المنتدى :
الارشيف
قصة قصيرة : خمسة عشر سنة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالك يا اصحاب
هذه أول قصة قصيرة اكتبها
و أتمنى ان تعجبكم
إليكم القصة
خمسة عشر سنة
" خمسة عشر سنة مرت، منذ أن غادرت هذا الحي"
" خمسة عشر سنة مرت، منذ لم أرى فيها قومي"
"ياله من زمن"
" كنت فقيرا معدما، ورثت عن والدي محل النجار"
" لذلك لم يرضيني أبدا"
" كنت دوما طموحا، أسعى لكون من أصحاب المال و الجاه"
" و هنا أنا بعد خمسة عشر سنة أصبحت واحدا منه"
" طبعا، لا أحد يصبح في هذه المدة القصيرة نسبيا، واحد من أغنياء البلد، لكنني كنت داهية"
" عملت موظف بسيط في إحدى الشركات الكبرى، و بدأت أتبع أسلوب المجاملات ....
أجامل كل رؤساء عملي، و إن لم يستحقوا المجاملة في معظم الأحيان....
ليس هذا فقط، بل أضع خطط و ألفق الأكاذيب على مديري و زملائي في القسم، حتى يتم طردهم.....
و أصبح أنا المدير..."
"و بعد فترة، وجدت ضالتي....
ابنة أحد رؤساء الشركة الثلاث....
لم تكن جميلة بشكل يلفت الأنظار، لكنها كانت ترتدي الألماس الذي يلفت نظري أنا....
بدأت أتقرب منها، أحاول أن الفت انتباهها في أي حفلة تحضرها من الحفلات التي تقيمها الشركة...
و الحق يقال، أنها كانت عنيدة، و اتعبتي كثير،....
و لكنني نجحت في سلب أغوارها...."
" و هنا أنا الآن"
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه، و هو يقود سيارته الغالية الثمن، في ذلك الحي الفقير، كانت العيون كلها تتطلع إلى السيارة بتعجب، فالحي لم يعتاد على رؤية مثل هذه السيارات الكبيرة، بينما أخذ هو يدور بها على الحي من غير هدى، إلا أن لمح ذلك الممر الضيق، و ....
" نورة"
تفجر اسمها في رأسه، بصوت مدوي، عند تذكر اسمها.....
" نورة"
كيف نسيتها؟
كيف لم تخطر على بالي؟....
يالي من جاحد!...
خمسة عشر سنة، لم اسمع صورتها العذب.....
لم اسمع صوت حبيبتي...
و جارتي.....
أوقف السيارة، و ترجل منها، أخذ يمشي في ذلك الممر الضيق، أملا في أن يسمع صورتها، حتى وصل إلى نهاية الممر، قال لنفسه:
- أنه نفس الباب، لم يتغير أبدا.
قرع الباب ثلاث مرات بيده، و انتظر فترة، لم يجب عليه أحد، فقرعه مرة أخرى، فلم يجب أحدا، تمتم:
- هل انتقلوا إلى منزلا أخرا؟.
هم بمغارة المكان، لكن الباب فتحت، و أطلت منه امرأة عجوز، نظرة إلية بنظرة لم يستطيع أن يفسرها، عندما لم تتكلم العجوزة، قال لها:
- خالتي، كيف حالك؟.
لم ترد عليه، بل ظلت تنظر إليه بنفس النظرة، فأكمل كلامه:
- أنا أبن أختك الوحيدة، حمزة.....
ما أن ذكر اسمه حتى فرحت بشدة، و أخذته بالأحضان، و هي تدعوه إلى منزلها المتواضع، دخل حمزة إلى منزل، ووجد أنه لم يتغير أيدا من أن رآه آخر مرة، كانت العجوزة، تتكلم لكنه لم يسمع إلى أي كلمة تقولها، باله و فكره كله مشغول بها....بنورة
" خالتي"
خرجت الكلمة من فمه بصعوبة، لم يكن يعلم أنه قطع كلامها أبد، بل كان يهمه شخص واحد فقط، خرجت الكلمات الأخرى بصعوبة أيضا منه:
- كيف حال نورة؟!.
فجأة، و بدون سابق إنذار تغير وجه العجوزة، انعقد حاجباها بشدة، و تزايدت التجاعيد على وجهها، و هي تقول له باقتضاب:
- أمازلت تتذكرها؟.
أجابها بسرعة:
- بالطبع، كيف يمكن أن أنساها؟.
صمتت لحظة قبل أن تقول بخفوت:
- أنها بخير.
ألقى عليها سؤال آخر بلهفة:
- أين هي؟
أجابته بنفور:
- أنا في عملها الآن.
تطلع إليها بدهشة:
- نورة،.... تعمل؟!.... ماذا تعمل؟.
تطلعت العجوزة إلى باب غرفة من غرف المنزل، قالت:
- أنها تعمل في مصنع النسيج، و سوف تعود على الغذاء
أدارت عينيها له مرة أخرى، و هي تسأله:
- هل ستبقى عندنا على الغذاء؟.
أجابها بابتسامة كبيرة:
- بالتأكيد.
ابتسمت هي بدورها له، و شرعت بسرعة إلى المطبخ المتواضع في المنزل، تعد له ما لذ و طاب له، و غير أن تتبادل مع كلمة أخرى...
في الحقيقة
هو الآخر لم يهتم بالحديث معها...
كل فكره اتجهت إليها،...
إلى الإنسانة الوحيدة التي ملكت قلبه....
بالرغم من فقرها...
صحيح، أنه متزوج...
لكنه لم يحب زوجته قط....
حتى مع إنجابها له أربع أولاد...
لم يحبها و لن يحبها يوما....
لقد تزوجها فقط، لأنه أراد أن يحقق حلمه حياته....
و ها هو حققه....
أصبحت يمتلك المال....
سوف يعرض الزواج على نورة ....
هي بالتأكيد لم تتزوج، و إلا كانت تعيش في بيت زوجها، و ليس في بيت أمها...
سوف أبني لها قصرا، فهي يستحق أن تعيش فيه....
و تمنى أن تمضي الساعات بسرعة، حتى تصل و ينعم براها، و.....
" الغذاء جاهز"
التفت حمزة إلى العجوزة، ووجدها قد أعدت الطعام بالفعل، ووضعته في الطاولة، فسألها بارتباك :
- ألن ننتظر نورة؟!
أجابته بابتسامة كبيرة:
- نورة سوف تأتي بعد قليلا، كل المقبلات إلى أن تصل.
أجابها بإمارة من رأسه ، و اتجه إلى الطعام، و جلس....
أخذت بعض من المقبلات الشهية، و شرع في تناولها، و العجوزة تراقبه، و ابتسامتها تزاد اتساعا، مع تناوله المقبلات، و ....
جحظت عيناه بألم شديدة، ألقى الطعام من يده، و أمسك بطنه بشدة، و هو يئن من الألم، التفت بصعوبة بالغة إلى العجوزة، يستجد بها،...
لكن صدمه ما أرى ....
على الرغم من ألم بطنه الشديد، تطلع إلى عين العجوزة، فأرى بهما كل كره و مقت الدنيا فيهما، و تحولت تلك العجوزة الهادئة إلى أخرى شيطانية.
" سم الفئران"
نطقت العجوزة بهذه الجملة القصيرة، و هي تتجه نحو، و وجهها يحمل كل كره الدنيا:
- لقد وضعت هذا السم في طعامك"
"ل..ل....لماذا؟"
نطقها بألم شديد، و هو يسقط على الألم ن فرط الألم، فأخذت العجوزة تضحك بشدة ، بالرغم من ضعفها، قبل أن تغرق الدموع وجهها، و هي يقول بحزن الشديد:
- لأنه بسببك فقط عزيزتي ... عزيزتي نورة....
" م... ماذا"
خرجت منه بصعوبة، و العرق الغزير يغطي جسده، فأكمل قولها:
- نعم أيها الوغد.... نورة ماتت بسببك،... لم تتحمل أبدا فكرة أنك تزوجك تلك المغفلة الغنية، .... كانت تدرك أنك تزوجتها من أجل مالها.... لكن نورة الضعيفة، لم تتحمل هذا أبدا، .... لقد مرضت بشدة، ...لم أكن أعرف ما بها،... أحضرت كل أطباء الحي من أجل علاجها، لكن الكل لم يعرف ما بها.... قالوا لي إنها سوف تموت إذا بقيت على هذه الحالة..... لكنني لم أتوقع موتها بهذه السرعة..
لفظ حمزة أنفاسه الأخيرة، و هو يسمع إلى كلامه، سكن جسده تماما، لكنه لم تنتبه إلى هذا بل أكملت حديثها، و دموعها على خديها:
- قبل موتها بلحظات أعطتني قصاص ورق، عليها خبر زواجك، ففهمت كل شيء....
صمتت قليلا، و دموعها تزاد على خديها:
- و أقسمت أمام جثتها أن أنتقم منك أيها الوغد.
التفت إليه، فوجدت جسده ساكن، اتجهت إليه، و ركلت جثة بكل ما تمتلكه من قوة، ثم اتجهت إلى المطبخ و أخرجت من مكان ما علبة بنزيل، فأخذت تسكب محتواه على الجثة و أرجاء المنزل، و أشعلت عود الثقاب، لكن...
النيران التهمتها هي
لم تكن تدرك إلى أن بعضا من البنزيل قد انسكب على ملابسها.....
اشتعلت النيران على جسدها، و أطلقت صرخاتها.....
لكن لم يسمعها أحد......
و في ثواني معدودة ......
انتشرت النيران في أرجاء المنزل كله، و تحول المنزل في ساعات قليلا إلى ركام....
ركام تنتشر من رائحة جثث محترقة.......
أتمنى أن يعجبكم
و أن احصل على اراكم
ملحوظة: جميع الحقوق محفوطة لصاحبتها :3eo05175:
|