لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-07-07, 10:25 AM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الأمير فوق من ذكرت



لست أذكر المناسبة بالضبط، لأنني كنت مراهقًا في المدرسة الثانوية أجلس أمام جهاز التلفزيون، أتابع ما أذكر أنه حفل تكريم أو عيد للعلم .. شيء من هذا القبيل .. على المنصة يجلس الرئيس الراحل (أنور السادات)، واللحظة هي تكريم أحد أستاذته السابقين في المدرسة .. كان الرئيس الراحل يحب هذه المواقف لما فيها من مسحة درامية .. (هل تذكر الحطاب الفقير الذي آويته في دارك وأطعمته في تلك الليلة ؟.. لقد كان هو الخليفة متنكرًا ! .. وقد خلع عليك قصرًا وزكيبة من الذهب).. وقد سبق هذا تكريم مماثل لمن يدعى (سائق دمرو) الذي ساعد السادات في ظروف مماثلة ..

المهم أن الأستاذ المسن الذي تصلبت شرايين مخه، والذي عاش عصور النفاق منذ أيام مولانا ولي النعم، اعتلى المنبر فقال بالحرف الواحد: "الله يقول: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب .. أما نحن فنقول: إن في خلق السادات والأرض .. كذا .."

أقسم بالله أن هذا قيل حرفيًا، وسوف أُسأل عنه يوم القيامة .. لقد أصابني الهلع من هذه الدرجة العبقرية المفزعة التي يمكن أن يبلغها النفاق .. والأغرب هو أن أحدًا لم يعترض، والرئيس المؤمن نفسه لم يهب لتصحيح كلمات الرجل ..

كانت نهاية عصر السادات كما أذكرها مهرجانًا دائمًا من المزايدة على فن النفاق، وإنني لأذكر جلسة مجلس الشعب الصاخبة لتنصيب السادات سادس الخلفاء الراشدين.. بما أنني طنطاوي فقد شعرت بجو المولد الأحمدي العام حيث الكل يصرخ .. الكل مبتل بالعرق .. الكل يزايد .. ثم قتل السادات في ذات العام تقريبًا فلم يفده أحد بالروح أو الدم، وبادر كاتب صحفي كبير إلى انتقاد طريقة حكمه بعد دفنه بيومين ..

تذكرت هذا كله عندما قرأت مذهولاً قصة الطالبة التي عبرت عن نفسها في موضوع التعبير فقامت الدنيا ولم تقعد .. كنت قد كتبت من قبل عن مفهوم الإذاعة المدرسية والمدرس الذي يرغب في أن يرضى عنه ناظر المدرسة، وناظر المدرسة الذي يشتهي أن يرضى عنه وكيل الوزارة، ووكيل الوزارة الذي يتمنى أن يرضى عنه الوزير .. كتبت عن التصور الحكومي للتلميذ المثالي الذي يرقص طربًا لاتفاقية الكويز أو توشكى، وقد امتلأ رأسه بكلمات من عينة (النبراس) و(العلياء) و(السؤدد) يرصها في أي موضوع تعبير .. التلميذ الذي يؤمن أن الحكومة دائمًا على حق، وأن أفضل رئيس جمهورية هو الرئيس الحالي في اللحظة الحالية ..

لم تكن (آلاء) كذلك .. وقد كتبت ما خطر لها في ورقة التعبير لأنها افترضت أنه ما دام اسم المادة تعبيرًا، فعليها أن تعبر عن نفسها .. قال البعض إنها كتبت تشتم (بوش) وقال البعض إنها طالبت الرئيس بأن يتقي الله ..المهم أنها اصطدمت بعقلية (النبراس) و(العين ما تعلاش على الحاجب) هذه فكانت النتيجة كما يعرفها الجميع .. وكما يقول الأستاذ محمد حماد في جريدة (العربي ) الناصري: " والذى رأى وقرأ وسمع دفاع المسئولين فى وزارة التعليم والتربية سابقا عن الإجراء الذى اتخذوه بحق الطالبة يتصور أنها خانت الوطن وخرجت عن الملة، إذ قالت للرئيس اتق الله واحكم بالإسلام، والأغرب أنهم لحسوا كلامهم صبيحة أعلن الرئيس عفوه الكريم عن ابنته الطالبة، وتغير الحال فاستقبلها الوزير بنفسه وهنأها على نجاحها الذى كانوا يريدون لها أن تخسره وتخسر معه عاما من عمرها! .. انقلب حال الوزارة وانقلب حال الصحف وخرست ألسنة السوء التى طالبت بمعاقبة الطالبة التى خرجت عن الأخلاق وأساءت الأدب، وتبدل الحال وأصبح ما قالته يدخل فى باب حرية الرأى التى يحترمها الرئيس ويحرضها وزميلاتها وزملاءها على ممارستها! "

هناك إشاعة قوية يتناقلها الناس حول أن أمن الدولة اقتنع بأن ما تقوله الفتاة ليس كلامها، بل هو كلام جهة أكبر وأخطر !.. هكذا تم اعتقال أبيها للتحقيق معه باعتباره بداية الخيط التي ستقود إلى (أيمن الظواهري) نفسه !.. سمعت هذه الإشاعة فلم أصدقها .. منطق النفاق يقول إنه لن يجرؤ أحد على التحرش بهذه الطالبة ثانية .. لقد اهتم الرئيس بها شخصيًا وصار الاقتراب منها محفوفًا بالخطر، وأعتقد أن هؤلاء المسئولين الملكيين أكثر من الملك سوف يدفعون ثمن نفاقهم غاليًا .. نفس ما حدث لمذيع شهير حاول أن يتملق الرئيس بطريقة ضايقته، وكانت النتيجة أن تم استبعاده تمامًا من أية حوارات أخرى مع الرئيس.. لقد انقلب السحر على الساحر ..

إن ثقافة النفاق عتيقة جدًا في بلادنا .. ومهما دارت الأيام فإن مفهوم الشاعر الذي يدخل على الخليفة فيمدحه، ويخرج حاملاً زكيبة مال ، هو مفهوم متأصل فينا ويصعب الخلاص منه ..

لا ازعم أنني درست الأدب العالمي، لكن أزعم أن أي دارس للأدب سيتعب كثيرًا حتى يجد بيتًا من الشعر في أية لغة يماثل ما قاله ابن هاني الأندلسي في مدح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله :



ماشئت لا ماشاءت الاقدار....فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت النبي محمد .....وكأنما أنصارك الانصار !!


بصرف النظر عما في هذا الكلام – البيت الأول - من شرك صريح، فإن أية أمة يُقال فيها كلام كهذا هي أمة مقضي عليها بالفناء، فلا غرابة أن يقال إن هذا الشعر كان نذيرًا بفناء دولة العرب في الأندلس.

المزايدة تتكرر في قصص التراث بلا انقطاع .. ها هو ذا (أبو تمام) ينشد قصيدته السينية أمام الأمير (أحمد بن المعتصم) .. فيقول الشاعر في نفاق صادق حار واصفًا الأمير:



إقدام عمرو في سماحة حاتم .....في حلم أحنف في ذكاء اياس

هنا يتدخل رجل بلغت به (سلطنة) النفاق درجة أعلى .. هذا الرجل هو أبو يوسف يعقوب الكندي قائلاً:

ـ"الأمير فوق من ذكرت !"



