_ 24_
استيقظت على رنين المنبه .. أنها الخامسة .. أشعر بأن جسدي قد تحطم تماما .. ذهبت إلى مشواري اليومي ومشيت مايقارب الخمس وأربعون دقيقة ...ولم أستطع تحمل الربع ساعة الأخيرة .. عدت وأخذت دشا سريعا .نزلت لأجد جدتي قد عادت للتو مع مبارك ..وكانت تترنح من التعب ..
" ماذا حدث ؟"
قال مبارك وقد بدا متعبا بدوره " الحمدالله .. سيحتاج لوقت طويل للشفاء "
دخلت جدتي غرفتها .. لتصلي وتنام قليلا ..
غيرت ملابسي واتجهت إلى عملي ...
لو قال لي عراف ما أنه يوما ما سينتهي بي العمل مع فيصل لما صدقته .. دخلت إلى المكتب لأجده قد وصل قبلي وفتح الكمبيوتر الخاص بي .. أغلقت الكمبيوتر قبل أن أتجه لأرى ماذا يفعل .. كان يجلس هناك يراجع مسودات كثيرة .. ويبدو من عينيه أنه لم ينم طوال الليل ..
" صباح الخير "
" صباح الخير .. خذي .. أريدها حالا "
أمسكت تلك المسودات واتتجهت لكمبيوتري لأفتحه مرة أخرى وشعرت بمدى كسلي ..طبعت الخطابات بسرعة كبيرة .. تأكدت من المفردات والأحرف .. وطبعتها بسرعة بعد أن حفظتها تحت مسمى فيصل .. ودونت التاريخ ..
دخل عمي إلى المكتب وهو في قمة تعبه ..
" عمي .. مالذي أتى بك .. لم لم تبقى في المنزل لترتاح قليلا .."
قال عمي وقد ارتسمت على ملامحه علامات الجهد والتعب ..
" لدي عمل .. أحضري هذه وتعالي إلى مكتبي "
حملت عملي ودخلت إلى المكتب لأجد عمي قد رمى بجسده على الكرسي وغترته وعقاله قد استقرتا على المكتب .. دخلت وأعطيته الخطابات واستدرت لأدلك له كتفيه قليلا ..
" شكرا فاطمة .. أنني فعلا متعب .."
بعد خمس دقائق قال " يجب أن أتقاعد وأسلم هذا العمل لفيصل .. لقد أصبح يجيده"
انتفضت لهذه الفكرة .. هل سأبقى لآخر عمري أعمل برفقة فيصل ؟؟ هل سأكون مثل شيرين ؟؟ أفني عمري في العمل قبل أن أكتشف أن عمري قد مر هباء ؟؟
دخل فيصل لمكتب عمي وقال " كيف حال حسن ؟"
هز عمي رأسه بما معناه أنه جيد .. " يكفي يا فاطمة ..شكرا حبيبتي .. عودي إلى مكتبك ."
اتجهت إلى مكتبي .. ولا أعرف لم نظرت إلى دليل الهاتف ونسخت رقم شيرين لأتصل بها في مقر عملها الجديد ..وعرفتها بنفسي عندما لم تميز صوتي ..
قلت لها " شيرين .. هل كان سبب بقاءك كل هذه المده في العمل لدى عمي سببا شخصيا ؟؟"
شعرت بصمتها .ثم قالت بعد لحظات " وماذا تظنين أنت ؟؟"
قلت مايدور في قلبي من شكوك " أكنت تحبين عمي ؟؟أهذا هو السبب الثاني الذي رفضت اخباري اياه من قبل ؟"
شعرت بها ...شعرت أنها ابتسمت .. كيف لا أعرف .. لكنها قالت لي أخيرا
" هذا هو السبب الثاني .. "
قلت وقد تملكني الذعر لكنني حاولت اخفاءه ونطقت هامسة " كيف ؟؟"
قالت أخيرا " كان شيئا خاصا .. بي أنا .. لا أعتقد أن عمك شعر يوما بما يدور في داخلي من أحاسيس .. كانت علاقته بي عملية بحته .. لكنني كنت قد كرست نفسي لأجله ..لم يشعر يوما بشيء .. وكان هذا هو هدفي .. أن أبقي ما بداخلي من مشاعر بريئة .. "
سألتها " ومالذي تغير ؟؟ "
قالت لي بلهجة هادئة " استيقظت ذات يوم .. لأجد نفسي في دوامة خاسرة .. لأجد أنني أفنيت عمري ولم ..... لقد عشت حلما جميلا .. لكن لمدة طويلة .. قررت أن أثور .. وها أنا .. قد تزوجت منذ أسبوعين بشخص ... رائع .. "
شكرتها على صراحتها .. وأغلقت الهاتف لتنهمر دموعي .. إذا تقاعد عمي .. لاشيء يمنعني من تكرار مأساة شيرين .. هل سأبقى سكرتيرة لفيصل ؟؟ لأعذب لآخر عمري في حب صامت ؟؟ .. لا .. قررت قرار لا رجعة فيه .. إذا تقاعد عمي .. سأستقيل .. وأبتعد عن طيف فيصل .. كففت دموعي وعدت لعملي ... لكنني كنت أسرح بين فينه وأخرى .. وأفكر في شيرين ...
