كاتب الموضوع :
roudy
المنتدى :
الارشيف
الحلقه الثالثه والثلاثون
أبو مساعد والشرط
حدثنا قتيبة بن سعيد :
حدثنا سفيان عن زياد بن سعد ،
عن عبد الله بن الفضل ،
سمع نافع بن جبير يخبر عن ابن عباس ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر ( أي تستأذن) ،
وإذنها سكوتها .
صحيح مسلم :3477
عرض علي أحد القراء
أن أجمع رسائلي بعد الرسالة الأخيرة
وأصنع منها فصولاً لرواية مطبوعة
حتى يتمكن من قراءتها الجميع .
يا سلام ! أتصبح لي رواية من تأليفي ؟
تعرض في المكتبات وتدفن في غرف النوم؟
يوصي بعضكم بعضاً بجلب نسخ منها من لبنان ؟
على افتراض مسبق بأنها ستكون رواية ممنوعة !
وهل سأرى صورتي الفاتنة تزين غلافها الخلفي
كما تزيّن (أو تشين)! صورة الكتاب رواياتهم ؟
أعجبني الاقتراح لكنه أدهشني وأخافني في نفس الوقت ،
فأما الدهشة
فهي لأنني كنت أعتقد
أنه لم يتبق أحد – في السعودية على الأقل – لم تصله إيميلاتي ،
بحكم حرصي على أن أبعث بها منذ البداية
إلى جميع مستخدمي الإنترنت في المملكة ،
عن طريق الإيميلات الرسمية على عناوين شركات الإنترنت ،
وإلى جميع مستخدي الياهو والهوتميل
وغيرها من كبريات الشركات العالمية التي توفر خدمات البريد الإلكتروني ،
بعثت بها لكل الذين أدرجوا أسم السعودية ضمن بياناتهم الشخصية ،
ومع هذا فقد فوجئت بمن يقول
أنه لم يقرأ الإيميلات إلا ابتداء من الإيميل العاشر
الذي وصله عبر ال(فوروورد) من أصدقائه!
أما الخوف
فهو من حكاية النشر والتوزيع
التي تستلزم الكشف عن اسمي
بعد أن أخفيته عنكم طوال هذه الشهور !
هنا يأتي الجد : هل تستحق صديقاتي مثل هذه التضحية ؟
هل يستحققن كل ما سيكال لي من تهم
علاوة على ما قد كيل مسبقاً – إذا عُرف اسمي الحقيقي ؟
بانتظار آرائكم ونصائحكم ، راسلوني .
--------------------------------------------------------------------------------
كانت أم قمرة تدفع ابنتها دفعاً لمقابلة أبو مساعد ، العقيد في الجيش وصديق خالها منذ سنين . كان أبو مساعد في السادسة والأربعين ، سبق له الزواج لكنه على السنين الثماني التي قضاها مع زوجته لم يرزق منها بأطفال (ورغم ذلك فالجميع يكنونه أبو مساعد) . قرر الزواج بعد أن بلغته أنباء حمل زوجته السابقة من زوجها الثاني . عرض الموضوع على أصدقائه فما كان صديقه أبو فهد – خال قمرة - إلا أن رشح له ابنة أخته وهو يظن نفسه باراً بها بفعلته تلك . جلست قمرة غير بعيدة وراحت تتفحصه بدقة لم تتفحص بها راشد عندما أتى لخطبتها قبل ثلاث سنوات . ما عاد يعتريها ذلك الخجل القديم ولم تعد تتعثر في مشيتها . لم يكن الرجل عجوزاً كما تخيلته ، يبدو في نهاية الثلاثينات . لا شيب في شاربه لكن بعض الشعيرات الفضية فرت من تحت غترته البيضاء لتبدو واضحة عند جانبي وجهه. كان خالها يعرف أبو مساعد جيداً ولذلك بدا دور والدها ثانوياً . أراد الأب أن ينهض من مكانه لدقائق كما أوصته الأم حتى يتيح لابنته فرصة التحدث إلى خطيبها والتي لم يتحها لها قبل زواجها السابق لكنه كان بانتظار نهوض الخال الذي لم يتحرك من مكانه، ضارباً بتوسلات أخته التي تشير له من خلف درفة الباب عرض الحائط . ظل خال قمرة متوجساً ومتيقظاً بانتظار أي لفتة أو نظرة أو همسة منها ، كي يصب جام غضبه عليها وعلى أمها بعد انصراف أبو مساعد . أهمل هذا الأخير وجود قمرة وانصرف للحديث مع خالها عن آخر أسعار الأسهم . اغتاظت قمرة كثيراً من أسلوبه وأوشكت أن تغادر الغرفة مع أنها لم تدخل عليهم إلا قبل دقيقتين ، لكن قنبلة فجرها أبو مساعد حملتها على البقاء حتى ترى شظاياها : - أنا مثل ما انتم عارفين عسكري بدوي وما أعرف لكلام الحضر المزبرق وسوالف اللف والدوران . أنا سمعت منك يا بو فهد إن بنتكم عندها ولد من رجلها الأول . وأنا شرطي في هالزواج إن الولد يظل في بيت جده وما يسكن في بيتي . أنا بصراحة مانيب مستعد أربي ولد مهوب من صلبي . يرد والدها : - بس يا بومساعد الولد توه صغير ! - صغير والا كبير . هذا شرطي يا بو محمد ، والحق ما ينزعل منه . يحاول خاله تهدئة الوضع قائلاً : - طوّل بالك يا بو مساعد وما يصير إلا الخير إن شاء الله . كانت قمرة تقلب ناظريها بين أبيها وخالها وأبو مساعد . لم يفكر أحدهم أن يشاور صاحبة الشأن الجالسة إلى جانبهم كلوح من الخشب ! قامت وانصرفت من الغرفة بعد أن جحدت خالها بنظرة حارقة ! في غرفتها كانت أمها بانتظارها بعد أن سمعت كل شيء . شكت لها قمرة برود خالها وسلبية أبيها وغرور هذا الرجل الملقب بأبو مساعد . هونت عليها والدتهاوطيبت خاطرها بالقدر الذي تستطيع ، ثم آثرت أن تصمت بعد أن رددت على ابنتها ما ملت هي من كثرة ترديده وملت ابنتها من كثرة سماعه . ظلت قمرة ثائرة على هذا الذي يطلب منها بكل صفاقة أن تتخلى عن ابنها من أجله ، مع أنه غير قادر على الإنجاب كما هو جلي وواضح ! كيف يريد أن يحرمها من ابنها الوحيد الذي لن تشعر بأمومتها مع غيره ؟ كيف يسمح لنفسه بأن يأمرها أن تضحي بابنها فوق تضحيتها بالإنجاب إن هي قبلته زوجاً !؟ ثم من يظن نفسه هذا العسكري البدوي حتى يكلم أباها بتلك الطريقة المتعجرفة ؟ لقد سمعت عن رجال البدو وعن العساكر وطباعهم الصعبة لكنها لم تصادف في حياتها أحداً بهذه الصفاقة ! جاء خالها مع أبيها بعد انصراف الرجل غاضباً من طريقة انصرافها بلا استئذان ، وكما أهمل وجودها أمام الرجل ، أهمل وجودها هذه المرة أمام أمها : - بنتش(بنتك) ما تستحي يا أم محمد . الله يهداتش مدلعتها واجد . أنا أقول نتوكل على الله ونزوجها إياه . الرجال ما يعيبه شي ، والحمد لله البنت عندها ولد يعني ما نقصها أولاد ، وحنا كلنا عارفين إن قعدتها في ذا بدون رجال يضفها ويستر عليها ما تنبغي . كلام الناس كثير وحنا عندنا بنات نبي نزوجهن . انتي فيتش الخير والبركة يا أم محمد والله يطول لنا بعمرتش وتربين عيالتش وعيال عيالتش . ولد قمرة نخيله يتربى عندتش وأمه تجي تشوفه كل ما بغت وما ظن رجلها بيمانع . وش رايك يا خوي يا بو محمد ؟ - والله انت تعرف الرجال يا بو فهد وانت أبخص به . إذا انت مانت شايف عليه خلاف ، توكل على الله . انصرف خالها بعد أن أعطى رأيه كاملاً ومفصلاً في أمر ليس من شأنه ، وانصرف والدها هو الآخر ليبدأ سهرته مع أصدقائه في المزرعة (الاستراحة) ، وبقيت قمرة تهدر في وجه أمها بعصبية : - وش اللي رجال يضفني ويستر علي ؟ أخوتش شايفني مفضوحة والا فيني عيب يبي يخبيه ؟ هذا وأنا يقال لي حرمة الحين وعندي ولد والمفروض يوخذ بكلمتي وينسمع رأيي ! شكل الدنيا عندكم ماشيتن عكس الناس ! بزواجي الأول ما سويتوا فيني تشذا! بعدين وش هالرجال اللي انت ما خذته ؟ ما له أي كلمة على بنته قدام أخوتش ؟؟ وأخوتش هذا أنا وش دخلني ببناته اللي يبي يزوجهن ؟؟ إن شاء الله لا عمرهن تزوجن ! يبي يذبني على ذا العلة المستعلة عشان يخلص من همي ويزوج بناته ؟ جعله ينهد هو وبناته ! - استحي على وجهتش ! مهما كان هذا خالتش ، بس ما عليتش منه . استخيري واللي ربتش كاتبه بيصير . سلمي أمرتش لربتش وتوكلي على الله . لم تنصحها أمها بأن تستخير قبل زواجها الأول . هل كانت مواصفات راشد بالروعة التي تغني عن الاستخارة فيها ؟ صلت قمرة ركعتين مساء تلك الليلة بعد أن علمتها موضي صفة صلاة الاستخارة ، ثم افترشت سجادتها وراحت تدعو : - اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإن تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي من أبو مساعد خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ، وإن كنت تعلم أن فيه شر لي ، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه . واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به . أخبرتها موشي أنه ليس بالضروري أن ترى حلماً يدلها إلى الاختيار السليم كما كانت تظن ، لكنها وبتكرار الاستخارة سوف يشرح الله صدرها للأمر الذي استخارته فيه فتتمه ، أو يقبض صدرها من ناحيته فتعرف أنه ليس من صالحها وتنصرف عنه ، ظلت قمرة تكرر صلاة الاستخارة مرات ومرات في الأيام دون أن تهتدي إلى قرار . بعد عشرة أيام أو ما شابه ، بعد أن توضأت وصلت ثم خلدت إلى النوم ، حلمت بأنها نائمة في سرير غير سريرها ومتلحفة بغطاء سميك لا يكشف سوى عن رأسها وقدميها . كانت تطل في وجه نفسها وكأنها تطل في وجه صديقتها سديم ، مع أنها متأكدة أنها هي المستلقية في الفراش رغم ملامحها التي كانت تتسدمن في الحلم بشكل غريب ! كان شعر النائمة مبيضاً وكان عندها لحية بيضاء طويلة (لكن العجيب أنها لم تستهجن وجود اللحية أثناء الحلم ) ، ثم رأت كأنها توقظ نفسها النائمة وتصيح فيها: قومي قومي فاتت الصلاة! ظلت تتقلب في فراشها حتى أفاقت من نومها في الحلم وفي الحقيقة . عندما قصت حلمها على موضي اتصلت تلك بأحد المشائخ المختصين بتفسير الرؤى والأحلام لتقص عليه قمرة حلمها . أخبرت قمرة الشيخ أن الحلم قد جاء بعد استخارة بشأن خاطب متقدم لها . سألها الشيخ إن كانت متزوجة فا<ابته (كنت يا شيخ ولكنني طلقت منه) سألها إن كان لها أطفال منه فردت (عندي منه ولد) . قال لها الشيخ : - إن هذه الفتاة النائمة هي أنت وليست صديقتك كما خُيل لك في الحلم . أنصحك يا ابنتي قبل كل شيء بالرجوع إلى الدين ، الذي فيه العصمة من كل بلاء والنجاة من كل شر ، لأن انحسار غطاء السرير عن رأسك إنما هو دليل على ضعف دينك . أما اللحاف فهو دليل على أمنك واستقرارك في زواجك الأول ، وكشف شعرك أيضاً دليل على عدم رجوع زوجك إليك وهذا خيرٌ لك لأن الشيب إنما يشير إلى فسقه وخيانته لك ، أما لحيتك فتبشرك بأن ابنك سيكون ذا شأن وسيادة بإذن الله بين أهله وقومه ، أما عدم لحاقك بوقت الصلاة فمعناه عسر في الأمر الذي استخرتي من أجله ، فأنصحك بعدم قبول هذا الرجل المتقدم لخطبتك والخيرة فيما اختاره الله والله أعلم . اقشعر بدن قمرة بعد سماعها تفسير الشيخ وأسرعت لإخبار أمها التي أخبرت بدورها أخاها فثار وتوعد ، لكن أم محمد امتصت غضبه بخبرتها حتى انتهى الأمر وصرف الجميع نظرهم عن هذه الخطبة التي لم يكتب الله إتمامها
|