كاتب الموضوع :
منى توفيق
المنتدى :
التاريخ والاساطير
زعموا أنه كان في الوفد الذي أرسله النعمان إلى كسرى ليريه فضل العرب ، فتكلم بين يدي ملك الفرس فأظهر غلظة و تهديداً فقال له كسرى :
متى تكاهنت يا عامر ؟
قال : لست كاهناً و لكني بالرمح طاعناً .
قال كسرى : فإن أتاك آت من جهة عينك العوراء ما أنت صانع ؟
قال : ما هيبتي في قفاي بدون هيبتي في وجهي .
و وفد عامر على النبي محمد و كان وفوده بعد وفود عمه أبي براء ، و لم يسلم هذا لأنه لم يشأ أن يترك دينه و لكنه قال للنبي أن يرسل إلى أهل نجد فيدعوهم إلى الإسلام ، و إن من يرسلهم يكونون في جواره فلا يراعون . فوجه النبي المنذر بن عمرو في أربعين رجلاً فنزلوا في مكان يقال له : بئر معونة ، فعرف بهم عامر ، فنقض جوار عمه و سار إليهم بجماعة من قيس عيلان ، لأن قومه أبوا أن يوافقوه على أمره و يخفروا ذمة عمه أبي براء ، فأحاط و من معه بالمسلمين ، ففتكوا بهم إلا إثنين أسر أحدهما : عمرو بن أمية ، و ترك الآخر : كعب بن زيد جريحاً بين القتلى . و قد أغضب عمله عمه ملاعب الأسنة ، فانقض عليه بعد عودته و طعنه طعنة وقعت في فخذه جرحته و لم تقتله .
و لم يبطئ عامر أن علم بانتصارات النبي و مبايعة القبائل له امتداد سلطانه ، فخطر على باله أن يشاطره السلطان ، فجاءه في وفد من قومه في السنة العاشرة ( 630 م ) يصحبه أربد أخو لبيد الشاعر ، و قد اتفق و أربد على أن يشغل عامر النبي بالحديث و يعلوه أربد بالسيف ، و لكن هذا لم يجرؤ و احتج لعامر حينما لامه بأنه كلما هم بأن يضرب النبي يرى عامراً حائلاً بينهما .
و قد طلب عامر من النبي أن يتخذه خليلاً فقال له النبي : لا و الله حتى تؤمن بالله وحده . فرضي أن يؤمن على أن يكون له سكان الخيام و للنبي سكان القرى و أن يجعل له نصف ثمار المدينة ، فرفض النبي طلبه ، فخرج مغضباً و هو يقول : لأملأنها عليك خيلاً جرداً و رجالاً مرداً ، و لأربطن بكل نخلة فرساً . فقال النبي : اللهم اكفني عامراً واهد بني عامر !
و فيما كان عامر عائداً و أربد سقطت صاعقة على أربد فقتلته ، و أصيب عامر بالطاعون في عنقه فاحتبس في بيت امرأة من قبيلة سلول ، و هي من القبائل المستضعفة ، فكان يصيح غيظاً و ألماً : يا موت ابرز لي ! أغدة كغدة البعير و موت في بيت سلولية ؟
و ظل كذلك إلى أن هلك .
و شعر عامر صورة ناطقة بشخصيته فترى فيه عنجهيته و كبرياءه ، و اعتزازه بشجاعته و فروسيته ، و إباءه ، و فخره بقومه ، و حبه لفرسه ، و قليلاً ما تحس فيه العواطف الرقيقة . و هو شعر قليل الحوشي ، واضح التعابير في معظمه ، و لغته أقرب إلى الإفهام من لغة الذين تقدموه من شعراء الجاهلية .
|