ربما , تسالون انفسكم مليون مرة في اللحظة .. لماذا وصلنا الى الارض , وهل هناك امكانية للعودة. هل نكبر حتى نصل لجيل البحث عن الذات؟ كل هذه اسئلة , الاجابة عليها تكاد تكون اوهام لا نراها حتى في الاحلام.
اخرج الى اقرب طريق , والقي بنفسك تحت اشعة الشمس. اشعر بحرارة الجو , وحاول ترجمة شعورك الى افعال. فستجد نفسك تبحث عن الظل من جديد. احمل اي طفل صغير يبكي , فستجد نفسك تحاول ان تهدء من روعه ليتوقف عن البكاء , ولن تبخل عليه ببعض المداعبات الانسانية , في محاولة لغرس الابتسامة على وجهه.
تنقلب الفكرة الحياتية , ويصل الليل.. بحيث تعتلي السماء نجوم صغيرة ناعمة , توقظ المشاعر , وتحلق في سماء الرومانسية , تلك التي اكتشفها الانسان مع مر الزمان. القمر , وسيلة اضاءة من الارقى في مساحات الكون.. فمن نحن ؟ نحن .. نقطة صغيرة امام ما يختبئ خلف ستارة اللا معلوم. فماذا نفعل ؟ هل نحزن ؟ نبكي؟ نموت؟ هل نعترض على الحياة , ونطلب من الله ان يعيدنا من حيث اتينا.. كل هذه تساؤلات قد تزور مظاهر حب الاستطلاع لدى كل انسان..
ولكن حين تغادر الشمس يومنا , وحين يصل الليل مصطحبا معه الارهاق , الذي يسبقه مشاهدة تلفزيونية , يحين موعد اغلاق العينين. وهنا ينهض الامل.. الامل الذي نكاد نتفكك امامه من شدة الترابط معه. ايها الانسان الصغير امام عظمة الخالق , الامل موجود , في كل زمان ومكان. فلو لم يكن لما اغلقت عينيك اصلا لتنام. فمن يضمن لك ان تنهض في الصباح , فقد تكون تلك لحظاتك الاخيرة في الحياة المتحركة , ولكن الامل .. نعم انه هو , بكل معانيه , يصل ليلاطف احلامك , يجلس الى جانبك على السرير لينفخ بك الروح والاحساس..
كم من الصعب تسهيل الامور على مخلوقات الارض بكافة فئاتها , ولكن لو نظرنا الى انفسنا , ورغم اننا نتقدم في السن , ورغم ملامح وجوهنا التي تتغير , الا ان الامل لا يزول من القلوب.
انها تغطي رؤوسنا , تقف فوق شموخنا , لتكسو حياتنا , لونها الازرق المصطنع , يحول المشاعر الى هادئة , نعم انها السماء التي تلتف حول الارض في طبقة بيئية اوحى بها الله لنا , نحن الذين نحلم حتى في لب النهار وتكاد اعصبانا من الالم تنهار. نبحث عن نقطة الامل الضائعة , لنشعر باننا جئنا الى هنا لسبب ما. ولكن هل السكوت والمحافظة على اللسان في لحظة من الامان , افضل من الدخول لمتاهات الاسئلة اليائسة؟ طبعا لا.
مع الامل , نعيش.. ونتحرك حسب الشعور , وحتى عندما نثور نشعر بان الحياة مركبة من عدة امور.. من الشمس التي تزورنا كل صباح والقمر الذي يسهر فوق اجسادنا لنرتاح.. فسبحان الله .. حين خرط لنا الحياة , ورسم تفاصيلها باحكام.. وبما ان رب هذه الارض , لم يحرمنا من النور ولو في لحظة واحدة , فهل نحن المخلوقات البشرية اللطيفة, يجب ان نفقد الامل يوما ما. ان نطفئ الشمعة التي تسكن في ارواحنا. لاحظوا الارض التي تدور حول نفسها , لاحظوا القمر المزروع هناك في زاوية الكون الفضائية , والشمس التي تصوب اسلاك اشعتها الينا لنشعر بالدفئ , وكم هي رائعة اثناء ايقاظنا كل صباح لننطلق الى مسالك الحياة التي نتحرك بها حسب تفاصيل الهية.
فهل نفقد الامل , لمجرد اننا ابتعدنا عن حلم كان من بين الامال التي بنيناها؟
وهنا يصل الاحساس الاكبر على سطح الارض . انه الشعور بالامل. ان الامل لا يزول.
كل انسان بامكانه ان يحقق ما يريد من خلال تمسكه بالحياة. صحيح نحن على الارض سنزول يوما ما كما سبقتنا الملايين من الكائنات.
ولكن عندما نتحد الفشل , وعندما ننظر الى السماء , ونصوب راسنا الى الاعلى ونلتف كما تدور الارض حول نفسها , ولو مزجنا ذلك الشعور برمشة عين سريعة وشهيق يلحقه زفير , فسنجد انفسنا اسعد مخلوقات الله.. فاذا كان بداخلك نقطة امل قد تذوب.. اخرج ودع اشعة الشمس تحرقك.. في ذلك الوقت تكون قد ايقنت ان الحياة متعة يجب ان نحياها. قف على قدميك واخطو نحو اقرب طريق , اجلس على الارض واحمل بين يديك القليل من التراب.. امسحه على وجهك.. وستجد نفسك تتمسك بالحياة اكثر من اي وقت مضى.
فيوما ما قد لا نكون.. ولكن ارواحنا ستحوم فوق مشاعرنا وهي ترفرف باجنحتها الخيالية لتنير لكل واحد منا شمعة. الحياة جميلة لا تخسرها