كاتب الموضوع :
hind2006
المنتدى :
الارشيف
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هاأنذا أعود لأاضع تحت أيديكم جزءا من القصةالتي وجدت صعوبة كبيرة في إنهاءها فهي ليست قصة اجتماعية أو إنسانية بسيطة وإنما هي قصة شبه بوليسية مليئة بالألغاز والعقد وهذا يحتاج وقتا وجهدا كبيرا كما أن فيها معلومات كثيرة صحيحة
أما عن أسماء الأشخاص والأماكن مثل أسماء الشركات والمستشفيات والمقاهي كلها من نسج خيالي، حتى فكرة القصة من خيالي وهي غير حقيقية رغم أنني استنتجتها من واقع حاصل في القارة الإفريقية ككل وهي أزمة النفايات النووية، وآثارها على الشعوب الإفريقية ككل.أتمنى لك قراءة ممتعة بالرغم من أن هذا الجزء لا يحمل أحداثا كثيرة إلا أنه سيكون مدخلا وتمهيدا لذلك. أريد أن أقرأ آراءكم حول القصة بكل موضوعية وشكرا
كان رشيد وضحى يعبران الأزقة الضيقة للمدينة القديمة حيث يتواجد منزل عائلتها القديم، سلمت مفاتيحه إلى السيد عباس وأرته المنزل ثم ودعاه معا، معلنين أنهما سيذهبان إلى الجريدة,أثناء الطريق غرق رشيد في أفكاره، لقد كان يفكر بإن الخيوط بدأت تتوضح الآن، ليس كلها، لكن على الأقل الأمر لم يعد غامضا كالسابق، لكنه حائر من أين يبدأ، هل من سعيد الشمام ذلك الجمركي الفاسد الذي جاء اسمه فيما جاء أم من ذاك الرجل الذي مات بالمستشفى، أم بشركة الماء والكهرباء الإيطالية، وما العلاقة التي تربطها بما يسمى النفايات النووية، أيعقل أن يكون لها يد في إدخال النفايات النووية إلى البلاد خلسة, لكنها مفوضة من طرف الدولة، فهي شركة تعمل قانونيا في البلاد، أم عملها في البلاد هو مجرد واجهة لأعمال قذرة غير معروفة، لطالما سمع رشيد عن بعض الصفقات الأوربية مع البلدان الإفريقية الفقيرة لدفن نفاياتها هناك كما أنه قرأ في إحدى الجرائد السنغالية والتي تدعى " لو سولاي" أي الشمس أن 33 بالمأة من مساحة الموزمبيق وإفريقيا الوسطى تلقى بها هذه النفايات, أصبحت إفريقيا الآن مزبلة للنفايات النووية للدول المتقدمة، ذلك كله من أجل أموال قليلة لعلها تحسن من معيشة افراد هذه الدول التي يعيش بعضها إن لم يكن أغلبها تحت خط الفقر,كما أنه قرأ كتابا لأحد الكتاب الكامرونيين والذي أسماه " لا تدفنوا نفاياتكم عندنا" توصل خلاله هذا الكاتب إلى أنه عام 1989 نشرت المنظمة العالمية للصحة تقريرا جاء فيه أن أسباب موت الأطفال في إفريقيا وتحديدا في دول مثل الكاميرون والموزنبيق وإفريقيا الوسطى والغربية سببه أيضا النفايات النووية التي تم دفنها في تلك الدول من قبل مجموعة من الدول العضمى مقابل صفقة بمليارات الدولارات, لكن ما دخل كل هذا بالمغرب، فالمغرب ليس دولة فقيرة بالرغم من أن هنالك فقر في أوساطه، وهو لا يعيش صراعات إقليمية أو حروب أهلية أو مجاعات أو أمراض ليكون أحد الأهذاف التالية للدول الصناعية الكبرى لرمي نفاياتها داخله. إنه لم يعد يفهم شيئا لقد دارت الأفكار في رأسه حتى شتتته، لكن كل ما سبق التفكير به، هو أمر سابق لأوانه، ربما الأمر لا يصل إلى هذا الحد.
كان قد نسي الشخص الذي كان يمشي بجابنه، إنها لم تكن سوى تلك الصحفية المبتدئة ضحى، أخرج نفسه من تلك الأفكار ليسألها عما قد يدور في ذهنها، كانت هي أيضا سارحة عنه في أمر ما، لعلها مثله تحاول أن تشبك أطراف القضية أو تحلها لا يدري، لكن ما هو متأكد منه أن هذه الفتاة التي قد تبدو ساذجة بالنسبة إليه أو هكذا كانت تبدو في البداية، متقذة الذكاء وذلك يظهر جليا في نظرات عينيها وسرعة إدراكها للأمور، اعتقد في البداية أنها ستعيق حركته في البحث، لكن ما وجده هو أنها تساعده في التفكير واتخاذ الخطوة التالية وهو الذي لم يكن يعتمد على أحد في ذلك من قبل قال يخرجها من عالمها الذي غرقت فيه:
إلى أين وصلت؟
همهمت: - همم... ماذا قلت؟
رد عليها قائلا وهو يشير بيده إلى سيارة أجرة : - قلت فيماذا كنت تفكرين؟
وقبل أن تجيب توقفت سيارة الأجرة أمام قدميهما ثم فتح الباب الخلفي لها فركبته، ثم اتخذ مكانه بجانبها، وبعدما دله على العنوان، عاد ليسألها مرة أخرى:
ما الذي يتوجب علينا فعله الآن؟
لكن ضحى بدل أن تجيبه سألته سؤالا ذكيا: - أخبرني أنت ما هو الشئ الذي تعتقد أنك تستطيع البحث فيه فورا.
قال بدون تردد:
أعتقد سعيد الشمام.
قالت ضحى في انتصار: - إذن لما لا تدل سائق التاكسي عن عنوانه.
لكنه توفي على ما أعتقد، وأنت تعلمين أيضا ذلك...
أكملت ضحى جملته : - ليس لديه عائلة هنا،بل إنه لم يكن لديه عائلة في الأصل، فهو قد تربى في ميتم، ومن كان يعرفه أو بالأحرى يعرفها أكثر هي الراقصة لولا التي كانت تعمل في أحد النوادي الليلية بالمنطقة يدعى " ليل الساهرين".
كان رشيد منبهرا بكم المعلومات التي تحتفظ بها ذاكرتها وبدقتها أيضا لذلك لم يستطع إخفاء إعجابه بعملها وهو يقول: - أعتقد يا ضحى بأنه يجب علي أن أهنئك على ذاكرتك القوية.
ابتسمت ضحى باحراج لكنها سرعان ما غيرت الموضوع لتقول: - إذن ما الذي ستفعله.
رد عليها رشيد مستسلما: - أعتقد أنني من يجب أن يطرح هذا السؤال عليك. فإلى ماذا تريدين أن توصليني إليه؟
ردت بحزم ولكنها موجهة كلامها إلى السائق: - فلتذهب بنا إلى حانة ليل الساهرين من فضلك.
حرك السائق رأسه موافقة والفضول يتآكله بسبب حديثهما الذي لم يفهم منه حرفا.
ابتسم رشيد وهو يقول في نفسه: - لم أعتقد بأنه سيأتي اليوم الذي تقودني فيه امرأة.
أوصلهما السائق إلى المكان المقصود، كانت ضحى قد نزلت وهي تقرأ لافتة كبيرة فوق إحدى المحلات لكنها غير مضيئة، فالآن نهار ولا تفتح مثل هذه النوادي لزبنائها إلا ليلا، لكن بالتأكيد يوجد بعض العاملين بالمحل والحارس أيضا كما يمكنك أن تصادف صاحب المحل يجلس في مكتبه يعد مبالغ المال التي يدخلها عليه مثل هذا النوع من الخدمة ، الشرب والرقص والغناء والمجون.
اقترب رشيد منها وهو يقول:
هل تعتقدين أن هناك أحد، المكان مغلق، سأل رشيد وهو يعيد محفظته في جيبه الخلفي لسرواله الجينز.
ردت عليه وهي ترى طوله الفارع يغطي نور الشمس خلفه كان ذا بنية قوية وجهه صلب لكنه يحمل لمحة من الحنان لا تدري كيف اكتشفتها بالرغم من أنها لم تتعامل معه إلا في إطار عملي مغلق، بشرته قمحية تناسبت كثيرا مع شخصيته. وصوته كانت فيه بحة لقلما تجدها عند أي شخص لقد ميزته حقا.
أعتقد بأنك قد تجد عاملي النظافة أو الأمن أو حتى صاحب المحل، لا ندري ...
وقبل أن تتم جملتها رأت الباب ينفتح ويخرج منه أحدهم ، ولم تكن سوى امرأة، كانت هيئتها تدل على أنها راقصة تعمل بالمحل، كانت ترتدي ثيابا عادية ومعطفا أحمر مشدودا عليها جيدا من الخصر، أما وجهها فكان ممتلئا بالأصباغ وحمرة الشفاه الفاقعة ورموش مثقلة بالماسكارا حتى تعتقد أنها لا تستطيع فتح عينيها بسبب ثقلهما. نظر رشيد إلى ضحى التي نظرت إليه بدورها ثم اقتربا من المرأة التي كانت قد أخرجت سيجارة لتشعلها لكن القداحة لم تطع يديها، أخرج رشيد بسرعة قداحة من جيبه وقربها إلى شفتي المرأة التي استنشقت بسرعة نفسا طويلا من السيجارة، قبل أن تمسكها بإصبعيها بخفة وتشكره بابتسامة متكلفة.
شكرا لك سيدي، هذا لطف منك.
ثم توجهت بنظرها إلى مرافقته وابتسمت لها في ريبة وهي تقول: - أرجو أن لا تكونا من الشرطة، فأنا قد ابتعدت عن المشاكل منذ زمن طويل.
أخذ رشيد دفة الحديث وهو يقول:
لا بالتأكيد لا، نحن لسنا من الشرطة، لكن فقط نريد أن نسألك عن بعض الأسئلة، لكن قبل ذلك هل تعملين في هذه الحانة؟
ردت المرأة ولا زالت الريبة تكسو وجهها المكسو بالأصباغ:
نعم أنا أعمل هنا ثم أخذت نفسا طويلا آخر من سيجارتها ونفخته من الجهة الأخرى حتى لا تصلهما الرائحة.
فسألتها ضحى بالرغم من اختناقها برائحة الدخان النتنة: - ومنذ متى تعملين هنا؟
توترت المرأة وهي ترد: - أنا لا أفهم لما علي أن أجيب عن أسئلة شخصين غريبين أنا لا أعرفهما بالكاد. وهمت بالابتعاد عنهما.
نظرت ضحى إلى رشيد الذي جرى نحو المرأة وأمسك بذراعها بخفة وهو يقول برجاء:
هل يمكن أن نجلس في أحد المقاهي القريبة من هنا نريد فقط التحدث إليك عن شخص لا ندري إن كنت تعرفينه أم لا لكنه كان يرتاد هذه الحانة دائما.
استدارت المرأة لتواجهه قبل أن تقول في تحد: - إذا كان أحدهم قد مر من هذه الحانة يوما ما فبالتأكيد سأعرفه ما كان اسمه؟
قال رشيد بسرعة وبدون تردد: - سعيد الشمام هذا اسمه هل سمعت عنه يوما؟
كان لون وجه المرأة قد اختطف وكأنها رأت أمامها شبحا، صنمت أمامه لثواني قبل أن تحرك شفتيها بصوت قد لا يكاد مسموعا:
قلت من؟
سعيد الشمام. أعاد عليها رشيد الاسم وقد تأكد أن هذه المرأة تعلم الشئ الكثير عن هذا الرجل. ثم أكمل قائلا، هل علمت بأنه قد مات منذ عام ؟
حركت رأسها إيجابا وهي لا تزال في حالة من الصدمة والخوف، لذلك اقترح عليها رشيد بأن يذهبا إلى مكان هادئ حتى تستعيد قواها ، ثم استدار إلى ضحى التي كانت واقفة بعيدة عنهما بمسافة قليلة، وطلب منها مرافقتهما.
جلسوا ثلاثتهم على طاولة مطلة على الشارع الرئيسي المقابل للملهى الليلي ذاته، وبعد أن طلبوا ما يشربون كان الصمت سيد الموقف، أخرجت المرأة مجددا سيجارة أخرى واشعلها لها رشيد مرة أخرى، تمنت ضحى لو تستطيع أن تطلب منها أن تطفئها لكنها لم تعتقد بأن الظرف مناسب.
أخذت المرأة نفسين متتاليين من سيجارتها قبل أن تقول:
والآن من أنتما وما الذي تريدان معرفته بخصوص سعيد الشمام.
رد رشيد: - نحن صحفيان ونعمل بجريدة الشروق، أظنك قد سمعت بها
اعتدلت المرأة في جلستها قبل أن تقول: - أليست هي نفسها الجريدة التي ماتت لها إحدى الصحفيات؟
إنها هي، قال رشيد ذلك بحزن.
ردت المرأة في حزن:
أنا آسفة، وهل لهذا الأمر علاقة بسعيد.
قال لها وهو يحرك يديه في الهواء، لا نعلم حقا يا سيدة...
فأسرعت المرأة بالقول: - آنسة شيماء واسم الشهرة شينا
ابتسم رشيد قبل أن يقول: - تشرفنا يا أنسة شينا، أنا رشيد وهذه، وهو يشير إلى التي كانت تجلس بجانبه، ضحى زميلتي في العمل.
ردت الآنسة شينا بدلع وكأنها عادت إلى طبيعتها السابقة بعد أن اختفت من على وجهها علامات الاضطراب والذهول: - تشرفنا، وهي تجول بعينيها الواسعتين و المثقلتين بالماسكارا على جسم ضحى التي شعرت بالتوتر والخجل، ثم واصلت:
ماالذي تريدان معرفته الآن؟
كل شئ عن سعيد الشمام، ما الذي كنت تعرفينه عنه؟
نظرت لحظات طويلة إلى عقب سجارتها قبل أن تعصره في الطفاية التي كانت بالقرب منها ثم قالت:
كان رجلا كريما يصرف الأموال علينا بدون حساب، كان سكيرا من الدرجة الأولى، وكان يعرف الكثيرمن الشخصيات المهمة كان يحضرها معه في الكثير من الأحيان، هذا كل شئ.
في هذه الأثناء خرجت ضحى عن صمتها قائلة:
- و الآنسة لولا ماذا كانت تعني له لسعيد شمام.
نظرت شيماء أو شينا إلى ضحى بشئ من الريبة وبدلا من أن تجيبها سألتها: - ومن أنى لك أن تعرفي هذه المعلومة.
نظرت ضحى إليها في تحد وقالت: - لقد عرفت والسلام، نحن نريد فقط أن نعرف العلاقة التي كانت بين سعيد ولولا. كما أعتقد أن لولا ليس إسمها الحقيقي هي كذلك.
نظرت شينا إلى رشيد الذي كان ينظر إليها وكأنه يحثها على أن تجيب على سؤال زميلته، ثم تنهدت وقالت: - غن اسمها ليلى ولقد كانا متزوجين. لكن لا أحد كان يعرف الخبر، لقد أحبها بجنون وهي كذلك، لا أدري حقا ما الذي أعجبها فيه، كان رجلا كثير المال لكن هذا لا يجعل أية راقصة تتخلى عن مهنتها من أجل الزواج به.
- وهل هي تخلت عن عملها بعد أن تزوجته؟ سأل رشيد
- لا.. ليس قبل أن يموت، فبعد وفاته ابتعدت عن العمل وعن المدينة كلها.
- وهل تعرفين عنوانها الجديد؟ سألتها ضحى
أخرجت شينا علبة السجائر من جديد ويديها ترتجفان من التوتر: - أنا آسفة حقا، فأنا لا أستطيع أن أفيدكما هنا، لقد وعدتها أن لا أخبر أحدا عن مكانها، ولن أخلف هذا الوعد أبدا، لا مستحيل، أعذراني ثم قامت من مكانها حاملة حقيبتها بيد وسيجارتها التي لم تشعلها في بين أصابعها وهي تقول:
- سأذهب الآن، وشكرا على الشاي.
توقف رشيد بثقة وهو يقول بهدوء عكس ما أبانت هي عليه من توتر:
- إسمعي يا آنسة شينا إنها مسألة موت أو حياة، لقد مات سعيد ولم يكن موته عاديا وهذا ما أكدته الصحف لدى مقتله، كما أن إحسان هي الأخرى ماتت مغدورة والدور سيصل الكثيرين لا علاقة لهم بأي شئ، قد يكونون أطفالا صغارا وشيبا وشبانا إن حياة الكثيرين متعلقة في معرفة الفاعل وأنت إن لم تساعدينا قد تكونين جانية مثل هؤولاء الذين يحاولن تدمير بلادنا وقتل أولادنا، أنا آسف إن كنت قد أزعجتك أنا وزميلتي، وأعتقد بأن لديك أشياء أهم من ذلك لتقومي بها,
ارتمت على الكرسي مستسلمة وقالت:- لقد عرفت لولا منذ عملت في هذا الملهى الليلي منذ خمسة أعوام تقريبا، و أنا من عرفتها على سعيد الذي كان في البداية يأتي من أجلي ثم عندما رأى لولا أحبها وتركني لكن هذا لم يغضني أبدا بل بالعكس أراحني، فأنا لم أكن أحتمل سكره وثقل دمه، لا أدري حقا ما الذي جعل لولا تحبه، بالرغم من أنها كانت جميلة وألف واحد كان يتمنى أن يجلس تحت قدميها، ثم تزوجا كان ذلك قبل وفاته بعام تقريبا، وأنا حضرت الحفلة الصغيرة التي أقاماها في منزله بمناسبة زوجهما. لكن قبل موته بشهر تقريبا كنت أشعر بأن لولا دائما مهمومة وخائفة وقد تخاصمت هي وسعيد وكانت تنام عندي في منزلي، سألتها عن السبب لكنها لم تخبرني، وعندما مات ذهبت معها إلى المشرحة لرؤية جثته فانهارت وبدأت تقول كلاما لم أفهمه كانت تقول: - لقد قلت لك لا تذهب إليهم، لماذا إنهم وحوش ها أنت لم تسمع كلامي ولقد قتلوك وقد يقتلوني أنا أيضا.
كانت تهذي بهذه الكلمات طيلة تلك المدة ثم بعد ذلك رحلت بعيدا وطلبت مني أن لا أخبر أحدا. لقد ترجتني كثيرا، إنها خائفة من شئ لا أعلم ما هو.
ساد صمت طويل بين الثلاثة قبل أن يقطعه رشيد قائلا:
تأكدي يا شينا أن إخبارنا بعنوانه سيبقى سرا بيننا نحن الثلاثة ولن نخبر أحدا عن مكانها.
