كاتب الموضوع :
بلا عنوان
المنتدى :
القصص المكتمله
_33_
استيقظت على رنين الهاتف ..
" صباح الخير .."
" صباح الخير .. من ؟؟"
" أنا منى .. هل نسيت صوتي .."
" كيف حالك .. "
" الحمدالله .. جدتي تريد أن تراك .. هلا أتيت اليوم .... "
" حسنا سأخبر أمي وأتي بعد قليل "
" إذن إلى اللقاء "
جدتي العزيزة تريد أن نلتقي ..لم أرها منذ أسبوع .. تقريبا منذ زارتني في المستشفى.
نزلت إلى الأسفل لأجد اخوتي جميعا يجلسون للإفطار ..
" صباح الخير "
" صباح الخير "
قال محمد " أين ستخرجين ؟؟ ألم تستقيلي ؟؟""
" بلــى .. لكن جدتي تريد مني أن أمر بها .."
قال سالم " سأوصلك فأنا لم أرها منذ خرجت من المنزل .."
قال ابراهيم " وأنا أيضا .."
قال مبارك " مررتها بالأمس .. تبدو مرتاحه .."
قلت بحماسة " طبعا فمنزل عمتي لايمل .. هنا كانت تجلس لوحدها معظم الوقت لكنها هناك محاطة بالجميع "
قال سالم " إذن لم رفضت العيش معهم إذا كانوا يعجبونك لهذه الدرجة "
توقف عقلي عن التفكير للحظة " ماذا تقصد ؟"
قال مبارك " لاشيء .. هيا .. وسالم تعال معي .."
قال سالم " لكني أريد الذهاب إلى جدتي .."
قال مبارك في لهجة جادة" لكني أريد أن أتحدث معك .."
قال ابراهيم " سآخذك أنا .. أنه فطورك .."
لكن لم تعد لي أي شهية .. فلقد بدأت أفكاري في التضارب من جديد .. ماذا يقصد سالم ؟؟ لماذا غضب مبارك ورفض مرافقة سالم لنا .. لم تجهم إخوتي فجأة .. محمد يحاول أن لا ينظر إلي .. نزلت والدتي من غرفتها وكانت في قمة أناقتها ..
" صباح الخير "
رد الجميع " صباح الخير "
وقف محمد وغادر وذهب مبارك وسالم معا إلى الخارج وابراهيم ينظر إلي ينتظرني أن أنهي فطوري .. وقفت وقلت لأمي " سأذهب لأرى جدتي .."
قالت أمي " ماذا .. لماذا رحلتوا فجأة كأني شيطان رجيم ؟؟ ..."
ارتبكت لكلمات أمي " لقد أنهيت فطوري وأريد الذهاب لجدتي .. لايتعلق الأمر بك"
قال ابراهيم " أنا أنهيت فطوري منذ دقائق وكنت أنتظر فاطمة لأوصلها .."
تجهم وجه والدتي واكفهر .. وضعت كأس الشاي ووقفت ...وارتدت عبائتها وغادرت .. نظرت إلى ابراهيم الذي قال " لنذهب ."
********************
" سأنزل إلى مجلس الرجال .. "
هززت رأسي وتوجهت إلى الصالة لكني وقفت لثانية ليأتيني صوت منى
" عبدالعزيز .. سترى فاطمة اليوم لماذا لست سعيد ؟. "
قال لها " تعرفين أنني كذلك ..لكنه إحساس من طرف واحد .. "
وفتح الباب لتلتقي نظراتي بنظرات عبدالعزيز المتفاجأة .. كلانا مندهش .. كلانا مصدوم .. أشعر بفوضى عامة في داخلي بصوت يصرخ بي استيقظي .. أقفلي فمك ..لاتبيني له أنك سمعت شيئا ... لكني لم أستطع سوى أبقى منصدمة أنظر إليه نظرة اتهام .. نظرة غضب ! .. نظرة توسل .. لا .. لاتحبني يا عبدالعزيز .. لا أريد أن أتسبب بشقاءك .. فأنا لا أستطيع العيش مع هذه الفكرة .. لقد وهبت قلبي لشخص آخر !لا يا عبدالعزيز .. لاتقتلني بهذه الفكرة !
