أعزائي مستمعي البرنامج الموسيقي الكوني .. نستمع معكم الآن إلي واحدة من أحدث أغاني الألبوم الأخير للمطرب الآلي ( عبد الحليم حافظ ) وهي أغنية ( .. ملاح .. )
تنهدت (نشوي) وهي تستمع إلي الموسيقي العذبة التي بدأت تنساب من المذياع البروتوني وتمايلت برأسها يمينا وشمالا في انسجام تام مع كلمات الأغنية التي تقول مقاطعها:
( ملاح وماشي في الفضاء ملاح .. والخطوة بيني وبين بلوتو براح .. مكوك عجيب وأنا فيه وحيد .. والدنيا ضلمة .. وممعييش مفتاح )
وبدا أنها قد نسيت نفسها بالفعل مع كلمات الأغنية حتى أنها لم تشعر بدوي جرس الهاتف المجاور لها .. حتى أن سلوى نفسها قد اندفعت من المطبخ في ذعر وما أن رأت ( نشوى) علي هذا الحال حتى صرخت فيها قائلة:
- ألم تنتبهي لجرس الهاتف كل هذا الوقت..؟!
أجابتها (نشوي) بلا مبالاة:
- أنت تعلمين جيدا يا أمي أني أنتظر هذا الحفل منذ مدة طويلة ..
ثم أتبعت دون اكتراث :
- لقد بلغت
برامج المطابقة الصوتية درجة مذهلة من الدقة .. فمن يصدق أن هذه الأغنية تأتي بصوت (عبد الحليم حافظ ) الذي رحل منـ ...
لكن ( سلوى) أشارت لها بيدها علامة التزام الصمت وهي ترفع سماعة الهاتف وعلي الطرف الأخر أتاها صوت محدثتها التي لم تكن سوي ( جـ - 18) التي سألتها بلهفة قائلة:
- الأستاذ ( س- 18) موجود ..؟
اتسعت عينا ( سلوى) لوهلة وهي تنظر باتجاه غرفة ( س- 18) المغلقة ثم أجابت بسخرية:
- هل أصبح ( س- 18) أستاذاً ..!!
ثم أتبعت علي عجل حتى لا تلقي محدثتها بالا لهذه العبارة المتهكمة:
- بأي اسم أخبره يا
سيدتي ..؟
لكن ( جـ - 18) أجابتها بحزم:
- مفيش داعي هو هيعرفني لوحده
مطت ( سلوى) شفتيها وهزت كتفيها بلا مبالاة ثم اندفعت نحو حجرة ( س - 18) وطرقتها عدة طرقات بينما تقول بنفاذ صبر:
- ( س- 18) هناك فتاة علي الهاتف في انتظارك
صمتت فترة ثم أعادت المحاولة عدة مرات دون أن يأتيها صوت ( س- 18) فتنهدت في ملل ثم عادت إلي الهاتف ورفعت السماعة قائلة:
- يبدو أنه غير موجود يا سيدتي .. أخبريني بالاسم وسأخبره عند عودته و..
لكن (جـ - 18) قاطعتها دون أن تستمع إلي بقية عبارتها :
- قوليله بس يفتح موبايله وأنا هأكلمه عليه
أنهت (سلوى) المحادثة ثم نظرت إلي نشوي التي كانت ما تزال تتابع كلمات الأغنية بشغف فصرخت فيها قائلة:
- إلي متي ستظلين جالسة هكذا بينما أقوم أنا بإعداد كل شيء ..؟
أجابتها (نشوى) بلا مبالاة أكثر:
- ألست أمي؟! ... كل الأمهات تفعلن ذلك..؟
كادت تصرخ فيها بأنها قد أصبحت ( شحطة) ولا يحق لها قول ذلك .. ولكنها أتبعت بنفاذ صبر:
- لم يتبق الكثير لعودة (نور) (وأكرم) و لم ننته من إعداد الطعام بعد..ولابد أن أعصابه علي وشك الانفجار بسبب انهيار منزلنا الآخر ..
أجابتها (نشوي) بدون اكتراث:
- وأنا مالي..؟
فأطلقت تنهيدة كبيرة من أعماق صدرها ثم استدارت لاستكمال الطعام وهي تتوعدها بإخبار أبيها عند عودته دون أن تدري أن (نور) و( أكرم) كانا في أشد لحظات عمريهما تعقيداً ..