قالت مستسلمة: - حسنا أعطني ورقة وقلم سأكتب عنوانها لكما، أنا لا أستطيع الذهاب معكما، لدي أعمال كثيرة هنا، سلما عليها فقط.
جلست على مكتبها وهي تبحث في مسودات الأوراق التي كانت جمعتها قبلا لإحسان، كانت تقرأ عن الشركة الإيطالية بالخصوص، لم تكن قد وجدت الكثير من المعلومات عنها لأن مثل هذه الشركات الكبرى لا تعلم حتى من مالكها الأصلي، على الأقل ليس من السهل الوصول إلى مثل هذه المعلومات، تأففت وهي تنظر إلى باب رئيس التحرير الذي دخل منه رشيد منذ أن عادا إلى الجريدة، كانت أفكارها مشتتة مثله تماما، أين يتوجه الآن هل يكمل البحث عن طريق سعيد الشمام ولولا بالرغم من أنها بدأت تحس بالإحباط فهما لا زالا يدوران في حلقة مفرغة والمعلومات التي حصلا عليها حتى الآن غير كافية، فهل التي تدعى لولا تملك الكثير لتخبرهم عنه. عادت وغاصت في الأوراق التي أمامها مرة أخرى لعلها تجد حلا لهذه الأحجية التي تاهت فيها.
وفي مكان قريب منها جلس رشيد وإسماعيل يرتشفان كوب القهوة لكن الغضب باد على وجهيهما
ماذا تريدني أن اقول لك، إنني حتى الآن لم أجد شيئا قد أفهمه أو قد أورط به شركةالماء والكهرباء المتهمة الرئيسية في هذه القضية.قال رشيد غاضبا
كان إسماعيل أهدأ منه وهو يقول: - أنا لم أقل شيئا إبحث كما شئت ولكنني أريد أن اعرف كل شاردة وواردة حتى لا يقع ما وقع قبلا ، أنا لا أريد أن أخسرك أنت أيضا.
ابتسم رشيد في أسى و قال: - لا تقلق علي كما انني لست وحدي.
جلس إسماعيل على كرسيه الكبير والمريح وهو يقول:
- هل تتحدث عن تلك الصحفية ما كان اسمها؟
- ضحى ، أحس بغرابة وهو ينطق اسمها، ربما كان اسمها عاديا مثل أي اسم آخر يسمعه، لكنه عندما يربطه بشخصها هي بالذات تصبح لديه رنة خاصة، يصبح اجمل اسم سمعه ونطق بأحرفه، يا إلهي لا يعقل أن يصل تفكيرك إلى هنا، فكر رشيد، إنها فتاة غريبة الأطوار، كما أن علاقتك بها لا تتعدى العمل.
- كيف تجدها؟ سأله إسماعيل
- لو عشت حياتي كلها لكي أفهمها فإنني بالتأكيد سأفشل.
- أنا أسألك عن عملها كيف تجده، وليس عن شخصها، رد إسماعيل ثم سأله في نبرة محذرة:
- لا أعتقد أنك بدأت تعجب بها؟
قام رشيد من مكانه وكأنه تلقى شتيمة لتوه وهو يرد على صديقه: - ماذا تقول هل أنت مجنون، أنت تعرف جيدا أنني مضاد للحب والإعجاب، أما عن اللهو فأنا لاأمانع، لكن ضحى ليست أبدا من النوع الذي يعجبني،أما عن عملها فأنا أقول بأنها ممتازة. والآن سأذهب قبل أن تسقط علي تهمة أخرى باطلا.
ثم خرج من الباب وهو يسمع ضحكة صديقه العالية، لكنه تذكر شيئا ثم عاد يواجهه قائلا:
- غذا لن نحضر إلى الجريدة أنا وضحى، ستكون لدينا مهمة خاصة، سنذهب عند لولا.
أشار له إسماعيل بيده معلنا عن موافقته، وقال له: - في أمان الله.
|