لكنه لم ينطق بكلمة .. ثم اتجه إلى مجلس الرجال .. دخلت إلى الداخل لأجد منى وعلى شفتيها ابتسامة ترحيب .. بعد أن سلمت عليها سألتها عن جدتي وعمتي فأخبرتني أنهما ستأتيان بعد دقائق حيث خرجتا إلى الخياط ..
جلست معها دقائق سألتها عن تجهيزاتها فأسترسلت في الحديث عن التعب الذي تواجهه وخصوصا أن الزفاف سيكون خلال ثلاث أسابيع ..
لكني قد غرقت في حديث افكاري .. هناك سر آخر .. أنا لم أرفض عبدالعزيز .. فهو لم يتقدم لي بعد .. ماذا يحدث .. ماذا يحدث ؟؟ ...
جاءت جدتي لأعانقهاوأغرق في بحر الحنان .. لقد اشتقت لها كثيرا ..
"فاطمة .. هل ازداد وزنك ؟؟"
" ربما قليلا .. فالخادمة تعد لي أصنافا لذيذة وأنا أشعر بالوحده .. فلا أخرج من المنزل ولا أرى أحدا .."
قالت جدتي بحنية " أخشى أن تضيعي مجهود الأشهر الماضية .. لاتسرفي في تناول الطعام .. لا تحرمي نفسك ولكن لاتفسدي حميتك ."
كلام جدتي كان منطقيا..فمنذ سافرت سارة وتوقفي عن المشي والرياضة ووحدتي ..لقد زدت قرابة الخمسة كيلو جرامات .. أمسكت بيد جدتي وقلت بيأس " عودي إلينا .. إن المنزل موحش بدونك .."
نظرت إلي جدتي في حنان " لا أستطيع .. لكنه قد جاء دورك لكي تحلي محلي .. فمن خلال جلوسك في المنزل تواصلي مع أخوتك .. حاولي أن تكوني صديقتهم ."
" لكن يا جدتي . اخوتي لايتواجدون في المنزل إطلاقا !"
" بلى .. لكنك دائما في غرفتك فلاتشعرين بهم .."
"ماذا تقترحين أن أفعل ؟؟"
" اجلسي في الصالة ..قليلا."
كبداية لم تكن فكرة سيئة .. مرت الساعة الأولى ونادتني منى لغرفتها حيث سيأتي أخي ابراهيم ...دخلت معها ..رميت بنفسي على السرير
" ما أخبار صافية ؟"
" تسافر كثيرا ... لا أعرف ماسبب سفرها الدائم ..هل تودين أن تري فستان الزفاف ؟
"
هززت رأسي لتخرج منى فستان في غاية الجمال
" ما رأيك ؟؟"
" رائع .. ارتديه ..."
دخلت لدقائق ثم خرجت ..كان الفستان دانتيل فرنسي فخم .. وتطريز بسيط على أطراف الفستان .. كوكتيل يظهر جسم منى رائعا ..
" لم أرتديه قبل .. انه تماما مقاسي . لاأعرف لماذا تغزو الأفكار السوداء رأسي.. ربما فشل علاقتي بفيصل سيؤثر على سعادتي .."
قلت لها مواسية " لكن علاقتكما لم تفشل .. لم يكن بينكما نصيب .."
