العزيزة لارا
العزيزة فراشة مسلمة
العزيزة سهام
لن اطيل عليكم
الجزء الجديد
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
كانت ساره تدور فى البيت كالمجنونه وهى تقطع غرفه واحده بعد الأخرى وهى فى قمة الغيظ والهاتف المحمول فى يدها وهى تتصل بهاتف على للمره الـ...... لم تعد تعد المرات فهى ولا شك تجاوزت المائه بكثير,.وعندما اتاها صوت يقول الهاتف مغلق ,صرخت بغضب شديد : لماذا لا ترد ؟ سترى ما سأفعله بك عندما تعود
جلست الى الأريكه واخذت تهز ساقها بتوتر وضيق ثم نهضت وتناولت الهاتف المنزلى واتصلت بأم على وقالت مباشرة : نعم يا أمى..أنا ساره,هل مر على عليكم اليوم؟
أتاها صوت الأم يشوبه بعض القلق : لا يا عزيزتى ,لم؟..هل قال انه سيمر علينا؟
ساره مطمئنه : لا ,فقط أسأل ,لقد أخبرنى فى الصباح أنه ربما سيسافر الى الأسكندريه اليوم فى عمل, ولكنه يبقى هاتفهه مغلق ,ولا أستطيع الوصول اليه
أم على : ربما نسى شحن الهاتف, أو ربما كان عيبا فى الشبكه
ساره : لم لم يتصل بى اذا ليطمئننى؟
أم على : ربما لا يزال فى الطريق,أنا متأكده انه سيتصل بك بمجرد ان يصل الى هناك
ساره : حسنا يا أمى,شكرا لك, وأعتذر عن الإزعاج
بمجرد أن وضعت الأم سماعة الهاتف سمعت صوت جرس الباب وبعده هبه تهتف : على, مرحبا, اتجهت الأم مسرعه الى الصاله لتجد على أمامها وهبه تقول له : هل أحضرت لى شئ معك؟
قال بهدوء غير عادى : نسيت , المره القادمه ان شاء الله
نظرت الأم فى وجهه وعقدت حاجبيها والتفتت الى هبه وقالت : هبه ,اذهبى واستذكرى دروسك..على , تعال معى
دخلت هبه حجرتها واصطحبت الأم على الى حجرتها وسألته مباشرة : ما بك يا بنى؟ هذا ليس وجهك الذى أعرفه
جلس على على طرف الفراش وقال بشرود :لا شئ , فقط اشتقت اليكم
قالت بريبه : اذا اتصل بزوجتك , فهى تكاد تجن من القلق عليك
قال بضيق : فيما بعد يا امى
قالت الأم بالحاح قلق : ما بك يا بنى؟ هل حدث شئ بينك وبين زوجتك؟
هرب بعينيه بعيدا ليتجنب نظرات أمه القلقه,وطال صمته حتى قال أخيرا ووجهه ينطق بالألم : ماذا ....ماذا لو...لو...اكتشفت ان المرأه التى أحببتها وامتلكت حياتى ..ماذا لو ..لو.كانت...خائنه؟؟
انتفضت الأم بذعر , ووضعت كفها على صدرها من أثر المفاجأه ,ثم تمالكت نفسها بسرعه وقالت وحروفها تنطق بالتأثر: على, لا يابنى, اياك والظلم,فإن الظلم ظلمات الى يوم القيامه, اياك ان ترميها بتلك التهمة البشعه دون دليل قوى
التفت اليها وقال بتوتر وضيق : لم أقصد المعنى الذى فهمت ..أقصد..أعنى..
صمت ولم يكمل...فقالت الأم بقلق : أخبرنى يا بنى , ماذا تقصد بكلامك
نظر فى وجهها ولم يدر ماذا يقول ولا كيف يرد على تساؤلاتها فنهض بعصبيه وخرج مسرعا من البيت ولم يعقب
وترك امه تحترق بنيران القلق على فلذة كبدها
نزل درجات السلم بسرعه ولكنه توقف فجأه عند آخر درجه,فلقد وجد مصطفى ينتظره هناك, فقال له: توقعت ان تأتى الى هنا , وعندما وصلت ووجدت سيارتك انتظرتك هنا
على بغضب : ماذا تريد؟
مصطفى بهدوء : أريدك ان تسافر الى الأسكندريه,لا يجب ان تبقى هنا وانت على تلك الحاله
قال على بضيق شديد : كف عن التدخل فى حياتى وتسييرى كيفما شئت
مصطفى باصرار: لو بقيت هنا وانت هكذا سينهار كل شئ, يجب أن تسافر الآن ,وبعدها نتحدث,لا تدع الغضب يفقدك صوابك
............................................................ ....
