتراما لسماء ولصداقته بمشعل الوقت عشان يمر ويروح ويخطب مريم ولازم هالمرة ما يطلع من عندهم الا واهو ماخذ موافقتهم لانه مو مستحمل فكرة انه يمكن تبتعد او تكون لاحد غيره بهالدنيا.. مريم ما عادت بنت صغيرة.؟. ومن اللي شافه انها حلوت اكثر وامها من النوع اللي ما يعطل بناته.. ويمكن بعد بغضا فيني راح تعطيها لواحد غيري.. لكن انا ما راح اسمح لهالشي.. خل تمر هالشهور على خير وتبرد الأجواء على مشـعل.. وانا اللي بـتصرف..
مهما بلغ نفسه جراح انه راح يصبر ويكون متفهم على الوضع الا انه صعب عليه والامر منعكس على نفسيته.. لاب موت مشعل والتفكير اللي ماخذ كل طاقته .. شوي في المشغل وشوي في الحياة وشوي في مريم.. لمن انتبهت له فاتن بعشية من بعد الصلاة.. كان قاعد في الصالة والتلفزيون شغال اما هو فكانت عيونه طايحة على ركبته وهو يمرر اصابعه وحواجبه معقوده.. وكأنه يمر في تفكير لا نهاية له .. والأمر اللي ظايقها اكثر معرفتها انها يمكن توقف مستقبل اخوها او امنيته بسبب روح العداء اللي اكيدا تملكت ام مساعد على اللي صار بيناتهم..
قعدت يمـه وهو فز من تفكيره وحاول يبتسم لها لكن احساسه بالغثيان من التوتر ما خلاه...
فاتن وهي تطل على ويهه بنظراتها السمحه: .. علامك جراح؟
جراح وهو يبتسم بنظراته الموخية: سلامتج.. ما علامي شي.. انتي علامج (وهو يضرب خشمها بنعومه بصبعه)
فاتن وهي تتنفس بعمق وتناظر البيت كانها تتحسس شي موجود ما تلاقيه عيونها:..ما علامي شي.. بس.. غربة..
جراح وهو سمتغرب: شغربته؟؟ انتي وسط اهلج يا فاتن؟؟
فاتن وهي تبتم: ما تصدق يا جراح.. صج ان البحرين ديرتي.. وعزي ودلالي وراحة بالي لكن... شي من اللي كان عندي ببوسطن فقدته هني.. مع اني كنت في البداية.. وما صار لي اكثر من ثمانية شهور... بس حسيت ان عالمي مختلف هناك.. وبفرقاااه احس اني مختلفة.. او يمكن احتاج له .. لسبب او ثاني
جراح وهو يهز راسه: شي طبيعي.. انتي اكيد كونتي لج الشخصية المتخلفة عن هني .. وصرتي انسانة يمكن اكثر التزام ومسؤولية خصوصا ويا الجو اللي كنتي عيشته.. لانج بروحج وكان لازم تكونين اقوى من الوضع الحالي.. لكن من يعيف الراحة يا فتووون؟؟ انتي هني حالج حال الأميرات.. (يبسم) فوين الغربة؟
ابتسـمت بحزن جميل اسس النور اللي اجتاح لون عيونها:... (تأشر على قلب جراح) هنـي..
فج عيونه جراح بغير تصديق: هني؟؟؟؟؟؟ ليش يعني؟؟؟
فاتن وهي تقوم من مكانها وتوقف:.. علبالك ما عرف شلي انت تمر فيه؟؟؟ (تلتفت له) اناساكته يا مسـاعد.. مومعناته اني فقدت الصت.. اشيح بعيوني.. مو معناته اني عميـت.. اسرح من الدنيا مو معناته افقد الصوت... انا ادري اي نوع من المشاكل اللي سببتها لك انت ومريم باللي صار بيني وبين مسـاعد
قطعها جراح ووقف لها: فاتن.. حسج لو تحبيني انج تييبين هالطاري مرة ثانية.. كلش ماحبه
فاتن وهي تناظره حزن: بس يا جراح هذا هو الحق اللي انت يمكن لمحبتك لي مو راضي تبينه .. انا يا جراح المـتك.. وآآلم مريم.. لكن من طيبة قلبكم.. من سحركم ومن روعتكم ما تخلوني احس بهالشي.. لكن شوفتي لكم متفارقين تخليني احس بالموت
جراح وهو يلم فاتن لانها بدت تتهجد في صوتها:.. بس يا فاتن.. واللي يسلمج.. لا تزيدين عذابي بعذااابج...
فاتن وهي مستغربة: ازيد عذابك؟؟؟ جراح والله انا مو متعذبة.. انا اذا بتعذب لعذاب واحد من هلي
جراح وملامحه لاينة بسبب اللي تمر فيه فاتن: يافاتن.. انا لو جاسني الهم.. اظل ريال واتحمله.. وربي بدل الجلد يزرقني بالف .. لكن انتي.. انتي اختي وبنت لج من العاطفة خلايا وحشى.. شتتوقعين يصير فيني لو ادري انج انتي.. المخلوقة الضعيفة على قوتج الظاهرة.. تمرين بهالشي كل يوم وانتي على ذمة مـساعد.. يا فاتن لا تجدمين هموم الناس على اللي فيج..
فاتن وهي مستغربة: جراح ما فهمت عليك؟
جراح وهو يلتفت عنه: انتي تقولين ان بسببج انا ومريم ما نتلاقى.. لكن بسببي انا يا فاتن.....
سكت جراح.. لانه ما يبي يتكلم.. تذكر كلام لؤي.. ان اللي صار صار.. هذا قضاء الله وما كتبه عليهم في دنياهم..
لكن فاتن ما فكته: جراح واللي يسـلمك.. فهمني.. شلي تقصده بكلامك؟
جراح وهو يلتفت عنها وهو مغير نبرته: خليني يا فاتن بروح داري
وقفته فاتن وهي ماسكة ذراعه وصوته متقوي ولكن حنجرتها كانت ترتجف من التوتر: تعرف شي يا جراح انا ما عرفه؟؟؟
جراح وبعيونه الرجا لعيونها: فاتن.. وحقي اخوتي فيج.. خليني.. لاتسأليني اكثر.. طلبتج..
تركت فاتن ذراع جراح اللي راح داره.. وظلت اهي مكانها.. تقلبها المواجع من كلام جراح يمنة ويسرة.. شلي قصده جراح بكلامه.. لا تجدم هموم الناس على همومها.. وليش جراح يحس بان هم فاتن اهم من كل شي؟؟؟ لا يكون بس يحس بالذنب لانه اهو اللي ياب مساعد لحيـاتها.. ؟؟
ما عرفت فاتن شالحل من اللي اهي تمر فيه.. لا عذابها يهنيها ولا عذاب الغير يهنيـها... راحت دارها وظلت تدور بالغرفة دقايق.. ولكن فيها شي يخنقها مثل الياثوم.. ما لقت روحها الا لابسة عباتها الكتفية ولافة الشيلة اللي انهدلت من راسها ووصل طرفها الى تحت خصر فاتن.. طلعت من البيت وهي مو عارفة وين تتوجه.. الا انها اخيرا تأكدت من المكان اللي تبي تروحه... وظلت تمشي وتمشي الى ان وصـلت لتقاطع الشارع.. وين ما لقاها خالد اللي راد من المسيـد..
استغرب خالد يوم شاف فاتن تمشي.. ومن ويهها ان حالتها مو هيـنة او بخير..
خالد: وين رايحة فاتن؟
فاتن بعيون ظايعة.. وقلب اشبه بالمينون بالدقات:... ها.. ما بروح مكان.. بس قلت اتمشي..
وقف خالد في ويهها: .. فاتن.. اذن العشا.. الناس تظل في بيوتها بهاللحظة..
فاتن وهي تحس بالاختناق..وتحشرج صوتها وبح شوي:... ماقدر اظل في البيت.. حاسة روحي بختنق... بختنق..
تساندت على جدار البيت اللي واقفة يمه وخالد مرتعب عليها: فاتن.. صلي على النبي.. علامج يا فاتن ؟شي فيج؟؟؟
فاتن وهي تترجاه بالدمعة الي طفرت من جفنها:.. خالد.. خلني اروح.. واللي يسلمك... خلني اروح له..
خالد وهو متوهق بها:.. وين تروحين ومن له؟؟
فاتن: بروح لمسـاعد.. بروح له...
خالد وهو حاس ان فاتن مو في وعيها:... فاتن صليتي العشا؟؟
هزت راسها فاتن بالنفي وهي تتحسس العبرة اللي خانقتها والمرورة اللي في حلجها
خالد: شرايج لو نرد البيت.. (بصوت حنون) وتصلين على النبي.. وبعدها انا اخذج لمسـاعد بنفسي..
فاتن حاولت انها تتملص من خالد لكن.. تذكرت صلاة ربها اللي ما صلـتها.. مع انها في وعيها.. الا ان اليأس اللي جال بخاطرها خلاها مثل المليانة حفوز.. ناظرت خالد شوي.. وبابتسامته الحنونة ردت الى عقلها وثباته.. ومشت وهي مولية الطريج ظهرها ومتوجهة البيت.. وخالد يمشي وراها.. مسكت نفسها بقوة خوفا لا انها تتلاشى.. وظلت تمشي في هذاك الشارع برفقة خالد اللي ما فارجها.. .لمن وصلت البيت.. وقبل لا تدخل التفتت الى خالد والندى مقطر الرطوبة على خديهها المتوهجين..
فاتن: خالد.. بكتب لك شي.. وصله الى مـساعد...
خالد وهو مستغرب منها: شنو اهو؟
فاتن وهي تتنفس بقوة:. خلني بكتبه... وانت وصله لي.. ما ابي اشوفه خلاص... تسوي لي هالشي؟؟؟
خالد:.. افا عليج.. لج عيوني لو تبينها..
ظلت ملامح فاتن بلا غاية.. ولكن في عيونها شي من الاصرار والعزيمة .. اللي خلاها تدخل البيت وترمي بعباتها على الكرسي.. تتيدد بقوة وهي ترشح ويهها بماي.. كانها تبي تصحي نفسها من شي اهي غايبة عن الوعي فيه..
يوم خلصت راحت دارها وظلت تحوس فيها وهي تدور.. سحبت الدفتر اللي طاحت يدها عليـه وفتحته وهي قاعدة على السرير.. كتبت رسـاله سريعة جذي بخط يدها..
طوتها بعنايه ولفتـها في اشبه بالجيس الحريري عندها.. وطلعت منالغرفة وهي تدور على خالد.. لمن لقته في المطبـخ واقف عند الثلاجة
صوتت عليه وطلع لها:.. لبيه!!
فاتن وهي تسلمه الورقة:.. لو سمحت يا خالد.. اابيك تنطره لمن يقرى الرسالة.. ويعطيك الرد.. وتعال خبرني بسرعة..
خالد وهو مستغرب: فاتن ليش كل هالاشياء ليش ما ترفعين السماعة وتتصلين فيـه
فاتن وهي تهز راسها بتوتر: خالد مو وقت اسألتك هذي.. انت وعدتني انك تسوي لي اللي ابيـه.. صح ولا لاء؟؟
سكت خالد وهو يناظر فاتن اللي بعيونها كانت تحثه على ذكر الوعد.. فما كان فيه الا انه يهز راسه بالايجاب وبطريقة انهزامية.. ابتسمت فاتن بتوتر لانها اخيـرا راح تقدر تسوي الامور مثل ما تركتها مبعثرة.. مو مثل ذيج المرة.. هالمرة اذا راحت بتخلي كل شي يستتب ويهدى.. راح تختفي من حياتهم بسلااام ومحبة.. وتترك مكانها الاثر اللي تبي تتركه..
طلع خالد من البيت وعيونها تتبعه لمن وصل الى الشارع واختفى صوت وطاه من سمعها.. سكرت عيونها وهي متأكدة من موافقة مسـاعد.. لكن ..اهي شلي طلبته من مساعد بهالصـورة؟؟ وليش مثل ما قال لها خالد ما اتصلت وفكت عمرها؟؟ ليش هالغموض يلفها من كل صـوب؟؟
طلعت امها من دارها وهي تلف محراب الصلاة بين ايدينها والتفتت الى فاتن اللي كانت ساندة راسها على فريم الباب.. تقربت منها امها وهي متوجسة على البنت
مسكت جتفها بنعومة: يمة فاتن
لكن نعومة ام جراح كانت بمثابة الكهربا اللي سرت في جسم فاتن..فجفلت والتفتت الى امها بخوف
ام جراح وهي مستغربة فزع بنتها: بسم الله عليج يمة.. علامج جفلتي ؟
فاتن وهي تمسك جبينها تحاول انها تتماسك: لا ولا شي يـمة بس كنت سرحانة شوي..يمة شصار عن سالفة العمـرة؟
ام جراح: والله يا يمة كل شي جاهز.. وكل شي تحت الانتظار.. رايكم يا بنيتي وبس من عقبه نتحرك
فاتن: كلنا يعني يمة؟
ام جراح وهي تلم بنتها: اكيد يمة كلنا.. عشان مرة وحدة يغسل الله هموم واحزان كل واحد فينا.. كل واحد يقدر يتوجه لربه و يبتدي من يديد.. شرايج؟
لمت فاتن امها بكل قوتها وهي حاطة راسها عن رقبتها الحنونة:.. لا خلى ولا عدم منج يالغالية..
في قلب فاتن كان انتظار خالد عشان يرجع.. وهي تفكر باللي يمكن يجول في بال مساعد وهو يقرى الرسالة. او اللي اهي تطلبه منه فيها.. لكن الحين شي ثاني بدت تفكر فيه فاتن بجدية.. اهي موافقة مساعد انه يسوي لها هالشي..
-------------
كان مساعد قاعد في داره وهو يقرى بعض الأوراق المهمة اللي يابه من الشغل وياه.. وما كان على باله اي فكرة او نوع من الأحساس بان شي يمكن يصير الليلة.. ولكن اول ما سمع الجرس جفل شوي لانه كان سرحان في الأوراق اللي اهو غامس نفسه فيها.. مد رقبته وبصرة الى الدريشة اللي تطل على الباب لكن ما قدر يشوف شي.. انتظر ثواني وضرب الجرس من بعدها.. استغرب مساعد من عدم الاجابة.. وين راحوا؟؟
طلع من الدار وهو يمشي بصعوبة من غير العكاز. لكن يحاول انه يدرب نفسـه على المشي بروحه.. وقف يطل على ممر الصالة وحاول انه يسمع اي صوت لكن المكان كان شبه بالخالي.. طلع من الممر وفتح الباب الرئيسي.. جان يلقى واحد ماعطه ظهره واول ما انفتح الباب التفت له وطلع خالد
مسـاعد وهو شبه المنصدم:.. خالد.. حيا الله من يانا.. حياك ادخل
خالد وهو يمانع براسه: لا ما له داعي الله يحيييك.. بس انا عندي شي اوصله لك.. (وكان التوتر او الغرابة على محيااا خالد او يمكن حتى السخف) هذا من عند فاتن..
مساعد اول ما مسك الورقة كان بيقراها لكن يوم عرف انه من عند فاتن استرخت يده شوي وطالع خالد بغرابه: فاتن قلت لي؟؟؟
خالد وهو حاس روحه سخيف ولكن شي من الموضوع يشوووق:.. اي فاتن.. وتبي ردك اول ما تقراه..
مسـاعد وهو حاس بالغرابة من راسه لقدمه:.. شالسالفة يا خالد؟؟ ما عندك فكرة؟
خالد: مافجيت الرسالة ان جان يا على بالك هالشي
سكت مساعد لان هالشي مر على باله.. ناظر المغلف الغريب من نوعه ولكن ما اهتم له وسحب الورقة من داخله.. فتح الورقة بكل سـهولة وحاول يقرى لكن في عيونه كان شي اشبه بالضباب اللي يمنعه من القراءة زين.. يمكن بسبب الحماس الي فيه او التوتر او يمكن حتى الاضطراب.. لكن حكم عقله بالأخير وقرى اللي مكـتوب..
تمنيت قلبن لو يحس بي ثواني .. ويعطف على قلبن متيم ومفتون
تمنيت لكن ما هي بيدي الاماني.. ما كل من طلب حبيبن له يكـون
كل اللي اطلبه اهي الليـلة من حيـاتك.. واعرف اني اللي طالبتها يعني لو تتكرم علي وتهديني هالوقت .. عشان نصلح اللي تركناه مكسـور ويظايج الكل..
ما عاد فيني يا مساعد الا بقايا صبـر. فاتمنى عليك هالوقت..
فاتن..
حس مساعد بتصاعد التوتر في معدته ورفع عيونه اللي عاقدة النونة في ويه خالد المرتقب.. : قول لها .. لا اصبـر..
دخل مساعد البيت وهو مسرع.. وضغط على ريله وآلمته شوي لكن ما حط بال على الألم.. دخل الغرفة وهو مسـرع.. سحب القلم الفضي اللي كان يكتـب فيه وكتب على ظاهر الورقة الرد على رسـاله فاتن..
من غير ما احد يعرف يا فاتن.. بوسـط الليل. وين ما تنزل رحمة الله بثلثه.. بلاقيـج.. خلينا نملك اللحظة.. ونبري الجروح اللي سببناها..
صدقتي.. ما كل من طلب حبيبن له يـكون..
مسـاعد..
ترك القلم من بعد ماك تب .. وحس براسه يدور.. لا هو شوق لفاتن وهي تطلب مقابلته.. ولا البيتين اللي حطتهم فاتن باول رسالتها..
تمنيت قلبن يحس فيني ثواني.. ويعطف على قلبن متيم ومفتون
تمينت لكن ما هي بيدي الأماني.. ما كل من طلب حبيبن له يكون
مساعد وهو يمشي للباب ماسك صدره من الدقات العنيفة اللي تهز ضلوعه .. واول ما فج الباب لقى خالد واقف ..
مساعد: مسامحة على التأخير (مد له الظرف اللي فيه الورقة) وصـله لها واهي بتعرف..
هز راسه خالد بالايجاب وراح من المكان.. اما مساعد ظل مكانه واقف.. وحاس ان الليلة بيبت القرار.. الليلة اللي اهو وفاتن عاجززين عن القيام فيه بصير الليلـة.. ولسبب غريب سرت الراحة في نفسه..
يا ترى؟؟ مساعد يدري باللي تطلبه فاتن منه؟؟ عنده فكرة؟؟ مساعد بعد له الضمير الواعي للي يأنبه مثل ما يأنب فاتن...
هل راح يرتكبون التضحية الكبرى.. في سبيل الباجيين يحبون ويتلاقون؟؟؟
--------------------
على العشا في بيت الياسي سالفة السفر على كل لسان.. وخصوصا سماء اللي ما كان مصدقة انها بتروح بيت الله.. شعور جميل يغمر الانسان. .وكانه راح يرجع الى محط الرحال ومسقط راسه من بعد فرقا طويلة.. صج ان بيت الله عالم ختلف الا انه البيت الوحيد اللي ما يرفض احد مسـلم.. الكل يقدر يلتجي الى استاره ويتحمي باسواره العالية مثل ما احتمت السيدة هاجر والنبي اسماعيل عليهم السلام وبيت الله كان مجرد وادي سحيـق..
مناير وهي تكتب في الورقة الاماكن اللي بيروحونها: يمة جوفي اهم شي نروح الاسواق.. انا بعد السنة الياية اخر سنة وسمور بعد يبيلها جم غريضة لازم نتشراها..
ام جراح وهي مستغربة: ليش انتي رايحة تشترين لزمة المدرسة ولا ادري؟
مناير: يمة الواحد لااازم يتأكد من نفسه ..خووو احنا مو كل يوم نسافر..
فاتن كانت سكتة وسرحانه وام جراح كل شوي تلتفت لها وتكلم مناير بعد: يمة منووور هدي بالج.. وان شاء الله المدارس جريب بتفتح بنروح الدمام والخبر.. شرايج؟
مناير وهي متمللة: يمة كل سنة نروح الدمام هالمرة نرووح بانكوك؟
ام جراح وهي مو مصدقة كلام بنتها: الله عليج يا مناير تونا رادين من بيت الله ونروح بانكوك
ضحكت فاتن هني على مناير لكن في قلبها الحفوووز متزايد.. ولكن في عيونها شي من الفرحة والراحة.. مهما كانت الظروف اللي بتخليها تجابل مساعد الا انه بتشوفه.. بتقعد معاه.. وتحس لوجوده معاها.. صج انه بعيد الاف البحور.. لكن يرده لي موج الشوق العاتي.. وان ما كان الحبيب اللي الاقيه في هالدنيا.. يتم الحبيب اللي على طول بتمناه في حياتي..
في بيت الدخيلي مساعد امتنع عن الأكل.. وهو يذرع غرفته يمين ويسار.. كانه عارف باللي بصير مع فاتن و اي نوع من الكلام بينقال.. التردد ماله مكان بيناتهم في الوقت الحالي.. ولازم يصير للي رب العالمين بيسهل الوضع عشان ينقال..
مسـاعد وهو حاس بالضيـاع وحاس ان النفس يغيب عن رئتيه لكن لسبب او ثاني اللي قاعد يصير هذا هو وقته .. كل هالألام والاحزان راح تتبدل وتحل مكانها مشاعر الايثار والفرحة لافراح الغير.. حتى وان كانت تعني موت مشاعر او انتهاء اهمية .. لان محل ما يموت لشي يحل مكانه شي ثاني.. بقدرة الله العظيمة ورغبته وارادته..
مر الوقت بسـرعة يجرب الموعد بين الاثنين. الموعد كان في اخر ثلث بالليل.. يعني قبل اذان الفجر بثلاث ساعات.. وكانت الناس توها تنام في بيت فاتن الا اهي . ظلت سهرانة بدااارها الحالية الا وهي دار خالد اللي بدى يرقد في دار جراح.. وهي صاحية ولكن قاعدة مكانها باسترخاء.. حتى الدمع ما عاد يحك جفنها عشان ينزل.. كل شي يمر بهدوء.. شعور التضحية يضج بشرايينها .. لا ماهي تضحية.. تصليح اغلاط لا غيـر..