قالت " لكني لم أتمسك به .. هذه حياتي وكنت أستطيع أن أخبر جدي أنني أريد فيصل ولن أرضخ لطلبه فهو لايتحكم بي ..لكني لم افعل "
كان الفضول يقتلني .. لو علم عبدالعزيز بذلك لسخر مني .. عبدالعزيز .. آه ..لا أريد أن أفكر بهذا الآن .. عدت لمنى
" لماذا لم تتمسك بفيصل ؟ ؟؟؟ "
قالت
" لاني أعتقد أنه كان لا يحبني .. أعتقد أنه كان يفكر بحمده طوال الوقت ..فوجدتها فرصه لأهرب من هذا الإرتباط .. "
"لكني كنت أراكما تجلسان معا وأنتما في غاية السعادة "
"كان يجلس مع أمي فهي تذكره بوالده .. كان يعجبني .. وبدأت مشاعري في الخضوع له .. لكنه .. لم يبد أي حركة ليجعلها تتوثق .. وكان يخطيء ويناديني بحمده .. لم يكن يحبني ..ا أنا متأكده من ذلك .. لست مستعده للعيش مع رجل يفكر بإخرى .. لم أتقبل هذا المنطق .. وأخشى أن يتكرر الأمر مع زوجي المستقبلي فقد تناهى إلى سمعي أنه كان يريد احدى بنات خاله .. لا أعرف "
" ألم تجلسي معه؟؟"
هزت رأسها بلا .. وقالت " لم نجلس معا .. اخترت أن أن أبدأ معه من الصفر .. لأن ما مررت به مع فيصل كان ..مؤذيا !"
لم أفهم .. نظرت إليها وقلت " ماذا تقصدين ..كان يأتي كل جمعة ..وكنت أراك في غاية السعاده . كنت تتحدثين معه عن كل شيء .. عني عندما بدأت عملي معه ..عن أشياء عديدة وكنت تشعين حبا كلما عدت .من لقاءه وكان حزينا عندما انفصلتما ! "
قالت " أجل .. لكنه لم يكن يحبني على الإطلاق .. كان كصديق أكثر منه كخطيب .. ومنعني كبرياءي من أن أبين له اعجابي به .. في الفترات الأخيرة كان يشرد ذهنه كثيرا .. وعندما أخبرته أن جدي اعترض وطلب مني أن تزوج ابن عمي .. كأني هم وانزاح عنه ! لم تتخيلي مقدار الراحه التي انتابته ! كنت سأخبره أني سأرفض وأبقى معه .لكني جبنت فقد كنت أشعر بالذل و حينما قال لي " أن الزواج قسمة ونصيب" دون أن يثور أو يغضب علمت أنه لايريدني .. فقررت أن أرضى بنصيبي ...لقد أذاني بقسوة لدرجة أني لم أتحمل أن أقف أمامه لثانية أخرى .. لقد كرهته .. وبعد فترة أرسل لي برفقتك رسالة .. يخبرني أنه تهمه سعادتي ولايريد أن يسبب أي مشاكل .. وأن خطبتنا منذ البداية تشوبها المشاكل والإختلافات .. ببساطة أكد لي أني كنت سأقع في أكبر خطأ .. إن تزوجته ..أتمنى أن أبدأ من جديد مع ابن عمي .. لكني أخشى أن يعاد السيناريو ذاته .. فمع طيف ابنة خاله .. هناك احتمال كبير . "
لم أستطع أن أعلق لقد كرهت أن تجرح منى من قبل فيصل ..نظرت إلى منى التي كانت تنظر إلى نفسها في المرآة بحزن ، وقفت وقلت لها
" تبدين جميلة بهذا الفستان وفتاة بجمالك وشخصيتك الرائعه ستسلب قلب أي رجل..وأنا واثقة فعلا أن زوجك سيحبك ولن يفكر بأخرى فهو لن يحتاج إلى ذلك "
نظرت منى إلي بإمتنان وقالت" كلماتك رائعه .. فهمت لم يعشقـ.."
صمتت منى للحظات وأتممت " شكرا يا فاطمة.."
الفوضى تعتريني .. والألم في داخلي لاحدود له.. وصل الأمر إلى حدود العشق ؟؟ لم ؟ فأنا أعزك كثيرا ولا أريد أن أكون سبب لألمك يا عبدالعزيز .. تبا لهذه الأحاسيس التي تعتريني الآن .. تبا لهذا الشعور بالأسف .. ليتني قاسية .. ليتني متحجرة القلب لأتجاهل هذه الإنقباضات التي تعتري قلبي .. نظرت إلى منى وسألتها
" هل لك بنات عم ؟؟ "
قالت منى " أجل .. لقد قابلتيهن في زفاف صافية .. "
قلت " هل بينهن فتاة اسمها مريم ؟؟"
هزت منى رأسها بأجل وقالت " خطبها عبدالعزيز منذ سنتين ... بناء على وصية والدي لأمي بأن تكون مريم من نصيب عبدالعزيز . .. لم يكن عبدالعزيز يريد مريم .. كانت لاتعجبه .. رغم أنها جميلة .. تلك التي كانت ترتدي فستانا أسود, أتذكرينها ؟؟هي الوحيده بفستان أسود متلألأ "
بحثت في ذاكرتي عن ملامحها وتذكرتها لأنها جاءت لتطلب مني أن أنادي منى .. إنها فعلا جميلة .. لكنها كانت مغرورة فلم تسلم علي و أمرتني بغرور كأني أعمل لديها ...عدت لمنى وقلت " أتذكرها .. "
" لكنها رفضته .. وصرحت أنها لن تتخلى عن العيش في فيلا والدها مقابل العيش في هذا المنزل الشعبي البسيط ..ورفضت أن تخالطني وأخوتي ..للأسف لم يخبرها أحد أنها غير مرحب بها أيضا .. وأن عبدالعزيز كان يحترم رغبة والدي رحمه الله ..وإلا فهو غير مهتم بها بالأساس .. "
تخيلت الموقف .. و تذكرت نظرات عبد العزيز .. لا .. يجب أن أواجهه .. يجب أن أتحدث معه .. لكني لا أملك الجرأة .. لا أتجرأ على مواجهته !
************
استلقت مريم على السرير وجلست بقربها .. كانت للتو قد عانت من نوبة ألم حيث نسيت تناول المسكنات ولم ينه آلامها سوى الممرضة التي أعطتها حقنة مسكنة للآم ..وكنت للتو قد أتيت لزيارتها ..
ابيضت شفتيها وشحب وجهها .. ثم بعد دقائق طويلة كنت أجاهد ألا أنهار بقربها .ز
" فاطمة .. "
" ارتاحي .. أنا هنا .. ارتاحي .. "
" أقرأي لي . .. يوجد كتاب على المنضدة .. "
نظرت لى حيث أشارت ...واتجهت لأمسك بالكتاب وكان عنوانه آلام فيرتير ..كانت قد علمت صفحة ما ..فتحتها ..قالت في وهن " اقرأي من فقرة 27 اكتوبر .."
((
27 اكتوبر مساء :
لدي الكثير جدا ولكن حبي اياها يستوعب ذلك كله ..لدي الكثير جدا لكنني بدونها لست أملك شيئا ..
30 أكتوبر :
لقد أوشكت مائة مرةأن أقدم على عناقها .. ياللسماء .. أي عذاب لي أن أرى بعيني كل هذه الملاحه تمر بنا ، ثم تعاود المرور مرارا وتكرارا ثم لانجسر على الإمساك بها .. والإمساك بالأشياء غريزة طبيعيه في البشر أفلا يمسك الأطفال كل مايرونه بأعينهم .. وأنا ؟؟
3نوفمبر :
اشهدي يا سماء كم من مرة رقدت في فراشي وبي رغبة ،بل ويحدوني الأمل ألا أستيقظ من رقادي ذاك أبدا ...وفي الصباح عندما أفتح عيني وأرى الشمس مرة أخرى أشعر بالتعاسة ...))
أخفضت الكتاب وقلت لمريم " لا .. لا يجب أن تقرأي مثل هذه الأمور ..أنها تسبب التعاسه .."
" أرجوك فاطمة .. أقرأي ...."
"لكـن..."
" أرجوك !"
تابعت القراءة
(( لو كنت أمرءا كثير النزوات غريب الأطوار لكان حريا بي أن ألقي اللوم على كاهل الطقس أو على بعض من أعرف أو على خيبة أمل شخصيته ،وأعد ذلك مسؤولا عن سخطي ،وبذلك لايقع هذا العبء الباهظ – عبء متاعبي واضطرابي – على عاتقي شخصيا ، ولكن وا آسفاه !إني لأشعر –وبكل حزن – أنني وحدي مصدر جميع أحزاني وأشجاني كما كانت نفسي من قبل مصدر جميع مسراتي وأفراح ، فأنا عدو نفسي الحقيقي ألست أنا عين ذلك المرء الذي أستمتع يوما ما بالسعادة المفرطة .فكان يرى في كل خطوة وكأن الفردوس قد فتح أبوابه له ..فكان قلبه ينفتح دوما للعالم أجمع .وهذا القلب بعينه قد مات الآن ومان احساس يمكن أن يبعثه من موته .عيناي جامدتان وحواسي لم تعد ترويها دموعي الندية وكذلك أيضا أخذ عقلي يذوي ويتآكل. ))
لم أستطع أن أكمل .. أغلقت الكتاب ونظرت إلى مريم التي أغمضت عينيها بسكينة..ولم أستطع كبح دموعي عندما تذكرت كيف كان تصرخ من الألم منذ دقائق
يا إلهي .. ثم انتبهت إلى أن عينيها الواسعتن المغلقتين تذرفان الدموع بصمت .. مسحت دموعي " مريم .. "
ونظرت إلى الكتاب المهتريء الذي بيدي يبدو أنه كان لديها منذ وقت طويل حيث يبدو كأنه عانى الأمرين .. قالت مريم وهي لاتزال مغمضة عينيها
" فاطمة..في آخر الكتاب ..إقرأي ما كتب .."
قلبت الأوراق حتى النهاية .. وهناك كان اهداء طويل ..
(( حبي الأخيــر ..
لطالما كرهت هذا للقب .. ولطاما أحببته ..ولطالما كرهت هذا الكتاب ولطالما عشقته .. لا أعرف لكنه بحوزتي منذ جلستي الأولى .. منذ سبع سنوات .. أهداه لي صديق في عيد ميلادي .. وعندما قرأته أول مره كرهته .. كان مليئا بالسوداوية واليأس .. والمفردات الرائعه .. لمست في هذا الكتاب شيئا .. تلك المذكرات . من أصدق ما قرأت .. لم أجد أجمل من تلك الأحاسيس .. وأسوأ من هذه القصة ... لقد كانت حزينة .. ما أسوأ أن يلاحق المرء حبا يائسا ..وأن لايفكر سوى به .. وأن ينهي حياته لأجله .. ياله من بائس .. كلنا بؤساء ..
حبي الأخيـــر ..
عندما قال لي أخيفي أول جلسه أن أصطحب ما أقرأه أثناء الإنتظار .. نظرت إلى المكتبه الضخمة ولم يرق لي شيء سوى آلام فيرتير .. لم أجد شيئا مناسبا سوى آلام فيرتير .. آلام شخص آخر .. سبع سنوات وأنا أحمله معي إلى جلسات العلاج . وإلى الممستشفى .. هذا الكتاب كان يحمل يأسا .. كان يشعرني بالأمل ..
لأنك حبي الأول والأخير ..
أهديتك الشيء الوحيد الذي لا أستغني عنه بعد قلبي ..
هذا الكتاب ..
لأنك شارلوت التي حلمت بها كثيرا .
فيرتير ))
عجزت عن الكلام لدقائق طويله .. نظرت إلى مريم التي فتحت عينيها المغرقتين بالدموع وقالت
" كان قد علم تلك الصفحة ..التي قرأتها في البداية .. فتركتها كما هي .. قرأت الرواية البائسة .. وعرفت ماذا يقصد .. كنت أرى من يقرأن الجريدة أثناء الجلسات .. وكنت أعرف أنه لديهن الأمل .. فهن مهتمات بما يحدث في العالم وأسواق البورصة والمجتمع .. ووهناك فئة تقرأ كتب الأشعار .. تغذي قلبها وروحها بكلمات الحب .. كنت أصنفنهن أنهن مقاتلات .. يحاولن أن يشتتن الإنتباه عن كل الآلام حولهن ويوهمن قلوبهن بشيء غير موجود .. وهناك من تأتي تحمل كتبا للدراسة أو للثقافة .. لكن لم يكن لديهن أي تركيز لما يقرأن ..كان الخوف يعتري قلوبهن .. فلا يركزن في شيء .. لأنه قد تدهورت حالتهن بطريقة ما .. أو لديهن من يخشن على مستقبله من الآلام .. وهناك من يأتين خاليات الوفاض .. وهن من فقدن الأمل في كل شيء .. هن اليأس بذاته .. يرتسم على ملامحهن تعبير اللامبالاة .. يردن فقط أن تنتهي الجلسة ليعودن بيأس إلى المنزل كي لايفوتن حلقة المسلسل المدبلج .. فلازوج ينتظرهن .. ولا أطفال .. ولا عائلة .. ولامستقبل ! .. كنت من تلك الفئة مؤخرا ..لكن المسلسل المدبلج قد انتهت حلقاته .. ولم يتبق لدي الوقت الكافي لأبدأ في متابعة مسلسل جديد !""
نظرت إلى الرواية وأنا أكافح لأن أتماسك ..
" لم لم تتزوجا ؟؟ "
التفت مريم إلي وقالت " عرفنا بعضنا منذ ستة أشهر .. أربعة أشهر كنا نبي الأمل .. ونصبر بعضنا .. ونلتقي في أروقة المستشفى والحديقة رغم تحذير الأطباء .. لم يكن برفقتي أحد .. فناصر ينهي شهادته الثانوية .. ووالدي لم يستطع أن يرافقني ..سافرت وحدي برفقة الطاقم الطبي .. أربعة أشهر من التحاليل والجلسات والأدوية الجديدة .. كان لقائي بنايف هو أجمل ماحدث لي .. لكن .. قبل شهر واحد فقط ... عندما ذهبت لأودعه على أمل اللقاء .. وجدت سريره فارغا .. سألت عنه ..وأخبروني بخبر وفاته .. وأعطتني الممرضة هذا الكتاب وأخبرتني أنه أخبرها أن تعطيه لي .. لم أبك .. بل ابتسمت .. وعندها قررت أن أحذو تجاهه .. "
" ما يربكني أنني لا أجدك خائفة .. "
نظرت إلي وقالت " لقد زرع في قلبي شجاعة لامثيل لها .. أخبرني مرة أنه ليس خائفا من الموت .. لأنه جاهز لذلك ,,سألته ماذا يعني ؟. فأخبرني أنه لم يقترف المعاصي في حياته .. منذ صغره نشأ نشأة صحيحة .. وعندما ابتلاه الله بالمرض رضي وصبر .. لم يفقد ايمانه .. وقراءته لهذا الكتاب ليسلي نفسه عن الألم ..لو رأيته في قمة آلامه .. كان يحمد الله .. زاد ايماني وشجاعتي ...... أخبريني عنك .. تبدين متجهمة اليوم .. "
" اكتشفت أن عبدالعزيز يفكر بي .. "
" كيف يفكر بك ؟؟"
أخبرتها كل ماحدث معي .. ماحدث في المستشفى وماحدث في الصباح عندما وجهه لي سالم انتقادا ..
قالت بعدما استقامت في جلستها " عبدالعزيز .. لكنك لم تخبريني عنه أبدا.."
قلت لها " كان ابن عمتي فقط .. ولايزال .. لا أستطيع أن أقول كأخي ..لأن أخوتي ليسوا بهذه البساطة معي .. لكن ماحدث جعلني عاجزة عن التفكير يا مريم .."
صمتت مريم لثواني لتلتقط نفسها ثم قالت
" فاطمة .. إن تقدم عبدالعزيز لك . هل تقبلين ؟؟ .."
نظرت إلى مريم في حيرة وقلت " لكني أحب فيصل "
" هل سترفضينه ؟"
" لا .."
صدمت مريم من إجابتي وقالت " لا أفهم ... أنت تحبين فيصل .. أليس كذلك ؟؟ هل ستقبلين بعبدالعزيز رغم ذلك ؟"
قلت لها " قالت لي سارة مرة أن عبدالعزيز كنز لايعوض .. وإن حدث وتقدم لخطبتي وعلم فيصل بالأمر .. ولم يحرك ساكنا . سأقبل به !"
" وإن تحرك فيصل وتقدم لخطبتك ؟"
" حينها سأكون أنا وقلبي قد اتفقنا وستكون الغلبة لفيصل .. رغم أني أشعر بالأسى على عبدالعزيز .. "
***************
|