كاتب الموضوع :
abcz
المنتدى :
سلاسل روايات مصرية للجيب
الفصل الخامس
إلتف جميع أفراد الفريق حول (محمود) وأعينهم تتابعه في شغف كأنما تستحثه النظرات للبدء في سرد تفاصيل حكايته في نهر الزمن كاملة أما (محمود) فقد أغمض عينيه كأنما يزعجه تذكر ما حدث له في نهر الزمن وتقلصت عضلات وجهه بينما تابعته أعين كل أفراد الفريق الذين تبادلوا نظرات متوجسة حينما طالت هذه اللحظة أكثر من المتوقع حتي أن يد (رمزي) قد امتدت نحوه في تلقائية ليهزه في عنف قبل أن يتبع:
- (محمود) ... ماذا حدث يا صديقي ..؟
ولكن (محمود) لم يستجب له كما هو المتوقع بل تصلب جسده بصورة أشد غرابة حتي أن (سلوي) قد اقتربت منه وهي تردد بفزع:
- ماذا حدث له يا (رمزي) ..؟
ولكن (رمزي) نفسه لم يجد ما يقال وهو يهز جسده في عنف دون طائل بينما صرخت فيه (سلوي) قائلة:
- حاول أن تجد وسيله لايقاظه يا (رمزي)
بنما ضربت (مشيرة) يدا بيد وهي تنظر نحو (رمزي) قائلة:
- هل انتظر كل هذا الوقت ليموت هنا ..!!
أما (سلوي) فقد حدجتها بنظرة ساخطة أتبعتها بصرخة عصبية وهي تقول:
- بدلا من هذه التعليقات السخيفة التي لا طائل منها احضري ما يمكننا انعاشه به
هزت كتفيها في حيرة بينما اندفعت (نشوي) إلي الداخل لتبحث عما يمكن افاقة (محمود) به بينما صرخت فيها (سلوي) للمرة الثانية:
- لا تتخشبي هكذا .. هيا ابحثي معها عما يصلح لإنعاشه
أما هي فقد اندفعت بدورها خلف (نشوي) .. وما هي إلا دقائق حتي كانت قد عادت وهي تمد يدها نحو (رمزي) قائلة:
- لم أجد سوي هذه
قالتها وهي تمد يدها نحوه فتناول ما في يدها علي عجل دون أن يعي ماهيته .. وما أن طالع هذا الشيئ حتي التفت إليها ذاهلا وهي يقول:
- ماهذا .... بصلة..؟!!!
أما هي فقد تراجعت للخلف قبل أن تقول في لهجة لا تخلو من خوف:
- لم أجد غيرها و..
بترت عبارتها وهي تتابع ما أقدمت عليه (نشوي) التي هوت بجردل ملئ بالماء علي رأس (محمود) لتغرقه بأثره مع السرير الذي ينام عليه حتي أنه انتفض في مكانه وهو يقول بذهول:
- ماذا حدث .. ماذا حدث ..!!
