والحقيقة أن الناس يختلفون في تعاملهم مع الضغوط النفسية ، فمنهم من يأخذ الأمور ببساطة ويتعامل معها جيداً ، ومنهم من يتسم بالحرص الشديد والاهتمام والطموح المبالغ فيه مما يجعله يتأثر سلباً لأنه يضع نفسه في مواقف ينجح غيره في تجنبها.
الذين يتسمون بشدة الحرص والاهتمام والطموح يطلق على نمط شخصيتهم " أ "
بينما ينتمي أولئك الذين يأخذون الأمور ببساطة وهدوء إلى الشخصية " ب ".
وقد قامت كلية الطب في جامعة واشنطن بدراسة علمية قسمت فيها الضغوط النفسية إلى درجات حسب تأثيرها السلبي على الصحة النفسية والجسدية وقد كان أعلى الدرجات في هذا المقياس من نصيب وفاة الزوج أو الزوجة ، يليه الطلاق و بعد ذلك عدد من الضغوط النفسية الأخرى مثل الزواج ، المرض .. الخ.
ووجدت الدراسة كذلك أنه كلما كثر عدد هذه الأحداث والضغوط في حياة المرء زادت احتمالات مرضه نفسياً أو جسمياً.
وقد أكد الدكتور هانس سيلي أحد الباحثين المشاهير في الضغوط النفسية أن المهم هو استجابتنا لهذه الضغوط والتي غالباً ما تكون سلبية ( الإجهاد النفسي ).
وهذه الاستجابات السلبية تحدث عادة عندما تطول مدة الضغوط النفسية والانفعالات الناتجة عنها ولا يتم التعامل معها بشكل إيجابي ، لذلك فإن الإجهاد النفسي ينتج عنه الكثير من الأعراض النفسية والجسدية والتي قد تؤدي على المدى الطويل إلى أمراض عضوية خطيرة.
من الأعراض المتوقعة للإجهاد النفسي: الخمول والصداع والحموضة وسوء الهضم والأرق والبهاق وتساقط الشعر و الآلام المتفرقة.
أما الأعراض الأكثر خطورة فمنها: آلام الظهر و الإكتئاب النفسي و الاسهال و ارتفاع ضغط الدم و ضعف الانتصاب لدى الرجال و قرحة المعدة و داء السكري والشقيقة ...
لذلك فإننا عندما نواجه درجة عالية من الإجهاد النفسي ، فإن يستجيب الجسم لها بالتالي:
يضطرب الهضم وتتسارع ضربات القلب مما يزيد من ضغط الدم والتنفس. يلي ذلك تحلل الدهون والسكريات إلى الدم مما يزيد من مستوى الكلسترول وكذلك يستعد الدم للتخثر ( لأن الجسم يعامل الإجهاد النفسي كنوع من الخطر الجسدي ).
لهذه الأسباب فإن الإجهاد النفسي المزمن يستهلك الجسم ويضعف المناعة مما يجعل الإنسان عرضه للأمراض.
هناك طرق عديدة للتخفيف من الإجهاد النفسي نذكر منها ما يلي :
1- الرياضة والحركة تنعش الجسم وتريح الفكر ، لذلك فإنه من المهم أن نتعرف على ما يناسبنا و نرتاح له من الرياضة الفردية مثل الجري ، أو الجماعية مثل الكرة. ولكن يجب أن يكون ذلك بانتظام وبمعدل مرتين أسبوعياً على الأقل.
2- التأمل والاسترخاء يساعد في التخلص من الإجهاد النفسي أو على الأقل التقليل منه.
3- أخذ القسط الكافي من النوم و الراحة يومياً. ولكن المشحون نفسياً قد لا يستطيع النوم ، بينما يجد البعض في النوم مهرباً من مشاكله. والأرق يسبب الإرهاق الذي يزيد من الإجهاد النفسي ويضعف المناعة.
4- التنفس العميق الهادئ يعتبر إحدى وسائل الإسترخاء الفعالة والتي يمكن إجراؤها في المنزل أو العمل أو حتى في السيارة.
5- الاستفادة من عطلة نهاية الأسبوع للراحة و الاستجمام ، لا لمزيد من العمل والقيام بأعباء المنزل و ما لم نتمكن من القيام به أثناء الأسبوع.
6- ممارسة الهوايات التي نتخلى عنها بحجة عدم وجود الوقت لها ، فممارسة الهوايات المحببة للنفس يريح الأعصاب والتفكير. كما يجب أن لا ندع الشعور بالذنب يتسلل لأنفسنا عندما نقتطع بعض الوقت لها ، بل نمارس هذه الهوايات ونحاول الاستمتاع بها قدر الإمكان.
7- عدم أخذ الحياة بجدية صارمة ، بل يجب أن نحاول الضحك ونتعلم ذلك وإذا لم نستطع أخذ الحياة ببساطة فلا ضير من مراجعة العيادة النفسية ، فصحتنا أغلى من أي شيء.
8- الابتعاد عن القهوة والشاي والتدخين قدر المستطاع. و إن كان البعض يدخن للتخفيف من الإجهاد النفسي فإنه قد يكون في التدخين شيئا من ذلك للحظات ، ولكن الإجهاد النفسي يبقى ويدوم ولا بد أن نتعامل معه بوسائل صحية.
9- اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على قدر متوازن من النشويات والدهنيات والبروتين والأملاح. ومع ذلك فمن المهم الابتعاد عن الوجبات السريعة المليئة بالدهون والمشروبات الغازية.
مع تحيات د. عبد الله السبيعي
إستشاري و أستاذ الطب النفسي ، كلية الطب جامعة الملك سعود
رئيس المجلس السعودي للطب النفسي
منقووووووووووووول