توجهت عائدا الى القاعة ....
فلمحت صاحبنا وكان لا يزال يأكل و فمه ممتلئ بالأكل
و كان يأكل بسرعة شديدة كما لو انه لم يأكل البوفيه كله (جرررررر)
و بصراحة أنفجرت فى الضحك و بصوت مسموع
فلقد ذكرنى منظره بأحد مشاهد فيلم (أسماعيل يس)
وكان يقوم فيه بدور (حانوتى)
و كان معه ممثل سمين ذو وجه طفولى الملامح .
. و خاصه عندما زعق فيه (أسماعيل يس)
... "الله يخرب بيتك" .. هو أنت كمان أكلت الجثة
فما كان الا و ان أخذ يردد هذه الجملة الشهيرة
و التى أخذ يرددها طوال الفيلم
و هى ( منبة ..منبة .. معنمى )
و ازداد علو صوت ضحكاتى و الذى التفت له كل من فى القاعة
ناظرين الى صاحبنا و كان يبدوا انه قد أتى على ال (dessert)
فقد كان يقطم أخر قطعة من ال (éclair)
بالبوفيه
و هنا تعالت صيحاتهم و ضحكاتهم و تعليقاتهم
و ان كانوا لا يعلمون سر أنفجارى فى الضحك بعد
(... الظاهر انه مش يوم صاحبنا...)
"ال... pendulum…"
هى أرقى أنواع سلاسل الحظ
فبها تعرف مدى حقيقة و أمكانية تحقيقها "ال... pendulum…"
" هى أمنية المحظوظ , حلم الملهوف
"ال... pendulum…"
هى .....
هكذا اخذ يردد(حسام) هذا الكلام السخيف
كما لو ان حياتنا غير ممكنة بدون
"ال... pendulum…"
هذا
و لم التفت الى باقى كلامه الفارغ
و التفتت لى (مها) قائلة : ها أيه رأيك؟
_حاجة جميلة صراحة !
_يعنى عجبك الكلام؟
_هو فى احلى من كده !
_شفت بقى (مبتسمة )
_بس فى حاجة عايز أعرفهها الاول ؟
_ايه هى ؟
_ ايه هو "ال... pendulum…"ده .. بقى ؟!
ضحكت و هى تقول بأبتسامة ساحرة
: بقى بعد كل ده و مش عارف "ال... pendulum…"
و أستطردت قائلة : دى حاجة كده عاملة زى سلسلة الحظ
.. بل هى سلسلة حظ فعلا يعود تاريخهها الى عهود قديمة
صنعت خصيصا لمعرفة امكانية تحقيق امنياتك او توقعاتك
_(.........) صمت
_مش مصدق ؟
_بصراحة ده اسخف كلام سمعته فى حياتى كلها !
_طيب ايه رأيك تجربها بنفسك
_ وهى اللعبة دى بتتلعب أزاى؟
_ و كما لو ان (حسام ) سمعنا ... فأستطرد خطبته الحمقاء و قال:
"... كل ما عليك هو ان تقف بثبات و تمسك "ال... pendulum…"
من طرفهها ثم تطلب أمنيتك أو تسال فى سرك
عن مدى أمكانية تحقيق شئ معين فمثلا لو أنك متزوج
و زوجتك حامل و تتوقع ان يكون المولود( ولد)
و هنا تقف بثبات و تمسك طرف السلسة
و تتنتظر فأذا تحركت السلسلة
فأنت من المحظوظين و تكون زوجتك حامل فى( ولد) فعلا
و ان لم تتحرك فتوقعك لم يكن سليم و لن تتحقق و ايضا ...
عندها التفت الى (مها ) قائلا : ما هذا التخريف ..
أعرف انه أحمق و لكن ليس الى هذه الدرجة
و ايه اللوحة دى الموجودة أسفل ال .. بتاعة دى
_تقصد "ال... pendulum…" ؟
_ نعم الزفتة دى (قلتها مغتاظا )
_ دى لوحة خاصة تعطى "ال... pendulum…"
مزايا أخرى عديدة و ..
قاطعتها :
كفاية !
كفاية يا (مها) و تركتها و توجههت الى أقرب (بلكونة )
لا ! ....
ليس لألقى نفسى منها كما تمنى البعض
ثم أخذت زجاجة (البد لايت ) من يد (ريفر)
الذى أبتسم و لم يعلق
و أشعلت سيجارة أحرق بها أعصابى المتغاظة
عشان خلاص مش قادر استحمل هذا التهريج
و من مين؟
من طلبة جامعات عليا يعنى ناس متعلمة و مثقفة
كنت افكر بعمق كانت البلكونة تطل على شارع (سوريا)
و أخذت انظر الى الناس فى الشارع
و قد خف الزحام كثيرا فلقد اقتربنا من الواحدة بعد منتصف الليل
و لكنه الصيف بمصطافيه الذين اتوا من كل مكان
ليتستمتعوا( بالاسكندرية )الجميلة
و التى كنت احبها اكثر فى الشتاء و ...
و قطع حبل افكارى صوت (ريفر ) ضاحكا: اين انت يا رجل ؟
_ مش عارف ؟ قلى انت أين نحن ؟!
_انت مش عاجبك الجو ده مش كده ؟
قوللى انت بصراحة انت ايه رأيك فى اللى بيحصل ده؟
بصراحة !.... مش غريب قوى كده زى ما انت متخيل
فعندنا فى (كندا) ما هو أغرب من هذا
و ماذا تفعل لو ذهبت الى( سان فرانسيسكو) او( نيويورك) ؟
فسترى العجب و لكنى اقدر اقولك :
"أن ما يفعلوه هو نوع من أنواع التمرد
و البحث عن الجديد و الغريب عن المجتمع نفسه
.. ربما لحب الظهور و الاختلاف عن الاخريين "
و نظر لى و هتف ضاحكا و نطقها بالعربية : (شباب روش)
ضحكت كثيرا ربما للطريقة التى نطق بها كلمتى (شباب روش)
أو كما يطلق عليها البعض منهم (روش طحن )
وده علشان (روش) لوحدها مش كفاية فلازم توصف (بالطحن)
.. عشان تبقى (روش طحن) .. ما علينا!
_ (ريفر) انا عاوز أجرب "ال... pendulum…"
نظر لى بدهشة و قال : أوكيه
_ بس مش هنا ! و أستطردت أنت عندك واحدة فى البيت مش كده ؟
_ أكيد!
_خلاص نبقى نجربها بعدين
... (يقولون أن الفضول قتل القط) ... قلتها مازحا
_ أوكيه و على العموم أخوك (تامر ) عليه الدور الأن
.. و هنا عبرنا الى القاعة و شاهدت أخى (تامر) واقف و حوله (الشباب الروش )
و قد أغمض عينيه و أمسك ب "ال... pendulum…"
من طرفهها وأخذ يتمتم بكلمات غير مسموعة
فهذا هو شرط اللعبة الا تبوح بما طلبته أو توقعته الى أى أحد
.. و أنتظرنا بعض الوقت
.. حتى أخذت تتحرك حركة سطحية لليمين و الى اليسار
وهمست (لريفر):
مش ممكن أن يكون هو اللى يكون بيحركهها بنفسه بدون أن يشعر؟
.. أقصد ان تكون شئ لا أرادى
_ ممكن .. وممكن لا !
نظرت اليه دون أن أتكلم .. و سكنت القاهة فى صمت تام
و خاصة بعد أن توقف ال .D.J
و أصبحنا مثل مجموعة من (المجازيب) أو( الدراويش)
الواقفين بمولد (السيدة) .. و كان ناقص أن يدخل علينا
واحد بملابس مهلهلة و معه بخور و يهتف صارخا " حى"
ابتسمت للفكرة و يبدوا ان (تامر) قد انتهى من دوره
و كان مبتسما و منتشيا و سعيدا للغاية
كما لو أنه طلب( بليون دولا)ر
و قلت له مازحا :اوعى تكون طلبت ان تنجح فى الكلية هذا العام
عشان ده لو حصل أعدك بأن أشترى واحدة
من هذه "ال... pendulum…"
و أعلقها فى العربية
و هتف احدهم : أكيد أتمنيت سيارة جديدة
_ و أخر يقول: لا أكيد طلب هجرة لأمريكا
_ وثالث يهتف : يا جماعة (تامر) أعقل من كده
أكيد طلب حاجة معقولة زى
(girl friend)
مثلا قالها و هو ينظر الى حدى الفتيات الموجودة بالحفل
و ان كنت لم الاحظها من قبل
.. و لم تكد تسمعه حتى قام و توجههت الى (التواليت)
مسرعة قبل ان يلحظ أحدهم لك البريق بعينها
... بريق الدموع
و لكن (تامر) قال : يا جماعة ما فيش داعى للمحاولة
مش حقول طلبت ايه يعنى مش حقول
......................************................ ......
تركتهم و توجههت نحو مجموعة أخرى منهم
و قد كانوا يضحكون بصوت مسموع
و كان بينهم (هشام) الذى كان يهتف بأحدههم
مكملا حديثا لم أسمع بدايته قائلا:
" و بعدين أخذت أصحح له معلوماته و مصطلحاته عشان ما يهندسش علينا
و قلت له قاموسنا الجديد
و اخذ يردد :
بهججة = أخر أنبساط
أكسرا= ممتاز
عنب بضم العين =أكثر من ممتاز
مستكيص=مبسوط على الأخر
مستكليظ= برضه مبسوط على الاخر
يادلعه = ياجماله
لاغينى يا با = عبرنا يا سيدى
أكله الكنافة= ضحك عليه
ركبه طيارة = ضحك عليه برضه
يلقح السلام= يمسى عليه
= جديدة لانج G.L.
=جديدة روخر G.R
أوبس = مش معقول
قشطة= كوول
قشطات = (جمع قشطة)
و تعالى صوت الضحكات مع كل مصطلح جديد
يلقيه عليهم الشاب الروش (هشام)
مع تعالى أرتفاع( ضغط الدم) عندى أنا
و يبدوا انه كان سعيدا للغاية لهذا الاهتمام من الاخرين
لمعرفة هذه الكلمات و التى يرددها البعض
وكدت أقاطعه و ذلك لأضيف اليه مجموعة أخرى من المصطلحات
أضحك عليه بيها
و لكنى أحجمت فى أخر لحظة
و هنا فعلت أخر شئ يتوقعه أحد
(فلقد غادرت الحفلة .. و بدون كلمة واحدة أضافية )
تركتهم و بدون أى نية للعودة
أو أستكمال ما قررته من قبل
و هو معرفة ما يقومومن به من أعمال
غريبة وشاذة عن مجتمعنا
و ..
اسرعت بسيارتى العزيزة (الالفا روميو)
و كبست دواسة الوقود لأزيد من سرعتها
حتى كادت ان تطير من فرط سرعتها
و كان هذا على غير عادتى
مستغلا خلو الطريق من السيارات و المارة
متوجهها الى( الانفوشى) أقصى غرب الكورنيش
أحب البحر ليلا مع نسمات الليل العليلة ..
.......... عقلى يدور بسرعة كالطاحونة
مفكرا و متأملا فيما شاهدته و ما سمعته
و لتلك الحياة الغريبة على مجتمعنا
.. بصراحة لم أكن رافضا( للحضارة الغربية)
بل بالعكس فأنا من أثر المتحمسين
و من أشد مؤيديها
و لكن ما يفعله هؤلاء الشباب هو (الهرتلة) بعينها
و( هرتلة )هى كلمة تستطيعوا ان تضيفوها
الى للقاموس السابق ذكره
و معناها (كلام فارغ)
فهؤلاء هم أبعد ما يكونوا عن هذه الحضارة فهم أخذوا القشور فقط
تذكروا من ايام الاسبوع ال (Week end) فقط
و نسوا أو تناسوا العمل الشاق خلال أيام الاسبوع نفسه
و التى يقوم بها أصحاب هذه الحضارة
, أخذوا منهم حفلاتهم وسهراتهم و أكلاتهم و ملابسهم
و تركوا انجازاتهم و أعمالهم و أختراعاتهم و نظامهم ,
.....
و هنا وصلت الى أحد المقاهى و التى تطل على البحر مباشرة
و لم يكد يرانى المعلم صاحب القهوة حتى صرخ بأعلى صوت له
و عندك واحد( شيشة تفاحة) للأستاذ بره
وجاءت الشيشة و تصاعد الدخان فى كل مكان
و أخذت أنظر الى تلك الامواج التى تتلاطم وتنكسر على الصخور
محدثة رذاذ جميل أنعشنى فعلا
ثم تعود مرة أخرى الى أعماق البحر
فى تلك الرحلة الابدية منذ نشأة الكون ...
وكنت أفكر فيما رايته من هزل ..
و أتسأل هل هو هزل بالفعل؟
أم أنهم يأخذون هذه الامور بجدية و الى أين ستنتهى بهم
و ماذا عن أخى؟
كيف أشده من هذا العالم و....
"... كنت عارف أنى سأجدك هنا .."
لم يكن هذا القول قادم الا من صديقى الكندى (ريفر)
و معه أصدق أصدقاء عمرى بالفعل
و الذى معه أسرارى و لا اخفى عنه شئ أبدا
و أسمه الحقيقي بالفعل هو (محمود)
(محمود جودة ماضى)
و الى حلقة قادمة
يتبع
الفصل القادم بأسم ( شرق .. وغرب)