********
ها قد مر شهرين آخرين لا شيء جديد سوى أن الرياضة أصبحت روتينا في حياتي .. اعتاد جسدي على الآلآم .. اعتدت التعب .. فقدت عدة كيلو غرامات .. فقدتها من وجههي .. وقليلا من بطني ...
رغم أنني تعبت وأريد أن أنتهي من هذا الريجيم .. لكنت أشعر بأن الأيام تقف ضدي .. فهي بطيئة بشكل غير معقول .. أصبحت أكثر تكتما .. أحبس نفسي بين جدران غرفتي .. تجتاحني رغبة شديدة في البقاء معزولة عن الجميع .. أصبحت لامبالية بأحد .. واهتممت بنفسي أكثر ..
تحسن حسن كثيرا لكنه سافر إلى الخارج ليبدأ سلسلة علاج طويلة جدا.. وتحسنت حالة عمي النفسية..
ستلد منال خلال بضعة أسابيع ..
رسمت عيني بالكحل .. وارتديت العدسات الملونة ..ووضعت ظلا لعيناي بلون البيج لا أعرف مالذي جعلني أستخدم المكياج بكثرة .. وضعت لمسات المسكره والبلاشر وملمع الشفاه الشاحب .. اليوم سأذهب لمنزل عمتي التي لم أراها منذ شهر .. لبست عبائتي وركبت برفقة جدتي السيارة ..
قالت جدتي " سنذهب اليوم لرؤية عمتك .. ولكن أولا سنذهب إلى السوق "
فقلت " ماذا سنفعل في السوق ؟؟ "
" سأشتري هدية لأبنة عمتك صافية .. زفافها بعد أسبوع .. "
قلت مستاءة " قالت لي من سنة أن زفافها سيكون بعد سنتين .. لماذا استعجلت ؟"
قالت جدتي " تعرفين .. كان ابن عمها حسن غير جاهز في بداية خطبتهما .. لكنه الآن جاهز .. وسيفعل فيصل الشيء ذاته .. حالما يجهز كل شيء سيتزوج منى .."
شعرت بغصة اثر قول جدتي هذا الحديث .. يا إلهي .. إلى متى سأبقى حساسة تجاه هذا الموضوع .. لقد اعتدت وجود فيصل حولي كل يوم .. لكن إلى الآن لم أعتد فكرة زواجه بمنى .. نزلنا إلى مجمع كبير .. اتجهت جدتي إلى محل فساتين .. صدمت من ذلك .. قالت لي بابتسامة " أولا سنختار فستانا لك .."
لم أفكر في حضور حفلة الزفاف .. فاجأتني جدتي.. لم أستطع منع نفسي من تأمل الفساتين الرائعة الجمال .. لقد أصبح وزني خمس وثمانين كيلو جرام .. هل سأجد فستانا يلائمني ؟؟ لم أستطع منع نفسي من تأمل فستان أخضر ..بلون الجيد .. قالت لي صاحبة المتجر أنه توجد مقاسات .. كنت مترددة كثيرا .. لكني جربته في غرفة قياس خاصة .. ذهلت جدتي .. قالت مستحسنة إختياري " يليق بك .. "
أجل وقفت .. رغم بعض الأرطال الزائدة .. بدا جميلا .. رأيت كيف ظهر خصري من العدم .. لم أستطع منع نفسي من البكاء .. شكرا لك يا سارة .. فعلا .. شكرا لك ..
أخذت الفستان ودفعت ثمنه الباهظ رغم اصرار جدتي.عبر بطاقة اعتمادي التي لا استخدمها ..
.. ثم اتجهنا إلى احد محلات المجوهرات .. أخذت جدتي قطعة ذهبية رائعة باهظة الثمن لصافية .. بينما أخذت لها قطعة ماسية ناعمة رغم أن ثمنها مرتفع .. لكني لم أستطع منع نفسي من تأمل طقم رائع يليق بفستاني الأخضر ..سألت عن سعره .. كان سعره مرتب شهر كامل .. اشتريته .. فأنا لا أنفق مرتبي على الإطلاق .. أقنعت جدتي بصعوبة بان أمر بمحل لأشتري القليل من المكياج وعطرا أو عطرين ..
قالت لي جدتي بعد أن أطلت المكوث " يجب أن نغادر .. أصبحت الساعة السابعة .. يجب أن أذهب لمنزل عمتك .. فنحن لن نرى العروس خلال الأسبوع القادم ..ستكون مشغولة كثرا .."
حملت الكثير من الأغراض وعطرين واحدا لي وآخر عربون شكر لساره التي لم تتخل عن دعمها لي ..
*************
وجدت عمتي في المنزل تنتظرنا .. الكل أثنى على مدى التغيير الذي حدث لي .. نظرت إلى صافية كيف تبدو متألقة .. ومن ثم إلى منى التي تبدو شاحبة .. مابها يا ترى ؟؟ ربما هي حزينة لأن صافية ستفارقها .. اختفت صافية لدقائق .. نظرت إلى منى
" مابك ؟؟ "
" ماذا ؟؟ "
سألتها مرة أخرى " لاتبدين طبيعية .. ماذا حدث لك ؟"
قالت محاولة أن تتحكم بملامحها " لاشيء .."