حتى هذيج اللحظة السكون كان يعم فاتن.. الا من طرقات على الباب خلتها ترفع راسها بجفل بسيط. انفتح الباب يكشـف عن امها الواقفة وشعرها الناعم الأحمر مرتخي على جتفها .. ابتسمت فاتن يوم لقت امها واقفة.. لكن الأم كانت مو مبتسمة ودخلت الغرفة وقعدت على السـرير وهي تناظر ويه فاتن بحنان غريب..
فاتن وهي مستغربة من امها:.. يمة علامج.. الساعة 12 الحين وبعدج صاحية؟
ام جراح: يمر الليل يا فاتن والعيون تنااام فيها.. لكن وانا ادري ان جفنج صاحي شلون انام... يمة فاتن .. انتي شناوية تسوين في روحج؟
فاتن وهي عارفة باحساس امها الصائب في مثل هالأمور: يمة.. اي شي بصير لا بإرادتي ولا ارادة احد.. هذا شي ربي وربج مقدره.. فلازم احنا نصبر ونمشي مثل ما تملي علينا اللحظة..
ام جراح: مو لازم يمة... الانسان مثل ما انولد حر.. انولد وهو مخير بين الشر والخيـر.. واهو اللي يصنع نفسه .. بقضاء ربج..
فاتن وهي تناظر شي ابعد من عيون امها: انتي ما توثقين فيني يمة؟؟؟
ام جراح: يمة انا روحي كلها فداج ولو للموت.. بس مابيج تموتين روحج يا فاتن عشان خاطر احد..
فاتن وهي تضحك بخفة:... الللي ابي اعرفه.. انتي شلون عرفتي؟؟؟ شلون خطر على بالج وانا ما تحرك لساني وخبرج
ام جراح: العيال يا فاتن يظنون ان الأم ولا الأبو راقدين على وذانهم وما يدرون باللييصير في خواطرهم.. لكن غلطانين يا يمة.. في منهم اللي يفضل الرقاد ولكنه يتم صاحي ويتجاهل.. في بعضهم اللي يآثر الموت على دمعة حزن باللي يصير في عيـالهم.. (سكتت ام جراح وحنجرة فاتن متآكلة بالحزن العميـق ) يا فاتن انا شفتج وانتي عاشقة بعمر الصغار اللي ما يعرفون خير وشر الدنيا.. ترقبين مشـعل بدريشـتج.. وتكتبين الاشعار في دفاترج.. (تراخت ملامح فاتن من شدة الصدمـة).. ولاحظت عيونج اللي تلمع كل ما دخلتي البيت بدموع الشوق والفراق.. وانتي قلبج ما كان اكبر من اللولوة.. (تمسك ام جراح يد بنتها وتضمها لصدرها) كنت عارفة انج بتنجرحين من هالحب.. لان يا فاتن البنت ما لازم تضمن قلبها بهالدنيا.. ولاننا عرفنا المكتوب لج من .. مساعد يا يمة ما كان اختيارنا بس لانه حب عمتج واحنا نبيج العوض له.. مساعد يا يمة كان خوش ونعم الرياييل .. واحنا ما بغينا نخسره.. وابوج كان مآمن عليج عنده.. كان دايما يقول (تهجد صوت ام جراح بالبكاء).. فاتن لا كبرت .. بتطير رووس الرياييل.. لكن انا ما بي لها الا راس واحد.. مسـاعد.. ولا تلومينه يا بنتي.. كل ابو يتمنى نعم الرياييل لولده..
فاتن وهي مو مصدقة اللي يصير في هاللحظة: ماصدق اني كنت مفظوحة عندج
ام جراح وهي تمسك جتوف فاتن: لا تقولين جذي.. انتي يا فاتن شعلة الشرف وتاج راسي وراح اخووج.. عمرج ما غلطتي ولا طيحتينا في اغلاط.. يا فاتن الواحد يحب في هالدنيا.. الحب مو حرام اذا صاب الواحد.. الحرام ان الواحد يطوف بهالحب الحدود وهو مو عارف مصيـره..
ما تقبلت فاتن ولا كلمة من كلام امها.. لان مجرد استماعها لهالشي يضعف اللي اهي قاعدة تفكر فيه.. وجراح ومريم يملكون فرصة اكبر في انهم يعيشون بسعادة مع بعض ليش ان الحب متبادل بيناتهم.. لكن اللي يصير بينها وبين مساعد اهو الفوضى لا غير..
فاتن: يمة.. لاتحاتين.. انا ما بصير فيني شي...واللي بسويه
تقطعها ام جراح: بيفشل يا يمة.. اول ما تحس فيه مريم ولا اخوووج بيفشل..
فاتن: بس يمة انا لازم اخلص نفسي.. يمة انا مو قادرة اتحمل اكثر.. يمة واللي يسلمج.. خليني اعيش.. خليني اسوي اللي ابيه.. ثقي اني ما بسوي شي الا اللي يريحني.. واللي يسلم قلبج يا يمة..
سكتت ام جراح وهي تناظر فاتن بحيرة وحسافة غريبة.. بنت في العشرين من عمرها وهموم الكبار فيـها.. ليش يافاتن؟؟؟ هالكثر كبرناااج واحنا ما ندري.. بهمومنا ومشاكلنا وومصائبنا..
تحركت ام جراح من مكانها وراحت لعند الباب ولكن قبل لا تطلع من غير ما تلتفت لفاتن: عرفي يا فاتن.. ان ماكو في هالدنيا قلب بيحبج مثل ما يحبج قلب مساعد...
طلعت ام جراح تاركة فاتن في سريرها قاعدة ولكن اشبه بالصخر. تبتسم وسط الدموع
فاتن: ولا في قلب بهالدنيا بيحب مساعد كثر عالية.. وقلبيـي..
------------------
وصل لؤي البيت متأخر وشاف مسـاعد طالع من داره وهو لابس وكانه بيطلع.. لاحظ الساعة كانت وحدة الفيـر.. فاستغرب لؤي...
لؤي لمسـاعد اللي ما عطاه ويه: على وين مساعد؟
مساعد: عطني مفاتيح سيارتك
لؤي وهو مستغرب بفكاهه: ياه مساعد.. الساعة وحدة الحين.. وين بتطلع
مساعد بصوت حاد: عطني المفاتيح ولا تسأل.. اصغر عيالك انا؟
سكت لؤي بعد هالزفة المحترمة وعطاه المفاتيح بهدوء... سحبها مساعد طلع من البيت وهو يمشي بالعكاز.. ولؤي مستغرب من ردة فعله بس ما حط في باله.. وراح داره يرقد الباجي من الليل..
اما مساعد فهو دخل السيارة .. هذي يمكن ثاني مرة يسوق فيها من بعد الحادثة والاعضاء.. ريله اليمين القدم الي فيها سهل التحكم فيـها.. صج انها صلبة وما تتحرك بسهولة الا ان فيها اللي يخليه يتحكم بها وهي كاحل صناعي يتحرك جدام وورى.. شغل السيارة وبهدوء طلع بها متوجة الى بيت فاتن.. الشارع بهالوقت فاضي وما منه خوف.. ولكن اللي مر على باله الحين اهو شلون بينادي فاتن عشان تطلع له.. تلفونه عنده لكن ما يدري عن رقمها للحين معاها ولا لاء..
اول ما وصل عند بيتها دق على الرقم.. وانتظر عشان يمسـك الخط.. وبالفعل.. رن التلفون.. باسم فاتن المجرد.. وتسكر الخط في ويهه.. معناته فاتن بتنزل الحين.. وهو وقف على مقربة منالبيت عشان ما يوقظ احد من بيتهم..