يعني كل هذا النفاق غير كاف .. الأمير أعظم من هذا .. لابد من المزايدة فقد بدأ (مولد) النفاق .. وعلى الفور يستغل (أبو تمام) موهبته ليرتجل شعرًا لم يكن مكتوبًا:


لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلا شرودا في الندى والباس
فاللّه قد ضرب الاقل لنوره ......مثلا من المشكاة والنبراس



هذه القصة لا ترد في المراجع دليلاً على عبقرية النفاق أو قلة الأدب (فهناك تشبيه ضمني للأمير بالله تعالى) ، بل على براعة الشاعر وحسن تصرفه .. ولسبب ما أوشك أن أرى ذلك المسئول التربوي الذي ألغى امتحان آلاء يصرخ فيها : الأمير فوق من ذكرت !...

الأمثلة كثيرة جدًا ولا شك في أنني نسيت ذكر أهمها .. لكني أتذكر كذلك مقولة الأستاذ (أحمد بهجت) الرائعة : "للنفاق في بلادنا هيبة".. كان يحكي عن زيارته لأحد أصدقائه – ممن لم يعرف عنهم أي تدين - الذي صار شيخ طريقة .. قابله جالسًا في سرادق محاطًا بالمريدين، فتقدم نحوه ليصافحه وهو يوشك على الانفجار ضحكًا .. ثم أخذته هيبة النفاق فانحنى يلثم يده !

أحيانًا يبلغ النفاق درجات من التعقيد يصعب أن تتخيلها .. مثل ذلك المطرب الذي ينشد في أحد أعياد أكتوبر: "لا حيغنيني ولا يرقيني .. ولا فيه مصلحة بينه وبيني .. باقولها وأجري على الله .. علشان كده احنا اخترناه !" .. يريد أن يقنعني أن مدحه لرئيس الجمهورية هو كلمة حق أمام سلطان جائر ! .. وأجره بعد ذلك على الله ..

ذات مرة – قبل أن يدخل معترك السياسة بهذا الوضوح – زار السيد (جمال مبارك) مدرسة خاصة للفتيات في القاهرة، فنشرت التلميذات في إحدى المجلات رسالة مناشدة إلى الرئيس تقول: "نحن في بلد ديمقراطي ومن حقنا التعبير عما يجول بخاطرنا، وانت علمتنا الحرية وعدم الخوف .. لذا نطالب الرئيس مبارك بأن يكلف السيد (جمال) بوظيفة سياسية مهمة !".. هذا نوع من النفاق عجيب، على غرار: "أتركني أقول شهادتي التي سأسأل عنها أمام الله .. أنت أعظم وأروع من رأيت !".. تخيل لو أنهن نشرن رسالة يطالبن فيها الرئيس بعدم إسناد أي منصب رسمي لابنه !

المنافقون .. المنتفعون .. مشكلة هذا البلد وكل بلد عربي ..

هناك دومًا من يريدون أن يبقى الحال على ما هو عليه، وهم قادرون في أية لحظة على تنظيم المظاهرات المضادة، ونشر العرائض المكتوبة بالدم والمبايعة، وأن يملئوا البلد باللافتات المؤيدة لأي شخص وأي قرار في أية لحظة .. هؤلاء هم الذين يفرغون أي إصلاح حقيقي من محتواه ..

سواء كانت نية الرئيس (علي عبد الله صالح) صادقة في التخلي عن الحكم أم خلاف ذلك، فقد تكفل هؤلاء في اليمن بإحباطها وعادت الأمور كما كانت، وهم مستعدون في أي بلد عربي كي يهتفوا (الأمير فوق من ذكرت) في أية لحظة .. ولسوف يظهر لهم من يزيد بيتين من الشعر لإرضاء الحاكم..

الأمير فوق من ذكرت .. فلا مكان لطالبة ساذجة تعتقد أن موضوع التعبير يعطيها الحق في أن تعبر عن أفكارها .. والويل كل الويل لمن يبتعد عن ثقافة (السؤدد) و(النبراس) هذه .



 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 10:29 AM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

هوامش عن الحرب السادسة



في اليوم التالي مباشرة لسقوط بغداد، وجدت عند بائع الصحف جريدة أسبوعية تتصدر صفحتها الأولى صورة عملاقة لوزير الإعلام العراقي (الصحاف)، وقد كتب تحتها: "الصحاف: رمز الصدق الإعلامي".. هذه الجريدة لم تعرف بما حدث أمس ولم تجد الوقت لتبدل عناوينها، ففي الأسابيع التالية تحول الصحاف إلى رمز الكذب والجعجعة الخطابية الفارغة وانضم اسمه إلى اسم (أحمد سعيد) في مصر، وصار فقرة للإضحاك في الكوميديات الفضائية .. والكاريكاتور المرفق رسمه الفنان الشاب شريف عرفه تعبيرًا عن الرأي العام السائد وقتها .
برغم كل شيء فإن ذكرياتي عن الصحاف كانت إيجابية جدًا، ورأيي أنه أدى عمله كأفضل ما يكون .. يسقط الصاروخ الأمريكي في مكان من بغداد فيكون هناك خلال ربع ساعة غير خائف على حياته من قنبلة لم تنفجر بعد أو غارة تابعة، ويقدم الحقائق للصحفيين في ثبات وثقة مع الكثير من المرح.. وكم من مرة وجه ضربات محكمة لأكاذيب آلة الدعاية الأمريكية التي تقودها (سي إن إن) .. لقد كان بارعًا بحق حتى اللحظة الأخيرة، لكن الجيش خذله ..
نفس الشيء ينطبق على صمود العراقيين أمام القوة العظمى في الكون.. هل نسينا الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب والوقت العصيب الذي منحه العراقيون للأمريكيين ؟.. هل نسينا القتال لمدة عشرة أيام في ميناء (أم القصر) والهجمات على قوافل المؤن، وسقوط الأباتشي، والمدفعية الأرضية التي تصدت لكل صورايخ (كروز) ؟.. هل نسينا المشاجرات في البنتاجون ؟.. والاستجوابات التي خاضها رامسفيلد حول (هل وضعتنا في فيتنام جديدة ؟.. كيف دخلت هذه الحرب من دون قوات برية كافية ؟).. ملحمة رائعة ساعد فيها أن خطة الدفاع عن العراق وضعها عسكريون محترفون، بينما سقطت بغداد ذاتها خلال ساعات لأن خطة الدفاع عنها وضعها المحامي (قصي صدام حسين)، وبما أنه ابن رئيس الجمهورية فقد افترض أن هذا كاف لجعله يجيد الاستراتيجية والسباكة والفن التشكيلي وميك[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]ا الكم ..
سقطت بغداد .. وعلى الفور نسى الناس كل شيء وتبخرت كل هذه المقاومة الأسطورية، فلم يعد أحد يذكر إلا مشاهد الاقتحام والنهب ..ونسى الأمريكان كل اتهاماتهم لرامسفيلد فلم يعد إلا القائد المنتصر ..
قلبي معك يا شيخ (حسن نصر الله).. فلو أن إرادتك انتصرت واستطعت أن ترهق إسرائيل إلى حد وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، فلسوف تصير بطل الأمة ويخرس كل منتقديك .. الرجل الذي استطاع أن يقهر إسرائيل بمجموعة من الميليشيات ..
أما لو حطموك – لا سمح الله – فلسوف يلعنك هؤلاء الذين بحت حناجرهم هتافًا لك اليوم .. وسيذكر لك الناس إنك الرجل الذي تسبب في دمار لبنان، وبدد بحماقة النصر الجميل الذي صنعه من قبل .. وسيُقال إنك عميل إيران الذي أنسته الطاعة واجب الحذر .. ووقتها لن يتذكر احد حرفًا عن قصف حيفا والذعر الإسرائيلي وبطولات قرى الجنوب وقصف البارجة .. بل – الأدهى – سوف يقال إنك عميل لدى الموساد كلف بمهمة تبرير دخول إسرائيل إلى لبنان ...


-2-


منذ سمعت اسم (حسن نصر الله) للمرة الأولى وقعت في حبائله ككل من عرفه .. إنه كاريزما تمشي على قدمين، وعقل متزن ومنطق قوي لا تشوبه شائبة .. في الوقت نفسه هناك لمحة معينة من المكر اللطيف في عينيه، وهي لمحة تشي بأنه لم يتخل بعد عن براءة الطفل بداخله .. هذه البراءة بالذات هي التي تجعله يرفض أنصاف الحلول، ويحتفظ بدهشته تجاه ألعاب السياسة السخيفة .. الحق واضح لا شك فيه، والباطل واضح لا شك فيه، فلم الخلط إذن ؟.. إنه يتصرف بالضبط بالطريقة التي تتصور أنك كنت ستتصرف بها لو كنت تملك القوة، ولهذا يشعر الإسرائيليون بأن لهجة خطابه مختلفة عن لهجة باقي العرب الذين يتكلمون عن السيف والخيل ولا يستعملونهم ..

هذا الرجل لا يملك أوهامًا، ولا يشعر بحاجة لتفسير نفسه أو تقديم شهادة حسن سير وسلوك للغرب.. لقد كرر مرارًا إن المجتمع الدولي لا وجود له، وهو ما يؤمن به كل مواطن عربي، حتى ان أحدهم سألني: ما الذي نجنيه من مجلس الأمن والأمم المتحدة ولا عمل لهما إلا إدانتنا وحماية إسرائيل ؟.. لماذا لا تعلن الدول العربية جميعًا انسحابها من هاتين الجمعيتين التمثيليتين ؟.. حسن نصر الله يؤمن بالشيء ذاته، ويعمل بالضبط وفق بيت أبي القاسم الشابي:


لا عدل إلا أن تعادلت القوى ... وتصادم الإرهاب بالإرهاب




أذكر منذ عدة سنوات أن لبنان قام باستغلال حق مشروع له في مياه نهر الليطاني، لكن شارون هدد بأنه سيدمر أية مشاريع مائية تقام على هذا النهر لأنها تتعدى على حصة إسرائيل من المياه.. رأيت حسن نصر الله في قناة الجزيرة يقول بعبارات واضحة باردة: أية محاولة إسرائيلية ستقابل برد قاس، ولن يتأخر هذا الرد أكثر من الوقت الذي تستغرقه مكالمة أجريها على الهاتف المحمول !... هل تعرف ما حدث ؟.. أعلن (شارون) أن إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين !!! وكنت أحسب هذه العبارة مقصورة على العرب فقط ..

الإسرائيليون أذكياء ويعرفون جيدًا أن هذا الرجل لا يطلق التهديدات جزافًا .. ليس صدام حسين الذي وعد بأن ينتحر مغول العصر على أسوار بغداد، ثم سقطت بغداد نفسها من دون رصاصة واحدة .. ليس الظواهري الذي فجر قنابل في مقهى أو في محطة أتوبيس في شبرا ليقتل طفلة عائدة من مدرستها، وذبح بعض السياح الألمان العزل، ولا يكف عن الكلام عن الكفاح برغم أنه لم يطلق طلقة واحدة على إسرائيل .. وفي العراق يتلخص كفاح القاعدة في تفجير مزارات الشيعة وذبح الجنود العراقيين .. قد يقول قائل إن الأمريكان هم من يفعل هذا.. إذن لماذا لم تنكر القاعدة ذلك في بيان واضح يا أخي ؟

الطريف في الموضوع هو أن الظواهري قرر أن يدلي بدلوه في الموضوع .. لا يمكن أن يسمح بكل هذه الشعبية لنصر الله الذي يوشك على التحول إلى بطل العروبة .. لابد من بيان لا معنى له كالعادة، وعلى الأرجح سوف يفجر محطة مترو في دولة أوروبية تساند العرب وترفض الحرب .. وسوف يتظاهر بالتحالف مع الشيعة مؤقتًا برغم أنه يراهم ألعن من الصهاينة ..


- 3 -


تذكرني ملامح (كوندوليزا رايس) بكومبارس مصرية شهيرة جدًا تلعب دائمًَا دور فتوة المدبح أو كودية الزار في الأفلام، وهذا مع احترامي الشديد للكومبارس لأنها لم تستمتع بقتل المدنيين، ولم تصف تمزيق الأطفال بأنه (مخاض من أجل شرق أوسط جديد).. فقط أتساءل ماذا كانت كودية الزار (رايس) ستقول لو كان هؤلاء الأطفال الممزقون في الصور إسرائيليين .. مش كله مخاض يا وليه ؟ (سامحوني على هذه اللغة السوقية)..

(بولتون) مندوب أمريكا في مجلس الأمن بشاربه الأبيض المضحك يقول إن ما فعله حزب الله بإسرائيل لا يمكن مقارنته بما فعلته إسرائيل في لبنان .. لقد خطف حزب الله جنديين كاملي التسليح وأزعج الإسرائيليين وجلب لهم (الخضة).. هذه جريمة شنعاء كما ترى لا تتساوى مع تمزيق بعض الأطفال العرب الذين لا قيمة لحياتهم .. والأرقام على كل حال تدل على تقييمهم للأمر .. خمسون إسرائيليًا مقابل أربعمائة عربي .. الإسرائيلي الواحد يساوي ثمانية من العرب وكانوا يودون لو ساوى عشرة ..

رأيت (بوش) بعينيه الضيقتين الغبيتين يقضم قطعة خبز بالكافيار، وبفم مليء يقول لبلير: "سيكون علينا الاتصال بسوريا لإنهاء هذا الـ Shit" .. ونسى الأحمق أن الميكروفون مفتوح. دعك من بلير الذي يقف مصغيًا لكلمات سيده الحكيمة، وقد رسم على وجهه تعبيرًا هو خليط من الاهتمام والفروسية والإخلاص من أعماق قلبه . وهو تعبير يجيد تمثيله دائمًا ..

سبحان الله !... شاهت الوجوه فعلاً.. من النادر أن يجتمع قبح القلوب وقبح الوجوه بهذا الشكل .. كلامك عن (الديموكراسي) يا مستر بوش لم يعد يخدع طفلاً عربيًا ..

لقد انتهت اللعبة ولم تعد هناك أية أوهام .. زال القناع عن وجه الأمريكي القبيح، وقد حرقت الولايات المتحدة أية جذور مستقبلية لها في العالم العربي .. حرقت أية مصداقية .. وكما قال أحد الإسرائيليين في جريدة (ها آرتز): "لقد قضينا على آخر أمل لنا في الذوبان في المنطقة .. صرنا مجرد بلطجي شرس أحمق .. "

قوة الرد الإسرائيلي رفعت الكثير من اللوم عما قام به حسن نصر الله وأعطته شرعية لا بأس بها .. عندما يقذفك طفل بحجر فتقوم بحرقه بالكيروسين، عندها لن يلوم أحد الطفل على قذفه الحجر .. سوف ينهال اللوم عليك أنت .. وأعتقد أن التراجع النسبي في موقف مصر والسعودية والأردن سببه بشاعة ما يحدث في لبنان، حيث صار لوم الضحية مخاطرة غير محمودة العواقب ..


- 4 -

قلبي معك يا شيخ (حسن نصر الله).. أعيش ذلك الكابوس الذي صار متكررًا .. أن ينتهي كل شيء في ساعات وبلا سابق إنذار، وأن يذوب حزب الله ونرى الإسرائيليين يملئون الجنوب اللبناني، بينما يبحثون عنك ويرجحون أنك فررت إلى سوريا .. رأيت هذا المشهد في كابول وبغداد، فليس من حقنا نحن العرب أن نشعر بنشوة النصر أو نتشفى في أقوى جيش في المنطقة وهو مرتبك ممزق .. وكما قال (محمد حسنين هيكل) تتعمد الولايات المتحدة في تكتيكاتها أن تظهر بمظهر المتعثر الذي يلاقي مصاعب في البداية.. هذا يرفع توقعات الجماهير لدرجة عالية، من ثم تكون السقطة مضاعفة لهذه التوقعات، ويكون الإحباط هائلاً.. المطلوب أن يؤمن المواطن العربي أنه لا جدوى، وأنه لا سبيل لهزيمة هؤلاء .. واحد فقط احتفظ بتفاؤله واحتفظ بيقينه الهادئ .. هذا الواحد ليس مغرورًا واهمًا مثل صدام حسين، وليس بائع كلام مثل الظواهري ..

أدعو الله أن تكون مدركًا لما تفعله حقًا يا شيخ حسن، وان تكون على قدر الحكمة وبعد النظر الذي توحي به كلماتك وقسماتك .. لقد احتل حزب الله مكانًا عزيزًا في وجداننا ومن العسير أن يصير هذا المكان خاويًا لا سمح الله

 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 10:35 AM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

مالكولم إكس:
درس لا يُنسى من الستينات


"لو لم تكن متأهبًا للموت من أجلها، فلتحذف لفظة
(الحرية) من قاموسك"
"لو اضطررت للتوسل إلى رجل آخر من أجل حريتك فأنت لن
تنالها أبدًا .. الحرية شيء يجب أن تناله أنت بنفسك"


