كاتب الموضوع :
^RAYAHEEN^
المنتدى :
الشعر والشعراء
وهذه القصيدة الزينبية المنسوبة للامام علي عليه السلام :
صرمتُ حبالك بعد وصلك زينب .. والدهرُ فيه تصرمٌّ وتقلُّبُ ...
نشرت ذوائبها التي تزهو بها .. سوداً ورأسك كالنعامة أشيبُ ...
واستنفرت لما رأتك وطالما .. كانت تحن إلى لقاك وترهب ...
وكذاك وصل الغانيات فإنه .. آل ببلقعة وبرق خُلَّب ...
فدع الصبا فـلقـد عداك زمانه .. وازهد فعمرك منه ولى الأطيب ...
ذهب الشباب فماله من عودةٍ .. وأتى المشيب فأين منه المهرب ...
ضيفٌ ألمَّ إليك لم تحفل به .. فترى له أسفًاً ودمعًا يُسكبُ ...
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا .. واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب ...
واخش مناقشة الحساب فإنه .. لابدّ يحصي ما جنيت ويكتب ...
لم ينسه الملكان حين نسيته .. بل أثبتاه وأنت لاهٍ تلعبُ ...
والروح فيك وديعة أودعتها .. ستُردها بالرغم منك وتسلب ...
وغرور دنياك التي تسعى لها .. دارٌ حقيقـتها متاع يـذهب ...
والليلُ فاعلم والنهارُ كلاهما .. أنفاسنا فيها تُعدُّ وتُحسب ...
وجميع ما حصّلته وجمعته .. حقاً يقينًا بعد موتك يُنهب ...
تبًا لدارٍ لا يدوم نعيمها .. ومشيدها عمّا قـليل يخرب ..
فاسمع هديت نصائحًا أولاكها .. برٌّ لبيبٌ عاقل متأدب ...
صحب الّزمان وأهله مستبصرًا .. ورأى الأمور بما تؤوب وتعقب ...
أهدى النصيحة فـاتعظ بمقاله .. فهو التقيُّ اللوذعي الأدرب ...
لا تأمن الدهر الـصروف فإنه .. لازال قـدمًا للرجال يهذب ...
وكذلك الأيام في غدواتها .. مرت يذل لها الأعز الأنجب ...
فعليك تقوى الله فالزمها تفز .. إن التقي هو البهي الأهيب ...
واعمل لطاعته تنل منه الرضا .. إن المطيع لربه لـمقرب ...
فاقنع ففي بعض القناعة راحةٌ .. واليأس مما فات فهو المطلب ...
وإذا طمعت كسيت ثوب مذلةٍ .. فلقـد كُسي ثوب المذلة أشعب ...
وتوقَّ من غدر النساء خيانةً .. فـجميعهن مكائدٌ لكَ تنصب ...
لا تأمن الأنثى حياتك إنها .. كالأفـعـوان يُراع منه الأنيب ...
لا تأمن الأنثى زمانـك كله .. يومًا ولو حلفت يمينًا تكذب ...
تُغـري بطيب حديثها وكلامها .. وإذا سطت فهي الـثقيل الأشطب ...
والقى عدوَك بالتحية لا تكن .. منه زمانك خائفًا تترقبُ ...
واحذره يومًا إن أتى لك باسمًا .. فالليث يبدو نابه إذ يغضب ...
إن الـحقود وإن تقادم عهده .. فـالحقـد باقٍ في الصدور مغيَّب ...
وإذا الصديق رأيته متعلقًا .. فهو العدو وحقه يُتجنب ...
لا خير في ودِّ امرىءٍ متملَقٍ .. حلو الـلسـان وقلبه يتلهب ...
يلقاك يحلف أنه بك واثقٌ .. وإذا توارى عنك فهو العقرب ...
يعطيك من طرف اللسان حلاوةً .. ويروغ منك كما يروغ الثعلب ...
واختر قرينك واصطفيه تفاخرًا .. إن القرين إلى المقارن يُنسب ...
إنَ الغني من الرجال مكرم .. وتراه يرجى مالديه ويرهب ...
ويبش بالترحيب عند قـدومه .. ويقام عند سلامه ويُقــرَّب ...
والفقرُ شينٌ للرجالِ فإنه .. يزري به الشهم الأديب الأنسب ...
واخفض جناحك للأقارب كلهم .. بتذللٍ واسمح لهم إن أذنبوا ...
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحبًا .. إن الكـذوب لبئس خلاًّ يـُصحب ...
وذر الحسود فلا يكن لك صاحبًا .. أبعده عن رؤياك لا يُسـتجلـب ...
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن .. ثرثارةً في كلُّ نادٍّ تخطب ...
واحفظ لسانك واحترز من لفظه .. فالمرء يسلم باللسان ويعطب ...
والسر فاكتمه لا تنطق به .. فهو الأسير لديك إذ لا يُنشَب ...
واحرص على حفظ القلوبِ من الأذى .. فـرجوعها بعد التنافر يصعب ...
إن القلوب إذا تنافر ودها .. شبهُ الزجاجة كـسرها لا يُشعب ...
وكـذاك سرُ المرءِ إن لم يطوهِ .. نشرته ألسنة تزيد وتكذب ...
لا تحرصنَّ فالحرص ليس بزائدٍ .. في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب ...
ويظلُّ ملهوفًا يروم تحيلاً .. والرزق ليس بحيلةٍ يستجلب ...
كم عاجزٍ في الناس يؤتى رزقهُ .. رغداً ويـُحرم كيّس ويخيَّب ...
أدّي الأمانة والخيانة فاجتنب .. واعدل ولا تظلم يطيب المكسب ...
وإذا بليت بنكبةٍ فاصبر لها .. من ذا رأيت مسلَمًا لا يُنكب ...
وإذا أصابك في زمانك شدةً .. وأصابك الخطب الكريه الأصعب ...
فادعو لربك إنه أدنى لمن .. يدعوه من حبل الوريد وأقرب ...
كن ما استطعت عن الأنام بمعزلٍ .. إن الكثير من الورى لا يصحب ...
واجعل جليسـك سيّدًا تحظى به .. حرٌّ لبيبٌ عاقـلٌ متأدب ...
واحذر من المظلوم سهماً صائباً .. واعلم بأن دعاءه لا يُحجب ...
وإذا رأيت الرزقَ ضاق ببلدةٍ .. وخشيت فيها أن يضيق المكسب ...
فارحل فأرض الله واسعة الفضا .. طولاً وعرضاً شرقها والمغرب ...
فلقـد نصحتك إن قبلت نصيحتي .. فـالنصح أغلى ما يباع ويوهب ...
خذها إليك قصيدةً منـظومةً .. جاءت كنظم الدر بل هي أعجب ...
حِكََمٌ وآدابٌ وجُلُّ مواعظٍ .. أمثالها لذوي البصائـر تكتب ...
فـاصغِ لوعـظ قصيدة أولاكها .. من نالـه الشرف الرفيع الأنسب ...
يارب صلِّ على النبيِّ وآله .. عدد الخلائقِ حصرها لا يحسب ...
|