لم يلتفت إليه أحد هذه المرة بينما راحت كل الأعين تتطلع نحو (نشوي) بإعجاب لإنقاذها الموقف علي هذا النحو وقد بدت إليهم في هذه اللحظة أقرب ما يكون إلي أبيها
إلي .. (نور)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أطلقت (هـ - 50) تنهيدة حارة وهي تحمل بين يديها طعام الإفطار بينما تقف أمام باب حجرة (جـ - 18) المغلق ثم بدت كما لو أنها تتردد في طريق الباب ثم لم تلبث أن حسمت ترددها وهي تتابع الطرقات علي باب الحجرة وحينما طال انتظارها دون أن ياتيها الرد عاودت الكرة مرة أخري قائلة:
- افتحي الباب يا (جـ - 18) يا بنتي .. أنا عملت لك عصير زئبق من إللي بتحبيه .. وجبت لك شرايح فولاز مقددة .. ولا يا سلام علي مربة النحاس إللي أنا عملاهالك بإديا... هتاكلي صوابعك وراها .. يالله يا بنتي افتحي ربنا يهديكي
قالتها ثم انتظرت لحظات أن يأتيها رد .. ولكن حينما حينما لم يحدث ذلك أعادت الكرة في اصرار دون طائل.. ثم لم تلبث طرقاتها أن تحولت إلي هدير فوق الباب ثم لم تلبت أن تحول الطرق المتتابع إلي مجموعة من طلقات الأشعة التي انهالت من عينهيا والتي لم يصمد أمامها الباب طويلا فانخلع من مكانه في الحال بينما اندفعت هي داخل الحجرة وألقت نظرها سريعا في جميع جباتها ثم أطلقت صرخة ملتاعة حينما إكتشفت السرير الخالي أمامها ... ثم لأم تلبث أن تحولت هذه الصرخات إلي صرخات استغاثة بزوجها قائلة:
- إلحقني يا ( ى – 60) ...... ألحقني يا راجل ... بنتك مش موجوددددة..!!
ولم يكد ( ى – 60) يسمع هذه الصرخات حتي إندفع نحو الحجرة هاتفا:
- ماذا حدث .. ماذا حدث ..!!
إلتقطت زوجته أنفاسها المنقطعة بصعوبة قبل أن تتبع:
- بنتك يا (ي – 60) ... بنتك مش في الأوضة .. ولا في البيت كله ... البت طفشت يا راجل
قالتها وإنهارت فوق أقرب مقعد إليها بينما أدار زوجها عينيه تقائيا في جبات الحجرة .. وحينما لم يجد ما يفعله إندفع خارجا وهو يستنجد برجاله الآليين صارخا:
- أنت يا (برعي - 34) .. يا (هريدي ـ 27) .. يا ( أبو سريع ـ 41) ......... أنتوا يا كلاب
قالها بينما أندفع رجاله الآليون نحوه في عجل أما هو فقد أتجه عقله تلقائيا إلي أسم واحد ..
اسم (س ـ 18)..!!
وكان هذا يعني أن الأمور قد أخذت منحني آخر... منحني شريرا
وبحق..!!
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
لا أحد يعرف ماهية الزمن الحقيقية ..!
هذه الحقيقة شعر بها (نور) منذ اللحظة الأولي لإبحاره مع (أكرم) في نهر الزمن اللانهائي ويبدو أن (أكرم) نفسه لم يكن بأقل منه انبهارا .. لقد راحا معاً يتابعان المركبة الزمنية التي تقلهما معا إلي الماضي والتي راحت تنساب في نعومة عجيبة كأنما تنساب علي مسار من مخمل ناعم والغريب أن الأمر لم يستمر هذه المرة طويلا .. فما هي إلا لحظات ضئيلة حتى شعرا بالمركبة الزمنية تتوقف حتى أن (أكرم) قد استدار نحو (نور) قائلا بتعجب:
- ماذا حدث يا (نور)..؟!
أدار (نور) الأمر في رأسه قليلا قبل أن يقول له بحزم شديد:
- لا أجد تفسيرا منطقيا سوي شيئا واحداً
قالها ثم صمت برهة ليتبع بعدها بنفس اللهجة الحازمة:
- أننا قد بلغنا وجهتنا يا صديقي
قالها قبل أن يستديرا سويا نحو مؤشرات المركبة الزمنية والتي كانت تعلن بلوغ هدفها المحدد مسبقا بالفعل حتى أن (أكرم) قد وجد صعوبة في ازدراد لعابه وهو يستدير نحو (نور) مرة أخري قائلا بانبهار حقيقي:
- هل يعني ذلك أننا ...
لم يترك له (نور) الفرصة لاستكمال عبارته وهو يستكمل سريعا:
- نعم يا (أكرم) هذا يعني أننا في الماضي
قالها بينما أتبع (أكرم) بانبهار هامس بلغ مسامعه بصعوبة:
- أيعني هذا أننا سنلتقي بعد قليل بـ...
ثم قطع عبارته كأنما لا يقوي علي استكمالها ثم أتبع بصعوبة:
- بالأسطورة..؟!!
ثم استدار نحو (نور) قائلا بذهول حقيقي:
- أحقا يا (نور) سنلتقي بـ (أدهم صبري) شخصيا..!!
حدجه (نور) بنظرة غريبة اشتم فيها رائحة الغيرة قبل أن يقول بتوتر:
- وماذا في ذلك.. لماذا تزيد من حجم الأمور الحقيقي دائما..!!
لم يتمالك (أكرم) نفسه هذه المرة من الذهول وهو يقول بحيرة حقيقية:
- أتقول وماذا في ذلك ... أنسيت من هو (أدهم صبري) حقا أم انك تدعي ذلك فحسب..؟
ضغط (نور) أسنانه وهو يرمقه بنظرة أخري نارية وهو يتبع بحدة:
- لا لم أنس .. ولن أنسي .. ولكن يبدو انك أنت من نسي أن السلسلة التي نعمل بها باتت تحقق مبيعات أكثر من تلك التي تحققها سلسلته ... راجع كل سجلات العمل وستعرف أن هذه حقيقة واضحة .. ولكن يبدو أن (أدهم صبري) هذا قد سلب عقلك وموضوعيتك كما فعل مع الجميع فنسيتم جميعا المجري الحقيقي للأمور ورحتم جميعا تتغزلون فيه بلا مبرر واضح..!
انتابت (أكرم) موجة هائلة من الذهول أعجزته عن الكلام حتى أن (نور) قد وجد من ذلك فرصة أخري للحديث فأتبع بنفس اللهجة الحادة التي لا تخلو من توتر:
- أخبرني أنت لو انك تملك ما يقال فيما يتميز عنا (ادهم صبري) هذا ..!
ويبدو أن (أكرم) قد آثر الصمت مما جعل 0نور) يتبع:
- أتراه يمتلك في سلسلته هذه ما نملكه من تقنيات حديثة.. أم تراه يملك مسدسات ليزرية أو مقاتلات زرية ..؟
ويبدو أن صمت (أكرم) هذه المرة أيضا قد وهبه الثقة الكافية لاستئناف الحديث مما
جعله يتبع بنفس اللهجة:
- قل أنت بالله عليك هل أنقذ الأرض ذات مرة من مثل ما أنقذناه منها ... ؟
لم يملك (أكرم) هذه المرة إلا أن قال بهدوء:
- ولكنك تعلم أنهم هناك في سلسلته يحظون بالنصيب الأكبر من الشهرة .. أم انك نسيت (مني) و (قدري) و (سونيا جراهام) و (موشي) و(سيرجي ) وغيرهم
أطلق نور هذه المرة ضحكة تهكمية لا تخلو من انفعال وهو يقول بتحد:
- ولكنهم لا يملكون الورقة الرابحة الأكثر شهرة
قالها قبل أن يتبع في ثقة شديدة:
- لا يملكون (س ـ 18)
قالها ثم مال نحوه أكثر كأنما سيلقي إليه بالورقة الرابحة الأخيرة وهو يتبع:
- كما يبدو انك قد نسيت كالجميع نقطة التفوق الأكبر
ثم اتسعت عيناه بصورة غريبة وهو يتبع بقسوة غريبة:
- أنني الأذكى ..... أم انك تري غير ذلك ..؟!!