مؤخرًا عرضت قناة إم بي سي 2 الفيلم المثير للجدل
(مالكولم إكس) والذي أراه للمرة الأولى .. قرأت عن الرجل الكثير لكني أعترف أن الفيلم البديع الذي أخرجه (سبايك لي) قدم بانوراما وافية لحياته بضعفه وقوته وصراعاته، وبتلك اللغة
التي لا يستطيع أي فن أن يقدمها سوى السينما .. منذ اللحظات الأولى للفيلم ترى مشهد العلم الأمريكي
يحترق فلا يبقى منه إلا حرف X بينما ترى المشهد الدامي
الذي صار شهيرًا جدًا .. رجال الشرطة البيض يضربون
(رودني كنج) أمام كاميرا أحد الهواة .. هذا المشهد
حدث عام 1991 ومعناه أن المشكلة لم تنته بعد،
برغم أن مالكولم إكس مات قبله بربع قرن..
يتفق (سيايك لي) مع (مالكولم) في أشياء كثيرة
أهمها المقت المطلق للرجل الأبيض .. هناك نوع
من العنصرية المضادة لدى (سبايك لي) الذي يظهر
البيض في أفلامه وحوشًا آدمية أو مجانين، وهناك فيلم له
لا أذكر اسمه يطارد فيه المدير الأبيض مبرمج الكمبيوتر الزنجي
العبقري متوسلاً له ألا يستقيل، وهذا التوسل يصل
لدرجة الزحف على الركبتين .. والسبب
أن المدير فصل سكرتيرة العبقري الأسود دون أن يستأذنه ..!
في هذا الفيلم نرى نشأة مالكولم إكس التي لم تترك له
سبيلاً سوى مقت البيض .. نشأة في
ولايات الجنوب شديدة التعصب وسط الأعناق
الحمراء كارهة السود .. له ستة أعمام قتل
البيض خمسة منهم .. أبوه القس الذي يدعو
إلى عودة السود إلى أفريقيا يتلقى هجمة من عصابات
الكوكلوكس كلان تحرق بيته، ثم يلقى حتفه على قضيب الترام في ظرو ف غامضة قيل إنها انتحار (من المسلي أن نتخيل أن أبي
هشم رأس نفسه ثم نام على قضيب الترام لينتحر).. الأم نفسها
شبه بيضاء لأن رجلاً أبيض اغتصب أمها .. لهذا تكره
لونها ولهذا تزوجت رجلا شديد السواد ... هنا يحكي
مالكولم عن عقدة الانتصار الجنسي كما أبدع في وصفها
الطيب صالح في (موسم الهجرة للشمال).. كل زنجي
يتوق إلى أن يظفر بامرأة بيضاء ليقهر كبرياء الرجل الأبيض ..
الحكومة الأمريكية تنزع الأطفال الثمانية من أمهم لأنها
غير مؤهلة لتربيتهم، ثم الأم تجن وتموت في مصحة ..
هذه هي الخلفية الأسرية التي خرج منها مالكولم ..
بيت متماسك متدين لكن الحكومة الأمريكية لم تتركه كذلك ..
_"في المدرسة كانوا يعتبرونني قطًا أو كلبًا بلا مشاعر،
وكانوا ينادونني بلفظة Nigger (زنجي) مراراً حتى
حسبتها اسمي .." لفظة Nigger لها خلفيات سيئة جدًا
تعود لأيام العبودية، وهي تختلف كثيرًا عن لفظة Negro المهذبة ..
لا سبيل لدى الفتى الأسود – الذي حرمته المدرسة
من أن يكون محاميًا - إلا أن يسير في الطريق الذي سار
فيه كثيرون قبله: الجريمة .. المخدرات .. النساء البيض ...
والنصر الرخيص الذي يحققه هو أن ينام مع امرأة بيضاء
ويقهرها بفحولته ويهينها ويرغمها على تقبيل قدمه ..
وهو لا يكف عن التساؤل وهو يرمق الأوغاد السود والعاهرات
ألم يكن من الممكن أن يأتي من بين هؤلاء مكتشف علاج
السرطان ؟.. كم طبيبًا ومحاميًا ومهندسًا فقده المجتمع
بفقد هؤلاء ؟في السجن – بتهمة معاشرة امرأة بيضاء
والسرقة – يقابل أهم رجل في حياته .. الرجل الذي يحدثه عن الإسلام وعن (أليجيا محمد).. (أليجيا محمد) هو زعيم أمة
الإسلام التي تدعو لنشر الدين الإسلامي بين زنوج أمريكا،
وهي صيغة غريبة نوعًا من الإسلام، وحتى مظهر (أليجيا محمد)
غريب كما نراه في الصور بالكاسكيت على رأسه الذي رسمت
عليه الشمس والقمر والنجوم .. لكن هذه الصيغة تقنع الشاب
الذي ولد من جديد ..في السجن يتعلم الفتى أن يقرأ الكتب ..
ويكون أول ما يفعله هو استكشاف لفظة (أسود ) في القاموس .
. إنها ترتبط بمعنى شرير .. عفن .. منفر .. قاس .. قذر ..
الابتزاز هو Black mail .. يقرر اكتشاف لفظة أبيض فيجد
أنها عكس الأسود في كل شيء .. هذا القاموس كتبه
رجل أبيض كما هو واضح .. من قال إن المسيح أشقر
أزرق العينين ؟... المسيح عبراني .. لهذا يوجد احتمال
لا بأس به أن بشرته داكنة ..
يخرج الفتى المسلم من السجن وقد صار ألد أعداء البيض،
وعداوته تتخذ صورة الحرب مع دعوة انفصالية قوية ..
"نحن مائة مليون أسود انتزعوا من وطنهم وبيوتهم وبيئتهم
ودينهم وألقوا هنا في أمريكا الشمالية ضائعين ...
أنا لست جمهوريًا .. لست ديمقراطيًا .. لست بالأحرى أمريكيًا
... أنا أسود .."يخطب في السود يدعوهم إلى إنقاذ ما تبقى
من أرواحهم: "أنتم سود .. سود رائعو الجمال .. الرجل
الأبيض يحاول تخديركم بالنساء والخمور والمخدرات ..
كل زجاجة خمر إنما هي مختومة بخاتم حكومي
أمريكي .. إن عصابات الكوكلوكس كلان التي كانت تحرق
بيوتكم في الماضي ما زالت موجودة . فقط هم استبدلوا
بالملاءة ثياب الشرطة .. " وفي حوار تلفزيوني يقول: "هناك
نوعان من الزنوج .. زنجي المزرعة وزنجي البيت .. زنجي البيت
يلبس ويأكل جيدًا وتجده يحب سيده أكثر مما يحب السيد نفسه ..
هذا الزنجي يدافع عن سيده ويقول بصدق إنه لا توجد مشكلة .."
خطب (مالكولم) لا تميل إلى التسامح الديني مع الآخر
أو أنصاف الحلول، ولا تخلو أبدًا من تهكم على المسيحية
بدعوتها المفرطة للتسامح، خاصة مع رمز التسامح
الزنجي (مارتن لوثر كنج).. إنه لا يقبل المسلم الأبيض
ولا المسيحي الأسود .. ثم يبلغ ذروة تطرفه عندما يدعو
السود صراحة إلى تكوين دولتهم الخاصة .. أن يصير البيض
والسود دولتين متجاورتين ..
وفي مشهد مهيب يسيء رجال الشرطة معاملة أحد
السود .. هنا يتجه مالكولم إلى قسم الشرطة ليرى
الرجل .. يحاول رجال الشرطة البيض طرده باحتقار على
طريقة: اغرب عن هنا .. لكنه يطلب من الضابط أن
ينظر من النافذة.. يا للهول !... الشارع كله يحاصره
السود .. يرتعد رجال الشرطة وينقلون المتهم إلى
المستشفى لعلاجه من جراحه، فيمشي السود في
مسيرة شبه عسكرية نحو المستشفى ليطمئنوا على
أخيهم .. فقط هنا يحاول الضباط البيض فض التجمهر،
فيشير مالكولم بإصبعه لرجاله فيبتعدون في صف واحد
منظم .. وكما يقول الضابط لصديقه: "هذه سلطة
مذهلة بالنسبة لفرد واحد !"
نفوذ مالكولم يتزايد .. هذه هي الفترة التي أطلق
فيها على نفسه اسم (إكس).. إكس الحرف الذي
يرمز للمجهول .. هو لا يعرف اسمه الحقيقي ولا من
أين جاء من أفريقيا، لهذا يعطي نفسه رمز المجهول .. دعك
من أن حرف X يذكره بالوسم الذي كانوا يحرقونه في
جلد العبيد. ولسوف نلاحظ أن أكثر أتباع جماعة أمة
الإسلام يحملون حرف X بدلاً من الاسم الثاني ..
ترتبط حركة مالكولم بجماعة أمة الإسلام و(أليجيا محمد)
الذي يجوب مالكولم البلاد يبشر بتعليماته كأنه رسول،
ويساعد في هذا طلاقة لسان مالكولم وثقل نطق أليجيا
محمد .. إنه يلعب ذات دور هارون مع سيدنا موسى
أو هكسلي مع داروين أو هالي مع نيوتن .. وهنا
نلمح صيغة التقديس الزائد التي يتعامل بها معه، فأليجيا
هو الحكمة المطلقة .. وهو الذي يعرف كل شيء، وهو
لا ينطق عن الهوى .. تلك هي المشكلة ، فكل
إنسان قابل للمناقشة والنقد ..
لكن مالكولم سوف يدفع غاليًا ثمن هذا الحماس
وهذا التفويض المطلق .. وسط دوامة التقديس
ونشوة الثورة هذه يكتشف أن أعضاء أمة الإسلام
كدسوا الثروات، ويكتشف ان أليجيا محمد أنجب طفلين
غير شرعيين من سكرتيرتين لمكتبه، ويكتشف أن
اليجيا يكرهه بسبب بريقه المتزايد وسط السود ..
تأتي الرحلة التي قام بها مالكولم إلى السعودية للحج
والتي كانت منحنى مهمًا في حياته .. في هذه الرحلة
التي أذابته روحيًا اكتشف انه جزء من كيان ضخم عملاق،
وأن هناك مسلمين أكثر بياضًا من الثلج، وأنه لا يستطيع
أن يرفض الآخرين لمجرد أنهم ليسوا سودًا .. "لقد كنا
نتحرك في ثورتنا مخدرين كأننا الزومبي، لكني بدأت أفيق
وأفهم".. لقد أفاق من عالم (أمة الإسلام) ليدخل الإسلام
الحقيقي .. من الطريف أنه تعرض لمشاكل جمة في المطار
لولا أنه اتصل بابن عبد الرحمن عزام، وسرعان ما جاءه
الأمير فيصل في الفندق ليبلغه بأنه ضيف على المملكة ..
في هذه الرحلة إلى الشرق وأفريقيا يمر مالكولم بمصر ..
لا ينسى الفيلم أن يرينا لمحة من زحام الناس حوله وفضولهم،
وبائع الطماطم الذي يعرض عليه شراء ثمرة الطماطم بعشرين
جنيهًا – في الستينات – وهي عادة خداع السائح التي
لم يتخل عنها المصري قط !
لقد تغير مالكولم فعلاً.. لم يعد يرى الإسلام بالمفهوم العنصري
الضيق لرجل أسود يريد الانتقام، بل هو يراه بمنظور واسع
يشمل كل البشر.. وكما قال: "عندما كنت في مكة استطعت
لأول مرة في حياتي أن أطلق على رجل أبيض أشقر
الشعر لفظة (أخي)".. وحينما عاد كان اسمه الجديد
هو (الحاج مالك)..
هنا تأتي لحظة الصدام مع جماعة أمة الإسلام
.. (مالكولم) القوة الضاربة للجماعة صار عدوًا لها .. وأي عدو !!!
يتلقى عدة تهديدات بالقتل من ذلك التحالف غير
المقدس بين البيض والمستفيدين من جماعة أمة
الإسلام .. هناك صورة شهيرة جدًا له في تلك
الفترة وهو يحمل بندقية آلية ويسترق النظر من
خصاص النافذة .. وفي هذه الفترة اعترف أحد خلصائه
بأن جماعة أمة الإسلام كلفته بزرع قنبلة في سيارة مالكولم ..
يتحرك مالكولم نحو نهايته التي يعرفها ويتوقعها
ويوشك أن يعرف موعدها (21 فبراير 1965) ... نفس السيناريو
الذي عرفناه مع حسن البنا عندما عرف أن الحكم بإعدامه
قد صدر من القصر.. وفي خطبة عامة له في نيويورك
يحدث أحد الأشخاص جلبة تستجلب انتباه الحراس،
وفي اللحظة التالية يهجم عليه من يفرغون في
جسده عشرات الطلقات ويفرون .. هناك من تم
اعتقالهم لكن الفوضى التي صاحبت الحدث ظلت قائمة
حتى اليوم، وما زال الكثيرون يتساءلون: من قتل
مالكولم إكس حقًا ...؟
القصة تثير العديد من علامات الاستفهام، وفيها مباحث
كثيرة تذكرنا بحالنا .. ما النتيجة المحتومة للتعصب
ومعاملة مجموعة من المواطنين على أنها من الدرجة الثانية ؟
.. ما خطر الانقياد الأعمى وتقديس بشر ليس نبيًا أو رسولاً ؟
.. ما خطر غياب المحاسبة عمن يفترض أنهم ضمير المجتمع ؟
.. لماذا يقتلوننا في اللحظة التي نفقد فيها تعصبنا ؟.. ثم –
الأهم – برغم تعصب المجتمع الأمريكي فإننا ننحني احترامًا
لتفتحه، وسماحه لرجل يدعو إلى تدمير أمريكا والحرب على
البيض والانفصال بأن يظل حيًا حتى التاسعة والثلاثين !.
ولو تركوه لأمن الدولة عندنا لانتهت المشكلة بعد أول خطبة له !
أسئلة لا حصر لها .. وفيلم لا يمكن نسيانه .. وشخصية
ما زالت حية ساخنة إلى اليوم .. لقد تغير الكثير لكن
(مالكولم إكس) ما زال حيًا .. مشاهد ضرب رجال
الشرطة لـرودني كنج تقول إنه ما زال حيًا ..!




 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 10:36 AM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الكابوس الأمريكي



كلما رأيت تداعي الأحوال في مصر، وذلك الشرخ الذي يتسع ويتسع في الجدار منذرًا بالويل، فكرت في أنانيتي الخاصة عندما لم أفكر في الهجرة للولايات المتحدة من أجل أولادي .. لقد عانى (كونتا كينتي) جد (أليكس هيلي) الكثير عندما تم اختطافه من سواحل غانا وحُمل في قاع سفينة إلى العالم الجديد، لكننا – لو فكرنا تفكيرًا جانبيًا – لوجدنا أنه كان يكافح كي ينعم أحفاده اليوم باستعمال الألفاظ البذيئة وشرب الكولا ورقص الراب في بروكلين .. يكفي أن أحد أحفاده صار هو الكاتب العظيم (أليكس هيلي) ..

لي صديق فعلها في هذه السن المتأخرة نسبيًا .. السن التي لا تسمح لك بأن تغسل الصحون أو تقف في محطة وقود، بينما تقضي الليل منكبًا على دراسة الطب .. لكني في النهاية أجد أنني بالفعل لا أحب نمط الحياة الأمريكي ولا أطيقه .. حياة رُسمت سلفًا بكل مراحلها وسوف تتحرك فيها كأنك قطار يتحرك على خط حديدي .. صحيح أنك في مصر قطار آخر يتحرك بجرار تالف على خط حديدي متآكل، لكن الحياة هنا في مصر ذات طعم ولون ورائحة ..الكثير منها في الواقع ..



لو أنني ولدت في نيويورك وكنت ذكرًا بروتسنتيًا أبيض WASP فإن حياتي مرسومة عبر محطات معروفة صرت أحفظها من قراءة المجلات الأمريكية ومشاهدة أفلامهم ..



عالم المراهقة: هذا هو عالم المدرسة الثانوية وقلة الأدب والتطاول على المعلمين لأن التعليم ممل Boring.. مشكلتي هي البلطجي (هانك) الذي يتربص بي لأنني نحيل وبنظارة وهناك نمش على وجهي، وهو يتعمد إهانتي وسكب اللبن على رأسي ساعة الطعام، ولا احد يتعاطف معي في مجتمع لا يرحم المهزومين سواء كانوا هنودًا حمرًا أو عربًا أو زملاءك في الصف . ثم يأتي موعد الحفل الراقص السنوي وانتخاب الـ Broom queen أو ملكة الحفل .. كيف أقنع فتاة بأن تصحبني للحفل ؟.. كيف يرضى أبي بالتخلي عن السيارة ؟.. في حفل كهذا سوف تفقد حسناء الصف (كارول آن) عذريتها، وهي ليست مشكلة لأن أباها كان سيصحبها للطبيب النفسي لو تأخر الأمر أكثر من هذا ، ولربما ظهرت في إحدى حلقات (أوبرا) لمناقشة مشكلتها ...

البيزبول لعبة مملة يستحيل فهمها .. ملعب يشبه الماسة وشخص يضرب الكرة بمضرب يستعملونه لقتل الزوجات كذلك، وهناك ثور يلبس درعًا على صدره يتلقفها بقفاز .. ثم يصرخ الكل : "اركضوا يا فتيان !" ونحرز نقطًا لا ادري على أي شيء، لكن البيزبول هو الطريقة الوحيدة لقبولك في مجتمع كهذا، وكي تحبك الكتاكيت Chicks .. هناك كرة القدم الأمريكية العجيبة التي تلبس فيها الدروع وتضرب عددًا من الثيران، ولا تلمس قدمك الكرة مرة واحدة .. بينما المدرب (رالف) يصرخ في وحشية: سوف نسحقهم يا شباب !

كلها ألعاب معقدة تختلف عما يلعبه العالم كله، وكلها تحتاج إلى إمكانيات وثراء .

الكلية: تقريبًا نفس روتين المدرسة الثانوية.. أضف لهذا الحفلات الصاخبة التي يشرب فيها الجميع البيرة Booze وتتعرى الفتيات تمامًا .. هذه هي الفترة التي سأجرب فيها المخدرات لأول مرة .. سأكون محظوظًا لو شاركت في احتفالات (ماردي جرا) التي تذكرك بأعياد (باخوس) الرومانية الماجنة..

بعد التخرج: أنا أعمل في شركة تنفيذية ما تمارس المنافسة قاطعة الرقاب مع شركات أخرى .. القميص قصير الكمين وربطة العنق والعروض على جهاز الكمبيوتر .. مغازلة زميلة العمل عند براد الماء .. العمل من التاسعة للخامسة والخوف المزمن من الطرد والجوع .. لو طردت سأقوم بتعبئة لوازمي في علبة كبيرة من الورق المقوى وأخرج من الباب يرافقني رجل الأمن ...ولسوف أصير سكيرًا...

الأسرة: حفل الزفاف والسيارة التي ربطوا بها علب طعام محفوظة فارغة تحدث قعقعة .. مشكلة زوجتي هي تقليل السعرات في الطعام بسبب الشحوم حول الخصر .. يجب أن أقلل من ولعي بشطائر الهامبرجر والجبن .. ابنتي (سو ألين) صارت الآن مراهقة وقحة تصر على أن ترافق الفتية للمرقص وتقول لي: "داد .. أنت ابن عاهرة وسافل و[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف] .. أنا أكرهك".. تقولها وهي تهز شعرها الطويل ليغطي نصف وجهها ثم تندفع خارجة من الغرفة كنمر هائج …

فأبتلع الإهانة .. لو صفعتها لشكتني للشرطة وقُبض علي .. لابد من الصبر حتى أحل مشكلة تعاطيها المخدرات ومشكلة الحمل في سن الخامسة عشرة .. أذهب أنا وزوجتي لحفلات الكوكتيل حيث أقف أمام الناس لأحكي لهم عن (أظرف شيء حدث لي في طريقي لهذا الحفل).. و (أفضل مطعم يمكن أن تتناول فيه شطائر التونة بالبطاطا المقلية).. ثم نعود للبيت لتطالبني زوجتي بالطلاق بلا سبب وتبدأ في حساب ما يناله كل منا من ممتلكاتي ..

ربما تنجب زوجتي – لو لم تطلقني - طفلاً مشوهًا له أربعة أنوف وثلاث آذان وذيل .. هنا أقرأ في الصحف عن معهد في أوهايو متخصص في الأطفال الذين لهم أربعة أنوف وثلاث آذان وذيل .. أذهب هناك لأقابل د. (سميث باركر) خبير الأطفال ذوي الأربعة أنوف والثلاث آذان والذيل الذي يقول لي: "أهم شيء أن نجعل طفلك لا يشعر بالاختلاف عن الآخرين"

هكذا يصير طفلي رسامًا وأستاذًا جامعيًا وبطلاً في كرة القدم ، ويظهر في حلقة من حلقات (أوبرا) حيث يبكي الجميع مع كثير من (الواو والأوه وماي جاش) ...

السياسة: سواء كنت ديمقراطيًا أو جمهوريًا فأنا مؤمن أن الفلسطينيين إرهابيون يحاولون أن يأخذوا من اليهود الطيبين أرضهم .. أؤمن بالقيم الأمريكية وطريقة حياتنا .. أؤمن بالديموكراسي وماي فيلو أمريكانز .. أدعو لهم بالنصر في العراق الذي لا أعرف أين هو ولا مشكلته بالضبط .. ولا يعنيني شيء من هذا .. أحترم بشدة – أو أتظاهر باحترام - اليهود والزنوج والشواذ جنسيًا حتى لو كنت أنتمي للحزب الجمهوري ..كنت أمقت الشيوعية واليوم أمقت الإسلام .. هؤلاء القوم الذين يعبدون القمر ويذبحون الأطفال قرابين من أجل إلههم الذي يسمونه (الله) .. ويرقصون عراة في موسم الحصاد ..

الحادث: ثم أسقط من على الجبل وأنا أمارس التزلج فيتهشم ظهري وأصاب بالشلل، لكني أصر على المقاومة .. وأروح أضرب كرة البيزبول في الحائط طيلة اليوم على سبيل التدريب .. هكذا أستعيد صحتي، وأكتب قصتي في كتاب اسمه (كيف قهرت الشلل) وهو الكتاب الذي يشتريه التلفزيون فورًا، من ثم أتمكن من شراء ذلك البيت الجميل الذي كنت احلم بشرائه في (بالتيمور)..

النهاية: هذه هي سن سرطان القولون.. مشكلة التقدم في الرعاية الصحية هي أنك لا تموت بالتيفود ولا نوبة قلبية في سن الخمسين كما كان يحدث، بل تنتظر حتى سن الثمانين حين تقرر خلاياك أن تصاب بالجنون.. سأموت في المستشفى ويحرقون جثتي .. ثم يقف أولادي متظاهرين بالتأثر فوق قبري ويطوق أحدهم كتف أمه مواسيًا ويقول آخر: "وداعًا داد .. كنت عظيمًا ... "

أموت مطمئنًا لأن أولادي باقون من بعدي وسيمشون في نفس الدرب، ويحافظون على القيم الأمريكية .. قيم (علم النجوم اللامعة)...

هذه هي حياتي لو نشأت في أمريكا أو هاجرت إليها .. وإنني لأسألك بكل صدق : متى عشت ؟.. متى اختلفت ؟... هل هذه هي الحياة التي من أجلها أغسل الأطباق، ,و أدرس الطب ليلاً، وأبحث عن فتاة أمريكية (مضروبة) تقبل الزواج مني وتمنحني الجنسية ؟.. بصراحة عندما أقارن بين حياة (ماي فلو أمريكانز) هذه وحياتنا الحالية بما فيها من فوضى وعشوائية وفقر ومرض و(شعبان عبد الرحيم) فإن شعبان يكسب بالتأكيد ..!





 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 10:38 AM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

المطففون



كنت أموت من الظمأ في ذلك اليوم الحار، ولما كنت بطبعي غير مولع بالمياه الغازية، فقد اتجهت إلى محل لعصير القصب .. حبي الأول الذي أشعر بدهشة لكونه لم يغز العالم بعد، هناك صب لي البائع كوبًا كبيرًا حملته متلمظًا إلى شفتي، لأجد أنه عديم الرائحة والطعم.. فقط له لون كريه يذكرك بحساء القلقاس ...
أصابتني الحيرة .. كم يبلغ هامش الربح في كوب من عصير القصب ؟.. بالتأكيد هو لا يقل عن 80% .. وبالتالي حصل البائع على أربعين من الخمسين قرشًا التي هي ثمن الكوب، فماذا يريد ؟.. ولماذا يجب أن يغش العصير بخلطه بالماء البارد ؟.. لماذا لا يقدم لي سلعة جيدة ويكتفي بأربعين قرشًا بدلاً من ثمانية وأربعين ؟
قلت للرجل غاضبًا إنني لن أتعامل معه مرة أخرى، فهز رأسه في مزيج من الاعتذار الساخر واللامبالاة .. ماذا يخسره لو فقد زبونًا وماذا يكسبه إذا احتفظ به ؟
المهم بالنسبة له أنه أخذ مني هذه المرة وانتهى الأمر، ومحدش حينام جعان .. غدًا يأتي سواي .. هكذا تحول الإيمان بالرزق إلى مبرر للخداع بلا توقف ...
الحقيقة أن فلسفة هذا الموقف تنطبق على كل شيء في حياتنا بدءًا بكوب عصير قصب وانتهاء بسيارة فاخرة أو فيلا في الساحل الشمالي ..
***
برغم إنني طبيب، فأنا لا أضع علامة الهلال على زجاج سيارتي لأسباب واضحة .. إن هذا الهلال هو علامة استحلال دمي ومالي لدى أي ميك[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]ي أو تاجر أتعامل معه .. ولكم سألني هذا الصنايعي أو ذاك عن مهنتي فأقول (مدرس) أو (مندوب مبيعات) بلهجة عابرة ...

هذا الهلال يوشك أن يكون إعلانًا يقول لهؤلاء: (أنا أحمق .. فاخدعوني).. عندما يتعاملون مع طبيب فهم يتكلفون ذلك الاحترام الممزوج بالسخرية، ويقولون: يا دوك ألف مرة في الساعة .. وهم لا يكفون عن سرقتك .. المهمة التي يدفع سائق التاكسي ثلاثة جنيهات ثمنًا لها يطالبونك أنت بثلاثين من أجلها .. شعارهم هو : هذا رجل ثري .. رزق حلال أرسله الله لنا .. لقد خُلق ليُخدع .. فإن لم نخدعه فمن نخدع إذن ؟

أنا لا أملك عيادة، وبالتالي لا أعتقد أنني أخدع المرضى بأي شكل، ومعظم من أعرفهم من أطباء لا يفعلون ذلك، لكن كل واحد من الحرفيين أو التجار لديه ذخيرة كاملة من القصص عن أطباء نصابين ، وعن (الحاجة) التي كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة وبرغم هذا أصر الطبيب على أن يدفعوا نصف مليون من الجنيهات مقدمًا قبل أن يفحصها .. أعرف أن هذه القصص تحدث فنحن لسنا في يوتوبيا ، لكن هذا ليس مبررًا للتعميم، وليس مبررًا للانتقام مني أنا بالذات أو من أول طبيب يطلب عونهم
في تصرف هؤلاء غباء لا شك فيه، لأنك لن تطرق بابهم ثانية.. لكنهم ليسوا من أساتذة علم التسويق، ولا يعنيهم في شيء أن تعود أو تذهب للجحيم .. لقد حصلوا على قطعة منك وفروا بها، وفيما عدا هذا هم مؤمنون بالرزق وبأن هناك مغفلاً آخر سوف يأتي غدًا ..
***
والغريب أنهم غير مخطئين تمامًا ..

رأيت أكثر من صديق ابتاع أشياء باهظة الثمن لا يحتاج لها عن طريق التسوق بالتلفزيون .. جهاز تخسيس وصابونة تذيب الشحوم وسبراي يزيل أي خدوش من سيارتك .. كنا نعيش قبل صابون إذابة الشحوم، ومن المؤكد أننا سنعيش بعده، لكن الإعلان يقنع الناس إن حياتهم مستحيلة وإنهم يعيشون كالكلاب من دون هذا الصابون ..

جرب صاحبي عبوة كاملة باهظة الثمن من السبراي الذي يعلنون عنه كي يزيل خدشًا عن سيارته، بلا أية نتيجة .. اتصل بالشركة فقالوا له إنه بحاجة لعبوة ثانية لأن سيارته (ميتالك).. ابتاع العبوة الثانية ولم يحدث شيء .. هنا فقط أدرك أنهم نصابون، لكنهم بالتأكيد جمعوا قدرًا لا بأس به من المال، ولن يضيرهم في شيء أن يعرف كل الناس أنهم نصابون .. إنهم الآن يبحثون عن طريقة النصب الجديدة ..

تسأل بائع الفاكهة عن الأسعار فيذكر لك في ثبات أرقامًا تعرف أنها ضعف سعر السوق .. هذا الرجل يرى من الحلال له أن يكسب الضعف بلا حق وأن أخسر أنا الضعف، لمجرد أنه مولع بنفسه ولمجرد أنه هو .. بينما يمكنه أن يشق بطني لو حاولت العكس .. الفارق بين الشطارة في التجارة والسرقة واضح أو يجب أن يكون واضحًا .. تحاول أن تفاصل فيرفض في غلظة وقلة ذوق وتعال .. كأنه يقول لك: ابتعد عني ولا تصدع رأسي .. فلتذهب إلى حيث ألقت ..

تلاحظ أنه لا يبيع تقريبًا منذ الصباح، وإنه من الخير له لو تنازل قليلاً عن جشعه كي يعود ببعض المال لأطفاله، لكنه يفضل أن يموت جوعا على أن يكون سمحًا ..

لا ينكر أحد أن هناك الكثير من التضخم والخلل الاقتصادي في مصر، لكن الجشع يلعب دورًا لا بأس به كذلك .. لا أعني أن الغلاء ظاهرة نفسية، لكن لا تنكر أن بعض السلع غالية لأن الكل يقول إنها غالية .. بعض الأسعار مرتفعة لأن الباعة يقولون إنها مرتفعة ..

هناك كاريكاتور رائع للفنان مصطفى حسين وأحمد رجب يظهر بائع ليمون يعرض بضاعته في علبة فيديو قديمة .... بائع من نمط الأوغاد الذين يجيد الفنان رسمهم ببراعة يرفع حاجب (الاشمئناط) الأيسر ويكلم الزبون قائلاً: "أيوه اللمونة بجنيه .. ما تشوف سعر الفيديو كام ؟"

وقد أقبل الغلاء مضطرًا، لكني – كما في حالة كوب عصير القصب تلك – لا أقبل الغش .. ما دمت قد دفعت ثمن الخدمة فلابد أن أحصل على مقابل لها .. دفعت ثمن اللحم كاملاً فما معنى أن أنال بضعة كيلوجرامات من الدهن والشغت ؟.. المشكلة أن هذه صارت القاعدة في مصر .. أنت لا تنال مقابل مالك أبدًا .. أنبوب معجون الأسنان أو الحلاقة ينتهي بعد ضغطتين لأنه يحوي فقاعة هواء عملاقة، وكأن صانعيه يحسبون أنهم يعبئون اسطوانات أكسجين .. كل طبيب يعرف معجزات الدواء المغشوش وكيف يشرب المريض زجاجة دواء سعال كاملة فلا يهدأ السعال لحظة، وكيف يبتلع علبة أقراص كاملة فلا تنخفض حرارته درجة، بينما نفس الدواء المستورد يصنع الأعاجيب .. كل طبيب يعرف (المقويات) ومضادات التأكسد التي تلتهم ميزانية المريض لأن ذرات جسده تزيد الكترونًا .. حتى أثناء كتابة هذا المقال اكتشفت أن حبارة الطابعة المعبأة في مصر قد فرغت .. أنا متأكد من أنني لم أطبع سوى خمسين صفحة وإن كنت عاجزًا عن إثبات ذلك .. إذن الصفحة الواحدة كلفتني جنيهين ... سأنهض لأغسل يدي بصابونة ينكمش حجمها في كل مرة أبتاعها فيها .. أشرب كوب شاي أضافوا له البيكربونات ليبدو غامقًا، ثم أبتلع قرصين من علاج الضغط الذي لا نفع منه، والذي يشبهه الأطباء بقطع الجبس ..

فإذا صار الغش التجاري والمغالاة دينًا فأنا أطالب هؤلاء بأن يكونوا من أتباعه

المخلصين .. لكنهم (إذا اكتالوا على الناس يستوفون).. دع واحدًَا من هؤلاء يتقاض

ثمن دوائه التالف أو لحمته المشغتة أو عصيره المخلوط بالماء بنقود مزورة ولسوف

يملأ الدنيا صراخًا عن الشرف وكيف انعدم الضمير، و(إنما الأمم الأخلاق ما بقيت)..

يقولها وهو يجرك من قفاك إلى أقرب قسم ..


ما الذي يفعله المزور الذي يطبع النقود على طابعة ليزر ملونة، ويختلف أخلاقيًا عما يفعله هؤلاء ؟.. كلاهما يريد كل شيء مقابل لا شيء .. الحقيقة أنني كلما فكرت في الموضوع ازددت دهشة .. لماذا لا نرحم أنفسنا ؟... وإذا كنا لا ننوي أن نتصرف بتحضر فلماذا لا تتدخل الدولة بحزم ؟ .. لماذا لا تمنع هذا الشلال المتدفق من الغش التجاري والاستغلال الذي لا يتوقف ؟





سؤال آخر: هل تعرف وحياة والدك الطريق لشراء طابعة ليزر ألوان مستعملة بسعر معقول ؟!!!!!

 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:06 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية