لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-07-07, 09:52 AM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

فما أنت يا مصر دار المضارب



عندما حدث انهيار البورصة في مصر وعدد من الدول العربية، رأينا ذلك المصري المسكين الذي يظهر دائمًا في النشرات .. يصرخ وقد مزق أزرار قميصه ليقف عاري الجذع ، وهو أداء مصري كلاسيكي للتعبير عن الجزع والإفلاس وإنه لا يبالي بشيء بعد الآن .. وذلك الذي سقط على الأرض والناس يرشون الماء على وجهه .. نفس الرجل – بعينه – رأيته يصرخ أمام شركة توظيف الأموال المغلقة، ورأيته يصرخ أمام مسرح بني سويف، ورأيته يصرخ بعد زلزال أكتوبر المشئوم، ورأيته يصرخ وهو ينتظر جثة قريبه الغارق مع العبارة أو المحترق في قطار الصعيد .. إنه المصري الأبدي الذي خدعوه وباعوا دمه وكليته وأطعموه الفراخ الفاسدة والزيتون بالورنيش .. المصري الذي جعلوه يعبد آمون ثم استبدلوا به آتون ثم أعادوا آمون ثم أقنعوه أن بونابرت مسلم صادق الإيمان ..

لكني – في هذه المرة بالذات – لم أكن قادرًا على التعاطف معه، بينما بكيت معه في مواقف أخرى. أنت دخلت سوقًا خطرة غير مستقرة يا صاحبي، وقد أغرتك المكاسب الفاحشة التي جناها الناس في أول فبراير بلا أدنى جهد ..سمعت قصة السيدة التي ربحت مليونًا في يومين.. لقد قامرت وعليك أن تتحمل نتائج المقامرة، فلا تحاول إقناعي أنك من ضحايا العبارة أو قطار الصعيد من فضلك ..

ربما تلاعبت بك الحكومة من أجل بعض الحيتان الكبار .. وما الجديد في هذا ؟.. هل هناك استقرار حقيقي في مصر يسمح بالمخاطرة ؟

يقول (مصطفى صادق الرافعي ) في لحظة (قرف) مرت به في نهاية العمر:

فما أنت يا مصر دار الأديب .. وما أنت بالبلد الطيب

يمكن استخدام هذا البيت في حالتك مع استبدال كلمة (المضارب) أو (المستثمر) بـ (الأديب)، برغم أن هذا يكسر الوزن ..

أمريكا – معقل الرأسمالية - شهدت كسادًا عظيمًا في أواخر العشرينات وهي قصة يعرفها كل من درس الاقتصاد، ولكن لا بأس من أن نتذكرها .. بدأ كل شيء في تلك الجمعة السوداء في أكتوبر عام 1929 .. هبوط مروع في الأسهم أحدث دوامات في العالم كله، ووجد بعض الأثرياء أنهم صاروا متسولين يطلبون اللقمة لأولادهم، وقد هبط مؤشر (داو جونز) في الفترة بين 1929 و1932 من 381 إلى 41 .. كان هذا الانهيار بعد فترة ازدهار غير مسبوقة في السوق، وهو نموذج للذعر العام عندما يحل بالمستثمرين مرة واحدة، بحيث يحتاج الأمر إلى علماء نفسيين أكثر منه خبراء اقتصاد ..

إنه عصر الجاز – النغمة وليس جاز الوابور – حيث راح الكل يجرب هذه اللعبة الجديدة المسلية: البورصة، فقد انتهت الحرب العالمية الأولى وغزت الكهرباء كل شيء واعدة بأنماط استهلاكية جديدة .. كانت هناك عادة شراء السهم (على الهامش) أي أنك تذهب للسمسار ولا تدفع ثمن السهم من جيبك، بل تدفع 10% وتقسط الباقي على عدة أشهر .. يرتفع ثمن السهم وبالتالي تسدد ثمنه وتربح. خافت الحكومة الفيدرالية من أن تتدخل في العملية حتى لا تحدث ذعرًا عامًا .ومارست سياسة عصر هوفر الشهيرة: (دعه يعمل .. دعه يمر).. أي بالعربي: سيبهم في حالهم ..

لكن خلف الأبواب المغلقة في مؤسسات الاقتصاد كان هناك الكثير من القلق .. كان السماسرة يقترضون كل هذا المال من المصارف ... أضف لهذا تشبع السوق بالكماليات كالثلاجة والسيارة بحيث لم يعد المستهلك بحاجة للمزيد وهذا أدى لبطء الاقتصاد .. بالتالي وقع الانهيار المروع..

يقول خبراء الاقتصاد إن هذا الهبوط دوري، لكن الولايات المتحدة استطاعت تأجيله في القرن العشرين بفضل الحاسبات الآلية ولأنها تعلمت من دروس الماضي.. فإذا كان هذا حال أمريكا فماذا عنا نحن حيث لا يوجد أي نوع من التخطيط من أي نوع ...؟.. كنت أعتقد أن الاقتصاد من أعقد العلوم وأكثرها استغلاقًا على الفهم، ثم وجدت أن المسئولين عن الاقتصاد في بلادنا يرون الرأي ذاته.. هذا الشاب المتأنق الذي يلبس القميص قصير الكمين وربطة العنق ويضع (البلو توث) في أذنه ويعلق (البيجر) في حزامه، يمتاز بشيء مهم: إنه لا يفقه شيئًا على الإطلاق في الاقتصاد ... لهذا هو يعمل في البورصة ويحقق كل هذه المكاسب ..

في فيلم (وول ستريت) الذي أخرجه (أوليفر ستون) نرى سمسار الأسهم (تشارلي شين) الطموح الذي وقع فريسة الرغبة في الكسب السريع.. يقترب من القمة جدًا ...ثم ينهار كل شيء .. يعود لأبيه الذي يعمل ميك[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]يًا في مصنع، فيلومه الأب قائلاً: "أنت لا تخلق شيئًا .. لا تزرع أشجارًا ولا تصلح آلة ولا تبني بناية ولا تعالج مريضًا .. كل ما تفعله هو بيع كلمات ووعود وأوهام .. حاول أن تجد لك مهنة حقيقية تنفع الناس .."

هذا هو كل شيء .. البورصة سوق بضاعتها الوحيدة الجشع .. من يدخلها يعرف ذلك وعلى من يغادرها أن يعرف ذلك ..