شعرت أنها لاتريد أن تتعاطى معي .. لكني لم ألاحظ شيئا على فيصل سوى أنه إعتاد وجودي في المكتب وانتهت نوبات الغضب التي كانت تنتابه .. استأذنت منى وغادرت بقيت أفكر هل هناك شيئا لا أعرفه ..
"فيم تفكرين ؟؟"
نظرت إلى الصوت الذي لم أسمعه منذ أشهر ..
" عبدالعزيز .. "
تصافحنا وجلس إلى جانبي
" امم .. تبدين ... هناك شيء قد تغير بك ؟"
ابتسمت وقلت له بثقة " لاشيء سوى أنني أرتدي عدسات .."
وأشرت إلى عدساتي الخضراء التي تغطي لون عيني الأسود ..
قال لي مخيبا آمالي " لا .. ليس هذا كما أن اللون ليس واضحا .. سواد عينيك يطفيء لون العدسه .."
قال لي هامسا " يعرف عن صاحب العينين السوداوين مدى شفافيته وحساسيته .. هل تحاولين أن تخبئي شيء عنا بتغطيتها بهذه العدسة المزيفة ؟؟أسرار ؟؟ ؟"
قلت متحدية " لا .. ليست لدي أسرار .. "
قالت جدتي " لنذهب يا فاطمة "
" لا .. لن تذهبوا .. "
إلتفت إلى عبدالعزيز .. وقلت " لايوجد مجال للبقاء .."
لا أعرف لم ارتبكت حين نظر إلي مستاءا .. قالت جدتي " سنبقى قليلا ."
ثم دخلت جدتي مع عمتي .. ولم يبق سوانا في الصالة ...
وقفت لأتبعهما قال لي بثقة " اجلسي اجلسي .."
جلست وقلت له معاتبة " ألا تشعر بأنك تصدر الأوامر بثقة ؟؟"
لا أعرف لم بقي ينظر إلي صامتا .. سألته
" مابك ؟"
قال بعد صمت طويل " كانت تعجبني فاطمة القديمة . أكثر .. لا أحد يستحق أن تتغيري من أجله ..من أجل من يا فاطمة ؟؟ "
كانت كل كلمة كخنجر من جليد اخترقت روحي .. لم أستطع كبح النزيف.. فسالت دموعا بريئة من خارج مقلتي .. كانت كلماته منتقاة بعناية .. فكرت في رد مناسب لكني لم أستطع سوى النطق بما أراد قلبي أن ينطق
" من أجل نفسي .. تغيرت .. من أجل كبريائي .. من أجل كرامتي .. كي لا أكون موضع اهانة بعد الآن .أو موضوعا للسخرية .. "
لا أعرف مالذي جعلني أقول ذلك .. لكن كلماته اخترقتني بألم ..
تغيرت تلك النظرة المتفحصة الغامضة .. إلى شيء آخر .. كان بريقا يشع من عينيه ..وأنا أتقن لغة العيون أكثر من اتقاني لهمسات الحناجر ...
مسحت عيني عن الدموع .. ونظرت إلى اتجاه آخر .. قال بعد أن استعدت توازني وتنفسي ..
" لا أقصد .. أن .. لكن كل ما في الأمر .. أنني أحببت فاطمة البسيطة .. خلال جلوسي معك أحسست أنك أصبحت مختلفة .. كنت أفهمك من نظرة .. لكن الآن .. لست أنت .. من كانت .."
" ماذا تقصد ؟؟"
قال باشمئزاز " أصبحت .. أكثر .. تقليدا .. كنت نمطا فريدا .. وها أنت تتحولين إلى نسخة أخرى من تلك النسخ المبتذلة ؟"
" نسخ مبتذلة ؟؟"
هز رأسه مؤكدا " طبعا .. تعرفينها .. التي تود أن تغير كل مافيها .. "
" أتسمي التطور والتحسن ابتذالا ؟؟"
" ابتذالا .. هي الكلمة المناسبة يا فاطمة .. ها قد بدأت تتخلصين من كل شيء كان يشير إليك سابقا "
هززت رأسي وقلت " لا أستطيع أن أجاريك في مصطلحاتك .. ربما تغيرت من بعض النواحي .. لكنني أبقى فاطمة .. "
قال نافيا " لا .. لست فاطمة .. أنت تحاولين أن تقلدين أحدا ..أو .. ترضين أحدا "
نطق الكلمتين الأخيرتين بحذر شديد ..
