المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
طرائف سي جلول الملقب بـ"بودينة"
أحبتي الليلاسيين، يسعدني أن أساهم معكم في إعلاء هذا الصرح الإعلامي العملاق المتمثل في موقعنا ليلاس الوحيد الفريد بين كل المواقع... وهذه مشاركة بسيطة مني بقصة ساخرة كنت قد كتبتها منذ سنوات، أحببت أن أنشرها على موقعنا الأغر، كي لا تبقى حبيسة الأدراج، وأتمنى أن تكون عند حسن ظنكم وجديرة بالوقت الذي تأخذه قراءتها.. منتدى ليلاس الثقافي
طرائف سي جلول الملقب بـ"بُوْدِينَة"
1ـ تعريف به وأشياء أخرى عنه...
قصة : عتيق أخواجي
أنا المدعو سي جلول بن أحمد بن الطاهرالجبلي ، المعروف في الحومة بلقب " بودينة" لأذني اليسرى المقضومة ... قضمها جرذ وأنا رضيع ابن شهرين قضمة كادت تودي بحياتي لولا لطف الله .... وفي شهور حبوي وكبوي، بدأ وراء الفئران والجرذان سعيي واقتفاء أثرها تحت الحصير ووراء أكياس الدقيق وفي جحور زوايا البيت دون أن يرف لي جفن خوفا منها . جدتي كانت تقول إن الله وهب لي هذه الموهبة قصاصا من جنس الجرذان التي قضمت أذني وأنا طفل ملاك محنط في خرقتي البالية. ذلك الطفل لم أعده اليوم ... فها أنا اليوم على مشارف الخمسين، ولدي‘ دزينة‘ من العيال متفرقين على البنين والبنات. أشد ما أكره في حياتي القطط، منافستي في الشغل . أطاردها أينما وجدتها ورأيتها... وكم من قطة قتلت، وكم من واحدة نفيت، ولو كان في يدي لأبدت كل قطط الحومة عن بكرة أبيها . هوايتي الوحيدة لعب ’الضاما’ ومهنتي مطاردة الفئران والجرذان واقتناصها . أنا بشهادة الجميع أكبر ’حريفي’ عرفته الحومة في اصطياد الفئران والجرذان، ولدي في مطاردتها ألف وألف حيلة. ما من بيت أو دكان إلا واستعان بخدمتي ...شرطي الوحيد قبل أن أبدأ عملي في اصطيادها أن أكون وحيدا ...أنا وفريستي ...وهل أنا أبله حتى أستعرض حرفتي أمام الأعين الفضولية التي على استعداد أن تدفع بؤبؤها ثمنا لاستكناه الطريقة السرية السحرية التي تجعل الفئران والجرذان طوع بناني ، وتحت إمرتي وسلطاني، ومن ثم أغلق علي الباب الذي يأتي إلي منه الرزق الحلال!؟.... ها أنا ذا عائد في الضحى من مباراة في’ الضاما’ خسرتها. مغتاظا حانقا أجر أذيال الهزيمة... ذلك الأصلع العجوز ‘بومنيجل‘ ...فعلها اليوم كما يفعلها كل يوم ... ربح كالعادة .. وجعل مني مرة أخرى أضحوكة للملأ المحلقين حولنا.. كنت باعتراف الجميع من عداد الذين لا يشق لهم غبار في لعب ’الضاما’ إلا أن ’بومنيجل’ أبى إلا يجعلني سخرية للذي يسوى ولا يسوى ... يغلبني دائما .... لا أدري كيف... ولده الأعرج...أي والله... ولده الأعرج الذي يذهب للجامعة ، لا بد علمه .... ما أشبهني أمامه في الضاما بالفئران التي لاحول ولا قوة لها أمامي..هذا الأصلع الذي يفتح فمه المخروم بضحكة ملعلعة كلما هزمني شر هزيمة....أكرهه .. و الله أكرهه ولا أطيق سحنته التي تذكرني بأحقر راع في ‘الجبالة‘.... اليوم ونحن نتبارى في لعب الضاما كان يمسك بين شفتيه عودا من عرق السوس يمصه بين الفينة والأخرى مفكرا... بين كل هزة وأخرى يتجشأ ... مقطبا بين حاجبيه الممسوحين. "ماهذا يا شيخ بومنيجل ... الظاهرأنك فطرت اليوم ‘بالمحمر والمشوي‘.
