كاتب الموضوع :
قلب الجبل
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الفصل السادس عشر
عادت كاثرن إلى منزلها و نظرت إلى ساعة الحائط إنها الحادية عشرة لقد قضت وقتاً ممتعاً مع والديها وكانت سعيدة بالمعلومات التي حصلت عليها عن مارتن أنها معلومات كافية بنسبة لها ولكنها شعرت بضيق وهي تتذكر تفاصيل الحوار الذي دار مع والدتها قالت في نفسها
"إذا فقد كانت أمه السبب الرئيسي في نظرته المشوهة عن المرأة "
وشعرت بالاشمئزاز عندما تذكرت خيانة أمه
"ماذا كان أسمها ؟ أوه أجل أنه أنجيلا "
خلعت سترتها ورمته على الكنبة البيضاء إنها الآن تجد له عذراً وتفهم كيف يفكر عقله وستعرف كيف تتعامل معه لكن السؤال هل ستكون هناك امرأة قادرة على تغير فكرة مارتن؟ ربما من يعلم لكنها وثقة من شيء واحد أنه إن تزوج فلن يتزوج عن حب سيكون مثل معظم الأغنياء الذين لا يتزوجون إلا ليحصلوا على وريث من صلبهم يتولى أمر أموالهم لابد أن يأتي يوم وتتواجه مع مارتن لكن هذه المرة ستكون مواجهة بصورة واضحة.صوت رنين الهاتف يقطع عليها أفكارها .تناولت السماعة وقالت وهي تجلس
"آلو "
"مرحبا كاثي هذه أنا سالي "
" ومن سيكون غيرك فأنا ليس لي صديقة سواك "
ضحكت سالي و قالت وهي تقلد صوت عمتها
" هذا شرف لي يا عزيزتي "
ثم عادت إلى طبيعتها وقالت
" بالمناسبة اتصلت بك لأقول لك شيء مهم يتعلق بمارتن "
قالت كاثرن بصوت كسول وهي تتمطى
"ما هو ؟"
" لا يبدوا في صوتك الاهتمام "
"أخبريني أولاً ثم سأخبرك أنا ما لدي "
" أها حسناً ما عرفته كله يتعلق بالعمل فقط وليس بحياته الشخصية لكن الرجل مشهود له بالاتزان "
" ولكني لا أسميه أتزان بل عدم ثقة وهذا يفسر استقامة هذا الرجل "
"ماذا تقصدين من هذا ؟"
شرحت كاثرن لها بكلمات بسيطة موضحة السبب ثم قالت
" دعينا من مارتن وأخبريني هل ستتمكنين من حضور احتفال ادوارد"
"بالطبع "
"جيد فلدي مفاجأة لك "
"الحمد لله أن الاحتفال غداً وإلا لما تمكنت من الصبر "
قالت كاثرن في نفسها وهي تضم أحدى ساقيها
"أراهن أن ادوارد سيرمي بنا خارج الفندق سنفسد الاحتفال"
*************************
كان الاحتفال رائع ومنظم بدقة أجتمع فيه الأصدقاء جميعهم كما التقاء رجال الأعمال وساد جو من الوئام بين الضيوف السيد ألبرت مع والد سكوت في حين وقفت ألفيا مع أختها ليزي يتبادلن الحديث عن الأيام الماضية بينما جلست كاثرن مع سالي وقالت لها الأخرى
"إذاً ما هي المفاجئة؟ "
"ستسمعينني؟"
"كلي أذان صاغية "
"هل تعرفين ميشيل بيكر ؟"
"وهل يمكن أن أنساها ؟ تلك الفتاة الفاسقة لقد لقنها سكوت درساً لن تنساه أبداً لكن ما الذي ذكرك بها؟"
" لا أعرف مدى علاقتها مع سكرتيرة الشركة لكنها كانت السبب في الشقاق بين والديّ "
صفرة سالي ثم قالت
"أتمنى أن لا يكون مداها هذه المرة كبيراً؟ "
" لا لقد عاد والديّ إلى ما كانوا عليه لكني أريد أن أقتص منها "
قالت سالي بعدائية واضحة في صوتها
" هل تريدين مني أن الطلب من سكوت أن يؤدبها ؟"
"أوه لا أنا لا أفكر في هذا كما أني وعدت كيم بأنها ستبقى خارج القضية "
" لا يمكنني التصديق أن كيم متواطئة معها "
"و أنا متأكدة من ذلك أيضاً لكن الفكرة التي في رأسي شيء مختلف تماماً"
" مؤكد أنها غريبة "
"أتعلمين طلبت من كيم أن تأتي بها إلى الحفلة "
" ماذا!! لابد أنك جننتِ يا كاثي هذا ليس عقاباً صارماً "
" إهدائي يا عزيزتي سالي أنا لم أنتهي بعد فقد تتلقى من سكوت ضربة أخرى أما أنا وأنت فلن نكف عن مضايقتها "
"لقد نسيت ادوارد فهو يكرهها أيضا؟"
" لنشفق عليه أنه مشغول مع سارة كما أننا لا نريد أن نفسد هذا الاحتفال"
تنحنحت سالي وهي تعتدل في جلستها وقالت
"لقد أتى سكوت ومارتن "
أجابت كاثرن دون أن تلتفت
" أرى أنهما قد أصبحا صديقين "
جلس كلا الرجلين وتبادلوا الأحاديث حتى أستاذان سكوت وسالي لتبقى كاثرن مع مارتن بمفردها قال مارتن
"وأخيراً.. أنتي مدينة لي بالاعتذار لما فعلته بي يوم أمس "
كان يقول هذا وهو يريها يده التي رسم عليها أثر أسنانها وعلى وجهه ابتسامة ساحرة فقالت بحده
"ما كان عليك أن تتجاوز حدودك معي ؟ "
ثم وقفت دفعت واحده و وقف هو بدورة وقبل أن تستدير لتذهب بعيد عنه أمسكها من معصمها وتأمل فستانها الملتصق بجسدها بلونه الوردي الذي تلاءم مع بشرتها وشعرها
"لما لا ننهي الحروب التي بيننا يا كاثي؟ "
"لست أنا من بداء بها يا مارتن ؟"
"اتعنين الصلح !؟"
" أعني أنه عليك أن تصلح ما بداخلك قبل أن تصطلح معي "
أشار برأسه أنه يفهم واقترب منها كثيراً بينما كانت تتراجع بخطواتها إلى الوراء شخص واحد لا حظ أن مارتن يتودد إلى كاثرن ولم يعجبه هذا فاتجه نحوهما ولم يصل إلا حين أنحنى مارتن ليقبل كاثرن وقبل أن تمس شفتيه وجنتيها
"أنت أيها الشاب ؟"
التفت مارتن ليلتقي بعيني العجوز التي تقدح شراراً وقد ضاق صدره لهذه ألمقاطعه أما كاثرن فقد رحبت بها لأنها تريد الابتعاد عن مارتن
" ليس للمرة الثانية وأمام عيني ؟"
ثم نقلت بصرها إلى كاثرن
"لا عجب أنك واقعة تحت سحر هذا الرجل "
عقدت كاثرن حاجبيها وقالت
"أنا لست واقعه تحت تأثير أحد خالتي... "
ضربت العجوز الأرض بعصاها في حركة عصبية وقالت
"لم أعلمك هذا أبداً يا كاثي كما أني لم أعلمك الكذب "
هنا تدخل مارتن وهو يقول
"أسمحي لي ..."
أشارت له العجوز بيدها
"أصمت أنت "
ثم أكملت مع كاثرن التي بدا الضيق على وجهها
"هل لك علاقة به؟ "
"كلا أنه ..."
وارتخت كتفاها وهي تضيف
"كما قلت لك سابقاَ صديق لأبي ولا علاقة لي به "
"إذاً كيف تفسرين لي دخوله إلى منزلك وأنت محمولة على ذارعيه "
فغرة كاثرن فمها وتوهج وجهها جراء الفكرة التي تحاول أن تلمح إليها الخالة ليزي وقالت وهي تكاد تجد صوتها
"لقد فهمت الأمر بصورة...."
