المنتدى :
الارشيف
العميل السري
الحورية
انتقلت مسز بيرسفورد إلى مكان آخر من الأريكة ونظرت في أسى عبر النافذة إلى العمارة الصغيرة علي الرصيف المقابل التي تكون أفقها الوحيد ثم تنهدت وقالت:
- أتمنى لو أن يقع شئ .
نظر زوجها غليها في لوم وقال: حذار يا توبنس , فإن اللهفة للأحداث المثيرة المبتذلة تثير قلقي.
تنهدت توبنس للمرة الثانية وأطبقت عينيها قائلة: وهكذا تزوج تومى وتوبنس وعاشا في تبات ونبات وبعد ست سنوات كانا لايزالان يرفلان في حلل السعادة والهناء .. من الغريب أن الواقع يختلف تماما عن الخيال.
- استنتاج خطير ياحبيبتي ولكنه غير جديد فقد جهر به قبلك شعراء مشهورون وفلاسفة معروفون .
- منذ ست سنوات كنت أظن أنى أستطيع بحفنة من النقود أن أشتري كل ماأشتهى . وعندما تزوجتك بدت لي الحياة نغما جميلا كما يقول أولئك الشعراء الذين يخيل لي أنك تعرفهم جيدا.
- وما السبب في هذا الملل يا حبيبتي؟
هل يرجع إلى أنا أم إلى المال؟
- الملل ليست الكلمة الصحيحة. ولكنني ألفت سعادتي فحسب, تماما كما ينسى المرء لذة الحياة حتى ذلك اليوم الذي يعانى فيه من أنفلونزا حادة.
- هل تعتقدين أنه يجب أن أهملك شيئا ما؟ وأن اصطحب نساء أخريات إلى علب الليل مثلا؟
- لا جدوى من ذلك يا تومي فلن تلبث أن تلتقي بي هناك مع رجال آخرين. وأعرف أنك لن تقدر صحبة هذه النسوة حق قدرها في حين انك لن تتأكد أبدا أنني لا أكترث بزملائي لأن النساء متشددات جدا في اختيارهن.
- أن التواضع من شيمة الرجال ولكن ما الخبر يا توبنس ؟ ولمَ هذا المزاج الحزين ؟
- لا أدرى كل ما أتمناه هو أن يقع شئ مثير .
ألا تحب أن تطارد الجواسيس الألمان من جديد ؟ هل نسيت ذلك الوقت العاصف الحافل بالأخطار الذي اجتزناه معا ؟ اننى أعرف طبعا أنك مازلت تعمل في قلم المخابرات ولكن عملك لا يزيد عن الجلوس أمام المكتب .
- هل تعنين أنك تتمنين أن تريني انطلق إلى مناطق روسيا المعروفة متنكرا في زى مهرب بولشفيكى أو مغامر من المغامرين ؟
- لن تجنى من ذلك أية فائدة لأنهم لن يسمحوا لي بمرافقتك في حين أنني في حاجة ماسة إلى عمل مثير . أريد أن أفعل شيئا .. هذا هو ما أكرره طوال اليوم .
- ألم تفكري في أعمال البيت أبدا ؟
- أنها لا تستغرق من ربة البيت الممتازة أكثر من عشرين دقيقة كل صباح بعد الإفطار. أهناك ما تشكو منه في هذا الصدد ؟
- الحق أنك تديرين شئون البيت على أكمل وجه يا توبنس .
- أحب العرفان بالجميل يا حبيبي .
واستطردت تقول بعد لحظة صمت : لديك عملك في المكتب طبعا ولكن ألا تشعر يا تومى علي الرغم من ذلك , برغبة خفية في أن يقع حادث غير عادى ؟
- كلا . لا أظن ذلك على الأقل . لا بأس أن يتمنى المرء وقوع شئ ولكن من الجائز , إذا ما وقع هذا الشئ أن ...
تنهدت توبنس قائلة : يالابتذال الرجال ! هل فقدت حاسة الخيال ؟
- أي كتاب تقرئين اليوم يا توبنس ؟
- ماذا يكون شعورك إذا ما دق الباب بعنف و فتحت فوجت أمامك ميتا يتقدم وهو يترنح.
- إذا كان ميتا فلن يمكنه أن يتقدم وهو يترنح أو أن يفعل أي شئ من هذا القبيل .
- أنك تتظاهر بأنك لا تفهمني. أنهم يترنحون دائما قبل الموت ويقعون عند قدميك وهم ينطقون بكلمات غريبة كالفهد الماكر مثلا.
- أنني أنصح دائما في مثل هذه الحالات بقراءة شوبنهور أو كانت .