في هوجة قصة توظيف الأموال التي شغلت التسعينات، بح صوت خبراء الاقتصاد وهم يقنعون الناس إن هذه الشركات نصابة، وإنه لا سبيل لمنح هذه الفوائد العالية إلا بالسحب من رصيد المودع نفسه .. لكن الناس لم تصدق .. أقنعت نفسها أنها تهرب من ربا البنوك إلى حيث البركة واقتصاد (سيب فلوسك مع الحاج وماتسألش ).. وما زالوا مقتنعين حتى اليوم إن التجربة كانت ناجحة إلى حد أن الحكومة قررت تدميرها .. بعد فترة يتبين أن تلك الشركات كانت تضارب بالذهب .. يتضح أن أحد أصحابها كان يتعاطى المخدرات .. يعترف (أشرف السعد) في قناة الجزيرة قائلاً (أنا جزء من منظومة الفساد) كأنه بهذا نال صك الغفران وصار ضحية، وبرغم هذا يصر الناس على أن التجربة كانت ناجحة جدًا وأن الحكومة أفشلتها .. والقصة بعد كل هذا لا علاقة لها بالربا ولا أي شيء سوى الجشع .. الكثير منه .. خذ نقودك من حيث تعطي فائدة منخفضة إلى حيث تعطي فائدة أكبر، لكن الحاج يطيل لحيته ويلبس الجلباب فلابد أنه رجل مبروك ولابد أن تجارته حلال ..

والأمر في النهاية لا يزيد على ذلك الذي يعطي تحويشة العمر لساحر أفريقي يزعم أنه قادر على مضاعفتها .. هنا يذوب العقل ويتبخر المنطق فلا يبقى إلا حلم الثراء السهل .. ليس لهذا الرجل أن يملأ الدنيا صراخًا عندما يفر الساحر إلى (غانا) حاملاً تحويشة العمر ..

ثم تعال هنا .. لو كان الأمر موضوع مال حلال وبعد عن الربا، فلنسمع ما يقوله العلماء عن جزء من الموضوع هو المضاربة على العملات ..

في فتوى للشيخ د. محمد العصيمي يقول: " المتاجرة في العملات حرام عندي للأسباب الآتية : 1- نهى السلف عن جعل النقود مجالاً للمضاربة (منهم ابن تيمية، وابن القيم، والغزالي والمقريزي وغيرهم(. 2- العملات التي يوفرها الوسيط هي عملات مبيعة على المكشوف. فليس لدى السمسار شيء منها، أو عنده بعضها وليس عنده كل المبلغ. 3- لا يتم التقابض في بيع النقود الآن، بل البيوع تتم عبر آلية مخالفة للشرع، وهي تسليم الثمن والمثمن بعد يومي عمل، وما يحصل من تغيير في حسابات العميل ليس القبض الشرعي، بل هو تقييد في الحساب، وتحصل المقاصة في نهاية دوام اليوم، ويحصل التسليم الفعلي بعد يومي عمل. 4- كثير من الوسطاء العاملين في البورصة يقدمون خدمة الرافعة المالية، وهي قرض من السمسار للعميل وعليه فأي رسم يأخذه السمسار على القرض فهو ربا، وأي رسم يأخذه السمسار على عمليات العميل فهو من المنفعة في القرض، وهما محرمان. 5- دلت التجارب على أن المتاجرة في العملات ضارة بالاقتصاد. 6- ودلت التجارب على أن صغار المتاجرين في العملات هو أكثر الناس عرضة للخسارة، وعليه فمن كان مستعداً للخسارة الكبيرة، وهم غالباً كبار المتعاملين، مثل: الصناديق الاستثمارية الكبيرة جداً وغيرهم، فهذا يدخل السوق ويتحمل الخسارة إلى أمد معين، ثم يربح في النهاية، أما الصغار فهم حطب نار الخسائر التي تمر على العملات. ختاماً: هل نحن بحاجة فعلاً إلى الدخول في هذه المخاطرة، وإحراق أموال المسلمين لصالح هؤلاء السماسرة الغربيين الكبار؟"

هذا ما قاله (العصيمي)، أما ما يقوله الشيخ (القرضاوي) عن البورصة فهو: "

لا أستطيع أن أقول كلمة البورصة هكذا لوحدها فمن الواجب تفصيل أعمالها وأنشطتها، فإذا كان هناك أنشطة تتعلق ببيع العملات فبيع العملات تحكمه قواعد معينة وهو أنه إذا اختلف الجنسان فبيعوا واشتروا كيف شئتم إذا كان يداً بيد، فلابد من الفورية كعملية شراء دولارات بريالات أو بالجنيهات الإسترلينية أو بالين الياباني أو بالمارك الألماني أو أي شيء فلا مانع أن تشتري ولكن بشرط ألا يدخل الأجل في القضية، دخول الأجل معناه التحريم.. إذا دخل الأجل في هذه القضايا أصبح معناه أن الربا دخل في الموضوع"

هذان الرأيان منشوران وواضحان وهما لا يحرمان البورصة لكنهما يقولان بوضوح إن الأمر حساس يحتاج إلى حذر وترو شديدين، لكن رواد منتديات الإنترنت لا يعلقون بحرف وإنما يردد كل منهم إنه يشعر بارتباك، و(والله حيرتونا معاكم) كأنه لم يقرأ حرفًا مما قيل .. الموضوع ليس موضوع تقوى إذن وإنما هو سيفعل ما يحلو له مادام يعد بالكسب السهل .. هو فقط (مزنوق) في شيخ يقول له إن هذا كله حلال ..

أغلق قميصك الممزق يا صاحبي، فالبورصة ليست لعبة، وبفرض أنها كذلك فمصر ليست بالبلد الذي يمكنك أن تلعبها فيه .. البلد الذي تنام فيه وتصحو لتجد أن كل جنيه في جيبك تحول إلى ثلاثين قرشًا، ويختفي الدولار من المصارف ثم يظهر فجأة ويُفصل الموظفون الذين امتنعوا عن صرفه، ثم يختفي من جديد ويفصل الموظفون الذين صرفوه .. هذا البلد ليس أفضل بلد تمارس فيه ألعاب البورصة، فلا تحاول إقناعي بأنك ضحية من فضلك.



 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 09:54 AM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

عصر مراد بيه


يحدث الصبي ذو السنوات العشر صخبًا في فصل المدرسة الخاصة فتنهره المعلمة ، لكنه لا ينتهر ولا تحمر أذناه إنما ينظر في عينيها بتحد، ويقول ضاغطًا على كل كلمة من كلماته:

ـ"انت مش عارفة بتكلمي مين .. .. إنت نسيتي إن أهلي هما اللي بيدفعوا لك المرتب ؟.. وحياة أمي بكرة مش حتشتغلي في المدرسة دي !!"

تصاب المعلمة الشابة حديثة الخبرة بحالة جنون هستيري ممزوج بالدموع، وتقتاد الصبي إلى مدير المدرسة الذي يتصل بأبيه .. طبعًا كلنا يعرف بقية القصة .. الأب (مراد بيه) يأتي للمدرسة وينهال تقريعًا على المدرسة والمدير أمام ابنه ومن تيسر من تلاميذ أو عمال، ويكرر ما قاله ابنه من أن كل هؤلاء يتقاضون رواتبهم من جيبه، والأغرب هو أن شيئًا لا يحدث للصبي على الإطلاق .. فقط تطلب المعلمة أن يتم نقلها فلا تدرس لهذا الفصل ثانية .. أي أن تهديد الطفل قد تحقق بشكل ما لو أردت أن تأخذ الأمور بشكل متشائم..

من هو (مراد بيه) ؟.. هو شخصية ذات نفوذ وإن كان أحد لا يعرف مصدر نفوذه بالضبط.. ترى على ملامحه ذلك المزيج الفريد من الصفاقة والغلظة والغرور الذي يفوق الحد، وقد تعلم تلك النظرة البوليسية الموحية بالأهوال والتي تقول: "إنت مش عارف بتكلم مين".. يجيد إلقاءها وهو يفتح باب سيارته المرسيدس ليتشاجر مع هذا أو ذاك ..

لقد تغلغل (مراد بيه) في حياتنا إلى حد غير مسبوق .. سيطر على كل مكان وكل مرفق .. إنها الروح القبلية التي تضخمت في مجتمعنا والاستهانة بالقانون .. ما دمنا نحن من يرتكب الأخطاء ونؤذي فكل شيء على ما يرام والحياة حلوة. الجرم كل الجرم أن تُؤذى بفتح الذال..

مصر قد تحولت اليوم إلى فصل كبير من فصول هذه المدرسة الخاصة .. فصل لا يحترم أحدًا ويزرع في عقول أطفاله أن عدم احترام القانون هو جزء من السمو الاجتماعي .. نحن أكبر من المدرس .. اكبر من القانون .. الضعفاء والفقراء فقط هم من يحترمون المدرس ورجل الشرطة ويقفون في الصف، بينما نحن سادة (بنو مخزوم) ومن يجرؤ على اعتراضنا ميت ..

الأمثلة على ذلك كثيرة، وفي جعبة كل منا العشرات منها، لكني على سبيل المثال لا الحصر أذكر موضوع تقاطع شارعي (بطرس) و(سعيد) الذي يعرفه كل من يسكن في مدينة طنطا .. منذ أعوام وعند الثامنة مساء تقريبًا تلتقي في هذا الموضع عشرات من سيارات الشباب .. تراهم يسدون الطريق سدًا ويقفون خارج سياراتهم وأبوابها الأربعة مفتوحة، وموسيقا الكاسيت عالية جدًا وهم يتبادلون المزاح البذيء .. فلا يستطيع من يريد المرور عمل ذلك إلا بصعوبة وبعد ضغط آلة التنبيه عشرات المرات إلى أن يتنازل أحدهم ويغلق بابًا في قرف شديد، أما الفتيات فقد تعلمن أن يتجنبن هذا التقاطع بأي ثمن .. الملحوظة المهمة هي أن أغلب لوحات السيارات تحمل رقمين أو ثلاثة لا أكثر، وهناك عدد من النسور واللوحات السود والزجاج الفيميه .. بينما يقف شرطي مرور ريفي بائس من طراز (يا سنة سوخة) على بعد ثلاثة أمتار منهم عاجزًا عن عمل شيء، فيكتفي بالتعرض لسيارات الأجرة .. هو لا يريد أن يجازف، ولابد أنه يذكر أمثلة كثيرة لزملاء له فشلوا في تبديد هذه المظاهرة أو عوقبوا .. وكل سائق أجرة يعرف أنه من المستحيل تفرقة هؤلاء لأن كل واحد فيهم ابن اللواء (مراد بيه) أو ابن المستشار (مراد بيه).. ونحن نعرف كيف ينتهي كل كمين شرطة ببضع مكالمات بالموبايل .. و(كلم مراد بيه على التليفون).. فإذا رفض الضابط أن يضع الموبايل على أذنه، صاح الفتى في السماعة: يا مراد بيه .. الضابط مش عاوز يكلمك .. هكذا يتلقى الضابط المغتاظ المكالمة واللوم ويعيد الرخصة للفتى .. حبة جديدة تضاف لمسبحة غرور الفتى وثقته بأنه فوق أي قانون، وقصة جديدة يتفاخر بها في قعدات البانجو ..

سيارة تتوقف في مكان ممنوع وحساس أمنيًا بالمطار، فيعترض رجل الشرطة، هنا يخرج من السيارة رجل ضخم فخيم يلوح بالموبايل وينزع نظارته السوداء ليسمح للنظرة الأمنية الثاقبة بالخروج، ويقول للشرطي بلهجة تهديد: "أنا المستشار مراد كذا " .. برغم أن كلمة (مستشار) توجب عليه – كي يستحقها – أن يضرب المثل في احترام القانون .. وبالطبع يمتثل الشرطي البائس ويتراجع .. هو الغلبان الذي أفطر فجلاً وتغدى عدسًا .. هو القادم من (دشنة) ولو لم يأت البوكس ليحمله في نهاية الوردية لما عرف كيف يعود ولمات جوعًا ..

وفي (مارينا) منذ أعوام – كما قالت الصحف - أوقف شاب يبغي استعراض القوة سيارته بالعرض لتسد شارعًا رئيسًا، فتبقى السيارة حيث هي أربع ساعات لأن أحدًا لم يجرؤ على استدعاء الونش لجرها .. ما دام الفتى قد فعل هذا، فهو على الأرجح ابن (مراد بيه).. مراد بيه الذي قد يكون وزيرًا أو عضو مجلس شورى أو لواء كبيرًا في الداخلية، أو ربما هو صاحب مارينا نفسه ..

المستوى الآخر الذي بلغته المشكلة هو الادعاء .. كل الناس تعلمت كيف تتصنع أنها تمت بصلة لـ (مراد بيه).. لي صديق متأنق يجيد التمثيل، ويعرف في كل كمين مروري كيف يدعي أنه المستشار (مراد كذا) .. وقد ساعده الملصق الموضوع على زجاج سيارته والذي لا ينوي أن ينتزعه أبدًا .. صارحته بأنها مخاطرة وأنه لو طلب منه رجل الشرطة هويته لوجد نفسه في مأزق، فقال في ثقة إن هذا مستحيل .. لا أحد يجرؤ على طلب هوية (مراد بيه).. دعك من تلك النظرة الأمنية الغامضة التي تعلمها من أفلام (مراكز القوى)..

إنه ذلك الإحساس بعدم فعالية القانون، وأن هناك طبقة فوقه، وأن إجراءات التقاضي بطيئة، فإن تمت صار لديك حكم لا جدوى منه وعليك أن (تبله وتشرب ميته).. وكما يقول الغربيون: إن لم تستطع هزيمتهم فلتنضم لهم .. لا جدوى من هزيمة هؤلاء الذين صاروا يملكون مصر فعلاً، فلا مناص من الانضمام لهم بشكل ما .. عن طريق ابنك .. عن طريق النسب .. عن طريق المماحكة.. عن طريق لوحة سيارة عليها رقمان أو ثلاثة لا تقبل أن تبيعها مهما عرض عليك من مال ..

هناك حل آخر هو البلطجة .. بعض الناس سيأخذون حقهم بأيديهم ما دام القانون لن يعيده لهم .. منذ أيام استعمل أحد رؤساء الأحزاب – أستاذ قانون - مجموعة من البلطجية يقتحم بهم مقر الحزب، لأنه امتلك حكمًا لا يستطيع تنفيذه وهو مؤشر خطير جدًا على تراجع سلطة القانون واحترامه. أعتقد أن حوادث العنف سوف تتزايد باستمرار مع نمو هذه الطبقة وتنامي سلطة (مراد بيه).. من لا يملكون مراد بيه سوف يلجئون إلى (سوكة) و(سيد سوابق)..

لماذا تتسابق الأسر على أن يدخل أبناؤها كلية الشرطة ؟.. هناك أسباب كثيرة لكن أهمها أنها تريد أن تملك (مراد بيه) الخاص بها والذي تخالف به القوانين .. ولتحقيق هذا تتصل بـ (مراد بيه) آخر ليسهل لها أن يصير ابنها (مراد بيه).. كل أسرة تريد أن يكون عندها وكيل النيابة والمستشار فإن لم تجد واحدًا ناسبته أو تمحكت في قريب بعيد .. هكذا تستطيع أن تخالف القانون كما تشاء .. وترى السيدة تحدثك في فخر عن قرابتها لـ (مراد بيه) في الجمارك و(مراد بيه) في أمن الدولة و(مراد بيه) في دار القضاء العالي و(مراد بيه) في قسم (الساحل).. حتى كأنها من هواة جمع الطوابع تحدثك عن مجموعتها الخاصة من الـ (مراد بيهات)..

والمشكلة في مصر أن الأمر تجاوز مجرد لذة قهر الجيران .. إن النجاح الاجتماعي صار يقترن اقترانًا قويًا بالقدرة على خرق القوانين .. مش إحنا .. لقد تعبت كثيرًا حتى أبلغ مكانة تسمح لي بمخالفة القانون ولن أسمح لواحد من العامة بأن يحاسبني ..

لقد وصل الدرس كاملاً إلى ابن (مراد بيه) وإلى كل طفل في ذات الصف معه .. إلام سيصير هذا الصبي ؟.. وإلام سيصير زملاؤه الذين رأوا المواجهة بين قيمة العلم والاحترام وقيمة النفوذ والبلطجة وعرفوا بوضوح من الفائز .. ؟.. إلام سيصير الجميع بعد عشر سنوات؟.. لا أتمنى أن أكون موجودًا لأعرف ..




 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 10:18 AM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

لمصلحة من ؟


كان الفيلسوف الكلبي الشهير (ديوجين) يمضي تحت جنح الظلام حاملاً مصباحًا يفتش به عن رجل واحد شريف، ويقال إن بحثه كان سدى .. أعتقد أن القصة تتكرر في عالمنا العربي اليوم، لكن (ديوجين) المعاصر كان سيتعب كثيرًا جدًا في البحث عن رجل واحد يتحرى الدقة والعدل ..

سوف يبدو هذا المقال للبعض دفاعًا مستميتًا عن الحكومة في أسوأ وقت ممكن، لكنه ليس كذلك على الإطلاق، فليس الدفاع عن هذه الحكومة المتخبطة الفاسدة من الأمور المحببة للنفس .. إنه دفاع عن الدقة وعن تحري الصواب فيما يقوله المرء دون الخضوع لدكتاتورية الجماهير، ودون الشهوة الطاغية لأن تقول لها ما تريد سماعه .. أذكر مقولة بديعة للشيخ (القرضاوي) يقول فيها: إن نفاق رجل الدين للحاكم أمره مفضوح وبالتالي خطره محدود.. لكن الخطر كل الخطر هو أن ينافق رجل الدين الجماهير بأن يقول لها ما تحب سماعه .. الحقيقة أن المواطن المصري قد تغير كثيرًا جدًا، وما أريد قوله هو أن هذه الحكومة هي الإفراز الطبيعي لهذه الحالة.. إن الشعوب تستحق حكوماتها وكيفما تكونوا يول عليكم .

الموضوع يتعلق بأنفلونزا الطيور .. بالتحديد ذلك الحوار الذي أجراه مذيع قناة الجزيرة (أحمد منصور) مع مسئول مهم عن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في مصر .. منذ اللحظة الأولى للحوار بدا واضحًا أن أحمد منصور يغلي غضبًا ويريد إخراج حممه على الحكومة المصرية .. لقد عاد أحمد منصور القديم العدواني الذي يقاطع ضيفه في كل جملة بلا استثناء ولا يكف عن ترقيص حاجبيه .. منذ فترة طويلة كف أحمد منصور عن أن يكون مشاكسًا مغرورًا ضيق الأفق، لكنه في هذه الحلقة استعاد ذلك التراث القديم ..

الضيف هادئ ثابت راسخ الحجة، وهو يؤكد في إصرار أن ما قامت به الحكومة المصرية هو ببساطة ما أوصت به منظمة الصحة العالمية حرفيًا، وان الوباء قد بدأت السيطرة عليه فعلاً بسبب هذه السياسة الحازمة .. لكن المذيع يزداد عصبية وخيبة أمل .. لقد جاء بالضيف ليقول إن الحكومة أخطأت وإن هناك مؤامرة، وإن الحيتان الكبيرة هي التي بدأت هذه الإشاعة للقضاء على ثروة مصر من الدواجن والبدء من جديد بشروطها ومصلحتها الخاصة ..

يصر أحمد منصور على كشف فساد الحكومة، فيعرض فيلمًا شنيعًا يظهر رجلاًَ يجمع الكتاكيت بمكنسة والسيجارة بين شفتيه ثم يشعل فيها النار وهي حية .. ويعرض فيلمًا آخر نرى فيه فلاحين يفرغون أجولة مليئة بالدجاج الميت في مصرف مائي (لم يسأل المذيع نفسه عن سبب موت كل هذه الدواجن إذا كانت انفلونزا الطيور إشاعة) .. علام تدل هذه الأفلام ؟.. تدل على أن المواطن جاهل همجي لا يبالي بتلويث مجرى النيل .. أي أنه فقد الحس الحضاري الذي تمتع به جده الفرعوني .. وتدل على انه وحش قاس لا يبالي بحرق الحيوانات حية، برغم تعليمات الدين الذي لا يكف عن الكلام عنه لحظة .. فما دخل الحكومة في هذا ؟.. الضيف يقول إن هذا الفيلم يخبرنا بحجم المشكلة.. وإنها لكبيرة وضخمة، لكن الحكومة غير مسئولة عن هذه التصرفات الارتجالية من البعض ..

