المنتدى :
البحوث الأدبية
المربية الأجنيبة قنبلة موقوتة
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق
الدور الأساسي للأم في المجتمع هو تربية الأجيال الصالحة التـي يسعد بها المجتمـع ، وتعمل على تقدمه ورقيه ، لينافس أرقـى الأمم . فالشباب هـم عُدَّةُ الأمـة ، وبُناةُ حضارتها ومجـدها . وهـذا ما فَطِنَ إليـه المغفـور لـه الشيخ زايد حينما قال أنهـم : السيف الـذي يحمي الاتحاد ، ويصون البلاد ، والدرع الذي تتحطم عليها أطماع الطامعين . ولن يتأتـى ذلك إلا من خلال تربية الأم ، وما تغرسه مـن مبادئ ، ومُثُل وأخلاقيـات فـي النشء . باعتبارها المدرسة الأولى ، ومعهد التربية الدائم . وهذا ما عبر عنه الشاعر معروف الرصافي حينما قال :
هي الأخلاق تنبت كالنبات إذا سُقِيَتْ بماء المكرمات
ولم أرَ للخلائقِ من محلٍّ يهذبُها كَحِضْنِ الأمهـات
كما أنها مصدر العطاء ، ومنبع الحنان ، وملهمـة الشعـراء . ولقـد كرمها الإسـلام لعطائها الفيَّاض وفضلها الذي لا ينقطع ، إذ قال عنها رب العزة :
" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير " .
ولن يتسنى لها هذا الفضل إن تنازلت عن مسؤولياتها لمربية تحل محلها ، وتقوم بدورها في تربية الأبناء . مع الوضع في الاعتبار أن معظم الأسر الخليجية غضَّت النظر عـن المربيـة العربيـة ، واستعانت بالأجنبية مـع العلم أن معظمهـن يختلفن فـي ثقافاتهن ، ودياناتهـن ، وعاداتهن ، وتقاليدهن ، وأن معظمهن من الشابات اللواتي تنعدم لديهن الخبرة التربـوية ، ويأتين من أوساط يعمها الجهل والتخلف . ولم تظهر هذه الظاهرة للوجود إلا مع ظهور النفط ، وارتفاع مستوى دخل الفرد . وللأسـف الشديـد ، ترتب علـى ذلك سلبيات عانا منها الفـرد والمجتمع منها : * ضعف الترابط الأسري . * تغير ثقافة الفرد . * تشويه اللغة التـي تعتبر أداة للتفكير والتـواصل بين الفـرد وأبناء مجتمعه . * عـدم تقويم السلـوكيات السلبيـة .
ولكي نقلص دور المربية التي تغلغلت في معظم البيوت الخليجية فهناك دور يقع على كاهـل المجتمع ، وكذلك وسائل الإعلام . فعلى المجتمع أن ينشئ العديد من دور الحضانة القريبة من مراكز العمل ، لكي تعين الأم وخصوصًا العاملة على تربية أطفالها بشرط ألا يتم الاعتماد عليها بشكل أساسي . كما أن وسائل الإعلام لها دور كبير فـي توعية الأم ، وبيان مساوئ المـربية الأجنبية .
وكل ذلك لأن المربية الأجنبية أصبحت موضة ووجاهة اجتماعية فـي حين أنها فـي الحقيقة قنبلة موقوتة في بيت أي أسرة . فهي غزو ثقافي ليس فقط لعقول الأطفال ، بل أيضًا لعقـول بعض الكبار ، وشرارة خراب بين الزوج وزوجته ، بل إنها فـي معظـم الأحيان أداة لارتكاب جرائم السرقة وأحيانًا القتل ، فأضرارها كثيرة جدًا ووجودها في أي بيـت خطر داهم لا بد من تفاديه بعدم وجودها . فتربية الطفل في المقام الأول هي مسؤولية الأم بصـرف النظـر عـن كونها عاملة أم ربة منزل . المهم أن يكون حبل الأمومة موصـولاً بينها وبين وليدها شكـلاً وموضوعًا ؛ لأن معظم الحرائق من مستصغر الشرر . وكما تقـول القاعدة الشرعيـة : درء المضار مقدم على جلب المنافع . وبذلك تعتبر قضية المربية سـواء أكانت أجنبيـة أم محلية قضية مستمرة .
|