كاتب الموضوع :
أدهم صدقي
المنتدى :
الارشيف
رد على رد
أختي زهرة، أخي حمدي
لكي لا تأخذ المناقشة مجرى قد يخرج بنا عن الجادة، وعن الحوار الهادئ البناء البعيد عن أي تشنج أو تهجم...
سأحاول هنا أن أشرح وجهة نطري أكثر وأزيل أي التباس، يكون قد وقع في مداخلتي السابقة.
أولا: فالقول من أنا أو أنت، لكي نخول لأنفسنا الحكم على عمل أدبي ما، فأجيب عنه بكل بساطة، وهو أن ما رددته في مداخلتي السابقة، لم يكن رأيي أنا فحسب، وإنما آراء مجموعة من النقاد المشهود لهم على الساحة الأدبية بالباع الطويل، وأحيلكما هنا إلى مجموعة من الملاحق الثقافية لمختلف الجرائد العربية، كالحياة والزمان وأخبار الأدب المصرية، والبيان الثقافي المغربية، والقدس من لندن... فأنا لم أتعرض للكاتب علاء الأسواني بأي سوء أو سب بسبب وصفه أو تصويره للواقع أو للمجتمع المصري، كما ذكرت أختي زهرة، وإنما أنا انتقدت طريقته في هذا الوصف والتصوير.. هذه الطريق السطحية التي تدغدغ شهوات القارئ أكثر مما تستثير مشاعر تذوق الجمال والفن الأدبي، ولهذا فبعض الأحداث في الرواية، كنت أشعر وأنا أقرؤها، كأني أشاهد لقطات من فيلم جنسي ... قارنا أسلوب نجيب محفوظ حتى في أكثر رواياته تعرضا لمثل هذه المواقف ((مثلا اللص والكلاب))، بأسلوب الأسواني، وستدركون ماأرمي إليه، فمحفوظ في هذه المواقف يلمح أكثر مما يصرح، وكما يقال، فاللبيب بالإشارة يفهم، والقارئ ليس بهذا الغباء، ولهذا فأنا في هذه الحالة، لا أبرر هذا الأسلوب الأسواني في التصوير، إلا على أنه متعمد ومفتعل، وليس جزء من تكتيك أدبي، يراد من خلاله تمرير موقف أو توصيل فكرة أو رؤية ما، وإنما هو مقصود لذاته، كي يلعب على الوتر الحساس لدينا نحن القراء العرب الذين نعاني من الكبت الجنسي ...
أما عن أصدقائي الألمان، فأنا أفتخر بصداقتي لهم، فسيدهشك أختي زهرة، أن بعضهم يجيد العربية الفصحى أكثر مما يجيدها أصحابها، وثقافتهم فيما يتعلق بالأدب العربي والدين الإسلامي والفلسفة الإسلامية لو بسطتها أمامكم، لاتهمتموني بالمبالغة المفتعلة، فالمستشرق المترجم هانز دايبر، الذي يعتبر أول مستشرق ألماني يضع ((بيبليوغرافيا)) لكل ما تم إصداره من كتب الفلسفة الإسلامية على مر العصور، وصاحب الترجمات الألمانية للعلامة (ابن خلدون) والسيدة أنا ماريا كلوجه، مدرسة اللغة العربية في جامعة فرانكفورت وصاحبة ترجمات مؤلفات روائيات عربيات كثيرات أمثال سلوى بكر، وغادة السمان، ود. غافن صاحب معظم ترجمات مؤلفات الروائي الليبي إبراهيم الكوني إلى الألمانية والهولندية.... وآخرون دائمو التنقيب عن كل جديد وجيد يظهر في الساحة الأدبية العربية، لقراءته والتباحث في شأن ترجمته، قصد تزويد القارئ الألماني بمعتطيات جديدة ومعاصرة عن العالم العربي وآدابه ...
ولهذا فمثل هؤلاء الأشخاص لا ينطقون عن الهوى في الحكم على أي عمل ما مهما كانت مواضيعه
وإنما الأهم عندهم هو الجودة الفنية في حد ذاتها، ولهذا فعندما أجري الحوار مع المستشرق هانز دايبر بشأن كتاب ((آيات شيطانية)) لسلمان رشدي، قال بكل صراحة، ((كتاب من الدرجة الخامسة، لا يستحق ثمن الورق والحبر الذي كتب به))، لأن الكتاب من بدايته إلى نهايته((وأنا قرأته)) لا يعدو أن يكون محاولة مبتدئ محروم من الموهبة... ولكن الكتاب حقق نفذت تقريبا كل طبعاته من الأسواق، بسبب ((الزيطة المفتعلة))... ــ أستسمح أختي زهرة، أنني استعملت مرة أخرى هذه الكلمة، التي قد تثير غضبها ــ
وأنا بطبيعة الحال ضد كل من تسول له نفسه الحجر على آراء الغير، أو القذف أو السب، فلكل كاتب الحق في أن يكتب ما يريد، كما أن للقارئ الحق في أن يقرأ ما يريد، وأن يقول رأيه فيما يقرأ، دون الخروج عن آداب الحوار والمناقشة، التي هي أساس التفاهم والتقارب ...
وتقبلوا مني أحبائي كل احترام وتقدير .. أخوكم عتيق
|