لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

سلاسل روايات مصرية للجيب سلاسل روايات مصرية للجيب


رواية جديدة من تأليفي لسلسلة ما وراء الطبيعة بعنوان (أسطورة القلائد السحرية)

مرحبا .. كيف حالكم ؟.. هذه أول مشاركة لي ، وأنا آسف أن أبدأها بهذا الشكل .. لكن من شدة روعة المنتدى ، لم أتمالك نفسي إلا أن أعرض روايتي

موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-06, 04:26 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2006
العضوية: 18432
المشاركات: 17
الجنس ذكر
معدل التقييم: القناع الأحمر عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
القناع الأحمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
افتراضي رواية جديدة من تأليفي لسلسلة ما وراء الطبيعة بعنوان (أسطورة القلائد السحرية)

 

مرحبا .. كيف حالكم ؟.. هذه أول مشاركة لي ، وأنا آسف أن أبدأها بهذا الشكل .. لكن من شدة روعة المنتدى ، لم أتمالك نفسي إلا أن أعرض روايتي عليكم لأعرف رأيكم فيها ، وإن شاء تنال إعجابكم .. ولا بأس بالنقد البناء الهادف .. طبعاً الرواية كانت تحمل اسم ( أسطورة بيت الأشباح) وقد قمت بكتابتها قبل ثلاث سنوات ، لكن مع صدور رواية تحمل نفس الإسم كان لابد من تغيير الاسم حتى لا يختلط الأمر عليكم ..
الدافع الذي جعلني لكتابة هذه الرواية ، هو حبي الشديد لهذه السلسلة وكاتبها ، فأنا من أشد المعجبين بالكاتب أحمد توفيق ، وأتمنى له دائماً أن يمطرنا بإنتاج جيد هادف .. وفي النهاية وحتى لا أطيل عليكم ، سوف أضع ثلاث فصول فقط ، حتى أعطيكم فرصة لتقرأوا الرواية بتمعن .. والآن مع الرواية ..
أسطورة القلائد السحرية)
تأليف : القناع الأحمر
مقدمة …

ــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة معظم عبارات و جمل الفصل
الأول مقتبسة من مجموعة روايات للعبقري رفعت الذي هو أنا ، و أعوذ بالله من كلمة أنا لهذا سوف تجدون العديد من العبارات ، أما بعد ذلك سوف يقوم المؤلف بتولي الأمر بارتجالية من عنده يعني ...
اسمي هو الدكتور المحترم ( رفعت إسماعيل ) .. مهنتي قبل _ تقاعدي _ هي أستاذ أمراض الدم بعدة جامعات في كوكب زحل ، و كوكب المريخ ، إلا أن هوايتي الأساسية هي صيد الأشباح مختارا ، أو مجبرا وجدت نفسي ضيفا غير مرغوب فيه في عشرات المقابر ، و القصور و البيوت المسكونة .. ، و كان مضيفي إما مذءوبين أو أشباحا ، أو مصاصي دماء تلمع أنيابهم الحادة في الظلام .. !
يا لها من حياة حافلة تلك التي عشتها .. !
ترى ما الذي سأحكيه لكم اليوم ؟.. هل أحكي لكم مغامرتي مع القطة السوداء ؟.. أم مواجهتي لجيش من الجرذان أم احكي لكم صراعي مع وحش المريخ ؟.. لا أدري ..
إلى الذين فاتتهم قصصي السابقة أقول إنه قد فاتتهم لحظات مثيرة من التشويق و الترقب ، و إني لأنصحهم أن يجدوها ، و يقرءوها ، أما الذين طالعوا ما سبق فلهم أقول إنني لم أنتهي بعد : !.. لم تزل ذاكرتي قوية عامرة بأحداث مروعة التي واجهتها في عمري المديد ..
و الآن أعتقد أنني سأحكي لكم قصتي مع بيت الأشباح المرعب .. و قد وقعت أحداثها .. _إن لم تخني الذاكرة _ في أواخر عام 1969 .. نعم هو كذلك ..
و الآن أضيئوا الأنوار ، و أغلقوا الأبواب و اقلبوا الصفحة ..
سأحكي مغامرتي مع بيت الأشباح ..
فلا تقاطعوني ..

