لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-05-07, 09:36 AM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

اتجهت إلى غرفة مريم فتحت الباب ووجدتها نائمة ,,

"فاطمة .."
"مريم ..أنت بخير الآن ؟"
هزت رأسها " لقد سار مفعول المورفين في دمي الآن .. أشعر براحه قليلا ..لم أجدها مساء أمس .."
"هل كنت تتألمين مساء أمس ؟"
هزت مريم رأسها " كانت المسكنات التي وصفها الطبيب لاتجدي نفعا ..فقد اعتادها جسدي .. "
كانت عيناها التي تحيط بها الهالات تنظر بتعب إلى الباب .. هل تنتظر أحدا يا ترى ؟؟
"مريم حصلت على وظيفة صباحية في احدى المؤسسات لهذا لن آتي في الصباح .."
"مبروك .... فاطمة .. خذي .. "
أمسكت بآلآم فيرتير وأعطتني إياه ..
"أنه الشيء الوحيد الذي ..يتعلق بي .. إحتفظي به .. "
لم أستطع كبح دموعي " لا يا مريم .. لاتقولي هذا .."
ابتسمت وهي تقول " لا ..لاتبكي فاطمة ..أنا وأنت نعرف تماما أنه حان الوقت .. بأي لحظة الآن .. إني أنتظر الموت .. أنتظره كإنتظار طفل يتيم ليجد ملجأ ..أنتظره كإنتظار المغترب..الذي يريد العودة إلى وطنه .. أنتظره .. كإنتظار الشاعر ليجد ملهمته .. أنتظره .. وأنا لا أعرف هل سيطول انتظاري .. أم .. سيأتي سريعا .. أنه الغيب .. هذا مايجمعنا .. عدم معرفتنا بما سيحدث ومتى سيحدث ..لكننا نعرف أنه سيحدث .."

كفكفت دموعي . وسألتها " لماذا تجاهلت الأعراض ؟"

نظرت إلي وفهمت ما أقصد .. قالت
" لم أتعمد هذا .. لكني أحببت شعور الصحة .. الذي كنت قد نسيته منذ زمن بعيد .. رغم أني تجاهلت الأمر لعدة أشهر فقط ... لكنه أتى بنتيجة عكسية .. لكني لم أندم ..ليس انتحارا .. لكن .. لا أستطيع تحمل البقاء هكذا طريحة الفراش عاجزة.."

لكن انه انتحار شرعي يا مريم .. من تخدعين .؟؟...عادت مريم للنظر من خلال الباب كأنها تنتظر أحدا ..
سألتها مرتبكة
"من تنتظرين ؟؟"
إبتسمت "لاتخافي عزرائيل لن يطرق الباب "
ابتسمت لكني بكيت في ذات اللحظة .. بكيت من الداخل .. لا أجرؤ على البكاء أمامها ..
قالت " ستأتي أمي بعد قليل .. أريد أن أخبرها أنني سأموت خلال هذا الأسبوع .."

"لا تتحدثي عن الموت بهذه الروح المرحه .. أنت تقتلينني .. "
أمسكت يدي وقالت " أريد أن أؤلمها .. رغم أنني أشك أنها ستشعر بشيء .."
"مريم لماذا هذا الحقد .. دعيها , أنت لاتحتاجينها ! "
قالت والكره تجسد في قسمات وجهها " أمي هي السبب في شقائي ."
أمسكت بيدها وقررت أن أخلصها من حقدها
" ستندم.. تأكدي من هذا .. لكنك لن تستفيدي شيئا من إيلامها .. ستبقى هنا تبكي أياما .. سيتعذب قلبك لمنظرها .. وبدلا من السلام الذي تنشدينه .. ستشعرين بالذنب ..أنك أخبرتها .. لأن قلبك لن يرضى أن يؤلمها .. ضميرك لن يتحمل العيش لهذا الألم ..سامحيها .. فقط سامحيها .. وستدرك غلطتها الفادحة .."
كانت الدموع تغسل عيني مريم .. كأنها فهمت ماقصدت .. ابتسمت وقالت
" بكلماتك .. نسيت كل الكره الذي أكتمه في قلبي .أجل ستعاني .. لكني لن أتحمل أن أراها تعاني .. خذي الكتاب . فقد يكون هذا آخر لقاء بيننا .. فأنا أشعر أن نهايتي إقتربت .. ولن أترك لها هذا الكتاب الذي يحمل جزءا مني .. لكن .. إقرأي لي منه شيئا .. كوداع بيننا "
بكيت وأنا أعرف أنها تقصد بالوداع الكتاب فهو جزء مهم في حياتها ! .. فأنا سأزورها في الغد ..ولن أتأخر عنها .. أمسكت بالكتاب .. لأجد إحدى الصفحات المطوية .. فقررت قراءتها

(( للمرة الأخيرة أفتح هاتين العينين ،وا آسفاه لن ترى هاتان العينان الشمس بعد الآن ..وهي الآن مغطاة بسحب كثيفة لاسبيل إلى النفاذ منها ..أجل أيتها الطبيعة إلبسي ثياب الحداد ،فطفلك ،وصديقك،وعاشقك يدنو من نهايته !
إن هذه الفكرة ياشارلوت ليس هناك مايضارعها ومع ذلك تبدو لي كحلم غامض عندما أكرر قولي :إن هذا يومي الأخير الأخير ياشارلوت !ومامن كلمة يمكن أن تعبر عن هذا الخاطر حق التعبير ..اليوم الأخير .
ها أنا اليوم أقف منتصبا بكل قوتي وغدا سأكون ملقى على الأرض هامدا باردا .أموت ومالموت ؟كل مايدور عنه في أحاديثنا محض أحلام .لقد رأيت أناسا كثيرين يموتون ولكن طبيعتنا الضعيفة كثيرة القيود بالغة الضيق ،فليس لدينا تصور واضح لبداية وجودنا ولا لنهايته ! ))

احتضنت الكتاب وأنا أنظر إلى مريم التي كانت قد نامت .. قبلت رأسها وأحكمت غطائها وتوجهت إلى التلفاز لأضع قناة قرآن لتهدأ روحها التعبة فبالقرآن تطمئن القلوب .. خرجت وأطفأت الضوء فور خروجي وطلبت من الممرضة أن تنتبه إليها .

عدت إلى المنزل وقررت أن أنام ..عندما رن هاتفي
" ألو .."
كان صوت جدتي غاضبا
" فاطمة ألن تأتي معي لنبارك لمنى .؟؟ اتصل بك منذ الصباح أين أنتي ؟"
"جدتي كنت في مقابلة عمل .. ومن ثم مررت بصديقتي مريم "
"غيري ملابسك وتعالي لمنزل عمتك خلال ساعه لنذهب معا .. هيا "
نظرت إلى الساعه .. كانت الظهيرة تقريبا !
"لم لانذهب في المساء جدتي ؟"
" فاطمة ..منى ستسافر في المساء ..هيا بلا كسل .."
"حاضر سآتي خلال ساعه "
"أسرعي إن إستطعت "
أغلقت الهاتف ووقفت لأستعد حينما رن الهاتف مرة أخرى
"جدتي سآتي الآن .."
"مرحبا .."
كان صوت سارة عبر الهاتف أفرحني كثيرا فلم أتواصل معها منذ شهر
" أين أختفيت أيتها المجنونة اشتقت إليك ,,"
" أنت تعرفين أين أنا .. ما أخبارك ؟"
قلت محاولة أن أبدو طبيعية " بخير .. كنت في الامس في زفاف منى ..و..في الصباح اتجهت لمقابلة عمل وقبلوا بي سأبدأ غدا بإذن الله "
"أخبار جيده فاطمة .. هل نزعت الجبيرة ؟"
" أجل منذ أسبوع تقريبا وأنت متى تعودين ؟"
"هذا ما اتصلت لأخبرك به ..سأتأخر في عودتي "
تنهدت حيث كنت أحتاجها بجانبي "سارة أرجوك ..لاتطيلي السفر .."
قالت سارة بهمة "انتظري ثلاث أسابيع وأبقى إلى جانبك إلى الأبد "
فرحت كثيرا وكنت قد نسيت أن موعد زواجها اقترب
" متى ستعودين ؟؟ هناك مواضيع أود أن أناقشها معك .."
"فاطمة هل هناك شيء خطير ؟؟"
"لا ...لاشيء خطير .لكن اشتقت إليك .."
قالت سارة "سأعود بعد عشرة أيام .. تقريبا .. فأنا الآن برفقة أمي في أحد أجمل المنتجعات في لبنان .."
قلت مندهشة "لن تجري عملية تجميل !! "
سمعت ضحك سارة عبر السماعه وهي تقول "أيتها المجنونة ولم سأجري عملية .. لست بحاجة لها "
قلت مبررة موقفي "أنت تعرفين أن معظم من يجرون العمليات لايشكون من شيء اطلاقا لكنهم يبحثون عن الكمال .. "
ردت سارة "لكني لست محتاجه إليها ... ولن أجريها .. فقط إسترخاء ونضارة البشرة فأنا عروس لاتنسي هذا .. أحتاج للإسترخاء ثم أنه الربيع والجو رائع .. "

"ساره لاتنسي أنك ستسافرين في شهر عسل "
"لا لن أسافر اتفقت مع محمد وهو لايستطيع السفر في شهر عسل .. سنقضي عدة أيام في دبي ثم نعود ..وقد نأخذك معنا "

"طبعا لن أرافقكما .. هل أنت جادة .. لا . لدي عملي ..لاأستطيع أن أجازف به أيضا لن تصدقي مدى الصعوبة التي واجهتني عندما سألوني عن سبب استقالتي .. أنا عن نفسي لا أعرف .. السبب فبقيت أتأتأ وأأكرر ضد .. أنا .. لم .. كان موقفا سخيفا "
ضحكت سارة وقالت " لم لم تجيبيهم لم يلائمني العمل ولم يلائم ووضعي العائلي ..ببساطة ولن يطلبوا منك أي تبريرات .. "
تنهدت " قلت شيئا مشابهها .. لكني أخفقت كليا في رسم انطباع جيد .. سأبدأ غدا وسأحاول أن أثبت أهليتي للعمل ..حتى يوقعوا عقدا معي "
قالت سارة "لاتخافي ستتحسن كل الأمور .. أنت جيده في عملك .. سأتركك الآن .. وعلى مايبدو أن جدتك تنتظرك ! "

"اوه ساره نسيت .. يجب أن أذهب لمنى برفقتها أكلمك لاحقا .. إلى اللقاء "
" في حفظ الله "
أغلقت الهاتف وقفزت إلى خزانتي لآخذ ملابسا أرتديها ولم أجد أفضل من تنورة سوداء بطبقات من الشيفوون وبلوزة بيضاء فرنسية مطرزة .. نظرت إلى خزانتي ببؤس . لم أتخلص بعد من ملابسي السابقة التي كنت قد أرتديتها عندما كنت سمينة .. لماذا ياترى ؟؟ لماذا أشعر بأنني أعود إلى تلك المرحلة قريبا !! يجب ان أضعها في كيس وأبعثها للجمعية الخيرية .. رغم أنني أشك أن هناك من سيرتديها من الفقراء ! فمن أين لهم بهذه الأرطال الزائده وهم يعانون الفقر ؟؟ هل سيستخدمونها كأغطية لهم ؟؟ أم مفارش للأسرة ؟؟ لابأس أسوأ الإحتمالات أن يرتديها عشرة أطفال فقراء معا ! يا إلهي ليس الأمر بهذا السوء !