بدأت دموعي في الهطول .. وقفت واتجهت إلى سيارتنا التي تنتظر في الخارج .. ولم أستطع كبح نفسي .. شعرت بيد تمسكني .. نظرت إلى الخلف لأجد عبدالعزيز الذي قال وكانت نظرة الخوف تعتلي عينيه
" لا تبكي .. لم أقصد أن أجعلك تبكين .. "
" أنت مخطيء في نظريتك .. لايعني أنني تغيرت أنني أسعى للتقليد "
" أنت تعرفين ما أعني .. أنا أفهمك من نظرة واحده .. وأعرف ما يختلج نفسك من أفكار ..لاتحاولين اقناعي أنك الآن فاطمة التي كانت من أشهر قليلة تبتسم بلا أقنعة .. أنا أعرف هذا "
ازددت بكاء .. وسحبت نفسي إلى السيارة لكنه لم يكف
" فاطمة ... ....فاطمة .. "
قلت وكنت أمسح دموعي براحة يدي " أنت لاتعرف .. لا تعرف .. "
واتجهت إلى السياره وأنا اسمعه يصرخ " لا أعرف ماذا ؟؟ "
لكنني أنا نفسي كنت أتساءل .. مالذي لايعرفه ؟؟ انتظرت خمس دقائق وجاءت جدتي .. لنخرج .. لاأعرف مالذي حدث .. ماذا أنت يا عبدالعزيز ؟؟ هل أنت ضميري ؟؟ هل أنت المرآه التي تجعلني أواجهه نفسي ..؟؟
***********************
وجدت ساره تنظر إلي بقلق .. قالت لي بعد أن أخبرتها بكل ماجرى
" لم .. في لحظة ما قررت أنك لاتليقين بعبدالعزيز ومستحيل أن ينظر إليك .. وفي لحظة أخرى وقعت صريعة في غرام فيصل دون أن تفكري كما فعلت عندما التقيت عبدالعزيز ؟"
" لأن عبدالعزيز لم يمتلك قلبي في ذات اللحظة كما فعل فيصل "
لم تفهم سارة وقالت " أتعنين أنك أحببت فيصل من النظرة الاولى ؟"
هززت رأسي بأجل وأغمضت عيني لتذكر تلك اللحظة .. كيف التقت عيناي بتلك العينين .. كيف اقتحمت تلك المشاعر قلبي بدون استئذان ..
قالت سارة " لكن عبدالعزيز لايقل عن فيصل سواء بوسامة أو ثقافة وأخلاق "
لم أجبها .. وتقلبت على سريرها .. قالت لي بعد دقائق
"أقال لك عبدالعزيز أنه أحب فاطمة القديمة ؟؟ هل قال أنه كان يفهمك من نظرة ؟؟ "
عقدت حاجبي واستدرت لأرى ملامح ساره وقد ارتسم عليها الشك .. كيف لم أركز في هذه الكلمات ؟؟ كنت أركز في قوله لي أنني تغيرت لأجل شخص ما .. أصابني الذهول لدقيقة .. وقلت لسارة " ماذا تقولين .. ماذا تقصدين ؟؟"
قال سارة بتردد " هل... "
قلت رافضة " لا .. قطعا لا .."
" ولم لا ؟؟ قد يكون يحبك .."
قلت برعب " يحب ماذا؟؟ أنا ؟؟"
وقفت ووقفت سارة إلى قربي " هو من اعترف بذلك .."
هززت رأسي وتلك الفكرة ترعبني " لا .. "
" لم لا ؟؟ عليك أن تتقبلي أن فيصل سينتهي إلى أخرى.. هل ستبقين غارقة في ذكرياتك وأملك المستحيل ؟"
" ماذا تقولين .. وحبنا ؟؟ "
قالت سارة بحكمة " وهمك أنت .. فيصل لم يفعل شيء يبرر على حبه .. وهو لا يعرف ماذا تحملين من مشاعر تجاهه .. عبدالعزيز شاب وسيم ناجح .. لم لا ؟؟ ويكفي أنه يحبك أنت .. "
قلت والدموع تتدفق إلى عيني " لا .. لاتجعليني أبني أوهاما لا أساس لها .. عبدالعزيز لن يفكر بي سوى .. كــابنة خاله .."
" فاطمة .. عشت مسبقا وهما لا أساس له مع فيصل .... لكن الآن يجب أن تقبلي بهذه الفكرة .. لم لا ؟؟ قد تكون حياتك في منتهى السعاده مع ابن عمتك وتعرفين القول المعروف ..ابحث عمن يحبك .. وليس عمن تحبه .."
" لا يا ساره .. هذه قمة الأنانية .. "
" الأنانية ؟؟ بحق من ؟؟"
" بحق قلبي الذي لايستطيع أن يعيش بدون أن يحب..وبحق من سأرتبط به .. حيث لن أوفيه حقه في الحب .. "
" دعينا لانستبق الأحداث .. انهي فيصل من حياتك .."
" كيف سأنهيه وأنا أزداد حبا له كل يوم .. رؤيته يجلس خلف مكتبه .. تغنيني عن الهواء الذي أتنفسه .. الكلمات التي يوجهها لي .. أتوجها داخل قلبي تذكارا للحظات من نبض قلبي .. رائحة عطره التي تتخلل أنفاسي كل صباح .. تجعلني أشعر بأنني على قيد الحياة.. طيفه الذي أفكر به كل ليلة أصبح جزءا من حياتي ....كيف سأنساه وأنهيه من حياتي .؟؟ وهو حياتي بحد ذاتها ؟؟"
قالت سارة منهية النقاش في هذا الموضوع " لكن عبدالعزيز كنز يجب ألا تفرطي به، لن تحلمي بأن تتاح لك الفرصة مرة أخرى في ايجاد شخص يحبك لذاتك .لشخصيتك و لشفافيتك .. لا المظهر الذي أنت عليه " ..
***********
_25 _
عندما رأيت نظرة أمي اجتاحني شعور بالسعاده ..
" فاطمه !! .. تبدين رائعة "
رأيت نظرات الحسد من عيني منال التي تمتمت بغيرة وهي ترتدي فستان الحمل وقد بدت دائرية بالكامل " لون الفستان ليس .."
قاطعتها أمي " بالعكس .. إنه رائع على بشرتها البيضاء .. لطالما كان الأخضر سيد الألوان بالنسبة لفاطمة .."
أعطيت أمي الطقم الرائع لتلبسني اياه قالت لي
" إنه رائع .. "
أرضت غروري كلمات أمي ومدحها لي .. ارتديت العباءة .. وكنت قد قدمت للتو من مصفف الشعر وكنت قد وضعت مكياجا مناسبا ..اتجهت إلى الحفلة وكانت الساعة تشير إلى التاسعة .. ورافقتنني سارة التي بدت رائعة من خلال فستانها الفيروزي جلست برفقتها إلى طاولة خصصت لنا . لم أعرف أحدا من أهل عم منى وصافية .. جلسنا هناك نتحدث أنا وسارة .. والكل ينظر إلينا .. فأنا لا أخرج إلى حفلات العائلة .. وسارة عضو جديد في عائلتنا .. سألتها
" لم لم تأت أمك ؟؟"
قالت سارة " قالت لي أنها لاتعرف أحدا .. ثم يجب علي أنا ان أندمج مع مجتمعكم .. وسوف أبقى معك أو مع عمتي أم مبارك .. ثم أن أمي لها جوها الخاص واليوم ستذهب لاجتماع في منزل أحد المدرسات .. إلخ ... "
" يبدو أن والدتك لديها صلات قوية بعالم التدريس .. انني أشتاق لمها .. وما أخبار عفرا واختفاء مريم المفاجيء "
قالت سارة "هل وجهت دعوة لمها فهي لاتتوانى عن حضور هذه الحفلات "
" أجل دعوتها .. لكن اليوم ستذهب إلى منزل خالتها حيث يحتفلون بخطبة ابنتهم .."
قالت سارة" أنني أرى مها في الجامعة هي وعفراء تجلس مها معي لساعات .. أما عفراء .. فهي برفقة فتاة لا أعرفها .. لكن يبدو أن علاقتهما جيده .."
رأيت حمده تتجه نحوي .. وقفت وعرفتها على سارة بعد أن سلمت عليها
" لم أعرفك .. حقا تبدين رائعة... "
كانت ترتدي فستانا أحمر جميل .. وهي تبدو رائعة الجمال ....أشارت إلى نوف التي جاءت وسلمت عليها ..
قالت حمده " هذه فاطمة ابنة عمنا .. "
" ماذا ؟؟ هل هذا صحيح ؟؟ لقد تغيرت.."
لعنت الزمن الذي لم تعرف ابنة العم فيه ابنة عمتها ..قلت ببساطة
" لم أرك منذ وقت طويل .. وعندما أتيت لأرى حمده آخر مرة لم تكوني موجوده .."
" أخبرتني حمده بمجيئك .. كنت في عيادة الأسنان .."
عرفتها حمده على سارة بأنها خطيبة أخي محمد . ..
قالت حمده " نوف .. هلا بقيت مع سارة قليلا .. أريد التحدث مع فاطمة .."
" حسنا .."
سحبتني حمده إلى ممر خارجي .. " اعذريني .. أردت أن أحادثك منذ وقت طويل . لكن حادث حسن منعني .. "
" هل تريد أن تسأليني عن الرسالة ؟؟"
هزت حمده برأسها ..
قلت بصراحة " لقد سلمتها له .."
قالت بهمس " لقد عقد قراني على ابن جيراننا .. وسيكون الزفاف بمجرد عوده حسن .. لقد انتهى كل شيء بالنسبة لنا .. لكنني أريد أن أعرف .. هل قرأها ؟؟"
" في البداية .. رفض وطلب مني اعادتها إليك .. لكنني رجوته .. وسألته لاحقا إن كان قرأها .. فهز رأسه بالموافقة "
" ماذا كان رد فعله ؟؟"
" هادئا .."
"جيد .."
أحسست أنها ارتاحت وأكدت احساسي عندما قالت " أردت أن يصل اعتذاري إليه .. من حسن حظي أنني سأسافر لمدة خمس سنوات برفقة زوجي بعد الزواج .. ولن أحضر زفافه بمنى لن استطيع أن أتحمل ذلك ... .."
خنقتني كلماتها .. يا إلهي .. ماذا سأفعل ؟؟ إن تم زفاف منى بفيصل ؟؟:كيف سأحضر الزفاف .. لكن تجرأت وسألتها " ماسر الورقة البيضاء ؟؟ "
ابتسمت كأنها تذكرت شيئا ...
" انه رمز بيننا .. يدل أن قلوبنا صافية تجاه بعض .. في المرة الأولى التي تشاجرت معه .. أرسل لي وردة حمراء .. وورقة بيضاء رائحتها كالمسك .. أغضبني أنه لم يكتب شيئا .. كإعتذار أو ماشابه ...ثم اتصل ليقول لي .. أن الوردة الحمراء عربون حب أرسله بكل اخلاص .. والورقة البيضاء غصن زيتون .. راية استسلام ... وأنه كبياض قلبه..لاتحوي أي نقطة سوداء تجاهي .. وأصبحنا كل مرة نتشاجر .. نتصالح بورقة بيضاء .. تدل على أنه لا ضغينة في قلب أي منا تجاه الآخر .. تلك الورقة التي لاتحوي حرفا واحدا .. كانت تعبر عن كل كلمات الأسف والإعتذار .. "
ابتسمت وهزت كتفيها وعادت إلى الداخل .. لأبقى هناك .. ممزقة .. وقد ازددت حبا .. بفيصل ..