قلت له لكي أداري حيرتي وقلة حيلتي في الوضع الحرج الذي وضعني فيه في رقعة الضاما تحت أعين الناس المتجمهرين المتفرجين علينا في المباراة الحامي وطيسها الدائرة رحاها بيني و بينه . "لحم وجهك ياصاحبي جلول هو الذي ‘تحمر وتشوى‘.. بهذه ‘الوحلة‘التي وأقعتك فيها....‘آ سلك راسك قبل ما يهزك الما ويضربك الضاو ‘"
ودوت قهقهته وتناثرالرذاذ من فمه وأصاب وجوه المحلقين حولنا المشرئبين بأعناقهم علينا فتقهقروا إلى الخلف ماسحين بأكمام جلابيبهم رذاذ بصاقه عن وجوههم المتربة.. هذا الشيخ (بومنيجل) يأخذ بثأره مني وبأي طريقة !... تزوجنا أنا وهو في ليلة واحدة... وتراهنا من منا سينجب أكبر عدد من الذكور ... ومضت الأعوام وأنا الآن عندي من الذكور خمسة وهو حظه منهم ذكرواحد وحيد ... كنت أنا الفائز.... وطبعا بكل جدارة واستحقاق! منتدى ليلاس الثقافي قلت له معترفا بالهزيمة بعد أن أتعبت فكري سدى في إيجاد منفذ من الوحلة التي أوقعني فيها في الضاما :" مافيها لعب .... ربحت يا بومنيجل .... قل لي عافاك .... أتلعب ‘من رأسك‘ أم أن ولدك ‘الجن‘ هو الذي علمك؟!"
"عندك منهم ماشاء الله خمسة.. لم لايعلمونك !؟.. ‘ولا ما بقى منهم لا فايدة ولاعايدة‘ ‘ الحكمة في الشطارة، وماشي في الكثارة‘ يا سي جليل" كدت أحطم رأسه الأصلع المعروق ....أعرف أنه حانق علي لأني فزت عليه في مباراة إنجاب الذكور وهاهو يشفي غليله مني بكلامه المسموم هذا .... حقا أولادي ما ذهبوا للمدرسة .... وما العيب في هذا..! كلهم يشتغلون حمّالة والحمد لله ويساعدونني في تحمل أعباء نفقات المنزل وإن كان أكبرهم يتصرف في الأسابيع الأخيرة تصرفات لا تعجب أمه (فاطنة) التي اقترحت علي أن نزوجه بنت لفقيه (حمادي) حسب القاعدة التي تؤمن بها والتي كانت أمها الحاجة (زهرة) دائمة الترداد لها : "العزري الي تعوج ، بغى يتزوج".... الفكرة التي عارضتها كثيرا وهل ينقص الطين أكثر من هذا كي يصبح بَلَّة، وعليَّ بَلْوى، فأزيد هَمَّ أحفادي على همي وهم أولادي !..... آه لو كنت أعرف أن( بومنيجل) سيصبح ‘جنا‘ في لعب ’الضاما’ لأرسلت أيضا على الأقل إبنا لي إلى المدرسة يتعلم فيعلمني حيل ’الضاما’ ... (الحكمة في الشطارة وماشي في الكثارة) ... ما شاء الله ... يا (بومنيجل) ، بسنة واحدة في فمك المخروم وتنطق بالحكم...هكذا دائما كان وكنت .... حتى ونحن أطفال كنا نتنافس ونتبارى في كل شيء... في الكُتَّاب عند الفقيه( سي العاطي) كان‘ يأكل العصا‘ حتى يسمع صراخه في الحومات المجاورة ... أولا لبلادته وثانيا لطول لسانه الذي تخرج منه أحيانا حكم أكبر من رأسه المفلطح، إحداها كالمذكورة أعلاه والأخرى كالتي قالها للفقيه ونحن في كتاب المسجد ذات عصر معيدا ما سمعه في داره من حديث دار بين أهله منه أن الفقيه (سي العاطي) صاحب زردات‘ وشهيوات‘ وولائم ولا يجوِّد القرآن في دعوة ما على أحسن وجه إلا إذا شم رائحة الدجاج أو ‘الكوارع بالحمص‘ .... فجرت عليه هذه الزلة ‘عصا‘ وضربا لم ينجده منها إلا أزوف وقت أذان صلاة المغرب الذي اضطر الفقيه إلى إيقاف ‘التحميلة‘ والصعود إلى المئذنة ليؤذن في الناس... أضن أن أوجاع هذه ‘التحميلة‘ التاريخية لا زالت تنتابه إلى حد الآن وهو في أرذل عمره ... أما أنا فخيزرانة الفقيه كانت نادرا ما تصيبني لأني كنت مجتهدا والدليل على ذلك أني لا زلت حافظا خمس سور من القرآن الكريم وإن كنت قد نسيت تهجي الحروف... وجل من لا ينسى! ... (بومنيجل) ابن العفريت يكذبني في هذا ويقول:" بل بسبب البيضات التي كان يحصل عليها منكم...أمك كانت تربي الفراخ على السطوح" لا أعرف من الذي سلطه علي...هذا المنكود...... لعبنا معا .. درسنا معا... وكبرنا معا... وكلما كبرنا كبر كرهي له ... تزوجت ...فكان أن تزوج في نفس الليلة...ومازال يقول للرائح والغادي إني أنا الذي قلدته وإني فعلت ما فعل لأني كنت ولا أزال معجبا به ..... سبحان الله ...! بأي شيء أعجب ... بالفم المخروم ... بالصلعة .... بعمله كناسا لروث البهائم في الإسطبلات ؟! ... شوفو يا ناس هذا العجب...مالعمل مع هذا الرجل الذي لا يستحي..! منتدى ليلاس الثقافي
أنعطف في الزقاق الضيق الذي يشرف على مسكني ... ثلة من الأطفال هرولوا إلي بمجرد أن لمحوني .. كانوا منفعلين ومضطربين ....فهمت منهم أنهم ‘شافوا‘ فأرا تقافز فارا ودخل في كراج عمهم( مبارك) بائع الطحين والدقيق... يا للمساكين.. رأوا فأرأ... فكانوا كأنهم رأوا غولا ...!.. لا غرابة في ذلك.. فمنذ أن بدأت العمل هنا أصبحت رؤية الفئران والجرذان نادرة كرؤية قوس قزح!... وهل تجرأ الفئران على الظهور في مكان أنا فيه...؟!على كل حال خدماتي جاهزة في كل وقت أربع وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة، دعوا ذلك الفأر يبحث عن فأرة في كراج عمكم (مبارك) ... ويكون أسرة ....وقبيلة.. وعشيرة وبعد ذلك سنرى..وصلت منزلي أو بالأحرى خربتي.. رفست الباب بقدمي فصر كأنه لم يفتح منذ عهد عاد..
"يا هذا الرجل لم لا تفتح الباب كما يفعل عباد الله.. أتريد أن تكسره"
صرخت زوجتي (فاطنة) كعادتها دائما حينما تراني عائدا من الخارج بخفي حنين.
"ولم أفتح الباب يا هذه الرأة إذا كان دائما مفتوحا لا يغلق بالمرة ... وهل فيه شيء يكسر ....هذا الباب كله كسور"....
"إذا كانت فيك كل هذه النرفزة ، فاشتر لنا بابا جديدا وأرحنا"
"ومن أين ياامرأة....ألا ترين تعبي ليل نهار، والمدخول يكفي بالكاد لحشو فمك وفم أولادك بالخبز الحافي"
"تعبك؟!‘ ياحنيني‘ ... الذي يسمعك يقول عندك فدادين تفلحها وتزرعها... تعبان من صيد الفئران ... يا سعدي بك يا هذا الرجل"
"وماله صيد الفئران...أليست شغلة كباقي شغلات عباد الله ...أليس بها أدبر لك و‘لدزينة‘ أولادك الخبز... ‘وزيدون‘ أين كنت لما تزوجت بي..؟ أما كنت عارفة بأن شغلتي صيدالفئران"
"أي نعم... كنت أظن أنه نزق صبا .. لعب‘ دراري‘ ....يا ’جلول’ أنت لم تعد صغيرا إبحث لك عن عمل آخر شريف وخل علينا القيل والقال" "أنا لا أتقن غير صيد الفئران ...هذه هي حرفتي الشريفة وأنا راض بما قسم الله ... إن قبلت يا أهلا وسهلا وإن أبيت فاذهبي غير نادم عليك "
"أليس لأبنائك عندك خاطر..؟ ولدك أحمد يكاد يموت من الولولة والصراخ كل يوم... أصحابه يعيرونه بأن أباه صياد جرذان"
"أولاد زنقة صغار لا يعرفون ما يقولون، والدليل أن آباءهم أنفسهم يستنجدون بي لما ‘يوحلون‘ لتخليصهم من الجرذان .... كلام أطفال ليس إلا ... سيعتاد غدا ويسنى كما نسي إخوته الكبار"
"والله إذا لم تترك هذه الشغلة سأخرج إلى الناس وأكشف لهم عن الوصفة التي تصطاد بها الجرذان، وأقول لهم إن حكاية خوف الجرذان منك ليست إلا زيفا، وأن قصة أمك بأن الجرذان تخاف منك وأن لك عليها سحرا ،لأن جرذا قرضك في أذنك وأنت رضيع ليست إلا تخريفا، وأفضحك"
"أقعدي ياامرأة ... ياشريرة .. وتسدي علي باب الرزق الذي فتحه الله لي. أعدي لي براد‘ أتاي‘ وأغلقي فمك الذي يقذف بالزفت وبدلي علي هذه السيرة وإلا كسرت رأسك الشائب . هذا ماكان ينقصني ...( بومنيجل)، بو الفم المخروم، يسكب علي البنزين بكلام كالسكين، وأنت تشعلين فيَّ النار، بفمك الثرثار"
التعديل الأخير تم بواسطة بياض الصبح ; 24-05-11 الساعة 09:37 PM
سبب آخر: تعديل العنوان " الزخرفة مخالفة
|