المنتدى :
الاسرة والمجتمع
المشاجرات الزوجية أمام الأطفال , نتائجها وسلبياتها
تنتج المشاجرة بين المتزوجين عن خلافات في وجهات النظر غالبا، ولكن تنتهي عادة إلى إيجاد حل لها أو إنهائها، وهناك فرق بين المشاجرة والتوترات، فالتوترات صراعات يفشل الأطراف في حلها، وقد تنكبت بتأثير قوة انفعالية متراكمة.وليس معيباً أن يختلف الزوجان في أمر حياتي يواجهانه، فهو أمر طبيعي.
ويحدث في أكثر الأسر توافقا وتفاهماً ثم لا يلبث الأمر أن ينحل وتنتهي المشكلة لكن الأمر الخطير أن يحدث هذا التشاجر أمام مرأى أعين الأولاد، والأدهى من ذلك أن يشاركوا في هذه المشاجرة وينحازوا إلى طرف دون طرف، وربما انقسموا حزبين، كل إلى طرف.
هذا الصراع الممنوع والمحرم أن يكون أمام الأولاد أو بمعرفتهم يختلف تماماً عن الحوار الهاديء في حل مشكلة ما، ويذهب بعض التربويين إلى أن الأبوين عليهما أن يتعمدا الاختلاف في قضية ما بمشاركة الأولاد وتدريبهم على القدرة لحل هذه المشكلة، والانتهاء بحل يرضي الجميع، وهذا نوع من التدريب على كيفية معالجة أمور الحياة.
فالصراع الأسري بين الأبوين يحرم وممنوع تماماً وهو خطر على الأسرة بكاملها وخاصة الأولاد، وقد بينت الدراسات العلاقة بين البيوت المتصدعة وبين مشكلات الأحداث المنحرفين إذ ينشأ الطفل على مشاجرات الأبوين ولا يستطيع أن يتقبل ذلك كأسلوب ملائم للحياة، وينظر إلى هذه الأسرة المفككة المضطربة فلا تعدو أن تكون حياة بائسة لا قيمة فيها، لان الطفل منذ نشأته بحاجة إلى استقرار نفسي وشعور بالأمان في ظل بيت يحميه ويرعاه من طوفان الحياة.
وينتج عن هذا البيت المتصارع أطفال يميلون إلى المشاجرات مع زملائهم ويتخذون الشغب نمطا في حياتهم كما ينتج كذلك فقدان ثقة الأولاد واحترامهم لآبائهم المتشاجرين ويكون لذلك اثر في فشلهم على مواجهة الحياة، وغالبا ما يشاهد الطفل الأذى يلحق بأمه ثم لا يستطيع أن يتدخل لحمايتها فيشعره ذلك بالإحباط العميق، وأخيراً ينتهي الأمر بالطفل إلى كراهية احد الأبوين أو كليهما وينفرون من الأسرة كلها ويشعرون بالاشمئزاز نحوها.
إن خطر المشاجرة بحضور الأولاد يستمر معهم بعد الطفولة إلى المراهقة وهي أصعب مرحلة يمر بها الإنسان، وهي تحدد مستقبله المشرق أو القاتم، فإما أن تجعله إنسانا عبقرياً نافعاً لامته، وإما أن تجعله إنسانا خمولاً خجولاً وربما جعلته شيطانآ ووبالا على الأمة جميعها، وأحياناً يقرر المراهق الانفصال عن هذه الأسرة المفككة ويختار الهروب إلى جهة مجهولة يظن فيها الهدوء والراحة، وهذا ينطبق على الفتيان والفتيات جميعاً.
بعد كل ما سبق لا يجوز لنا أن نتصور أسرة تعيش كل عمرها على التوافق والتلاؤم في كل القضايا عبر عشرات السنين، فهذا لن نجده ولو في مجتمع صالح طاهر كمجتمع الصحابة، ولا كذلك في بيوت الأنبياء، فإن الاختلاف أمر وارد وربما يكون هنالك تأديب للزوجة بشكل أو بآخر حتى تعود الأمور النكد والعناء.
لكن الخطير في هذه المسألة هو اطلاع الأولاد على ما يجري، والأسوأ منه الاستعانة بهم على حل مشاكلهم واجتذاب الأولاد إلى طرفهم ففي هذا ضياع الأسرة.
|