إنها فقط أربعون كيلو جراما فقط ! ..


يا إلهي إنها وزن فتاة مراهقة !

أغلقت خزانتي وكان الرعب قد استبد بي ..لا لن أستعيدها .. سأعود للرياضة ونظام الأكل الصحي .. لن أفسد تعب الأشهر الماضية !
وضعت مكياجا خفيفا باللون الوردي ورفعت شعري رغم قصرة وارتديت حجابي وخرجت لأطلب الإذن من أبي لأرافق جدتي .. ولم يمانع .. وكنت قد أرجأت التفكير فيما قاله لي مبارك ! قررت أن أتصرف كأني لم أسمع شيئا ..ربما إذا تقدم لي فيصل خلال هذه الأيام سيرأف بي أبي ولن يقدمني ككبش إلى حسن الذئب !

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:37 AM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

-37-

كانت تبدو منى في حال افضل . جلست بعيدة عنها أراقبها من بعيد ..وأنا أفكر هل سأسبب لها التعاسة إن علمت بفكرة تقدم فيصل لخطبتي ؟ هل ستكرهني ؟؟ لكنها كانت في موقفي عندما خطبها فيصل وتخلى عن حمده حب الطفوله ..هل شعرت بالذعر مثلي ؟؟ ..كنت أجلس هناك هادئة .. أتت جدتي وقالت
" لنذهب يا فاطمة .. يجب ألا نطيل البقاء .. "
لم يكن قد مضى علينا نصف ساعه .. عندما عدنا إلى منزل عمتي .. ذهبت جدتي إلى غرفتها وإتجهت أنا إلى الحديقة .. كانت أزهار الربيع التي تهتم بزراعتها عمتي رائعه .. تذكرت قدومي إلى هنا منذ سنة ..
"فاطمة ؟"
نظرت إلى محدثي كان زايد ..
"زايد .. كيف حالك ؟"
"أنا بخير وأنت ؟؟ "
" بخير .. "
"هل رأيت عبدالعزيز ؟؟ "
هززت رأسي بلا .. قال مستئذنا " يجب أن أقله إلى المطار خلال ساعه ولا أجده "
"هل لديك رخصة قيادة ؟؟"
قال مبتسما "لا .. لكني أحتاج السائق للذهاب إلى المجمع التجاري "
ابتعد يبحث عن عبدالعزيز .. وبقيت أجلس هناك ... أحاول الإسترخاء ..
سمعت خطوات قريبه ابتسمت لمعرفتي بصاحبها ..
"سمعت من جدتي أنك حصلت على وظيفة "
" أجل .."
"لم تطيقي البقاء بلاعمل ؟"
هززت رأسي وأنا ألتفت إليه
"ستغادر طائرتك خلال ساعة .. زايد يبحث عنك ..."
كان يرتدي ملابسه جاهزا للذهاب قال " فاطمة .. أردت أن أودعك .. "
"لاتقل هذا الكلام .."
"لن تسنح لي الفرصة في العودة إلى هنا خلال السنتين القادمتين "
"وعمتي .."
أخفض رأسه وقال
"ستزورني أمي بين فترة وأخرى .. وصافية كذلك لقد وعدتني بذلك ..فشروط المنحه صعبة جدا "
جاء صوت عمتي من الداخل ينادي عبدالعزيز ..مد يده ليصافحني ..مددت يدي وقلت " في حفظ الله "
ترك يدي ودخل إلى الداخل وتوجهت بدوري إلى السيارة وعدت إلى المنزل ..
***************
في اليوم التالي توجهت إلى عملي الذي كان بسيطا .مقارنة بعملي السابق كانت السيدة شيخة هي مديرة المركز .. رتبت الفوضوى التي تكلمت عنها في ساعتين حددت المواعيد والجداول ورتبت الأوراق والإستمارات .. وخلال أسبوع وقعت العقد وكنت قد أحببت مكان عملي الجديد ..
لم أكون أي علاقات اجتماعية بالأخصائيات اللواتي يعج المركز بهن ..
كنت أكتفي بالتحدث مع السيدة شيخة .. أفكر أنني قد اعتدت ذلك مع عمي .. ألا أوجه أهتمامي لأي شيء آخر غير مديري الرئيسي ..
لم أكن أتوقع هذا الكم من الإستمارات التي تطلب مساعده المركز . وحمدت الله أنني لم أعين في الاستقبال حيث لايكف الهاتف عن الرنين أبدا ! كنت شبه سكرتيرة خاصة للسيدة شيخة وأعاون الإستقبال في ترتيب الإستمارات والمواعيد ..
"شيخة لقد احتكرت فاطمة لمكتبك فقط هذا ظلم ..نحتاج نحت الأخصائيات ليد اضافية "
تجيب السيدة شيخة بثقة على احدى الموظفات " علياء .. لن أكرر غلطة السكرتيرة السابقة حين كلفتها بمساعدتكن ..فاطمة جيده حتى الآن لا أريدها أن تستقيل بسبب كثافة العمل ! "
ابتسمت من تقييم المديرة الأولي عني ! .. فقررت أن أكرس نفسي لعملي .. سأذهب اليوم إلى مكتب عمي لأحضر بعض الأوراق .. وقد أرى فيصل! .
أخذت إذنا من المديرة وقالت " يجب أن تحضري الأوراق من المكتب يوم الأحد .أهذا يناسبك ؟"
قلت لها " إنشاء الله ...اليوم سأتوجه لمكان عملي السابق وأحضر باقي أوراقي . أراك يوم الأحد بإذن الله "
"مع السلامة ."
ركبت السيارة .. اليوم خميس .. يجب أن أتوجه بعد أن أخرج من ادارة عمي إلى مريم فلم أرها منذ أيام ..ولم ترني هي منذ اسبوع ..فعندما ذهبت إليها منذ ثلاثة أيام كانت نائمة .بقيت هناك لساعة كاملة أتكلم معها .. رغم أنها كانت في عالم آخر ..تكلمت معها عن عملي الجديد وتجاهل أمي لي .. رغم أنها كانت مغمضة عينيها لكنها كانت تفهمني .. كان التعب يبدو على ملامحها والشحوب ازداد أيضا ..
دخلت لمكتب مدير شؤون الموظفين وطلبت منه بعض الأوراق ..ولم يمانع وساعدني فورا .
توجهت لمكتب عمي قد أرى فيصل .. فلم أره منذ آخر مرة في المزرعه .وعادت إلى ذاكرتي تلك الرسالة الصغيرة ..((فيصل يتلاعب بك لاغير !)) ..
لم يتلاعب بي فيصل ؟؟ ومن هذه التي تعرف بمايدور بيننا ؟ ..

طرقت الباب
" السلام عليكم "
وقف فورا عندما رآني " فاطمة ..وعليكم السلام "
رفعت أوراقي وقلت " جئت لأخذ بعض الأوراق التي أحتاجها في مكان عملي الجديد . هل عمي موجود ؟"

كنت مرتبكة كثيرا .. فقلت جملتي بسرعه كان ينظر إلي بجدية
" عمي خرج لإحدى الوزارات .. "

عاد ليجلس خلف مكتبه هززت كتفي وقلت "حسنا .. سأغادر .."
فتحت الباب لأخرج ومئة سؤال قفز إلى رأسي ! أين وعدك بخطبتي ؟؟ أين حبك ؟؟ هل مللت مني ؟؟ هل صدي أبعدك بدل أن يجعلك تحترمني ؟؟ مالذي يحدث ؟؟

"فاطمة ! .."
إلتفت كأني غريق وجد حبل النجاة !
" نعم .."
"أريد أن أراك في المزرعة اليوم أو غدا.. سأكلم جدتي .. يجب أن أكلمك "

هززت رأسي وقلت وشبح ابتسامة ارتسم على محياي "سأحاول !"

خرجت ..وقد خمدت الأسئلة سأعرف كل شيء اليوم .. أو غدا..لكنني سأعرف .

طلبت من السائق أن يأخذني لبيت مريم .. وعندما أدخلتني الخادمة التي عرفتني توجهت إلى حيث غرفتها .. لكني وجدت ناصر في الخارج يقف ..
"السلام عليكم .."

"وعليكم السلام "
أردت الدخول لكنه قال " أنها نائمة .."
قلت بلهجة محايدة "متى تستيقظ ..أريد أن اراها .."
قال " أنها تنام طوال اليوم ولاتعي ماحولها .. لم تعد تستطيع التركيز . تستيقظ لدقائق ثم تعود للنوم .."
انقبض قلبي .. هززت رأسي وأردت الدخول لكنه قال " لا أنصحك .."
"ماذا تقصد ؟"
قال " أمي في الداخل .. وصدقيني ليس منظرا يستحب رؤيته "
تصورت مايقصد قلت هامسة " هل علمت ؟"
هز رأسه وقال " أجل أخبرها أبي صباح اليوم ..على العموم يجب أن تحصد مازرعت .."
لم أستطع منع نفسي من السؤال " ماذا تقصد ؟"
"عندما تأزمت حال مريم منذ عدة سنوات طلب الطبيب منا جميعا أن نجري فحصا ليرى من يتطابق فينا مع مريم لكي يجري لها زراعة نخاع .. أجريت أنا وأبي الفحص ..ولم نكن نطابق مريم .. ورفضت أمي وشقيقاتي الجميلات هذا الخيار .. حيث انها عملية مؤلمة ومخيفة فطلبن من والدي أن يرسلها للخارج لتجد علاجا آخر ..رغم أن الزراعه كانت الأفضل .. سافرت مريم لسنوات .. عانت لسنوات وحدها ...عانت من انانية والدتي وأخواتي .. وهاهي أمي اليوم .. تبكي ماصنعته يداها .. "

عرفت الآن لم كل هذا الحقد وكل هذا الكره ! عرفت لم مريم تكره والدتها هل توجد أم بهذه القسوة ؟؟بهذه الانانية والجحود ؟ ..ولم أستطع منع نفسي ..فتحت الباب لاجد ام مريم تركع عند سرير ابنتها تبكي ..لم أتبين وجهها .. لكن وجه مريم كان شاحبا .. وابتسامة السماح تعلو شفتيها .. أغلقت الباب لأنظر إلى ناصر .. قلت بهمس
"اعتن بها .. فقد وجدت روحها السلام أخيرا .. "
"أنها تحتضر .."
"ربما .. وربما سترتاح قريبا ...."
خرجت من هناك والدموع تغسل وجنتاي .. أخيرا وجدت مريم ماتصبو إليه ..
ندم والدتها ..