***
1- يوم ممل …
ـــــــــــــــــــــــــــ
نحن الآن في منتصف الليل ..
المكان : قاعة واسعة في بيت كبير مخيف مظلم مرعب
و الظلام يحيط بالمكان من كل جانب ، لا يبدده سوى الثلاث شموع التي نحملها في أيدينا ، و تكشف عن وجوهنا الخائفة المرتعبة ..
الزمان : أواخر شهر مايو من عام 1969
الحدث : لقد قررت أنا و الدكتور ( فريد نافع ) و ( بلال ) أن نواجه الأشباح ..
في صمت ينظر الدكتور ( فريد نافع ) إلى ساعته بعقاربها المضيئة ، ثم ينظر إلىّ _ أو هكذا يخيل لي _ و إلى ( بلال ) ثم يقول ، و هو يضغط على كل حروف كلماته :
- لقد حان الوقت .. ! .. تذكروا يا سادة .. لم يزل هنالك وقت للتراجع .. ، أريد أن أسمع موافقتكم مرة أخرى ..
التفتت إليه و قلت له في سخرية لاذعة :
- وهل هذا وقت سؤالنا عن موافقتنا يا دكتور ، أنا أعرف أن أبواب الجحيم ستفتح بعد دقائق .. و أن الله وحده يعلم ما ستطلع عليه شمس الغد .. لكني مسير في طريق لا أعلم إلام يقودني ..
و قبل أن ينطق ( بلال ) بكلمة جاءت الأشباح ..
***
ثمة قول قديم يقول أنّ كل بيت قديم أو قصر مهجور يحوي مجموعة من الأشباح ، و لم أكن أعرف هذه المقولة في ذلك الوقت قبل عام 1969 ، و هذا هو قدري .. بعد كل قصة أكتشف أي أحمق كنته بالأمس ، بل و أي ساذج كنت من لحظات ، و أحسب أني وصلت إلى ذروة الحكمة .. ثم أكتشف _ في مغامرتي التالية _ أنّ هناك ذروة أخرى لم أعرف عنها شيئا على الإطلاق .. و لكن .. كيف لم أفهم وقتها ، أنني حيث أذهب فهناك أشباح و شياطين .. و ما دامت هنالك أشباح و شياطين ، فإني _ لابد _ ملاقيها ..؟
هذا هو قدري الذي لا ذنب لي فيه و لا فضل .. لكني _ للمرة الألف _ أعترف أني كنت ساذجا ..
***
متى رأيت ( بلال ) ؟..
***
يوجد ألف سبب يدعوني لكراهية الربيع .. آخرها أنه ينذر بمرض شاعري الاسم لا نجده في فصل آخر : الرمد الربيعي .
لهذا أحب الخريف .. و لو تغاضينا عن حقيقة أنه لا يوجد رمد خريفي ، يمكننا القول بأنه الفصل الوحيد الذي له مذاق الحزن المرهف .. و الرقة و الشفافة ..
ذلك المذاق الذي لا نجده في فصل آخر .
في ذلك المذاق الصباح لم يكن لديّ ما أفعله .. كنت في إجازة قصيرة ، و قد قرأت كومة الخطابات التي وجدتها في بريدي .. ربما باستثناء خطابين أو ثلاثة .. لهذا قررت أن أعني بالشقة قليلا .. لأحولها من عرين تمساح _ لو كان للتمساح عرين _ إلى شيء صالح للاستعمال الآدمي ..
هناك في المائتين من عمرها _ عز الشباب تقريبا _ تأتي إلى شقتي مرتين سنويا لتنظيفها .. اسمها ( أم بلبل ) أو ( أم عصفور ) كلها أسماء تتشابه ، يعني ما الفرق بين البلبل و العصفور ، أليسا طائران المهم أنها عجوز شمطاء .. و أنها تسرق البيض من الثلاجة الذي لا آكله .. ثم _ الأسوأ من ذلك _ لا تأتي بانتظام .. أحيانا تتغيب عني قرنا .. لكنها على كل حال لا تموت أبدا ..
يصرّ ( عزت ) على تسميتها ( مدبرة المنزل ) و هو اسم يليق بلورد ( جن شن هن ) لكنه لا يليق بـ ( أم غراب ) .. و على كل حال لا يجب أن ننسى أنّ ( عزت ) هو من أوجدها لي و هي تسرق السمن من شقته بدلا من البيض .. لم تأت أم ( حمامة ) هذه .. فهل أترك شقتي و حالها ؟..
بالتأكيد لا .. شرعت أمسح البلاط و أغسل الملاءات ، و أبعثر الغبار بشكل متجانس بحيث لا يحتشد في موضع بعينه ..
كذلك أشعلت الموقد فطهوت بعض البطاطا و غليت اللبن أعني أنني وضعته ليغلي ..
و هنا أعود فأقول : إنّ اللبن سائل مهم و هو أيضا ملهم .. ألا ترى هذا معي ؟.. ما إن تضعه على النار حتى تتداعى ذكرياتك .. و تخطر لك آلاف الأفكار العبقرية .. و تتذكر مواعيد لم تف بها .. و مكالمات هاتفية لم تجرها المهم أنّ كل شيء يدعوك لنسيان اللبن الذي على الموقد .. و تفيق لرشدك لتجد البركان الأبيض يثور بحممه .. و تدرك أنك تأخرت ثانيتين مصيريتين .. لكني سآخذ حذري هذه المرة ..
أودّ أن أسمع شيئا من الأغاني الجميلة سأبحث .. سأبحث عن أسطوانة ( كاظم الساهر ) التي استعرتها مؤخرا من جاري( عزت ) .. يبدو أنها بجانب هذا الرف العلوي .. لا .. ليست هنا .. سأبحث تحت حاشية السرير إذن .. أخيرا وجدتك أيتها الأسطوانة .. أضع الأسطوانة في جهاز الفونغراف ..
ماذا .. موسيقيا صاخبة .. يخرب بيتك يا ( عزت ) ..أتريد أن تخدعني .. عيناي تلتفت إلى الأسطوانة الأخرى الموضوعة على الكومودينو .. قلت في نفسي : حسنا لأجربها .. وضعت الأسطوانة في الجهاز إياه .. صوت كاظم يترنم في أغنيته المشهورة ..
"أشهد أنك أول امرأة أتقنت اللعبة إلا أنت" ..
رائحة الطعام الشهية تناديني .. أضع طبق البطاطس المطهو ، مع طبق اللبن على طرابيزة صغيرة ، و أبدأ في تناول طعامي .. و كاظم ما زال يقول :
"واحتملت حماقتي عشرة بالكيلو من الزمن" ..
أغنية جميلة .. هكذا قلت لنفسي .. لحظة أرى في أعينكم تساؤلا .. كيف أتت أسطوانة كاظم إلى فترة الستينات؟ .. و الأمر بسيط .. هذه رواية خيالية ، لذلك من حقي أن أخترق الزمن أو أحضر ( شارون ) لتأكله التماسيح في حديقة الحيوان ، حتى تخلص الفلسطينيين من شره .. ما علينا .. انتهيت من تناول طعامي في الساعة الثالثة ظهرا أو عصرا .. الأوقات لا تمتاز بالدقة في عقلي .. ماذا أفعل ؟.. ماذا أفعل ؟.. الحقيقة أنه سؤال صعب .. هل أنزل إلى الشارع و أذهب إلى القهوة ، أم أذهب إلى جاري ( عزت ) أعتقد أنّ الحل الآخر هو الأنسب .. سوف أذهب عند جاري ( عزت ) ..
بخطوات بطيئة أغلق باب الشقة خلفي ، و أتجه إلى شقة ( عزت ) في نفس العمارة ..
الباب الخشبي الجميل ذو الضلفتين ، و الجرس الأنيق الذي يمثل مستطيلا أحمر اللون .. أضع إصبعي ( الإبهام ) على الجرس .. أنتظر لحظة .. صوت ( عزت ) يتساءل من الطارق السخيف .. أجيبه بسخافة أكثر :
- أنا ( رفعت ) يا ( عزت ) اسمح لي باستضافتي إذا لم يكن عندك مانع ..
صوت ( عزت ) يقول و هو يفتح الباب واضعا يده على فمه و هو يتثاءب : مرحبا ( رفعت ) تفضل ..
أدخل بنفس الخطوات البطيئة .. أنظر في أنحاء الشقة .. نفس المشهد في كل مرة .. لا شيء يتغير فيك يا ( عزت ) .. التماثيل المتناثرة هنا و هناك و أواني الطعام المتراكمة .. مرطبان البهارات الحارة ، و الذي لا يمكنك الاستغناء عنه ..
صوت ( عزت ) يتساءل و هو يتجه إلى المطبخ لصنع كوب الشاي الثقيل جدا :
- ليس من عادتك أن تزورني في منتصف النهار ..
بغل كبير أنظر في وجهه و أقول :
- هل أنت متضايق من زيارتي ؟.. أعرف ذلك .. لهذا أحب أن أسبب لك الإزعاج دائما ..
( عزت ) ينظر إلىّ في بلاهة واضحة قائلا :
- ما هذا الكلام الذي تقوله يا ( رفعت ) ؟!.. لم أعهدك أن تقول لي هذا يوما!!! ..
الحرج يتسلل إلى صوتي الضعيف الذي يقول :
- اعذرني يا ( عزت ) .. فأنا في مزاج سيئ هذا اليوم ..
) عزت ) ينظر إلىّ متفهما و هو يرسم على شفتيه ابتسامة هادئة قائلا :
- هل هذا بسبب إجازتك اليوم؟ .. أنا أعرف أنّ الكثيرون ينتظرون مثل هذا اليوم بفارغ صبر .. أنت دائما يا ( رفعت ) تريد أن تختلف عن الناس ، حتى عندما قاتلت لوحدك مقاتلي كوكب المريخ .. مجرد أن رأوا وجهك هربوا منك ..
أخيرا ابتسمت .. هذا المسخ الآدمي جعلني أبتسم .. لست أعرف ماذا كنت أفعل من دونك يا ( عزت ) ..
- ابتسم يا عم ، لا أحد سوف يأخذ من الدنيا شيئا ..
قالها ( عزت ) و هو يناولني كوب الشاي ، و لم أكد ألتقطه حتى سمعت صوت الباب يطرق بتوتر و سرعة .. نظرت إلى ( عزت ) الذي ذهب ليرى من الطارق .. لم تمض لحظات حتى رأيت القادم مع ( عزت ) كان عجوزا مثلي إلا أنه أكثر وسامة و أكثر شياكة ، و أكثر لباقة .. _ كيف عرفت الصفة الأخيرة .. بسيطة .. من نظرات الإعجاب التي تطل من عيني ( عزت ) .. _
نظر إلىّ الرجل الأنيق جدا ، و نظرات التلهف و الترقب تطل من عيناه الصغيرتان و هو يقول :
- دكتور ( رفعت إسماعيل ) حسبما أعتقد :
- نعم أنا هو بلحمه و شحمه ..
- لقد بحثت عنك كثيرا حتى وجدتك .. لأريدك في أمر هام جدا ..
متسائلا قلت له :
- وما هو يا ترى ؟.. هل تحتاج إلى استشارة طبية أو ما شابه ..
- بل أنا أحتاج إلى رأيك حول موضوع يختص بعالم الميتافيزيقيا ..
هذا الرجل يريد أن يقتلني .. هل أنا مشهور إلى هذا الحد ؟.. هل أنا الوحيد في هذا العالم القادر على الخوض في عالم ما وراء الطبيعة .. تمالكت أعصابي و قلت بصوت حاولت أن أجعل فيه قليلا من الهدوء و الاهتمام :
- حسن .. و ما هو هذا الموضوع ؟..
- إنها استشارة تتعلق بقريبي المهندس ( بلال ) .. يقول أنّ بيته سكنته الأشباح ، و هو لم يعد يحتمل العيش فيه أبدا ..
- ولماذا لم ينتقل للعيش إلى بيت آخر ؟..
- هذا حدث بالفعل .. لقد تركت الأشباح البيت الأول و سكنت الآخر ..
سألته في حيرة و قد بدأت أهتم بالأمر :
- وماذا تفعل الأشباح له ؟.. هل تحاول أن تؤذيه ؟.. أو ما شابه ذلك ؟..
- إنها تحاول أن تقتله إذا كنت هذا ما تفكر فيه يا سيدي .. و لكنه فعلا محظوظ إذ استطاع النجاة منها بمعجزة ، وهو حاليا يقطن في بيتي ، و من يومها لم نر الأشباح أبدا ..
- إذا انتهى الأمر لماذا تحتاج لاستشارتي ؟..
دكتور ( رفعت ) .. أنا رجل متزوج ، و هذا الوضع لا يريحه و لا يريحني .. ثم ماذا بعد أن يتزوج هو ألن يحتاج إلى شقة خاصة به؟ .. أريد حلا أقطع به هذه المشكلة نهائيا ..
- لست أعرف ماذا أقول لك ؟.. و لكني لن أحدد أو أقرر أي شيء قبل أن أرى قريبك المدعو ( طلال ) .. _ ( بلال ) .. ( بلال ) طبعا هذا التصحيح كان من ( عزت ) _ نعم المدعو ( بلال ) .. و بناء على ما أسمعه منه سوف أقول لك هل سأخوض في الأمر أم لا ..
ارتسمت على شفتي الرجل الذي عرفنا أنه الدكتور (نافع) ، و هو يسلم على بحرارة قائلا :
- أشكرك كثيرا يا دكتور ( رفعت ) .. أية معلومات تحتاجها سوف أزودك بها ، فأنا متخصص في الخوارق ، و الظواهر الغير طبيعية .. و لكن للأسف لم أكتسب الخبرة بعد مثلك سوف أنتظر غدا في مكتبي الساعة العاشرة صباحا ..
قال هذا و التقط من جيبه كارت أبيض مزخرف مدون به عنوانه و رقم تلفونه مضيفا :
- لا تنس .. العاشرة صباحا ..
أومأت برأس أي نعم ، و أنا أتابع ( عزت ) الذي قاد الدكتور ( نافع ) إلى خارج الشقة ..
أعتقد أنّ اليوم لم يكن مملا كما اعتقدت ، و الواضح أنه في الأيام القادمة سوف أمرح كثيرا ..
***
2- فصل عن الأشباح .. إذا لم يعجبك انتقل للفصل الثالث ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
ظهور الأشباح منذ زمن بعيد ، و توالى في أماكن عدة ، و لعلّ أشهرها يرجع إلى أشباح الطائرة رقم 401 و الأحداث كالتالي ..
بدأ الحدث الغريب يوم 13 ديسمبر 1972م في مطار كنيدي الدولي في نيويورك ، حينما أخذت طائرة من طراز ( تراي ستار ) تابعة لشركة خطوط إسترين الجوية ، تستعد للإقلاع في رحلتها رقم 401 .. كانت الرحلة روتينية ، و داخل القارة الأميركية .. كما أن الطائرة حديثة تماما ، و لم يمر على تشغيلها أكثر من ثمانية أشهر فقط ، و تعد من أحدث الطائرات التجارية ، و ليس هناك من سبب يدعو إلى القلق على الإطلاق .
كانت درجة الحرارة قد انخفضت إلى ما دون الصفر ، و غطت الثلوج الكثيفة أرض المطار .. لذلك أخذ الفنيون في إذابة الثلوج الكثيفة من فوق أجنحة الطائرة و ذيلها بأجهزة خاصة قبل الإقلاع بدقائق بينما بدأت الجرافات في إزالة الثلوج المتراكمة على ممر الإقلاع ، و كانت الطائرة قد تزودت بالوقود اللازم ، و أخذ الركاب أماكنهم في كابينتي الدرجة الأولى و السياحية ، و كان عددهم 163 راكبا بالإضافة إلى طاقم الطائرة المكون من 13 فردا ، منهم ثلاثة للقيادة و الباقي من المضيفين و المضيفات ..
انطلقت الطائرة رقم 401 في رحلتها نحو الجنوب دون تأخير ، و كانت بقيادة الكابتن ( بوب لوفت ) و مساعد الكابتن ( دون ريبو ) و مهندس الطائرة ( بيرت ستوكويل ) .. ارتفعت الطائرة بالسرعة الاقتصادية المعتادة إلى 31 ألف قدم _ تعادل 9450 مترا _ ثم انطلقت بسرعة 913 كيلو متر في الساعة ، و كانت المحطة الأولى في رحلتها الجوية هي مطار ميامي عاصمة ولاية فلوريدا الأمريكية المطلة على المحيط الأطلنطي ، و على بعد 1100 كيلو متر جوا .. عندما اقتربت الطائرة من مطار ميامي اتصل الكابتن ( لوفت ) ببرج المراقبة في المطار طالبا الهبوط ، و بدأ العد التنازلي لهبوط الطائرة ، بينما أخ مساعد القبطان ( دون ريبو ) يختبر أجهزة الهبوط ، وعند الاقتراب النهائي بعد أن أصبحت الطائرة مستعدة للدخول على أول الممر و على ارتفاع منخفض ، أنزل عجلات الهبوط ..
و لكنه اكتشف لفزعه خللا مفاجئا ، فصاح في هلع :
ليس هناك ضغط < هيدروليكي > على الإطلاق ..
و معنى ذلك أنّ العجلات الأمامية و الخلفية التي تدلت من فجواتها تحت الطائرة ، لم تثبت بعد في أماكنها الصحيحة ، لانخفاض الضغط الهيدروليكي ، و بالتالي لن تستطيع الطائرة الهبوط بالعجلات ، و لا حتى زحفا على بطنها ! ..
اتصل الكابتن ( لوفت ) بسرعة خاطفة ببرج المطار طالبا العودة للارتفاع مرة أخرى ، لأعطال طارئة في أجهزة الهبوط ، ثم قام بتشغيل المحركات الثلاث النفاثة بأقصى طاقاتها ، و الذي كان قد خفضها لأدنى حد عند الاستعداد للهبوط ، و لكن الطائرة في جهادها للارتفاع ، سقطت فجأة في مستنقع ( إيقرجلاديس ) القريب من المطار ..
اكتسحت الطائرة الضخمة أشجار المستنقع ، ثم تفككت ، و تناثرت إلى أجزاء فوق مساحة واسعة من الحشائش الكثيفة ، و الأشجار المتكسرة ، و المياه الراكدة ، و الرمال المتحركة ، و لم ينج أحد على الإطلاق في هذا الحادث المروع .
انزعج الخبراء في شركة لوكهيد الأمريكية التي قامت بصنع الطائرة ، و بعد تحقيقات فنية شاملة ، تم بالفعل تغيير و تعديل مضخات الضغط الهيدروليكي ، و الأجهزة المتصلة بها ، في الطائرات القليلة التي أنتجت من هذا الطراز الجديد .
إذ أنّ الطائرة كانت من طراز 1011-l متوسطة المدى ، مود يل < 1 > - تراي ستار ، و تمت تجربة الطيران في 16 نوفمبر 1970 ، و كانت شركة أيسترن من أوائل الشركات التجارية التي تسلمت الطائرة الجديدة في إبريل 1972م .
أنتجت لوكهيد بعد ذلك مئات الطائرات من الموديلات 100 متوسطة المدى عام 1970 ، و الموديل 200 عام 1977 ، و الموديل 500 البعيدة المدى عام 1979 ، و جميعها ما زالت في الخدمة الجوية حول العالم حتى الآن ، و الحق أنّ شركة لوكهيد تحملت مسؤليتها كاملة ، و بأمانة و تمّ تعويض الضحايا من التأمين ، و كذلك شركة إيسترن دون منازعة أو لجاجة في الخصومة .
و لكن شركة خطوط إيسترن الجوية واجهت مشكلة أخرى من نوع غريب ! إذ تكتمت إدارة الشركة في الأيام التالية لوقوع الحادث ، و تلك الأنباء المزعجة التي بدأت تتوالى و تتسرب بين المضيفات و الطيارين ، ثم انتقلت إلى طياري الشركات الأخرى ، حول ظهور < أشباح > من طاقم الطائرة المنكوبة في طائراتهم ، و قد أثرت هذه الشائعات على مبيعات الشركة ، و رحلاتها الجوية و ثقلها المادي ، و هي التي كانت تفخر في إعلاناتها بأنها لا تترك مقعدا خاليا في طائراتها ، طالما أنّ هناك من يحتاج إليه .
و بدأت إدارة الشركة في فصل كل مضيف أو طيار يردد مثل هذه الأقوال ، أو في أحسن الأحوال ، وقفه عن العمل أو عرضه على طبيب نفسي على اعتبار الإصابة بنوع من الإرهاق العصبي أو الانهيار النفسي الناتج عن ضغط العمل .
و قاد ( فرانك بورمان ) – رئيس الشركة – حملة دعائية واسعة بنفسه يؤكد فيها الأمان الكامل على طائرات الشركة ، التي تعتمد احدث الوسائل العلمية ، و التكنولوجية في عالم الطيران و لا تعتمد على الأقوال المرسلة و الخرافات .
لم يوقف ذلك ظهور < الأشباح > خاصة طيف مهندس الطائرة المنكوبة ( ستوكويل ) و مساعده الكابتن ( دون ريبو ) و لم يقتصر هذا الظهور على طائرات شركة إيسترن وحدها بل تعداها إلى طائرات الشركات الأخرى ، و من طرازات مختلفة ، خاصة عند مرورها فوق منطقة الحادث ، أو كان هناك خلل ما في طائرة و هي في أعالي الجو .
كان ظهور ( دون ريبو ) – مساعد القبطان – يأخذ طابع التجسيد الكامل ، و بملابس الطيران المألوفة للشركة حيث يظهر للمضيفة ، أو لأحد أفراد طاقم الطائرة ، و يطلب أخذ الحذر من مشكلة فنية وشيكة الحدوث حيث يحددها بالضبط ، في أحد الأجهزة الخاصة بالطائرة و هي في الجو .
أما ( بيرت ستوكويل ) – مهندس الطائرة – فكان أكثر الأشباح ظهورا حيث كان يظهر غالبا بنصفه العلوي ، و لم يفقد حيويته المتدفقة و مرحه الدائم ودعاباته الذكية ، كان يشير إلى مشكلة فنية على ظهر الطائرة و يقترح حلا لها بالضبط .
كما أنّ بعض الأشباح من المضيفين أو الركاب كانوا يظهرون – في بعض الحالات النادرة – بدون ملامح واضحة ، ثم يختفون بسرعة دون اتصال و الغريب أنّ كافة المشكلات الفنية التي أشارت إليها الأشباح قبل وقوعها كانت تحدث بالفعل ، و ما كانت هذه الطائرات لتنجو من كوارث رهيبة ، إلا بفضل إرشادات الأشباح .
لم يكن من الممكن - علميا – تصديق مثل هذه الأحداث التي قد تناقضها عناصر فنية أخرى ، كما أنه من المستحيل أخذها في الاعتبار ، أو حتى الركون إليها بحيث يمكن أن تعد مقدمات تبنى عليها نتائج خطيرة و كانت شركات الطيران التي قامت لطائراتها مثل هذا الإنذار أو التنبيه الطيفي ، تسارع بتشكيل لجنة هندسية على أعلى مستوى ، و باشتراك الشركات المنتجة للطائرات نفسها ، و تقوم بفحص الأجزاء التالفة المشار إليها – بعد هبوط الطائرات – بدقة تامة .
و ما كان مثل هذا الخلل المفاجئ ليظهر على لوحات القيادة ، و الشاشات الإلكترونية في كابينة القيادة و الطائرة في الجو ، فقد يظهر عند لحظة الإقلاع أو الهبوط ، أو عند التشغيل الكامل لكافة الأجهزة و هي محلقة فعلا .
و برغم ذلك ، فلم يكن أحد يريد أن يصدق ، أو بالأحرى يعلن في شجاعة ، عن حقيقة مشاعره تجاه تلك الأحداث ، التي لا تخضع لأي منطق .
و مع ذلك ، اضطرت شركة إيسترن ، و غيرها من شركات الطيران ، إلى إصدار منشور داخلي لموظفيها و طياريها تؤكد في أنّ بعض الأحداث و الظواهر غير الطبيعية ، قد تحدث على ظهر طائراتها في أثناء رحلاتها عبر القارة الأمريكية ، و أنّ عليهم ألا يفزعوا من هذه الظواهر ، باعتبارها أحداثا كونيا غير قابلة للتفسير العلمي .
كانت مثل هذه الأحداث الغامضة وجبة دسمة تناولتها الصحف و المجلات حول العالم بالتفصيل خاصة أنّ كل شيء مسجل بالوثائق الرسمية ، و التسجيلات الصوتية ،و الأبحاث الفنية و غيرها من البيانات و التحليلات و الدراسات من مختلف الجهات الرسمية الأمريكية ، المختصة بشؤون الطيران ، و مع مرور الوقت ، تراجعت كثيرا مثل هذه الأحداث ، عما كانت عليه عند وقوع الكارثة ، ولم تعد تحدث إلا مرة أو مرتين في العام حتى الآن !
و مع ذلك فإنّ الاهتمام الشديد للرأي العام أدى إلى أن يصل توزيع أحد الكتب الثلاثة إلى 15 مليون نسخة ، و ترجم إلى لغات مختلفة أما الفيلم – الذي دار حول العالم – فقد اختفى إلى أن هذه الظواهر قد توقفت أو خفت إلى حد لا يذكر ، بعد الاستعانة بوسطاء أو مرشدين نفسيين قاموا بالاتصال بأشباح الطاقم المنكوب ، و عرفوهم بأوضاعهم الجديدة في حياتهم الأخرى .
يبدو أنّ هذه النهاية الدراماتيكية ، لم تقنع بها الأشباح بعد ، طالما أنهم يواصلون الظهور و من المؤكد أنهم موجودون ، و لكنهم غير أحياء أو أنهم أحياء بطريقة ما لا نعرفها ، و هو قول قد ينطبق مجازا على الكثيرين المتواجدين الذين يعيشون بالفعل ، و لكن ليس لهم أي دور في الحياة * ( 1 )
(1 ) حقيقة واقعية بقلم : ( قيرنرماير )
3- أمر غريب …
ــــــــــــــــــــــــــــ
أعود إلى القصة الآن .. هل شعرتم بالملل ؟.. لقد حذرتكم .. سوف أصف لكم المشهد .. أنا أقود سيارتي عتيقة الطراز متجها إلى مكتب الدكتور ( فريد نافع ) ..
الصيف و الشتاء كلها فصول تسبب لي الكثير من المشاكل .. حرارة الصيف التي لا تطاق ، و برودة الشتاء التي ترتجف لها أعضائي ..
ألن أصل إلى مكتب الرجل الأنيق ؟.. أخيرا .. في نهاية هذا الشارع النظيف جدا .. هبوطا من سيارتي ، و صعودا إلى مكتبه ، و إلقاء التحية ، ثم الجلوس على المقعد المريح .. فعلا إنه مريح ..
- في موعدك تماما يا دكتور ( رفعت ) ..
قالها الدكتور ( فريد نافع ) ، وهو يستقبلني بترحاب كبير ، ثم أشار إلى شاب طويل القامة ، ذو شعر أحمر مضيفا في هدوء يسبق العاصفة :
- أقدم لك قريبي ( بلال ) ، صاحب المشكلة ..
تفرست قليلا في وجه الشاب .. من الواضح أنه يحاول بصعوبة المحافظة على توازنه النفسي ..
بدأت بالكلام قائلا :
- في حقيقة الأمر أتيت أنا إلى هنا بناءً على رغبة الدكتور ( نافع ) ، و أريد منك أيها الشاب ، أن تقص على بالتفصيل الممل كل ما حدث لك منذ أن بدأت الأشباح تظهر لك و تطاردك ..
تنحنح الشاب ، وتملل على كرسيه ، محاولاً استجماع أفكاره المتناثرة هنا و هناك ، و أخيراً بعد صمت اعتقدت - أنه سيدوم لقرون قال :