قالها وأشاح بوجهه بعيدا عنه
وحينما استعدا سويا لبدء المهمة التي جاءا إلي هذا الزمن من أجلها كان قلب (أكرم) يرتجف كلما تذكر كلمات (نور) السابقة
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
انكمشت (جـ - 18) في سريرها الرث في عنبر السجينات الآليات وبدت وهي تضم ركبتهيا إلي صدرها وتستند برأسها إليهما كصورة مجسمة للبؤس الممزوج بالدهشة وعدم التثديق وهي لا تتكاد تتخيل كل ما حدث لها منذ أن جاءت بها دوريات الشرطة إلي هذا المكان حتي أنها لم تلحظ الأعبن التيب راحت تتابعها في تحفز وعدوانية ليس لهما ما يبررهما ودون أن يدري أصحاب هذه الأعين أنها في هذه اللحظة علي الأخص كانت تسرح بعقلها هناك..
في بحر من الذكريات
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كانت بداياتها منذ مدة ليست بالقصيرة .. تلك الفترة التي ظهرت فيها موهبتها في الرقص الكوني حتي أنها بدأت في لفت انتباه الجميع .. وكان هذا وحده كفيلا لها بأن يسطع نجمها بسرعة الصاروخ .. حتي أنها قد اعتلت القمة المطلقة في مدة قياسية مطيحة بكل الراقصات الكونيات التقليديات في تلك الفترة من أمثال ( فيفي – 20) و (دينا- 17) ... ولا تنسي أبدا كيف أشارت نحوها كل الأيدي في هذه الفترة وتفتحت في وجهها كل سبل المجد والشهرة خاصة بعد أن أشاد لها القاد واعتبرها بعضهم الإمتداد الأكثر تميزا لـ (ت – 12- كاريوكا) و (س – 15- جمال) و (ن – 13- عاكف) .. حتي أن تلك الأراء كانت دافعا قويا لدخولها عالم السينما من أوسع أبوابها لتقدم مجموعة من الأفلام القوية التي اعتبرها نقاد السينما علامات هامة في تاريخ السينما الآلية بأثرها واعتبرها الكثير من النقاد وقتها نجمة السينما الآلية الأكثر سطوعا خاصة بعد تقديمها لفيلم (رقصة في المريخ) الحاصل علي جائزة مهرجان الثقب الأسود الأولي في السينما الاستعراضية ولا تنسي كم الاعجاب الذي خظيت به بعد تقديمها لفيلم ( أليون بلا أنف ) مع الممثل الشهير (مازنجر السقا) وقتها تصدرت صورها أغلفة جميع المجلات الفنية باعتبارها اسطورة السينما الجديدة حتي حينما قررت إختراق مجال السينما الكوميدية لتشارك نجم الكوميديا الشهير (جرينديذر هنيدي) ثلاثة من أهم أفلامه (عطارد رايح جاي) و ( أرغوراني في الجامعة الكونية ) و ( واكل صحبه ) ولاشك أن ذاكرة السينما لن تنسي لها دورها الرائع كآكلة لمعادن الاليين في الفيلم الشهير (بلا أسنان)
وقتها جذبها بريق الشهرة وخلبت لبها الأضواء ... ثم بدأت الأمور تعاود طبيعتها فبدأت تمل كل هذا وتسأم كل الأعين التي تتابعها من مبدأ الشهرة البحتة دون أن يلتفت لها أحد كآلية عادية لها مشاعر إليكترونية ونبض مغناطيسي ككل الآليات وراحت تنأي بنفسها تدريجيا عن العبارات المتلمقة والنظرات المنبهرة وتمنت لو قدر لها أن تلتقي بشخص يهتم بكيانها فقط أكثر من أي شيء آخر حتي التقت به صدفة .. إنها لاتنسي ولن تنسي ذلك اليوم أبدا وقتها كانت.......
انبتر حبل أفكارها فجأة حينما باغتتها (سنية – 15) صارخة:
- أنتي يا ست الحسن والجمال ... قومي أنا عايزة أنام علي السرير دا .