انتظرت طوال اليوم اتصال جدتي ..لكنها لم تتصل ! على مايبدو أنها ستصطحبني غدا .. أخذت حماما سريعا وعندما خرجت .. رأيت أبي يجلس على سريري ينتظرني !


-38-
___

"مساء الخير يا أبي .. "
" مساء الخير .. يا فاطمة .. أبنتي كيف حالك .؟"
"الحمدالله ..وأنت "
هز رأسه "بخير .كيف هو عملك ؟"
نظرت إلى أبي مستغربة جلست بقربه بعد أن قبلت رأسه
"جيد طلبوا مني أوراقا من عملي السابق فذهبت اليوم لمكتب عمي لكنه لم يكن موجودا .."
لم يكن ينظر إلى عيني لكنه قال " رأيت فيصل ؟"
توقفت عن التنفس لدقيقة وقلت "أجل "
"ماذا قال لك ؟"
حاولت أن أتنفس بهدوء كي لايشك أبي بشيء فقلت " سألته عن عمي ولم يخبرني سوى أن عمي في احدى الوزارات ..ثم غادرت "

"هل بدا غاضبا "
"بدا عاديا وجديا كما هو دائما .هل هناك شيء ابي ؟"
"تقدم فيصل لخطبتك مساء أمس .."
توقفت عن التنفس وأنا أكاد أنفجر فرحا وأمنع ابتسامة واسعه من التجسد على وجههي .. لم استطع التفوة بحرف احتراما لأبي وحياء منه ..وفي داخلي ألعاب نارية ..لكن ..

"ورفضته .."

توقف كل شيء فجأة .
.عقلي قلبي مشاعري حياتي حتى الألعاب النارية في داخلي تلاشت لم أعد أصدق ماقاله أبي لكني لم أنطق حرفا !
"فاطمة .. فيصل تقدم لخطبتك وهو يعلم انك مخطوبة لحسن .. "

أنا مخطوبة لحسن ؟؟ ..يا إلهي المفاجآت لاتنتهي !

" أبي .لم أكن أعرف أن حسن تقدم لخطبتي .."
كان كلامي همسا ..لايكاد يسمع ..قال أبي وهو يتجنب النظر إلي
"سأخبرك بما حدث وأريدك أن تفكري جيدا قبل اعطائي رأيك .."

"رأيي في ماذا .."
"سأخبرك يافاطمة ..لكن أسمعيني جيدا ..أنا لن أفرض عليك شيئا ..."
"حسنا أناأسمع .."

تنهد والدي وقال " عندما كان حسن يسكن معنا .. أتى ليخطبك مني .. كنت تعرفين من هو حسن ..الشخص العابث الفاسد المدلل.لم أكن أريده لك ..بعد مشاجرات كثيرة.. قال لي هل سأقبل به إن أصلح حاله وأثبت قدرته على التغيير .. طبعا لمعرفتي أن هذا الأمر مستحيل ..قبلت .."

توقف شعر جسدي من هول ما أسمع .. نظرت إلى أبي أنتظر سماع الباقي وأنا متأكده من أن رغبتي الوحيده هي الهروب من تلك الغرفة لكي لا أسمع شيئا !

"اختفى حسن .. رحل فجأة .. عده أشهر ثم رأيت أحد أصدقائي ..وحدث أن سألني عن حالة حسن .. وأخبرته أنه في حال جيده .أخبرني أن حسن حصل على وظيفة في مؤسسة حكومية حيث يعمل هو و أمنت له بعثة في أحدى الدول ..
هزني الخبر .. وعبر بعض المعارف تأكدت من الخبر .. وعرفت أن حاز على أعلى الدرجات في البعثة .. وأن جميع من معه رغم صغر فترة عمله يحترمونه ويقدرون اجتهاده .. هل لك أن تفهمي ماحدث ؟ .."
هززت رأسي وأنا اكتم دموعي .. هل فعلا تغير حسن لأجلي ؟؟ ..
نظر إلي أبي أخيرا وقال
" لقد أعطيت وعدا لحسن .. وحسن أثبت أنه تغير .. ثم تقدم عبدالعزيز ابن عمتك لخطبتك .. وأخبرته أنك قد خطبت لحسن وأني أنتظر عوده حسن قبل القيام بأي شيء رسمي .. سمع حسن بخبر تقدم عبالعزيز لخطبتك من أحد أشقاءك عبر الهاتف فعاد مسرعا من ايرلندا حيث كانت بعثته ....وكتب له أن يمر بما مر به ..الحادث وتبعاته ! "
تسارعت نبضات قلبي مع سماع كل ماقاله أبي .. لم أستطع أن أجد الهواء ...أصبحت أتنفس بصعوبة .. قال أبي وقد وقف ليخرج

"وعدت حسن ...وأثبت لي حسن صدق مساعيه .. وأنا الآن ممزق بين رغبتي في تزويجك لرجل مثل فيصل ..أو عبدالعزيز ..وبين شخص اعتل عقله بسببي .. فاطمة .. بيدك القرار .. هل تريدين أن تتزوجي بحسن ؟؟ هل تريدين أن يفي والدك بوعده ؟ .. أم ..ستختارين ان ترفضي هذا الزواج .. الأمر بيدك ..لن أرغمك .. وتشاجرت مع عمك خالد لرفضه أن يدفنك مع حسن .... أنه قرارك أولا وأخيرا .. ومهما قال لك عمك خالد ..ومهما وجه إليك من حديث .. تذكري أن حسن في حالته هذه بسببي .. ومن أجلك .. متى اتخذت القرار أبلغيني .. ..علما أن حسن سيعود خلال شهرين .. وأود كثيرا أن أكافئه ..أو أعوضه .. لاتعرفين مدى كرهي لنفسي
.لاتعرفين مدى التعب الذي ألم بقلبي من أجله .. لكن تذكري ..أنه أثبت استحقاقه لك "
وقف والدي وتوجه إلى الباب ليخرج .. فتح الباب مترددا .. ثن إلتفت إلي والدموع تترقرق في عينيه "يا ابنتي ..لا أريد أن أظلمك ..لا أريد أن أسبب لك التعاسة .."

ركضت إلى حضنه وأنا أبكي
"أبي ..لاتقل هذا .. لن تظلمني .سيكون قراري أنا .. "

تركني وتوجه إلى الخارج لأغرق في بكاء لانهاية له ..

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:39 AM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

مضت الساعات وأنا أبكي بيأس .. لا أعرف ماذا سأفعل ؟؟ هل أرضي أبي وضميري ... أم أرضي قلبي ؟؟ ... وأنانيتي ؟؟ ..
أصبحت كالمهووسة وتأكدت من أني أريد شيئا واحدا .. أريد سيجارة .. ارتديت عباءتي وحجابي على مضض وطلبت من السائق أن يذهب بي إلى الجمعية !

حملت بعض الشوكلاته و البطاطا والبيبسي ...ودسست بينها علبة سجائر وقداحة.. ثم وضعت علبة أخرى .. وأقراص نعناع ..شعرت أن المحاسب ينظر إلي نظرات إتهام .. حملت الكيس وغادرت بسرعه أريد فقط الوصول إلى المنزل ..
وبسرعه دخلت إلى الحمام وأشعلت السيجارة الأولى .. وانهرت في بكاء .. ثم مالبثت أن أيقنت مدى جنوني فكسرت السجائر ورميتها وخرجت .. ولجأت إلى الشيبس والشوكلاته لعلي أسكت الوحش الذي يزأر داخلي .. لكنه لم يسكت .. فوضعتها جانبا .. لا أعرف ماذا أفعل .. أريد أن أخرس روحي التي تصرخ ألما وظلما ! ..
رميت بجسدي على السرير واخترت أن أنام .. لعلي أستيقظ و أكتشف أن كل ماجرى مجرد كابوس ! ,,

***
كنت في الحديقة عندما جاء أخي سالم من الخارج .. كانت الساعة تشير إلى التاسعه مساء ..
"فاطمة .. مابك ؟"
"لاشيء .. سالم أريد أن أرى جدتي .. "
نظر سالم إلى ساعته وقال " ألايبدو لك أن الوقت متأخر ؟؟"
"أرجوك ! .."
" هيا .. سأوصلك ثم أذهب هل ستنامين هناك أم أعود لك ؟؟ "
" سأبيت هناك"
دخلت وأخذت مستلزماتي للمبيت ليلة واحده ثم استأذنت من أبي الذي لم يمانع .وقال قبل أن أخرج :
" فاطمة .. لاتفكري الليلة . أرجأي التفكير لوقت آخر .. "
هززت رأسي وودعت أبي .. الذي لاحظ الحزن على ملامحي .
دخلت إلى المنزل بهدوء وفتحت باب الصالة لاجد عمتي مريم تجلس أمام التلفاز .
"فاطمة .."
" مساء الخير عمتي ... أتيت للمبيت هنا لليلة إن كنت لاتمانعين ؟"
" طبعا لامانع لدي تعالي .. "
وضمتني ودعتني إلى الجلوس .. "أين جدتي ؟"
ابتسمت عمتي " لسوء حظك .. جدتك اليوم ستبيت في منزل عمك خالد .. "
ازدت حزنا .. فأنا أتيت لألجأ لحضن جدتي .. لكنها لم تكن موجوده ..
وضعت رأسي في حضن عمتي لتنزل دموعي بصمت .. وعمتي تمسح بحنان على رأسي ..
"قال لي أبي اليوم شيئا لن تصدقيه يا عمتي .."
" أخبرك عن حسن "
رفعت رأسي لأراها ,, أنها تعلم .. قالت تجيب على حيرتي " أتصل والدك منذ عشر دقائق وشرح لي مادار بينكما ,, لهذا فتحت الابواب وانتظرتك .."
عدت إلى حضنها أنظر إلى التلفاز حيث كانت عمتي تشاهد برنامجا دينيا ..
" أنا محتارة يا عمتي .. هل أقبل بحسن .. أم.. "
"طلبت منك ألاتصدقي ألاعيب فيصل ! "

-39-
وانجلت الغيوم !
_____


"أنت .. "
هزت عمتي برأسها وتعبير جاد على ملامحها ..
"ولكن كيف ؟؟ "
صبت لي عمتي كوب ماء وأعطتني إياه وقالت
" استنتاجات .. لاغير .. جمعت الأمور ..وخفت أن أنشغل بالحفل والزيارات بينما تتخذين القرار الخطأ ."
"لكن كيف عرفت .؟"
وقفت عمتي وقالت " زياراتك إلى المزرعه مع جدتك ووجود فيصل هناك في المرات الأخيرة ..عملك معه .. وآخر شيء .. مفاتحته لجدتك بشأن خطبتك في يوم زفاف منى ! "
لم أستطع التفوة بكلمة ..استطردت عمتي
" لم يكن بيدي سوى أرسال تلك الملاحظة لك لأكتشف من خلال ردة فعلك أن شكوكي صحيحة .. "