أفضل يا سيدي أن أطلعك على الأمر منذ دخولي الجامعة ، لأنه من وجهة نظري له علاقة وثيقة بالأحداث الأخيرة
- لا مانع عندي يا فتى .. هيّا قص علينا حكايتك و لكن قبل ذلك ، أريد حق الضيافة !!!!!!
بدت ملامح الحرج على وجه الدكتور ( فريد ) و هو يقول :
- معذرة .. لقد نسيت ذلك ..
الضغط على زر الدكتافون .. طلب العصير الليموني البارد .. ثم عاد إلى ابتسامته مضيفا في حرج :
- دقيقة واحدة ، و يكون العصير جاهزاً .. لم يكذب هذا الدكتور .. لأنه لم تكد تمض الدقيقة حتى أتى عامل المكتب حاملا بين يديه صينية مسطحة ، و مزخرفة عليها ثلاثة أكواب عصير ليمون بارد .. أخذت أنا الكأس بيدي لأني كنت متلهف على ترطيب حلقي الجاف .. قع قع .. ما ألذ هذا العصير .. قع قع .. لذيذ بالفعل ..
حسن يا فتى يمكنك أن تتحدث الآن ..
قال الفتى الذي عرفنا أن اسمه ( بلال ) :
- منذ أن دخلت الجامعة كانت كل الأمور على ما يرام ، و في ذلك الوقت ، و في العام الأول من الدراسة بالجامعة توفي والديّ ( رحمهما الله ) في حادث سيارة .. هذا الحادث المؤلم أثر على حالتي النفسية كثيراً حتى أنني نجحت في السنة الأولى بمعدل متوسط ، و لكنني ما لبثت أن تماسكت ، و أنا أحاول ألاّ أجعل هذا الحادث المؤلم يقف عائقا في طريق مستقبلي ، و بالفعل نجحت في السنة الثانية بمعدل جيد جدا ، و في بداية العام الرابع .. حدث أمر قلب حياتي ..
كانت ( فاتن ) تدرس الهندسة .. وافدة جديدة على الجامعة ، و مثلما يحدث في الأفلام و الروايات ، و بطريق الصدفة .. كنت ذاهبا إلى قاعة المحاضرات ، و ذهني مليء بالأفكار لم أنتبه إلا عندما ارتطمت بها .. أردت أن أعتذر لها ، و لكني ما أن رفعت رأسي نحوها و نظرت في عينيها الزرقاوان الجميلتان الواسعتان ، كأنّ بهما سحرا غامضا محببا ، جعلني مسمرا في مكاني ، مما جعل الفتاة تطلق أرق ضحكة سمعتها في حياتي ، و هي تقول بصوتها الموسيقي العذب :
- ماذا حدث لك ؟؟. لماذا أنت متسمر هكذا ؟..
خرجت على صوتها الرقيق من سيطرة عيناها الساحرتين ، و أنا أقول لها بلهفة اعتذار :
- آسف يا آنسة .. كنت شارد الذهن .. أرجو أن تعذريني
- لا داعي للأسف .. و أنا أيضا كنت شاردة الذهن .. ذلك يحدث دائما ..
جملتها الأخيرة بدت لي غامضة مثلها ، مثل ملابسها السوداء ، و شعرها فاحم السواد ..
مرت الأيام وازددت تمسكا بهذه الفتاة ، ومن الواضح أنها قد بدأت تميل لي ، و لم يمض شهران ، حتى أعلنت لها أنني أحبها فقالت بهدوء :
- عرفت ذلك من اللحظة الأولى يا ( بلال ) .. و أنا سعيدة للغاية .. و لكن في حياتي سر غامض يلهب أعصابي كل ليلة ..
تساءلت في قلق عن هذا السر ، و قبل أن تجيب ظهر ..
شاب طويل جدا .. عريض المنكبين .. فاحم الشعر ، ما أن رأته ( فاتن ) حتى شهقت في رعب و هي تقول :
- مستحيل.. ( ياسر ).. هذا مستحيل..
تساءلت للمرة الثانية، فقالت في رعب:
- هذا خطيبي ( ياسر ) … و قبل أن تكمل جملتها قلت في جزع واضح:
- خطيبك ؟.. ماذا تعنين ؟..
قالت في تلعثم:
- هذا هو السر الغامض الذي حاولت أن أخبرك به.. لقد توفى خطيبي في حادث سيارة عندما كان ذاهبا إلى حفلة صديقتي ( دعاء ) لقد كنت جالسة في المقعد الأمامي مثبتة حزام الأمان الذي خفف كثيرا من هول الاصطدام.. لقد كان ( ياسر ) يقود بسرعة جنونية غير عابئ بتوسلاتي له بخفض السرعة، و حدث الارتطام المروع، و مات هو على الفور ، و أنا دخلت المشفى في حالة خطرة ، و بعد فترة طويلة ، و تأكد الطبيب المعالج أنني تماثلت للشفاء ، سمح لي بالخروج ، و لكن هذا مستحيل ؟.. كيف عاد ؟.. هذا رهيب ..
في هذه اللحظة يا سيدي تملكني الخوف ، و أنا أنظر إلى ( ياسر ) الذي تقدم في بطء مقصود متعمداً إخافتنا ، و على شفتيه ابتسامة ساخرة .. و ما أن اقترب منا حتى قال :
- (فاتن ) ملكي وحدي .. و لا أحد يستطيع أن يأخذها مني حتى لو تحولت إلى شبح ..
ما أن سمعت كلمته الأخيرة حتى انتفضت في فزع ، و أنا أردد الكلمة في خفوت :
- شبح .. شبح ..
قال ( ياسر ) بصوت مخيف للغاية :
- نعم أيها الشاب .. ستحل عليك لعنتي إلى الأبد .. سوف أجعل كل الأشباح يطاردونك في كل منزل تسكنه ، ثم أشار إلى ( فاتن ) التي شلها الرعب مضيفا :
- أمّا أنت فسوف آخذ روحك حتى تصبحين ملكي لوحدي ، و مدّ يده نحو رقبتها في بطء ، فصرخت ( فاتن ) من شدة الرعب ، و هي تهتف باسمي ..
أي رجل في العالم كان عندما يسمع استغاثة امرأة ينقذها ، فما بالك بفتاة يحبها ، فعليه أن ينقذها حتى لو قاتل في سبيل ذلك شبح ..
هجمت عليه و لكني للأسف وقعت على الأرض ، لأنني لم أرتطم بشيء ، لقد كان الشبح شفافا .. كررت المحاولة مرة أخرى ، و لكن نفس الأمر حدث .. فقال ( ياسر ) الذي ما زال يواصل تقدمه نحو ( فاتن ) :
- لن تستطيع أن تفعل شيئا .. أنا لم أعد كيانا ماديا .. كل محاولاتك سوف تذهب سدى ..
كيانا ماديا .. هذا هو الحل .. صرخت مناديا اسم ( فاتن ) قائلا :
- إنه غير عادي .. لن يستطيع أن يؤذيك .. تماسكي فقط .. إنه يحاول أن يجعل الرعب فقط هو الذي يقتلك ..
نظر إلّى الشبح في سخرية قائلا :
- أخطأت هذه المرة يا فتى .. أستطيع أن آخذ روحها ، و بكل سهولة ، و ضحك ضحكة مليئة بالسخرية و التهكم ..
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ، و أخرجت من جيبي قلادة ذهبية ، و ألقيتها على الشبح في يأس ، و لكن ما حدث كان أمرا غريبا .. لقد وقعت القلادة على الأرض بالقرب من الشبح الذي نظر إليها في ذعر و بدأ في التلاشي على الفور ، و عندما اختفى الشبح أسرعت إلى ( فاتن ) التي سقطت على الأرض فاقدة للوعي من شدة الفزع و الرعب ..
- ويبدو يا سيدي أنّ كل ما قاله الشبح تحقق ، فما أن استلمت أول شقة لي لكي أجهزها بعد خطوبتي من (فاتن ) .. من أول ليلة هاجمتني الأشباح ، و حاولت قتلي ، و لكني بمعجزة استطعت الفرار منهم ، و تكرر الأمر في الشقة الثانية ، حتى استقر بي الأمر عند قريبي الدكتور ( فريد ) ..
- وهل تعرف سبب عدم مهاجمتك لك في بيت قريبك ؟..
لا أعتقد أني أعرف السبب ؟.. و لكن مثل ما قلت لك سابقا ، مكوثي في شقة قريبي ، يبدو أنه عمل حاجزا منيعا للأشباح ..
- نصيحة لك يا فتى .. اترك الفتاة و ابحث عن غيرها ، قد يكون الخلاص لك إذا تركتها !..
بجزع هتف الفتى ، و هاجمني بأعلى صوته قائلا :
- ماذا ؟.. أتركها ؟.. هذا مستحيل !! كيف سأعيش من بعدها ؟.. كيف سيعود قلبي إلى سابق عهده ؟..
آه .. هذا يذكرني بـ( ماجي ) .. و أيام الحب التي جمعت بيننا .. أيام جميلة لا أستطيع أن أنساها ..
- هل القلادة الذهبية موجودة معك الآن ؟..
هتفت بهذا التساؤل ،و أنا أقطع خيط أفكاري الجميلة التي داعبت مخيلتي ، فأجابني ( بلال ) على النحو التالي :
- نعم .. و هي لا تفارق جيبي أبدا ..
- حسن .. أعطني إياها الآن ..
التقطت القلادة التي أخرجها من جيبه .. ثم قلت بصوتي الجميل جدا _ يا ليته يكون جميل _ :
- سوف أفحصها لأعرف السر الذي يكمن وراءها .. قد تحمل تعويذة ضد الأشباح ..
بدت ملامح الترقب ترتسم على وجه ( بلال ) الذي قال :
- أحقا يا دكتور .. هل هناك أمل ؟ ..
نظرت إلى الدكتور ( فريد ) و أنا أستعد للمغادرة قائلا :
- مثلما قلت لك سابقا يا فتى .. الحل الجذري هو أن تترك الفتاة .. من الواضح أنّ الشبح يريدها في عالمه ، و سواء ارتبطت بك أو ارتبطت بغيرك ، فالشبح سيطارد كل عريس يتقدم لها .. و الآن اسمحوا لي بالمغادرة .. منذ الآن أمامي عمل كثير ..
- أرجو أن تبلغنا بأية تطورات جديدة يا دكتور ( رفعت ) ..
كانت هذه العبارة من الدكتور ( فريد نافع ) الذي نهض من على كرسيه المريح خلف مكتبه ، و جاء لتوصيلي إلى سيارتي .. أمر غريب .. لا أعتقد أنه يحبني إلى هذا الحد حتى يوصلني إلى سيارتي بنفسه ..
- دكتور ..هناك أمر خطير أحب أن أصارحك به ..
أمر خطير .. هتفت بدهشة و أنا أقول :
- أي أمر خطير هذا الذي تريد أن تقوله ..
تلفت الدكتور حوله يمينا و يسارا ، ثم قال في صوت خافت :
- قبل أن تظهر الأشباح لـ( بلال ) تشاجر مع رجل عجوز ..
قلت في تساؤل واضح :
- وما الذي يربط هذا الشجار بظهور الأشباح ؟..
- لأن الرجل العجوز ساحر .. و أخشى أنه قرأ تعويذة ما على ( بلال ) حتى يجعل حياته جحيم لا يطاق ..
فكرت قليلا في هذا الاحتمال الأخرق ، و لكني قلت له مجاملا :
- احتمال لا بأس به يا عزيزي ( فريد ) .. سوف أدرسه جيدا .. هل تعرف أين يقيم هذا الساحر ؟..
التقط الدكتور ( فريد ) و رقة و قلم و كتب على ظهر الورقة مستندا على مقدمة السيارة العنوان ثم ناولني إياه قائلا :
- هذا هو العنوان .. و لكن لا تحاول أن تذهب وحدك .. عندما تريد الذهاب سوف آتي معك ..
- حسن .. و الآن إلى اللقاء ..
ركبت سيارتي ، و انطلقت بها بسرعة ، و أنا أفكر في الأمر .. من الواضح أن هناك أمورا كثيرة يجب على أن أدرسها ، و أولا يجب أن أبدأ بالقلادة ، و أعرف سرها ، و ثانيا أن أتأكد هل للرجل العجوز علاقة ما في الأمر ، و أشك كثيرا في هذا الاحتمال ، أما الاحتمال الثالث : هو أن تكون الفتاة هي من دبرت كل هذا في محاولة لتسلية نفسها .. احتمال سخيف أليس كذلك ..
***
ليست كل الأشباح خيرة ، فهناك الشرير ، و هناك الطيب ، و هناك القاتل ..
مقولة عن شبح مسكين ..
***
أخيرا وصلت إلى شقتي .. الوقت ما زال مبكرا على الغروب .. بخطوات بطيئة جدا بسبب كمية الهباب الأسود الذي أشربه بشراهة ، و الذي اسمه التبغ جعل قلبي الضعيف جدا يصعد الدرج خطوة خطوة مثل الطفل الصغير الذي يبدأ التعلم في المشي .. لا أذكر من اكتشف التبغ ، و لكنه لو كان شريرا لكان أسعد أهل الأرض و هو يرى الملايين الذين يموتون بسبب التدخين ..
ها أنا أصل إلى باب شقتي بصعوبة ، و أولج المفتاح في شق الباب ، ثم أدخل ، و أجلس على أول أريكة صادفتها في طريقي .. أخرجت القلادة من جيبي ، و وضعتها على الطاولة أمامي ..
"و لكن لماذا تبرق القلادة بهذا الشكل ؟.."
نهضت من على الأريكة ، و التقطت القلادة بين أصابعي ، و أنا أنظر إليها بتمعن .. من الواضح أن أشعة الشمس قد سقطت عليها من نافذة الشرفة ، فتألقت بهذا الشكل ، و لكن يبدو أن هناك رموزا عجيبة منقوشة على الوجهين من القلادة .. أحضرت العدسة الكبيرة ، و وضعت القلادة تحت العدسة ثم نظرت ..
حقا لقد كانت نقوشا غريبة و عجيبة و أن سر كبير يكمن خلفها ..
***

