المنتدى :
سلاسل روايات مصرية للجيب
الجزء الثالث من رواية لم تقرأوها من قبل لرجل المستحيل .
اخواني / اخواتي الاعزاء
بعد مغامرة ادهم على سطح القمر في الجزء الاول على هذا الرابط
رواية لم تقراوها من قبل اطلاقا لرجل المستحيل
عرفنا في الجزء الثاني انه قد توجه الى احدى الجزر في المحيط الهادي لمحاربة عصابة من عصابات التزوير التي تخرب اقتصاد مصر ، وانه قد فوجئ بساقه تنزف بشدة لمدة طويلة وذلك في عرض المحيط وفي منطقة مليئة باسماك القرش ، وبمكن مراجعة هذا الجزء على الرابط التالي :
رواية اخرى جديدة لم تقراوها من قبل لرجل المستحيل
لو نزف انسان كل هذه الكمية من الدماء لحدث له ماحدث حتى لو كان رجل المستحيل نفسه ، فقد شعر ادهم بثقل مفاجئ في ذراعيه وساقيه ، وأن مقاومة المياه له اصبحت أكبر ، وشيئا فشيئا عجز بطلنا عن السياحة تماما ، الا انه صمم في عزيمة على مواصلة السباحة والوصول لهدفه ، ولكن الجسد الذي فقد اكثر من ثلاثة ارباع دمه لم يطاوعه هذه المرة وتخلت عنه قوته بل وادراكه بالكامل بعد ان غاب عن الوعي ، فأخذ هذا الجسد يتهاوى الى اسفل ، الى اسفل ، الى اسفل ، حتى استقر في سكون على قاع المحيط ، وعلى عمق ثلاثة آلاف متر آن لهذا الجسد ان يستريح قليلا ، وأخذت منى تصرخ وتولول وحيدة وسط الامواج .
*****
لم يكن احد يعلم مكان ادهم سوى الله تعالى ، ومجموعة اخرى من الكائنات التي لم تر في ادهم سوى وجبة بشرية شهية ، فبدأت تتجمع من كل حدب وصوب ، وخلال دقائق قليلة أصبح المكان يعج بتلك الكائنات التي كان مرآها يثير الفزع في قلوب اعتى الرجال ، فقد تجمع على الأقل عشرة من أسماك القرش البيضاء المتعطشة دائما للدماء ، وزوج من الحبار العملاق الذي يتحاوز طول ذراعه ثمانية امتار ، وعدد آخر من ثعبان البحر الكهربائي القادر على قتل فيل ضخم في اقل من ثانيتين بشحنة كهربية صاعقة ، وعلى مقربة من ذلك كله يسبح في كسل حوت عملاق من فصيلة الحيتان الزرقاء لايقل طوله عن ثلاثين مترا ويبدو لمن لايعرفه كانه قطار عملاق يخترق الماء بغير قضبان ، كان يسبح في هدؤ وهو على يقين أن الغلبة ستكون له للفوز بتلك الغنيمة .
*****
مرت نصف ساعة يينما ماتزال منى فوق سطح الماء لم تقرر بعد ماذا تفعل وهي تغالب دموعها ، الا انها كانت قد تعلمت من استاذها ادهم الا تضيع الوقت ، لذلك اتخذت قرارها ، انخذته ونفذته فورا ، فقد غاصت تحت الماء وهي تتجه الى القاع في سرعة وحزم لانقاذ أدهم ، الرجل الوحيد الذي خفق قلبها له .
*****
ماأن وصلت منى الى المكان الذي يرقد فيه ادهم حتى اصيبت بالذهول ، فقد كان جسد ادهم لااثر للحياة فيه بعد نصف ساعة قضاها تحت مياه المحيط ، وقد توقف نبضه تماما واصبح جسده لايبدي اي استجاية سوى التماوج مع تيارات القاع الهادئة ، فهل هي نهاية رجل المستحيل ؟ "ياالهي الرحيم أنقذه" ، هكذا هتفت منى من أعماقها ، وهنا قررت منى ان تحاول ، فهي لم تتعلم اليأس أيدا ، وهي تعرف الكلمة ، الكلمة السحربة التي ستعيد النشاط والحياة لادهم ، همست منى في اذن أدهم قائلة "مصر ، مصر ياعزيزي" ، سرت الكلمة في اعماق ادهم وتغلغلت في كيانه ووصلت الى كل ذرة من ذرات الأنا العليا لديه ، فبدأت حواسه تعمل الواحدة بعد الأخرى ، حتى استعاد وعيه وقوته بالكامل وأصبح مثل الحصان ، الا ان مارآه من حوله لم يكن مستحبا ، لم يكن مستحبا على الاطلاق .
*****
فوجئ أدهم بهذه المجموعة من الكائنات البحرية التي احتشدت في المكان ، والتي تحتاج الى امكانات دول كاملة لمواجهتها ، وكانت منى تمسك بذراعه في خوف ، الا ان ذلك كله لم يؤثر فيه اطلافا ، واخذ عقله يعمل في هدؤ كما لو كان يحل الكلمات المتقاطعة وهو جالس على سريره في استرخاء وبحانبه كوب شاي مضبوط بالنعتاع ، اخذ ادهم يقيس قوة كل خصم من خصومه ، فاسماك القرش حادة الأسنان وعددها كبير ، والحبار له ملامس سامة ذات لسعات مؤلمة ، وثعبان البحر المكهرب لمسته والقبر ، بينما الحوت الازرق قادر على ابتلاعه هو ومنى كنوع من المخلل البشري فاتح الشهية ، فكيف ياترى سيتصرف رجل المستحيل ؟
*****
شعر ادهم بان تفكيره يتجه للحوت دون سبب محدد ، ولكن هاتفا من داخله كان يلح عليه بأن نجاته ستكون على يد هذا الكائن الضخم ، ربما لأنه يذكره بصديقه قدري بجسده الضخم ، لاأحد يعلم ، وهنا تداعت الى ذاكرته صورته مع والده عندما كان في السادسة من عمره وكان والده يعلمه اللغات ، كان قد أتقن العبريه واصبح يتحدث يها وكأنه جولدا مائير نفسها ، بعد أن كان قد فرغ من الانجليزية والصينية والتايلاندية ولغة بلاد نمنم التي يسكنها اكلو لحوم البشر ، وتداعى الى ذاكرته ايضا كيف ان اباه في اوقات الفراغ كان يعلمه لغات بعض الطيور والحيوانات ، وكيف انه بعد انتهى من دراسة لغة الضفادع والعناكب وصرصار الليل انتقل به الى لغة الحيتان الزرقاء ـ ولكن ياالهي ، هل سينجح بعد كل تلك السنوات في تذكر تلك اللغة ، تذكر تلك اللغة ، تذكر تلك اللغة ، تذكر تلك اللغة ، الله وحده سبحانه وتعالى يعلم ذلك .
*****
صدرت الاوامر من الاستاذ الى عقله بسرعة استرجاع مفردات لغة التعامل مع الحيتان ، واستجاب العقل فورا لاوامر سيده ، واصبحت تلك المفردات واضحة جليه لعقل ادهم ، نظر ادهم في عيني الحوت نظرة حادة ثم اتبعها باشارات من يديه وحركات من راسه مع اصوات رفيعة من حلقه ، عندئذ ظهر الغضب باديا على وجه الحوت وهو ينظر لأدهم في تحد ، الا انه وبعد عدة نظرات واشارات أخرى من أدهم حل الخوف محل الغضب على وجه الحوت الذي انطلق بكل قوته يهاجم هذه الوحوش التي التفت حول ادهم حتى طردها جميعا ، ثم وقف امام ادهم ذليلا وكأنه ينتظر اوامره الا ان ادهم صرفه باشارة من يده ، ثم اخذ يشق طريقه لاعلى وهو يمسك بيد منى في سعادة .
*****
ماان وصل ادهم الى السطح حتى اخذ نفسا عميقا استعاد معه نشاطه وحيويته بالكامل بينما اخذت منى تنظر اليه غير مصدقة انه قد فعل ذلك وسالته في لهفة "كيف فعلت ذلك ياسيادة المقدم ؟" قال ادهم "ابدا ياعزيزتي ، تذكرت لغة الحيتان التي علمها لي والدي ، فقلت للحوت اما ان تنقذنا من هذا الموقف أيها الوغد والا سيكون لي معك تصرف آخر ، فظهر الغضب على وجهه وهم بمهاجمتنا كما رايتي ، ولكنني اخبرته ان اجهزة مخابراتنا لايستهان بها ، وانه اذا لم ينفذ اوامري سنجده في اي مكان في العالم وعندها سيكون حسابه عسيرا ، فأنا اعرف ياعزيزتي كيف اتعامل مع هذه المخلوقات الضخمة ذات العقول الصغيرة ، امسكت منى يد ادهم بين يديها في فخر ونظرت في عينيه وهي تقول "إنه لفخر لي ياسيدي ان اعمل مع رجل ...." وقبل ان تكمل عبارتها ، لفت انتباهما هذا القارب الذي يقف قريبا منهما ويبدو انه معطل عن العمل تماما ، عندئذ تسلق أدهم جوانب القارب في نشاط حتى اصبح فوقه هو ومنى ، وهنا حدث مالم يكن متوقعا ، مالم يكن متوقعا على الاطلاق .........
*****
واستاذنكم يااعزائي في التوقف هنا ، وتستكمل في المرات القادمة ان شاء الله ، وانا تعمدت التوقف عند موقف جديد تماما وغير متصل بما قبه حتى لاتدعوا علي ، وارجو ان يعجبكم هذا الجزء كما اعجبتكم الاجزاء السابقة .
|