حاولت أن تزوي حاجبيها كما تفعل أية آلية تحترم نفسها في مثل هذا الموقف .. لكنها وجدت صعوبة شديدة في ذلك خاصة أنها أكتشفت أن عينيها بلا حواجب فدفعت عن بالها هذا الخاطر وهي تحدج (سنية – 15) بظرة متعجبة وفكرت أن تلقنها درسا لا تنساه .. ولكنها لم تلبث أن دفعت هذا الخاطر عن رأسها .. ربما ليس خوفا من ملامحها ذات الندبة المعدنية الغائرة والتي تحتل أحد جوانب وجهها البارد وإنما لأنها آثرت أن تتحاشي مثل هذه المواقف تحسبا لما قد يحدث فيما بعد كتطور لهذا العنف غير المحسوب لكل هذا دفعت بنفسها من فوق السرير لتحتل آخر .. لكن يبدو أن هذه الـ (سنية - 15) قررت ألا تترك الأمور تسير كما تتمني بل تبعتها إلي السرير الآخر بمنتهي العجرفة ودفعت بها بنفس العنف قائلة:
- دعي هذا السرير أيضا
لم تحاول (جـ - 18) أن تزوي حاجبيها كالمرة السابقة بل نظرت إليها في نفاذ صبر قبل أن تتبع:
- وأين تودين أن أجلس ..؟!
أشارت (تفيدة – 15) بيدها نحو أحد الأركان قائلة :
- ستامين هذه الليلة هناك
قالتها وهي تستلقي فوق السرير بأسلوب أكثر استفزازا بينما جرت (جـ - 18) قدميها المعدنيتن في صعوب نحو الركن الذي أشارت نحوه ( سنية – 15) وحاولت أن تفرش ملاءة فوق الأرض لترتكن فوقها ولكن عبارة ( سنية – 15) القاسية طرقت أذنيها وهي اصرخ فيها:
- لا ... ستنامين فوق الأرض مباشرة
نظرت (جـ - 18) نحوها برهة تم حملت الملاءة مرة أخري في قلة حيلة وألقت بها بعيدا بينما يطرق أذنيها هدير الضحكات التي أطلقتها بقية السجينات لتهدر في جو العنبر في سخرية .. بينما تنهدت ( جـ - 18) في قلة حيلة أكثر ثم أقترشت الأرض ... ونامت
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
- هل أنت علي يقين من أننا لم نخطئ العنوان ..؟!!
قالها (أكرم) لـ (نور) وهما يتابعان سويا بواب البناية الذي يجلس أمام مدخلها بينما يرمقهما معا بنظرة متحفزة حتى أن (نور) قد ازدرد لعابه وتنفس في عمق قبل أن ينظر نحو (أكرم) قائلا في حذر:
- علينا التأكد من ذلك أولا ... كما لا يجب أن نلفت نظر هذا البواب لغرضنا الحقيقي
قالها ثم نظر نحو (أكرم) بينما يتبع:
- فكر معي في حل لمثل هذا الموقف
ازدرد (أكرم) لعابه بدوره ثم نظر نحو البواب ثم بدا كما لو أنه حسم أمره وهو يقول :
- دع هذا الأمر لي هذه المرة يا (نور)
قالها وهو يقترب من البواب الذي تحسس (الشمروخ)(*) الذي يحمله بجانبه في وضع متأهب بينما توقف (أكرم) أمامه ثم أتبع بينما يمد يده نحوه بلفافة تبغ كما يحدث في الأفلام القديمة قائلا:
- كيف حالك يا (بلدينا)..؟
التقط الرجل اللفافة من يده وقد انفرجت شفتاه عن ابتسامة صفراء وهو يقول:
- خير يا بيه ..؟
تنحنح (أكرم) سريعا وقد انفرجت أساريره لشعوره بكسب ثقة الرجل قبل أن يتبع:
- إنني أبحث عن شخص يدعي (سمير غانم) ألا يسكن في الطابق الخامس في هذه البناية؟
- زوي البواب حاجبيه كعادة كل أبطال السلسلة بدوره وهو يقول بحيرة:
- (سمير غانم) مين يا بيه ... المشخصاتي..!!
- زوي (أكرم) حاجبيه بدوره كانما أزعجه ان يفعل البواب ذلك وحده وهو يتساءل بداخله إن كان هناك ممثل حقا بهذا الاسم وعلي الرغم من ذلك فقد أتبع سريعا:
- هو بالفعل
هرش البواب شعره بكلتا يديه في حيرة قبل أن يقول:
- لا يا (برنس) ... إللي ساكن في الدور دا اسمه (أدهم صبري) هو و...
لم يستطع هذه المرة أن يكمل كلامه فقد ظهر إبنه صارخا :
- بقي لي ساعتين بانادى عليك عشان نلعب (بلاي استيشن سوا)
ويبدو أن الرجل كان ينتظر هذه العبارة ليطير عقله فقد اندفع نحو الغرفة المخصصة لسكنه مع أسرته قبل أن يغلق باب البناية خلفه متجاهلا (أكرم) الذي احمر وجهه من الإحراج وفكر في إخراج مسدسه التقليدي من بين ثيابه لولا يد (نور) التي امتدت نحو يده من الخلف لتمنعه من فعل ذلك في اللحظة الأخيرة بينما أشار له ليتبعه و ما هي إلا مسافة قصيرة حتى التفت نحوه قائلا:
هيا فكر معي في وسيلة مأمونة لدخول البناية دون أن يشعر بنا هذا البواب
أدار (أكرم) عينيه في المكان وهو يشير نحو الجهة الأخرى قائلا:
- يبدو أننا سنضطر إلي تسلق المواسير الخلفية ... فهذه كما أري هي الوسيلة الوحيدة شبه الآمنة لصعود البناية دون أن يشعر بنا هذا البواب
أما (نور) فقد أومأ له برأسه قائلا:
- يبدو انه لا سبيل آخر أمامنا سوي ذلك
قالها وانطلق في خطوات متسعة فوق رصيف الشارع الخالي و ما هي إلا لحظات حتى كانا يقفان بجوار المواسير المرتفعة حتى أن ( أكرم) قد ازدرد لعابه وهو يقول لنور بصعوبة:
- أما من وسيلة أخري لبلوغ (ادهم صبري) أفضل من طريقة المواسير هذه ..؟!!
أشار له (نور) برأسه دلالة علي النفي مما جعله يتبع كأنما تذكر شيئا:
- بإمكاننا أن نتصل به هاتفيا وندعوه للقاءنا و...
ولكن (نور) قاطعه مرة أخري قائلا:
- هل نسيت أننا لا نملك هاتفه..؟
قالها ثم دفعه ليتقدمه بالصعود وما هي إلا ثواني معدودة حتى كانا قد قطعا شوطا كبيرا من التسلق وهما يديرا عيناهما هنا وهناك خشية أن يراهما أحد ... كان هذا إلي أن باغتتهما تلك الصرخة النسائية التي شقت ظلام الليل في المنطقة:
- حرامىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى
ولم تكد الصرخة الرهيبة تصل إلي سمعيهما حتى أسقط في قلب (أكرم) وقد تذكر (الشمروخ) المخيف الذي يحمله البواب
و كعادة الأمور كان موقفا شديد التعقيد
وبحق..!!!
____________________________________________________________ _
(*) الشمروخ هو النبوت.. والنبوت هو الهراوة .. والهراوة هي الشومة .. والشومة هي العصاة الضخمة .. والعصاة الضخمة هي الـ .........إلخ
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
انتفضت (جـ ـ 18) من نومها مذعورة حينما ركلتها ( سنية ـ 15) ركلة عنيفة بقدمها حثي أنها فتحت عينيها وهي تتطلع نحو ( سنية ـ 15) بصعوبة والأخيرة تصرخ فيها بلهجة آمرة:
- هيا انهضي أيتها اللعينة ... كيف تنامين بعد أن استيقظت أنا
قالتها وركلتها بقدمها ركلة أخري أشد عنفا
حاولت (جـ ـ 18) أن تتحاشى الركلة فأمسكت بقدم ( سنية ـ 15) وأطاحت بها بعيداً حتى أنها أطاحت بها بعيدا مما جن جنون ( سنية ـ 15) التي نهضت من سقطتها صارخة:
- ماذا فعلت أيتها اللعينة..؟
قالتها ثم قفزت قفزة أفقية معقدة وأطلقت شعاع ليزري حاد تجنبته (جـ ـ 18) في بساطة متناهية ثم تلقت ( سنية ـ 15) بقبضة عنيفة هزت كيانها بأثره حتى أنها اندفعت لترتطم بالجدار المقابل بقوة شديدة أفقدتها الوعي علي الفور أما بقية رفاقها فقد اندفعن نحو (جـ ـ 18) وفي عينيهن إلتمع الشر أما (جـ ـ 18) فقد كانت قد اتخذت وضعا قتاليا متأهبا ثم قفزت قفزة هائلة أصبحت بعدها وسطهم و ما هي إلا ثوان معدودة حتى كانت قبضتها تغوص في بطن الأولي بينما تطيح الأخرى بأسنان الثانية قبل أن تهوي إحدى قدميها علي وجه الثالثة ...... وهكذا لم يستمر القتال ثوان معدودة أصبحت بعدها كل السجينات في كومة واحدة ... حتى أن (جـ ـ 18) قد وقفت فوق الكومة المكونة من أجسادهن ... وبدت كعملاقة حديدية وهي تصرخ صرخة هائلة قائلة:
- من النهاردة و رايح أنا الزعيمة يا غجر
قالتها ثم أتبعتها بصرخة أخري هادرة:
- جعلوني مجرمة ... جعلوني مجرمة ... جعلوني مجرمممممممممممممة
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
توقف الدكتور (فريد عبد العزيز) رئيس فريق أبحاث التجارب الزمنية أمام القائد الأعلى للمخابرات العلمية والواقع أن هيئته المزرية وعينيه الزائغتين قد لفتا انتباه الأخير في شدة علي الرغم من ذلك فقد بدا القائد الأعلى شديد الهدوء وهو يوجه حديثه نحوه قائلا:
- ماذا لديك يا دكتور (فريد)..؟!
ازدرد الرجل لعابه في صعوبة قبل أن يتبع في توتر شديد:
- الأمر يتعلق هذه المرة برحلة المقدم (نور) ورفيقه (أكرم) يا سيدي
زوي القائد الأعلى عينيه في دهشة صامتة بينا أتبع الدكتور (فريد) بمزيد من التوتر:
- عفوا يا سيدي ... ولكن الحسابات الأخيرة المصاحبة لانطلاق المركبة الزمنية التي يستقلانها قد أثبتت كارثة يا سيدي
اندفع القائد الأعلى إلي الأمام وقد اتسعت عيناه في ذهول دون أن يقوي علي التفوه ولو بكلمة واحدة..بينما أتبع الدكتور (فريد) بنفس اللهجة:
- نعم يا سيدي ... المركبة الزمنية لن تصل بهما إلي وجهتهما التي قصدناها جميعا
هتف به القائد الأعلى دون وعي:
أين إذا يمكن أن يكونا قد ذهبا ..!!
هز الرجل رأسه بطريقة استوعبها القائد الأعلى مباشرة وهو يقول:
- حثي هذه اللحظة لا أحد يعرف يا سيدي .. ولكننا لا ندخر جهدا لمعرفة هذا الأمر وأعدك أنه لن تمر سويعات قليلة حتى نكون قد توصلنا إلي الجهة التي وصلا إليها
قالها دون أن يدري أن القائد الأعلى لم يسمع بقية عبارته بينما راح سؤال ملح يطرق برأسه كألف جرس:
إذا لم يكن (نور) و (أكرم) الآن في زمن (ادهم صبري) فأين هما ..!!
وكان محقا جدا
أين هما ..؟
أين...!!!! يتبع
|