كاتب الموضوع :
lost in memories
المنتدى :
من عيون الشعر العربي والعالمي
مساء الخير أيها الفراق ..
لا تغضب
كان حبنا جميلاً جميلاً ,
أجمل من أن يصير حقيقة معاشة ,
فقررت ان أطلق عليه رصاصة الرحمة ,
لأغتاله وهو في ذروة جماله ,
ألا ترى بذلك انه لن يذوي أبداً ؟ ...
* * *
كان حبنا شفافاً كالحلم
ساحراً كقوس قزح ,
وكقوس قزح , كان رحيله محتوماً :
إنك لا تستطيع شراء قوس قزح لقرميد بيتك ! ..
* * *
لماذا نسلم حبنا لامراض العشاق العادية ,
لزكام الضجر ,
وجذام السأم ,
ونوبات النقاش غير المجدي ؟
العمر قصير , ولا وقت فيه
لساعات احتضار الحب الطويلة المؤلمة ,
لذا قررت أن أمنح حبنا ما هو أكبر من الصبر :
القتل
* * *
كنت اعرف منذ البداية
ان كل حب كبير
هو مشروع فراق ...
مساء الخير ايها الفراق ...
مساء المساء الحزين !...
عبثاً توقعني بعد اليوم .
في فخ اللهفة , والانتظار
والشوق والغيرة والشجار...
صار حبي أكبر منك ومني ...
صار كائناً مستقلاً عنك وعني ,
وعن كل ما تقبله أو ترفضه
وكل ما يمتعك أو يغيظك
وها هو يبتعد عن مدارك
في خضم كواكب الغد المجهولة
شاسعاً .. لامبالياً
* * *
مساء الخير ايها الفراق ,
ولتكن حتى لحظات وداعنا
لحظات حب ...
* * *
اذا لم اقتل حبنا
فسأقتل نفسي !
* * *
حين يمر الحب بنا ,
لا يعود أي شيء كما كان ...
حتى بعد ان يمضي الحب ...
وليس مهماً أن يطول التهاب البرق
أو أن يتكرر..
المهم هو أن نحدقّ حولنا جيداً
حين يضيء ..
وحين التهبت بك حباً
وأضأْت لثانية ,
وعيتُ كل شيء ...
وهذا العالم حولي ,
كان دوماً أجمل مما عرفت ,
ولكن أكثر قسوة أيضاُ ! ...
* * *
مساء الخير أيها الفراق ,
ولتكن حتى لحظات وداعنا
لحظات صفاء وامتنان
لكل ما كان ....
وما لم يكن ! ..
* * *
فيما مضى ,
كنت كلما ودعتني ,
أموت قليلاً ..
وها أنا اليوم امرأة ممزقة
واسمي : الوداع ...
مع قارة الاحزان تآلفت ..
وكل ليلة قبل أن أنام
أقول لتوأمي بحنان :
مساء الخير أيها الفراق ..
مساء المساء الحزين ...
لم أعد املك لك سوى الدخان ,
لرئتيك , لعينيك ,
لم أعد أملك لأسئلتك
سوى إشارات الاستفهام ! ..
يا غريباً تبحث عن وتد
انا موجه ضالة ,
وعبثاً تدق وتدك في موجتي ! ...
وقدماك المتعبتان
لن تريحهما إلا امرأة الطاعة والنوم ,
وانا امرأة الجنون ..
انا غجرية الضياع ,
وسادتي الزئبق
وجلدي القلق ! ...
* * *
هذا السقوط السقوط
على ادراج رطبة مظلمة داخل عينيك ...
هذا العتب .. كفى ...
* * *
تعبت من دوري المرسوم لي
في اوقات فراغك ومزاجك ...
تعبت من مقعدي
المعدل لي من مربعي الخاص بي
على رقعة شطرنج أيامك ..
وها نفسي تفتقد نفسي
وها أناافتقد أنا .
وأتوق إلى أن أطير بأوهامي ...
لأعود كما كنت قبلك :
شجرة وعصفوراً وصخرة وموجة في آن واحد ...
وبوضوح أرى
ان حبنا بدأ ينحدر
في درب الاحتضار الطويلة ...
فلماذا لا ننقذه , بالقتل ,
بدلاً من تحنيطه حياً
ونقول معاً بعذوبة الحب الذي كان :
مساء الخير ايها الفراق ؟...
* * *
اذا لم أقتل حبنا ,
فسأقتل نفسي !
* * *
لكي لا يصير حبنا مجرد عادة بائسة أخرى
وعصفوراً آخر محنطاً في ركن منسي بأحد صناديقك
فلنهمس معاً بصفاء : مساء الخير ايها الفراق ...
25 /11 /1974
غادة السمان
من ديوان الحب من الوريد إلى الوريد
|