تم في السيارة وهو يكبح ارتجافه يدينه. ومنكس راسـه واول ما رفع عيونه لقاها طالعة من البيت مغطية بالأسود فوق لتحت.. مشت بهداوة لمن وصـلت الى باب السيارة.. فتحته ودخلت ودقات قلب مساعد تخونه وتطلع اصواتها من كل معبر تنفس فيه..
ريحتها وعبقها كان مختلف عن عبق السيارة.. كان فيه من اللذة ومن العذاب.. من الحسرة ومن الامتلاك.. وكأنها عادت ولكنها ما عادت.. تحرك بالسيارة مساعد من غير حتى يلتفت لها.. وهي بعد بالمثل.. ما التفتت له ولا عبرته ولا جالت عيونها صوبه.. الا بسرقات ليده االلي التفت اصابعها على السكان وترجعها مرة ثانية لجدامها..
وهم على هالصـمت محمولين في كف القدر والنصيب .. اللي الله العالم باللي يصير فيـه..
تم مساعد يسوق وهو حاس انه ملك العالم بيدينه. بهالسيارة وبوجود فاتن وصمت الملائكة اللي يحوم في الاجواء.. لكن بعد يمكن كانت هذي بداية النهاية.. او هدوء ماقبل العواصف.. ما حلل الوضع مساعد اكثر لانه متشوق للي فاتن تبي تقوله ..
لقى بقعة عند البحر.. ينزل فيه الواحد من على جرف وينتهي على الشاطئ. ما كان مزار عالية.. كان بحر ثاني يقدر مساعد انه يتشارك فيه مع فاتن... اذا كانت راضية او قابلة.. وضوء القمر لعب لعبته الحساسة في هذيج اللحظة وارسل اشعاعات الحزن وبوادر الألم في قلوب المحبين.. واولهم قلب فاتن.. اللي رفعت الغشوى اللي كانت مغطية فيها ويهها.. ولاح بياضها الحزين من وسط السواد.. وظلت اهي ومساعد قاعدين في السيارة بهدوء وصمت عميـق.. جالتفي مساعد الرغبة انه يمسك يدها ويتحسس اصابعها بيده.. صج انها من بعد هاللحظة يمكن ما تكون له.. او يمكن انها تبتعد عنه للابد.. لكن ما يقدر يمتلك اللحظة الاخيرة؟؟؟؟
فاتن وهي تفرج شفتينها بالكلام:.. فيني احساس.. .يخبرني انك. تعرف اللي انا ابي اقوله لك اليوم..
وناظرت مساعد اللي كان ضام يدينه في حجره ويطالع اللي جدامه بصمت.. فما قدرت الا انها تعرف بموافقته..
اسهبت بالكلام:... ما ابي اعيد ولا ازيد في المواجع كثر ماانعادت.. لكن انا اليوم يايتك عشان اطلب منك شي.. وانت يمكن تطلبـه بعد رحمة لقلوب ناس ما عاشت بهالزمان او بهاللحظات الا لراحتنا..
مسـاعد وهو يحس بالظيـقة: خلينا نطلع من هني..
ومن غير ما ينتظرها طلع اهو من السيارة .. وسحب معاه العكاز اللي حسه الصديق له في مثل هالحظة لانه ما راح يتحمل قوته كلها بروحه.. الشي متعب ومجهد اكثر من اللازم..
ما التفت لفاتن ان جان طلعت ولا لاء.. خلاها تنزل براحتها من السيارة.. لحتى ما لقت لها بقعة مكان وقعدت عليها وهي تناظر البحر بحلاوة الروح وحزن القلب.. وكان شي من هوا البحر اللي ينقي الهوا الي بداخلها..
فاتن كملت: شي حلو ان الانسان يرتبط بقرينه بهالدنيا.. الانسان اللي يحسسه بالراحة والهدوء والفرحة والسعادة.. يمكن هالاشياء انا وانت يامساعد لقيناها في ايام من علاقتنا الغريبة.. لكن بعد.. كانت مساحتها قليلة لدرجة انها ما تقدر تدافع عن نفسها.. او يمكن نسيناها احنا بسهولة.. بينما.. جدامنا وعندنا اثنين.. يمكن يلاقون هالسعادة والراحة والهدوء مع بعضهم طول العمـر..
ناظرها مسـاعد وهو فرحان للشعور انها ما تراقبه.. ابتسم لخيالها اللي يلوح في عيـونه.. وتحقق اللي في باله.. مريم وجراح..
فاتن بهدوء والدمعة تسري بجفنها:.. شرايك لو نضحي بهالحزن عشان نخلق الفرحة في قلب اثنين عزيزين علينا وعلى عمرنا.. اثنين لو تضحيات العالم كلها تروح لهم ما توفي له قدرهم الحق..
ظل مساعد على صمته ينتظر فاتن تخلص. وهي تترجاااه بقلبه عشان ينطق بكلمة من هاللي يسري في قلبها..
فاتن وهي تلتفت له:.... وهالشي ما بصير الا اذا.... الا اذا.. امك رضت عليـك وعلينـا..
مساعد وهو يلتفت عنها مبعد الحزن عن ويهه :.. اذا امي رضت.. مريم ما راح ترضى بهالشي.. انتي ما تدري مريم شكثر قاعدة تحاول انها ترجعنا لبعض..
فاتن وهي توقف: وجراح المثـل.. لكن.. ما لازم يعرفون..
استغرب مساعد والتفت لها:.. شلون؟؟؟
فاتن وهي تتقرب منه ويلوح سما ويهها الصافي:.. ننفصـل.. وما يعرف عن انفصالنا الا اثنين غيرنا.. امي.. وامك..
مسـاعد من بعد كلمه انفصال انفرجت شفتيه على خفييف من اثر الصدمة العميـقة..: ننفصل.. يعني نطلق؟؟
احتبس النفس في صدر فاتن من الكلمة.. لكن ما اخرها هالشي عن اللي اهي بتسويه:.. ايه..
ظلت مجابلة مساعد وهي تناظر ويهه السمح وهو بالمثـل.. وكان اجراس الموت تقرع على راس الاثنين من شدة الصدمة.. لكن في نفس الوقت.. تبادرت مريم في ذهن مساعد بفستانها الابيض وقلبها الفرحان بزواااجها وقرانتها بحبيب تمسكت فيه من الصغر.. وفي بال فاتن تخيلت جراح ومريم في البيت وهم عايشين بينهم في اجواء الحب.. وجذي اخيـرا بيدخل عضو يديد في بيتهم يحمل الابتسامة لهم والفرحة والسعادة..
مسـاعد وهو يناظر فاتن بحنان: تمنيــتج انتي اللي بالفستان الابيض.. لكن.. مريم ما تقل اهمية عنج..
فاتن وهي تبتسم بمكابر الدمع بعيونها:. مو كل من تمنى حبيب له يكون بهالدنيا.. ولا كل الاماني باليد..
مساعد وهو يتقرب منها: بنفذ اللي تبينه مني وكلي طاعة.. اذا عطيـتني شي واحد بس..
فاتن وهي تناظر ويهه البعيد عن نظرها.. لطوله الفارع:.. شنووو؟؟؟
مسـاعد وهو يناظر ويهها بنظرة ابـتسامة:.. عزا الشعور.. وكلمة.. تجبرين فيها خاطري زمن كامل بدونج يا فاتن..
نزلت الدمعة من حجر عيون فاتن وهي تحس بالذبح في هذيج اللحظة:.. ماابي ارتكب غلطة يا مساعد ولا جنون..
مساعد وهو يمسـك يدينها بقوة:.. فاتن... غلطتج هذي وجنونج بيخليني اقبل الهوا اللي يعمر خفوقي كل لحظة من لحظات حياتي..
سكتت فاتن وهي تناظر عيون مساعد وتعجبت من الحب اللي تجمع في الكون.. فاارقت حبيب مرة.. وكاهي تفارق الحبيب للمرة الثانية. والصدفة ان الألم نفسه نفسه.. واللوعة نفسها نفسها.. ولكن في هذي اللحظة احد ينادي حبها ويطالبها بالاعتراف.. بشي يجبر خاطر احد.. فما كان منها الا انها تنهار..
حطت يدها على صدر مساعد وبالضبط عند قلبه:... عمري ما حبيت احد.. ولا عمر خفوقي ولا خاطري حب احد.. كثر حبك يا مسـاعد.. ولا عمري حسيت بالحياة والموت في نفس اللحظة الا معاك.. بفراقك ولقاك.. لحظتين من حياتي يا مساعد ادين بها لله سبحانه وتعالى.. وبتخليني اعيش حياتي معاك.. لحظتين مالي منال فيهم الا بللقا.. يتليه فراق..
مساعد وحاجبينه منكسرين من شدة الوطية:.. احبج فاتن..
فاتن وهي تنفجر بالكلمة: احبك مساعد..
طافت الريااااح بين الاثنين واخترقت الفجوة اللي بينهم.. فما كان من مساعد الا انه يضم زوجته الى صدره للمرة الاخيـره..يلتمس منها النفس اللي بيخليه يعيش الحياة كلها من دونها شرط انه يشوف الفرحة مرسومة على ويه احد ..اخته اقرب الناس له..
مساعد وهو رافع راسه وراس فاتن لازق برقبته: لكن وين لي العوض بعدج يا فاتن..
فاتن وهي تقبض قميص مساعد بلوعة:.. العوض.. في فرحة الناس..الناس القريبة لنا يا مسـاعد.
اي منحنى جالت بها قصة حبكم ايها العاشـقين.احقا هذا ما يجري بالعالم.. ان وسط دنيا الافراح يقبع الحزن.. تقوم افراح الناس على حزن شخصيـن؟؟
رفعت فاتن راسها عن صدر مسـاعد.. وتحركت عنه.. واختفى ذاك النبض المريح عن سمعها.. وجالت العبرة في خاطرها وخطت على مجرى دمع خديها.. اما مساعد فالتفت عنها وراح السيارة.. فتح الباب ولكن ظل واقف مكانه ينتظرها تدخل مرة ثانية.. التفت لها فحصلها مجابلها البحر وكانها تودع شي عزيز على قلبـها..
----------------
اتفق كل من مساعد فاتن بالدرب انهم يروحون المحكمة عشان اجراءات الطلاق.. ومسـاعدانتظر اليوم الثاني عشان يخبر امه باللي اهو يبيه منها.. وما قبل بلاء كجواب منها.. وحط في باله انها راح تذله او راح تطالبه باشياءلكن هالمرة اهو بينفذ اللي اهي تبيه منه..
فاتن لغرابة الوضع ارتسمت الحيوية في محياها.. وكان باللي يمكن يصير بين جراح ومريم يقدر يفرحها العمـر كله.. حتى ام جراح ظنت العكس .. ظنت ان فرح فاتن سببه يمكن صلح بينها وبين مسـاعد.. ولكن توجس خاطرها شر من الموضوع.. اذا تصالحوا فيما بينهم.. فليِش فاتن ما قاعدة تقول شي..؟؟
ويات اللحظة اللي ارتقبها كل من مساعدوفاتن.. انهم يجمتعون بامهم... ويخبرونهم باللي يصير بيناتهم.. وتنموا رضا الله عليهم في ذيج اللحظة..
كان مساعد قاعد في دار امه الي تصلي بخشوعها وسبحانيتها.. وهو منشغل في ألبوم صور لهم يوم كانو صغار.. شاف نفسه في الصور ولؤي ومريم بجمالها المرح ونورة بحلاااتها .. وابتسم وسط الوجع اللي يدق به قلبه كل لحظة..
لمن فرغت امه من الصلاة والتفتت له بابتسامة: حيا لله من ياني..
مساعد وهو يروح ويقعد عندها على الارض وهو ماد ريل وجافس الثانية.. : لله يحيج دنيا واخرة.. شلونها حلوة البيت؟
ام مساعد وهي تلمس خده: حلوة البيت مشتاقة لحلو البيت.. شخباره؟؟
مساعد وهو يجذب بالعلن:.. حلو البيت خايف يخبر حلوة البيت شي.. وتزعل عليه.. لكن اهو يبيها تفهمه زين.. وتفج له قلبها الكبـــير.. وتصير امه المتفهمة مرة ثانية..
ام مساعد وهي تغضن ملامحها:.. شلي صاير؟؟؟
مسـاعد:.. يمـة.. تذكرين سالفة جراح .. خطب مريم من فترة واحنا ردينا عليه الموافقـة.. لكن من بعد الحادث ما صار شي يطمن الصبي. وهو في حالة صعبة يا يمة ويبيي كمل نص دينه ويا مريم...
ام مساعد بعصبية: مستحيــل ياخذ بنت
مساعد وهو متوقع ردة فعل أمه لذا: يمة انا مو طالب منج الهداوة؟؟
ام مساعد وهي تقوم من مكانها: لا تحاول وياي حتى يامسـاعد انا مستحيل اقرب واحد من الياسية من بعد اللي سوته فيـك
قاطعها مساعد: يمة انا محد سوى فيني شي
ام مسـاعد وهي تذرع الغرفة: لا تحطني في هالموقف يا مساعد.. والبنت هذي شيلها اهي واهلها من راسك .. وخبر اخوها ان راينا تغير والبنت مخطوبة ولا اي شي ثاني..
مساعد وهو مو مصدق ردة فعل امه: يمة واللي يعافيج
ام مساعد وهي تطوي الأحرام: يمة انت اللي يعافيك لا تفتح لي هالجروح.. مو كفاية علي جرحك.. اروح اجرح بنتي الثانية بعماااي.. كل اللي يصيبح لانك ما سمعت كلامي يوم..
مسـاعد: يمة انا خلاص بطلق فاتن..
وسكتت االأم وحلجها مفتـوح.. وكأنها مو مصدقة اللي قاله ولدها في لحـظات..
ام مساعد: بطلقها؟؟؟؟؟؟
مسـاعد وهو مختنق بالكلمة:.. اي.. بطلـقها.. بريحج من اللي يصيبج.. وبطلـقها.. وانا ما بطلقها الا عشان سبب واحد.. انج ترضين عليها.. وتقبلين في خوها اللي ماله ذنب في كل اللي يصير..
ام مسـاعد وويه فاتن يتراود في عيونها الي تحاول انه تبعده لكن كل ما تحاول يظل اكثر اهو وبصفاءه: .. تطلق انت؟؟ عشان اخوها ياخذ اختك... وين صارت هذي..
مسـاعد وهو يتقرب من أمه بهدوء.. ومستـغل شلل لسانها عن الكلام عشان اهو يفـج لها الموضوع بأسهاب: .. يمة.. انتي مثل ما قلتي.. لانج ما رضتي علي ولا على قراري.. انا صابني بزوواجي من فاتن اللي توقعتيه.. وانا تعلمت درس من كلامج.. لكن مريم يا يمة.. مملوكة في قلب هالصبي.. وبيني وبينج.. مريم بعد ما تحتاج بهالدنيا لريال غير جراح (توها بتقطعه امه) وانتي ادرى بهالشي.. وعشان تفهمين اكثر.. الاثنين يودون بعض.. على عكسي يوم اخذ فاتن.. البنت كانت طالعة من عزا ابوها والجو ولا الحالة كانت تسمح بالزواج.. (وعشان يلينها) ومثل ما قلتي يالغالية.. انتي ما رضيتي عنها..
سكتت االام وهي تراقب الأرض باستغراب.. اول مرة تصير في حياتها.. زواج ما يتحقق الا بطلاق..واللي غربها زود.. انها بدت تمشي مع الفكرة..
مسـاعد: انا وفاتن يا يمة ما نقدر نعيش مع بعض واحنا تأكدنا من هالشي لانج مو راضيه علينا ولا اظنج راح ترضين بسبب اشياء صارت ما بنذكرها.. لكن جراح ومريم يا يمة مالهم ذنب.. الاثنين وادين بعض وقلوبهم متبادلة.. فمن احنا يا يمة اللي نفرق بينهم وربج اللي يريد وصـلهم.. ؟؟؟
ام مساعد:.. بس... اختك ما بترضى.. ما تدري اهي شكثر مينونة في مرتك..
على كثر ما حرقت قلبه كلمه مرتك.. الا انه خفف من حدتها على سمعه:... بس اهي ما راح تدري.. الا بعد الزواج ان شاء الله.. بعد موافقتج يعني..
الام وهي عاقدة حاجبينها: شلون ما راح تدري..
مسـاعد وهو يبعد ويهه عن امه ويذكر دفا فاتن قبل ليلة.. يوم كانت ملكه في ذيج اللحظة : اهي راح تكلم امها بهالموضوع.. وانا راح اكلمج.. ودام الطرفين راضيين.. باجر ان شاء الله ولا اي يوم ثاني نروح نكمل الأوراق ونطلق.. لكن هالشي بيظل سر بيني وبينج وبينها وبين امها.. ما لازم لا مريم ولاجراح يدرون بهالموضوع.. لمن تبرد وفاة الصبي ولد النهيدي.. بعدين يصير خير..
سكتت الأم وهي شبه الزايغة على الموضوع.. شلون تطلق ولدها من صوب وتزوج بنتها من صوب ثاني.. لكن مجرد طروة بال فاتن واللي صاب مشعل والذكريات المرة تخليها تواافق بدل المرة الف مرة..
ام مساعد:.. بس شوف.. اذا اختك بتتزوج ولدهم.. فهو على شروطي..
مساعد وهو يلتفت لها: من حقج يا يمة تشرطين لبنتج.. بس انا ما توقعج تشرطين الا بسعادة وهنا بنتج..
سكتت الام وهي تراقب عيون ولدها اللي لسبب غريب حست ان الحياة انسلبت منها..
طالعت اتجاه ثاني:.. حدد اليوم اللي بتروح فيه المحكمة.. وانا بروح ويـاك..
مساعد وهو مستغرب من قلب امه اللي يفضل جرحه على انها تلم الكل في اطار واحد.. لكن اذا اهو صدق بشي فهو انه وفاتن حياتهم مستحيلة مع بعض لفرووق الله يعلم بها: ان شاء الله.. اخليج انا الحيـن
نادته امه قبل لا تطلع.. ووقف لها عند الباب وتقربت منه:. ادري.. ان الاحزان جايشة بقلبك.. وادري انك عتبان على زمانك من اللي يصير.. لكن يا وليدي..
مساعد وهو يسكت امه: ادري يا يمة ادري.. اللي يصيبني لمصلحتي.. لكن ..(وهو يسحب نفسه) مادري ليش احس اني خسرت الحياة هالمرة.. قبل يوم ماتت عايشة.. خسرت النفس.. الحين خسرت الحياة.. شيعني هالكلام يمة؟؟؟
طول النظرة بعيون امه .. اللي تغرقت جفونها بالدمع من شدة صدمه كلامه.. لكنه انسحب من عندها واهي ظلت تصيح شوي لكنها مسحت دمعها بكبر..
ام مساعد:... مهما كان كلامك.. وجود هالبنت في حياتك اكبر غلط.. اكبر غلـط.. عساني بس ما اطيح اختك في نفس الغلـط..
-------------------------
على العصر طلعت مناير بمشوارها المعتاد ويا مريم.. لكن اللي ما كانو يعرفونه انا ليوم اهووو موعد تنزيل الكتاب اللي نشرته مريم بكل محبة وامل انه راح يكون الشرارة اللي بتولع المحبة بين مساعد وفاتن مرة ثانية .. لكن اللي خافي عنها واهي منشغلة في غيره متخبي لها تحت البساط يرفض كشف نفسه لها ..
فوسط التحضـيرات والتوصيلات للحمولات في المكاتب كانت تتناقز ويا مناير فرحة على انجازهم.. وحملت جم نسخة معاها البيت ونسـخة خاصة لفاتن عشان تقراها براحته.. واهي النسخة اللي طبعوا اوراقها بخط يد مسـاعد.. مع ان كل القصايد مطبوعة بحركة ان الخط اهو خط مسـاعد لكن لفاتن كانت اهي الصفحات الأصليـة اللي سرقتها من دفتر مساعد في وقت ثاني غير اللي جكها فيه.. هدية بسيطة منهها الى صديـقة المسـتقبل..
الله اعلم اي نوع من الصدمات راح تتلقيـنها يا فاتن في هذا الكتاب.. وانتي اللي تحضرين لطلاقج من حبيب قلبج الأوحد.؟؟؟
في بيت ام جراح كانت فاتن قاعدة فيا لحديقة وهي تراقب سماء اللي تزرق الزرع بمحبة وحنان.. صج ان وفاة مشعل اللي طاف عليها الأسبوع هدأت منها وايد.. وخلتها اشبه بالراكدة لكن بعد فاتن عندها امل ان علاج سماء راح يكون في سفرتهم للعمـرة.. ويمكن العلاج لها اهي بعد..
فاتن وهي تكلم سماء بمرح: سموي شنو اول شي بتسوينه اذا رحنا العمـرة؟
سماء وهي تلتفت لفاتن بابتسامة واسعة :بلم بيت الله..
فاتن وهي منصدمة: ههههههههههههههه.. ما بتقدرين..
سماء باستغراب: ليش زين؟
فاتن: بعد.. بيت الله مكان مو هين.. كل المسلمين من اطراف العالم تزوره.. لكن اكيد بتصير لج الفرصة انج تتقربين منه لمن تلاقين الجحر الأسود؟
سماء: اي حجر اسود؟؟؟
فاتن بابتسامة: الحجر الاسود اهو اللي حطاه النبي صلى الله عليه واله وصحبه في الكعبة..
سماء وهي منصدمة: يعني رسول الله لمسه؟
فاتن بابتسامة غير مصدقة:اي لمسة
سماء : يعني نا بعدبلمسه؟؟ اللي لمسه الرسول؟؟
هزت راسها فاتن بحماس وسماء ينت مكانها وهي مو مصدقة وصرخت على اللي في البيت وخصوصا جراح
سماء: جرااااااااااااااااااح عيل في السفر ابي المس الحجر الاسووود
وراحت عن فاتن اللي ظلت قاعدة عند النافورة وهي تضحك بخفة على صدمة سمـاء.. مشاء الله.. جو بيـتهم يغيـر الناس الى الأفضل..
فاتن: الحمد لله على هالبيت..
ام جراح وهي تقعد يم بنتها الي ما حست بقدومها:... شفيه هالبيت؟؟
التفتت فاتن الى امها بهدوء وكانها كانت متوقعتها:.. بيت الخير والرحمة.. وين ما يلقى الانسان لمسة الله الشافية فيه وفي أهله.
ام جراح: مادري عن هالشي.. خصوصا فيـج؟
فاتن وهي تصحح لامه: خصوصا اناااا.. (وتذكرت اللي تبي تقوله لامها). يمة.. انا ابي اخبرج بشي.. بس ابيج تطلعين رباطة جأشج.. لاني محتاجة الى اكبر تشجيـع واكبر قدر من الهدوء عشان اكمل..
ام جراح وهي شبه العارفة اللي يمكن تقوله بنتها.. لان هدوئها اليوم كان مقارب لهدوء ما قبل العاصفة: يا يمـة.. انا ما بسوي فيج شي.. وان حزنت عليج بخفي احزاني في قلبي محل ما دفنت معظمها.. قوليلي يا يمة وريحي قلبج..
فاتن وهي تلم يد امها في حجرها... وبدت دموعها تدغدغ جفونها بنعومة:.. يمة انا ... بسوي اللي بين جراح ومريم.. وبربطهم مع بعض.. شرط ان... اني انفصـل عن مساعد..
ام جراح وهي تذرف دمعة ساخنة وتبعد عيونها عن بنتها
فاتن وهي تكمل وتمسح دمعة سرت من عيونها:... يمة لا تحزنين.. بالعكس.. ابيج تفرحين .. لاني اخيرا برتاح وبريح مساعد معاي.. احنا يا يمة مانصلح لبعض.. من اول شي.. لاني يوم اخذه كنت في ظن ان قلبي مملوك لاحد ثاني.. والحين ..
ام جراح: يا يمة الريال ما يحبج الا انتي
فاتن وهي تهدي امها: يمة ادري.. ادري اهو ما يحبنيالا انا.. بس... بعض الكسور يا يمة... والجروح.. على التئامها الا انها تبقي اثر.. واثر قبيـح.. وبعض الكسور تنجبر وبعضها تترك ألم .. وانا اللي بيني وبين مساعد يا يمة اثر وكسر قبيـحين.. يقيحون القلب آلام.. وما لها اي علاج الا انها.. تنتهي...
ام جراح وهي تمسح دمعها: يا يمة وين صارت هذي.. اللي بطلاقج انتي اخوج يقدر يلاقي البنت؟؟؟؟ لا انا برضاها ولا اخوج ولا حتى مريم..
فاتن: يا يمة ما لازم احد يدريبهالموضوع وانا يايه مخبرتج انتي بدل لا انتي تعرفينه وانا اكتم الآه في قلبي.. يا يمة.. انا يايتج.. اطلب عزاااج فيني... لاني يا يمة بموت وانا على هالدنيا.. بموت وياليت بس يرتاح العالم اللي انا فيه.. وتهدى الونات والآلام..
مسكت ام جراح ويه بنتها بيدينها: شذنبج انتي بهالدنيا؟؟ وانا اللي تمنيتج عروس من اول ما طلعتي مني.... شفتج اجمل حلم لحد لحظة موت ابوج؟؟ ليش يا فاتن؟؟ ليش كان لازم افقد ابوج وافقدج انتي بعد..
فاتن وهي تحط راسها على صدر امها تطلب الشفقة فيها: يمة .. لميني لج يا يمة.. لميـني لج وخليني قربج.. سليني بحنانج يا يمة.. انتي تسليتي فينا يوم توفى ابوي.. انا فقدت ابوي.. وفقدت زوجي.. سليني يا يمة.. سليـني..
ظلت فاتن في حظن امها واهي تبجي.. واللي ما كانت تعرفه فاتن ان سماء كانت واقفة عند باب الحديقة وهي تناظر فاتن وسمعت ثلاثة ارباع الكلام.. لكن الي فهمته ان الموضوع سري ولا زم محد يتكلم فيه.. ولا حتى اهي لازم تبين معرفتها بالموضوع لفاتن بعد.. لان هاي هي رغبة فاتن بالأساس..
ودخلت مناير البيت بفوظتها ويا مريم وهم يعمووون الصريخ في المكان .. اخيرا يقدرون يبوحون بالسر اللي خلجهم طول هالفترة.. وفاتن اللي هدت شوي من الصياح ويا امها طلعوا من الحديقة وهو مستغربين الفوضى.. فاتن اول ما شافت مريم التفتت على عقبها تمسـح الدمع زين من ويهها.. وراحت عند لنافورة تغسـل ويهها .. واول ما طلعت من الحديقة لقت سماء على شمـال الباب مستندة على لطوف.. وشي علا محياها يبين حزن عميـق فيها.. ستغربت فاتن وشكت.. هل يمكن سمعت شي سماء؟؟؟
فاتن وهي تغير الموضوع: علامها مناير تصارخ
سماء : هااا.. مادري شفيها.. اكيد خبال من خبالها... عن اذنج..
وراحت سماء عن ناظر فاتن الى غرفتها.. ويوم طلعت بالصالة لقت الجمع هادئ وساكن.. وكأنهم ما يبون يخبرونها باللي يصير
فاتن وهي تتكلم: شصاير كل هالزعيج
مناير وهي تناظر مريم :لا ولاشي.. س المنتخب فاز في المباراة ما دريتوا؟؟
فاتن وهي تكلم امها: منتخب؟؟ شمنتخبه؟؟؟ على من زين؟
مريم: على منتخب الامارات.. خوش خبر صح؟؟
فاتن: والله مالي سالفة بالكورة انا.. عن اذنكم بروح ارتاح لي شوي
مريم : اصعد ويـاج؟؟
فاتن بابتسامة: حياااااااااج قلبي..
مريم: اسفة بضطر اني اخليج.. بروح البيت لا تقصبني امي..
فاتن وهي تتكلم من غيرتها:.. اكيد.. الحين بعد معظم وقتج ويا مناير.. وين لج في فاتن.. الله يرحم ايامج يا فاتن..
مريم وهي تضحك بقوة من كلام فاتن: آآآآآآآآآآآآخ ياقلبي من هالكلاااام.. لا ماقدر ماقدر.. اانا جذي اسيح.. يا فاتن الانسان يتزوج مرة وحدة ويحب مرة وحدة ويموت ويعيش مرة وحدة يكون له صديق عزيز وااااحد بهالدنيا.. مناير الا تقزيرة..
مناير وهي توقف بالصالة ومتخصرة: لا واللللللللللله؟ اشوف طالت وتشمـخت
مريم وفاتن : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه يا داخل ما بين البصل وقشـره.. مالك الا الخـياس.. هههههههههههههههههههههههههههههههه
مناير وهي تهز امها: يمه شوفي هالثنتين شقاعدين يقولون الحين انا تقزيرة
ما تكلمت ام جراح ولاذت بالصمت الحزين وهي تراقب احتضارات فاتن وتضحياتها.. قلبج كبيـر يايمة.. كبير ومايسع هالدنيا من كبره.. تضحين بفرحتج لفرحة اخوج ورفيـجتج.. كل هالطيبة اللي فيج وما تلاقين الخيـر لج؟؟؟ ليش يا بنتي ليش؟؟ اللهم لا اعتراض.. بس اللي اتمناه يا يمة.. اهو السلام.. لان ابواب السعادة تقفلت عليـج يا يـمة..
|