علي الإطلاق ..!!
*** ***** ***
كان بحق موقفا رهيبا..!!
فقد اتسعت عينا العربجي في صرامة منذرة بالوعيد .. بينما يقترب صديقه المدعو (أبوشوشة) بعربته الكارو في ثبات مخيف وهما يتابعان صوت خطوات الحمار فوق رصيف الشارع المتتابعة والموحية بالاقتراب الشديد ..!!
أدار ( أكرم) عينين ملأهما التساؤل من تحت أوراق الجرائد نحو ( نور) قائلا :
- وما العمل يا (نور) ..؟
والواقع أن (نور) لم يكن بحاجة إلي مثل هذا التساؤل .. لقدر راح عقله يبحث عن مخرج لهذا الموقف الرهيب الذي ألم بهما حتى أنه راح يعصر رأسه في عنف وهو يبحث عن حل مناسب لهذا المأزق ..
فجأة وبدون مقدمات اتسعت عينا ( أكرم) حينما ارتفعت عقيرته (نور) بالصياح بكل قوته:
- سين تمنتاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااشر .... سين تمنتاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااشر*
وفي حجرته الخاصة كان ( س- 18) يتطلع إلي صورة هواءوضوئية لـ (جـ - 18) حتى أن أذنيه الدقيقتين قد لاحظتا صوت استغاثة (نور) لكنه لم يحفل بالأمر كثيرا .. كل ما فعله هو أن حاول مط شفتيه المعدنيتين بلا فائدة وهو يشيح بيده في ضيق قائلا:
- كل حاجة ( س- 18) .. كل حاجة ( س- 18) كما لو أنه ليس في العالم سوي ( س- 18) .. اتصرفوا مرة واحدة فقط من أنفسكم ... القراء أكلت وجوهنا ..!!
قالها وأعاد التطلع مرة أخري إلي الصورة في هيام شديد
أما (نور) فقد أدرك فشل محاولته بعد عشرات المرات من النداء المتواصل حتى أن (العربجي) ورفيقه (أبوشوشة) قد تبادلا نظرة متوجسة قبل أن يقول الأخير بريبة:
- الراجل ده ماله .. الظاهر كدا والله أعلم أن مخه مش موزون .
قالها وهو يقترب من العربة حيث برقت عينا (نور) بعد سماعه العبارة الأخيرة وقد شعر أن الصدفة وحدها قد بعثت له الحل علي طبق من ذهب فاعتدل في مكانه بينما يرسم علي وجهه أشد نظرات العالم بلاهة بينما يتابعه (أكرم) بذهول صارخا :
(نور) .. علام ستقدم يا (نور) ..؟!
أما (نور) فقد أطلق ضحكة شيطانية ارتج لها جسد الرجلين بينما راح يحملق فيهما كالمجانين ثم استعار لهجتهما وهو يقول:
أنت مين ياد أنت وهو..؟
ارتعدت أوصال المدعو ( أبوشوشه) وهو يتمتم لصاحبه في رعب حقيقي:
- دا باين عليه طلع مجنون بصحيح .. !!
ثم استدار نحو (نور) قائلا:
حقك عليا يا با .. امسحها في رقبتي وحياة والدك .. أنا ما كانش قصدي حاجة
أطلق (نور) ضحكة أخري متهمكمة لا تخلو من التظاهر بالجنون ثم أشار نحوهما صارخا:
- أخلعا..
اذدد الرجل لعابه بينما ينظر أحدهما إلي الأخر ثم قال صاحب العربة
- نخلع ايه يا با ما كنا حلوين
أشار (نور) بيده نحوه ليصمت وهو يقول:
- اخلعا جلابيبكما
- اذدرد الرجلان لعابهما في صعوبة بينما راح (أكرم) يحملق في (نور) وقد فهم مغزاه وابتسم بثقة بينما خلع الرجل الأول جلابيته وناولها لأكرم الذي عزم علي ارتدائها بينما أتاه صوت (نور) قائلا بصرامة:
- لا يا ( أكرم) لحد هنا وكفاية .. كل إلا ذلك.. ناولني الجلباب
زمجر (أكرم) في جشع بينما يحاول ارتداء الجلباب وهو يرمق (نور) بنظرة متحدية استنفرت مشاعره قبل أن يحدج (أكرم) بنظرة نارية بدوره فتشبث بطرف الجلباب وهو يقول في صرامة:
- ألم أقل لك اعطني الجلباب..؟!!
