20-02-07, 01:19 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو راقي |
|
البيانات |
التسجيل: |
Nov 2006 |
العضوية: |
17355 |
المشاركات: |
2,453 |
الجنس |
ذكر |
معدل التقييم: |
|
نقاط التقييم: |
61 |
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
جمال الدين بن الشيخ , وردة سوداء بلا عطر , دار ورد للطباعة, 1998
[CENTER][SIZE="3"]ينتمي جمال الدين بن الشيخ، المتخصّص في القرون الوسطى من الأدب العربي، والذي انجز ترجمة بديعة لـ “ألف ليلة وليلة” بمشاركة المستعرب الفرنسي أندره ميكال، صدرت عن دار “غاليمار” الباريسية ضمن سلسلة “لابلياد” بعد 300 عام وعام من صدور الترجمة الاولى التي كان أنجزها المستشرق الفرنسي انطوان غالان، إلى كوكبة من الأعلام العرب الذين طبعوا الثقافة الغربية عموما، والفرنسية تحديدا. وكان من أبرز المثقفين العرب في الخارج، ويكمن جوهر أهميته في أنه لم يسمح يوما بأن تنمو شهرته الغربية على حساب قطعه حبل السرة مع تراثه وتاريخه وبيئته الشرقية. فمعظم اهتمامات بن الشيخ كانت منصبة على تراث الأدب العربي، ونابعة منه شعرا ونثرا وترجمة. وهو إذ اشتغل مع الغربيين والفرنسيين، فعل ذلك من دون أن يتنازل عن أصوله وجذوره، ومن دون أن يستغلها. هكذا طعّم الشاعر والباحث المنهج الغربي بالحساسية الشرقية، الشعرية والروحانية على السواء، وظل متواصلا مع عالمه العربي، ممثلا الصوت والضمير الثقافيين العربيين الحاضرين في روح العصر، بقوة المعرفة وجلال الخفر. ودائما كان الهاجس الشعري حليف هواجسه الأكاديمية والسياسية والموسوعية والترجمية، فجمع بين الدقة العلمية والحساسية الأدبية، موفّقا بين استراتيجيات البحث الصارم ومتطلبات الرؤية الشعرية.
كان بن الشيخ يؤمن بأن الشعر هو أداة التحرير الوحيدة، وبأنه ينبغي ألا نستسلم لليأس طالما هناك شعر وشعراء. “عبثاً تحرقون القصائد: سوف نسلّمها للينابيع، وسوف نعيد غرس أشجار الشعر في كل مكان”، كان يكرّر. ولد عام 1930 في الدار البيضاء، قبل أن ينتقل لاحقا مع والديه إلى تلمسان الجزائرية. بدأ بدراسة الحقوق في الجزائر، وفي موازاتها الأدب العربي. وبين 1956 و1962، أي خلال حرب الجزائر الدامية، انتقل الى باريس حيث أكمل دراسته متخصصا في الشعرية العربية خلال القرون الوسطى، وبدأ بالتعليم. وإذ عاد الى العاصمة الجزائرية بعد الاستقلال وعلّم في جامعتها وأسّس فيها قسم الأدب المقارن، إلا أنه سرعان ما سرقته فرنسا مجددا عام 1969 أستاذا في السوربون، وبقي في باريس حتى وفاته. نذكر من أعماله الشعرية: “الرجل القصيدة” (1983) و”ذاكرات الدماء” (1988) و”الكلمة الصاعدة” (1997) و”الأعمى ذو الوجه الذي من برَد” (1999)، ومن بحوثه “الشعرية العربية” (1989) و”عن العروبة والاسلام” (1992).
وروايته “وردة سوداء بلا عطر”، هي من أعمال بن الشيخ النادرة التي نقلت الى العربية - والاجحاف هنا في حق لغتنا وأدبنا العربيين لا في حق بن الشيخ - وترجمتها روز مخلوف وصدرت عن دار ورد في دمشق، ووصفها عدد كبير من النقّاد بـ “ضربة المعلم”.
تحكي الرواية قصة انتفاضة العبيد المعروفة لدى المؤرخين العرب بـ"ثورة الزنج"، وقائدهم علي بن يحيى، ضد امبراطورية بغداد العباسية اسما والتركية نفوذا وسلطة، في القرن التاسع الميلادي. الرواية تحكي على لسان القائد، موظفة الأنا في بعدين متلازمين: أنا الساردة الشاهدة على الأسطورة والموت والقسوة، وأنا المفسرة المترصدة لحركاته المستنطقة.
كتابة بن الشيخ مسكونة أيضا بيقظة الوعي السياسي لدى الشعب الجزائري، وقد عالج معنى الالتزام الوطني لكن بعيدا عن الخطاب الايديولوجي والنضالي الرنان، ويمكن ان نقول إنه حمل الجزائر معه أنّى يذهب: جزائر الضوء والصحراء، جزائر شجرة التين والزيتون والزيزفون، والخليج الزمردي اللون، والعنبر المغرم بالياسمين، ورياح موسم قطاف العنب التي “تجعل الأقمار تصيح”. ذلك كله في قالب لغة متطلبة على قلق، معرّاة على كثافة، لغة الغوص في الأعماق والتساؤل الهجسي عن الحياة والموت والحب والهوية والكتابة وقدراتها، لغة اللاوعي المحموم والخيال الشرقي الايروسي والباطن الصاعق العنيف الذي لا يرحم ولا يكلّ في محاولة إثباته عجز الكلمة امام العدم ونقيض ذلك في آن واحد.
رحل جمال الدين بن شيخ بعدما روى للعالم صرخاته وغضبه وذاكرته وألمه وعنفه وكسوره. رحل بعدما “هدهد كل قصيدة اغتيلت” ووقّع عذابه “بمسار نجم مذنّب”. أوى الشاعر الى صمته، وهو رحمه المطلقة قبل ومضة الولادة وبعد خدر الموت، مفضّلا أن يحفر “أرض الصفحات بالمعول حتى يطال الرجاء”، ذاهبا في قصيدته الى الأمام، راحتاه ممدوتتان وصدره مشرّع مستقيم، سلاحه “حنان الطحالب العارية تحت الصخور”، غير ساجد إلا للحب، غير مصغٍ إلا “للنورس الضاحك على خليج الرمال”.
للتنزيل من هنا
|
|
|