 
 

 

عرض البوم صور القناع الأحمر  

قديم 08-12-06, 09:31 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Apr 2006
العضوية: 3958
المشاركات: 2,716
الجنس أنثى
معدل التقييم: أميرة الورد عضو على طريق الابداعأميرة الورد عضو على طريق الابداعأميرة الورد عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 242

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أميرة الورد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : القناع الأحمر المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
افتراضي

 

يسلمو خيو لي عوده بعد قراءة كل الاجزاء في الانتظار

 
 

 

عرض البوم صور أميرة الورد  
قديم 11-12-06, 03:33 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2006
العضوية: 18432
المشاركات: 17
الجنس ذكر
معدل التقييم: القناع الأحمر عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
القناع الأحمر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : القناع الأحمر المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
افتراضي

 

هذان فصلان جديدان


4- عجوز ساحر ..ـــــــــــــــــــــــــــ
في حقيقة الأمر ليست لدى فكرة عن ترجمة تلك النقوش .. الحل الوحيد هو أن أذهب إلى المكتبة العامة .. لعلي أجد بغيتي هناك ..
الآن الساعة العاشرة مساءً ..
حقا شكرا على تذكيري بالوقت .. حقا قد مرّ الوقت دون أن أشعر به .. حان الآن موعد النوم .. جسمي كله مرهق .. سأحاول أن أقرأ بعض الرسائل التي استلمتها اليوم ..
الرسالة الأولى .. من الأم ( مارشا ) ..
عجبا منذ متى كانت الأم ( مارشا ) تعرف الكتابة ، و لماذا تراسلني أصلا ..
الرسالة الثانية .. من ( ماجي ) حبي الأول و الأخير .. مراهقة الشباب ..
الرسالة الثالثة و الأخيرة .. من ؟.. دكتور ( لوسيفر ) غريب .. يبدو أنني سأبدأ بها ..
" أيها المخلوق المسكين المدعو ( رفعت ) ..
عندما أراك على قيد الحياة أشعر أن هناك الكثير من المرح ،و عندما أسمع عن موتك أشعر بالتعاسة لأن هذا المرح سيزول ..
ألن تأتي إلى ( رومانيا ) .. هناك الكثير من المرح .. لا تتأخر ..
مع تحيات د/ ( لوسيفر ) .. "
سخيف هذا المشعوذ .. و لكني لا أنكر جميله عندما أنقذني من الوحوش في جانب النجوم ، و خاصة الغاضب جدا .. إنه يعاملني مثل لعبة القط و الفأر .. متى تأتي اللحظة التي يمل فيها ، و يحاول التخلص مني ..
سأكون له بالمرصاد .. لن أسمح له بالانتصار أبدا ..
حسن لأقرأ الرسالة الأولى من الأم مارشا ..
" عزيزي ( رفعت ) الرجل النحيل .. يبدو أنك ستواجه خطرا رهيبا في الوقت القريب ، هذا ما عرفته من مصادري الخاصة ، احترس من هذا الخطر .. و لا تتسرع كعادتك ، حاول أن تكشف ما هو الخطر .. لقد بلغتك لأني ما زلت أعتقد أنك تستحق الحياة ..
مع تحيات الأم مارشا .. "
الأم مارشا تحذرني .. يا للهول .. هل تقصد بالخطر ظهور الأشباح ، أم شيء آخر .. سوف أحاول أن أعرف هذا عما قريب ..
الرسالة الثانية من ( ماجي) ..
" …………………………………………………………………..
………………………………………………………………………………."
لا داعي لذكر ما فيها أعتقد أنّ هذا خاص بي ..
أنا مرهق للغاية ، سوف أحاول أن أنام ، حتى أواصل بحثي ،غدا ..
***
" نام يا ( رفعت ) نام .. فالأيام القادمة تحمل لك أحداث رهيبة .. رهيبة جدا ..
نام فلم يبق على الصباح سوى ساعات .. نام لعل هذا آخر نوم و تستيقظ منه ..
مقولة عن لسان المؤلف .."
***
الساعة السابعة صباحا ..
رنين الهاتف المزعج .. من هذا المأفون الذي يتصل بي في الصباح الباكر ..
هتفت بهذه الجملة في ضجر و ضيق ، و أنا ألتقط السماعة و أضعها على أذني قائلا بصوت جامد :
- يا فتاح يا كريم ..
- دكتور ( رفعت ) أنا الدكتور ( فريد نافع ) ..
قلت له في ضيق :
- أعلم أنك الدكتور ( فريد ) هل من جديد ؟..
- نعم يا دكتور .. لقد رتبت لك لقاء مع العجوز الساحر ، سوف أنتظرك الآن أمام مكتبي لكي نذهب سويا إليه .. لا تتأخر ..
- حسن يا دكتور ( فريد ) .. سوف آتي ..
هذا غريب .. بهذه السرعة حصل على لقاء مع العجوز الساحر ، و وافق الساحر على هذا اللقاء .. على أية حال سوف أعرف كل شيء بعد قليل ..
أخيرا جهزت نفسي بسرعة خارقة ، على الرغم من حالتي الصحية ، سوف أذهب إلى مكتب هذا المجنون ، على الفور ..
كنت أتمنى أن ألقي التحية على جاري ( عزت ) ، و لكن للأسف لا أملك من الوقت ما يكفي ، لذا واصلت طريقي ، وركبت سيارتي ، منطلقا إلى مكتب الدكتور ( فريد ) ، الشوارع كما هي لم تتغير ، و الناس كما هم لم يتغيروا ، لا سكان المريخ احتلوهم ، و لا هجوم من الزواحف الضارية هدموا بيوتهم ، الهدوء هو السيد في هذا الحي ، ما بك يا ( رفعت ) ، ما هذه الأفكار الرهيبة التي تتخيلها ، حرام عليك ، اترك الناس في حالهم ، و واصل طريقك ، و عقلك منتبه ، و إلا ذهبت في خبر كان ..
ها هو المكتب .. كما توقعت الدكتور ( فريد ) ينتظر أمام سيارته ، أوقفت سيارتي بالقرب منه ، و أنا أقول بحدة :
- ما هذا يا دكتور ( فريد ) .. ألم نتفق أن نذهب إلى العجوز الساحر ، عندما أقرر أنا ذلك ؟..
- لا بأس من بعض التغيير يا عزيزي .. فأنا لا أطيق صبرا ، لكي أعرف هل للساحر علاقة له بالأمر أم لا ..
قال هذا ، و هو يجلس بجانبي في سيارتي ، ليرسم على شفتيه ابتسامة جميلة لكنها في نظري مقيتة للغاية ..
قلت له بعصبية ، و أنا أقود السيارة في بطء :
- حسن يا دكتور .. أتمنى أن يسير كل شيء على ما يرام .. لو تكرمت هل يمكنك أن تخبرني أين يقطن هذا الرجل الساحر ؟..
أجابني في بساطة :
- ليس بعيدا من هنا على بعد شارعين من مكتبي ، شقته ؟أمام محل تجاري مشهور في حي راق ..
- يا له من ساحر راق جدا ..
قلت عبارتي الأخيرة في استهزاء ، و أنا أوقف سيارتي ، أمام الشقة التي قام بوصفها لي الدكتور المحترم جدا ..
سألني الدكتور ( فريد ) فجأة :
- ماذا ستقول له ؟..
ألم تفكر في هذا أيضا ؟..
قلت هذا في سري ، و أنا أجيبه في هدوء :
- سوف أسأله مباشرة .. هذا كل شيء ..
صعدنا إلى شقة العجوز في صمت مهيب دون أن يهمس أحدنا بكلمة واحدة ، و عندما وصلنا باب الشقة ، بلعت ريقي ، و أنا أنظر إلى رمز لجمجمة ، على أعلى الباب ، فقلت في همس :
- ما رأيك في هذا يا دكتور ؟.. أليس هذا شاذا ؟..
قال الدكتور ( فريد ) و هو يطرق الباب في توتر واضح :
- هذا عادي بالنسبة لما سمعنا عنه .. أليس ساحرا !!! ..
فتح الباب في هذه اللحظة ليطل علينا وجه غريب الملامح قليلا ، ربما بسبب العينان المخيفتان ، و الوجه المجعد و الرأس الأصلع ، و صوته المرعب الذي تساءل في دهشة ، لتبرز أسنانه الصفراء المخيفة :
- ماذا تريدان ؟..
- مرحبا .. جئنا لطرح بعض الأسئلة عليك ..
قلت جملتي ، و أنا أنظر في عينا الرجل في هدوء ، محاولا بث الطمأنينة في قلبه ، على الرغم من نظراته التي يبثها لنا كلها شك وقلق ، فقال في صرامة :
- هل لي أن أعرف ما نوع هذه الأسئلة ؟..
قال الدكتور ( فريد ) في سرعة :
- إنها أسئلة تدخل في مجال تخصصك ..
نظر إليه العجوز قليلا ، و أنا أتساءل هل سيوافق الرجل أم لا ؟.. و لكني شاهدت العجوز يفسح لنا الطريق قائلا :
- إذا كان هذا ما تريدانه ، فتفضلوا ..
يعرف أصول الضيافة حقا ..
دخلنا إلى شقة العجوز .. لا لم تكن هناك كلاب سوداء ، أو قرون معلقة ، إنها شقة عادية جدا ، ما عدا كتاب أسود عتيق جدا بجانب بلورة معتمة ، على سجادة أنيقة جدا .. ذوق هذا الرجل عال جدا ..
- والآن أيها السادة هل يمكن أعرف ما الذي تريدوا أن تسألوني عنه ؟..
قلت في هدوء و أنا أتأمل محتويات باقي الشقة :
- إنه أمر يتعلق بصديق يدعى ( بلال ) ..
ما أن سمع العجوز هذا الاسم حتى قال في ضيق واضح :
- إذا كنت تقصد صاحب الشعر الأحمر .. فأقول لك أنه شاب متعجرف للغاية .. و لقد تشاجرت معه قبل مدة ..
سألته بنفس الهدوء :
- هل يمكن أعرف سبب هذا الشجار ؟..
إنه أمر تافه .. و لكنه جعل منه أمرا كبيرا .. لقد طلب مني أن أفحص قلادة ذهبية كان يمتلكها ..
- إلى هنا و هذا عادي ما الذي بعد ذلك ..
تردد العجوز قليلا ثم قال :
- لقد طلبت منه أعرف مصدر هذه القلادة ، و لكنه رفض أن يخبرني من أين حصل عليها ، و أنا بالتالي رفضت أن أفحصها ، فاتهمني بالشعوذة و النصب و الاحتيال ..
-وماذا فعلت أنت ؟..
بالطبع هاجمته في عنف ، و اتهمته بالعجرفة ، و قلة الأدب و الذوق ..
- فقط هذا الذي حدث ..
- نعم ..
قال الدكتور ( فريد ) في قلق :
- إذا أنت لم تقرأ عليه تعويذة ما ..
تساءل العجوز في دهشة :
- لماذا ما الذي حدث له ؟..
طلبت من الدكتور ( فريد ) أن يروي كل شيء بالتفصيل على العجوز .. و بعد أن انتهى صديقي المحترم من روايته قال العجوز بدهشة كبيرة :
- هذا مدهش للغاية .. لكني أؤكد لكما أنه ليس لي علاقة بالموضوع .. بالمناسبة ، هل يمكنني أن أفحص القلادة ..
أخرجت القلادة من جيبي ، و أنا أقول في اهتمام :
- أعتقد أن جزءا كبيرا لحل المشكلة يكمن في كشف غموض هذه القلادة ..
التقط العجوز القلادة في لهفة ، و ألقى عليها نظرة طويلة ، قبل أن يقول في هدوء :
- اتركها في حوزتي ليوم واحد ، و سوف أحاول أن أفهم لغزها ..
