المنتدى :
المنتدى الاسلامي
كلام حكماء صيد الخواطر لابن الجوزي
فصل دعوة إلى علو الهمة
من علامة كمال العقل علو الهمة! والراضي بالدون دنيء!!.
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام فصل المحبة الإلهية سبحان من سبقت محبته لأحبابه فمدحهم على ما وهب لهم واشترى منهم ما أعطاهم وقدم المتأخر من أوصافهم لموضع إيثارهم فباهى بهم في صومهم وأحب خلوف أفواههم.
يا لها من حالة مصونة لا يقدر عليها كل طالب! ولا يبلغ كنه وصفها كل خاطب.
فصل دوام اليقظة
الواجب على العاقل أخذ العدة لرحيله فإنه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربه ولا يدري متى يستدعى.
وربما قال العالم المحض لنفسه: أشتغل بالعلم اليوم ثم أعمل به غداً فيتساهل في الزلل بحجة الراحة ويؤخر الأهبة لتحقيق التوبة ولا يتحاشى من غيبة أو سماعها ومن كسب شبهة يأمل أن يمحوها بالورع.
وينسى أن الموت قد يبغت فالعاقل من أعطى كل لحظة حقها من الواجب عليه.
فإن بغته الموت رئي مستعداً وإن نال الأمل ازداد خيراً.
فصل الذنب
عقوبته خطرت لي فكرة فيما يجري على كثير من العالم من المصائب الشديدة والبلايا العظيمة التي تتناهى إلى نهاية الصعوبة.
فقلت: سبحان الله! إن الله أكرم الأكرمين والكرم يوجب المسامحة.
فما وجه هذه المعاقبة.
فتفكرت فرأيت كثيراً من الناس في وجودهم كالعدم لا يتصفحون أدلة الوحدانية ولا ينظرون في أوامر الله تعالى ونواهيه بل يجرون - على عاداتهم - كالبهائم.
فإن وافق الشرع مرادهم وإلا فمعولهم على أغراضهم.
وإن سهلت عليهم الصلاة فعلوها وإن لم تسهل تركوها.
وفيهم من يبارز بالذنوب العظيمة مع نوع معرفة المناهي.
وربما قويت معرفة عالم منهم وتفاقمت ذنوبه.
فعلمت أن العقوبات وإن عظمت دون إجرامهم.
فإذا وقعت عقوبة لتمحص ذنباً صاح مستغيثهم: ترى هذا بأي ذنب.
وينسى ما قد كان مما تتزلزل الأرض لبعضه.
وقد يهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب ولا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه.
فمتى رأيت معاقباً فاعلم أنه لذنوب.
|