كاتب الموضوع :
علياء
المنتدى :
القصص المكتمله
مشكورين حبيباتي على الرد الروعه
.............................................
سمعت أصواتا كثيرة حولي ....
الكثير من الكلام والحديث الذي لا اعرفه ..
حاولت فتح عيني ولكنني كنت أشعر بدوار مؤسف فعلا .. ولكنني ابديت جدية حقيقية في فتح عيني ،، نظرت بتعب فوجدت أنني على سرير في مشفى صغير وهناك مرضى آخرون ، كان هناك طبيب أسمر البشرة له شعر أسود ناعم ابتسم وقال يحدث الممرضة بلغة لم أفهمها ..
كان الجو المحيط بي يشعرني أنني بالفعل على الأرض لكن الناس هنا ،، يذكرونني بـ .. نعم ..
تلك الملابس ،، الشعور السوداء والبشرات السمراء ،، تلك النقطة الحمراء التي تضعنها النساء على جبينهن ،، ربما أنا في الهند ..
قلت وصوتي لا يكاد يخرج :
- أين أنا ؟؟
ابتسم الطبيب وقال :
- ماهو اسمك يا آنسة فنحن لم نجد معك أي هوية ؟؟
قلت بتعب :
- لندا بروس بيرتون ...
- وكيف جئت إلى الهند ..؟؟
شعرت بارتباك شديد ولكنني قلت أخيرا :
- لا .. أعلم ،، أظن أنني خطفت .. و ..
هز الطبيب رأسه ثم خرج ،، وبعد وقت قصير عاد الطبيب مرة أخرى ،،
تطلع الطبيب نحو الباب ثم قال :
- بعض رجال الأمن يريدون طرح عليك بعض الأسئلة ،، وأرجو أن لا يكون في ذلك إزعاجا لك ...
لم أرد وشاهدت رجال الشرطة الثلاثة وهم يدلفون إلى الحجرة ..
بدأ رئيس الجلسة بسؤالي عن صحتي فقلت أنني بخيرثم قال :
- في البداية أريد أن أعلم كيف وصلت إلى أدغال الهند ..
قلت وأنا اتذكر الكتاب الذي اهدته لي والدة جاميان :
- كيف كنت؟ أعني ... كيف وجدتموني ؟؟
- وجدك أهالي أحدى القرى مغشيا عليكي في أحد أحراش الغابات القريبة ..
تساءلت في نفسي مالذي حصل بالفعل ؟؟ ولكنني تعجبت وقلت :
- لا أعلم ما حصل معي .. لكن ،، لقد ..
- ماذا؟؟
- تعرضت للخطف لكنني لا أعرف كيف جئت إلى الهند لأنني فقدت وعيي تماما!
نظر لي الضابط باستغراب ثم قال :
- سنكتفي بهذا اليوم ... وعندما تتحسن صحتك سنصطحبك إلى سفارة بلدك حتى يمكنها تولي الأمر ..
- شكرا لك ..
بقيت في سريري على الرغم من أنني لم أكن مريضة جدا ، فقط قليل من الدوار،، وفي المستشفى تعرفت على ممرضة تدعى " بريا " كانت فتاة سمراء البشرة ، رائعة الجمال ..
وأخبرتني الكثير عن الهند وآثارها ،، بومباي وكلكتا ونيودلهي التي أنا فيها الآن ،، حكت لي عن مدن كثيرة بالهند مثل بيلاري ومدراس وبوبلا ..
أنا لم أحكي لها شيئا عما حصل لي ،، ولكنني حكيت لها عن صديقتاي وجامعتي وكل شيء يتعلق ببلدي ..
كان كل ماحصل لي كأنه ذكرى أو حلم تبخر بلا رجعه ..
كنا نقضي وقتا رائعا حتى تنتهي ورديتها فهي تعمل من الثانية عشرة ظهرا وحتى الثانية عشرة بعد منتصف الليل ..
وأخيرا جاء اليوم الذي سوف اذهب لمقابلة سفير بلادي شخصيا ،، لقد تحسنت صحتي وشفيت الرضوض والجروح التي اصابتني ..
خلعت رداء المستشفى أخيرا وودعت صديقتي الهندية بريا .. قالت بريا :
- عديني أنني سأراك قبل أن تعودي إلى إنجلترا ..
- أعدك ..
بهذه الكلمات افترقت عن بريا اللطيفة،، وركبت في سيارة الأجرة بصحبة مندوب من السفارة حتى وصلت هناك ،،
سرنا في الممرات حتى وصلنا إلى مكتب السفير .. سمحت لي السكرتيرة بالدخول وجلست أمام مكتب السفير الذي بدأ الحديث قائلا :
- مرحبا آنسة بيرتون ... أنا ممثل بلادك هنا،، وأرجو ان تتكلمي بوضوح وصراحة حتى يمكنني مساعدتك ..
- حسنا ..
- أريدك أن لاتخافي من أي شيء ، لا أحد يمكنه ملاحقتك هنا .. اتفقنا ..
- أجل .. سأخبرك بكل تريد معرفته ...
- أخبريني مالذي حدث من البداية ؟؟
بدأت أقص له حكايتي من البداية ،، عندما رسبت صديقتي وقررت زيارتها متأخرا وأنني اختطفت ولم أدر بأي شيء سوى أنني في مستشفى بالهند ..
تعجب السفير كثيرا وقال :
- لم تكوني تحملين معك أي هوية !! كيف اخرجك الخاطفون من انجلترا وأحضروك هنا .. الهند ؟؟
لم أجب على السؤال ولذلك قرر السفير استخراج جواز سفر لي وهوية جديدة من انجلترا وسوف يتصلون بعمي جوردن .. سألني الكثير من الأسئلة عن أشكال الخاطفين أو كلامهم هل هم انجليز أم ماذا ؟؟
كانت سفارة بلدي متعاونة جدا حتى كأنني الوحيدة التي يمكنهم خدمتها ،، و بقيت في الفندق حتى
وصل لي هاتف من السفارة وصوت غريب يقول :
- آنسة بيرتون ،، معك عمك جوردن بيرتون على الخط ... من فضلك لحظة واحدة ..
