02-01-07, 01:19 AM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
الطائر الحزين |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الدراسات والدواوين الشعرية
المرأة في الشعر الأموي , اتحاد الكتاب العرب , 2000
المرأة في الشعر الأموي
جاء العصر الأموي في أعقاب مرحلة انتقالية اتسمت بتحول في منظومة القيم القديمة، وإعادة النظر في الثابت والمألوف وفي الأمور التي تقع في النفس موقع البدهيات، واعترى الشخصية العربية قدر غير قليل من القلق والتساؤل والتوزّع، وبذلك أصبحت الذات الفردية والذات الاجتماعية موضوعاً للتأمل والنظر والفحص والمراجعة ، وكانت المرأة عنصراً أساسياً في هذه الذات، فأصابها ما أصاب الذات من القلق والتساؤل وإعادة النظر.
ولم تقتصر هذه الأمور على مرآة الذات وحدها، بل تعدّتها إلى الذات الاجتماعية فإذا المجتمع يعيد من جديد النظر في مكانة المرأة من الرجل، ومن هذه الحياة الاجتماعية التي تفور وتغلي ولا ترى سوى التغيّر والتبدّل سبيلاً لها. وكانت مرحلة صدر الإسلام، بالإضافة إلى ما ذكرت، تمثل العصر البطولي في التاريخ العربي، ففي هذا العصر شهدت الفروسية العربية القديمة انطلاقتها الجبارة، فاندفعت تملؤها روح الدين الجديد تدك امبراطوريتي العالم القديم: الروم والفرس، وتقيم على أنقاضهما أول دولة مركزية للعرب في تاريخهم ويعلمنا التاريخ أن المرأة تظفر في عصور البطولة بتقدير واهتمام كبيرين.
وحين صار الأمر إلى بني أمية ظلّت أعراق من ذلك العصر البطولي القريب حية دافقة في هذا المجتمع الجديد. وكانت منظومة القيم الجديدة قد استقرت وتوطدت على الرغم مما كان يثور في وجهها أحياناً من رواسب القيم القديمة، ولكنها ثورة الذي يدافع عن نفسه حذر الانقراض لا ثورة المسيطر المهيمن الذي لا يرضى أن ينافسه أو يضارعه أحد.
ومهما قلنا عن الرّدة الاجتماعية التي شهدها العصر الأموي فإن الذي لا ريب فيه هو أن هذا العصر قد شهد تحولاً حاسماً في تاريخ المجتمع العربي، فقد انتقل هذا المجتمع بعد أن مهّد له عصر صدر الإسلام من مرحلة البداوة إلى مرحلة التحضر وفي ضوء هذه النقلة الحضارية الضخمة ينبغي أن ننظر إلى مكانة المرأة في هذا المجتمع.
وبناء على ما تقدّم تبدو المرأة في العصر الأموي مختلفة اختلافاً واضحاً عن أختها في العصر الجاهلي. فمن هي المرأة في هذا المجتمع؟ وبماذا اختلفت عن أختها الجاهلية.؟ وإلى أيّ مدى غدت ذاتاً فاعلة في الذات الاجتماعية التي تعيش بين ظهرانيها.؟
ولهذا عمدت إلى دراسة "المرأة في الشعر الأموي"، وأردت أن أرصد كلّ ما كان للمرأة في هذا العصر، وبما أن بحثي في تاريخ الأدب لا في تاريخ الحضارة والمجتمع فإنه سيحاول التحقق من فرضه العلمي في ميدانه المعرفي الخاص، ميدان الشعر الأموي نفسه، مهتدياً في ذلك برؤية نقدية محددة ترى الأدب موازاة رمزية للمجتمع دون أن يعني ذلك أنه مجرد انعكاس حتمي لحركة المجتمع لا يتأخر عنها ولا يتقدم ولا يتنبأ ولا يقترح، بل هو انعكاس يعبّر عن روح المجتمع ومناخه العام ويعبر عن الراهن فيه، وعمّا يسمعه بحسه المرهف من حشرجات الموت وآلام الولادة، وعما يستشعره من أحلام غامضة وأشواق قصية. وبذلك فهو يتمتع باستقلاله الذاتي، ويكوّن بنية حيّة فاعلة في البنية الاجتماعية تخضع لقانون "التأثر والتأثير" لا بنية خاملة معزولة عاكسة فقط، ولذا فهو يواكب ويتنبأ ويقترح.
وفي ضوء هذا التحديد الدقيق يكون قد اتضح الفرض العلمي لهذا البحث، وتحدد ميدانه المعرفي، وتحدد منهجه العلمي النقدي، أما الفرض العلمي فهو "وضع المرأة في هذا المجتمع الأموي الجديد" وأما ميدانه المعرفي فهو "الشعر العربي زمن الأمويين"، وأما منهجه النقدي فهو "المنهج الواقعي" بكل ما اغتنى به من حوار وأفكار لدى الباحثين المعاصرين.
والبحث يتألف من مقدمة، وثلاثة أبواب، وخاتمة. وألحق به مسرداً بأهم المصادر والمراجع.
أما الباب الأول فيتناول "المرأة والحياة الاجتماعية في الشعر الأموي" يضم البحث ثلاثة فصول، تناولتُ في الفصل الأول "المرأة والأسرة في الشعر الأموي" فتحدثت عن وضعها أماً وزوجاً وبنتاً.
وتناولت في الفصل الثاني "المرأة والقبيلة في الشعر الأموي" وكشفت في الفصل الثالث عن "المرأة والمجتمع في الشعر الأموي"، فميزت بين النساء في المدن والنساء في البادية، وفي حديثي عن نساء المدن ميزت بين طبقتين من النساء: النساء المغنيات وهن من الموالي، ونساء الطبقة الثرية الراقية في الحجاز ودمشق والعراق.
وأما الباب الثاني فقصرته على "هيئة المرأة وأخلاقها في الشعر الأموي" وغرض هذا الباب هو الكشف عن شكل المرأة وصورتها الواقعية كما سجلها الشعراء، وجعلته في ثلاثة فصول، تحدثت في الفصل الأول عن "أخلاق المرأة في الشعر الأموي" وفي الفصل الثاني عن "جمال المرأة في الشعر الأموي" وعرضت في الفصل الثالث "لهيئة المرأة ومظهرها" وتضمن الحديث عرضاً لملابسها وحليها وعطورها.
وخصصت الباب الثالث للحديث عن "المرأة والاتجاهات الفنية في الشعر الأموي" فتحدثت عن "المرأة في موضوعات الشعر الأموي ومعانيه وأخيلته" في الفصل الأول، فعرضت للمرأة في الشعر السياسي على نحو ما تظهر في شعر الفرق أو الأحزاب السياسية كالشيعة والخوارج والزبيريين. وتناولت صورة المرأة في شعر المديح فكشفت عن صورتها في ذلك التمهيد الذي درج بعض الشعراء على أن يوطئوا لمديحهم به، وعن صورتها في تضاعيف المدح نفسه وتناولت صورة المرأة في النقائض. وعملت على أن أجلو صورة مزدوجة للمرأة، ولكن هذه الازدواجية تنبع من موقف واحد هو: الإيمان العميق بأهمية المرأة في الحياة. وتناولت صورة المرأة في شعر الرثاء وصورتها في شعر الحب القصصي والتحليلي.
وأما الفصل الثاني فعقدته للحديث عن "المرأة والمعاني في الشعر الأموي" وأقمت موازنة بين تيارين من المعاني خضع لهما الشعر الأموي: التيار الجاهلي القديم، والتيار الإسلامي الجديد، وكشفت عن مدى تأثر صورة المرأة بهذين التيارين. وأما الفصل الثالث فقصرته على الحديث عن "المرأة والصورة الفنية" وكان غرض هذا الفصل الكشف عن المزاوجة الماثلة في خيال الشعراء بين العالم الطبيعي والعالم الأنثوي.
وأما الخاتمة، فقد لخصتْ أبرز ما وصلتُ إليه من نتائج وبينتْ إلى أي مدى يصدق الفرض العلمي الذي انطلقت منه في هذه الدراسة.
والله أسألُ أن يسدد الرأي والقول معاً.
للتحميل من هنا
|
|
|