بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل السابع و الأربعون
الدخول إلى عالم الكويو
لم يحدث أي جديد في المهلة التي قد حددها لهم (أكيهيرو) , فقد داوم (رانمارو) على التدريب المستمر , لم يقاطعه أحد , بل انزوى الجميع في جانب بمفردهم كي لا يخرجوه من جو التركيز الذي كان فيه , لكن من وقت لآخر كانوا يتحدثون معه , عما قد أنجزه , عما تعلمه , في آخر لقاء جمع بينهم , كان ذلك في اليوم الثامن و العشرين , قال لهم فيه :
-لقد أتقنت التعويذة التي استطعت بها التغلب على قادة القرية الصينية !
كان خبرا سعيدا , فهو قد أخبرهم منذ أن قابل وحشه بما قاله عن ضرورة أن يتعلم ليصير قويا , كان يعلم جيدا أن ما يعرفه حتى الآن مجرد تعاويذ متوسطة المستوى , لكن تعويذة الفارس تلك كانت التعويذة الوحيدة عالية المستوى , كذلك لم يكن قد أتقنها بعد , بالطبع كانت شيء سيء بالنسبة , لهذا قد استغرق وقتا طويلا في تعلمها جيدا , و أخيرا...
-هل أنت مستعد جيدا رانمارو ؟!
نظر (رانمارو) نحو وحشه , كانت قوته قد زادت قليلا , معطفه قد تجاوز منتصف جسده , لكنه ليس كاملا بعد , فقال له :
-نعم سيدي , اليوم هو اليوم الموعود , أتمنى أن أحقق هدفي !
نظر تجاهه الوحش , فقد رأى تصميمه , صدر صوت النسر الذهبي :
-يبدو أنك قد نضجت قليلا رانمارو !
نظر نحوه و ابتسم , لا يعلم السبب لكن وحش ياكو لم يدربه على الاطلاق , حتى تعاويذ (ياكو) كان قد تعلمها من وحشه , قد برر له ذلك التنين بأنه يجب للفرد أن يتعلم من سيد واحد , فإذا واجه قوة سيدين مرة واحدة في التدريب ربما يحدث له ضرر كبير , بالطبع كان هذا سببا منطقيا , لكنه حتى الآن يشعر بعزلة عن وحش (ياكو) , قال للتنين :
-سيدي , لدي تساؤل أود طرحه , شيء يقلقني !
نظر نحوه التنين ثم قال :
-ماذا هناك رانمارو؟!
ظهر التردد واضحا على وجه (رانمارو) قبل أن يقول :
-لازلت غير متفهما لسبب قبولك بمشاركتي وحش ياكو , بالطبع أنا أريد أن أصبح قويا , لكن ليس بجعل صديقي و أخي يشاركني قواه , بهذا تفقد عائلته النبل الذي تتحلى به , فهو لا يستحق ذلك !
قالها (رانمارو) وهو ينظر نحو وحشه , ظل وحشه صامتا في حين تابع (رانمارو) :
-بالطبع كون قوتك لا تكفي قوتي الداخلية شيء يسعدني , فهو يؤكد أنني قوي , لكن كانت هناك طريقة أخرى , و هي بدخولي عالم الترقي , نعم هي طريقة صعبة لكن للأسف هي أفضل من تدمير نبل عائلة ياكو !
ظل التنين و النسر صامتين للحظات قبل أن يقول التنين :
-كنت أدرك أنك لن تقتنع بهذا السبب , لكن قل لي من أين لك بدخولك عالم الترقي في ذلك الوقت ؟!
نظر نحوه (رانمارو) في دهشة , فبالفعل هو لم يفكر في هذا الأمر , تابع التنين :
-لا تقلق نفسك بأشياء ستظهر لك أسبابها في النهاية , الآن فقط ركز فيما أنت مقدم عليه..!
نظر نحوه (رانمارو) ثم أومأ برأسه متفهما , استدار ليغادر المكان لكن استوقفه التنين صائحا :
-لا تنس , لا تستخدم تلك التعويذة أبدا , فأنت إن استخدمتها فستسهلك طاقتك كلها , ربما تفقد حياتك معها , لا تتهور و تستخدمها !
التفت ناظرا نحوه , ثم تابع سيره في صمت , فاليوم هو اليوم الموعود , و الساعة قد أعلنت عن تمام السادسة مساءا , سوف يغادرون الآن متجهين نحو مصيرهم المحتوم..
***************************
وصل الجميع إلى هذا القصر البديع , دخلو من البوابة حيث استقبلهم (أكيهيرو) بالترحاب , سلم على الجدد و تعرف عليهم في ردهة القصر التي سبق و أن انتظره (رانمارو) و الفتاتان معه سابقا , نظر نحو (رانمارو) و قال له :
-هل أنت جاهز ؟!
أحس (رانمارو) كأن دقات قلبه قد صارت كضربات مدفع يسمع صوتها في أذنيه في كل دقة , لم يجاوبه بل أومأ برأسه , فقال (أكيهيرو) :
-هيا , فنحن لن ندخلك عالم الترقي هنا , بل سيكون في مكان آخر !
قالها و غمز بعينه اليسرى نحو (رانمارو) وهو يبتسم , لكنه لم يبتسم ردا له , بل اكتفى بأن يسير خلفه , وجد ثلاث عربات فخمة في انتظارهم , ركب (رانمارو) مع (أكيهيرو) و معهم (هارونا) , في حين ركب (ياكو ) و (تابيتو) و (ريميكا) في سيارة أخرى , أما السيارة الأخيرة فقد ركبت فيها (ناجومي) و (تاكامي) و معهما (هيكارو) و(ساكورا) , فقد رفضت البقاء في المنزل و فضلت الحضور معهم كي ترى هذا الحدث العظيم , سار الموكب في رهبة سكون واضح سيطر على جميع ركاب العربات الثلاثة , سارت العربات في طريق ممهد , ثم ابتعدت عن الطريق لتسير في طريق غير ممهد داخل غابة كبيرة , لم يستفسر أي فرد ممن موجود بالموكب عن أي شيء , فقد سيطر شعور بالقلق و الخوف و الرهبة ممتزجين ببعضهم البعض على كل فرد منهم , استمرت الرحلة قرابة ساعة كاملة , حتى وصلوا لمكان واسع , الأرض فيه ممهدة كما لو أن هذا المكان كان معدا قبل ذلك , توقفت العربات , ترجل الجميع عنها , نظروا حولهم , وجدوا قرابة خمسون رجلا يقفون في صفين ناظرين نحوهم , كانت العربات قد وقفت عند بداية طريق معبد بالأحجار القديمة ينتهي بمبنى كالقبة الزجاجية, كانت قبة زجاجية مرفوعة إلى أعلى بدعامات إسطوانية زجاجية أيضا , كانت ألوانها جميلة , حيث كان يوجد بداخل الزجاج ألوان غريبة , لا يعرف (رانمارو) لماذا لكنه شعر و كأنها أشياء موضوعة داخل القبة , كان صفي الأشخاص يحددون هذا الطريق المعبد , أما في خارج المنطقة , و حول هذا المكان قد تراص رجال كثر للغاية , ربما يربو عددهم على ثلاثمائة شخص , هكذا فكرت (تاكامي) , لكنها قد أدركت شيئا واحدا , أن هؤلاء الخمسين هم أهم رجال المدينة , كانت تدرك أن فيهم رؤساء العائلات و نوابهم على أقل تقدير , مما أضاف لرهبة الموقف رهبة المكان و رهبة الحاضرين , سار (رانمارو) يتبع (أكيهيرو) , في حين توقف الآخرون يقفون أمام هذا الطريق , توقف (رانمارو) عندما توقف (أكيهيرو) في منتصف الطريق , التفت لينظر نحوه ثم قال :
-عزيزي , لا أقدر أن أصف لك ما أشعر به , لكني أشعر بالفخر من وجود شخص مثلك في حياتنا , شخص قد استطاع التغلب على الخوف الذي ملأ صدورنا لفترة تجاوزت أربعة عشر عاما بقليل , كنت أتمنى أن يكون التحدي غير هذا , لكن هذا ليس بيدي , فهذا قرار مجلسنا الموقر , لكني لا أملك سوى الدعاء لك بالنجاح في هذا التحدي , أتمنى لك التوفيق !
قالها و التفت ناظرا نحو (ريميكا) , أشار لها كي تأتي , تحركت بخطوات بطيئة نحوهما , ثم تخطتهما نحو القبة , كان يبدو أنها تعرف ما ستفعله جيدا , فهذا هو بيت الكويو , كانت تشعر بانقباض في صدرها , لقد فعلت هذا الأمر عشرات المرات من قبل , لكنها لم تشعر بما تشعر به الآن , تابعت سيرها وسط هذا الموكب الذي احتشد ينظر لها في تمعن , سارت حتى وصلت لداخل القبة , توقفت في منتصفها , نظرت لأعلى , كانت القبة بها رسمة منقوشة ببروز على الزجاج , كانت كلمة (كويو) مكتوبة باللغة السحرية , تنهدت بعمق , جلست في وضع التدريب الخاص بها , نظرت نحو الجميع , وجدت الجميع قد حبس أنفاسه ترقبا لما سيحدث , أغمضت عيناها , ثم قالت :
-كايتو !
صدر شعاع أبيض وهاج , سطع وسط ظلمة هذا الليل , اندفع الشعاع خارجا من العصا يريد التحرك خارج القبة , لكن لسبب ما لم يتجاوزها , بل تحرك داخل زجاج القبة , أخذ يدور بها , يدور و يدور , صارت القبة الآن قطعة مضيئة في هذا المكان , شمس صغيرة سطعت بهذه الأرض , ظل الضوء يزداد , و يقوى لمعانه حتى لم يعودوا قادرين على رؤية (ريميكا) رويدا رويدا لم يستطيعوا رؤية القبة , الزجاج الموجود بها , الأعمدة التي تستقر فوقها , فجأة ازداد الضوء دفعة واحدة ثم انحسر , انحسر ليكون شيئا غريبا , تحولت القبة ومن بداخلها لبوابة , كانت الألوان التي قد رآها من قبل (رانمارو) داخل الزجاج قد أصبحت كتابات بلغة لا يعلمها , كتابات لامعة براقة ,فتحت أبوابها بصوت مرتفع معدني محدثة صرير مزعج , حدق الجميع بما بداخلها, كانت البوابة بداخلها شيء يشبه السحاب , كان يبدو أنها فتحة على السماء البعيدة , نظر (رانمارو) نحو (أكيهيرو) , قبل أن يتكلم وجده قد تنحى جانبا ليقف في مكان فارغ بالمنتصف يوجد بصف على يسار (رانمارو) , نظر نحوه بدهشة , لكن (أكيهيرو) لم يفعل شيئا سوى أن أِشار له أن يتقدم , ابتلع ريقه بصعوبة , التفت حوله , وجد الجميع يحدق به , التفت خلفه وجد رفقائه يلوحون له بأيديهم , مما شجعه على التماسك , قبض على مقبض عصاته أكثر من مرة مرددا في نفسه :
((-أنا قادر على فعلها , أنا قادر على فعلها , أنا قادر على فعلها ))
شعر بحرارة تسري في جسده , شعر بطمأنينة تفيض في قلبه , بثقة تجتاح نفسه , أغمض عينه , ظل هكذا لثانيتين , ثم فتحهما , نظر نحو الباب بثقة , بدأ سيره , بدأ خطواته نحو هذا الدرب , كان صفي الأشخاص يتوقف عند مسافة تقدر بحوالي عشرة أمتار تقريبا بعدا عن البوابة , تخطى حاجز الصفين , استمر في سيره بهدوء نحو البوابة , وقف عندها , نظر نحو الداخل لكنه لم ير شيئا , رفع يده الممسكة بالعصا و أدخلها , فدخلت بسلاسة , شعر ببرودة خفيفة تجتاح يده , دفع يده أكثر و أكثر للداخل , لم يجد شيئا يعوق سيرها , فتشجع , فخطا خطوة بقدمه اليمنى للداخل , تبعتها قدمه اليسرى , فجأة أصبح داخل البوابة , شعر و كأن شيئا باردا قليلا يحيط به , كان لا يدرك ماهيته , لكنه لم يشعر بمثل ذلك الشعور من قبل , كان شيئا يريح الأعصاب , فجأة شعر و كأن هناك من يدفعه للأمام بيسر , حاول أن يتلفت ورائه ليعرف من يقوم بذلك , لكنه لم يستطع , أدرك للمرة الأولى أنه غير قادر على الحركة , ظل هكذا لبضع ثواني , بعدها سطع ضوء قوي طغى على رؤيته , فأغمض عينيه اتقاءا من هذا الضوء العالي , شعر و كأنه قد سقط على أرض رملية , فتح عينيه فوجد نفسه مستلقي على أرض رملية بالفعل , و أمامه يوجد رجل غريب , رجل يلبس ملابس لم يرَ أحد يرتديها سوى أشخاص معينين فقط , رجال مصر الفرعونية القديمة !
-من أنت ؟ و أين أنا ؟!
تسائل (رانمارو) وهو يقف من على الأرض ينفض عن ملابسه حبات الرمال التي التصقت بها , نظر نحوه الرجل المصري , وقال :
-لماذا جئت هنا ؟!
نظر نحوه (رانمارو) وهو يضيق عينيه ثم قال :
-جئت من أجل أن أدخل في عالم الترقي ؟!
-لماذا؟!
رد عليه :
-لا شأن لك بهذا , أريد فقط أن أدخل عالم الترقي !
نظر نحوه الرجل بصرامة , لكن (رانمارو) لم يعره أي اهتمام , فما كان يهمه حقا هو ما نوع المهمة التي عليه أن يؤديها في هذا العالم الغريب , قال له الرجل في برود :
-حسنا , لديك مهمة عليك القيام بها , يوجد رجل قاتل هارب , هذا الرجل خطير جدا , هو موجود داخل هذا المعبد ...
قالها و استدار يشير نحو معبد مصري قديم , كان ضخما جدا , أعمدته كبيرة و عالية , تعجب (رانمارو) من أنه لم يلاحظه في البداية , فشيء ضخم كهذا لا يمكن ألا يراه أحد , نبهه الرجل بقوله :
-عليك أن تمسك به حيا أو ميتا , إذا فعلت هذا فأنت ستنجح في مهمتك هنا , هيا , فلترنا مهارتك أيها المتحذلق !
قالها و اختفى الرجل وابتسامة السخرية تغطي وجهه , تعجب (رانمارو) من اختفائه , لكنه ليس الشيء الوحيد الغريب هنا , شهر عصاته و قال :
-كاي !
تحولت العصا لشكلها المعتاد , غطى المعطف أكثر من نصف جسده , سار بخطوات حذرة داخل المعبد , كان الصمت المطبق يسيطر على الأجواء , شعر برهبة شديدة عندما خطى أول خطوة داخل المعبد , هنا لمح ظل شخص تحرك بسرعة بين عدة أعمدة موجودة أمامه , تحرك (رانمارو) بحرص , فهو كان يدرك أن مهمته هو إلقاء القبض على هذا القاتل , ظل يسير بخطوات حذرة حتى وصل لمكان واسع , تحيط به الأعمدة من كل الجهات , كان مربع الشكل , متسع جدا , يبدو و كأنه ردهة هذا المعبد , في الطرف المقابل وجد رجلا ملثما يلبس ملابس صفراء واقفا في انتظاره , سار (رانمارو) حتى دخل إلى المكان , حملق في الرجل كما حملق الرجل فيه لبرهة , بعدها تكلم الرجل :
-عد من حيث أتيت , أنت لست ندا لي !
قالها بصوت جهوري , تردد صداه في المكان و بين الأعمدة الكثيرة فاستمر يتردد لفترة قاربت على النصف دقيقة تقريبا , بعدها سكن كل شيء تقريبا كما كان من قبل , فرد (رانمارو) :
-أنا لن أغادر مكاني حتى أقوم بإلقاء القبض عليك !
تردد صوت (رانمارو) الصارم , لكنه ليس مثل صوت الغريب , الذي علا صوت ضحكاته عندما سمع كلمات (رانمارو) , بعدما انتهى منها قال وسط صدى الضحكات :
-هل تظن أنك تستطيع أن تأسرني ؟! ألا تعلم أنهم قد حاولوا من قبل كثيرا من المرات لكنهم فشلوا ؟! ومن حاول قبلك كان أقوى منك بكثير , فكيف تأتي إلى هنا و تقول بكل جرأة أنك تريد أن تقبض علي ؟!
اتسعت عينا (رانمارو) دهشة مما كان يقوله الغريب , فتابع الغريب وهو يتحرك نحو (رانمارو) :
-لا تقلق نفسك عزيزي , أعرف أنهم قد غرروا بك , لكن لا تقلق , فسوف أخرجك بنفسي من هذا المكان , كما سأخرجك من الدنيا بأسرها ...
قالها و حدث كل شيء بسرعة , تحول هذا الشخص لتنين ضخم , يشبه سيده , وصلت دهشته لمداها , لماذا لدى هذا الشخص تنين مثله ؟! لم يدرِ السبب , لكن ...
((-ماذا حدث لك رانمارو؟!))
صدر صوت الوحش مترددا في أعماقه بعنف , نبهه ذلك لما هو فيه , نبهه إلى حقيقته , عندما أدرك ما حدث له , عندما شعر بأنه كاد أن يفقد كل شيء بسبب لحظة يأس لعينة , اشتعل بالغضب , نظر مضيقا عيناه نحو هذا الغريب الذي قد تحول إلى تنين , وقال :
-لقد جئت هنا لأقبض عليك , فإن لم تقبل هذا بطريقة سلمية , فسأجبرك عليها بنفسي ...
زمجر التنين , وهو ينظر نحوه , زمجر (رانمارو) هو الآخر , فتح التنين فمه و أخرج تيار من النار القوي , قفز (رانمارو) لأعلى في خفة وسرعة متجاوزا هذا الخطر , قال :
-للأسف لا أملك وقتا أضيعه معك أيها اللعين , سأستخدم معك أقوى تعاويذي , فهذه هي الطريقة الوحيدة ...
قالها و قبض على عصاته بكلتا يديه , أغمض عينه , أخذ يستجمع طاقته الروحية , ثم فتحهما وهو يصرخ :
-ريون كيشي !
تلونت مقدمة عصاته بلون أحمر قاتم , بعدها اندفعت سحابة ضخمة أمام العصا , من وسطها صدر صوت صهيل فرس , انقشعت السحابة فجأة لتكشف عن فرس ضخم يعتليه فارس يبعث منظره الرعب فيمن يراه , رفع الفارس سلاحه الغريب , و الذي قد أضاف لنهايته تلك الكرة المسننة من معركة سابقة , لكنها قد اصطبغت بلونه الأحمر تاركة لونها الأسود السابق بعيدا , صاح (رانمارو) فيه عند وصوله للأرض :
-هيا هاجمه بكل قوته !
تحرك الفارس بسرعته المعهودة مندفعا نحو التنين , رفع التنين ذيله و وجهه نحو الفارس , رفع الفارس سلاحه و هوى به مقابلا ذيل التنين , لدهشة (رانمارو) فقد أوقف التنين حركة الفارس , و لم يستطع سلاح الفارس أن يخترق ذيل التنين , لم يحدث به أية خدوش , كان يبدو أن طاقتيهما متقاربة , جز (رانمارو) على أسنانه , فقد عدل التنين من رأسه موجها إياها نحو الفارس , اندفع سيل جارف من النيران نحو الفارس , رفع يده اليسرى حاملة الدرع لتتصدى لهذا الجحيم , بدا أن الفارس لن يصمد طويلا , زمجر (رانمارو) قائلا:
-لن أدعك تدمره أيها اللعين !
رفع عصاته وصرخ قائلا :
-فونكافان هاريتسو !
تلونت طرف العصا بلون أحمر , اندفعت دفقة من الآشعة تجاه الأرض تحت أقدام التنين , حدثت رجة خفيفة , تبعها صوت ضخم صادر من أسفل أقدامه , كانت تعويذة قوية للغاية , فقد خر (رانمارو) ساقطا على الأرض وهو شاحب قليلا , يبدو أنها قد استهلكت جزء كبير من طاقته , نظر نحو التنين , كانت الأرض تحت قدمه قد بدأت في الارتفاع , بدت و كأنها تكون تل صغير , ارتفعت عن سطح الأرض لمسافة تصل إلى خمسة طوابق كاملة , بعدها توقفت عن الارتفاع كما توقف التنين عن نفث النيران , فقد انتبه لما يحدث أسفله , التفت ينظر نحو الأرض التي قد ارتفعت , هنا صدر صوت زمجرة من الأرض , مع حدوث زلزال صغير , تلونت بعدها قمة الأرض المرتفعة بلون أحمر غريب , حملق التنين في هذه الأرض الغريبة , فجأة اندفع سيل من الحمم من فوهة هذا المرتفع الصغير نحوه , قفز إلى أعلى تحت تأثير اندفاع تلك الحمم , تردد صوت الحيوان المتوحش عاليا يهز جنبات المعبد , سمع (رانمارو) صوت سقوط العديد من الأعمدة تحت تأثير موجات هذا الصوت العنيف , فهو قد وضع كلتا يديه على أذنيه اتقاءا لهذا الصوت , صاحب سقوط التنين على أرضية المكان هزة ضخمة , فقد سقطت بعيدا عن الفوهة التي لازالت تخرج ما في أحشاءها من حمم , ظلت هكذا للحظات بعدها توقف سيل الحمم عن الخروج , أما الفارس فقط استطاع أخير أن يغرس سلاحه في ذيل التنين فاصلا هذا الجزء عن جسده , ثم اختفى تاركا (رانمارو) بمفرده مع الوحش , نظر تجاه الوحش , كان قد سقط يئن على الأرض , كان ذيله ينزف بشدة , وقف (رانمارو) بضعف , سار مترنحا قليلا نحو الوحش , لكن...
-هل تظن أنك تستطيع التغلب علي بتلك التعاويذ فقط ؟!
قالها التنين وهو يقف بصعوبة , كان يبدو عليه الانهاك أيضا , كانت طاقة (رانمارو) قد قاربت على الانتهاء , لم يدر كيف تحمل التنين كل هذه الصدمات , كانت بطنه تنزف بشدة نتيجة اندفاع الحمم نحوه , تكلم الوحش قائلا :
-الآن قد وصلت إلى نهاية قوتك , هيا اعترف بفشلك , هيا تخل عن كل شيء , هيا أعلن استسلامك و فشلك !
صرخ فيه (رانمارو) بكل قوته :
-كيف تجرؤ أيها اللعين ؟! أنا لن أترك أحلامي كلها تضيع هباءا , تعبي و تعب رفقائي لن يضيع سدى !
ضحك الوحش ثم قال :
-أنت لا تدرك حقيقة وضعك الآن , سأقولها لك مجددا بصورة أكثر بساطة , أنت بمفردك الآن , لم تعد قادرا على أداء تعاويذ قوية , ربما لو كانت لديك طاقة تكفي لتقوم بتعويذة أخرى ربما حينها كنت قد صرعتني حقا و أجهزت علي , لكنك لا تملك لحسن حظي و لسوء حظك مثل هذا القدر من الطاقة , فأنت على مشارف انتهاء طاقتك !
قالها و استمر يضحك , في داخل (رانمارو) كان يدرك حقيقة وضعه السيء , فكل ما قاله الوحش صحيح تماما , إنه لا يرغب في أن يفشل , إنه لن يرغب في أن يضيع حلمه ...
-كلا !
قالها فتوقف الوحش عن الكلام , نظر نحوه محدقا فيه بينما تابع هو :
-كلا , إنه ليس حلمي بمفردي ...
قالها و أخذت طاقته تخرج على نحو كبير , أخذت تحيط بجسده , تحيط به على شكل لفات حلزونية , كان أشبه ما يكون حينما أزال الختم من على وحش (ياكو) , قال الوحش مندهشا مما يفعله :
-ماذا تفعل أيها اللعين ؟! لن تستطيع أن تحقق شيئا بموتك هنا , لن تستطيع أداء تعويذة واحدة و أنت لا طاقة لديك بعدها , لابد لك من أن تكون لديك بعض الطاقة المتبقية للتحكم في ...
-اخرس !
صرخ في الوحش , صمت الوحش تحت تأثير صرامة كلمته , ثم تابع (رانمارو) :
-لا أريد أن أسمع مزيدا من هذا الهراء مرة أخرى ... سأريك من هو رانمارو ...سأريك من هو سليل عائلة اليوشاهارو !
قالها و صرخ , صرخ بكل قوته , كان ما يتردد في عقله و قلبه بصوت عالى تحذير التنين له
((-لا تستخدم تلك التعويذة رانمارو , ستفقد حياتك حقا , لا تقم بها , ستستهلك طاقتك, لا... ))
لم يعر لكلامه أدنى اهتمام , فقد قرر , لا يهم من سيرى تحقيق الهدف , لكن الأهم حقا هو تحقيقه , ربما لن يكون قادرا على رؤية حلمه يتحقق , لكن ...
-لن أدع حلمي و حلم الجميع يضيع بسببي أيها اللعين , سأقوم بها أيها التنين , سأحقق نصري عليك أيها اللعين ...
((-ساكورا ,ياكو , هارونا , تاكامي, تابيتو , ناجومي , هيكارو , ريميكا ...وداعا !! ))
تردد في عقله صوته وهو يتذكر صورة كل من رفقائه , و يتذكر لقطات سريعة من حياته القصيرة معهم , و أخيرا تخيل شكل قريته وهي مبنية , شعارها يرتفع عاليا في عنان السماء ...
-ريون مونوجاتاري سوبيتا !
أضاءت طرف عصاته بضوء أحمر لامع , نظر التنين نحوه وصرخ في رعب :
-لا , ليس تلك التعويذة أيها اللعين !
قالها وهو يصرخ , و الضوء يخرج من العصا يغمر المكان , كانت كانفجار صغير يحدثه (رانمارو) بعصاته واضعا نهاية لمهمته المستحيلة ...
يتبــــــــــــــــــــع...................