"لكنه لم يتلاعب بي .. أنه يحبني .."
هزت عمتي رأها ببطء وهي تنظر إلى عيني
" أنه ينتقم من حسن فيك ! "
قفزت الدموع إلى عيني " ماذا تقولين ؟؟"
جلست عمتي وأمسكت بيدي
"ربما هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في رأسك .. فيصل أنسان رائع كل فتاة تتمناه .. لكن قلبه .. لايعرف التسامح ! "
ازددت رعبا .. هل كان فيصل يتلاعب بي ؟؟ .. وفضحتني نظراتي عندما قالت عمتي " أجل يافاطمة .. فيصل يمثل ! "
"لكن كيف ما أدراك ؟؟"
تنهدت عتي وقالت " كان يأتي إلى هنا أسبوعيا .. لا ليرى منى .. بل ليغيض حمده ..منى لم تشعر بالاستقرار منذ البداية ولم تعجبها فكرة أنه خطبها انتقاما من حمده ..ومن خلال منى عرف أن عبدالعزيز تقدم لخطبتك وان أخي عبدالرحمن رفض لانه قد وعد حسن بك ! ومنذ ذلك اليوم لم يعد فيصل كما كان .. ابتعد عنها أكثر "

لم أستطع سوى البكاء قلت لعمتي بحقد " لا .أنه يحبني .. مستحيل .. أنت تكذبين لأنه خطبني ! "

لم أعرف في تلك اللحظة مدى غبائي ! … لكن عمتي بتسامحها الرائع احتضنتي وقالت وهي تهدئني " قد يكون أحبك .. لا أنكر هذا .. أنا لا أكرهك .. ولا أكرهه .. فأنتم جزء مني . لكني أريد أن تبدأي حياتك بطريقة صحيح .. لا أريد أن تنتهي في متاهات مظلمة من الحقد والرغبة في الإنتقام . لهذا .. "
نظرت إليها .. وقالت في ابتسامة صغيرة
" سأذهب غدا إلى المزرعه وسيكون فيصل هناك .. وسأتركما وحدكما .. وأريد منك أن تواجهيه .. وتذكريه أنك ابنة عمه .. ويجب أن يتذكر هذا .."

كان حنان عمتي يغمرني وحضنها وفر لي بعض السلام الذي فقدته نفسي .. قلت لها
" لكني لم أبين له مشاعري .. كنت حذرة في هذا المجال .. ولاأعرف كيف سأسأله .. إن كان يريد الانتقام من حسن عن طريقي .. ألايكفيه أن حسن الآن في حاله متدهورة ! "
قالت عمتي بهدوء " بالعكس .. إني أراه استعجل بخطواته ..لأن حالة حسن تحسنت كثيرا .. أصبح حسن أفضل حالا .. ربما هناك بعض المشاكل الصحية البسيطة .. ولكن الطبيب كان قد قرر أنه سيتماثل للشفاء خلال شهرين من بعد العلاجات الأخيرة .. الذي أزم حالة حسن كان الكسر الذي تعرضت له في جمجمته ..الاصابة كان سيئة لكنها لم .. لم تسبب له بضرر دماغي دائم وهذا هو المهم .. "

انتابتني حيرة الآن أكثر مما مضى ! هل من الممكن أن يكون هذا تمثيل ! كلماته الرائعه ؟؟ نظراته ؟؟ هل كان يعرف أن أبي سيخيرني بينه وبين حسن ؟؟ هل أفصح عن حبه لي كي أختاره ؟؟ كي أقع في حبه ؟؟ دخلت إلى الداخل .. وبلاشعور رفعت سماعة الهاتف لأطلب رقم مريم ..
لم يرن طويلا حيث ردت الممرضة وسألتها عن مريم .. وكان من حسن حظي أنها كانت مستيقظة ..
"مريم .. كيف حالك .؟"
كان صوتها تعبا .. " جيده .. سمعت من ناصر أنك مررت بي .."
" أجل .. كانت والدتك معك. فلم أرغب في مقاطعتكما .."
جاهدت مريم لأخذ نفس وكنت أشعر بصعوبة قدرتها على ذلك
" أجل .. وكنت محقة .. شعوري الآن أسوأ برؤيتها منكسرة .."
بدأت أصابعي في التعبث في سلك الهاتق الأسود .. أحاول عبثا أن أفرده .. بينما التعرجات تعود كما كانت كل مرة ..
"مريم .. هل سأختار أن أكون أنانية ؟؟ .."
" لم تقولين هذا يافاطمة .. "
" أنا بين خيارين .. أن أكون أنانية .. وأعيش حياتي .. وأرضي قلبي ,, أو أن أدخل في دوامة مجهولة لأسعد غيري . وأنا أعرف أني قد أبيع سعادتي "
صمتت مريم طويلا .. ربما غفت .. أو انتابتها موجة من الألم .. لكني كنت مستعده للإنتظار ! .. مستعده للبقاء ساعات كاملة على الهاتف فقط لأسمع منها كلمة ترضيني ... أو على الأقل تساعدني في اتخاذ قراري .. بعد دقائق .. قالت مريم في صوت ضعيف " فاطمة .. أريدك أن لاتنسي شيئا .."
"ماذا .."
" أنانية غيري هي ما أوصلتني إلى حالي هذه .. أنانية غيري هي من قتلتني .. "
انهرت في بكاء صامت .. وودعتها ,,, أغلقت الهاتف وعيني .. وأنا على ثقة أن غدا سيتضح كل شيء !!


****

ما أصعب تلك اللحظات .. والسيارة تسير بنا إلى المزرعه .. أشعر برغبة قوية في النزول والرحيل .. ما أصعب المواجهه . وما أصعب التفكير ماذا سيحدث وماذاا سيقول .. أتخيله يجلس هناك ينكر كل افتراضات عمتي بكل ثقة .. أنه أحبني رغم كل شيء .. ولم يفكر بالانتقام من حسن ..
كانت عمتي تجلس إلى جانبي ويدها تمسك بيدي ,, التفت أصابعها النحيلة حول أصابعي التي بدت قبيحه مقارنة بها ..
" ماذا سيحدث أن كان كل ماقلتيه صحيحا ؟؟"
" أتقصدين خداع فيصل ؟؟ "
أومأت برأسي .. قالت " بإمكانك التفكير في الزواج من حسن .. أو بإمكانك أن ترفضي ببساطة وتنتظرين أن يأتي نصيبك .. "
" هل كان عبدالعزيز يرغب في خطبتي فعلا ؟؟"
ابتسمت عمتي وقالت " عبدالعزيز كان يريدك لأنه رآى فيك انسانة حساسة وقلبا طيبا .. وكان قد عانى الكثير .. "
"لم لم يخبرني أحد ؟؟ .. لم أنا آخر من يعلم ؟؟ .."
قالت عمتي " فاطمة .. لو أخبرناك لعشت في حيرة لاتنتهي .. ووالدك لم يرفض عبدالعزيز بشكل مباشر .. كان يرجيء الأمر حتى يستشيرك .. ولكن حدث ماحدث لحسن .. فقرر عبدالعزيز ان يبتعد لثقته أن عقدة الذنب ستلازم خاله .. "

"لكن أبي لم يرغمني .."

" لكن أخي واثق انك لن تخيبي أمله .."

غضبت كثيرا " أين كان ؟ .. عندما أنظر إلى حياتي أجد الكثير من خيبات الأمل ولا أجده هناك ! .. أين هو من حياتي ؟؟ .. هل يستحق فعل أن أضحي بكل شيء ؟؟ أين كان ؟؟ .. أنظر إلى سنواتي الماضية .. ولاأجد له طيف .. أرى سنوات الوحده والألم والدموع لكني لا أجده . ماذا أعطاني لكي يطلب مني تضحية كهذه ؟"

قالت عمتي بهدوء " لاتقول هذا .. أعطاك الأمان.. المنزل .. المال .. الكثيرات ممن يتمن أن تكون لديهن حياتك .. الرفاهية التي تعيشين بها .. "

لم تقنعني عمتي قلت له غاضبة " سأستبدلهن بكل هذا مقابل أب يأتي آخر اليوم ليناقش معي واجباتي أو يلقي تحية المساء ويسألني عن يومي .. أو يأتي إلى المدرسة ليوقف المعلمة عند حدها فلا تتخذني نكته يومية في صفها .. لم يكن هو أو امي بقربي .. كانت الجروح لاتنتهي .. وآلامي لاتنتهي .. وفروا لي الطعام لأكون سخرية الجميع .. حتى أمي التي هي أمي .. لاتكف عن السخرية مني .. والآن .. عندما أصبحت لا أحتاج لهما .. يطلبون مني التضحية بسعادتي وبحبي وبحياتي والزواج من ذئب كان يتربص بي كل ليلة تحت أعينهما ! "

الصدمة التي اعتلت ملامح عمتي جعلتني أهز رأسي لأؤكد لها
" أجل .. أجل .. عانيت الأمرين .. فلاتحدثيني عن خيبات الأمل .. لقد عشت الكثير منها .. لاتضرهما خيبة أمل واحده .. "

التفت إلى النافذه لأكتم دموعي التي ابت أن تسجن .. ووجدت نفسي أبكي بلاصوت .. أبكي كل شيء .. أبكي هذه الإنسانة المليئة بالحقد داخلي ! المليئة بالجروح ..والتي فاض بها الكيل ..

مدت عمتي يدها إلى كتفي . .. لكني لم ألتفت .. أكاد أسمع دموعها .. لكني لم أرغب في رؤية شيء ..
"فاطمة .. أنا آسفة .."
التفت إليها لأجدها تبكي .. ترثي هذه الجثة التي تجلس أمامها . لجأت إلى حضنها .. لم أبك .. لكني بقيت هناك حتى وصلنا إلى المزرعه ..

توجهنا في البداية إلى الجلسة التي توجد تحت أحدى الأشجار الكبيرة .. بقيت هناك أنا وهي .كانت سيارة فيصل وعمي خالد موجوده .. قالت عمتي
" سأذهب للإسطبل .. قد أجد عمك هناك .. "
غادرت عمتي وبقيت أنتظر .. ثم وقفت وقررت التنزه .. أحاول التفكير في طريقة أدرس بها أسئلتي .. ستجرحني فكرة أن فيصل يريد الانتقام لاغير ..
"مرحبا .."
إلتفت للخلف لأجد فيصل ..
"مرحبا ."
"ماذا تفعلين .."
" لاشيء .."
أشر إلى الإسطبل " تعالي ,, العمال غير موجودين ويجب أن أرتب الإسطبل .. "
تبعته بهدوء كان يرتدي ثوبا شتويا أسود ونظارة شمسية .. وقبعة رياضية .. تبعته ببطء .. ووقفت عند مدخل الاسطبل بينما كان ينقل بعض الاكياس ويرتب مكانها ..
" قال لي أبي أنك تقدمت لخطبتي . .."
توقف فجأة .. وجلس على أحد الأكياس ..
"هل أخبرك أنه رفضني ؟"
" أجل .."
رغم التوتر الذي احتل قلبي .. وقفت ببرود محاولة عدم اظهار أي رد فعل غريب !

قال وهو لاينظر إلي " وأنت ما رأيك ؟"

حاولت التظاهر بالثبات " يعتمد .."