دهشت لذلك وأصابني مغص شديد فقد علمت أن عمي سيوبخني ،، لانهم جميعا يتمنون موتي ...
- آلو ...
- مرحبا .. لندا ؟؟
- نعم ، كيف حالك يا عمي ..
- بخير يا عزيزتي ،، لقد أقلقتنا عليك كثيرا ..
كان صوت عمي في الهاتف متأثرا جدا فتعجبت وقلت :
- أنا آسفة لم يكن الأمر بيدي ..
- أعلم يا غاليتي .. سوف تعودين إلى انجلترا قريبا ،، وعمك مايكل في الطريق إلى الهند بأوراقك الخاصة ليعيدك ..
- شكرا يا عمي ..
- لا تشكريني يا ابنتي فأنا لم أكن أنام الليل بسبب اختفاؤك ..
كان عمي متغيرا جدا فهو لم يعد الرجل الارستقراطي الغامض القاسي والذي أخاف منه واتحاشاه بكل السبل ،، كان إنسانا مختلفا هذه المرة .. وكان قلقا علي فعلا .. لقد تخيلت أنني عندما أعود سوف أجدهم قد قاموا بجنازة غياب على روحي ،، وانتهى الأمر كليا بالنسبة لي في شهادة وفاة ..
والآن ..
عمي الصغير مايكل بيرتون والذي لم يكمل السادسة والعشرين من عمره ،، وأحب الناس على قلبي في عائلتي سوف يأتي لاصطحابي ..
دائما شعرت أنه الشخص الوحيد الذي يمكنني الوثوق به ،، فهو يكبرني بسبعة أعوام فقط ..
وكان الوحيد الذي كنت أحكي له عن كل مايحصل لي .. ربما لم انتحر كل تلك المدة لأنه كان إلى جانبي!! وأظن أن عمي الكبير جوردن قد أرسله لي لأنه يعلم اننا متفقان تقريبا ومتفاهمان ..
وفي الفندق جاء شخص ما لزيارتي لم اتوقع رؤيته حاليا ..
------------------------------------------------------------------
اندهشت كثيرا عندما رأيت صديقتي الهندية الجميلة " بريا " وهي تدلف إلى مطعم الفندق .. وتلوح لي من بعيد ،، لا أعلم كيف وجدتني ولكن ربما سألت عني ؟
أخيرا رأيتها بملابس عصرية جميلة بعيدة عن ثياب المشفى البيضاء ،، كان شعرها الأسود الناعم مسدلا وهو يصل أسفل ظهرها ..
أعجبني منظرها كثيرا فقد كانت رائعة الجمال ،، وعندما اقتربت مني ابتسمت بسرور وقالت :
- كيف حالك ؟؟ لقد اشتقت إليك ..
صافحتها ثم جلسنا في المطعم ،، أخبرتها بكل ما حصل معي وان عمي مايكل قادم لكي يصطحبني إلى انجلترا ..
شعرت بريا بالحزن لأنني سوف أرحل بسرعة وقالت :
- هل سأراك ثانية ؟؟
- أتمنى ذلك ،، ربما آتي لزيارة الهند مجددا ..
وقمت مع بريا بنزهة في شوراع نيودلهي الجميلة وشاهدنا الأسواق والمباني السكنية، كنت اتطلع في وجوه الناس علي أرى جاميان أو جيرودا ..
أنني لا أفهم حتى الآن كيف لم يجد أحدهم المكوك ،، هل قذفني من داخله وعاد ،، قلت لنفسي انني لا يجب ان أنسى أنني كنت مخدرة تماما .. يعني لا أعلم ماحصل ..
سرت مع بريا وتساءلت :
- ألم يعثر رجال الشرطة على الخاطفين ؟؟
نظرت إلي بريا باستغراب ولكنها قالت :
- لا أظن .. إن قصتك غريبة جدا وكأنه حصل أمر ما غير طبيعي فيبدو أن تلك العصابة التي اختطفتك قد زورت لك أوراقا حتى يمكنها تهريبك ؟؟ لكن لا أعلم لماذا تركوك في النهاية ؟؟ ألم يطلبوا فدية من عائلتك؟
تطلعت إلى بريا بإشفاق فهي تبذل مجهودا كبيرا لكي تحل اللغز ..
ثم فكرت للحظات وقالت :
- ربما ..
قطعت حبال أفكارها وأنا أقول :
- هيا بريا .. كفي عن هذا سوف تتعبين نفسك ،، علينا التوجه للمطار حتى نستقبل عمي مايكل .. أم انك لن تذهبي معي ؟؟
ابتسمت وقالت :
- بالتأكيد سوف أذهب .. ولكن ..
- ماذا ؟؟
- ذكريني بشيء أريد اعطاؤه لك قبل رحيلك ..
نظرت لها باستغراب ونحن في طريقنا إلى المطار فتابعت :
- أهالي بلدتي وجدوا حقيبة تخصك فلم يسلموها للشرطة ، لقد سلموها لجدي لأنه رئيس البلدة أخذها جدي ووجد بها كتابا غريبا يقول أنه لا يفهم منه شيئا.. ولذلك فهو معي وسوف أعيده لك ..
شعرت بسعادة غامرة وقلت :
- حقا ؟؟ هل هو معك ؟؟ لقد ظننت أنه ضاع مني ،، شكرا لك يا بريا ..
قالت بريا بذكاء تحتال علي :
- من أعطاك ذلك الكتاب ؟؟ ولماذا لم يأخذه منك الخاطفون ؟؟
ارتبكت فلم أتوقع سؤالها ذلك ولكنني قلت :
- لقد كان معي قبل أن يقوم الخاطفون باختطافي .. لذلك .. لا أعلم كيف بقي معي ،، ربما لم يروا له أهمية ..
- وربما اختطفوك من اجل أن يحصلوا عليه .. ولكن هناك سر ما متعلق بالخاطفين .. ألا تعتقدين ذلك ؟؟
لم أقل شيئا ولكنني شعرت بالامتنان لاهتمام بريا الشديد بي ...
وتوجهنا إلى المطار وبقينا هناك ننتظر من الراكبين الهبوط من الطائرة ..