- ما أجمل أن تقع لنا مغامرة من هذا النوع ياتومي فإنك تسمن وتزداد كسلا يوما بعد يوم .
- ليس هذا صحيحآ . وبهذه المناسبة , أنت تمارسين التمارين الرياضية للاحتفاظ برشاقتك .
- هكذا يتصرف الجميع ... ولكنني عندما قلت أنك تسمن كنت أتكلم مجازا... كنت أعني أنك أزدت نجاحا وتتفجر صحة ورفاهية.
- لا أفهم حقا ماذا حدث لك يا توبنس .
- حب المغامرة.. وهذا أفضل علي كل حال من رغبة رومانسية أو عاطفية... ومع ذلك فيجب أن أعترف أن هذه الرغبة تجيش في صدري أحيانا. فإنني أحلم بأنني ألتقي برجل ... رجل وسيم حقا ...
- ولكنك التقيت بى أنا , أفلا يكفيك هذا ؟
- رجل طويل القامة نحيل العود أسمر اللون ... خارق القوة... من هؤلاء الرجال الذين يستطيعون امتطاء أي حيوان و إمساك الجياد بالأنشوطة ...
- ويلبسون بنطلونا من الجلد وقبعة كاوبوي من غير شك ؟
- ويقضون حياتهم في الناطق البرية .. أريد من رجل من هذا النوع أن يحبني حبا جارفا.. ومن الطبيعي أنني سأصده عندئذ وأبقي مخلصة ووفيه لارتباطاتي الزوجية . ولكن قلبي سيظل يخفق له سرا.
- حسنا . أما أنا فأتمنى في بعض الأحيان أن ألتقي بفتاة مدهشة شعرها بلون القمح الناضج وأن تقع في حبي ولا أظن أنني سأصدها والواقع أني أكاد أكون واثقا من العكس.
- هذا عمل قبيح .
- ما الخبر يا توبنس لم يسبق أن تفوهت بمثل هذا القول أبدا .
- كلا ولكن منذ وقت طويل وأنا أغلي.. وأنك لتعرف أن من الخطر أن يملك المرء كل ما يريد وأن يكون تحت تصرفه من المال أكثر من حاجته.. ولكن هناك دائما القبعات بالطبع .
- ولكنك اشتريت أربعين قبعة علي الأقل وكلها تتشابه.
- الأمر كذلك مع القبعات دائما فلا تختلف الواحدة عن الأخرى إلا في نقاط خفيفة وقد رأيت صباح اليوم قبعة جميلة بمحل فيوليت .
- إذا لم يكن لديك ما تفعلينه غير شراء القبعات فلا حاجة بك إلي...
- تماما... ليس لدي ما أفعل غير ذلك ولكنني أتمني أن أهتم بمواضيع أكثر جدية أوه يا تومى .. أتمني جدا أن يقع شئ مثير .. لدي إحساس بأن هذا سيكون مفيدا لنا نحن الاثنين.. ليتنا نستطيع فقط أن نلتقي بحورية...
- عجبا ! .. من الغريب أن تقولي ذلك .
وفتح درجا بمكتبه وأخرج منه صورة أعطاها لها فقالت: أوه – هل حمضتها ؟
أهذه هي الصورة التي التقطناها هنا؟ .. أهي الصورة التي ألتقطها أنت أم التي التقطتها أنا ؟
- أنها التي التقطها أنا فإن صورتك لم تظهر... عرضتها للضوء كما هي عادتك دائما.
- لا ريب أنه يسرك أن تروي أن هناك شيئا تبزني أنت فيه.
- هذه ملاحظه خطرة ولكنني أنساها في الوقت الحاضر . أردت فقط أن أريك هذا وأشار إلي نقطه بيضاء بإحدى زوايا الصورة فقالت : أهذا عيب في الفيلم ؟
- أبدا يا توبنس . هذه حوريه.
- لا تكن سخيفا .
- تحققي من ذلك أنت نفسك .
وناولها عدسه مكبره . ورأت المرأة الشابة النقطة وقد كبرت وبدت كمخلوقة صغيرة لها أجنحه وصاحت:
- أن لها جناحين.. هذا غريب .. حوريه حقيقية .. هل يجب أن نخبر كونان دويل بذلك ؟ أوه يا تومي .. هل تظن أنها ستبلي أمانينا.
وفي هذه اللحظة فتح الباب ودخل فتي في نحو الخامسة عشرة من عمره كان يبدو أنه متردد بين القيام بدور رئيس الخدم ودور الوصيف وقال في وقار شديد:
- هل سيدتي موجودة بالبيت ؟ .. أن جرس الباب قد صلصل الأن .
أجابت توبنس بأنها موجودة فانصرف الفتي وتنهدت هي قائله : كنت أتمني ألا يختلف البيرت إلي السينما كثيرا فإنه يقلد الآن رؤساء خدم القصور الكبيرة واحمد الله علي أنني أقنعته بألا يطلب من الزوار بطاقاتهم لإحضارها لي في صينيه .
وفتح الباب من جديد وقال البيرت : مستر كارتر . تمتم تومي مشدوها :- الرئيس .
هبت توبنس واقفة وهي تصيح مسرورة واستقبلت رجلا طويل القامة أبيض الشعر تختلف نظرته الحادة عن ابتسامته التي تدل علي الإعياء وقالت:
- يسرني أن أراك يا مستر كارتر .
- شكرا لك يا مسز تومي . قولي لي كيف تجدين الحياة الآن علي العموم ؟
أجابت وهي تغمز بعينها :- مريحة جدا ولكنها رتيبة .
- حسنا . يسرني أن أجدكما في حاله ذهنيه مرضيه .
- أنك تجعلني أغلي من القلق.
عاد البيرت في هذه اللحظة وهو يحمل صينية الشاي كما يفعل رئيس الخدم المهذب , وعندما فرغ من تقديمه دون أن يقع ما يسئ وأغلق الباب خلفه عادت توبنس تقول :
- أن برأسك شيئا , أليس كذلك ؟ .. هل ستبعث بنا في مهمة إلي أماكن موحشة ؟
- ليس تماما .
- ولكن لديك شيئا لنا علي كل حال .
- نعم .. في الواقع .. فأنتما لستما من ذلك النوع الذي يرتد أمام الخطر .
ومضت عينا توبنس ببريق الاهتمام وقال كارتر :
- هنالك عمل معين في قلم المخابرات وقد خطر لي أنكما ربما... ربما يهمكما أن تطلعا به.
- أرجوك أن تتكلم.
قال كارتر وهو يأخذ الصحيفة من فوق المائدة :-
- أري أن لديكما جريدة الديلي ليدر .
وفتح الجريدة علي صفحة الإعلانات وأشار إلي نبأ صغير قائلا :- أقرئي هذا .
مكتب تيودور بلانت الدولي . أبحاث خاصة . مخبرون أكفاء. كتمان تام استشارات مجانية .- 118 شارع هاليهام .
رفع تومي عينيه إلي رئيسه مستفهما فهز الأخير رأسه وقال :-
- هذا المكتب ساءت أحواله في المدة الأخيرة . وقد اشتراه احد أصدقائي أخيرا بثمن بخس وفكرنا في إعادة تجهيزه وتجربته.. لمدة ستة شهور ولكن يلزمنا طبعا مدير لإدارته. سأله تومي :- ولم لا تلجأ ألي مستر بلانت ؟
- لأنني أعرف أنه كان له نشاط معاد حيث رأت إدارة سكوتلانديارد أن تستضيفه علي حساب حكومة جلالة الملك وتصور أنه يرفض أن يذكر لنا أشياء كثيرة يعرفها وتهمنا .
قال تومي :- آه .. أظن أنني فهمت .
- وأقترح أن تحصل علي إجازة لمدة ستة شهور بسبب الصحة.. وبالطبع إذا أردت أن تتكفل بمكتب خاص للأبحاث والتحريات تحت اسم تبودور بلانت فإن هذا لا يعنيني .
لم يبد تومي أية دهشة وقال :- هل لديك تعليمات خاصة يا سيدي ؟
- أظن أن مستر بلانت كانت له صلات عمل بالخارج ويمكنك أن تترقب وصول ظروف زرقاء عليها طابع بريد روسي . هذه الخطابات تأتي من تاجر يهمه أن يعثر علي زوجته التي لجأت إلي إنجلترا منذ سنوات كثيرة أذا نزعت هذا الطابع فستجد الرقم 16 مكتوبا تحته . عليك أن تأخذ صورة من هذه الخطابات وأن ترسل إلي الأصل. وإذا ما تقدم أحد إلي المكتب وأشار إلي الرقم 16 فأخطرني علي الفور.
- مفهوم يا سيدي وفيما عدا هذه التوصيات ؟
أخذ مستر كارتر قفازه وتأهب للخروج قائلا :- يمكنك أن تدير المكتب كما يحلو لك .
ولمعت عيناه ببريق خفيف واستطرد :- وقد خطر لي أن مسز تومي ربما راق لها أن تقوم بعمل المخبر السري
____________________________________________________
هذا أول جزء منها هي مكونه من حلقات
عاد أبي كل واحد يدخل يرد
|