فى تلك الليلة ...لم يعد على الى بيته..بل سافر الى الأسكندريه وهناك.التقى بأحد رجال الأعمال كان قد زاره فى شركته فى القاهره من عدة ايام وطلب منه ان يقوم بعمل تجديدات فى ديكورات فيلا يملكها فى أحد الأحياء الراقيه بالأسكندريه
واتفق مع صاحب الفيلا على كل التفاصيل,ولم يمر يومان حتى لحق به عماله بمعداتهم وعلى رأسهم الحاج صابر,وبدأوا العمل فى الفيلا
واضطر على أن يدوس على كل الغضب الذى يغلى بداخله ويتصل بزوجته حتى يهدئ من ثورتها ,كما اتصل بأمه وعلم منها انها لم تخبر زوجته بأى شئ مما دار بينهما,ولكنه لم يروى ظمأ حيرتها وقلقها مما يحدث ,وظل الصمت حليفه ,
كم قضى أياما لا يعرف للراحة طعما
كم قضى اياما كئيبه يحترق بنيران الألم والغضب
كم قضى أياما يسأل نفسه آلاف الأسئله دون اجابة تعيد اليه روحه الضائعه
كم قضى ليال قائما يصلى بين يدى ربه ,ساجد تغرق دموعه الأِرض وهو يشكو بثه وحزنه وهمه الى الله
وكم دعا الله كثيرا ان يستفيق من ذلك الكابوس الفظيع
وفى يوم سمعه جميع العمال يصرخ بصوت كالرعد من داخل مكتبه المؤقت الذى اتخذه فى الفيلا(موقع العمل), وبعد قليل ,خرج المهندس المساعد الذى يعمل معه يلملم نفسه وأوراقه وهو مذهول تماما من تصرف المهندس على الغريب المناقض تماما لشخصيته الودوده الهادئه المتزنه
دخل الحاج صابر على على واغلق الباب خلفه ,ووقف يتأمله وهو جالس الى مكتبه مسندا مرفقيه الى سطح المكتب ورأسه مطأطأه بين كفيه بشكل يدل على مدى حزنه وألمه
اقترب منه الحاج صابر ووضع يده فوق كتفه بتعاطف وهو يقول بصوته الهادئ : ما بك يا بنى؟ ليس هذا على الذى أعرفه
لم يرد ,بل لم يبد عليه انه سمعه ,فقال الحاج صابر : لا يمكن ان يكون كل هذا بسبب الضائقه الماليه التى تمر بها الشركه ,فلقد كابدت ما هو أشد منها بمراحل عندما استلمت العمل فيها بعد وفاة والدك رحمه الله
أخبرنى يا بنى,ألسنا عشرة عمر؟ وكم استشرتنى فى أمورك وأمور العمل. ألم تكن تثق برأيى؟
بعد صمت طويل,حل على عقدة كفيه من رأسه ببطء والتفت الى الحاج صابر بعيون زائغه حزينه وقال بصوت كسير : ماذا لو ..منحت ثقتك وحبك ومشاعرك لشخص ما ؟ وبعد فتره , اكتشفت ان هذا الشخص لا يستحق أى شئ , ماذا كنت ستفعل وقتها؟
فكر الحاج صابر قليلا , ثم قال بصوته الهادئ : ان من يمنح الآخرين لنفسه , سيحزن وسيندم كثيرا ان قابلوا احسانه باساءاتهم ,فكل انسان لايمنح الا ما لديه
أما من يمنح الآخرين لله فلا يندم ابدا بل ينتظر الجزاء من عند الله, فهو عطاء غير مجذوذ
فليكن عملك كله خالصا لوجه الله ,وارضاء لله ,فهو لن يضيعك
هون على نفسك يا بنى ,فالحياة أقصر من أن نحياها ندما على ماخسرناه , بل يجب ان نحياها أملا فيما هو خير وأبقى
فقط قم بواجبك وارض الله وأصلح نيتك ولا تظلم
التفت اليه على ببطء وفى عينيه نظرة امتنان عميقه وكأن كلمات الحاج صابر نزلت بردا وسلاما على قلبه , فمنحته سكينة افتقدها كثيرا
طرق الحاج صابر كتفه بحب وقال وهو يبتسم : هيا لترتاح قليلا, هيا الى الصلاة
نهض معه على وخرج من المكتب , ثم استوقفه قليلا, وأخذ يبحث عن المهندس المساعد , وعندما وجده ,قدم له الإعتذار أمام كل العمال مما جعل المهندس المساعد يمتن له كثيرا وينظر اليه نظرة تقدير واعزاز كبيره
بمجرد أن عاد على من الصلاة وجد على مكتبه ورقه من مصطفى يطلب فيها لقاءه ويحدد له مكان وموعد اللقاء
وصل على الى مكان اللقاء ليجدها عماره مكتملة البناء ولكنها بدون تشطيب, وفى الدور الخامس كان مصطفى ينتظره
وقف على أمامه وعيناه تنضحان بنيران مكتومه
أخذ مصطفى يدور ببطء فى أرجاء المكان وهو يقول : ما رأيك فى هذا البناء؟ لقد دعوتك الى هنا لتعاينه ,فهو كما ترى عمارة كبيره وفى أرقى أحياء الأسكندريه , وهى عمليه جيده ستخرج منها بمبلغ كبير
ضاقت عينا على وهو عاقد ساعديه وانتفضت عروق وجهه من الغضب الحبيس وهو يقول متجهما باقتضاب شديد : وبعد؟
مصطفى : هذه العمليه ستساعدك على استعادة مركزك المالى والخروج من الأزمه التى تمر بها شركتك
رد على : التى قمت انت بافتعالها بالتأكيد..مثلما أرسلت لى صاحب فيلا الأسكندريه لتبعدنى عن القاهرة
ابتسم مصطفى لذكائه وقال : كان لا بد من ذلك حتى تهدأ ثورتك وتستطيع التفكير , كما انها تغطيه مناسبه جدا
صمت قليلا ثم قال بصوت مغاير : وحتى تستعد زوجتك للسفر الى أمريكا
التفت اليه على والنيران تشتعل فى ملامحه : اذا فهذا هو هدفك , تربطنى هنا لتسافر هى وحدها الى أمريكا
مصطفى بهدوء : فى كل الأحوال كانت ستسافر , فهم بالتأكيد يتحرقون لسفرها أكثر منا , ولا شك أنهم أمروها بالسفر بالفعل
قال على والغضب يعتصر كلماته : اسمعنى جيدا فسأِقول هذا لأِول ولآِخر مره , اياك ان تعتقد لحظه أننى سأِتركها تسافر وحدها اليهم وهى زوجتى , فأنا لا يمكن بأى حال من الأحوال , وتحت اى ضغوط أن أتحول الى ديوث , هل تفهم؟
مصطفى بحده شديده : من أدخل فى رأسك هذا الكلام الغريب , انه عملها , وهى ستسافر لأن عملها يتطلب منها ذلك , فهى تعمل هناك أيضا
على بتهكم : ياللذكاء , لقد أخبرتها أن الشرع لا يوافق على سفر المرأه وحدها , فكيف أغير كلامى بتلك السرعه؟
مصطفى : أنا أثق تماما فى ذكائك وحسن تصرفك , تستطيع اقناعها انك تقدر انها لا تفهم هذا وانك ستسمح لها تلك المرة فقط لتحل مشكلاتها فى العمل معهم , أو تقنعها بأى وسيلة أخرى, أو تقوم بعمل ما يحل تلك المشكله
ازداد غضب على وهو يقول : هذا لن يحدث أبدا طالما كانت زوجتى , لن أرسلها وحدها اليهم ابدا
مصطفى بحده : يجب ان تدعها تسافر , سفرها فى منتهى الأِهمية بالنسبة لنا , هناك شئ يريدونه منها ولابد أن نعلم ما هو, هى الوحيده التى يمكن ان تساعدنا , يجب ان تكون اكثر تفهما لخطورة الموقف
على بحده : هذا الكلام لن يؤثر فى اطلاقا ولن تستطيع اجبارى على فعل شئ يخالف ما أنا مؤمن به
ان أردتها ان تسافر وحدها فهناك حل من اثنين , أن تنتظر قليلا , فربما أصرت هى على السفر رغم ارادتى وربما طلقتها وعندها ستكون حرة وتسافر كما تريد , أو...................
تقذف بى وراء الشمس..
امتقع وجه مصطفى بشده وهو يحملق فيه بدهشة غاضبه
أكمل على بنفس اللهجة الغاضبه : لم يبق سوى أيام قليله وانتهى من العملية التى فى يدى , وسأعود الى بيتى قريبا جدا , وسأنتظرك هناك...
ولا تنسى أن تحضر معك زوار الفجر
رحل على وترك مصطفى متجمدا فى مكانه يغلى من الغضب وهو يحملق فى المكان الذى غادره منذ قليل الرجل ذو اللحية السوداء
...................................................
كانت ساره فى زيارة الى أم على ووقفت معها فى المطبخ تساعدها وهى تعد الطعام
وأخذت تتحدث اليها وتبث اليها حيرتها ودهشتها وألمها : لا أدرى ما الذى ارتكبته ؟ لقد قضيت الأيام الفائته وأنا أحاول استرجاع كل ما حدث بينى وبينه , كل كلمه, كل تصرف صدر منى
تنهدت بضيق وهى تكمل : لا أدرى لم تغير بهذه الطريقه؟ انه لا يتحدث الى , ويبقى هاتفه مغلق أغلب الأحيان
قالت الأم بتعاطف : ربما يمر بأزمة كبيره ,يجب ان تتحمليه يا عزيزتى ,قد يكون هناك متاعب فى عمله , أكثر ما يؤلم الرجل ويهزه أن يكون مسؤلا عن اسره ثم يجد نفسه فجأه لا يستطيع القيام بواجباته تجاههم
قالت ساره بحيرة : نعم, لقد لمح لى فى خلال كلامه الى شئ مثل هذا , ولكن ..لم لا يشرح لى طبيعة الأزمة التى يمر بها؟ لم يخفى عنى مشاكله
تنهدت الأم بأسى وقالت بحسرة والدموع تلمع فى عينيها : مثل والده تماما ,هو أيضا لم يكن يحملنى همومه , وكان يخفى عنى مشاكله , حتى تراكمت المشاكل والأزمات الماليه فوق رأسه , ولم أدرى الا وهو فى العناية المركزه , ثم يموت بعدها بوقت قصير
صمتت قليلا لتستعيد رباطة جأشها , ثم أكملت : ثم يأتى على ليحمل الجمل بما حمل كما يقولون , لقد بذل جهودا مضنية لتقف الشركه على قدميها من جديد
قالت ساره بتأثر شديد والخوف يبدو فى عينيها : أعلم أنه يمر بوقت عصيب , لهذا فلن أقف مكتوفة اليدين وأنا أراه فى هذه الحاله , يجب أن أفعل شئ..أى شئ
اننى جزء من هذه المشكله , فمنذ أن تزوجنا وهو يصرف ماله ببذخ شديد , لقد أنفق كل المال الذى اكتسبه من تجديد فيلا والدى , بل وأكثر منه بكثير. هل كان يريد لى ان احيا كما كنت فى بيت ابى؟ هل يظننى طفلة غنية مدللة؟ مخطئ ..مخطئ لو كان يفكر بهذه الطريقه
ابتسمت الأم مشجعه : لا تقلقى فأنا أثق به كثيرا , وأعلم أنه سوف يتجاوز تلك الأزمه كما تجاوز ما هو أشد منها
قالت ساره برجاء : ومع ذلك فواجبى ان اساعده , لذلك فلقد سحبت مبلغا من البنك . انه مالى جمعته من عملى وليس مال أبى
صمتت قليلا ثم قالت : أعلم تماما كم تبلغ عزة نفسه وحساسيته الشديده لتلك الأمور , لذلك , أرجوك ساعدينى يا أمى , خذى هذا المال وقدميه اليه على انه منك , بالتأكيد سيقبله
التفتت اليها الأم ورمتها بنظرة امتنان وحب كبيره , ثم امسكت يدها بحنان وهى تقول بابتسامه : سامحينى , لن استطيع ان ألبى رغبتك يا ابنتى , لدى اسباب كثيرة تمنعنى , أولا , لا يمكننى الكذب ابدا , ثانيا , لو علم على , فسيغضب كثيرا , فهو لا يتقبل سوى الصدق والوضوح
كما ان هذه الأمور الخاصه يجب ان تظل بينكما انتما الإثنين فقط , لا يدرى بها اى انسان آخر
خفضت ساره عينيها وقالت : ولكنى , أخشى أن يفهم موقفى خطأ , ويرفض المال
قالت الأم مطمئنه : على العكس , سيتفهم الموقف تماما , فقط تحدثى اليه من قلبك بمنتهى الصدق , فمنك انت سيتقبل أى شئ , وحتى لو لم يوافق على أخذ المال , يكفى ان يعلم بمشاعرك ومدى حبك ومساندتك له
تنهدت ساره وأمسكت برأسها بألم واضح وهى تقول : فقط أتمنى أن يعود سريعا
عقدت الأم حاجبيها وقالت باهتمام : ساره , هل تتألمين؟
قالت : يبدو أن آلام رأسى بدأت تعاودنى من جديد
ثم همست لنفسها : أظن اننى سأضطر لزيارة الدكتور عبد الرحيم ثانية
....................................
طوال فترة عمله فى الأسكندريه كان على يتجنب اللقاء بمصطفى, وكلما أرسل له يرفض الذهاب اليه , فمن وجهة نظره ,لم يعد هناك ما يمكن ان يقال
انهى على عمله فى الأسكندريه وعاد الى القاهره , ولكنه لم يذهب الى بيته,بل ذهب الى مكتبه فى الشركه وبقى هناك وحيدا حتى ساعة متأخره ليلا, فلم يكن مستعدا لمواجهتها بعد , ولم تكن لديه رؤية واضحه عما يمكن ان يفعله ,أو القرار الذى يمكن ان يتخذه.
وعندما عاد الى البيت, كانت الساعه قد تجاوزت منتصف الليل بكثير.
دخل بهدوء, وحمد الله كثيرا,فقد كانت غرفتها مغلقه,والبيت غارق فى الظلام,فأدرك أنها نائمه.
دخل الى حجرة الإستقبال وأغلق بابها عليه بمنتهى الهدوء وانخرط فى صلاة قيام الليل وذاب فيها تماما حتى وكانه يصلى بكل ذرة فى جسده ,وبدأت دموعه تسيل وتسيل حتى غسلت وجهه ولحيته ثم تحولت الى نحيب أليم
وبعد ان انتهى ,غرق فى دعاء طويل يبث فيه الى الله شكواه ونجواه وألمه وهو يبكى ويتضرع ويتوسل الى الله أن يلهمه الصواب وينزل عليه الصبر والثبات, وعندما انتهى كانت نفسه قد هدأت وعادت اليها السكينه, جلس الى سجادة الصلاة ينتظر أذان الفجر ولسانه يتمتم بالإستغفاريحوطه الظلام والصمت الذى لا يحد منه سوى صوت قفزات عقرب الثوانى بإيقاعه الرتيب فى ساعة معلقة على الحائط.
فجأة ..شعر بشئ يتحرك خلفه ,فالتفت ليجد شبح ساره ينهض من على الكرسى الذى خلفه ,تأمل خيالها فى الظلام وهى تقترب منه ببطء وتنزل على ركبتيها الى الأرض بجواره ,أدرك على الفور انها دخلت الحجره ولم يدر بها عندما كان غارقا فى الصلاة
قالت بهدوء شديد وكأن صوتها يأتى من أعماق نفسها : انتظرتك طويلا..ومازلت أنتظرك..طالت غيبتك هذه المره
قال وعيناه تدوران فى الظلام : عندما يمر الإنسان بوقت عصيب فهو يتوقع أن يتحمله من حوله
طال صمتها وهى تحدق بوجهه الذى أخفى الظلام معالمه,ثم نهضت الى ركن الحجره الذى كانت تجلس فيه ,ثم عادت بحقيبه وضعتها على الأرض أمامه وفتحتها ولكن على لم يستطع أن يتبين ما فيها بسبب الظلام , أتاه صوتها مغلفا بالدموع وهى تقول : هذا المال مالى,وليس مال أبى ,وهذا الأمر بينى وبينك فقط , سأكون شريكتك انت وأسرتك فى الشركه بهذا المال , وان لم تريد شراكتى.....فقط خذه, ولترده لى بالطريقة التى تريد فى الوقت الذى تريد , وأقسم لك ألا يعلم بهذا الأمر أى مخلوق
طال صمته وكأنه دهرا , حتى ملأ الغرفة صوت الساعه بخطواتها الثقيله وهو ينظر اليها من خلال ستائر الظلام ثم سألها ببطء وتفكير : تحاولين انقاذى من الأزمة التى أمر بها , وتريدينى أن أسمع لرأيك وأطيعك ؟
أتاه صوتها يقطر بالتوسل والرجاء وهى تقول : أرجوك..
أكمل بهدوء : تريدينى أن أتقبل ما تأباه نفسى وآخذ مالك وفى نفس الوقت , ترفضين أن أساعدك لتنقذى نفسك من النار !!
صمتت تحاول أن تستوعب كلامه فأكمل بجديه شديده : سأعقد معك اتفاق ,اذا استطعت التغلب على نفسك واجبارها على قبول ما تأباه وبدأت تصلين ..عندها فقط ربما يمكننى أن أتغلب على نفسى وأكرهها على قبول ما تأباه وآخذ المال من زوجتى.
فهل تستطيعين فعل ذلك؟
أتاه صوتها يقطر بالدموع وهى تقول بحب طاغى : سأفعل من أجلك أنت , سأفعل أى شئ
وجد يدها تمتد الى وجهها وكأنما تمسح دموعا سالت
وبرغم كل هذا أبى الا أن يقض جدار الهدنه ويشعل النار من جديد
سألها مترددا : ماذا قرروا بشأنك فى المركز؟
انهمر الصمت فجأه حتى بات صوت عقرب الثوانى فى أذنيه وكأنه قذائف حربيه حتى قالت ساره أخيرا : يريدون سفرى لأمريكا فى أسرع وقت
اشدت ضربات الساعه فى أذنيه عنفا وضراوه وكل منهما يريد ان يخترق بعينيه ظلام الآخر ليعرف فيما يفكر
فجأه ...قطع صوت اذان الفجر الحرب الخفيه الدائره واوقف النيران الرهيبه وهو ينطلق من المسجد القريب من البيت
قال على معلنا انتهاء اطلاق النار : الصلاة
نهض قائما وخرج من الغرفه ثم فتح باب البيت لكنه توقف عندما سمعها تناديه : على
التفت خلفه ليراها على ضوء السلم الذى تسلل الى البيت من خلال الباب واقفه فى الظلام عند باب الغرفه وهى تقول برجاء : هل ستعود؟
ظل واقفا يبحث عن اجابه وعندما عجز ترك النار مشتعله وخرج واغلق الباب خلفه
بعد عدة أيام..........
كانت ساره فى المطبخ تجهز طعام الغداء قبل موعد عودة زوجها , كانت تتحرك فى المكان ويديها تعملان ولكن عقلها شارد تماما وعينيها تحدق فى لا شئ , وحركاتها بطيئة تخلو من أى حماس
فجأة شعرت بشئ يتحرك خلفها ,استدارت فوجدت باب المطبخ المفتوح يتحرك من مكانه ببطء لينهار من خلفه جسد طويل ارتدت للخلف برعب هائل حتى التصقت بالجداروعيناها جاحظتان وهى تحدق فى الجثه التى سقطت من خلف الباب امامها على الأرض ,واستقرت على بطنها لاتتحرك,والدماء الغزيره تغرق ملابسها ,ومن وسط ظهرها يبرز مقبض سكين أسود كبير
شهقت برعب ووضعت يديها على فمها وشلت أطرافها تماما , فقد كانت الجثه لرجل تعرفه , رجل بلحية سوداء
يتبع>>>>>>>>>>>>>>>>