"على ماذا يعتمد ؟"
"على إجاباتك على أسئلتي .."
صمت ورفع يده تلقائيا ليحك جبهته وذقنه ثم بدأ في تنظيف الغبار من على ثوبه .. وقال أخيرا " يبدو أنهم أقنعوك .."
ثم وضع شبك أصابعه معا ونظر إلى أكياس الشعير مرتبكا
"أقنعوني بماذا يا فيصل ؟"
وقف واقترب مني وكان أطول مني بكثير " أقنعوك بأني أريد الإنتقام من حسن ! "

"وأليست هذه الحقيقة ؟"
تردد في البداية ثم قال "ربما في البداية .. لكني أحببتك فاطمة .. أنا أحبك .. كنت في البداية أفكر في الانتقام من حسن ..لكن كلما عرفتك أكثر كلما تغير إحساسي تجاهك "
صدمت كثيرا .. إنه يعترف .. سألته وأنا أحافظ على ثباتي
" ماذا فعل حسن لينسيك أني ابنة عمك ..وأني أنسانة لديها مشاعر لامجرد وسيلة للإنتقام .. "
"حسن .. أفسد حياتي .. انتقص من رجولتي أمام حمده لينهي حبا عمره ثمانية أعوام .. أفسد سمعتي بين الجميع .."
"لماذا ؟؟"
"لأني رفضت في يوم من الأيام ..رفضت أن أسلك سلوكه وأن أكون صاحبه في سفره ومجونه ! .. "
كان يعترف أخيرا .. لكن كان كل مابي ينتفض ..
" وأنا ! "
لم يتكلم ..كأنه يقول لي أجل .. أنت لاشيء ! لم تكون شيئا بالنسبة لي ! .. سوى وسيلة انتقام .. سألته مجددا " وأنا .."

" كنت أعرف مدى تعلق حسن بك .. أردت أن أرد له الصاع حين ترفضينه لأجلي ! أريد أن يعرف أن الإمرأة الوحيده التي بذل كل شيء لأجلها لاتحبه ولاتريده ..بل تريدني أنا .. وتحبني أنا .. "

كأن عشرات السكاكين إخترقتني مرة واحده .. والحب الذي كنت أحمله لهذا الرجل انقلب إلى بغض وحقد .. كان يتلاعب بي ! ..
أكمل قائلا " لقد رفضني عمي .. وحطم كل أحلامي .. فاطمة ..في البداية كنت هكذا لكني الآن أحبك .. "

"ألم يكفيك ماحدث لحسن ؟"
"أنت لاتفهمين .. أن ترفضك أمرأة .. هو إهانة لكرامتي . .."
" وأنت لاتفهم .. أنك .. نسيت أني ..ابنة عمك ! "
"فاطمة .. أرجوك .. لاتفهميني بشكل خاطيء .. أرجوك .."

"فات الآوان .."

"فاطمة أنا أحبك ..أرجوك .."
" لا فيصل .. أنت لاتحبني ,, أنما كنت تستغلني .. أنا كنت أحبك .. كنت أحبك رغم كل شيء .. كنت .."

التفت لأخرج لكنه أسرع وقال " لاتتخلي عني .. سأسعدك .. سأتحدى الجميع لأجلك ..أرجوك فاطمة ...أرجوك .. أنت تحبينني أليس كذلك ؟"
" لايافيصل .. كنت أحبك .. وانتهيت من هذا الحب .. كنت مخطئة .. أتمنى أن تكون آخر مرة آراك فيها يا فيصل ..."

خرجت من هناك ممزقة .. خرجت أنزف .. وكنت قد قررت أن أمزق صفحة فيصل من حياتي .. ولن أبك بعد اليوم أو أفكر في هذا الإنسان ..

******************

توجهت إلى المصمم لأضبط فستاني .. فلم يبق على الزفاف الكثير .. أسبوعين ..
لم أفكر في شيء طوال اليومين الماضيين ..منذ تركت فيصل في المزرعة .. كان قراري نهائيا .. لايستحق دموعي ولايستحق وقتي الذي ضيعته في التفكير به .. أجل كنت أحبك .. لكنك قتلت هذا الحب ..
خرجت من هناك لأذهب إلى منزل عمتي التي استقبلتني بالأحضان ..
"فاطمة .. كيف حالك ؟"
"بخير وأنت كيف حال منى ؟"
" تكلمت معها مساء الامس و واخبرتني انها سعيدة .."
"جيد .."

جلست علىأحدى المقاعد وأنا أتنهد .. رميت بحجابي حيث كنت منذ الصباح في الخارج ..

قالت عمتي " فاطمة لن تصدقي من جاءني اليوم يطلب مساعدتي ,,"

"فيصل ؟"

"أجل .. "
"ماذا قلت له ؟"

كانت عيني عمتي تحوي قلقا غريبا " بل إسإليني مالذي ماقاله لي "
ترددت لدقيقة في سؤالها . حيث كنت قد قررت أن ألا أسأل عنه أبدا .. لكني سألتها

"ماذاقال ؟؟"

"طلب فرصة .. فهو فعلا يقسم أنه يحبك ...وسيفعل كل ماتطلبين ..سيعتذر من حسن ..وسيعتذر منك .. "

عادت بي ذاكرتي إلى تلك اللحظات حينما كنت أحبه من طرف واحد .. حين كنت أتمنى فقط أن ينظر إلي .. واليوم .. يريد حبي ! مايسيئني أكثر هو أن مابداخلي من مشاعر أصبحت باردة ! اكتساها الصقيع ! لم أعد أتلهف كالسابق ! .. لم تعد هناك أي مشاعر ! .. فكرة أنه كان يتلاعب بمشاعري ويستغلني قتلت كل شيء ..
وكنت قد أخذت كفايتي من الآلام على مر السنين .. نظرت إلى عمتي وقلت لها

" أخبريه أن ينسى أن له ابنة عم إسمها فاطمة .. "

الآن يجب أن أفكر هل سأقبل حسن أم أشتري سعادتي .. ووالدي ترك لي الوقت كي أفكر ..

تحدثت عمتي عن أشياء كثيرة أخرجتني من سوداوية أفكاري .. وعندما عدت إلى المنزل كنت قد تعبت كليا ,,

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:42 AM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

-40-
الرحيل .....
____



لم يبق شيء .. أسبوع وتأتي صديقة عمري سارة إلى هذا المنزل .. كنت قد تأقلمت أكثر مع عملي .. كنت أرى محمد يجتهد في تجهيز قسمه بذوق رائع وكنت لا أمانع في الذهاب معه لإختيار بعض من القطع الفنية لتزيين قسمه ..
"تعالي .. لنشرب قهوة ."
أمسك بيدي وفرحت لأنه فعل هذا ..فلانجد أخ يقبل أن يمسك بيد أخته في مجمع تجاري ضخم ..
"محمد .. هل أنت سعيد ؟"
كانت الكابتشينو أمامي قد شكل رغوة رائعه بينما اكتفى محمد بقهوة تركية معها قطعة من راحة الحلقوم ..
" أنا سعيد أجل .. لا أصدق متى ينتهي هذا الاسبوع لأرى سارة .. "
ابتسمت .. سارة انسانة رائعه حساسة .. تستحق السعاده ..
" هل نخرج ؟"
" لايعني أنك أنهيت قهوتك أنني أنتهيت من الكابتشينو .. لننتظر دقيقة .."
دفع الحساب وقال " أخبرتني سارة أنك في حمية دائمة .."
ضحكت للتعبير .."حمية دائمة ؟؟ .. ربما .. "
وسرحت لدقيقة لأفكر .. هل ياترى سأبقى لآخر عمري أحاسب في كل وجبةأتناولها ؟؟ أليس هذا متعبا ؟؟ كأني آخذ الدواء لآخر عمري .. حيث سيستبد بي ألم الجوع معظم اليوم ..

"لنذهب "

قلت هذا وأنا أتحسر على نصف كوب الكابتشينو الذي تركته .. دخلنا إلى عده محال أثاث .. وأخترت عدة قطع رائعه .. ثم خرجنا لأحد محلات العطور .. لأختار تشكيلة ضخمة من أرقى العطور كهدية من محمد لعروسة .. وضعتها البائعة في سلة رائعة .. ثم توجهنا إلى محل مجوهرات ليختار محمد طقما جميلا لسارة وأخترت لها هدية بدوري واشتريت خاتما لأمي وطقم ياقوت لي ليناسب ثوبي الأسود ..

"محمد عدني بشيء واحد .."
" بماذا ."
" أن لاتهمل سارة أبدا ! "
"أعدك .."

*****************

كانت مديرتي السيدة شيخة سيدة في قمة أناقتها وقمة الأخلاق الرائعه.. كانت تساعد الناس دائما .. لاتهمل مكالمة واحده أو أي حالة تطلب منها المساعده ..رغبتها في مساعدة الناس كانت من أهم أولوياتها ..
كنت قد دخلت لأعطيها أجندة اليوم بينما كانت تتحدث مع إيمان الموظفة البسيطة
"سأذهب معك ..لقد عرفت إحدى بناتها في الجامعه .. لم أكن أعرف أن لديهن شقيقة أخرى "
قالت السيدة شيخة " وأنا كذلك .. لطالما كنت ألتقي بها في مناسبات إجتماعية كثيرة لم أكن أرى سوى بناتها الثلاث وكن من أجمل ما رأت عيني وقد زوجتهن لأفضل العائلات .. لم أكن أعرف أن لديها بنتا رابعه ! "
قلت " أجندة اليوم أستاذه شيخة .."
"فاطمة أخبرتك أكثر من مرة أن تناديني بأم فهد فقط .. لا أحب الرسميات .."
ابتسمت وأعطتني ملفا لأعيده إلى موظفة أخرى ..
" مسكينة .. يقولون أنها انهارت لوفاة ابنتها .. "
فجأة وقفت .. التفت إلى مديرتي وقد انتابني الرعب
"فاطمة مابك ؟"
"ما اسم ..ما أسم الفتاة .."
"أي فتاة يا فاطمة ؟؟"
كنت أرتجف وأتمنى أن يكون استنتاجي خاطئا "التي تتحدثون عنها ."
"مريم .. "
وقبل أن تنطق بحرف آخر تصلبت يدي وسقط الملف من يدي .. ولم أعد أرى شيئا !


"فاطمة .. فاطمة .. "

فتحت عيني لأواجهه الحقيقة .. لقد رحلت مريم .. رحلت عن هذه الدنيا ! وآخر مابيننا كان أتصال ! انشغلت عنها هذا الاسبوع ولم أزرها ..

"فاطمة يا ابنتي استهدى بالله .. الموت حق علينا .. لاتبكي .."
لكني لم أستطع .. كنت ابكي رغما عني ..انهرت في نشيج ونحيب لا إرادي ..
مريم قطعة مني .. وقد غابت عن هذه الدنيا ! ..

أمسكت بيد السيدة شيخة وقالت تهدئني " هل كنت تعرفينها ! "
هززت برأسي .. وكانت الموظفات قد اجتمعن حولي ليهدئن من روعي ...
"هي صديقتي منذ الطفولة .. وكانت مريضة بسرطان الدم .. آخر مرة تحدثت إليها منذ أسبوع ..وانشغلت .. ورحلت دون أن أراها ! "
كانت صورتها آخر مرة حينما كانت تبتسم وهي تسامح والدتها لاتفارق خيالي .. أصبحت أتذكر اللحظات التي جمعتني بها .. تذكرت عندما كنا عند البحر أنا وهي وسارة .. لم أستطع كبح دموعي .. قالت السيدة شيخة
" سنذهب للعزاء بعد قليل .. هل ستذهبين معنا ؟؟"
هززت رأسي .. سأذهب معهن .. فقط لأودع مريم .. رغم أنها لن تكون في المنزل لكن يجب أن أودعها ..


في سيارة السيدة شيخة أتجهنا إلى منزل عائلةو مريم .. كانت الكثير من السيارات تقف أمام المنزل .. دخلت بهدوء وجدت شقيقاتها يجلسن هناك والدموع تغمر عينيهن والندم والحزن رسم على ملامحهن بإتقان .. قدمت التعازي وبقيت أنتظر لدقائق .. ثم توجهت إلى غرفة مريم ..
وصدمت عندما رأيتها هناك بحجاب الصلاة تبكي وتصلي .. كانت والدة مريم أم ناصر لاتكف عن البكاء .. اقتربت من السرير الابيض .. نظرت حولي .. لاشيء غير رائحة المعقمات .. وضعت يدي على السرير .. أريد أن أتذكرها .. إلتفت إلى أم ناصر التي لاتكف عن الصلاة والبكاء .. دخلت مها برفقتها سرة إلى الغرفة .. بكيت في حضنهما وكانتا مصدومتين .. قالت سارة
" كيف ولم لم تخبروني .."
قلت وأنا أمسح دموعي " كانت مريضة باللوكيميا لم أستطع اخبارك .. لكنها ارتاحت الآن .. فلندع لها بالرحمة .."

خرجت من هناك برفقة سارة ,,وكان قد اتضح كل شيء بالنسبة لي ..يجب أن يفعل المرء كل مابوسعه ...

توجهت وأنا مع كل خطوة أخطوها أفكر أكثر .. وأخيرا .. طرقت الباب ...

"فاطمة ؟؟"

نظرت إلى ملامح ابي المندهشة من دموعي ..
" لقد قررت....سأتزوج حسن ..."

******************

توقعت أن يفرح أبي بهذا الخبر .. لكنه لم يبد سوى الحزن .. هز رأسه وقال
"سنتحدث لاحقا ..إذهبي لترتاحي الآن فقد كان يوما صعبا .."
توجهت لغرفتي وكنت قد يأست من كل شيء ! ,,,

*********
" آنسة فاطمة .. أنت لاتركزين .."
"ماذا ؟"
نظرت إلى محدثي .. كنت قد غرقت للتو في أحلام اليقظة .. ..
"يجب أن تتبهي .. .."
هززت رأسي .. حاولت التركيز .. كان المدرب يبذل جهدا معي وأنا أسرح كثيرا ..
تذكرت كلمات سارة " يجب أن تعتمدي على نفسك .. "
كان أول درس في تعلم قيادة السيارة .. بعد غد زفاف سارة .. وكانت الايام الماضية كئيبة إلى حد أنني لم أخرج من غرفتي .. كنت قد أخذت اجازة من عملي لمدة أسبوع .. نسيت كل الترتيبات التي كلفني بها محمد فإضطر أن يقوم بها بنفسه ..ومن ثم اضطر سائقي للسفر فجأة .. ولم يستطع أبي أن يوفق بيني وبين جدول سائق امي ..وهو وأشقائي ليسوا متفرغين أبدا لأخذي وإحضاري ..فكانت فكرة عمتي أن أتعلم القيادة ..
"آنسة فاطمة .. هل سمعتني ؟؟"
نظرت إلى المدرب الذي اجتاحه الزمن بشكل مخيف .. فكانت التجاعيد ترتسم على وجهه بكثرة .. ولا أسنان لديه .. وتبقى شعيرات معدودة في رأسة الامع ! ..
"أجل .."
لم أعرف ماذا كان يقول .. وجودي هناك لم يكن شيئا برضاي .. فلم أحبذ فكرة قيادة السيارة مطلقا .. لكن لم أستطع مقاومة عمتي التي أخبرتني أنه أفضل من الركوب برفقة شخص غريب لا أعرفه ..ليس كسائقي السابق الذي كان يعمل لدى والدي منذ عشر سنوات ..
وقفت في الخارج أنتظر سائق أمي ليمر بي .. لكنه لم يأت .. فبقيت أنتظر في يأس ..
لمدة ساعة ونصف ...ثم أمسكت بهاتفي واتصلت بأول رقم
" مرحبا فاطمة .."
"ابراهيم .. انني أنتظر منذ ساعة ولم يأتيني السائق ,,وتعبت الوقوف هنا .. "
"أين أنت ؟؟ "

*********
خلال عشر دقائق كان ابراهيم ترك عمله وظهر أمامي بسرعه ..
"سأؤدبه هذا الملعون .. "
" لابأس يا ابراهيم .. لم يحصل شيء .."
"إلى البيت ؟"
هززت برأسي , فلا أريد سوى الوصول إلى سريري ,,
" سآخذك للغداء .. "
" وعملك ؟"
" لابأس .. غادرت مبكرا .. فليس لدي مزاج للعودة .."
دخلنا إحدى المطاعم .. وطلب لي ابراهيم بذوقه وجبة لذيذه .. احترت كثيرا هل أسأله ؟؟ كان يجلس مرتديا ثوبا أبيض تناسق بشكل غريب مع بشرته السمراء ..كانت ملامحه الحاده تعكس شخصية حادة الطباع ..لكن لديه أطيب قلب وأصفى اخلاق ...فقرت أن أجازف ..
"ابراهيم ماذا تعرف عن حسن ؟"
هز ابراهيم كتفيه ببساطة "ليس الكثير .."
"هل لديك فكرة لم يريدني أنا بالذات ؟؟"
عبث بالشوكة التي أمامه وارتسم تعبير غريب على وجهه .. شعرت أنه يحاول أن يخفي شيئا ..
" قل لي أرجوك .."
" ماذا تريدين كتحلية .."
أمسك بالقائمة وقلب بصفحاتها ..لم أمنع نفسي من الغضب
"لم لاتخبرني ؟؟"
قال بهدوء " بعد أن نتناول التحلية ,,آيس كريم ؟؟"
هززت رأسي ..وأمسك القائمة وقال "ساعود الآن "


"آيس كريم بالنعناع ؟؟"
كنت أنظر إلى ما أحضر لي كتحلية ! ,, بينكما أحضر لنفسه قطعة كاتوه رائعه ..
" التغيير جميل .. "
كان أيس كريم أخضر اللون في كأس ذات قاعدة رفيعة .. لم أتشجع لتناوله .. أمسكت الملعقة وكرهت أن أفسد الشكل الدائري الجميل ..
"ماذا تريدين أن تعرفي .."
" أريد أن أعرف لماذا أنا .."
" أنت ابنة عمه الوحيده كبداية .."
لم تكن اجابة سيئة ! ,,
أخيرا تجرأت وتذوقت الآيس كريم .. كان طعمه غريبا ..لكن ليس سيئا .. ومع كل ملعقة اعتدت الطعم فأنهيته كاملا ..
" وكإجابة صادقة ؟"
كان يتلذذ بقطعته وقال " لا أعرف .. تقريبا شخصية حسن متقلبة ..لكن سبب تعلقه بك ..ليس لدي أدنى فكرة . أسأليني ماتشائين عنه .. وسأحاول أن أجيبك ."

"أين هو الآن ؟"
"في الإمارات.. على ما أعتقد ..سيأتي خلال شهرين او أقل ..لم لاتسأليني عمره ..مؤهله الدراسي ..عمله .. أخلاقه .. لا أراك مهتمة إطلاقا "

لم أكن محتاجة لأسأله .. أعرف أنه كان فاسد أخلاقيا ..مسبب للمشاكل كبداية ..ومؤهله الدراسي لايتعدى الثانوية العامة .

******

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 04-05-07, 09:43 AM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بلا عنوان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

-41-

انتهيت من صلاتي ونزلت مسرعة لأرى أخي قبل اختفاءه ..

"محمد ...محمد .."
ركضت إليه وعانقته وأنا سعيده وأضحك "مبرووك..مبروك .."
ولم أستطع كتم دموعي .. كان مبارك يقف هناك وقد بدت في عينيه نظرة غريبة ..لم أفهم ماهي .
" اهدئي فاطمة اهدئي .."
"هل ستخرج ؟؟"
هز رأسه وهو يمسك بيدي ونحن متوجهين لتناول الغداء في الصالة
" بعد أن أتغدى لن ترينني حتى الساعة السادسة .. سآتي لتبديل ملابسي .."
"سأبخرك بنفسي .. كيف حالك مبارك؟؟ أين منال وامي ألن تتناولا الغداء ؟"

جلس مبارك لتناول غداء ه وقال " ريجيم .."
ضحكت .. "لكن اليوم هو العرس , كم ستخسران قبل الحفلة !رطل ؟؟ "
قال مبارك " أنت أعلم ."
قال محمد "مبارك ..مابك ؟"
"لاشيء .."
لم أحبذ طريقته في الرد على أسئلتي .. هل هو يغار ؟؟ لاني لم أكن موجوده في زفافه ... نظرت إليه مبتسمة ..وكأنه خجل من أسلوبه معي وقال
" آسف .."
ذهبت وقبلت رأسه وأنا فرحه وضمتته رغم ملعقة الطعام التي في يده
" لا .. أنا آسفة .. "
بريق عينيه كان يفيض بالأمتنان .."آسفة لأني لم أكن هناك .."
ابتسم .. وقال مداعبا "عودي لتناول الطعام ... "
جلست بينهما .. وحاولت أن أخلق جوا مرحا
"محمد ماشعورك اليوم ؟"
سرح محمد قليلا ثم قال " لاشيء ...لاشيء يصف مدى فرحتي .. "
قال مبارك مازحا "صدقني .. ستنسى هذه السعاده في غضون سنة .."
صمت بينما تابع الجميع تناول غداءهم وهم يضحكون .. ويطلقون النكات حول الزواج وفكرة أنه سجن ومشاكل لاغير ..
قال مبارك " اوه ..لن تنتظر طويلا حتى يبدأ النكد .. وأريد هذا وهذا وتلك فعلت هذا وأنا لست أقل منها وأريد الذهاب للمكان الفلاني ..أريد السفر في الصيف و و و ..لاتريد شيئا سوى الترفيه ! "
ضحك محمد ولم يعلق لان سارة ليست كمنال ! وأنا متأكده من أنه يفكر هكذا .. لأنها تخلت عن شهر العسل لأجله ! ..

قبلت محمد وتمنيت له السعاده وذهبت لغرفتي لأجهز نفسي .. ستأتي المزينة بعد دقائق .. كانت قد نصحتني بها السيدة شيخة وقالت انها رائعه .. نظرت إلى فستاني الأسود ذو الاطراف المذهبة .. كان رائعا وخصوصا أنني خلال هذا الاسبوع ازددت خمس كيلوجرامات أعطتني امتلاءا جميلا ..
تذكرت مريم .. وفقدت كل رغبة في الاحتفال ..طلبت لها الرحمة ..وذهبت لأستحم ومن ثمن آخذ قسطا من الراحة حتى تأتي المزينة .

***
كنت أتجول بين الضيوف وارحب بالكل وأتأكد من الضيافة ستأتي المطربة خلال ساعة وسأتفرغ للرقص مع مها التي كانت رائعة .. لأول مرة بنات عمي خالد لسن في كامل أناقتهن .. وجلسن على إحدى الطاولات وعلامة الملل تغزو ملامحهن .. كذلك منال التي حاولت من خلال فستان أخضر ليموني أن تكون في كامل أناقتها ..
وملأت وجهها بمساحيق التجميل .. وكذلك شقيقاتها اللواتي يتجولن ويتصرفن بسوقية كبيرة ..
كانت مها تبدو رائعة بفستانها الأزرق الفيروزي وشعرها الكستنائي الذي أسدلته على كامل ظهرها ..
أما أنا ..فلازلت غير مصدقة للمسات المزينة التي وضعت لي مكياجا رائعا بلمسة محترفة شعرت أنني كإحدى تلك الفنانات .. ولمسات اللون الذهبي كانت رائعة ..وقصت شعري قصة رائعة أعطتها منظرا آخرا .ووضعت له اكسسوارا غريبا ..كان منظري لأول مرة .. رائع !

كنت أتجول بين الضيوف عندما رأيتها وصدمت لرؤيتها ..
" بنة؟"
كأنها تحاول أن تتهرب مني " أجل .. وصلتني دعوة من سارة .."
إن سارة لاتعرف ما أعرفه .. لاتعرف أن وجود بنة اليوم ..خطأ ! ..
"كيف حالك ؟"
" بخير .. "
نظرت حولها كانت تجلس إحدى شقيقاتها فقط .. نظرت إلى أصابعها أبحث عن خاتم ؟؟لم أجد!

"ألست مخطوبة ؟؟"
هزت رأسها بلا .. وحاولت أن تبتعد عن اختها وهي تهمس " لم أكن يوما "
"لكنك قلت لي .."
"كنت أريد التخلص من ابراهيم ! "
كم كانت وقحة بجرأتها تلك ! ... كم كانت وقحة وهي تخبرني أنها كانت تلعب بقلب أخي .. همست والغضب يملؤني " أكنت تكذبين ؟"
قالت " كان سيصل الامر إلى الزواج ..وهذا مستحيل .."
"لماذا ؟"
" كنت ألهو .. لاغير .. كان لعبة ..فهو لم يكون نفسه وليس الشريك المثالي "
غرزت أظافري في كف يدي لكتم صرخة كره احتلت أحبالي لاصوتية ..
" أخرجي من هنا .. أخرجي قبل أن أن ..أصرخ وأمزق وجهك .."
فتحت فمها قائلة " ماذا لن تجرؤي .."

" أخرجي قبل ان أصرخ وأطلق كل الشتائم التي أعرفها وأجعل منك قصة تتناقلها كل مجالس الدوحة "

استغربت من أين واتتني الشجاعة لكني أعرف أني في تلك اللحظة كنت سأفعل ماقلت إذا لم تخرج ..
عادت لطاولتها وارتدت عبائتها وسحبت أختها خارجا وهي تخرج هاتفها لتكلم أي شخص ليصطحبها ..

عدت لقرب مها التي كانت تتفرج على مادار بيننا " مابك ؟؟ "
"لاتسألي "
" من تلك التي غادرت ؟؟"
" انسانة ****ة .. لا أريد أن أفسد مزاجي في التحدث عنها "

****

كان دخول سارة من أجمل مارأت عيناي .. كانت تبدو مذهلة ... خوفها وتمسكها بيد والدها ... ووالدتها على الناحية الاخرى ..جعلني أتوجه إلى أمي لأقبلها وأبارك لها .. وهي خلف غطاء وجهها قبلت رأسي واحتضنتني . كانت جدتي تقف بعيدا .. تبتسم ..لكن آثرت أن أبقى قرب أمي في هذه اللحظة ..

"مبروك ."
"فاطمة تبدين رائعة .."
أمسكت بيد سارة والسعادة لاتسعني .. قالت ونظرة حزن تملأ عينيها
"كرهت أن أحتفل بزفافي ومريم لم يمر اسبوع على وفاتها .."

" سارة .. في لحظتك الرائعة هذه يغلبك الحزن ؟؟ لماذا ؟ .. أنا متأكده من أن مريم كانت لتفرح لك كثيرا .. وهي الأن مرتاحة أكثر .. "

قالت سارة " كنت أريد لهذه اللحظة ان تكون كاملة . لكني سأبقى دائما أفكر أنني ذهبت إلى عزاء مريم في نفس الاسبوع الذي تم فيه الزفاف ..كأنني أحط من مكانها في حياتي بالاحتفال بزفافي بعد هذا الوقت القصير "

"سارة .. فكري ان مريم ارتاحت أخيرا ..فقط فكري من هذا المنظور لاتحزني ..فماهي الحياة إلا فرح وحزن .. "
لا أعرف ماكنت أنطق لأواسي سارة .. وكنت أرغب في أن أجد أي شخص يواسيني ..لأخرج من قناع المتماسكة والقوية أمام سارة .. فهي لم تر مريم في ايامها الاخيرة ..ولم تعش معاناتها مثلي...

توجهت لجدتي "تبدين رائعة يافاطمة .."
"جدتي العزيزة أين كنت لم أرك منذ وقت طويل "
" انشغلت بمواعيد الطبيب يا ابنتي .. "
خفق قلبي بسرعة وفكرة أن يغيب الموت جدتي زرعت الرعب في قلبي وروحي وعقلي وبان ذلك على ملامحي حيث حاولت جدتي تهدئتي " لاتخافي فحوص روتينية .. أنا بخير .. كيف حال سارة ؟"

ابتسمت محاولة أن أسترجع نفسي الذي غاب " بخير ..حزينة لكنها بخير "
كنت أنظر لهاوأنا أقف هناك أتكلم مع جدتي ..
" لا ألومها يا ابنتي .. أخبرتني عمتك بوفاة مريم رحمها الله .. كانت انسانة محترمة .. وذات أخلاق عالية "


عدت تلك الليلة. وكنت منهكة من الرقص والحفلة .. وسعيدة وحزينة ومكتئبة .. كل المشاعر تنتابني في وقت واحد .. قررت أن أستحم .. ومن ثم توضأت وصليت ركعتين وقرأت ماتيسر لي من القرآن لأهدأ به نفسي .وهدأت أخيرا ..سكن مابي من اضطرابات .. واكتشفت أنني منذ خروج جدتي من المنزل وأنا أهمل جلسات قراءة وترتيل القرآن ... استغفرك يالله وأتوب إليك أني كنت من الظالمين ..


**
-42-

"صباح الخير "

"صباح الخير أم فهد كيف حالك اليوم ؟؟ "

وضعت ام فهد شنطتها جانبا وقالت " يبدوأنك تحسنت كثيرا .. أعذريني لعدم حضوري زفاف أخيك .أضطررت للسفر مع اطفالي .. "
وضعت الملفات أمامها وانتبهت أنها بقيت بعباءتها ..
"ستخرجين ؟"
" أجل لدي زيارات لبعض المنازل التي تطلب المساعدة مع الاخصائية الاجتماعية .. لا أحب هذه الزيارات لكنها شر لابد منه "

استغربت "لكنك المديرة .. بإمكانك الاعتذار عن الذهاب "
قالت وهي تقلب الاوراق بإهتمام " لدي الخيار بألا أذهب .. لكني لا أطمن خصوصا أن الاخصائية المسؤولة قد غابت اليوم .. ومعظم الموظفات قد وضعن الشروط بعدم الذهاب في زيارات منزلية .. ولايوجد غيري وغيرك وان تطوعت للذهاب .. سأكون شاكرة كي لا ألغي مواعيدي فلدي اليوم موعد مع رئيسة أحد أهم المؤسسات الاجتماعية التي تعبت حتى عينت معها موعدا .. "

"لامانع لدي من الحلول مكانك .."
نظرت أم فهد إلي وقالت "أنت متأكدة ؟؟ فليس بالمنظر المستحب رؤيته "

" أنامتأكده .. سأنتهي من أعمالي المكتبية وسأتوجه برفقة من تريدين .. وسأوصي عاملة الاستقبال بتولي مهامي .."

رفعت يدهها اليمنى المزينة بخاتم ألماسي رائع لتحك جبينها قليلا وكأنها محتارة ..ثم قالت مترددة " لا لا أستطيع أن أعرضك لتجربة مماثلة ..لازلت صغيرة "

استغربت من ترددها وأبديت ثقة كبيرة وأنا أقول
" لا أرى سببا لمنعك أياي ولست صغيرة .. سأكمل العشرين قريبا .. أرجوك ثقي بي ..فأنا قوية "




فهمت سبب تردد ام فهد لذهابي برفقة أمينة الاخصائية الاجتماعية .. عندما اقتربت السيارة من ذلك الباب الأسود المهترئ .. كان شارعا قديما ..مليئا بالحفر وحاويات القمامة القذرة ..تصف فيه عشرات البيوت القديمة المهترئة ..وأحداها مهجور تماما حيث تهدم الحائط وتكسرت الابواب ولم أرى سوى القطط التي تتجول داخله ..

"هل ستنزلين فاطمة؟"
سألتني الاخصائية أمينة التي كانت ترتدي النقاب على عكسي .. بعدما لاحظت ترددي وجلوسي رغم وصولنا ..وتوقف السيارة ..
" أجل .."
التقطت أنفاسي ونزلت بخطوات مترددة ..
طرقت أمينة الباب بقوة .. وفتح طفل صغير يرتدي أشباه الثياب ! لا أسمي الخرق البالية القذرة التي يرتديها ملابس على الاطلاق ..
" أين ماما ياصغير "
" في المطبخ "
" قل لها أن خالة أمينة تقف عند الباب "

اختفى الطفل وإلتفت مستغربة " هل تعرفك ؟"
" تقريبا .. آتيت إلى هنا من قبل ولم يدعني زوجها أكمل حديثي معها .. "
"لماذا ؟"
" ماذا تتوقعين من سكير وعاطل عن العمل "

" أمينة هل هو هنا الآن ؟"
قالت وهي تجهز بعض الأوراق " لا .. لهذا لم أجازف بتأجيل الأمر .. خرج لمقابلة عمل .. "

خرجت السيدة الضئيلة التي رق قلبي لها بسرعه .. لما تحمله من أسى وحزن على ملامحها ..
" تفضلي ..لقد خرج منذ عشر دقائق .. "
قالت أمينة " فاطمة .. هل تريدين الانتظار في السيارة ؟"
" كما تشائين "

وأمسكت بي الامرأة " لا لن تذهب يجب أن أضيفكما على الأقل ""
دخلت ممتنة لما تحمله هذه المرأة من كرم الضيافة رغم فقرها ..
" تفضلي "
كان غرفة الجلوس خالية تقريبا من الاثاث سوى تلفاز قديم وسجادة على الارض ووسادتين استندتا على الحائط ,,لكنه كان نظيفا ! لاتوجد ستائر حيث غطيت النافذة المكسورة بالصحف التي لم تمنع دخول أشعة الشمس ..

جلست وكنت قد خجلت من تحديقي في المكان مع تعبير الصدمة الذي ارتسم على ملامحي ..
قالت أمينة " فاطمة ..انتظري هنا .. سأدخل معها المطبخ .. سأتي بعد دقائق .."
جلس الطفل أمامي وقد أمسك بأخيه الصغير الذي بقي بلاملابس .
" ما اسمك .. "
كان سؤاله مفاجئا ..ابتسمت لهذه المحاولة منه لكسر الصمت " فاطمة ..وأنت ياصغير ؟"
" أنا لست صغير .. اسمي طلال ..وأخي الصغير اسمه عبدالله "
مددت يدي بحذر لأداعب خصلات شعر الصغير الذي لا يتعدى عمره السنتان ..
" اسماءكم حميلة ..هل لك أخوة آخرين ؟؟"
" أجل لدي علي ولكنه قد هرب .. وفايزة التي ماتت .."
صدمت وحزنت للحزن الذي بدى في عينيه .. " كم عمرك ؟"
" ست سنوات "

صدمت كثيرا .. توقعت أن عمره سبع أو ثمان سنوات .. لكن عمره ست سنوات وبهذا النضج .. بهذا الهدوء والحزن ؟؟ ..
" أنا آسفة لوفاة أختك ..رحمها الله "
فتح الباب بقسوة وبدأ صوت يزأر " غنيمة غنيمة .."

ارتعدت من الخوف وأنا أنظر إلى الطفل الذي لجأ إلى أحدى الزوايا ليحمي الصغير من ثورة غضب والده ..
" من أنتي ؟؟ "
لم أستطع أن أجيبه .. بقيت صامتة .. خرجت أمينة وبرفقتها المرأة الفقيرة ..
" أبو علي ؟أرجوك أهدأ .."
قالت أمينة " أتينا هنا للمساعدة .. "

" ألم أخبرك يا أمرأة أني لا أريد مساعداتكم ؟؟ ألم أطردك في المرة الماضية .. "

قالت أمينة " لكنك لم تدعنا نشرح .."
قال وهو يشير إلى زوجته ويكاد أن ينقض عليها " هي من اتصلت بكم أليس كذلك ؟؟ هي من تريد المساعدات والمال ..نحن لانريد أخذ أي أموال منكم .. "

قلت في محاولة مني لحل الموضوع " أتينا لنساعدكم في البحث عن علي "

هدأ الرجل فجأة .. وبقيت أمينة تنظر إلي متفاجئة وكذلك غنيمة التي انهارت فجأة في البكاء .. قال الرجل وقد تغيرت ملامحه فجأة من الغضب التام إلى الحزن التام
" هل تستطيعين أن تجديه ؟؟ . هل تعرفين أين هو ؟؟"

نظرت أمينة إلي متوترة وقالت " لانعرف أين هو ولكن نستطيع ايجاده ..بمساعدتك لنا "
" لقد اختفى منذ شهر ولا أجده في الجوار .. أرجوك .. "
لم اصدق اللحظة التي ركبت فيها السيارة للعودة إلى المركز ..
قالت أمينة " حتما أنقذت ام علي من غضب أبو علي .. لقد أخبرتني أنها لم تسلم من الضرب في المرة السابقة ..لكن ما أدراك بهروب علي ؟؟"
قلت وأناألتقط أنفاسي بهدوء " طلال الصغير .."
لم أصدق أني خرجت من هناك .. فالرجل الذي كان ضخما وملامح وجهه في قمة القبح أثار ذعري ..
قالت أمينة وهي تنظر إلى الصورة التي أعطانا أياها الرجل " وأين سنجد علي .. "

" لا أعرف يا أمينة لا أعرف .. سأسأل أبي عما أستطيع فعله قد يكون له صلات بالشرطة ..وقد يساعدوننا .."

قالت أمينة وهي تتفحص قائمة أصدقاء علي التي كتبتها والدته
" ابدئي من هنا .. أنت في هذا لوحدك .. اتصلي بكل ارقامهم وحاولي استجواب الاطفال .. سنعود الآن لمقر عملنا .. "
"لا أمينة لن تتركيني وحدي في هذا .."
قالت أمينة " أنا انتهى عملي تقريبا رأيت الحالة كتبت كل المعلومات الازمة ومن ثم سلمتها الكوبونات الخاصة للجمعية التعاونية وسلمتها المبلغ المالي المخصص لهذا الشهر .. وكنت سأخرج من هناك لا أحمل أي هم سوى كيف سألتقيها الشهر القادم ..زوجها عنيد سكير أغلب الوقت طرد من عمله منذ سنة ولم يجد أي عمل آخر مديون بمبالغ كبيرة جدا .. وليس لديهم الطعام الكافي لأولادهم أو حتى الملابس الكافية .. "
رق قلبي أكثر سألت أمينة " ومن أين يقتاتون ؟"
قالت " كان في البداية يستدين ليعيلهم .. والآن لا أحد يسلفة أي شيء لمعرفتهمن أنه لن يعيد المال .. يرسل لها جيرانها بعض الطعام .. أخوها يأتي بين فترة وأخرى ويعيلها بمبلغ مالي تأخذ جزء منه قبل أن تعطيه زوجها ليخرج ويعيده إلى أخيها ويبدأ شجار لانهاية له .وينتهي الامر بأن يشتري بالمال الخمر "

" أكل الحالات هكذا؟؟"
تنهدت أمينة " هناك حالات أسوأ بكثير .. هذه لاشيء مقارنة بها "

" لكن الدولة .."
قالت أمينة تقاطعني " ليس خطأ الدولة بل خطأ الأفراد .. الدولة توفر العلاج والتعليم مجانا .. لكن هم اختاروا تجاهل حالة طفلتهم حتى توفيت .. الدولة توفر لهم المراكز المتخصصة للمساعده والمساعدات المادية والمعنوية لكنهم اختاروا تجاهل ذلك تحت مسمى لانريد الصدقة الدولة تميزهم تعطيهم الفرصة في العديد من المجالات .. لكنهم .. اختاروا عدم الاهتمام .. ابو علي اختار الخمرة .. والبطالة .. وام علي اختارت حياة ابو علي .. يمكن الشخص الوحيد الذي رفض العيش في هذا الكابوس هو علي الذي هرب من معاناة والدته اليوميةو من رؤية اخوته جائعين .. أنا لا أشجع هروب الابناء .. لكن لاتتحدثي عن الدولة .. فدولتنا لم تقصر في شيء .. "

ابتسمت وقلت لها " كنت سأقول أن الدولة فتحت مجالات عديده أمامهم .. وهذا ما قلته لي في ثورة غضبك "
ضحكت أمينة ..وقال خجلة " اعذريني ولكن كل من رأى شيئا مخالفا للوضع الطبيعي ألقى بتهمه على الدولة .. "

*******

عدت للمنزل لأجد أبي أمامي .. لا أعرف لكني لجأت لحضنه .. استغرب من حركتي هذه .. قلت محاولة أن أكون طبيعية "أحتاج مساعدتك ! "

قال وهو يلف ذراعه حولي ونحن نتوجه إلى مكتبه
" اوه فاطمة .. ماذا هناك صغيرتي ؟؟ "
أخبرته بكل ماحدث معي في الصباح .. قال مستغربا
" ومالمطلوب مني ؟"
"أبي أحتاج مساعدتك أرجوك .. أليس لك صلات ؟"
قال والدي وهو يفكر " لا .. فأنا لدي شركة خاصة لادخل لها بالشرطة وعمل الشرطة ..وعندما أفكر في اصدقائي ومعارفي .. لا يخطر ببالي سوى شخص أو اثنين عملوا في الجيش وهم الآن في رتب عالية .. "

"ممتاز اطلب مساعدتهم ! "
ضحك أبي وهو يقول ساخرا " أتريدين الجيش يدورون في الشارع ويبحثون عن هذا الطفل ؟؟ ماذا أهي حرب ؟"

" أرجوك يا أبي "

نظر ألي بحنان وهو يقول " سأحاول أن أساعدك .. سأتصل بأحد الذين يدينون لي .. وسأرى كيف سيردون الدين "

" شكرا يا أبي .. أني ممتنة لك "
قبلت جبينه وأعطيته اسم الطفل وصورته .. وذهبت لغرفتي لأرتاح ..
***
فتحت عيني على طرقات الباب . نظرت إلى الساعة كانت الرابعة ..يا إلهي ماذا حدث ؟؟ قفزت من سريري وانا خائفة " ماذا ماذا ؟؟"
كان أبي ..الذي قال مستغربا " مابك ؟"
استلزمني الامر دقيقة لأعي أن الساعة الرابعة عصرا ليس فجرا ..
قال أبي منقذني من احراجي " اتصلت بأحدهم .. وسيجد الطفل خلال ثمان واربعين ساعة بإذن الله "
" شكرا أبي .. أنا ممتنة لك .."
كنت قد احتضنته وانا فرحه .. لم أفرح من قبل هكذا .. أن أنتشل هذا الطفل من الشارع كان انجازا اود ان افتخر به ..
" كيف يا ابي ..من هو صديقك هذا ؟"
قال مبتسما " بما أن لدي شركة مقاولات فلدي العديد من الزبائن .. وأحد زبائني له مركز كبير في الشرطة .. كبير جدا .. عرضت عليه أن أتساهل في بناء منزله معه مقابل هذه الخدمة ولم يمانع .. "

شعرت بحب كبير تجاه أبي أن يضحي بنسبة من ارباحه لأجل موضوع تافه كموضوعي .. ارتميت في حضنه وأنا أكرر عبارات الشكر .. وكان هو فرحا لفرحتي ..

وازدادت فرحتي عندما جاءني والدي ليخبر بعد عدة ساعات انهم وجدوا الصبي محتبئا في احد المساجد يعمل فيها مقابل أجر زهيد .. حيث ينظف المسجد ويرتبه ويعطيه كل من رآه مبلغا بسيطا ويعطيه المطوع آخر الاسبوع مبلغا مناسبا لعمله ! أخبرت أمينة بكل التفاصيل عبر الهاتف .لأرتاح من هذه المسؤولية رغم أني أفضل أن يبقى الطفل في عمله على أن يعود لمنزله الغير مستقر .. ووالده الغير مسؤول .

****************

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكاتبة سهر الليالي, روايات, قسم الروايات, قصة عندما نتحدى الأيام, قصص
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:58 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية