كاتب الموضوع :
hind2006
المنتدى :
الارشيف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأضع ه\ا الجزء الصغير من القصة وغدا إنشاء الله سأضع جزءآ آخر
وصلت إلى المقهى قبل نصف ساعة من الموعد، جلست على أحد المقاعد بالطابق الثاني تنظر عبر زجاجه نحو الخارج حيث السماء اصطبغت بلون رمادي يبعث على الكآبة وقد انعكس لونها على صفحة البحر الذي بدا لها غاضبا تتهالك أمواجه على الصخور السوداء التي تكومت هنالك بالقرب من الشاطئ، ساكنة غير عابئة بغضبه، فكرت كم يعمق هذا المنظر الحزن في قلبها ويزيد شعورها بالإحباط وإحساسا غريبا بالخوف.
لم تشعر به حينما جلس على المقعد المقابل لمقعدها يتأمل وجهها الغارق في التفكير إلى أن علق قاطعا حبل أفكارها بقوله:
- إنه منظر يثير الوحشة في النفس.
أجفلت حينما شعرت به أخيرا وقالت تعتذر:
- آسفة لم أنتبه لحضورك
طمأنها قائلا: - لست السبب، كان يجب علي أن أنبهك لوجودي...
صمت قليلا قبل أن يسترسل:
- لقد وجدوها مرمية على هذا الشاطئ
نظرت إليه فاغرة فاها لم تستطع أن ترد بل إنها لم تستطع أن تفكر بالسبب الذي جعله يختار هذا المكان بالضبط للقائه، أما رشيد فظل ينظر في تمعن إلى وجهها لعله يفهم شيئا من تلك التغيرات التي طرأت عليه، إنه لا ينكر أنه تعمد لقائها في هذا المكان بالتحديد لعله يحصل على دليل لإدانتها، لكن العلائم التي ظهرت على ملامح وجهها لا تدل إلا على براءتها وصدقها.
قطع النادل الصمت الدائر بينهما سائلا عن طلبهما فاختار رشيد كوبا من القهوة مع الكريمة بينما اكتفت ضحى بكأس من الماء، وبعد أن انصرف النادل من المكان سألته بفظاظة:
- كيف عرفت أنني كنت مع إحسان مساء السبت؟
نظر إليها في تحد ثم قال: - أيهمك كثيرا أن تعرفي ذلك؟
قالت: - إنه يهمني كثيرا.
فتنهد رشيد باستسلام قبل أن يقول: - لقد أخبرتني إحسان بذلك.
بانت الدهشة على وجه ضحى وهمست بصوت مخنوق:
- كيف؟
أومأ قليلا: - لقد اتصلت بي إحسان ليلة السبت، كانت متوترة جدا، وكأنها أرادت أن تخبرني أمرا خطيرا، لكنها غيرت رأيها بعد ذلك، ولم أحاول الإصرار على معرفة سبب توترها، ثم حدثتني عنك، أخبرتني أنها التقتك وبأن أكلم السيد إسماعيل عنك، لأنك تستحقين أن نمنحك فرصة حقيقية في الجريدة.
سألته في استغراب: - ولما لم تقم بذلك بنفسها، ما أعرفه أنها وثيقة الصلة برئيس التحرير مثلك أنت تماما؟
رد في ثقة: - نعم إننا أصدقاء منذ أول سنة لنا في معهد الصحافة، لكن إحسان لم تكن على وفاق مع إسماعيل في الآونة الأخيرة بسبب القضية التي كانت تعمل عليها، لقد كانت إحسان شديدة الكتمان في ما يتعلق بالتحقيقات التي كانت تقوم بها للجريدة، الأمر الذي لم يكن يستسيغه إسماعيل، لأنه اعتقد أن إحسان رحمها الله لم تكن توليه أي اعتبار، فهو كان يعتبر أن الصداقة شئ والعمل شئ آخر و هي أيضا كانت تفكر بالمثل إلا أن مبادئ كل منهما كانت مختلفة حول نفس الفكرة، ولهذا السبب كلفتني أنا بتزكيتك أمامه، لكنني لم افعل حتى الآن.. وأنت بالتأكيد تعرفين السبب.
حركت ضحى رأسها إيجابا دون أن تعلق.
ساد صمت طويل آخر بينهما وكل منهما منهمك في احتساء مشروبه، قبل أن تقطعه قائلة وبدون مقدمات:
- قبل ثلاثة أسابيع جاء رجل إلى الجريدة يسأل عن إحسان، لقد كان مرتبكا، ثم سلمها ملفا...
قاطعها رشيد في اهتمام:
- قلت ملفا؟ ما نوعه؟
ردت في ارتباك: - لا أعرف حقا، لكنني التقيت بهذا الرجل مرة أخرى في مستشفى خصوصي يدعى مستشفى الشفاء، هل تعرفه؟
-أجاب بحركة من رأسه دليلا على أنه يعرفه دون أن ينبس ببنت شفة منتظرا بلهفة أن تكمل سرد الوقائع عليه.
تابعت:
- ... لكنه ارتبك حينما رآني، في البداية لم ألقي للأمر بالا، لكنني الآن وعندما أستعيد شريط الأحداث الغريبة التي دارت من حولي تتضح لي أشياء كثيرة لم أكن أجد لها إجابة من قبل.
وعندما رأيته اليوم واقفا في مراسم الجنازة تأكدت شكوكي.
- وأية شكوك هذه؟
- أن وراء هذا الرجل سرا، لا أعرف حتى الآن ما هو، لكن بالتأكيد كانت إحسان ملمة به.
قال لها رشيد لائما إياها:
- كانت فرصتك الوحيدة هذا الصباح في أن تحديثيه، وقد ضيعتها من بين يديك.
انتفضت ضحى غاضبة:
- أعتقد بأنك كنت أحد الأسباب إن كنت تذكر جيدا، لأنك لو لم تجرني بعيدا مثلما فعلت لكنت...
قاطعها رشيد ساخطا: - حسنا أنا الملام الوحيد الآن.
قالت في أسف غير مبالية بسخطه:
- لقد كان خائفا، يرتجف مثل طائر مذبوح.
سألها:
- وماذا يجب علينا أن نفعل الآن؟
- لا أعلم في الحقيقة.
مرت لحظات صمت قصيرة بينهما قبل أن ينهض رشيد من مكانه معلنا:
- فلنتحرى عن الحقيقة من مصدرها.
سألته: - ماذا تعني بذلك؟
لم يجبها بل تحرك نحو النادل دافعا ثمن المشروبات وانطلق خارج المقهى وهي تتبعه دون أن تعرف ما الذي يدور في رأسه.
|