يزداد المذيع عصبية .. خاصة عندما يكرر الضيف إنه مسئول عن الطب الوقائي ولا يدافع عن أية حكومة .. فقط هو يؤكد أن الحكومة المصرية تصرفت بحكمة لمرة واحدة في تاريخها .. "لا تدافع يا احمد عن الجهل بحجة الدفاع عن الفقراء .. للأسف كل من يعلم ومن لا يعلم يتكلم .. لو استطاع الفيروس أن يطور نفسه لينتقل من إنسان لإنسان لكانت كارثة على الفقراء والأغنياء معًا.."

يسأله أحمد منصور: لماذا تعدم الحكومة الدجاج دون فحصه ؟.. فيرد الضيف : لأنه لا يمكن فحص دجاجة دجاجة .. بروتوكول الصحة العالمية يقضي بإعدام الدجاج في دائرة محددة القطر تحيط بأي إصابة .. يسأله أحمد منصور: لماذا تنفرد مصر بهذه النسب العالية دون العالم ؟.. يقول الضيف إن مدينة هونج كونج سنة 1997 أعدمت مليون دجاجة .. فيصيح المذيع: هذا في عام 1997 .. نحن في عام 2006 !! ولسان حاله يقول: لقد جئت بك هنا كي تشتم الحكومة فماذا دهاك ؟.. كان يبحث عن وجبة دسمة من الهجوم على الحكومة ونظرية المؤامرة، فخيب الضيف أمله بهدوئه ومنطقه العلمي المتزن ..

الخلاصة أن المذيع أنهى الحلقة قبل موعدها بعشر دقائق، وتشاجر مع الضيف فعلاً عندما قال له هذا الأخير: كل ما تريدون هو أن تهاجموا الحكومة، فرد أحمد منصور: لسنا كذلك ولا أسمح لك .. وانتهت الحلقة وهو يضغط على عضلات فكيه من فرط انفعال ..

الحقيقة أن إنفلونزا الطيور نموذج ممتاز للطريقة التي يتعامل بها المصريون مع الحقائق .. قبل أن يظهر الوباء في مصر بستة أشهر، وبينما منظمة الصحة العالمية تؤكد بعناد أن مصر خالية من انفلونزا الطيور، خرجت جريدة مستقلة واسعة الانتشار بصفحة كاملة تؤكد أن انفلونزا الطيور تجتاح مصر وأن الحكومة تخفي الحقائق عن الشعب كالعادة .. ثم ظهر الوباء في مصر فعلاً فإذا بهذه الجريدة تخصص كل أعدادها للكلام عن الخدعة الكبرى التي قامت بها الحكومة لمصلحة الكبار .. !..

إذن متى كذبتم ؟.. هل كذبتم منذ ستة أشهر أم الآن ؟.. لكن الجميع ينسى .. حتى من كتب هذا الكلام نسى أنه كتبه ..

وفي القاهرة ترى مظاهرات أصحاب المزارع تشق الطريق متجهة لمبنى التلفزيون، وهي تحمل لافتات عليها العبارة المصرية الخالدة (لمصلحة من ؟).. و(إشاعة انفلونزا الطيور .. لماذا يا حكومة ؟)..

وفي سوق مزدحم بمدينتي طنطا يقف رجل حاملاً مكبر صوت يصيح: "الشيخ فلان الفلاني عضو مجلس الشعب يقول لكم إن موضوع انفلونزا الطيور إشاعة أطلقتها الحكومة من اجل بعض المستوردين وتجار اللحوم .. ربوا الدجاج كما يحلو لكم .. وكلوه .. فقط لا تنسوا التسمية قبل أن تأكلوا ".. مع الإشاعة الأخرى: "سبب انفلونزا الطيور هي الخنازير التي يربيها النصارى ..!" وتشعر بأن القائل يوشك أن يقول:"تخلصوا من النصارى لتنجوا من الوباء !".. طبعًا بما أن الدقة هي الدقة فأنا أعرف أن فيروس انفلونزا الطيور نشأ نتيجة تربية البط والخنازير في مكان واحد لدى الفلاحين الصينيين، لكني أعرف كذلك أن الخنازير ليست هي مصدره في مصر وإنما هي الطيور المهاجرة .. وأعرف كذلك أن الشيخ فلانًا عضو مجلس الشعب لا يحق له أن يبدي رأيه في قضية طبية ..

ثم يتفاقم الوباء، فينسى الناس على الفور ما قيل، ويشكون من أن الحكومة لم تتخذ الإجراءات الكافية لمنع دخول هذه الكارثة .. تبدأ الحكومة في إعدام الدجاج في حملة صارمة غير مسبوقة، فيشكو الناس من أنها تتخذ من الإجراءات ما هو عنيف ولا داعي له على الإطلاق .. توفر الحكومة الدجاج المجمد فيتساءل الناس عن المصدر الذي جاءت منه بالدجاج بهذه السرعة ..

المؤامرة .. دائمًا المؤامرة .. وهو تفكير مبرر من شعب لم يسمع الحقيقة مرة واحدة في حياته، لكن هناك شيئًا اسمه المنطق .. هناك الحقيقة المجردة التي لا يجب أن تتأثر بكونك من أعضاء الحزب الحاكم أو المعارضة ..

القصة التي تؤثر في كثيراً كلما تذكرتها هي قصة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه (ابراهيم) وحدث خسوف للشمس .. قال المسلمون: لقد خسفت الشمس حزناً على (إبراهيم).. عندها كان غضبه صلى الله عليه وسلم شديداً مخيفاً وقال لهم: الشمس والقمر آيتان من آيات الله ولا تخسفان لموت أحد ..

هذا درس في الموضوعية والدقة .. ما حدث حدث وما لم يحدث لم يحدث .. فقط .. كان بوسعه - صلى الله عليه وسلم - أن يؤكد القصة أو يصمت وكان المسلمون سيصدقونه على الفور، لكنه لم يطق هذا الخلط المستفز للحقائق والأوهام في عقول العامة ..

أحياناً تأخذنا الحماسة الشوفينية فنقول أشياء غير دقيقة على طول الخط.. مثلاً أذكر أنني قرأت ترجمة لقصة (رحلة إلى باطن الأرض) صدرت في العراق في الثمانينات .. حين وجد بطل القصة الوثائق قالت الترجمة إنه وجدها مكتوبة باللغة العربية، وإنه حين سئل (جول فيرن) مؤلف القصة: لماذا اخترت أن تكون الوثيقة بالعربية ؟ . رد: لأنها لغة المستقبل ..

حسن .. بالطبع لم يرد في القصة بتاتاً أن الوثيقة كتبت بالعربية .. ما قيل نصًا هو أنها كتبت بالحروف الرونية المستعملة في أيسلندا قديماً.. وهو منطقي لأن القصة تدور هناك .. وبالطبع لم يقل (جول فيرن) هذه العبارة قط .. هذا نموذج للشوفينية المضرة التي تلوي عنق الحقيقة وتجانب الموضوعية، لكنها تروق للناس وتدغدغ غرورهم ..

إن قصة انفلونزا الطيور وأحمد منصور وعضو مجلس الشعب الذي يعرف الحقيقة كلها هي قصة تلخص تفكيرنا الحالي كله .. ومن الغريب أن المعارضة تحتاج إلى شجاعة لا بأس بها، لكن معارضة المعارضة تحتاج إلى قدر أكبر منها !.. التشكيك عمل جريء، لكن التشكيك في التشكيك صار عملاً أكثر جرأة !



 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 10:19 AM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

بلدهم يا عمّ


كانت قناة الجزيرة تعرض على الهواء أحداثًا غريبة في ذلك اليوم: وزير خارجية مصر (أحمد ماهر) يزور الحرم القدسي .. منذ لحظة دخوله الحرم راح أحدهم – حماسي الهيئة واللهجة – يهتف في مكبر الصوت:

ـ"لا أهلاً بك ولا سهلاً... عد إلى أسيادك الصهاينة ولا تدنس هذا الحرم"

وبدأت الأحداث تتخذ منحى خطيرًا عندما تزاحم الغاضبون حول الوزير المسن، فصنع حراسه طوقًا حوله بأجسادهم ورأيت على وجهه أمارات الاختناق من فرط الانفعال ونقص الأكسجين، مع قلب ليس في أفضل حال .. كان يشخص بعينيه إلى السماء فاغر الفم متلاحق الأنفاس بينما يحاول الحراس حمل جسده الضخم خارج الحرم ..

كان المشهد مؤسفًا أليمًا .. هذا الذي تتصاعد الهتافات ضده ليس (شارون)، بل هو وزير خارجية أهم وأكبر دولة عربية .. الدولة التي ضحت بالكثير بسبب تحالفها مع الفلسطينيين .. دعك من البعد الإنساني لرؤية عجوز يوشك على الموت اختناقًا ..

مر المشهد بسلام، وتم نقل الوزير إلى مستشفى إسرائيلي حيث قيل إن الوضع مطمئن .. لكن هذا لم يكن أسوأ ما في الأمر .. ما أثار رعبي وضيقي هو أنني كنت أشاهد هذا الأحداث بلا أدنى انفعال على الإطلاق .. لم أشعر بذرة تعاطف معه ولم تدمع عيني بسبب الإهانة التي وجهت لمصر على شاشات الفضائيات بلا داع .. كان مشهدًا غريبًا وكفى ..

عندما فكرت في الموضوع بهدوء بعد ذلك، وحاولت فهم سبب هذا البرود العجيب الذي تابعت به الأحداث، فهمت أن السبب هو ببساطة عدم انتماء مفرط .. هذا وزير خارجيتهم يتلقى الإهانات بسبب سياساتهم الخاطئة .. فما دخلي أنا في هذا كله وما دخل مصر ؟

هذا هو ما صنعوه بنا .. أعتقد أنني كنت سأبكي لو كان المشهد يمثل هدفًا يحرز في مرمى مصر في مباراة دولية ما .. بينما أنا فعلاً لا اعرف لماذا جاء (أحمد ماهر) إلى منصبه، ولا اعرف لماذا ذهب، ولا أعرف فيم تميز (أبو الغيط) عنه . وبالطبع لن أعرف أبدًا ما دار في تلك الزيارة التي قام بها (ماهر) إلى فلسطين ولن أعرف ..

هل لي رأي في الموضوع ؟.. هل هناك من يبالي بما أعتقده ؟.. ما زالت هناك بنود كاملة سرية في معاهدة (كامب ديفيد) عجز أكبر الصحفيين عن معرفتها .. كل ما يرشح لنا يأتي من الخارج .. هكذا هم يتفقون دون أن يأخذوا رأيي .. يوقعون .. يعينون .. يبيعون .. كل هذا من دون أخذ رأيي، فإذا أبديت اعتراضًا قيل لي إن هناك قنوات شرعية مخصصة لذلك .. القنوات الشرعية هي برلمان طُعن في شرعيته مرارًا.. وأعضاء يوافقون على كل شيء ولو كان الانضمام إلى جزر الكاريبي أو بيع الهرم (صحيح أن الأخوان صاروا يشكلون جانبًا لا يستهان به منه، لكن يظل عددهم غير مؤثر في القرار النهائي بدليل تمديد قانون الطوارئ)، ورئيس برلمان متأهب لوأد أي استجواب جاد حقيقي طالبًا الانتقال إلى جدول الأعمال..

إذن فليتلقوا الإهانات .. لتهاجمهم الصحافة العالمية .. لتوجه لهم أبلة (كوندي) اللوم وتضربهم بالخيرزانة على أطراف أناملهم.. لا يهم .. ليس هذا شأني .. هم ليسوا قومي وليسوا رجالي..

نفس السيناريو حدث بشكل مخفف مع خسارتنا فرصة تنظيم المونديال .. كانت فضيحة مدوية، لكني قابلتها بذات البرود المعتاد .. قلت لنفسي: هذه حكومتهم وهم قد حاولوا استضافة المونديال فتلقوا صفعة لأن استعداداتهم غير كافية .. ما لي أنا وهذا ؟.. ولماذا يجب أن أنفعل ؟

وقد اصطك الحس الشعبي المصري المرهف تعبيرًا مناسبًا للموقف هو (بلدهم يا عم).. نحن مجرد ضيوف هنا نعيش حياتنا على الهامش قدر الإمكان ..

الحقيقة أن هذا الاستقطاب الذي جعل الشعب والحكومة دولتين مختلفتين موجود منذ أواخر السبعينات ، وله عدة عوامل منها غياب الديمقراطية .. لا يمكنك أن تشعر بالانتماء لمشروع لا دخل لك فيه ولم يؤخذ برأيك في إنشائه، لكنهم يطالبونك بدفع ثمن فشله ، العامل الثاني هو ذبول فكرة القومية ذاتها، ويعود جزء منها إلى زحف المد الديني الذي يرى بعض أفراده أن الإندونيسي (محمد طوار) أقرب لك من المصري (مينا اسكندر) الساكن في شبرا.. في لحظة ما من التاريخ كف عبد الناصر أن يكون قائد الثورة و(بابا جمال) وتحول إلى طاغية علماني، وقال داعية كبير إنه سجد لله شكرًا يوم هزيمتنا في 1967 .. أي أن اليهود – بعبارة أخرى – هزموا دولة الكفر !.. وتحول (كمال أتاتورك) من عقلية تقدمية خلقت تركيا الجديدة إلى السفاح الذي مزق دولة الخلافة،. وقد كنت في مؤتمر طبي ذات مرة ودعت المحاضرة الجالسين إلى الوقوف لأن السلام الجمهوري لجمهورية مصر العربية سيُعزف حالاً.. وقف غالبية الموجودين، لكن من ظلوا جالسين راحوا ظلوا ينظرون لنا في تحد واشمئزاز غريبين .. لسان حالهم يقول: هل ما زلتم تؤمنون بهذه السخافات ؟.. هل سنعود لهذه الوثنية ؟

عندما يكف أفراد شعب عن تحية علمه أو الوقوف لدى عزف سلامه الوطني، فإن أجراس الخطر تدق .. إن العلم خرقة من القماش لكنها ترمز لكل شيء في مصر : الهرم .. النيل .. الشيخ رفعت .. الأزهر .. عبد الوهاب .. أم كلثوم .. ثورة 1919 .. نجيب محفوظ .. سيد قطب نفسه .. الخ .. وعندما ترفض تحية العلم فأنت في الواقع ترفض كل هذه الأشياء التي صنعت كلمة مصر ..

حتى فكرة كراهية إسرائيل ذاتها لم تعد بذات الوضوح الذي عرفناه في المدارس قديمًا .. ولولا المد الديني الذي يحمل تراثًا هائلاً من كراهية اليهود، ووجود المسجد الأقصى في الموضوع لذبلت الفكرة تمامًا .. دعك من الأخ السفاح شارون الذي نجح في أن يعيد القضية دامية متوهجة في الأذهان، وبالتالي قدم خدمة لا تُنسى للفلسطينيين من حيث لا يدري. كنت أحيانًا أجرب أن أدخل برامح المحادثة (شات) منتحلاً اسم فتاة إسرائيلية على سبيل جس النبض.. وكنت أطلب محادثة شاب مصري .. عندما أعلن له (حقيقة) إنني فتاة إسرائيلية، كان الشاب في 100% من الحالات يقول لي: وماذا في ذلك ؟.. العرب عفنون Arabs stink أصلاً.. وهو اعتراف وتنازل لا داعي له سوى كسب ثقة هذه الإسرائيلية التي إن لم تكن حسناء فعلى الأقل هي مستعدة لعمل أشياء كثيرة !

اجتماعات ومحادثات وجلسات مغلقة ومكالمات هاتفية تخبرنا بها الصحف .. لا تعرف أبدًا ما دار فيها .. المهم أن هناك من اجتمع ومن تكلم هاتفيًا .. والنتيجة هي أنك تمر بحالة أبوية فريدة .. أنت مجرد طفل يلهو في الصالة بينما أبوك يجلس في الصالون مع أصدقائه الكبار يقولون كلامًا لا تفهمه أنت ومن العيب أن تحاول أن تعرفه.. سوف تتحمل هذا لأنه أبوك .. لكن ماذا عن من ليس أباك ولا دور لك في وجوده هنا ؟

يحذر الجميع من بيع القطاع العام فيُباع .. يحذر الجميع من توقيع الكويز فتُوقع .. يحذر الجميع من ذبح القضاة فيذبحون .. ينصح الجميع بحضور جنازة بابا الفاتيكان فلا يحضرها أحد ذو أهمية .. ينصح الجميع باستقبال وزير الخارجية الفلسطيني المنتخب فلا يستقبله أحد .. ينصح الكثيرون – وأولهم محمد حسنين هيكل - بأهمية وجود خطوط دبلوماسية قوية مع إيران فلا يبالي أحد .. يحذر الكل من خطر تعويم الجنيه فيعومونه .. كل شيء يتحرك برغم إرادتك وبلا أخذ رأيك .. وكما يقول العظبم محمود المليجي في فيلم (اسكندرية ليه؟): وعايزني أكسبها ؟

نتيجة هذا تنمو اللامبالاة ويذبل التعاطف وتراقب وزير خارجيتك يُضرب في الحرم القدسي فلا تهتم .. هذه هي الصورة الأقل خطرًا , أما الصورة الأخطر فمثالها سقوط بغداد خلال ساعات ..لقد ذاب الجيش العراقي تمامًا لأن أفراده لم يستطيعوا الشعور بأنهم يدافعون عن بلادهم بل عن صدام .. صدام الذي ورطهم في حرب طاحنة مع إيران ثم غزا الكويت لأن (دماغه كده).. فلماذا يطالبهم بالموت في سبيله هو الذي لم يصغ لأحد سوى نفسه، ولم يسمح لأحد أن يفتح فمه إلا لإلقاء قصيدة مدح فيه ؟.. (صدام) الذي كان أطفال بلاده يموتون بسبب سياساته الحمقاء، لكنه كان يجد الوقت الكافي ليناقش المخرج الذي صنع فيلمًا عن قصة حياته في جلسات مطولة: أنت أظهرت معالم الألم على وجه الممثل لحظة إخراج الرصاصة .. هذا كذب .. أنا لم أبد أية علامة على الألم!

هكذا تسير الأمور .. لكن مصر هي مصر .. بالتأكيد لم نفقد انتماءنا لمصر الهرم والنيل وأحمد شوقي والشيخ رفعت والفول والطعمية ورائحة النعناع في الحقل وصوت أم كلثوم في الليل وعم (بسيوني) الفلاح العجوز الجالس يشرب الشاي على المصطبة ليلاً، وحتى جندي الأمن المركزي الذي يرفض أن يطيع أمر ضابطه ويضرب المتظاهرة الحامل .. هذه هي (بلدنا يا عم).. مصر الحقيقية الولود التي لا يعرفونها، والتي بدأت ملامحها تتقلص ألمًا معلنة قرب ولادة جديدة!



 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
قديم 22-07-07, 10:21 AM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 12318
المشاركات: 5,238
الجنس ذكر
معدل التقييم: بيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاطبيجاسوس عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 122

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بيجاسوس غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : lonesome المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

أسعد أيام هدى



عظيمة هي قناة الجزيرة .. قد نختلف معها، وقد نراها منحازة لجهات بعينها ومتجاهلة لأمور بعينها، وقد يتهمها البعض بالعمالة وهي التهمة الجاهزة لوصم كل من نختلف معه .. إن من يختلف معك فكريًا في العالم العربي هو على الأرجح ملحد أو عميل أو شاذ جنسيًا، وبما انه من الصعب اتهام قناة كاملة بالشذوذ الجنسي تبقى تهمة العمالة .. (لم أصدق حتى سمعت بأذني أن هناك من اتهم منظمة حماس وحزب الله بالعمالة لإسرائيل، ولا أعرف المنطق اللوذعي الذي قاد لهذه الاستنتاجات العبقرية)..

أقول إن قناة الجزيرة فتحت نافذة وسط ستار التعتيم الإعلامي الكثيف، ولولاها لما عرفنا عن الانتفاضة إلا أنها (اضطرابات في الأرض المحتلة) كما كانت وسائل إعلامنا ستصفها .. وعن طريق قناة الجزيرة رأينا أبا (محمد الدرة) يصرخ متوسلاً للإسرائيليين كي يوقفوا الرصاص، ورأينا ظهر جثة الرضيعة (إيمان حجو) الذي تحول إلى فجوة دامية كبيرة، بينما حرصت (سي إن إن) وإعلامنا على إظهار الوجه فقط لأنه لا يعبر إلا عن سلام عميق لرضيعة نائمة، كأن ما فعله الإسرائيليون هو أن ساعدوا الصغيرة كي تنام في سلام ..

هذا التفوق الذي حققته الجزيرة في فلسطين جاء بفضل كتيبة العظماء وليد العمري وجيفارا البديري وشيرين أبو عقلة ومن معهم من مخرجين ومصورين وفنيين ..

حظي الأسود جعلني أفتح قناة الجزيرة يوم الجمعة 9 يونيو لأرى هذا المشهد الرهيب .. الطفلة (هدى) تجري على رمال الشاطئ وتتعثر وتنهض، وتصرخ في جنون وهستريا : أبويا !

أبوها جثة مفتوحة العينين فوق الرمال، بينما الفتاة تحتضنه .. لا تعرف السبب الذي جعله فجأة يرفض النطق وتلبية ندائها ربما للمرة الأولى.. ثم تجول الكاميرا لترينا ما تبقى من حياة هادئة لأسرة أرادت قضاء يوم على شط البحر في غزة .. العوامة .. دلو الماء .. الجاروف .. ثم أسرة الفتاة التي تحولت إلى عجين من اللحم المتفحم والدم .. العوامة والجاروف أشياء مدنية جدًا مسالمة جدًا يصعب أن تتلطخ بالدماء إلا في فيلم (الفك المفترس) لكن إسرائيل فعلتها ..

ما حدث هو أن سفينة حربية إسرائيلية في عرض البحر قررت أن تمازح هذه الأسرة البريئة بطريقتها .. وكان المذيع يجري التحقيقات ويصور بينما السفينة ما زالت هناك تراقب الموقف في استمتاع واضح ..

إن مشاهد الموت في فلسطين صارت يومية منذ زمن بعيد، لكن عندما يتعلق الأمر برجال المقاومة وقياداتها فهؤلاء أبطال اختاروا وتحملوا مسئولية قرارهم، وكل واحد منهم يتوقع اليوم الذي سيتحول فيه إلى أشلاء متفحمة يخرجونها من سيارة انصهر معدنها .. أما تلك الأسرة على الشاطئ فلم تختر شيئًا على الإطلاق .. كل ما أرادوه هو يوم من المرح بين الموج والرمال، فلابد أن (هدى) الصغيرة صحت صباحًا منتظرة أسعد يوم في حياتها .. ذات المشهد يذكرني بمشهد رأيته منذ ثلاث سنوات لذلك الصغير الفلسطيني الذي جلس وحده جوار النافذة في غرفة نومه يعد ألعابه لعيد الأضحى غدًا، فكان نصيبه طلقة في رأسه من قناص إسرائيلي يهوى المزاح بدوره .. ظرفاء وأولاد حظ هؤلاء الإسرائيليون حقًا ..

أسوأ ما في الأم أن هذه الحوادث صارت كثيرة إلى درجة أنها أذابت بعضها ونسيت.. عندما تملأ جوالاً بالبيض الهش فإنه يحطم بعضه فلا يبقى شيء، وإسرائيل تهوى تكديس البيض بحق ..

من أعطى قائد السفينة الحربية هذا الحق ؟.. إنه ليس ربًا ليقتلني بمشيئته كما يقول العظيم (أمل دنقل).. من أعطاه الحق في أن يحيل حياة هذه الطفلة إلى كوابيس ؟.. من أعطاه الحق في أن يملأ حياتي أنا بالكوابيس ؟

ويخرج بيان الحكومة الأمريكية كما هي العادة .. هم فقط يتفننون في العبارات التي تثير غيظك: "وقال الناطق باسم الخارجية شون ماكورماك إن بلاده تشجع إسرائيل على التفكير في نتائج هذه الأعمال" ..

يا سلام على التعبيرات العبقرية ! .. هذه أعمال أدبية وليست تصريحات سياسية .. لو أحضرت تشيكوف وكافكا وموم وماركيز وشكسبير لصياغة جملة سخيفة تتحسس دربها ولا تجرؤ على أن تقول أي شيء مثل (تشجع إسرائيل على التفكير في نتائج هذه الاعمال ) لاعترفوا بأنهم معدومو الموهبة .. من قبل رأى (بوش) أن قصف غزة بطائرات إف 16 (غير مفيد) .. دعك من التعبير العبقري الآخر : "نحن نشعر بقلق" .. طيلة الوقت هم قلقون .. ما كل هذا الحلم وهذا التهذيب ؟.. أتمنى للأخ بوش مصيبة تطيح به كي يشفى من عادة القلق نهائيًا ..

رجالنا لا ثمن لدمهم .. نساؤنا لا ثمن لدمهم .. أطفالنا لا ثمن لدمهم، بينما يبكي هؤلاء الغربيون تأثرًا ويرفعون الأنخاب وتعصر الأخت (أوبرا وينفري) عينيها تأثرًا بعملية إنقاذ درفيل جنح على ساحل فلوريدا، مع الكثير من الـ (واو) والـ (ياي) والـ (أوه) .. أي نفاق هذا ؟

السؤال الأهم هو ماذا يعتقد (عباس) أنه يفعله ؟.. يخرج ليتهم أعمال المقاومة بأنها [محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]ة، ويشجب قصف المدنيين الفلسطينيين بلغة عقلانية هادئة .. ما هو دوره بالضبط وهو عاجز عن حماية شعبه، وعاجز عن الاحتجاج على ما يحدث لشعبه ؟

لابد من أن يدفع هؤلاء الثمن .. أما من يتكلم عن الواقعية والتحضر ويطالب الفلسطينيين بأن يموتوا في أدب ورقي، فليخرس من فضله .. لا ثمن لهذا الدم إلا الدم .. لا .. ليس الدم كافيًا .. لو مات ألف إسرائيلي فلن يعوضوا (هدى) الصغيرة عن أبيها، ولن يعوضوا أم (إيمان حجو) عن رضيعتها ..لكنه أقل شيء ممكن لو كانت هناك عدالة حقًا في هذا العالم.



 
 

 

عرض البوم صور بيجاسوس  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:08 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية