كاتب الموضوع :
lonesome
المنتدى :
روايات أونلاين و مقالات الكتاب
451 فهرنهايت : عندما تصير النار هي الحل !
لأسباب واضحة اختار مايكل مور عنوان (فهرنهايت 911) لفيلمه الشهير الذي يهاجم عصابة بوش بضراوة.. لقد استطاع بأنفه الحساس أن يشم رائحة ذلك العالم الشمولي الكابوسي الذي تتحدث عنه الرواية.. حرارة ما جرى في 11 – 9 كانت هي الدرجة المناسبة لحرق ملكة النقد والتعقل لدى الأمريكيين، ولم يخيب الأمريكيون أمله .. لقد شاهدوا الفيلم في حماس .. ثم انتخبوا بوش لفترة ثانية بالحماس ذاته.. !.. إن المواطن الأمريكي يتعامل مع هذه الأمور بمنطق عسير الفهم نوعًا: يبكي لدى مشاهدة فيلم عن فظائع أمريكا في حرب فيتنام ثم يذهب ليتطوع هناك في الأسبوع ذاته .. لم لا ؟.. أليس هو ذات المواطن مستلب الوعي الذي تتحدث عنه رواية برادبوري فائقة الشهرة ؟
رواية راي برادبوري التي كتبها عام 1953 - والتي احتفل العالم منذ عامين بمرور خمسين عامًا على صدورها - صارت معلمًا ليس في أدب الخيال العلمي فقط، ولا في الأدب السياسي فحسب، بل إنها أضافت مفاهيم جديدة إلى اللغة الإنجليزية ذاتها .. ولسوف تجد أن الكلام عن السلطة الشمولية القمعية وغسل وسائل الإعلام لعقل البشر لا يكتمل إلا بذكر (451 فهرنهايت) و(1984) رائعة أورويل و(عالم جديد شجاع) لهكسلي .. وليست مصادفة أن مور قدم مقاطع كاملة من (1984) في فيلمه المذكور ...
***
دركت أن صناعة كاملة للخوف قد ازدهرت في الولايات المتحدة, وان الأخ الأكبر الذي تحدث عنه جورج أرويل في رائعته451 فهرنهايت قد اظهر بعضا من ملامحه.
د. عبدالمنعم سعيد – جريدة الأهرام 24 فبراير 2004
***
طبعًا هذا خطأ.. إن (451 فهرنهايت) قصة برادبوري بينما أورويل صاحب (1984) .. لكن الخلط بين القصتين شائع في أذهان الجميع .. فكلا القصتين جاء من ذات العالم ..
راي برادبوري كاتب الخيال العلمي الأمريكي الملتزم الذي ولد عام 1920 .. والذي اشتهر بمجموعاته القصصية (الرجل المرسوم) و(شيء شرير من هذا الطريق يأتي)، هو كاتب متشائم كأكثر كتاب الخيال العلمي المعاصرين، الذين لم يعودوا في سذاجة هـ. ج. ويلز الذي أيد الحرب العالمية الأولى باعتبارها (الحرب التي ستنهي الحروب جميعًا)، ثم اتضح أن التقدم لا يلغي الحروب بل يأتي بالحروب المتقدمة !.. يجب ألا ننسى أن الإنسان استعمل الطاقة الذرية كقنبلة قبل أن يفكر في أي استخدام سلمي لها .. وبرادبوري يؤمن كآخرين أن سيطرة السلطة الشمولية على أنفاس البشر هي مسألة وقت لا أكثر ..
كثير من الناس لم يقرءوا الرواية لكنهم بالتأكيد شاهدوا الفيلم العميق الذي قدمه فرانسوا تريفو عام 1969 .. وفي كل مرة تدور مناقشات لا تنتهي .. هذا نوع من الأعمال الأدبية التي خلقت لتبقى أبدًا ..
يسهل على من يحلل القصة أن يجد علامات تشابه لا حصر لها مع الواقع الأمريكي (الجمهوري) المعاش اليوم .. كما يسهل عليه أن يدرك أن السيناريو يتحرك طبقًا لخطة واضحة دقيقة .. لكن ماذا عن مصر ؟... نفس الشيء يحدث في مصر، ولكن على الطريقة المصرية الشهيرة .. أي (بالبركة).. لا توجد خطة ما .. لا شيء في مصر يتم وفق خطة من أي نوع .. ولكنه نوع من الغريزة الحيوانية التي علمتنا أن النار هي الطريقة المثلى للخلاص من المشاكل .. وأن من يفكر هو – على الأرجح – عميل أو شيوعي أو ابن كلب بشكل ما ..
إن (مونتاج) – لاحظ الاسم - رجل المطافئ يمارس عمله بحماس .. سوف نعرف أن رجل المطافئ في هذا العصر – وهو مستقبل غير بعيد - مهمته محددة جدًا : أن يحرق .. يحرق الكتب التي تعامل معاملة المخدرات ..ربما يحرق مالكيها كذلك .. ودرجة الحرارة المفضلة للحرق هي 451 فهرنهايت .. إن هذا العصر قد استغنى تمامًا عن الكتب واستبدل بها ثقافة الصور المرئية . كل بيت فيه تلفزيون عملاق لا يغلق تقريبًا .. أربع شاشات على الجدران وثمة طريقة إلكترونية تسمح لمعدي البرامج بأن يخاطبوك بشكل شخصي. إن مونتاج جزء من النظام .. أحيانًا هو النظام ذاته .. إلى أن يُلقى حجر في بركة حياته الراكدة .. هذا الحجر هو فتاة رقيقة ما زالت تحاول أن تعيش بالطريقة القديمة.. تسأل أسئلة .. تتمهل فلا يأخذها تيار الحياة المندفع .. إنها تقول له: "الصبية في عمري يتسلون بقتل بعضهم .. لقد أطلقت الشرطة الرصاص على ستة منهم العام الماضي .. ومات عشرة منهم في حوادث سيارات.."
***
" وصور إيذاء المؤمنين بالسيارة كثيرة: نذكر منها ما يلي
: 1- التفحيط والتطعيس، وهما عبث بالأرواح والأموال وقد مرّ حكمهما -- المزاح بالسيارة حيث يقوم بعض الشباب بالمزاح مع من هو خارج السيارة، فيتوجه بالسيارة إليه، ويزيد من السرعة كأنه يريد أن يدهسه، فلما يصل قريبا منه يضغط على الفرامل! ومثل هذا المزاح لا يجوز؛ لما فيه من ترويع المسلم وتخويفه. "
موقع كلمات - 12 ربيع الأول 1426 هـ
***
مونتاج) يعيش مع زوجته التي تنتمي لهذا العالم أكثر من اللازم .. زوجته التي لا تكف عن متابعة إعلانات التلفزيون وتنتحر كل ليلة، ثم تصحو في الصباح وقد نسيت ذلك!.. في الفيلم قامت الممثلة جولي كريستي بالدورين معًا كجزء من الرمز الصعب. ثم تأتي الطامة الكبرى من عجوز صممت ألا يحرقوا كتبها .. بل فضلت أن تحترق معها .. "كل هؤلاء المخابيل يفضلون الموت مع كتبهم .. هذا نمط سلوكي معتاد"
هذه هي الهزة التي تدفع (مونتاج) دفعًا إلى أن يسرق كتابًا أو كتابين ليعرف سر هذه الأشياء الممنوعة التي يفضل الناس أن يحترقوا معها .. وتدريجيًا يندمج في هذا العالم السحري، ويحاول أن يتفادى شكوك رئيسه الذي يقول له: "في الماضي كانت الحياة هادئة تسمح بالاختلاف .. ثم في القرن العشرين تسارعت الحركة .. صارت الكتب أقصر ثم اقتطعت لتكون مجرد تعليق في كتاب مختارات .. أدر عقل الإنسان في آلة الطرد المركزي لتتخلص من كل الأفكار غير المجدية المضيعة للوقت .. انشر المزيد من الرسوم الهزلية في الكتب .. أعط الناس صورًا أكثر .. الرياضات الجماعية ممتعة وتغري بعدم التفكير.."
***
" مباراة الترسانة مع إنبي انتهت بفوز الترسانة بهدف وترددت الشائعات بأن إنبي ترك المباراة للشواكيش مقابل انتقال عمرو سماكة لاعب الترسانة لإنبي في الموسم المقبل"
محمد رضا - جريدة الأهالي 13 إبريل 2005
***
يواصل رئيسه في المطافئ غسل مخه: "كلمة مثقف صارت سبة كما يجب لها أن تكون ..تذكر كيف كنت في طفولتك تكره الصبي الذكي في الصف، وتختصه بالضرب والتعذيب بعد الدراسة .. إنه خوفنا المبرر من أن نكون أقل من الآخرين .. خذ صراعاتك إلى المحرقة يا (مونتاج).. النار تحل كل شيء .. النار نقية طاهرة ..ولأسباب كهذه قمنا بتخفيض سن دخول الحضانة عامًا بعد عام .. حتى أننا اليوم ننتزعهم تقريبًا من المهد إلى الحضانة . أعط الناس مسابقات يربحون فيها إذا ما تذكروا أسماء الأغاني الشهيرة أو أسماء عواصم الولايات .. أو كم من القمح أنتجته ولاية (أيوا) العام الماضي !.. أحشهم بالحقائق سريعة الاحتراق حتى يشعروا بأنهم أذكياء .. !
***
" وسقط من الشباب من سقط جرحي خلال تدافع الحلوين لاستقبال البطل العائد وتهشمت بعض السيارات خلال نفس الاستقبال! ولكن معلهش كلها خسائر لاتذكر مقابل الانتصار العظيم الذي تحقق بفضل البطل المغوار محمد عطية!! وكله علشان مصر!! وبالفعل استطاع الشباب ان يفرض التغيير ولكن فقط في هذه المجالات!! وبنفس فلوس ماما وبابا انهالت ملايين المكالمات التليفونية علي القناة الفضائية "
لبيب السباعي - جريدة الأهرام 26 إبريل 2004
***
يقول مدير المطافئ: "التلفزيون يغرقك في بحر من الأصوات والألوان بحيث لا تجد الوقت لتفكر أو لتنتقد .. إنه يقدم لك الأفكار جاهزة .."
***
"مدينة الكويت، الكويت ( CNN) -- أحيا نجوم "ستار أكاديمي" حفلتهم على مسرح أرض المعارض في الكويت، الخميس وسط مشاعر الفرح والطرب التي تجلت داخل القاعة، وغضب وامتعاض المتظاهرين من الإسلاميين الرافضين فكرة الحفل أساسا. فبعد ساعات من انتهاء الحفل، أعلن النائب الإسلامي، وليد الطبطبائي، أنه سيقدم طلب استجواب برلماني في حق وزير الإعلام الكويتي محمد أبو الحسن، الذي أصدر قرار الموافقة على إقامة الحفل."
موقع منوعات - 8 مايو 2004
***
يقول مدير المطافئ: "دعني أؤكد لك أن الكتب لا تقول شيئًا .. لو كانت قصصًا فهي تتكلم عن أناس لا وجود لهم .. لو لم تكن قصصًا فالأمر أسوأ.. أستاذ يعتبر الآخر أبله، وفيلسوف يحاول خنق فيلسوف آخر .. كلهم يكافحون محاولين محو النجوم وإطفاء الشمس .. فقط النار تستطيع أن تطهر كل هذا"
***
"كما أكد د. مجد حيدر صاحب دار ورد السورية، والمشاركة فى المعرض من خلال جناح مؤسسة روزاليوسف أنه تم مصادرة خمسة عناوين من مطبوعاته: هى رواية إحدى عشرة دقيقة للروائى البرازيلى باولو كويليو. وروايتا الوميض والوعول للأديب السورى حيدر حيدر، وروايتا ليلة الغلطة والحب الأول الحب الأخير المترجمتان عن الفرنسية للأديب المغربى الطاهر بن جلون. أما نبيل نوفل مدير دار الآداب اللبنانية فأكد مصادرة عناوين من إصدارات الدار هى رواية مسك الغزال للروائية اللبنانية حنان الشيخ، وهى رواية صادرة من أكثر من ربع قرن وروايتا خفة الكائن التى لا تحتمل والحياة هى فى مكان آخر للأديب التشيكى ميلان كونديرا المقيم فى باريس، والمرشح لنيل جائزة نوبل للآداب، ورواية مريم الحكايا للكاتبة اللبنانية علوية صبح. هذا بالإضافة لعدد آخر من الكتب التى صودرت من عدة دور نشر أخرى منها كتاب الدنيا أجمل من الجنة الصادر عن دار النهار اللبنانية للكاتب المصرى خالد البرى. وديوان أدونيس أول حب أول جسد الصادر عن دار الساقى. كما منعت مؤلفات دكتور نصر حامد أبو زيد من العرض فى دار الطليعة. "
جريدة العربي الناصري 6 فبراير 2005
***
.. سرعان ما يصير (مونتاج) رمز النظام عدوًا له .. مطاردًا .. يضطر لحرق زملائه .. ثم يفر .. يعبر النهر لتزول رائحته عن كلاب الشرطة، وعلى شاشة التلفزيون يرى عملية إعدام كاملة لرجل آخر يفترض أنه هو (مونتاج).. لقد بحثت السلطات عن أي رجل يمشي وحده في الشارع .. ربما هو مؤرق أو غريب الأطوار .. كانوا بحاجة إلى أحمق يمشي في الشارع لينقذوا ماء وجوههم وهاهو ذا .. لقد تم إعدامه أمام العدسات من دون أن يظهر وجهه لحظة واحدة ..
***
.......................... !!!!!!!!
***
يندمج مونتاج مع الثوار الذين اعتزلوا المدنية .. يعيشون وحدهم بعيدًا عن العالم وقد جعلوا مهمتهم هي الحفاظ على تراث البشرية الأدبي والعلمي .. كل واحد منهم حفظ كتابًا بعينه حتى صار هو الكتاب ذاته .. رجل هو التوراه .. رجل هو هاملت .. رجل هو رحلة الحاج .. هذه أجمل مشاهد الرواية وهي التي يتذكرها الناس كلما تحدثوا عنها .. تنتهي الرواية وقد نشبت الحرب النووية وأبيدت عاصمتهم فلم يبق من أمل لدى البشر الباقين إلا أن يحاولوا استعادة ما اختزنوه في صدورهم من تراث ..
انتهت الرواية الرائعة التي هي أقرب إلى نبوءة تحققت فعلاً .. تحققت عندهم بسبب الشهوة إلى السيطرة على العقول .. وتحققت عندنا بسبب ذلك الخوف الحيواني الغريزي من التفكير .. ذات الخوف الذي جعل الخديوي عباس الأول يعيد البعثات العلمية إلى مصر - وكان علي مبارك ضمن أفرادها - لأن (الأمة الجاهلة أسهل في حكمها من الأمة المتعلمة).. وهي غريزة يبدو أننا لن نتخلى عنها بسهولة ..
|