"كفى "
ظهر الاشمئزاز في عيني الخالة و وجهها وحتى في صوتها حين قالت
"كان علي أن أعرف هذا من قبل فتاة جميلة مثلك.... "
" لا يا خالتي لا تخطئي أقسم لك أن الذي في راسك لم يحدث أبداً "
وزادت توهجاً من نظرة مارتن في وجهها فقالت خالتها
"إذا أتركية وتعالي معي "
نظر إليها مارتن وفي عينيه تتراقص ابتسامة خبيثة فقالت
"أنت أقبح إنسان شاهدته في حياتي يا مارتن "
أقترب منها ليتكلم لكن الخالة حالت بينه وبينها بعصاها كي لا يقترب أكثر فقال بهدوء
"كما أعطتك الخالة ليزي فرصة كاثرى أعطيني أنت فرصة لأتكلم معك"
"لا أعتقد انه هناك شيء بيننا يقال كل ما أطلبه هو أن لا تراك عيني ثانية"
"إذا أعطيني خمس دقائق ثم ليذهب كل منا في طريقة "
ودون أن تنتظر إذن من خالتها قالت
"تفضل "
"ليس على مسمع خالتك يا عزيزتي "
وعندما أبدت موافقتها قالت الخالة بازدراء
" ماذا؟ ظننك ..."
"أرجوكِ يا خالتي أنا راشدة بما فيه الكفاية لأعرف ما أفعل ثم أننا أمام عينيك وسألحق بك بعد خمس دقائق"
أشارة خالتها بشفتيها بحزم و انحنت برأسها دلالة على الموافقة وحين ابتعدا قالت كاثرن بنفاذ صبر
"هل لك أن تخبرني من الذي اخبر خالتي بهذا؟ ليس هناك أحد يعلم بدخولك منزلي سواك "
"هل من الممكن أن تهدئي لتسمعيني ؟"
عقدت يديها أمامه وقالت
"أني أسمعك"
وعندما أخبرها ما حدث بهدوء قالت
"أوه لا يا مارتن ليس أمام الخالة ليزي لم تكن بحاجة إلى ..."
واحمر وجهها قبل أن تكمل فقالت
"أعني أنه لم يكن ضرورياً "
كاد أن يقول انه ضروري بنسبة له لكنه قال ببرود وهو يرفع حاجبيه وكأن صوتها المخنوق و وجهها المحمر اللذان يعبران عن غضبها لم يعنيان له شيء
"لقد كنت متعبة جداً ومرهقة فاقترحت على الطبيبان أن أحملك إلى غرفتك"
أشتد غضبها من وقاحته فقالت
"اقترحت ؟ اقترحت؟! أتعرف أين المشكلة يا مارتن"
"أين؟"
"عنجهيتك غرورك بنفسك إنقاصك من الآخرين كما أنك لا تحب أن يقال لك كلمة (لا ) و الأسخف من هذا أنك إن حكمت على أحد حكماً خاطئاً فإنك لا تبدله أبداً كما أنك تعم في عقابك وثوابك دون أن تخص الشخص المعني "
"هل حقاً أنا كذلك ؟"
"وأشد أيضاً "
"لكنكِ تشاركيني في هذه الصفات يا طفلتي"
وقبل أن تجيب انغرست أظفار في كتف كاثرن العاري بحقد ولم يخفى هذا عن عيني مارتن الذي كاد أن يكسر تلك اليد التي آذت كاثرن التفتت كاثرن لتلتقي عينيها بعيني فتاة شقراء جميلة فاتنة ورائحة عطرها الناعم تداعب أنوف من حولها
"مرحباً عزيزتي كاثي مر زمن طويل قبل أن نلتقي "
فكرت كاثرن أنه لم يكن الوقت المناسب لتتفرغ لميشيل بيكر لكن لا بأس لقد أتت للجحيم بقدميه رحبت بها و بكيم الواقفة بجانبها في صمت قالت ميشيل بدلال واضح وهي تنظر إلى مارتن نظرة ذات مغزى كرهها
"ألن تقدمينا لبعضنا يا كاثي؟"
"أوه بتأكيد ميشيل هذا السيد روبرتسون الآنسة بيكر والآن اسمحوا لي"
وقبل أن تذهب أمسكها مارتن وقربها منه وقال بهمس
"مع من تتركيني؟"
قالت بصوت لا يسمعه غيرهما
"مع كلابك البوليسية التي تحاول حمايتك من شري"
"لن يتمكن احد من خطفي من شرك أو منك إن أردتي"
ولأنها كانت في قمة غضبها منه ومن ميشيل لم تدرك معنى ما قاله ولم يبدو في عينيها أي اثر وخطت خطوة لتبتعد فأمسكها بذراعها مرة أخرى وأعادها أمامه ليضيف قائلا ببطء
"كما لن يأخذك احد من قلبي"
بدا ارتباك واضحاً عليها لكنها قالت حزم
"سنرى"
"الخالة ليزي غاضبة فقد انتهت الخمس دقائق"
"لست بحاجة لتذكري كي اذهب"
"لو كان بيدي..."
قاطعته بسرعة
"الأفضل أن اذهب "
اشتعلت ميشيل غضبا لتهامسهما أما كاثرن فأثناء مرورها تعمدت أن تدوس بكعب حذائها العالي على قدم ميشيل بقوة وابتعدت
ضحكت ميشيل برقة في محاولة منها لتغطية الأم الذي تشعر به و قالت له
"يمكنك مناداتي ميشيل"
"أما أنا فأفضل أن أبقى السيد روبرتسون"
لم يكن هذا كافي بنسبة لها فلم تتعود على الرفض بعد أن صدها سكوت عادت تتذكر الموقف المخزي الذي حدث لها يوم أن خرجت من البار وهي في حالة سكر تام بعد أن أسرفت في الشراب ورمت نفسها وهي شبة عارية على السكوت الذي مر بذلك المكان وهو كاره له فلم يكن ليأتي إلا لأنه كان يبحث عن رجل أخبروه أنه لن يجده إلى هناك أبعدها عنه بشدة وعندما ألقت بنفسها علية مرة ثانية صفعها على وجهها بقوة وخرج من البار وهو يشتمها ويشتم الرجل الذي كان يبحث عنه نفضت من ذهنها تلك الذكرى المشينة و مدت يدها بنعومة لتضعها في يد مارتن وهي تقول
"هل تمانع لو رقصنا سويا؟"
عندما نظر في عينيها الزرقاوين أدرك أن الفتاة جمالها خارجي و أنها خبيثة من الداخل وليست بصفا كاثرن المشاكسة نظر خلف ميشيل ليرى كاثرن مع خالتها يتناقشان يبدو أن نقاشهما لن ينقضي وعليه إنهاء هذا الموضوع قريبا أتاه الصوت الرقيق
"لم تجبني بعد سيد روبرتسون؟!"
نزع يده من يدها بخفة وردد كلمة حفظها من كاثرن
"أعتذر فأنا لا أجيد الرقص"
وقبل أن تقدم على قول شيء قال
" عن أذنك آنسة بيكر"
وأبتعد عنها في هذه الأثناء جلس الأربعة حول طاولة واحدة سكوت يتحدث مع الخالة ليزي ويبدوا أن العجوز مستمتعة معه فقالت سالي لصديقتها
"هل تنوين جعل ميشيل تخطف مارتن منك؟!"
"دعينا نرى إن كان سيجتاز الاختبار أو لا"
قالت سالي وعلى وجهها ابتسامة مشرقة
"يبدو انه اجتازه بنجاح وفي وقت قياسي"
شاهدت كاثرن مارتن وهو يقترب ولاحظت انقباض وجه خالتها حسن جدا ما هي المواجهة الجديدة ؟ لعب سكوت دور الدبلوماسي جيدا واستطاع أن يجعل مارتن يجلس عن يسار كاثرن التي تجلس بجانب سالي وترك العجوز عن يسار مارتن في حين جلس هو بين سالي والعجوز لمس مارتن الأثر الذي أحدثته أظفار ميشيل على بشرت كاثرن النقية والتي أحس نعومتها تحت أصبعه و قال
"هل يؤلمك؟"
أجابت باقتضاب
"لا"
فقالت العجوز له
"اعتقد أنها أخبرتك أنها لا تريد رؤيتك مرة أخرى!"
أجاب مارتن
"هذا صحيحة إنها تكرر هذا لي كثيرا كلما رأتني ومع ذلك فأنا أأتي لرؤيتها ولا أعتقد أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي اسمعها تقول هذا لي "
ووضع يده على يد كاثرن التي سرا فيها قشعريرة باردة فسحبتها وأشاحت بوجهها إلى سالي كي لا تسمع نقاشهما الحاد وقالت
"أين ادوارد بعدما استقبلنا لم نراه ؟"
ضحكت سالي وقالت
"عندما يكون دورك ستتبخرين أنت الأخرى"
"إذا انتظري حتى تصبحين جده"
"لا اعتقد هذا أوه انظري إن ميشيل قادمة نحونا هذا لن يعجب سكوت أبدا لن يعجبه"
"أوافقك على هذا وحفظا على مشاعره ألمرهفه عليها أن تخرج من هنا فلم يعد لها مكان بيننا حان وقت العمل عليك البارد وعلي أنا الساخن "
"أرجوك أتركِ الساخن لي"
"بل لي أنا يا عزيزتي"
"ما دمت مصرة حسنا ومن الأول؟"
"سأترك هذا الشرف لك أنت"
وقفت لتذهب فقالت سالي
"إلى أين؟"
غمزت كاثرن لها بعينها وقالت
"لأخذ موقعي"
"إذا حظا جيدا"
راقب سكوت بعينين ضيقتين الشقراء الفاتنة في فستانها الأحمر القصير والذي يصف رشاقة جسدها وهي تقترب نحوهم وتقول
"سكوت وسالي يا لها من مفاجأة أوه ليس من حقي أن أتفاجأ أليس كذلك فأينما تكون كاثي العزيزة علي أن أتوقع وجودكما"
مدت يدها لسكوت والذي صافحها بهدوء بالكاد استطاع إظهاره بعد أن بذل جهد كبير للمحافظة على أعصابه وقال
"وهل أنت مدعوة ميشيل؟"
"أنا مرافقة لصديقتي كيم "
وعندما تقدمت نحو سالي أظهرت سالي اشتياقها وقبل أن تعانقها وبحركة سريعة بدت لمن حولها بريئة غير مقصودها سكبت العصير الذي كان في يدها على ميشيل التي سرعان ما شهقت وعقدت حواجبها لتلقي على سالي التي قالت
"آسفة"
نظرة نارية وأسرعت سالي تحاول البحث عن منديل هي نفسها تعلم أنها لن تجده أبداً توقفت ميشيل عن أتلفظ بشتيمة لاذعة عندما شاهدت مارتن ينظر إليها فأسفرت شفتيها عن ابتسامة ساحرة له قبل أن تقول لسالي
"لا تزعجي نفسك يا عزيزتي فلا أعتقد انه بإمكاني البقاء بهذا الفستان المتسخ"
ثم قالت
"سعدت بالتعرف إليك سيد روبرتسون وأتمنى أن نلتقي مره أخرى"
كلمتها الأخيرة أثارت كاثرن التي تقف وظهرها إليهم على بعد مسافة قليلة منهم وعندما سمعت ميشيل تتمنى لهم ليلة سعيدة وتودعهم ولم تمشي بضعة أمتار إلا وقد أسرعت كاثرن في مشيتها لتعترض طريقها وتتظاهر بأن قدمها تعثرت بفستانها الطويل ومن ثم سكبت القهوة الساخنة على ميشيل فصرخت هذه الأخرى صرخة مكبوتة يملأها الغيض وعندما رأت كاثرن اتساع عيني ميشيل وهي لا تستطيع إبعاد اللباس الضيق الذي يحمل حرارة القهوة إلى بشرتها نظرت إلى فنجانها الذي لم يبقى فيه إلى القليل وقالت برقة
" أمر فظيع!"
فصرخت ميشيل وقد جذبت أنظار من حولها
" أتسمين اندلاق قهوة ساخنة علي أمر فضيع!"
قالت كاثرن ببرود وهي تتصنع الدهشة برفع حاجبيها الأنيقين
"بل قصدت خسارتي لقهوتي اللذيذة على فستانك"
صاحت ميشيل وهي تشتعل غضبا
"ماذا؟"
لم يكن قد فات مارتن الذي عقد حاجبيه شيء من حين ابتعاد ميشيل عنهم وكذلك سكوت وسالي والخالة ليزي وعلى وجه الثلاثة ابتسامة استحسان لكاثرن وقبل أن تقوم ميشيل بحركة أخرى تلفت انتباه الحاضرين وتفسد الحفل أسرع مارتن نحوها وقال بحزم
"أأسف لما حصل لك آنسة بيكر"
فقالت بعصبية
"أنها المرة الثانية في هذه الليلة سيد روبرتسون"
"لا داعي لكل هذا صراخ آنستي واسمحي لي بتوصيلك "
"هذا لطف منك سيد روبرتسون لكن..."
وقبل أن تقول ميشيل هذا لمارتن كانت كاثرن قد ذهبت لأصدقائها ورأسها مرتفع بشموخ بعد خروج مارتن وميشيل عاد الضيوف إلى ما كانوا عليه قالت سارة لادوارد
"أتسأل لماذا فعلت كاثي هذا ؟"
"لقد تعثرت بسبب فستانها الطويل"
اقتربت سارة منه أكثر ودست يدها تحت ذراعه وقالت وهي تريح رأسها على كتفه
"لقد تعمدت هذا حتى أنها تركتها دون أن تنطق بكلمة اعتذار واحدة"
فقال بعفويه
"حقا؟ ربما حاولت الفتاة مغازلة مارتن"
" أتقصد أن كاثرن تغار! هل تعني أنها تحب مارتن؟ "
"أنا لم اقل هذا يا عزيزتي ما رأيك لو انضممنا إليهم؟"
عندما جلست كاثرن كان سكوت لا يزال يضحك وقال لها
"أنت رائعة يا عزيزتي كاثي أنا فخور بك"
"كانت تستحق أكثر من هذا "
ثم التفت إلى سالي وقالت
"لماذا عانقتها سالي؟ كان بأماكنك رمي الكأس في وجهها "
رفعت سالي يديها وكأنها تدافع عن نفسها وقالت
"أنا لم أعانقها وهل جننت لقد أنسكب عليها العصير قبل أن أفعل ذلك "
ثم أضافت ممازح وهي تنظر فيمن حولها
"وطبعاً كان ذلك رغماً عني "
ضحكوا جميعهم ثم انتبهوا إلى العجوز التي تشاركهم الضحك وفجأة صمتوا حتى لم يبقى سوى صوت ضحكتها فقالت سالي
"أوه نحن آسفون سيدة غرهام لم نكن نقصد ألا نحترمك لكن..."
" لقد استمعت بما فعلتماه كثيراً فلم تعجبني تلك الفتاة أبداً وقد كنت أهم بأبعادها لكنك و كاثي قمتما بلازم "
قالت كاثرن بحماس
"لم أكن أتوقع منك هذا خالتي ؟"
فقالت العجوز
"أمرٌ أخر يا عزيزتي فقد أعادني هذا إلى أيام طفولتك يوم كنت تسكبين الحساء الذي لا تحبينه من النافذة على حديقتي "
أحمر وجه كاثرن عندما ضحك سكوت وسالي فقالت تؤنبهم
"ليس من حقكم الضحك ثم أنني لم أكن فتاة سيئة؟"
قالت السيدة غرهام
"على الإطلاق يا عزيزتي لم تكوني سيئة أبداً "
قالت سالي
"هل تتوقعون أن القهوة ستؤثر على بشرتها "
قالت كاثرن بضيق
"لا أعتقد فقد بقيت واقفة لفترة ليست بالقصيرة ..أنظروا وأخيرا أتى ادوارد وسارة "
أنظم أليهم ادوارد وسارة قالت سالي بقلق لكاثرن
"لقد ذهب مارتن مع مشيل "
"وما شأني فليكن إلى الجحيم "
"هذا لا يعجبني أبداً يا كاثي "
دهشت كاثرن وهي تشاهد مارتن قادم نحوهم ويأخذ مكانه بجانبها تبادل مع أخته حديثاً ودياً ثم أنتقل إلى سالي و كاثرن وقال بجبين مقطب وهو ينظر لهما بنصف عينية
" لقد أفسدتما الاحتفال بتصرفكما الطفولي آنستاي "
تجاهلته كاثرن وسألت صديقتها بسخرية
"هل أفسدنا احتفال ادوارد يا سالي ؟"
لم تكن تحبذ سالي أن يطول الأمر خصوصاً وأن مارتن يبدوا جاداً في موقفه بحثت ببصرها عن سكوت لينقذها لكنه لا يزال مع السيدة غرهام وقد انضما ادوارد وسارة لهما ولا يبدوا على أحد منهم أنه منتبه لهم إلا عيني العجوز التي تسترق النظر لهم فكتفت بأن لا تجيب كاثرن وتحدق في كأسها فقال مارتن لكاثرن
"انه ليس احتفال ادوارد فقط يا طفلتي هل علي أن أذكرك أن سارة أختي؟"
مطت كاثرن شفتيها وقالت
"حسناً ربما أفسدناه قليلاً لكن لماذا عدت ألم تعرض على كلبك البوليسي أن توصلها ؟"
لم يخبرها أنه طلب لها تكسي وتركها تعود وحدها تجهم وجهه وقال
" ما سر كراهية الجميع لها؟"
" أعتقد أني اكتفيت منك هذه الليلة يا مارتن "
وعندما همت بالوقف قال مارتن
"حقاً ؟"
أكتفت بابتسامة كبرياء على وجهها وقفت وابتعدت عن كرسيها لترى والديها يبتسمان لها فذهبت نحوهما مسرعة على الأقل هذا أفضل من البقاء بجانب شخص يثير فيها مشاعر متناقضة حب وكراهية شوق و ملل عليها أن تلقي بكل هذا خلف ظهرها فمارتن ليس لها لأنها عدوته الأولى قال لها والدها
" ما لذي فعلته يا صغيرتي "
"وماذا فعلت برأيك ؟"
قال والدها بضيق
"لقد سكبت القهوة عن عمد على الفتاة "
"أحقاً فعلت ظننت أني تعثرت بفستاني ما رأيك به أليس جميلاً "
قال والدها بانزعاج
"كاثرن ..."
قاطعته ألفيا
"تومي كف عن توبيخ أبنتنا "
"لكنها أسأت الأدب وأمام الجميع "
قالت كاثرن
"لا تهتم لهذا ؟ لقد كبرت وأنا مسئولة عن تصرفاتي "
"كبرت لكن عقلك يعمل كالأطفال"
تساءلت لماذا أصبحت تسمع هذه الكلمة في الآونة الأخيرة كثيرا
" أتعرف من هذه الفتاة التي تدافع عنها أنها ميشيل بكير الفتاة التي اتصلت بأمي وأحدثت الشقاق بينكما "
شهقت ألفيا ثم نظرة إلى زوجها بمكر والذي كانت الدهشة واضحة على وجهه وقالت ممازحة
"ألهذا كنت تدافع عنها يا توماس ؟"
رمش بعينية مرارا ثم قال
"أنا لا أعرفها فعلاً "
قالت ألفيا
"أنظر في عيني لأعرف أن كنت صادقاً "
وعندما نظرت أليه قال ممازحا وهو يملس شعره الذي أنتشر فيه الشيب عند أذنيه
"أتعتقدين أنها معجبة بي؟ "
أطلقت ألفيا شهقة دهشة وكأن هذا الأمر صدمها وشاهدت أبنتها تبتسم لممازحتهما لبعضهما فقالت
"أحسنت صنعاً يا كاثي كان عليك مناداتي لأساعدك برمي طبق كعك على وجهها والآن أذهبي واستمتعي بوقتك مع أصدقائك واتركيني أتفاهم مع والدك الذي يوشك أن يفقد عقلة "
قالت كاثي مداعبة قبل أن تبتعد
"عليك به يا أمي ولا تشفقي عليه فالرجال لا يستحقون الرحمة "
عادت إلى أصدقائها وهي ترى خالتها ليزي تقف وتستعد للمغادرة وتودع من حولها لتقول لها
" هل توصليني بسيارتك يا كاثي؟"
لم يخفى على الجميع أنها كانت تحاول أبعاد كاثرن عن مارتن فقالت كاثي مرحبة
" بطبع يا خالتي "
فقال مارتن
"لا يزال الوقت مبكراً أنها التاسعة والنصف "
نظرت إليه السيدة غرهام وقالت
" أنا كبيرة في السن ومتعبة جداً وأنت تعرف هذا أيها الشاب"
تحركت كاثرن بجانب جدتها بعد أن تفرق الجميع ولم يبقى سوى مارتن معهما فأمسك بيد كاثرن وقال
"هل ستعودين إلى هنا ثانية؟"
إنها لا تكره مارتن ولا تطيق يوم أن يمر دون أن تراه وتستمتع بمجادلته لكن عيني خالتها تقذف شراراً وتقيم موقفها فقالت كاثرن بتوتر
"ما الذي تفعله بالله عليك؟"
" كاثرى هناك شيء يجيب أن ننتهي منه هذه الليلة قبل أن أبتعد عنك "
أنها ليست بالغبية أبداً حتى لا تدرك أن ما سيقوله لها سيكون أمراً مهماً ربما هي متشوقة لسماعه كما أنها لا تريد الابتعاد عنه لكن كبريائها لا يسمح لها أبداً بأن تقول له لا تذهب كما أنها تخاف من خيبة الأمل نظرة في عينية بشك لا يمكن أن يكون كاذباً صوته العذب لهجته الرقيقة نظرة عينية الناعمة حاجبيه المتراخيان أرادت أن تقول له أتصل بي فيما بعد لكن خالتها قالت
"أرى أنك تخصها باسم لا يسميها به أحد غيرك أسمع أيها الشاب لقد أخذت من وقتي الكثير وقد أصبت بالأرق منذ ذكرت لي خادمتي أسمك لأني لم أشعر بالراحة أبداً لعلاقتك مع أبنتي التي أحطتها بعنايتي منذ صغرها ولم يكن وجودي هذه الليلة هنا حباً في العلاقات الاجتماعي بل لأبعدك من طريقها وقد ظهر لي أنها تشاركني رغبتي ولست أعجب فهي تربيتي لذا لم يعد هناك الكثير فبتعد عن طريقها سيد روبرتسون "
لأول مرة تنطق السيدة غرهام بسيد روبرتسون كما أنها لفظتها بازدراء واحتقار شديدين فقال مارتن
"هذا الأمر يعنيني أنا و كاثرى فقط وهي التي تقرر أن كانت تريدني أن أبقاء وأن أبتعد عنها للأبد "
قالت السيدة غرهام بهدوء ظاهر
"الكلمة الأخيرة لي وما أقوله أنا هو نفسه ما ترغب به كاثي أليس كذلك يا عزيزتي؟"
أجابت وهي تنقل عينيها إليهما وكأنها مخيرة بأن تختار أحدهم لكن هذا صعب عليها أجابت بصوت مرتجف
"بلى يا خالتي "
تجهم وجه مارتن وهو يطبق فكه بحزم واضح فقالت السيدة غرهام
"عظيم إذا لقد انتهينا يا سيد روبرتسون"
رفع مارتن يديه وأمسك كاثرن بعضديها وهو ينظر في عينيها مباشرة
"لقد أثبت لي دوماً أنك الفتاة الشقية المدللة التي لا تتقبل رأي الآخرين إن كان يخالف رأيه وكنت كتلة من النار التي تحرق وتؤذي من يتحداها فهل تخافين منها ومن سطوتها ؟ أم أنك تخشين من سماع ما سوف أقوله؟ "
أدركت السيدة غرهام أن من شأن هذا الاستفزاز أن يجعل كاثرن تستمع له فأسرعت تمسك بذراعها وتبعدها عن قبضتيه وهي تقول
"هيا يا عزيزتي كاثي لنذهب "
نظر مارتن للعجوز والغضب يعصف في عينيه وقال
" لا أعتقد أنك ستقلقين عليها لو كانت مع ادوارد أو سكوت "
قالت وهي تبتسم
"بطبع لا "
"إذا لماذا أنا؟"
هنا قالت بحقد واضح
"لأن عينيك تملك لوني عيني أمك "
لم يعجب كاثرن ما قلته خالتها أنها تحمل في طياتها شتيمة لاذعة لم تكن تكف هي عن أسمعها لمارتن كما أنها لم تعتذر له عنها حتى الآن نظرت إليه كان من الخارج بارداً واثقاً وينظر لهما بنصف عينيه ولم تكن تعلم أنه من الداخل يتأجج ناراً فقال بهدوء لسيدة غرهام
"فليكن ما تريدين "
ثم نظر إلى كاثرن وأضاف بنفس طريقته وأقسى وهو يمد يده
"وداعاً يا كاثرى "
أنتفض قلبها نحوه وكأنها لم تره منذ سنوات طويلة وهاهي تذوب شوقاً أليه مدت يداً مرتجفة لتستقر في يده وقالت
"وداعاً مارتن "
ثم سحبتها بسرعة وقبل أن تذهب مع خالتها كان مارتن قد غادر ورحل ليتركها خلفه في الفندق...
|