جذب (أكرم) طرف الجلباب من بين يديه في تحد وهو يقول:
- ارتد أنت جلباب الرجل الآخر
ولكن (نور) قال بعناد رهيب:
- لن أرتد سوي هذا الجلباب ... لقد كبر الأمر في رأسي
- أما (أكرم) فقد كبر الأمر في رأسه بدوره وهو يقول:
- لقد نسيت مع من تتحدث هذه المرة يا (نور)..هل أم نسيت حقا أنني ملك العناد المتوج.؟!
استنزفت العبارة ما تبقي لدي (نور) من صبر وهو يجذب الجلباب بدوره حتى أنه قد قرر أن التخلي عن الجلباب هذه المرة سوف يحرج موقفه أمام الرجلين الذين يتابعان الموقف حتى أن كل منها راح يجذب من أحد طرفي الجلباب الذي لم يتماسك طويلا أمام قوة الجذب الشديدة فانشق نصفين بصوت مسموع .. وكان هذا وحده كافيا لأن يجن جنون صاحب الجلباب الذي يتابع الموقف قبل أن يصرخ فيهما قائلا:
- كله إلا جلابيتي ... دا أنا وارثها عن أبويا يا ( ولاد الـ....) ثم انضم للصراع الناشب بينهما ... وفي هذا اللحظة كانت قافلة من عربات الكارو تعبر الشارع مصادفة ولم يكد (أبوشوشة) يلمحها حتي تهللت أساريره وراح يصرخ فيهم بكل ما أوتي من قوة:
- يا (عوضين) .. يا ( محمدين) .. يا (عويس) .. يا (نصر) .. يا ( فرغلي) .. يا (حسنين) .. يا (مصطفي) .. يا..........
فجأة ارتج الشارع تحت أصوات أقدام الحمير التي تجر عربات الكارو والتي راحت تنهب أرض الشارع في اتجاهها نحوهم حتى أن (نور) قد حملق في المشهد خلفه بذهول وهو يتساءل عن كل هذا العدد من عربات الكارو التي راحت تتوافد للمكان فأدار عينيه نحو مبني المخابرات العلمية الذي يبعد اقل من نصف الكيلو متر تقريبا ثم نظر نحو أسطول العربات المتجه نحوهم قبل أن يستدير نحو (أكرم) الذي راح يحملق في المشهد بدوره بذهول مماثل قبل أن يصرخ فيه :
تول أنت عجلة القيادة* يا (أكرم) قالها وهو يدفع الرجل الذي كان ما يزال متشبثا بالجلباب في قوة كأنما تحول الأمر لديه إلي مسألة حياة أو موت ولكن الأمر قد تحول عند (نور) إلي ما هو أكثر من ذلك حتى أنه دفع الرجل بقوة أكبر وهو يتشبث بطرف الجلباب بقوة كبيرة حتى أن الرجل قد سقط في حركة مباغتة من فوق العربة ليرتطم برصيف الشارع في عنف مما جعل الجلباب ينفلت منه علي الرغم منه ... أما (أكرم) فقد انصب العرق علي جبهته غزيرا وهو يحاول بكل ما أوتي من قوة السيطرة علي العربة قبل أن يطرق صياحه أذن (نور):
- ما هي الكلمة التي تقال للحمير لحثهم علي الجري يا (نور) ..؟
- بدت علامات التفكير الشديدة علي وجه (نور) هو يناوله نصف الجلباب ليستر به جسده قدر الإمكان بينما احتفظ لنفسه بالنصف الآخر ... وبدا كما لو انه يعصر رأسه لتذكر الكلمة .. ثم برقت عيناه في قوة قبل أن يصرخ في (أكرم) قائلا:
- إنها ( شىىىىىىىى حااااااااااااااااااااااااااااااا)** يا (أكرم)
أما (أكرم) نفسه فقد سيطر علي العربة بمهارة مذهلة يحسد عليها حتي أن (نور) قد تساءل في أعماقه في حيرة حقيقية عن طبيعة عمله السابقة فيما يسبق فترة احتلال الأرض * ... ولكن خواطره لم تدم طويلا حيث اقتربت عربات الكارو التي يقودها سلة من (العربجية) الأوغاد في احتراف حقيقي وراح يبتهل وهو يتابع بوابة مبني المخابرات العلمية التي تقترب في بطء ... وبدا المشهد أمامه في هذه اللحظة كأغرب عملية اقتحام لمبني المخابرات العملية رآه في حياته ..!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
* معناها (س - 18) .... راجع العدد مليار (المقاتل العجوز)
** معناها سير أيها الحمار ... الموسوعة العالمية الشاملة لقيادة الحمير
**** **** ****
- أنا خلاص لازم اموت نفسي .. أنا لازم أبلع قنبلة هيدروجيية
رددت (جـ - 18) هذه العبارة في انهيار تام بينما تغرق الشرارات الكهربية عينيها من أثر
البكاء وبدا منظرها مثيرا للشفقة بحق بينما أتاها صوت امها التي تجلس بجوارها علي طرف الفراش قائلة:
- يابنتي ما تعمليش في نفسك كده قطعتي قلبي
لم تجد أم (جـ - 18) سوي هذه العبارة وهي تربت علي كتف ابنتها التي لم تكف عن
البكاء لحظة منذ أن افتضح أمر زواجها السري بـ (س – 18) وراحت تمسح الشرارات الكهربية التي تنهال من عينيها قبل أن تقول:
- ياماما دا بينكر نفسه مني ..!!
ثم أتبعت بينما تزرف الشرارات الكهربية من عينيها أكثر:
- دي أخرتها يا (س - 18) ... بقي دا جزائي؟!!
أما أمها فقد مصمصت شفتيها في حسرة قائلة:
- هما الرجالة كلهم كده يا بنتي مش أنا سبق وحذرتك ..؟!
فأجابتها (جـ - 18) بحسرة:
- أيوة يا ماما ... أنا إللي طلعت خايبة
ثم أنهارت في البكاء بصورة كبيرة وهي تقول بصوت مختنق بالدموع:
- بس أنت ما سمعتيش وعوده ليا قبل الجواز ..!!
أبتسمت أمها في سخرية مريرة وهي تتبع:
أظن ما قال لك أنه هيسكنك في (بلوتو) ويجيب العفش من (دمياط) ويشتري لك صاروخ اتناشر متر ويعمل لك فرح في نادي الشرطة في (جلوريال) ؟
فأجابتها (جـ - 18) من وسط دموعها:
- لا ياماما في شيراتون (أرغوران) .. وهيجيب لي شبكة من (عطارد)
فهزت أمها رأسها في قلة حيلة قائلة:
- وصدقتيه..!!!
ثم أتبعت بمرارة أشد:
- ما كلنا أتقال لنا كده يا خايبة ... بس دا كلام .. أنا نفسي اتقال لي أكتر من كدا .. وأدي أنا قدامك أهه زي ما أنتي شايفة .. وأنت طبعا شايفة أبوكي ... يالله بقي هنقول إيه .. كله نصيب..!!
ولم تكد تأتي سيرة أبوها حتى انفجرت في البكاء مرة أخري وقد تذكرت وعيده لها وهي تقول بحزم شديد:
أنا ما عادش ليا حياة في الدنيا دي ... والله لازم أرمي روحي في ثقب أسود عشان أستريح من الدنيا وإللي فيها
فقالت لها أمها: - يابنتي العلماء ما اكتشوفوش لسه الثقب الأسود ده بيودي فين ... بلاش تعملي في نفسك كدا ..
فنظرت نحوها بريبة وهي تظن أنها محاولة منها لإثناءها عما تفكر فيه فقالت لها بريبة:
- مين اللي قال لك كدا ... ؟!!
فقالت لها أمها بصدق :
- والله يا بنتي ما بأكدب ... دا (د.نبيل فاروق) اللي قال كدا ... أنت ما بتقريش الهوامش الجانبية ولا أيه !
