المنتدى :
الشعر والشعراء
شاعر وقصيدة
مساءالخير اعضاء ليلاس الرائعين
هذا موضوع سوف اسردهم عليكم
عبر قسم الشعر وسيكون بشكل اسبوعي
وهو شاعر وقصيدة
نسرد فيه حياة شاعر وقصيدة من قصائده المشهورة
بانتظاركم عبر صفحاتي واضافتكم التي تروق لي وتعجبني وتسحرني ردودكم
سنتحدث اليوم عن
"بدر شاكر السياب"
سيرته الذاتية
بدر شاكر السياب ، شاعر عراقي ولد بقرية {جيكور} جنوب شرق البصرة في أسرة ريفية محافظة تتجر بالنخيل. درس الابتدائية في القرية المجاورة لجيكور والثانوية في {البصرة} 1938-1943، ثم انتقل الى بغداد فدخل جامعتها {دار المعلمين العالية} (1943-1948) والتحق بفرع اللغة العربية، ثم الانكليزية فاطلع على آدابها ونجده في بيروت يطلب المعالجة، ثم يستبد بجسمه الشلل الكامل ، ولا ينفعه بعد ذلك أطباء بغداد والكويت وباريس ولندن وروما، ويتوفى في {المستشفى الأميري} بالكويت، فتنقل جثته الى البصرة، من دواوينه {أزهار ذابلة} 1947، و{أساطير} 1950، و{حفار القبور} 1952، و{المومس العمياء} 1954، و{الأسلحة والأطفال} 1955، و{أنشودة المطر} 1962، و{المعبد الغريق} 1962، و{منزل الأقنان} 1963 و{شناشيل ابنة الجلبي} 1964. ثم نشر ديوان {اقبال}
وله قصيدة {بين الروح والجسد} في ألف بيت تقريباً ضاع معظمها. وقد جمعت دار العودة {ديوان بدر شاكر السياب} 1971 وقدم له ناجي علوش. وله من الكتب {مختارات من الشعر العالمي الحديث}، و{مختارات من الأدب البصري الحديث.
قصيدة أنشوَدة المَطرَ
بدر شاكر السياب
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،
أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر.
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ...
وتغرقان في ضبابٍ من أسيً شفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء،
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف،
والموت، والميلاد، والظلام، والضياء؛
فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاء
ونشوة وحشيَّة تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر...
مطر...
مطر...
مطر...
تثاءب المساء، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ.
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام:
بأنَّ أمّه - التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له: (بعد غدٍ تعودْ)
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ.
مطر..
مطر..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع؟
بلا انتهاء - كالدَّم المراق، كالجياع،
كالحبّ، كالأطفال، كالموتى - هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ.
أَصيح بالخليج: {يا خليجْ
يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى}
فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ:
{يا خليج
يا واهب المحار والردى}
أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ
ويخزن البروق في السّهول والجبالْ،
حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك الرياح من ثمودْ
في الوادِ من أثرْ.
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع،
عواصف الخليج، والرعود، منشدين:
{مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحيً تدور في الحقول... حولها بشرْ
مطر...
مطر...
مطر...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ
ثم اعتللنا - خوف أن نلامَ - بالمطر...
مطر...
مطر...
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطل المطر،
وكلَّ عام - حين يعشب الثرى - نجوعْ
ما مرَّ عام والعراق ليس فيه جوعْ.
مطر...
مطر...
مطر...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ.
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد
أو حُلمة تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة
مطر...
مطر...
مطر...
سيُعشبُ العراق بالمطر...}
أصيح بالخليج : {يا خليج ..
يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والردى}
فيرجع الصدى
كأنَّه النشيج:
{يا خليج
يا واهب المحار والردى}
وينثر الخليج من هِباته الكثارْ،
على الرمال: رغوه الأُجاجَ، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لجَّة الخليج والقرار،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى.
وأسمع الصدى
يرنّ في الخليج
{مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ.
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسام في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمة تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة}
ويهطل المطرْ ..
|