من بعيد شاهدت عمي مايكل يقترب با سما وكان أنيقا جدا ووسيما أيضا ،، دهشت بريا وهمست عندما أشرت لها نحوه :
- ظننت أنني سأرى رجلا عجوزا !!
ضحكت واقترب عمي ثم ترك حقيبته على الأرض وعانقني بفرحة وهو يقول :
- اشتقت لغاليتي الصغيرة كثيرا ..
- وأنا أيضا ..
كنت سعيدة جدا في الحقيقة ..
وعرفته على صديقتي الهندية الجميلة بريا .. ثم توجهنا نحن الثلاثة خارج المطار عائدين إلى الفندق وأوصلتنا بريا ثم تركتنا وعادت إلى منزلها ..
جلست في غرفة الفندق مع عمي الذي قال بمرح كالماضي :
- تعرفت بسرعة على فتاة هندية ورائعة الجمال .. يبدو أنني سأبقى في الهند مدى الحياة ..
ضحكت وقلت وأنا أسخر منه :
- لن تقبل شخصا مثلك حتى ولو فعلت المستحيل أنها تريد شابا هنديا وسيما .. وليس انجليزيا أشقرا و بارد الأعصاب ..
ضحك عمي مايكل وأمسك برقبتي وهو يقول :
- يالك من شقية ،، أنا بارد الأعصاب؟؟ سوف أريك البرود الحقيقي قريبا !!
تابعت مزاحي الثقيل معه كالعاده :
- لن تتزوج انجليزيا احتل بلدها لقرون طويلة ..
ضغط عمي مايكل على رقبتي برفق وقال ضاحكا :
- ولماذا تصادق فتاة انجليزية ؟؟ ايتها المحتالة ..
ضحكنا معا وترك رقبتي أخيرا ..
تناقشنا كثيرا في كل ما حصل أثناء غيابي ،، وأخبرني بأغرب شيء سمعته في حياتي وهو ان عمي جوردن عاودته النوبة القلبية وكاد يموت عندما علم أنني مختطفة وأنه لا أمل في عودتي بعد مرور أيام طويلة على اختفائي ..
تعجبت في أنه يحبني رغم أن ذلك لم يظهر عليه ولا مرة مذ ولدت!!
قال عمي مايكل فجأة :
- لندا أرجوك .. أشعر في عينيك أنك تخفي أمرا ما عني .. أنا أعرفك جيدا ،، هيا أخبريني مالذي حصل لك .. أنت تعلمين أليس كذلك.. انا أعد الأيام الطويلة التي اختفيت فيها وأعلم جيدا أنه من المستحيل أن يصيبك الإغماء كل تلك الفترة .. أليس كذلك ؟؟
لم أرد .. وشعرت أنني أرغب بالبكاء ..
وتابع عمي قائلا :
- هيا ؟؟ هل آذاك أحدهم؟؟ هل أحببت أحدهم وهربتي معه ؟؟ لا تخافي سوف أحفظ سرك ..
نظرت له بغضب وقلت :
- ماذا تقصد بانني هربت مع أحدهم ؟؟؟ هل أمثل مسرحية ********************************ة !!
انفعلت كثيرا من كلمات عمي الذي قال وهو يمسح على شعري :
- لا لا،، أرجوك أنا لم أقصد جرح مشاعرك ... لكنك تخفين عني شيئا .. وأنا اريد أن اعرفه وأعدك بأن يكون الأمر سرا بيننا ..
ترددت كثيرا ..
هل أخبره ؟؟؟ تساءلت في نفسي عن ذلك ..
لقد كان عمي مايكل محط ثقتي منذ كنا أطفالا ،، وعندما كنت في المدرسة الثانوية كنت أخبره عن كل شيء يحصل معي ..
هل أخبره ...
ولكن ، هل سيصدقني أم سيقول عني أنني جننت ..
----------------------------------------------------------------------------
ترددت كثيرا ثم قلت :
- ما حصل معي أمر غريب ،، وأنت لن تصدقني فلا داعي لإخبارك ..
لمعت عينا عمي مايكل لأنه وصل إلى ما أراده تماما وقال مدعما الثقة في نفسي :
- سأصدقك أيا كان ذلك الأمر ومهما كان ، حتى لو قلتي أنك رجعت إلى العصر الفرعوني .. هيا قولي ..
ترددت مرة أخرى فنظر لي عمي مشجعاً ..
بدأت بهدوء أقص له ما حصل معي ،، في أول مرة رأيت فيها جاميان ...
وحكيت الحوار الذي دار بيننا لأول مرة رأيته في حياتي ،، كنت اتذكره جيدا مع أني أتخيله بعيدا .. جدا ..
" هل تعيش هنا بمفردك في ذلك القصر المهول؟
- حاليا.. نعم ..
- ألهذا السبب أنا هنا؟ هل تريدني أن أصبح صديقتك من أجل ذلك؟
- حاليا.. سوف أقول أجل!
- ما حكاية "حاليا" هذه ؟ ألا تفكر أبعد من اللحظة التي تعيشها؟
- أنا لا أعيش من أجل نفسي .. أنا مجرد وسيط بينك وبين الذين يريدونك..
- ماذا تقصد؟ هل تقـصد أنني مخطوفة؟
- لا.. أنت صديقتي ... حاليا ً ..
- ماذا؟؟؟ حاليا مرة أخرى ....؟؟ "
تذكرت ذلك فدمعت عيناي ،، حكيت لعمي كل ماعانيته هناك .. أمرجيز الملك ،، لوليانا وراجوي وأوليسي ..
جيرودا تالتن ووالدته ،، حكيت له كل شيء .. وكأنني أحكي ذلك لنفسي ،، سبيرسو ، هينوا .. القلادة ايموكيا ..
تذكرت القلادة ايموكيا فجأة ..
أين هي ؟؟ يبدو أن أحدا ما طمع فيها فأخذها وشعرت بحزن شديد فقد ضاعت مني .. جلست أحكي له حتى ظهرت الشمس ،، العجيب في الأمر ان عمي مايكل صدقني ، كان متشوقا لسماع كل ماجرى وكان يسأل عن تفصيلات الأمور ..
حكيت له عن كوكب ايموكيا وعن الكتاب واللغز الذي صادفني .. كنت ابكي احيانا وكنا نضحك ايضا ..
لكم احبك يا عمي !
كانت عينا عمي مايكل تمدني بالثقة والصدق في كل لحظة كنت اتكلم فيها ، وحكيت له حتى رؤيته في المطار ..
صمتت ..
وابتسم عمي ثم قال أخيرا :
- إنها مغامرة رائعة ،، لعلني الآن سوف أساعدك لكي تبحثي عن الجندي الأبيض ما اسمه ؟ جاميان؟
ضحكت ولم أقل شيئا،، تساءلت ما إذا كان يصدقني فعلا !!
بعد ذلك ذهبنا في نوم عميق ولم نستيقظ إلا عند الخامسة مساء ،، كانت حرارة الشمس قد ذهبت تقريبا وبقي ساعة فقط لكي تؤول للغروب ...
قال عمي بعد أن جلسنا نتناول العشاء :
- أتعرفين ،، لقد حلمت ببعض الأشياء التي حصلت معك !!
ضحكت وأنا أضع الخبز على الطاولة وقلت بعد أن جلست :
- علي أن أتصل بـ بريا حتى آخذ منها الكتاب ،، يجب أن تراه !!
- لا أصدق حتى الآن أنك فرطت في القلادة الكايبا ؟؟ الموكيبيا؟؟ ما اسمها ؟؟
- لم أفعل ذلك قصدا فقد كنت مخدرة .. والقلادة كانت حول رقبتي ،، لا أعرف من أخذها .. ولا يمكنني ابلاغ الشرطة عنها فهي غريبة وسيسألون عنها حتما!!
- سنقول أنها ملك لعائلتنا من آلاف السنوات !
- لا اعتقد أنني سأكون مخطوفة وسيترك الخاطفون القلادة حول رقبتي .. يجب أن نكون واقعيين !
- أظن أن معك حق .. لقد نسيت تلك القصة الأخرى !!
ابتسمنا وتابعنا تناول العشاء ،، وبعد ذلك خرجنا ...
اتصلت على بريا من هاتف الفندق ثم قابلناها في الشارع الرئيسي بعد نصف الساعة تقريبا ..
كانت بريا تحمل حقيبة قماشية وقالت بريا بابتسامتها الرائعة :
- لقد أحضرت لك الكتاب وطبعا ... قلادتك ! أم انك نسيتيها ؟؟
قلت باندهاش :
- ماذا؟؟ القلادة ؟؟ ألم تأخذها العصابة ؟؟
عادت بريا تقول :
- ألم أقل لك أن أمرك عجيب جدا ..
عانقت بريا بفرح وهتفت بسعادة :
- انت صديقة حقيقية،، شكرا لك..
نظر عمي نحونا ثم قال مازحا :
- بريا .. ألا تفكرين بزيارة انجلترا؟؟
ابتسمت بريا ثم قالت:
- سأفعل ذلك لكي أحضر حفل زفاف لندا عندما تقرر الزواج !!
ضحكنا نحن الثلاثة فقال عمي :
- ماذا إذا تزوجت انت ؟؟
- ستأتي لندا إلى الهند ..
قالتها بريا ضاحكة فعاد عمي يقول مازحا:
- هذا أمر بديهي ،، ولكن ماذا إذا تزوجت في انجلترا ..
ابتسمت بريا وقالت :
- لا اعتقد ان هذا سيحدث ..
نظرت إلى عمي شذرا لكي يكف عن المعاكسات وهمست في اذنه :
- ماذا ..؟؟ هل تظن نفسك وسيما ؟؟
قال عمي مازحا يحدث بريا بدون أن يعيرني اهتماما :
- يمكنني أن أحصل لك على جنسية بريطانية ..
ابتسمت بريا وقالت :
- أوه .. شكرا لكنني لا اريد تغيير جنسيتي فعلا ..
ظل الاثنان يضحكان ويمزحان مع بعضهما طوال الوقت حتى وصلنا إلى حديقة كبيرة وجلسنا نشرب العصير ،، أما أنا فتطلعت إلى وجوه المارة بعناية علني أرى أحد ما ..
تساءلت .. أين جاميان الآن؟؟ وجيرودا ؟؟ هل مازالا في إيموكيا ؟؟ أم ..
فتحت الحقيبة ونظرت بالداخل ..
شاهدت الكتاب القديم صاحب الألف صفحة .. ورأيت القلادة ولؤلؤتها الزرقاء ثم نظرت نحو بريا ،، يالها من مخلصة ،، لم تعرفني وكان بإمكانها أخذ القلادة ولكنها كانت فتاة أمينة جدا ..
يبدو عمي معجبا بها كثيرا .. وهذا يسعدني،، لكن بريا لا تبدو أنها ستقبل الارتباط بشاب انجليزي لأنني أظن أن عائلتها متمسكة بمبادئ معينة سترفض بالتأكيد شابا انجليزيا يكون شريكا لحياة ابنتهم مدى الحياة .. وربما قد أكون مخطئة ..
عدت و مررت بعيني على المارة مرة أخرى ،، ومن بعيد شاهدت شابا يسير معطينا ظهره له شعر أحمر قصير وبشرة بيضاء ..
هل يكون جيرودا ؟
-------------------------------------------------------------------------
تخيلت لوهلة أنه جيرودا وتركت الحقيبة مع عمي ثم قلت مسرعة :
- سأشتري بعض الحلوى .. انتظراني ..
تركتهما بسرعة وركضت خلف الشاب،، كان علي أن أتأكد ..
حاولت اللحاق به بدون أن يشعر ولكنه توقف فجأة ثم نظر خلفه بغضب ..
وضعت يدي على صدري من الفزع ونظرت إلى وجهه ،، كان شابا أجنبيا حتما لكنه لم يكن جيرودا أبدا وقلت بتردد :
- أنا .. آسفة جدا .. حقا آسـ .. ـفة .. لقد ظننتك شخصا آخر ..
تغيرت نظرة الغضب عندما رآني وابتسم الشاب ثم قال بلهجة أمريكية :
- لا بأس .. أنا أيضا آسف ..
تركته وعدت إلى عمي مايكل وبريا ،، كان قلبي مازال يرتجف من الإحراج وجلست إلى جوار بريا فقال عمي ساخرا:
- أين الحلوى ؟؟ هل تناولتيها بتلك السرعة؟؟
كنت شاردة الذهن ولكنني قلت بعد ثانية من الصمت :
- أي حلوى ؟
ضحك عمي وضحكت بريا فتذكرت وقلت :
- آه .. لقد .. لقد ، لم أجد .. لم استطع اللحاق بالبائع!
عادا للضحك عليّ مجددا ..
بعدها سرنا قليلا حول الحديقة وفضحت عمي مايكل أمام بريا وحكيت لها عما كان يفعله عندما كنا صغارا ،، هو أيضا فضحني ،، لكن مصائبه كانت أكبر دائما من مصائبي وضحكت بريا كثيرا ..
ثم افترقنا وعدنا إلى الفندق مرة أخرى ..
عندما عدنا ظل عمي يتأمل القلادة باندهاش ويمسك الكتاب بحرص ويقلب صفحاته متعجبا مما يرى ،، بينما فتحت له خريطة بانشيبرا و ذهبت لآخذ حماما ...
في الصباح توجه عمي إلى السفارة وقابل السفير هناك ،، ثم حجز لنا على طائرة العودة بعد أن أنهى كل أوراقي ..
شعرت بالحزن لأنني سأفترق عن صديقتي بريا وتكلمت معها بالهاتف فقالت أنها ستقابلني في المطار ولذلك ذهبت مع عمي قبل موعد الطائرة بساعة حتى يتسنى لنا البقاء معا لبعض الوقت ..
في المطار جلست مع بريا وعمي وتحدثنا ،، وعد عمي بأنه سيأخذني للهند ذات يوم لزيارة بريا ..
وعندها نادت رحلتنا ..
ودعت صديقتي بريا وتوجهت إلى الطائرة بصحبة عمي مايكل ..
وفي الطائرة فكرت كثيرا ...
تذكرت إيميلي وميرندا ،، أظن انهما علمتا أنني قادمة .. ربما لا تعرفان بعد .. كنت متشوقة جدا للقائهما ..
نام عمي في الطائرة وأسند رأسه على كتفي ،، وعندما وصلنا ظل عمي نائما فقالت المضيفة قبل الهبوط :
- أرجو منك يا آنسة أن توقظي صديقك ، فنحن على وشك الوصول ..
ابتسمت وضحكت من كل قلبي ،، تقول عن عمي انه صديقي ؟؟ ربما لأنه لا يكبرني كثيرا وقلت بسخرية وانا اوقظه :
- هيا يا مايكي ،، هيا يا صديقي لقد اقتربنا على الوصول .. استيقظ ..
فتح عمي عينيه بصعوبة وقال :
- ماذا ؟؟ هل وصلنا بتلك السرعة ؟؟
قلت بسخرية :
- لقد نمت خمس ساعات على الأقل .. هيا يا مايكل..
نظر لي باستغراب لأني قلت له "مايكل" ثم قال :
- يعجبني ذلك ... لا أحب كلمة عمي فهي تشعرني بأنني عجوز ..
ثم تثاءب وتابع :
- وخصوصا من شابة كبيرة مثلك ..
لم تمر سوى فترة قصيرة حتى كنا ندلف إلى مطار لندن ، وهناك رأيت عمي جوردن بانتظارنا ومعه زوجته السيدة ديانا ..
ركضت نحو عمي الذي احمر وجهه من الفرحة وعانقني بقوة ،، كان عمي جوردن رجلا قويا يغطي الشعر الأبيض معظم رأسه ولديه شارب بني كث وهو طويل القامة ويحب ارتداء الزي الرسمي في المناسبات .. ونظارته الصغيرة بالطبع ..
السيدة ديانا سيدة لطيفة جدا ولطالما كانت سر الصلح الذي يجري بيني وبين عمي جوردن عندما يكون غاضبا مني ومن تصرفاتي الغير مسؤولة في نظره ..
ركبت في السيارة مع عمي جوردن وعمي مايكل والسيدة ديانا وقام السائق بإعادتنا إلى المنزل .. كانت الساعة تقترب من السادسة مساء وكان الضباب يملأ الجو ..
مررت بذلك الشارع الذي شاهدته لآخر مرة منذ وقت طويل ..
عندما التقيت بجاميان أول مره ...
وقفت امام منزلنا وكأنني لم أره منذ سنوات .. وعندما دخلت كانت هناك مفاجأة رائعة ،،
البالونات والشرائط الملونة تزين المكان ، وعندما دخلت رشت علي إيميلي الزهور وقامت ميرندا بإطلاق شرائط لماعة فوق راسي ..
فرحت جدا بوجودهما وعانقتهما معا .. بدموع مليئة بالفرحة هتفت إيميلي :
- سامحيني يا لندا ،، فأنا كنت السبب في ماحصل لك ..
عدت فعانقت ايميلي وميرندا وقلت:
- لا تقولي هذا .. انتما أفضل صديقتين ..
التفت إلى اعمامي الثلاثة الذين رأيتهم يبتسمون لي ،، عمي ليوناردو ،عمي جيم وعمتي ماري أيضا ..
كانوا سعداء جدا بوجودي ورأيت أبناء أعمامي وبناتهم ،، كان الجميع بانتظاري وكانت الحفلة التي اعدوها لي حفلة رائعة أعادتني إلى الجو الأسري الذي فقدته منذ أعوام ..
ولكنني لم أنساهم أبدا ...
جاميان ،، وجيرودا ...
---------------------------------------------------------------------------
بعض مضي أيام على عودتي بدأت حياتي تعود إلى مجراها الطبيعي ،، كان ميعاد الدوام الجامعي قد اقترب خاصة وان معظم الأجازة قد قضيتها في كوكب آخر .. من سيصدق هذا ..
لا احد يعرف ذلك سوى عمي الحبيب مايكي ،، وهو لم يتكلم معي في الأمر بعد ذلك لأنه سافر إلى أميركا مع أصحابه ..
عدت إلى الوحدة من جديد فأنا لا أرى ايميلي وميرندا إلا عندما نذهب للتسوق .. وفي ذلك اليوم خرجنا إلى السوق بعدما حصلت على موافقة عمي جوردن الذي صار يلبي لي كل طلباتي بابتسامة وحب على غير العادة ، لكنه أصر على أن يذهب معي ابنه الأكبر البغيض جوش ،، كنت اكره جوش وخاصة انه مغرور ويملي علي ما افعل وهو يحب ان يبقي شعره طويلا حتى يهتز مع الهواء يمنة ويسرة كل دقيقة..
ياله من مغرور !!
حاولت أن أجعل عمي يوافق أن اذهب مع ميرندا وايميلي بمفردنا ولكن عمي الارستقراطي أصر "كالعادة" أن يرافقنا جوش المغرور ..
سرت مع ميرندا وايميلي وتبعنا جوش في السوق .. وقالت ميرندا بخفوت :
- ماهذا ،، نحن لانستطيع الكلام ولا التسوق براحة أبدا ..
ضحكت وضحكت ايميلي وصاح جوش من خلفنا :
- سمعتك ..
رفعت ميرندا حاجبيها في دهشة .. ولم تلتفت إلى الخلف من الاحراج وضحكنا عليها فقال جوش :
- حسنا , سأعطيكما فرصة للتسوق بمفردكن .. سأذهب إلى صديقي ثم أعود إليكم في وقت لاحق ..
ثم نظر إلى وتابع :
- سأتصل بك لندا ،، اياك أن لاتسمعي هاتفك الخليوي أمسكيه بيدك ..
- حسنا ..
قلت ذلك بهدوء ..
وبعد ان ابتعد جوش عن انظارنا صحنا معا من الفرحة وانطلقنا نركض ونشتري ملابس للسنة الجديدة في الجامعة ..
في كل مكان كنت أدور بعيني باحثة عن جاميان أو جيرودا .. أين هما ياترى ؟؟
ربما لم يأتيان بعد .. ولكن لماذا ؟ لقد مضى وقت طويل جدا ..
وجاميان ، لقد بقي على سطح هذا الكوكب مدة شهرين .. إنه يعرف العنوان جيدا ، اين هو .. لقد اشتقت إليه كثيرا ..
- لندا .. مارأيك بذلك الحذاء ،، أظن انه رائع ..
- آه إنه يناسبك لندا ..
انتبهت فجأة على كلام صديقتاي وقلت بارتباك وانا انظر للحذاء :
- آه نعم ، إنه جميل ..
بعد ان خرجنا من مركز التسوق ذهبنا إلى المطعم وتناولنا طعام العشاء فقالت ايميلي باستغراب :
- لندا ، لقد أصبحتي مختلفه كثيرا بعد ان عدت ..
قالت ميرندا وهي تهز شعرها البني القصير :
- هذا صحيح ،، أنت تدورين في المكان بعينيك طوال الوقت وكأنك خائفة من شخص ما ..
لم أقل شيئا فعادت ايميلي تقول :
- لا تخافي يالندا ، لن يستطيع احد اختطافك مجددا مادمنا معا .. أليس ذلك صحيح ميرندا ؟
- بلى ،، كما انت اصبحت هادئة على غير العادة وتفكرين كثيرا قبل الاقدم على شيء ... حتى شراء الاحذية ..
أكملت مابقي من كوب العصير وقلت :
- أنتن تتخيلن .. أنا لم أتغير أبدا .. ولست خائفة أبدا .. هذا هراء ..
وقفت ثم نظرت في ساعة يدي وقلت :
- ماهذا .. لقد تأخر جوش .. كيف سنعود إلى المنزل ،، يبدو انه نسينا ..
كانت ميرندا مشغولة بشرب العصير ولكن ايميلي قالت :
- دعيه ! الوقت مازال مبكرا ،، دعينا نذهب إلى مدينة الألعاب أو نعود للتسوق..
عدت للجلوس حتى انتهت صديقتاي ثم وقفنا معا وخرجنا إلى الخارج ..
كان الشارع مزدحما بالمارة وفضلنا أن نأخذ الطريق الآخر المؤدي إلى السوق .. وبينما نسير في الشارع الآخر انحرفت سيارة مسرعة عن الطريق فجأة ..
صرخت بفزع وهي تتجه نحونا منزلقة على الطريق .. وبسرعة وبدون أي مقدمات اصطدمت السيارة بالجدار بعد أن كانت ستأخذنا معها ..
وقفت انظر الي العربة التي كانت على وشك اقتلاعنا من على الأرض،، كان الموقف قريبا جدا حتى أن ايميلي اغمي عليها ..
اعتنت ميرندا المفزوعة بايميلي بينما ركضت بسرعة نحو السيارة وصرخت :
- النجدة .. اسعاف ..
حاولت النظر بالداخل وخفت أن السائق قد فقد حياته بعد تلك الصدمة العنيفة ،، المارة شاهدوا الموقف واتصل احدهم بالأسعاف ،،
في داخل السيارة لم يكن هناك سوى السائق وكان رجلا مغطى بالدماء ،، فتحت الباب المحطم بصعوبة فانكسر ولكنني فتحته و أمسكت بالرجل ،حاولت تحريكه بلا فائدة ولذلك وقفت إلى جوار السيارة المحطمة انتظر قدوم الاسعاف حتى لا اتسبب في مضاعفة حالته ..
هذا إذا كان على قيد الحياة ..
--------------------------------------------------------------------------
بسرعة كبيرة وصلت سيارة الاسعاف والشرطة ، فابتعدت عن السيارة بينما تمت عملية الانقاذ ،، اسعاف اخرى أخذت ايميلي التي كانت مصابة بانهيار عصبي ..
وانتقلنا معها إلى المشفى نفسه،، وبقينا هناك إلى جوارها بعض الوقت ولم تفق فاستأذنت من ميرندا وتوجهت إلى غرفة العمليات حيث كان هناك الرجل المصاب .. تعجبت من المكان فقد كان فارغا .. لم يأت أحد لزيارته ؟؟
اليست لديه عائلة ؟
خرج الطبيب بعد قليل من الوقت فسألت :
- من فضلك أيها الطبيب .. كيف هو حال المريض ..
نظر لي الطبيب وقال بألم:
- إن حالته صعبة ،، ولذلك سينقل للعناية المركزه ،، وهو يحتاج إلى نقل دم عاجل .. هل أنت قريبته ؟؟
هززت رأسي نفيا وقلت :
- أنا حتى لا اعرف اسمه ..
قبل أن يقول الطبيب شيئا ارتفع رنين هاتفي الخليوي فقلت :
- سأتكفل بنفقة المشفى حتى يظهر أقرباؤه .. المعذرة من فضلك سأجيب على الهاتف ..
ابتسم الطبيب وتمتم متعجبا :
- هذا عجيب ..
فتحت هاتفي الخليوي وأجبت .. كان المتحدث هو جوش وقال :
- أين انتن .. سأنتظركم عند سنتر بارك ..
قلت بغيظ :
- نحن في المشفى القريب من السوق ،، تعال بسرعة ايميلي متعبة جدا ..
- ماذا ؟ مالذي حصل ؟
- هيا تعال وستعرف ..
كان الطبيب قد رحل ورأيت ميرندا تقترب من بعيد وقالت بضيق بعد أن جلست إلى جواري :
- لمذا تهتمين بذلك الغريب ؟؟ أليس لديه تأمين صحي ؟؟
- لا اعلم .. لكنه يحتاج إلى نقل دم ..
زفرت ميرندا بغيظ وقالت :
- لم يتبقى إلى أن تتبرعي له بدمك ،، لقد كان سيأخذ حياتنا ، وأظن أنه كان يقود وهو ثمل فأغلب الحوادث تكون هكذا ..
لم أعرف ماذا أقول ومن بعيد شاهدت فتاة تقترب مذعورة وكانت ترتدي زيا غريبا وكأنها تعمل في منجم ،، ونظرت إلى غرفة العمليات ثم نظرت إلي باستغراب لا اعلم لماذا و سألتنا بخوف :
- هل هو بخير ..
تنهدت ميرندا بارتياح وقلت :
- ان حالته صعبة ، ويحتاج إلى نقل دم ..
كانت الفتاة رقيقة جدا ويبدو ذلك من كلامها ومظهرها وشهقت غير مصدقة عندما أخبرتها بذلك ثم بدأت بالبكاء .. تساءلت في نفسي .. هل تعمل في محطة القطارات أم ماذا .؟؟
سألتها :
- هل هو قريبك ؟
كانت تبكي بحرقة وقالت وهي تمسح أنفها بمنديل :
- إنه شقيقي ..
- هل كان ثملا عندما كان يقود السيارة ..
نظرت لي الفتاة باندهاش وتمتمت ميرندا :
- هذا امر لا يعنيك .. هيا بنا الآن ولاتقومي بدور المتحرية كالعادة ..
نظرت إلى الفتاة فقالت بحزن :
- لقد كان غاضبا جدا وحزينا ،، حصل ذلك بسببي ..
عادت الفتاة إلى البكاء وشاهدنا بعض الممرضات يتجهن إلى الغرفة فلحقت بهن الفتاة الرقيقة وعدت أنا وميرندا إلى غرفة ايميلي ولكن قبل أن نصل فوجئنا بـ جوش يركض نحونا بخوف وصاح :
- ماذا .. لما ملابسك مليئة بالدماء ..
نظرت إلى ملابسي ،، فوجئت أنا ايضا فلم ألحظ ذلك مع الانشغال وقلت :
- ربما اتسخت عندما حاولت أن اخرج الرجل المصاب ..
- أي رجل .. مالذي جرى ؟؟
قالت ميرندا بهدوء:
- كان سيحصل لنا حادث ،، ولكن ايميلي اصيبت بانهيار عصبي ..
نظر جوش بخوف وقال :
- يا الهي سوف أقع في مشكلات كبيرة ،، ليتني لم أترككن .. هذا هو جزاء من لاينفذ الأوامر!!
ضحكت على المغرور وتوجهنا معا إلى غرفة إيميلي التي كانت ماتزال غائبة عن الوعي وقالت ميرندا :
- علينا أن نخبر والديها .. وفورا ..
نظرت نحو ايميلي وقلت بضيق :
- سوف يضخم والداها الأمور فهي ابنة عائلة وورثنجتون الرقيقة والتي لم تشك بإبرة منذ ولدت ..
- سيعرفان بأي حال ..
بالفعل خرجت ميرندا لتتحدث إلى والدي ايميلي ..
بقينا لبعض الوقت حتى وصل جيمس شقيق ايميلي في البداية ،، كان مفزوعا وتكلم معه جوش لبعض الوقت حتى وصل والدا ايميلي بكل الخوف والفزع والشفقة وظلا ينظران اليها وكانت امها تبكي ..
سلم جيمس علي أنا وميرندا وسألني عن سر الدماء التي تبقع ثوبي ثم ابتسم قائلا :
- لا تخافا على ايميلي، إنها هكذا دائما عندما تخاف بشدة .. سوف تكون بخير .. لكن والداي يضخمان مرضها دوما ..
قالت ميرندا بقلق :
- علينا أن نعود إلى المنزل ،، فقد تأخر الوقت وستقلق علي والدتي ..
قال جيمس بابتسامه :
- سأوصلكما إذن ..
قلت بسرعة:
- لا لا .. شكرا جزيلا ،، سيفعل ذلك جوش ..
نظرت بعيني أبحث عن جوش ثم رأيته يتكلم مع الطبيب ،، فتوجهت إليه وعندما رآني الطبيب قال :
- هل تسمحين يا آنسة بدقيقة ..
- بالتأكيد ..
------------------------------------------------------------------
سرت مع الطبيب حتى ابتعدنا عن المكان قليلا فقال :
- الشاب الذي حصل معه الحادث،، يبدوأن شقيقته لن تستطيع دفع كل متطلبات العلاج ، فهل ستساعدينهم ..
قلت بدون تفكير :
- بالطبع .. غدا سأعود ومعي المال ،، لكن من فضلك .. لا تخبرهم أنني من فعل ذلك ، أحب أن يكون الأمر سرا بيننا ..
قالت الطبيب مندهشا :
- كما تشاءين يا آنسة ...
كنت أعلم أن عمي جوردن سيوافق على اعطائي المال فهو يحب تقديم المساعدات دائما ..
وعدت إلى المنزل بصحبة جوش بعد أن أوصلنا ميرندا ، وبدون أي كلام آخر عدت إلى غرفتي استرجع أحداث ذلك اليوم ...
في اليوم التالي تكلمت مع عمي جوردن الذي وعدني بارسال المال إلى المشفى ، وذلك هدأت نفسي لكنني لم أعرف عن الشاب وشقيقته أي شيء بعد ذلك ..
بعد يومين خرجت ايميلي من المشفى وذهبت لزيارتها مع ميرندا وهناك قابلنا آرثر وجيمس اللذان ظلا يمزحان مع ايميلي ويسخران من جبنها طوال الوقت ..
عدت على منزلي ..
في الحقيقة ، لم أيأس أبدا ولو ليوم واحد أن أرى جاميان .. أو جيرودا..
أين هما طوال ذلك الوقت ..
ربما قررا العودة لوطنهم مجددا ومواجهة المصاعب هناك ؟
لا اعلم لماذا أشعر انهم هنا ؟؟
فتحت خزانتي واخذت الكتاب الذي اهدته لي والده جاميان .. أمسكت بالكتاب وجلست في شرفتي ..
عدت أسير بأصبعي فوق خريطة بانشيبرا وتيمالاسيا اللتان يفصل بينهما بحر واحد.. يالها من أيام!
عدت استرجعها وانا ابتسم ،، كان يعجبني اسلوب جاميان وجيرودا في تعاملهما معا فهما لطيفين ومتفاهمين جدا .. اكتشفت انني احبهما جدا .. واحترمهما ..وافتقدهما بشدة .. لقد ضحيا بالكثير من الأشياء الغالية من أجلي ..
أمسكت بالقلادة ايموكيا وعلقتها حول رقبتي ، كانت جميلة ..
ظللت في تأملاتي حتى طرقت خادمتنا ميرلا الباب وعندما دخلت قالت :
- سوف يأتي عمك مايكل غدا من اميركا ..
- حقا ؟؟
أخيرا سيعود .. كنت سعيدة جدا بالخبر ولذلك فقد نمت مبكرا ذلك اليوم وفي اليوم التالي استقبلت عمي مايكي باللكمات والضربات كالعادة ..
كما أحضر لي هدية رائعة من اميركا بمناسبة العودة إلى الجامعات ..
مضى شهر كامل منذ عودتي إلى لندن تحدثت فيهما مرتين إلى صديقتي الهندية الرائعة ، بريا ،، وها انا الآن اعود إلى الجامعة مع صديقتاي ميرندا وايميلي ..
كانت ميرندا معي اما ايميلي فانتم تعرفون القصة ..
بدأ العام الدراسي مجددا وعدت إلى الروتين السابق ، الجامعة ،البيت، الدراسة ، الغداء ، العشاء ، النوم ..
لكنني رغم مرور الكثير من الوقت ، لم أنس أن ابحث عنهما ،، مللت من انتظار جاميان فقد أصابني غيابه بحالة نفسية ..
إنه يعرف العنوان بالتأكيد .. اين هو ؟؟
مرت شهور وانا على حالي حتى دعاني عمي جوردن إلى مكتبه في ذلك اليوم ..
توجهت إلى مكتب عمي وانا اتساءل عما يريده عمي جوردن ، فهو لم يدعني يوما إلى مكتبه إلا لأمر ضروري جدا ، وعندما دخلت إلى المكتب وسمح لي عمي بالجلوس قال :
- هناك امر مهم أريد أن احدثك به ..
- تفضل يا عمي ..
نظر لي عمي نظرة تفصيلية غريبة من أسفل نظاراته الصغيرة ثم قال :
- هناك شاب جاء لخطبتك ....
- حقا ؟؟
قلت ذلك محاولة عدم اظهار أي تعبير .. فأكمل عمي :
- كنت اود تأجيل موضوع خطبتك حتى تنتهي دراستك ولكن الشاب مصر على أن اعرض عليك الأمر ... الشاب تعرفينه جيدا ..
- من هو ؟؟
- ذلك الشاب مهذب ومن عائلة عريقة ولا يمكنني رفضه ، لكن القرار في النهاية راجع لك ..
- من هو يا عمي ارجوك ..
- جيمس وورثنجتون ..
- ماذا ؟؟
قلت ذلك بذهول وانا اكرر .. جيمس ؟؟ يخطبني أنا ..
قلت وانا اهز رأسي بعصبية :
- لا ..
نظر عمي باندهاش وقال بهدوء كالعادة :
- ظننت أنك تستلطفينه ، كنت أظنك ستفرحين بالأمر...
فكرت لدقيقة وقلت :
- لا ياعمي ،، أنا لا أفكر بالزواج الآن ، ,ولا أفكر بـ ..
قاطع عمي حديثي قائلا :
- لكنه جيمس ... أنه افضل الشبان الذين ستقابلينهم في حياتك ... أرجو منك أن تفكري بينك وبين نفسك بتأنٍ .. واريد ردك النهائي غدا ...
انصرفت من مكتب عمي وانا اشعر بالاستغراب ،، لم أكن محتاجة للتفكير فأنا بالتأكيد لا أحب جيمس ولن اتزوجه .. مع أني متعجبة جدا من خطبته لي لأني أظن أن السيدة وورثنجتون لا تستلطفني فهي تظن أن تصرفاتي لا تكفي تماما لكي أكون أميرة انجليزية !! .. لا لن أوافق أبدا ..
أنا أحب جاميان .... وجاميان فقط ،، وسانتظره للأبد ..
وبينما اسير في الممر بعصبية كانت خادمتي ميرلا تنتظرني وقالت :
- آنستي ، عمك السيد مايكل ينتظرك في غرفة الضيوف ويدعوك إلى هناك باسرع وقت ..
تساءلت باندهاش :
- هل معه أي شخص ...
- هناك ضيفان يا آنستي ولكنني لم أعرفهما ...
---------------------------------------------------------------------------
|