نظرت إليها (جـ - 18) بريبة ثم أتبعت في حزم أكثر:
- خلاص ... هأشرب سم فران
قالتها وانخرطت في بكاء شديد ...
**** **** ****
يا للمهزلة .. يا للمهزلة
رددها القائد الأعلى للمخابرات العلمية في ذهول وهو يضرب كفا بكف بينما وقف أمامه كل من (نور) و (أكرم) الذين أطرقا برأسيهما في خجل وهو يتابع نصفي الجلباب الذي يتدثر كل منهما بواحد منهما قبل أن يقول في قلة حيلة :
أين أخفي وجهي من الناس..!! .. والكارثة أن يكون ما حدث قد تم التقاطه علي احدي الكواكب الأخرى وقتها ستصبح فضيحة كونية .. ولن نقوي علي اظهار وجهوهنا جميعا في أي مؤتمر كوني ..
ثم نظر نحو (نور) قائلا بنفس اللهجة التقريعية الشديدة:
- أنت يا (نور) .. أنت .. !! ... كيف يصل بك الحال لأن تترك بعض الهواة يسرقون ملابسكم
- تنحنح (نور) في حرج بينما استدرك ( أكرم) سريعا :
لم يسرقوا ملابسنا فقط يا سيدي بل سرقوا السيارة أيضا
صرخ فيه القائد الأعلى بأسلوب تقريعي مبالغ فيه :
- فقط...!!
فقال (أكرم) علي الفور:
لا يا سيدي .. بل سرقوا متعلقاتنا الشخصية أيضا كما سرقوا هواتفنا الخلوية وساعة (نور) الـ ...
صرخ فيه القائد الأعلى كأنما لا يحتمل كل هذا:
- اصمــــــــــــــــــــت
تنحنح (أكرم) في حرج وهز تفيه بتعجب وتساءل في أعماقه عن أطواره الغريبة وهو يسأله ببساطة محملة بالتعجب:
- أردت فقط أن أوضح الأمر ...!!
تجاهله القائد الأعلى وهو ينقل بصره نحو (نور) الذي تمني لو انشقت الأرض وابتلعتهما لكنه تنحنح مرة أخري في حرج وهو يتبع :
لقد كانوا يحملون السنج يا سيدي ولولا ذلك لكنا ....
قاطعه القائد الأعلى مرة أخري في عصبية :
- لكنتم ماذا يا (نور) ...
ثم حاول التحدث لكنه لم يجد ما يقال فاكتفي بالصمت ثم أشار بيده لهما للجلوس ... فازدرد (نور) لعابه بينما جلس (أكرم) علي الفور فتبعه بهدوء بينما قال القائد الأعلى في صرامة:
- ركزا معي الآن ودعا كل ما في بالكما فهناك مهمة جديدة لكما
أجابه (نور) علي الفور:
- نحن رهن إشارتك يا سيدي
لم يكد القائد الأعلى يسمع هذه العبارة حتى لانت ملامحه ثم راح يسترسل في تفاصيل المهمة الجديدة بينما تابعه (نور) و (أكرم) بذهول لا حد له ..!!!
**** **** ****
ابتسمت (سونيا جراهام) في شراسة حينما دوي الرعد مرة أخري وسقطت أضواء البرق علي وجهها كأنما راق لها منظرها حينما تنعكس عليه أضواء البرق الخاطفة قبل أن تقول في سخرية لاذعة موجهة حديثها نحو (تفيدة جراهام) :
- لقد دفعتي بنا للحديث في أمور جانبية بينما تركتنا السبب الحقيقي لاستدعائك ..!!
مالت (تفيدة جراهام) نحوها وهي تزوي ما بين حاجبيها دلالة علي التركيز الشديد وهي تقول:
- سيكون من الجيد حقا أن تأتين من نهاية الموضوع
قالتها وضمت يديها أمام صدرها وهي تنصت نحو (سونيا جراهام) التي أشاحت بوجهها إلي الناحية الأخرى ... ثم صمتت برهة لم تدم طويلا قبل أن تقول:
- أخبريني يا (تفيدة) ... هل حدث وقمتي بقراءة ملفي من قبل ..؟
أطلقت (تفيدة جراهام) ابتسامة ساخرة من ابتساماتها المعتادة وهي تقول:
- حتي أطفال إسرائيل يحفظون ملفك عن ظهر قلب يا عزيزتي
لم تتخلي (سونيا جراهام) عن قناع الجمود الذي غلفت به وجهها وهي تقول :
- لابد أنك تعرفين كل شيئ عني اذا
سألتها (تفيدة) في لهجة خالية من الصبر:
- ألم نتفق أن تأتي من نهاية الموضوع .. ؟
تجاهلتها (سونيا) مرة أخري واستدارت تطالع صورتها والصورة الأخري المثبتة بجوارها علي الجدار أعلي المدفأة قبل أن تقول:
- هلي تعلمين شيئا بشأن زواجي القديم..؟
اطلقت (تفيدة) ضحكة شيطانية من ضحكاتها المعتادة قبل أن تقول:
- أتحاولين إيهامي بأنك لم تصابي بالعنس مثلـ ... أحم أحم ... أقصد مثلما يقولون داخل العائلة..؟
ازدردت (سونياجراهام) لعباها في ضيق حقيقي للمرة الأولي وهي التي كانت تعتقد اعتقادا جازما بأن قصة حياتها تدرس في مدارس المخابرات في كل مكان ... لكنها تجاهلت هذه المرحلة بارادة قوية وهي تقول لها :
- أتحاولين ايهامي بأنك لا تعلمين بشأن زواجي السابق من ( أدهم صبري) ..؟
حكت (تفيدة جراهام) ماخلف أذنها بيدها في محاولة للتذر قبل أن تقول:
- أهذا هو تاجر الأسمنت الذي تزوجتيه في السنغال؟
أطلقت (سونيا جراهام) شقهة فزع قبل أن تقول:
- من أين جئتي بهذه المعلومة الكاذبة .........؟!!
ارتسمت ابتسامة واهنة علي وجه (تفيدة جراهام) قبل أن تقول بأسلوب تعمدت أن يخلو من المشاعر:
- ألم أقل لك أن قصة حياتك بات يعلمها كل طفل في اسرائيل*
ارتسمت ابتسامة جزعة علي وجه (سونيا جراهام) قبل أن تتبع: أتروجون عني اشاعات كاذبة .... - - - - ياللمصيبة ..!!
رفعت (تفيدة) أحد حاجبيها بينما زوت الآخر في عدم تصديق وهي تقول بريبة:
- وماذا إذا عن زوجك الكولومبي والذي قمتي بمساعدته في تهريب السلاح .. وماذا عن الآخر البرازيلي والذي قمتي بمساعدته في تجارة حبوب القهوة والآخر الأمريكي الذي تركتيه بعد القبض عليه في عملية تهريب المخدارت والنيوزلندي الذي شاركتيه في تربية الأبقار في مزرعته الخاصة إلي أن احترقت في ظروف غامضة والآخر من صعيد مصر والذي .......
قاطعتها (سونيا) صارخة:
- كفــــــــــــــى ... ما كل هذا الهراء ..!!!
ثم أتبعت في شراسة ساخطة:
- من أين لك بمثل هذه الأنباء الكاذبة .. ولمصلحة من تروجينها .. ؟
تصنعت (تفيدة جراهام) عدم الاهتمام وهي تقول لها :
- سبق وأخبرتك أن هذه الأخبار وغيرها لا تحتاج لترويج ... فالجميع يعلمها بالفعل .. بل ويحفظها أيضا عن ظهر قلب *
ازدردت (سونيا جراهام) لعابها في ضيق حقيقي وتمتمت بصوت منخفض:
- لقد ساءت الأمور حقا أثناء فترة غيابي ... ولكن أوان تدخلي لإصلاح الأمور لم يحن بعد..
قالتها واستدارت نحو (تفيدة جراهام) قائلة:
- دعي كل هذه الهراءات جانبا .. وأنصتي إلي كلامي ... فالأمر هذه المرة يحتاج إلي مجهودات خاصة جدا والأمر لن يكون سهلا خاصة وان المهمة التي سأكلف بها هذه المرة تقع في أكثر الأماكن بغضا لنا جميعا
ثم أتبعت في كراهية:
- في مصر..
وكانت هذه الكلمة تكفي..
تماما..!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
* لمزيد من التفاصيل تابع رواية (اسمهـــــــا سونيا جراهام) ... تأتي لاحقا
**** **** ****
اتسعت عينا (نور) و (أكرم) في ذهول وهما يتابعان كلمات القائد الأعلي الذي راح يسرد عليها مالديه ولم يكد ينتهي حتي قال (نور) علي الفور:
- سيدي .. مازلت لا أعي جيدا معني قولك أن (سونيا جراهام) قد ظهرت مرة ثانية..!!
أجابه أكرم ببساطة متناهية:
- ظهرت أي وضحت يا (نور) أم أن قد نسيت اللغة العربية يا (نور) ..؟
ضم (نور) قبضته وقاوم رغبته في لكمه ببسالة ... بينما تابع القائد الأعلي بغيظ شديد:
- هل طلب منك أحد الكلام يا (أكرم) ..؟
رفع (أكرم) أحد حاجبيه وهو يقول بضيق:
- أليس لي حق الحديث هنا..؟
- حدجه القائد الأعلى بنظرة نارية قبل أن يقول في خشونة :
- و أين كان لسانك وقتما سرقت ملابسكما..؟
أصفر وجه (أكرم) وخرجت كلماته متلعثمة وهو يحاول جاهدا أن يجد ما يرد به علي هذه الكلمات
أما (نور) فقد حاول تغيير مجري الحوار حتي لا يتهور (أكرم) ويلكم القائد الأعلي في عينيه فقال علي الفور :
- مازلت لا أفهم أين مهمتنا بعد .. أم أنك تود منا القيام بالقبض علي (سونيا جراهام)
أطلق مدير المخابرات ضحكة ساخرة أخري قبل أن يتبع في ضيق:
- يبدو أن عملية السرقة قد أثرت بدورها علي عقلك يا (نور) ثم أتبع في ضيق أشد:
أنتما تعلمان أن (سونيا جراهام) قد قامت باختطاف ابن (أدهم صبري) ... وأنه مازال يبحث عنه حتي الآن
أومأ (نور) برأسه علامة الفهم بينما أتبع القائد الأعلى:
- مهمتكما هذه المرة تنحصر في شيء وحيد ..
ثم صمت فترة قبل أن يتبع:
- ستصلان الخبر لـ (أدهم صبري) نفسه
اتسعت عينا (نور) في ذهول قبل أن يتبع:
- هل تعني أننا...
أجابه القائد الأعلى مباشرة:
- هو كذلك يا (نور) ستسافران سويا إلي الماضي لتبلغان (أدهم) بالأمر وتأتيان به معكما للتعامل بنفسه مع زوجته السابقة (سونيا جراهام)
ارتسمت علامات الذهول علي وجه (نور) بينما لاذ بالصمت قبل أن يتساءل (أكرم) في حيرة:
- بقي تساؤل وحيد يا سيدي يشغل بالي منذ مدة كبيرة
حملق القائد الأعلي في وجهه متسائلا:
- وما هو يا (أكرم) ؟
فقال (أكرم) مباشرة:
- أردت أن أعرف فقط هل كبر ابن (ادهم صبري) كما نكبر جميعا أم أنه مازال طفلا ....!!!
قالها دون أن يدري أن السؤال قد باغت القائد الأعلي تماما
وبقي السؤال يتردد في عقله كثيرا
وبلا إجابة..!!!
**** **** ****
حاولت (جـ - 18) أن تجفف الشرارات الكهربية التي تنهال من عينيها بلا انقطاع وهي تتابع معالم حجرتها وتحمل في يدها بعض متعلقاتها بعد أن قررت الهروب من المنزل ... ولم تكد تتأكد من جمع ما تحتاجه من متعلقات حتى تسللت علي أطراف أصابعها وما أن خطت بقدميها فوق رصيف الشارع حتى وقفت في انتظار (حوامة زرية) لتقلها نحو المحطة الكونية حيث يمكنها أن تجد سفينة فضاء مناسبة تنقلها حيث تريد ..
علي الرغم من ذلك فقد طال انتظارها علي غير توقعها..
