كاتب الموضوع :
khoulud
المنتدى :
من عيون الشعر العربي والعالمي
اقتباس :-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khoulud |
سوف أتحدث عن شاعرنا العظيم التونسي الشاعر أبو القاسم الشابي، حيث ولد وُ شاعرنا في 26 فبراير/شباط 1909 بمدينة "توزر" بالجنوب الغربي لتونس. كان أبوه من رجال القضاء الشرعيّ، فشبّ الطفل في بيئة عربيّة إسلاميّة. حفظ القرآن ودخل "جامع الزيتونة" يدرس علوم الدّين ومتون اللغة والأدب، ثم التحق بالمدرسة التونسيّة للحقوق فتخرّج بشهادتها في القانون سنة 1930 تزوج وأنجب ابنين، ولم يشتغل قطّ في سلك أو وظيف. لم يلبث أن أرهقت العلّة قلبه، ومات في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1934 ولمّا يتجاوز من السنّ الخامسة والعشرين.
كان أبو القاسم فتًى رقيق النفس، يقظ الحسّ، عنيدًا، جرئ الفكرة صريح القول. قال الشعر باكرًا متأثرًا بالقدامى و"بالمعرّي" بالخصوص، الذي وجد في تشاؤمه ما يتجاوب مع قلقه الباطن ومزاجه المتقلّب.
وترامت إلى تونس في ذلك العهد أصوات المجدّدين من شعراء المهجر بأمريكا، وجماعة "الدّيوان" في مصر فلقوا في روح الشابّي الثائرة أصدق ناصر. وعرّفه صديقان أديبان من ذوي اللسانين العربيّ والفرنسي بشعراء فرنسا الرومانسيين، وعلى رأسهم "لامرتين"، هذا إلى تهافته على ما كان يُترجَم إلى العربية في المشرق العربيّ من تآليف الأوروبيين، فافتتن، وهو "الزيتوني"، بأدب الغرب.
بقاعة "الخلدونية" سنة 1928، ألقى محاضرته الشهيرة التي حمّل فيها النفس العربيّة كل الذنوب في تأخّرنا عن مواكبة حضارة العصر; فنادى بتحرير الشعر العربيّ من كلّ رواسم القديم والاقتداء بأعلام الغرب في الفكر والخيال وأشكال التعبير. وقسا بالأحكام والنقد حتى صدمت محاضرته عقول المحافظين من رجال الثقافة والسياسة فجعلوا يعرّضون به في المجالس. بدأت نفسه تضيق بحدود البيئة، فاتخذ من مجلة "أبولّو" بالقاهرة منبرًا، ونشر فيها عددًا من قصائده الكبار، جعلت رئيس تحريرها الشاعر أحمد زكي أبو شادي يطلب من شاعرنا الشاب أن يكتب مقدمة ديوانه "الينبوع". ثم عكف الشابّي على إعداد ديوانه "أغاني الحياة" للنشر في القاهرة برعاية "أبولّو"، إلا أنّ الموت عاجله.
نعت البعض الشابّي في حياته تارةً بأنه رومانسي وأخرى بأنه رمزيّ، لكن الكل أجمع على أنه حوّل مجرى الشعر في تونس، فعَلا به عن "الاجتماعيات" و"الأخلاقيات" و"السياسيات" و" وعظ الوُعاظ وتأريخ المؤرخين". حصر همّه في المأثور من أبنية الشعر العربيّ، وفيها سكب شعره الجديد، الذي كانت آية إبداعه جمالُ اللغة وموسيقاها الفائقة من الإيقاع الموزون والنّغم المردّد، والصور البِكْرِ من التشبيه والاستعارة التي تقرن بين المتباعدات من الأحياء والأشياء. لغة شعرية غنّى بها، حسب نوباته: بأسى النفس وغربتها، أو بنشوتها ثملى "بجمال الوجود" وبحبّ المرأة، وبالشعب إذا هبّ يردُّ على عسف الطغاة.
ولقد أخترت هذه القصيدة من قصائده، وإن شاء الله فى المرات القادمة، سوف أكتب عن أشعار أخرى :
وهي قصيدة نشيد الجبار :
نشيد الجبار
أو هكذا غنى بروميثيوس
ســأعيشُ رغــمَ الـداءِ والأعـداءِ كالنَّســرِ فــوق القِمَّــةِ الشــمَّاءِ
أرنـو إلـى الشـمسِ المضيئةِ.. هازئًا بالسُّــحْبِ, والأمطـارِ, والأنـواءِ..
لا أرمــقُ الظـلّ الكـئيبَ.. ولا أرى مــا فـي قـرارِ الهُـوّةِ السـوداءِ..
وأسـيرُ فـي دنيـا المشـاعرِ حالمًـا غـرِدًا - وتلـك سـعادةُ الشـعراءِ -
أُصغـي لموسـيقى الحيـاةِ, ووحْيِهـا وأذيــب روحَ الكـونِ فـي إنشـائي
وأصيــخُ للصــوت الإلهـي الـذي يُ حــيي بقلبــي ميّــتَ الأصـداءِ
******
وأقــول للقــدرِ الــذي لا ينثنـي عــن حـرب آمـالي بكـلِّ بـلاءِ:
"لا يطفـيءُ اللهـبَ المؤجَّـجَ في دمي مـوجُ الأسـى, وعـواصفُ الأرزاءِ"
"فاهْدِمْ فــؤادي مـا اسـتطعتَ, فإنـه ســيكون مثـل الصخـرةِ الصمـاءِ"
"لا يعـرفُ الشـكوى الذليلَـة والبكـا, وضَراعَــة الأطفــالِ والضّعفـاءِ"
"ويعيشُ جبَّـــارًا, يحــدِّق دائمًــا بـالفجرِ.. بـالفجرِ الجـميل, النـائي"
"واملأ طـريقي بالمخـاوفِ, والدُّجـى وزوابــعِ الأشــواكِ والحصبــاءِ"
"وانشرْ عليـه الـرُّعبَ, وانـثر فوقـه رُج ـمَ الـرّدى, وصـواعقَ البأسـاءِ"
"سأظلُّ أمشــي رغـم ذلـك, عازفًـا قيثـــارتي, مترنِّمًـــا بغنــائي"
"أمشي بـــروحٍ حــالمٍ, مُتَــوَهِّجٍ فــــي ظلمــــةِ الآلام والأدواءِ"
"النورُ فــي قلبــي وبيـن جوانحـي فعـلام أخشـى السـيرَ فـي الظلماءِ!"
"إني أنــا النــايُ الـذي لا تنتهـي أنغامُــه, مــا دام فــي الأحيـاءِ"
"وأنا الخــضمُّ الرحْـبُ, ليس تزيـدُه إلا حيـــاةً ســـطوةُ الأنـــواءِ"
"أمَّا إذا خــمدتْ حيــاتي, وانقضـى عُمُــري, وأخرسـت المنيَّـةُ نـائي"
"وخبا لهيـبُ الكـونِ فـي قلبـي الذي قـد عـاش مثـلَ الشـعلةِ الحـمراءِ"
"فأنا الســـعيدُ بـــأنني مُتَحَــوِّلٌ عــن عــالمِ الآثـامِ, والبغضـاءِ"
"لأذوب فـي فجـرِ الجمـالِ السرمديِّ وأرتــوي مــن مَنْهَـلِ الأضـواءِ"
******
وأقــولُ للجــمعِ الــذين تجشّـموا هــدمي وودُّوا لــو يخــرُّ بنـائي
ورأوْا عــلى الأشـواكِ ظـلِّي هـامِدًا فتخــيَّلُوا أنِّــي قضيْــتُ ذَمـائي
وغَــدوْا يَشُـبُّونَ اللهيـبَ بكـلِّ مـا وجــدوا.., ليشـوُوا فوقـه أشـلائي
ومضَــوْا يمـدُّون الخِـوانَ, ليـأكلوا لحــمي, ويرتشــفوا عليـه دمـائي
إنـي أقـولُ لهـم - ووجـهي مشرقٌ وعـلى شـفاهي بسـمةُ اسـتهزاءِ -:
"إن المعـــاولَ لا تهــدُّ منــاكبي والنــارَ لا تــأتي عـلى أعضـائي"
"فارموا إلـى النـارِ الحشـائشَ. والعبوا يـا معشـرَ الأطفـالِ تحـت سـمائي"
"وإذا تمــرّدت العـواصفُ, وانتشـى بــالهولِ قلــبُ القبّــة الزّرقـاء"
"ورأيتموني طــــائرًا, مترنِّمًـــا فـوق الـزوابعِ, فـي الفضـاءِ النائي"
"فارموا عـلى ظـلّي الحجارَةَ, واختفوا خـوْفَ الريـاحِ الهُـوجِ والأنـواءِ..."
"وهناك, فـي أمْـنِ البيـوتِ, تطارحوا غَــثّ الحــديث, وميِّــتَ الآراءِ"
"وترنَّموا - مــا شــئتمُ - بشـتائمي وتجـاهَرُوا - مـا شـئتمُ - بعـدائي"
"أمَا أنــا فــأجيبُكم مــن فَــوقِكم والشـمسُ والشـفقُ الجـميل إزائـي":
"من جــاش بـالوحي المقـدّسِ قلبُـه لــم يحــتفِلْ بحجــارةِ الفُلَتـاءِ"
|
لك الشكر كل الشكر خلود على هذه المعلومات القيمة عن شاعر تونس ابي القاسم الشابي ...
من منا لايحفظ تلك الكلمات المذوية بقوة رافظة الخضوع والخنوع والاستسلام :
اذا الشعب يوما اراد الحياة ****فلا بد ان يستجيب القدر
من جديد شكرا خلووود على ما خططت هنا من معلومات قيمة
|