قال الدكتور ( فريد ) في قلق :
- وهل يمكنك أن تكشف سر غموضها ..
قال العجوز و هو يتجه إلى كتابه الأسود في بطئ :
- هذا يتوقف على معرفة الرموز المنقوشة على القلادة .. لابد أن تتركها هنا كي أدرسها جيدا ، تعال غدا ، من المحتمل أن أكون قد حللت هذه النقوش ، و كشفت سرها ..
ما الذي يقوله هذا العجوز ، أي هراء هذا .. ، و لكن الرغم من ذلك قلت له في ضيق :
- حسن .. و لكن حافظ عليها .. فهي ضرورية لنا ..
شاهدت العجوز يبتسم في غموض ، كيف عرفت أنه يبتسم في غموض ، ألست خبيرا بعد كل هذه السنين .. ليقول :
- لا تقلقوا .. تأكدوا أنني كلي شوق لمعرفة فك هذه الرموز .. لأنها تمثل لي كشفا جديدا ، ربما تساعدني في العمل الذي أسعى لإتقانه ..
تأملت العجوز بعمق ، و أنا أنظر إليه بقلق .. ما هذا ؟.. ( رفعت إسماعيل ) يصدق كلام ساحر .. ما هذه الترهات .. و لكن يبدو أنه ليس هناك طريقا آخر .. ، نظرت إلى الدكتور ( فريد ) نظرات لا معنى لها .. ، و أخيرا قال كلمته الخالدة :
- لنغادر المكان ..
بالطبع لنغادر .. فتح الله عليك يا دكتور ( فريد ) ..
غادرنا الشقة الكئيبة ، و أنا متأكد من نظرات العجوز التي تشع بالغموض تشيعنا .. إنه شعور لا يفارقني منذ أن وطئت هذه الشقة .. نزلنا الدرج ببطيء ، و كلانا يسبح في أفكاره السوداء اللانهائية .. حتى وصلنا السيارة ..
- سوف أقود عنك هذه المرة .. أعتقد أنك متعب ..
قال دكتور ( فريد ) هذه العبارة ، لأستيقظ من أفكاري السوداء ، و أنظر في وجهه بضيق ، فكرت قليلا ، أريد مكانا ، أريح في أعصابي ، و أطرح تساؤلاتي .. هل يمكن ذلك ؟..
أ- أرجو أن تذهب بنا إلى مكان عام مريح للأعصاب ..
قلت له هذا ، و أنا أغمض عيني ، في تفكير ، عميق ..
- حسن .. هناك مكان قريب أعرفه .. سوف تشعر بالراحة .. أنا متأكد من ذلك ..
- أتمنى أن تكون صادقا يا عزيزي ..
- بعد قليل سوف نصل .. تأكد من ذلك ..
القلادة .. الأشباح .. اللعنة .. الحب .. ( ماجي ) .. أين أنت يا ( ماجي ) .. لماذا لم نتزوج .. لماذا أصبحنا هكذا .. بدون زواج .. بدون عائلة .. بدون أطفال .. دكتور ( لوسيفر ) .. هل سيقتلني في آخر الأمر .. هل سيمل مني .. جانب النجوم .. لماذا كانوا غاضبون مني .. أنا مسكين .. أحتاج إلى الراحة .. راحة طويلة جدا .. أخطار و ظواهر و متاعب و آلام و حب فاشل ، ( هويدا ) .. ( عزت ) ..
- لقد وصلنا أيها النائم .. لقد وصلنا ..
- (بلال ) .. أحقا ستقتله الأشباح .. و هل أستطيع مساعدته ؟.. و ماذا عن العجوز ؟.. أنا لا أرتاح له .. و دكتور ( فريد ) .. لماذا صوته عالي ، حتى ، و أنا غارق في الأحلام ، يخترق صوته أذني ..
- لقد وصلنا .. استيقظ ..
حقا إنه دكتور ( فريد ) .. فتحت عيناي في بطء ، و أنا أنظر إلى الدكتور ( فريد ) الذي نظر إلى بدهشة غريبة .. كأنه يتساءل :
كيف ينام بهذا العمق ؟..
أنا مرهق أيها الأحمق .. أتعبتني السنون .. أهلكتني الأيام .. على أية حال هذا قدري و يجب أن أسير فيه إلى نهايته ..
- حسن يا دكتور .. أنت متأكد أنه مكان مريح ..
- نعم أنا متأكد ..
ترجلنا من السيارة .. و ذهبنا .. و جلسنا .. و طلبنا .. كوبان من عصير البرتقال البارد ..
- حسن يا دكتور ( رفعت ) .. هل عندك أفكار يمكن أن تفيدنا ..
- لا أعلم هل تفيدنا أم لا ؟.. المهم .. أولا : ما دور القلادة في مجابهة الأشباح ؟.. و هل هي كافية ، لأن تبعد الخطر ، أم أنّ هناك أمر آخر .. أمر أقوى بكثير من القلادة .. و هل فك رموز القلادة ، سوف يفيدنا ، أم أنه سوف يزيد الأمور تعقيدا .. و في النهاية ، هل تعتقد أن الساحر صادق ؟ .. ألا تشك أنه سوف يستولي على القلادة ؟.. ما رأيك في كل هذا ؟..
أجابني ، و هو يرشف العصير في بطء ، و ينظر إلى أعلى متأملا السماء في عمق ، و هو يقول في هدوء :
- أسئلتك .. تحتاج إلى أن نغوص اللغز إلى نهايته لكي نعرف هذه الأجوبة .. و بالنسبة للساحر لم يكن أمامنا خيار لابد لنا من تصديقه .. هل لديك اقتراح آخر؟..
و أي اقتراح .. لابد أن أنتظر إلى الغد .. لكي نذهب إلى العجوز .. ثم ماذا عن ( بلال ) كيف يقضى وقته الآن .. هل يستطيع التكيف مع هذا الأمر المخيف .. و هل يستطيع في النهاية أن يحقق حلمه ، و يتزوج من حبيبته ، على الرغم من كل المخاطر التي تحيط به ، و تهدده في أية لحظة .. مسكين هذا الشاب ، ألم يجد سوى هذه الفتاة ..
- هل عدت إلى تأملك مرة أخرى ؟..
دكتور ( فريد ) مرة أخرى ..
- لا .. لقد كنت أفكر .. ليس أمامنا إلا الانتظار إلى الغد .. ربما يكون العجوز قد فك الرموز ، و اكتشف السر ..
نعم الانتظار .. فقط الانتظار ..
***
هذا الفصل يرويه العجوز الساحر بنفسه ..
5- سر القلادة ــــــــــــــــــــــــــــ
لماذا اتجهت إلى السحر و الشعوذة ، هل هي أسباب خاصة بي ، أم أن هناك أسباب أخرى .. لا أعلم .. أعرفكم بنفسي أنا أدعى ( نادر ) أبلغ خمسون عاما .. كثير .. لا أعتقد ذلك .. هوايتي .. لابد أنكم عرفتم .. السحر و ما يتعلق به من أشياء غريبة .. ما علاقتي بالقصة هذه .. حسن لا تتعجلوا .. سوف أقول لكم .. البداية .. أين كانت البداية ؟.. تذكرت .. كنت يومها في شقتي أطالع كتابا جديدا حول اللعنات ، و أسرارها .. و فجأة سمعت صوت طرقات على الباب .. ذهبت لأرى من الطارق .. فتحت الباب .. و فوجئت بشاب ذو شعر أحمر طويل .. يقف مرتبكا ، و هو ينظر في وجهي في خوف .. هل أنا مخيف إلى هذه الدرجة ؟ .. أنا لا يهمني ذلك .. لأنني أعلم أن عقولهم فارغة لن تستطيع التوصل إلى ما وصلت إليه من علم كبير .. تأملته بدقة ، و أنا أرصد ملامح القلق الواضحة على وجهه ثم حاول التخلص من كل هذا ليقول بصوت منخفض خوفا من أن يسمعه :
- لقد دلني بعض الأصدقاء عليك .. أريد استشارتك في أمر ما ..
فكرت في جملته ( دلني بعض الأصدقاء عليك ) .. هكذا إذن يتم الأمر .. لم أطل في تأمله كثيرا بعد جملته الأخيرة حتى لا أزيد من قلقه أكثر ..
- تفضل .. و لكن تذكر أن وقتي محدود ..
دلف الشاب إلى الداخل ليتأمل محتويات الشقة في استغراب ، ثم جلس إلى أقرب مقعد إليه ..
- حسن أيها الفتي ما هي استشارتك ؟..
أخرج الشاب من جيبه قلادة غريبة خفق لها قلبي في عنف ، أنتم تعرفون أنني أهتم كثيرا بأشياء كهذه ، لأني من النظرة الأولى عرفت أنها تعود لزمن بعيد جدا .. لا تستغربوا .. خبرتي في هذا المجال كبيرة ..
- أولا أحب أن أقول لك أن اسمي ( بلال ) ، و أريد رأيك بشأن هذه القلادة ..
تناولت القلادة في لهفة .. و أنا أسأله في اهتمام :
- من أين حصلت عليها ؟..
نظر إلى الشاب في دهشة ، و هو يقول في عنف :
- ليس هذا من شأنك .. كل ما أريده منك ما الذي تعرفه عن هذه القلادة ؟..
يبدو أن هناك سرا خطيرا يخفيه هذا الشاب .. لن أستسلم بسهولة يجب أن أعرف مصدر هذه القلادة .. أنا متأكد أن ورائها أسرارا كبيرة ..
- يبدو أنك لم تعرفني جيدا أيها الشاب .. أريد أن أعرف مصدر هذه القلادة حتى أستطيع أن أجيب أسئلتك .. ما رأيك ؟.. هل ستخبرني أم لا ؟..
يبدو أن الشاب سوف ينفجر ، هذا ما لاحظته من نظراته الحادة وقفته الصارمة و جملته الحادة :
- أنا مخطئ لأنني أتيت إلى هنا .. أنت لست سوى ساحر مشعوذ سخيف ..
ماذا يقول هذا الشاب ؟.. هل يتهجم على في شقتي ؟.. سوف أريه حجمه إذن ..
- تأدب أيها الشاب .. أنت في بيت محترم ..
- محترم .. هذا واضح للغاية .. خطأ حياتي أنني أتيت إلى هنا ..
- للمرة الأخيرة أقول كن هادئا .. و لا تفقد أعصابك .. و إلا ..
- هل تهددني أيها العجوز الأخرق ؟؟.. أنت وقح للغاية أيها الساحر ..
- لا الأمر زاد عن حده .. رجل في مكانتي ، و يعامل هكذا ، و أين في بيتي .. لا أنا لن أقف ساكنا .. بالطبع دفعته بيدي ، و أنا أصرخ في وجه :
- هيا اخرج ولا تعد إلى هنا أبدا .. هل فهمت ذلك أيها الغر التافه؟ ..
الحقيقة أن الشاب صدم من ردة فعلي .. هذا جيد يستحق ذلك .. و بسرعة اتجه نحو الباب ، و هو يرمقني بنظرات نارية مخيفة .. أنا لم أبالِ ، فمن يكون هذا الشاب لكي يشعرني بأي ذرة من الخوف .. المهم أنه فتح الباب ،وقبل أن يغلقه خلفه قال كلمة واحدة :
- سوف تندم ..
ماذا يعني هذا الشاب هل يهددني .. لن يستطيع أن يفعل شيئا مجرد شاب أعصابه مرهقة من أمر ما يشغله .. أنا متأكد من ذلك .. هناك شيء ما يقلق الشاب ، و هو ما جعله يفقد أعصابه هنا .. مثلما قلت لكم ، خبراتي عديدة ..
لقد جعل حلقي يجف .. اتجهت إلى المطبخ ، و فتحت الثلاجة ، و تناولت زجاجة عصير باردة .. و صببت لي كوب ، و تناولته ببطء ، و عقلي معلق بالقلادة .. حقا إنها تستحق الاهتمام .. و لكن يجب أن أكتشف سرها .. اتجهت إلى المكتبة و بحثت عن الكتب التي تتحدث عن القلادات الغريبة و الظواهر الغامضة .. للحق لم أجد هذا الكتاب .. ماذا أفعل ؟.. يجب أن أعرف و أعلم و أكتشف هذه الأسرار ، عقلي لا يتحمل هذا الغموض .. لأدع هذا إلى الغد .. أما الآن أنا مرهق للغاية .. سوف أنام ..
***
هناك حركة غامضة في الشقة لقد شعرت بها .. هناك من يتحرك .. أنا متأكد من ذلك و لكن يجب أن أتماسك .. أتماسك .. أحقا ما أراه .. يا إلهي !! ..
***
أحلام و كوابيس .. هذا ما شعرت به ، و أنا أغوص في دوامة النوم .. قلادة عجيبة تتوهج ، بألوان مختلفة .. أريد أن أعلم .. هذا حقي .. أنا الآن في طريق طويل واسع .. و في نهايته .. منزل أسطوري .. كيف عرفت ذلك ؟.. لا داعي لترديد أنني خبير غير ذلك .. هل أتجه إلى هذا المنزل .. و لكن لماذا أشعر بالقلق و الخوف .. يبدو أن هناك أمرا ما .. تقدمت ببطء ، و أنا أتلفت حولي في توتر .. لماذا أشعر أن هناك عيونا تراقبني .. عيونا براقة لامعة .. و صوت زمجرة يأتي من بعيد .. على الرغم من كل هذا أتقدم .. يجب أن أعرف السر لن أتراجع أبدا .. مهما يكن .. هذا قدري .. البحث ، و المعرفة .. المنزل يقترب شيئا فشيئا .. أشجار مخيفة يغطيها الليل الحالك من كل جانب .. وصلت المنزل ، تلفت حولي مرة أخرى .. لماذا أشعر بالقلق ؟.. الباب .. أقصد البوابة حقا كانت بوابة تاريخية ، سال لها لعابي ..بضعة جماجم تزينها .. دفعت البوابة .. و دخلت .. الحديقة المقفرة الغامضة المخيفة .. و الجدران المتهدمة على الجانب إلى الآخر من الحديقة .. اتجهت بخطوات سريعة .. باب المنزل الموارب .. لماذا هو موارب ؟.. لم أبالِ .. دفعت البوابة، و قلقي يزداد .. الظلام الحالك لا أستطيع رؤية شيء.. ما هذا الذي في جيبي، و شعرت به الآن .. أخرجته .. كشاف .. هذا جيد لا أعلم كيف أتى إلى جيبي, أنرته ، و أنا أتقدم صالون كبير ، و ثلاث حجرات في الطابق الأعلى .. أين أذهب ؟.. سوف أستكشف الحجرات .. الحجرة الأولى ..لا شيء فيها سرير قديم .. و طاولة ..
الحجرة الثانية .. مكتبة .. هذا جيد .. فحصت الكتب .. أغلبها موجودة في مكتبتي ، و لكن هذا الكتاب إنه الذي أبحث عنه تناولته و أنا أقلب صفحاته في سرعة .. ما هذا ؟.. كلها صفحات فارغة .. لا شيء مكتوب .. لماذا ؟.. أريد أن أعرف .. أن أعلم ..
الحجرة الثالثة .. لا شيء فيها سوى .. رسم كبير لقلادة كبيرة على الجدار الأمامي .. حقا إنه تشبه القلادة التي رأيتها مع الشاب .. هذا غريب .. كيف أتت هنا؟ ، و ما علاقتها بهذا المنزل؟ ..
صوت الزمجرة يصل إلى مسامعي .. المنزل تصدر منه أصواتا غريبة عجيبة .. أخرج من الحجرة بسرعة ، و أنا أتلفت .. و أنزل إلى الصالون .. الأصوات تتزايد ..
- أين ستهرب أيها العجوز ؟..
من قال هذا ؟.. يا إلهي !! ..
- مهما حاولت ستموت ..
صرخت بأعلى صوت هاتفا :
- من أنت ؟..
و فجأة ظهر أمامي شاب له ملامح قاسية و جسده الشفاف تنبعث منه شرارات مرعبة و هو يقول بصوت له رنين مرعب :
- كما قلت لك أنت ستموت .. لن تكشف سرنا أبدا ..
أي سر .. أنا في حلم .. نعم أنا في حلم ..
- مهلا أنا في حلم فكيف ظهرت أنت ؟..
ابتسم الشاب كاشفا عن صف من الأسنان النارية .. قائلا :
- من الواضح أنك لم تفهم شيئا .. أنا شبح .. و عالم الأحلام من السهل الغوص في أعماقه ، و أنت خطر على وجودنا ..
خطر .. لماذا ؟.. لأني أبحث عن المعرفة ..
- أي خطر هذا ..
- يجب أن تموت .. يجب أن تموت ..
سمعت جملته الأخيرة التي كررها بتلذذ و هو يقترب مني رويدا رويدا ..
صرخت .. و صرخت .. و صرخت .. و فجأة ..
استيقظت من النوم والعرق الغزير يغمرني .. الحمد لله ..كان كابوسا مرعبا .. رهيبا .. لقد أوشك قلبي أن تتوقف نبضاته من شدة الرعب و الخوف ..
غادرت السرير .. و نظرت إلى ساعتي .. الخامسة صباحا .. لا بأس .. سوف أذهب إلى المكتبة العامة .. يجب أن أجد الكتاب ..
تناولت الإفطار .. و ارتديت ملابسي .. و خرجت ..
المكتبة العامة .. أخيرا وصلت .. دلفت إلى المكتبة ، و بسرعة اتجهت إلى القسم الخاص .. بالكتب القديمة .. اللعنات .. الظواهر الغريبة .. السحر و الشعوذة .. نعم هذا هو الكتاب .. أسرار الماضي القديم .. تصفحت الكتاب بسرعة لكي أتأكد ، و بالفعل وجدت الرسم المميز للقلادة .. أخيرا .. أخذت الكتاب ، و عدت أدراجي إلى الشقة .. و وضعت الكتاب على طاولة قريبة من مقعدي المفضل ، الكتاب لونه أسود غريب ..
أنا جائع .. أكلت القليل من الطعام .. و جلست على مقعدي المفضل .. و قبل أن أقرأ كلمة واحدة ..
طرقات على الباب ..
من هذا يا ترى ؟..
ذهبت لأرى من الطارق .. فتحت الباب .. طالعني عجوزان أحدهما مظهره راقي ، و الآخر يشبه مومياء محنطة .. و كان يرمقني بنظرات غريبة .. هل هو كائن من كوكب آخر؟ ..
- نريدك استشارتك في أمر ما ..
صمت لحظة ، و أنا أنظر في إليهما في عمق .. ثم أشرت لهم قائلا :
- تفضلا إلى الداخل ..
نظرت إلى الذي يشبه المومياء ، و هو يتأمل محتويات الشقة في فضول ، و يلقي نظرة طويلة على الكتاب الأسود كأنه يريد ، أن يسبر أغواره ..
- حسن .. تفضلا بالسؤال ..
قلت هذا ، و أنا أنتظر لما سيقولانه .. هل هو أمر مهم للغاية ، أم هو أمر تافه ..
- أحب أن أعرفك بنفسي ، أنا الدكتور ( رفعت إسماعيل ) ، و زميلي الدكتور ( فريد نافع ) ..
هذا جيد .. دكتور ( رفعت ) و دكتور( فريد ) لماذا أشعر أنني سمعت اسم الدكتور( رفعت ) ربما ..
- هناك قلادة معي أريد رأيك بشأنها ..
أخرج القلادة من جيبه و ناولها لي .. يا إلهي إنها نفس القلادة التي كانت مع الشاب ، يجب أن أكتم انفعالاتي جيدا حتى لا يلاحظا شيئا .. أخيرا عادت القلادة لي .. هذا مذهل ..
- حسن .. ما علاقة الأمر برأي في القلادة ..
قال الدكتور ( رفعت ) :
- هناك شاب يدعى ( بلال ) ذو شعر أحمر ، تهاجمه الأشباح في كل منزل يسكنه أما هذه القلادة فهي ما يبدو أنها تبعد الخطر عنه مؤقتا ، لذا نريد معرفة السر وراء ذلك ..
إذن اسمه ( بلال ) .. أنا أعذره إذن ، فمن تهاجمه الأشباح في كل مكان .. فهذا أمر يدعو العصبية الشديدة .. و لكن على الرغم من ذلك قلت في حدة :
- ذلك الشاب الأخرق ، تشاجر معي ، لأني أردت معرفة من أين حصل على هذه القلادة .. فلم يخبرني ، و اتهمني بالشعوذة ..
- اعذره .. فأعصابه هذه الأيام على شفا الانهيار ..
تأملت القلادة مرة أخرى في شوق ، و أنا أقول في هدوء :
- حسن ، سوف أحاول اليوم فك رموزها ، اتركوها عندي ، و أقبلا غدا ، ربما تكون عندي أخبار جديدة ..
نظر إلى الدكتور ( رفعت ) في قلق و شك .. أنا أعلم أنه يشك ، و لكن ليس أمامه بديل ، فهو لن يخسر شيء ..
- حسن نحن موافقان ..
تبعتهما حتى أوصلتهما إلى الباب ..
القلادة ، و أسرارها .. يجب أن أبحث .. اتجهت إلى الكتاب الأسود ، و قلبت صفحاته ، حتى عثرت على الرسم المميز للقلادة .. الرموز واضحة ، و ترجمتها واضحة .. يا إلهي ما هذا ؟.. إذن هنا تكن نقطة الضعف .. ورقة و قلم أين أجد ورقة .. أخيرا وجدت ورقة ..
كتبت بسرعة الترجمة ، و النقش .. هذا رهيب للغاية .. الأمر أعقد مما تصورته .. على الرغم من ترجمتي لهذه الرموز فما تزال هناك أمور عديدة تحتاج إلى تفسير .. على سبيل المثال ، الصوت الغامض الذي ينبعث من حجرة المكتب .. لحظة هذا صحيح .. هناك صوت غامض ينبعث من حجرة المكتب .. في الحقيقة شعرت بالقلق .. تركت الورقة لتسقط على الأرض .. و اتجهت إلى حجرة المكتب .. فتحت الباب في بطء ، نظرت إلى الداخل .. لا أحد فمن الذي أصدر هذا الصوت .. دخلت المكتب ، و أنا أرمق الكتب في توتر .. ذكرى الكابوس ، تعود إلى عقلي بنفس التفاصيل ، و خاصة الشبح الذي قال ، أنني يجب أن أموت .. أنا خائف .. الصوت لم يتوقف .. ما زال ينبعث .. و لا أعرف مصدره .. و فجأة سمعت .. جملة من كلمتين ..
- سوف تموت ..
يا إلهي إنه نفس صوت الشبح الذي رأيته في الكابوس .. هل حانت نهايتي؟ .. صرخت بأعلى صوتي مرددا :
- عرفت نقطة ضعفك .. لن تستطيع إيذائي أبدا ..
انبعثت ضحكة ساخرة من منتصف الحجرة لتزيد من خوفي و الرعب الذي تزايد في قلبي .. و فجأة ظهر .. نفس الملامح القاسية ، و الأسنان النارية ، و النظرة الصارمة الحاقدة .. هل هذا كابوس آخر .. أم أنه حقيقي ..
- مثل ما قلت لك سوف تموت .. لقد كشفت نقطة ضعف فينا .. و يجب أن يدفن سرك معك ..
ماذا يقول ؟.. هل يريد قتلي ؟.. و لكن كيف ؟.. إنه شبح ..
- لعلك تتساءل كيف أقتلك و أنا مجرد شبح ..
ضحك ضحكة مرعبة وهو يضيف :
- هذا سهل جدا ..
الحقيقة أنني لم أنتظر لكي يبرهن كيف يقتلني و هو مجرد شبح ، غادرت الحجرة المكتب في سرعة .. و سمعت صوت ضحكاته الساخرة تلاحقني .. هل هذه النهاية .. أين وضعت القلادة؟ .. لقد قال الدكتور ( رفعت ) أنها تبعد الخطر مؤقتا .. يجب أن أعثر عليها قبل أن يجدني .. لماذا نسيت أين وضعتها الآن؟ .. أهذا وقته؟ .. سمعت صوته خلفي يقول :
- لا فائدة من هربك ..
نظر إلى الكتاب الأسود و هو يضيف :
- إذن هذا الكتاب الذي استعنت به لكي تعرف نقطة ضعفنا ..
لن تصدقوا ما حدث .. لقد حدق في الكتاب في شراسة ، و فجأة اشتعل الكتاب ليصبح رماد .. لا فائدة يبدو أنه سوف ينال مني ، حاولت أخرج من باب الشقة ، و لكنه أغلق على الطريق ، و هو يقول في شراسة :
- قلت لك لا فائدة .. هذه نهايتك ..
لن أستسلم ، ذهبت إلى المطبخ ، النار .. سوف أحاول عن طريق النار ربما أستطيع أن أبعده عني .. أشعلت الموقد ، و جلبت قطعة قماش ، و أحطتها بقطعة خشب .. لقد أتى ..
- هل تعتقد أن النار يمكن أن تنال مني .. إذن أنت مخطئ ..
ما هذا ؟.. اقترب مني رويدا رويدا .. و هو يمد يده نحوي ، و فجأة أحسست برأسي يذوب ، و عقلي ، يحترق .. هل أنا أموت .. هل هذه النهاية ..
***