وفجأة ... باغتها توقف حوامة دوريات الآداب الآلية التي تقطع أرض الكوكب باستمرار قبل أن يهبط منها عدد من المخبرين الآليين .. وعلي الرغم من أنها حاولت الهروب بكل ما تملك من طاقة إلا ان مخبرين شرطة الآداب الكونبية يتم اختيارهم وتدريبهم بعناية لمثل هذه المهام.. حتي أنها قد سقطت في أيديهم بسهولة مطلقة ولم تكد يتم احضارها بين يدي ضابط الحوامة الآلي حتي نظر نحوها باستخفاف قائلا:
- بتحاولي تهربي يا كتكوته !!....... نياهاهاهاهاها
ثم حدجها بنظرة فوتونبية تخللت وصلاتها السليكونية باثرها قبل أن يقول:
- إيه إللي جابك هنا الساعادي يا بت ..؟
حاولت الرد .. لكن شيء ما أعاق لسانها عن الحركة قبل أن يميل أحد المخبرين علي أذنه هامسا ببعض العبارات الموجزة قبل أن يرفع عينيه نحوها قائلا:
- بقي كدا ..!!
صمت فترة قبل أن يتبع في تشف غريب:
- امم بقي سيادتك رقاصة كمان ؟
ثم صمت فترة قبل أن يتبع:
- و ماشية كمان مع واد صايع؟
أتاه صوت أحد المخبريين الآليين من الخلف :
- اسمه (س – 18) يا بيه
أطلق الضابط الآلي ضحكة ساخرة طويلة قبل أن يقول في صرامة:
- هاتوها معاكوا في البوكس
ولم تكد (جـ -18) تسمع هذه العبارة حتى شعرت بكل وصلاتها تختل حتى ضعفت الرؤية أمامها وقد قاربت علي فقدان الوعي .... وداخل عقلها الآلي أدركت أن الأمور قد ازدادت تشابكا وأنها تخطو نحو متاهة ستبتلعها عن آخرها ...
وكم كانت محقة !!!
**** **** ****
ارتفع رنين جرس الباب في منزل (نور) في تتابع مثير للتعجب حتى أن (سلوي) ونشوي قد هرعتا من حجرتيها في ذهول بينما قالت (نشوي) وهي تدير عينيها نحو (سلوي) في فزع:
تري من هذا يا أمي:
أخرجت (سلوي) مسدسا ليزريا من طيات ثيابها وهي تقول بحزم:
تقدمي نحو الباب يا (نشوي) وافتحيه ببطء وانبطحي أرضا .. واتركي لي الباقي
تقدمت ( نشوي) من الباب بخطوات مضطربة ثم فتحت الباب ... ولو قدر لها أن تري الشخص الواقف بعتبة الباب لشاركت (سلوي) هذا الذهول الذي سيطر عليها ولكنها ارتمت علي الأرض مباشرة وهي تحمي رأسها بذراعيها كما لو أنه ستنهال أشعة الليزر من كل صوب ... ولكن كل هذا لم يحدث وإنما فاجأها هذا الصمت الذي شمل المكان بأثره .. فرفعت رأسها في هدوء لتتابع ما يحدث قبل أن تستدير نحو أمها التي راحت تحملق في القادم بتعجب ... استدارت مرة أخري نحو هذا الوافد لتشارك (سلوي) التساؤل .. فأمام الباب وعلي عتبته مباشرة كان يقف شخص غريب الملامح مزري الهيئة بصورة كبيرة وقد استطال شعره لحيته حتى غطي وجهه بأثره وتمزقت ملابسه في أماكن عدة ... ولم يطل تساؤليهما طويلا حيث قال الرجل بصوت مرهق:
حمدا لله أني رأيتكم مرة ثانية .. كنت أظن أني لن أفعل مرة أخري
ولم يكد صوته يطرق مسامعهما حتى صرخت (سلوي) بلهفة حقيقية :
من................؟!!!
فأجابها الشخص علي الفور:
نعم يا (سلوي) ... أنا (محمود)
وكانت حقا مفاجأة مذهلة..
مدهشة ..
مخيفة ..
مرعبة ..
مفزعة ..
مبهرة ..
قاسية ..
عنيفة ..
قوية ..
.....
.....
.....
....
إلخ
ولأقصي حد....!!!