المنتدى :
المنتدى الاسلامي
الأخلاق بين الإستقامة والإنحراف
كما تمرض الأجساد وتعروها أعراض المرض من شحوب وهزال وضعف، كذلك تمرض الأخلاق، وتبدو عليها سمات الاعتدال ومضاعفاته، في صور من الهزال الخلقي، والانهيار النفسي، على اختلاف في أبعاد المرض ودرجات أعراضه الطارئة على الأجسام والأخلاق.
وكما تعالج الأجسام المريضة، وتسترد صحتها ونشاطها، كذلك تعالج الأخلاق المريضة وتستأنف اعتدالها واستقامتها، متفاوتة في ذلك حسب اعراضها، وطباع ذويها، كالأجسام سواء بسواء.
ولولا إمكان معالجة الأخلاق وتقويمها، لحبطت جهود الأنبياء في تهذيب الناس، وتوجيههم وجهة الخير والصلاح، وغدا البشر من جراء ذلك كالحيوان وأخس قيمة، وأسوأ حالاً منه، حيث أمكن ترويضه، وتطوير أخلاقه، فالفرس الجموح يغدو بالترويض سلس المقاد، والبهائم الوحشية تعود داجنة أليفة.
فكيف لا يجدي ذلك في تهذيب الانسان، وتقويم أخلاقه، وهو أشرف الخلق، وأسماهم كفاءة وعقلاً؟؟
من أجل ذلك فقد تمرض أخلاق الوادع الخَلُوق، ويغدو عبوساً شرساً منحرفاً عن مثاليته الخلقية، لحدوث إحدى الأسباب التالية:
(1) - الوهن والضعف الناجمان عن مرض الانسان واعتدال صحته، أو طرو أعراض الهرم والشيخوخة عليه، مما يجعله مرهف الأعصاب عاجزاً عن التصبر، واحتمال مؤون الناس ومداراتهم.
(2) - الهموم: فإنّها تذهل اللبيب الخلوق، وتحرفه عن أخلاقه الكريمة، وطبعه الوادع.
(3) - الفقر: فانه قد يسبب تجهم الفقير وغلظته، أنَفَةً من هوان الفقر وألم الحرمان، أو حزناً على زوال نعمته السالفة، وفقد غناه.
(4) - الغنى: فكثيراً ما يجمح بصاحبه نحو الزهو والتيه والكبر والطغيان، كما قال الشاعر:
لقد كشف الإثراء عنك خلائقاً***من اللؤم كانت تحت ثوب من الفقر
(5) - المنصب: فقد يُحدث تنمراً في الخُلق، وتطاولاً على الناس، منبعثاً عن ضعة النفس وضعفها، أو لؤم الطبع وخسته.
(6) - العزلة والتزمت: فانه قد يسبب شعوراً بالخيبة والهوان، مما يجعل المعزول عبوساً متجهماً.
علاج سوء الخلق:
وحيث كان سوء الخلق من أسوأ الخصال وأخس الصفات، فجدير بمن يرغب في تهذيب نفسه، وتطهير أخلاقه، من هذا الخلق الذميم، أن يتبع النصائح التالية:
(1) - أن يتذكر مساوئ سوء الخلق وأضراره الفادحة، وأنّه باعث على سخط اللّه تعالى، وازدراء الناس ونفرتهم، على ما شرحناه في مطلع هذا البحث.
(2) - أن يستعرض ما أسلفناه من فضائل حسن الخلق، ومآثره الجليلة، وما ورد في مدحه، والحث عليه، من آثار أهل البيت عليهم السلام.
(3) - التريض على ضبط الأعصاب، وقمع نزوات الخلق السيّئ وبوادره، وذلك بالترّيث في كل ما يصدر عنه من قول أو فعل، مستهدياً بقول الرسول الأعظم صلى اللّه عليه وآله: «أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه». يتبّع تلك النصائح من اعتلت أخلاقه، ومرضت بدوافع نفسية، أو خلقية. أما من ساء خلقه بأسباب مرضية جسمية، فعلاجه بالوسائل الطيبة، وتقوية الصحة العامة، وتوفير دواعي الراحة والطمأنينة، وهدوء الأعصاب
|