عدت إلى الداخل وكانت سارة هناك .. لم أخبرها .. لكني سمعت أغنية رائعة لمحمد عبده .. ((سمي ..)) ذهبت لأرقص .. ورافقتني سارة . .. لا أعرف الرقص .. لكنني نسقت حركاتي بموسيقى الأغنية الرائعة ..
"اييه أحبك والغلا يسري بدمي والسهر ماقدر عيون السهارى ..
والله اني ماشكيت الناس همي لو عظيم الحلم عن عيني توارى "
كانت هذه الكلمات كافية لأن أقتنع أن قلبي سيبقى إلى الأبد يعشق انسانا اسمه فيصل.
فهمت سارة مايجول في خاطري من أحزان .. أمسكت يدي .. ونزلنا عن ساحة
قالت " لاتتركي دموعك تنساب ..سيؤلفون مائة قصة وقصة عن ذلك "
هل لهذه الدرجة أنا مكشوفة .. وكأنها قرات مايجول في خاطري
" ملامحك تنتطق بالحزن... ماذا قالت لك حمده لتصبحي هكذا ؟"
" سأخبرك لاحقا ... حاليا لارغبة لدي في الحديث .."
جلسنا هناك .. أتت صافية وكانت تبدو رائعة .. ذهبت لأبارك لها .. وكانت منى تقف بقربها وقد بدا عليها الحزن .. ويبدو أن هذا قد شفى غليلي قليلا .. أن أعرف أنه من سترتبط بفيصل .. حزينة مثلي ... في تلك اللحظة !
*******************
أمسكت بورقة بيضاء .. لتنسكب دموعي بغزارة عليها .. تبا . لماذا كتب علي الشقاء ؟؟لماذا ؟؟ ماسبب دقات قلبي هذه الغير متزنه .. ولم أحب شخصا لن ينظر إلي يوما ..تمتمت .. سأكتب .. أجل .. سأحاول أن أجد كلمات العشق تلك في داخلي .. ففي كل امرأة توجد آلاف من الكلمات الرائعة .. أنوثتها تعطيها الحق في العزف على الكلمات .. .. أمسكت بالقلم .. لكن لم يسعفني قلبي في كتابة كلمة واحدة .. وبعد ساعتين من التفكير وجدت نفسي أكتب شيئا واحدا ...
" فيصل " ..
أجل ... فهذا ما أسعفتني به قريحتي الشعرية ... هذه هي قصيدة حياتي وخواطري ..
هذا هو كل ماتدور حياتي من أجله ... هذه أجمل كلمة في قاموسي ... تأملت أحرف الإسم .. كلانا نبدأ بحرف الفاء ... ابتسمت مرغمة ... مزقت الورقة بعد أن شطبت الإسم .. خرجت من غرفتي لأجد والدتي تجلس في الصالة لوحدها وهي صامته .. لاتزال في ملابس السهرة..
قبلت رأسها " كيف حالك .."
" بخير .. بدوت رائعة جدا .. جدتك ذهبت برفقة عمتك .. التي كانت في حالة نفسية صعبة .. وستبقى هناك لمدة أسبوع .. "
" لماذا تجلسين لوحدك ؟؟ "
" أنتظر والدك .. تأخر هو وأخوتك، أرأيت سارة كيف بدت رائعة وهي تجلس بقربك بثقة .. كنت أنت وهي حديث النساء لهذه الليلة .."
" هل هذا صحيح ؟ ... لكنني توقعت أن حمده ونوف من سرق الأضواء "
" لا .. حمده ونوف كانتا دائما نجمتا الحفل .. لكن وجودك اليوم برفقة سارة أحدث تغيرا جديدا .. لم تكن لحمده ونوف أي وجود ..خصوصا أن بنات عم منى وصافية قد بدن رائعات .. "
لم أشارك أمي مطلقا في أحاديث كهذه .. لكنني استمتعت بهذا التغيير .. نظرت إلى الساعة كانت الرابعة صباحا ..لقد أتينا منذ ثلاث ساعات .. ولم يحضر ابي واخوتي بعد .
فتح الباب في ذات اللحظة التي نظرت فيها إلى الساعة ...
" تأخرتم .."
استقبلتهم أمي بلهفه .. قال أخي محمد وهو يبتسم " كان الجو جميلا .. وغدا اجازه .. أثرنا البقاء حتى صلاة الفجر ..صلينا معا .. ثم أتينا .. "
قال أبي وقد بان التعب على ملامحه " لم آخذ دواء القلب اليوم .. أحضريه لي .."
وجلس على مقعده بينما اتجهت مسرعة إلى غرفته لأحضره ..
ناولته كوب الماء .. قال مبارك " سأذهب لأنام ..تصبحون على خير .."
وقفت لأقول " سأذهب لأصلي .. ثم سأنام .. تصبحون على خير "
قال محمد " لحظة سأتي معك .."
جلست على سريري وقال لي " كيف كانت سارة اليوم ؟؟"
" مثل كل يوم .. مذهلة"
ضحك .. وقال " اتصلي بها .. ومن ثم دعيها تنتظرني .. سأحادثها بعد دقائق .."
" انت مجنون .. أنها نائمة الآن ... "
" اتصلي بها .. أخبرتها بالأمس ألاتنام قبل أن أحادثها .."
" لم لاتتصل أنت ؟؟"
" أحتاج إلى خمس دقائق قبل أن أحادثها .. حادئيها حتى تفيق ؟؟"
لم أفهم سبب طلبه .. اتجهت لأرفع سماعة الهاتف لأحادثها ..
" هل أنت نائمة ؟؟"
" لا يا فاطمة .. لقد وعدت محمد أن أكلمه .. انتظرت ساعات لكنه لم يتصل .. سأصلي ثم أنام .."
" لقد أتى للتو .. وطلب مني الإتصال بك ومحادثتك قليلا .."
" هل هناك شيء جديد ؟؟"
" لا ... لا أعرف .. لقد نلت اعجاب أمي بقيت تتحدث عنك بفخر .."
" حقا ؟؟ ... أنني أحترمها .. لقد قدمتني إلى نساء العائلة بفخر .. "
دخل محمد قبل أن أكمل حديثي وقال " دعيها تتصل بي "
" حسنا .. ساره .. اتصلي بمحمد .. تصبحين على خير "
" تصبحين على خير "
أغلقت الهاتف .. واتجهت لأتوضأ وأصلي .. ومن ثم خلدت إلى النوم ..
***********
أصبحت عمة .. ولكن هذا لم يضف إلى حياتي شيئا كما توقعت ... فعلاقتي بأخي بسيطة ..وبزوجته تكاد تكون معدومة .. نظرت إلى العضو الجديد في عائلتنا .. وأسائني أنني لا أكن مشاعر قوية تجاهه ...
جلست على مكتبي وابتدأت عملي .. اتصلت في بعض الاشخاص وأكدت على مواعيدهم مع عمي .. دخل فيصل كعادته مسرعا إلى مكتب عمي .. تابعت عملي .. وأنا أحاول أن أمنع نفسي من التفكير به ..
لقد مر شهرين آخرين منذ زواج صافية .. ولم أدخل منزل عمتي منذ ذلك الوقت .. أصبحت أخرج كثيرا برفقة أمي ... كنت أصحبها في الذهاب إلى السوق والحفلات .. وقفت أمام الميزان لأقيس وزني .. كان 75 كيلو جرام .. كان انجازا .. خلال أربعة أشهر نقصت مايزيد على العشرين كيلو .. كان وزني مائة كيلو جرام .. قالت لي سارة وهي فرحة " تبقى لك عشر كيلو جرامات لتصلي إلى الوزن المناسب .. طولك 165سم ... يجب أن يكون وزنك 65 كيلو جرام .. "
أصبحت ممشوقة نوعا ما .. فرحت كثرا .. ونوعا ما أخليت بالريجيم ..لانني هذه الفترة لا أتناول سوى البتزا والوجبات السريعة حيث أقضي وقتي في الخروج برفقة امي .. وتوقفت عن رياضة المشي .. واصبحت اتغيب عن حصص الايروبيك ..
تابعت العمل وأنا أنظر إلى الأوراق التي أمامي ..
دخل فيصل وهو يرمقني بنظرات غريبة ..
" فاطمة .."
" نعم .."
" اريدك في مكتبي.."
" حاضر .."
لم أكن قد دخلت إلى مكتبه منذ أعطيته الرسالة ..
" ادخلي ..واجلسي .."
جلست فقال في هدوء " اكتبي ... ما سأمليه عليك .."
جلست هناك ممسكة بقلم وورقة .. وكتبت كل ماطلب مني .. بسرعة .. ثم صمت منهيا كل ماقال ..
كدت أن أخرج .. لكنه قال : لحظة ...
التفت إليه " أريدك أن توصلي هذه إلى منى .. "
أعطاني ظرفا.. أمسكته بقلق " لكني لا أمر منزلهم منذ وقت .. "
"ضروري ..أرجوك .."
كانت نظرته حزينه .. تمتمت " سأمرها بعد انتهاء الدوام الرسمي "
" شكرا "
كان حزينا ... إنني متأكده من هذا الشيء . توجهت إلى منزل منى .. لأنقل لها الرسالة التي كنت أتمزق لمعرفة ماتحوي ..
" إنها من فيصل .."
ابتسمت منى .. قالت بتهكم " ماذا يمكن أن تحوي ؟؟"
استغربت رد فعلها .. قالت لي موضحة
" لم أخبر أحد بناء على طلب أمي .. "
استغربت أكثر " ماذا ؟؟ "
" جاء جدي قبل زواج صافية بأسبوع ... وطلب من أمي أن تزوجني لأبن عمي .."
لم أفهم ما كانت تقول .. قلت مستغربة " ماذا ؟؟"
" لقد تناقشنا .. ويبدو أن الحظ ليس في صف فيصل "
" ماذا تقصدين ؟؟"
كنت أرتجف مندهشة وقلبي يرقص فرحا.. قالت منى أخيرا
" لقد انفصلنا أنا وهو .. بعد تفاهم طويل ... لم يرض جدي أن يتزوجني غريب .. وسأخطب لإبن عمي الأسبوع القادم .."
لا أعرف ما قالت منى بعد ذلك .. كل ما أعرفه أنني أخيرا تأكدت أن فيصل أصبح حرا .. لم أصدق نفسي .. هل ستنفتح لي أبواب الجنة ؟؟ خرجت من هناك لأتصل بساره وأنا أبكي من الفرح وأقول لها ما حدث ... وفاجأني أكثر رد فعل فعل ساره
" أعرف .."
" ماذا ؟؟"
" أخبرني محمد منذ فتره لكن لم أرد أن أخبرك .. حتى لا أؤيدك في مشاعرك .."
قهرني برود سارة " لماذا ؟؟"
" لا تستبقي الأحداث .. إن كان من نصيبك . لن يمنعك شيء عنه ... وإن لم يكن .. لاداع لأن تقهري نفسك أكثر .."
****************
أسبوع كامل مضى ..لم أحادث ساره فيه .. كانت تتصل كثيرا لكني لا أجيبها ... أغضبني موقفها كثيرا .. التمرد الذي كنت فيه أنهيته .. وخلا ل أسبوع فقدت 5 كيلو جرام .. حيث لم أذق الطعام واكنت أمشي كثيرا .. فيصل سيكون من نصيبي ... أنا فقط .. اهتممت أكثر بمكياجي وملابسي .. أعرف أنني لا أخلو من الجمال .. خمس كيلو جرام وأكون قد وصلت للوزن المثالي .. هذه الخمس كيلوات أشعر أنها ثقيلة جدا ..
وقفت وكنت قد ارتديت عباءة جديدة رائعة .. رتبت شعري وأتقنت مكياجي .. سأجعلك يا فيصل أسيرا لي ...
لففت شالا حول رأسي واتجهت للعمل ..
نظرت إلي أمي بإنبهار .. أجل .. انبهار ..هالها ما رأت .. ابتسمت لي وقررنا الذهاب مساء إلى أحد المطاعم لتناول العشاء ..
لا أعرف لم لم أهتم بما تضمنته رسالة فيصل لمنى .. لكن خبر انفصالهما كان قد أزاح كل القيود ..
دخلت بثقة إلى المكتب .. وبدأت بعملي كالعادة .. دخل فيصل .. لأجد في عينيه النظرة التي انتظرتها منذ وقت طويل ... الإعجاب ..
" ماذا تفعلين ؟"
" أقوم بعملي.... أي شيء آخر أستاذ فيصل ؟"
هز رأسه بلا .. ثم خرج لدقائق .. وعاد وقال " أديت الأمانة ؟"
أجبته " أجل "
لم أكن قد رأيته منذ أسبوع ....
دخل الفراش ووضع كتابا أمامي ,,, كان مع نوته صغيرة ..
" إلى فاطمة ..
أعترف أنني تدخلت بشكل خاطيء ,,, أنت صديقتي ويجب أن أساندك مهما حدث ,,و كإعتذار ...إليك أساسيات الحب في هذا الكتاب البسيط ...
صديقتك إلى الأبد ,,,
ســـاره .. "
نظرت إلى الكتاب الصغير .. وكان اسمه " أعلنت عليك الحب " لغادة السمان ...
قبلت اعتذار ساره .. وكانت قد علمت صفحة من قصيدة بعنوان "عصفور على الشجرة خير من عشرة في اليد !"
( ( أحبك أيها الغريب
وحتى حين تأتي إلي
برقتك الشرسة العذبة
وتستقر داخل كفي بوداعة طفل
فإن لا أطبق يدي عليك ..
وإنما أعود اطلاقك للريح ..
وأعاود رحلة عشقي لجناحيك ..وجناحاك المجهول والغربة
***
أحبك وأطفخ بالإمتنان لك ..
فقد حولتني
من مسمار في تابوت الرتابة .. إلى فراشة شفافة مسكونة بالتوقد ..
قبلك كنت أنام جيدا
معك صرت أحلم جيدا
قبلك كنت أشرب وولا أثمل
معك صرت أثمل ولا أشرب ))
سالت دمعتي دافئة .. هذا إذن دستورك في الحب يا سارة ؟؟
غادة السمان ؟؟ نظرت إلى غلاف الكتاب كان جريئا .. ابتسمت ..
دخل فيصل وكنت أضم الكتاب على صدري .. نظر إلى الكتاب وقال
" غادة السمان ؟؟؟"
هززت رأسي .. مد يده ليرى الكتاب فأعطيته إياه ... قلب صفحاته بإهتمام ..قال في
لهجة دافئة
(( ها أنت قريب
على مرمى دمعة مني ..
وبعيد،
على مرمى عمر !) )
عاد ليقلب صفحات الكتاب بإهتمام ... قال وهو يقدم الكتاب إلي ..
"ا نها تكتب بإحساسها ... غادة السمان .. اختيار جيد لكن لن يفهمه سوى شخص يعرف ماهو الحب .. .."
لم أجبه.. وإكتفيت بالتظاهر بتقليب الأوراق .. لكني أرسلت بلا وعي نظرة دافئة إلى فيصل ... وقف للحظات يحدق بي .. ثم غادر مرتبكا ..
أغمضت عيني ها قد بدأت أشعر بأنني على قيد الحياة ...