 
 

 

عرض البوم صور القناع الأحمر  
قديم 12-12-06, 12:47 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : القناع الأحمر المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
افتراضي

 

نسختهم عندي واليوم بليل بقراهم على راحتي
الله يعطيك الف عافية
انا بحب كتير قصص ما وراء الطبيعة بس ما عملاقي وقت لقراءتها
بس رايحه تابع كتاباتك باذن الله
تسلم اديك
بكرة بخبرك عن رايي المتواضع بالفصول الي عرضتها
تقبل مني فائق التحية ،،،

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
قديم 14-12-06, 07:34 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Jul 2005
العضوية: 345
المشاركات: 14,884
الجنس أنثى
معدل التقييم: ^RAYAHEEN^ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
^RAYAHEEN^ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : القناع الأحمر المنتدى : سلاسل روايات مصرية للجيب
افتراضي

 

رائع القناع الاحمر
وماشي على نفس خط الدكتور احمد خالد توفيق بالكتابة
ويا ريت تكفيها
لاني بدي اعرف شو صار بالساحر
ووين راحت القلادة
وشو حقيقة الي قاعد بيصير مع الشاب ذو الشعر الاحمر
وشو رايح يعمل الدكتور رفعت اسماعيل حتى يحل هالمعضلة
وهل حقيقي الاشباح ممكن تقتل ؟؟!!
ام انو حالة الرعب والخوف الي بتعيش فيها الشخص هيي الي ابتحملو الى الموت
بالانتظاااااااااااااااااااااااااار
القناع الاحمر
وبجد ما تتاخر
اول مرة اطبع قصة من النت واقعد اقراها

 
 

 

عرض البوم صور ^RAYAHEEN^  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماوراء الطبيعة, القلائد السحرية
facebook




جديد مواضيع قسم سلاسل روايات مصرية للجيب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:57 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية