خارج الكنيسة كان الجمهور أكبر مما كان عندما وصلت. كان لديها انطباع سريع للأضواء , والزينة , والاشخاص الذين يتدافعون ويصرخون بأطيب التمنيات , ومن ثم هما اصبحا في السيارة .منتديات ليلاس
" اوه , أنا لم أكن أعلم بأننا سنكون في مثل هذا الحشد"
بدأ جوستين يمسح قطع أوراق الزينة عن معطفه بينما رتبت اندريا تنورتها الضخمة .
" اندريا " امسك بيدها .
" نعم ؟"
" سنشعر أفضل مع بعض العصير " قال بلطف.
استطاعت ان تبتسم ." أنا لم اشكرك على هديتك " قالت , ولمست البروش بيدها " انت طيب جداً معي "
" سأحاول ان أكون "
بعد ذلك هما كانا صامتين حتى وصلا الى سايون بلاس, وهي تعجبت اذا كان يشاطرها حرجها .
بدا حفل الاستقبال كأنه لا ينتهي. كان عليهما اولاً مصافحة طابور طويل من الضيوف ومن ثم كان حفل قطع الكاتو والتوست اللذين اجاب عليهما جوستين بخطاب شكر ذكي قصير.
اخيراً, عندما هي بدأت تتعجب اذا كان ذلك سينتهي لمست جيل ذراعها وهمست بأنه حان الوقت لتغيير الثياب. حتى عندما كانت ترتدي ثياب السفر , كان لا يزال هناك سطر من الوداع ليقال قبل ان يدخلا السيارة من جديد , للذهاب الى مطار لندن .
" حسناً, لقد انتهى كل شيء . نستطيع الآن ان تسترخي لمدة اسبوعين " قال جوستين ببشاشة .منتديات ليلاس
هما تناولا الشاي فوق القنال الانكليزي , لكن اندريا لم تكن جائعة . في حوالي الساعة السابعة هما كانا يدخلان الى فندقهما في باريس.
بناء لاقتراح جوستين هما تعيشا في مطعم يطل على نهر السين , واذا لم تكن اندريا عادلة بالنسبة للطعام الشهي, فهو لم يعلق . بعد ذلك عادا الى الفندق وهو تحدث عن بعض الأماكن التي يجب ان يزوراها خلال وجودهما في باريس.
كان جناحهما يتألف من غرفتي نوم يفصلهما صالون فخم له شرفة تطل على الشانزليزيه. كانت ليلة دافئة وجوستين فتح الابواب الزجاجية ونظر الى الشارع العام الشهير مع محلاته المضاءة ومقاهي الرصيف المزدحمة وسيل حركة السير. في هذه الساعة البيكاديللي سيكون مظلماً ونصف مهجور, لكن في باريس كان الليل لا يزال في بدايته وكان هناك شعور بالربيع في الهواء.

" أنا سآخذ دوشاً" قال , واختفى في غرفته واغلق الباب.منتديات ليلاس
بعد بضع دقائق دخلت اندريا الى غرفتها وبدأت تخلع ثيابها . عندما علقت ثيابها وأزالت ماكياجها , بدأت تمشط شعرها . نوعاً ما روتين موعد النوم المألوف اعطاها الشجاعة. عندئذ , هي خلعت ثيابها الداخلية , وارتدت فستان نومها.
كانت تتأمل نفسها في زجاج الخزانة عندما كانت هناك طرقة على الباب.
" أدخل" بحكم الفطرة هي لفت ثوبها حولها .
دخل جوستين وأغلق الباب خلفه بهدوء. هو كان يرتدي روباً حريرياً فوق بيجاما رمادية وكان شعره مبلولاً من الدوش.
سار نحو النافذة ووقف وظهره لها . عندما التفت كان وجهه غامضاً كالمعتاد وهي لم تكن لديها فكرة بماذا كان يفكر , لقد خطر ببالها ان هذه كانت المرة الأولى التي ينظر اليها فيها بدون ماكياج .منتديات ليلاس
" هل أبدو مختلفة جداً؟ " سألت بقليل من الحياء.
" مختلفة؟"لمس خدها .
" لا مساحيق او احمر شفاه "
" اوه , ذلك" نظرته جالت فوقها باهتمام " أنا لم أشاهدك تقومين بحركة خرقاء , انت تبدين أصغر وأقل استجماعاً لذاتك من المعتاد"
لاحظت أنها ما زالت ترتدي خاتم خطوبتها . خلعته ووضعته في جارور مع بقية مجوهراتها الأخرى .ريحانة
" أنت رشيقة جداً" قال بنعومة .
نظرت اليه , هو لم يستعمل معها تلك النغمة في خلوة من قبل. لقد كان الصوت الذي احتفظ به دائماً للأوقات عندما يكونان مع اشخاص آخرين .
" تعالي معي "
سارت نحوه ببطء, مرغمة نفسها على ملاقاة عينيه السوداوين .مد يديه ووضع يديها فيهما .
" أنت ترتعشين " قال بلطف " هل أنت خائفة مني يا اندريا ؟ هناك شيء ما أود أن أقوله لك"
سحبها الى كرسي مريح , وظل ممسكاً يديها , وقال " لا تكوني مذعورة , ليس هناك هيكلاً عظيماً في مرحاض عائلتي , اذا كان ذلك هو ما تفكرين به "
عندئذ هو توقف للحظة , ولأول مرة منذ عرفته , هو بدا منزعجاً قليلاً . ربما كان ذلك خيالها حيث , بعد تردد قصير , هو تابع " اعتقد انه كان يتوجب علي توضيح ذلك من قبل. انه لا جدوى من إدعاء ان هذا هو زواج عادي يا اندريا . خطوبتنا كانت قصيرة جداً لنا لنتعرف على بعضنا بصورة أفضل , وحتى نفعل , أنا لا أتوقع منك تزييف اية عواطف منك والشعور بها مثل هذه الظروف , هل تفهمين ذلك ؟"

تورد خفيف صبغ خديها لكنها التقت عينيه بثبات . " نعم , أنا افهم "
بعد ان حدق اليها بابنتباه لعدة ثوان , اعطى اطراقة خفيفة كأنه اقتنع بأن الموضوع قد تمت تسويته , ومطلقاً يدها , وقف وبدأ يتمشى حول الغرفة .
" أنت تعرفين , نحن لسنا غير عاديين جداً" قال بخفة ."زواج الراحة - اظن المنفعة المتبادلة هو اصطلاح افضل - هو هناك الكثير ليقال حول اختيار الشريك لأسباب عملية بدلاً من اسباب عاطفية , وحتى لو لم تكن فرنسا بلداً هيمنت عليها سابقاً الكنيسة الكاثوليكية الرومانية , فأعتقد ان حوداث الطلاق ما زالت أقل بكثير مما في انكلترا " توقف للحظة ليختبر زجاجة محلول لليد على طاولة الزينة .
" يأخذ الفرنسيون مقداراً كبيراً من الانزعاج للتوطيد والحفاظ على علاقة عملية , بدلاً من توقع الافتتان لتفهم روتين معيشة كل فرد " قال .منتديات ليلاس
" اعتقد ذلك" قالت ببساطة.
استدار لينظر إليها " لقد كان يوماً طويلاً , انت يجب ان تكوني متعبة , هل حصلت على كل شيء ترتدينه ؟"
" نعم , أشكرك "
" اذن سأقول لك تصبحين على خير , لقد طلبت الفطور عند الساعة التاسعة , لكن نامي قدر ما تشائين . نحن لسنا في عجلة من أمرنا "
جاء الى جانبها ورفع يدها الى شفتيه .
" تصبحين على خير يا عزيزتي "
" تصبح على خير جوستين "
عندما ذهب بقيت هي على الاريكة لفترة , تفكر في كل ما قاله حتى بدأت جفونها توخزها من التعب . خلعت ثوبها الفضافض , ثم أطفأت الاضواء وسحبت الستائر . عندما فتحت الشباك الزجاجي الطويل كان هناك نسيم ناعم , داعب طيات فستان نومها .ارتجفت , ليس بقشعريرة برد بل بارتياح , لأنها لو فقط لفترة قصيرة , هي كانت متمهلة .
سماء الليلة كانت ساطعة بالنجوم وفي الشارع بالأسفل شاب وفتاة كانا سائرين الى البيت , مكثا تحت ظلال الاشجار. تعجبت اندريا اذا كان جوستين ايضاً واقفاً عند نافذته او انه قد نام .ريحانة
تسلقت الى السرير ودست اطرافها المتعبة بين الشراشف الحريرية الباردة. ثم, عندما رقدت ساكنة في الظلام , هي عرفت ان الوحدة هي أكثر حدة من أي شيء قد مضى .

عندما استيقظت كانت الغرفة تفيض بنور الشمس وساعة سفرها على خزانة بجانب السرير اظهرت ان الوقت قد قارب التاسعة صباحاً. متعثرة خارج السرير , هرعت الى الحمام وفتحت كلتا الحنفيتين , ونظفت اسنانها فيما كانت المياه جارية.منتديات ليلاس
اخذت حماماً ومكيجت وجهها , ثم ارتدت قميصاً حريرياً بلون الكريم وتنورة تويد ذات ثنايا بلون الكوراك .
في الوقت الذي كانت فيه جاهزة كانت الساعة التاسعة وعشر دقائق , ومنتعشة وثابتة بنوم ليلة , هي كانت جائعة للفطور.
عندما دخلت الى غرفة الجلوس , هي وجدت جوستين يقرأ صحيفة عند طاولة الفطور بجانب نافذة الشرفة.
" صباح الخير, هل نمت جيداً ؟" نهض وسحب كرسياً لها .
" نعم, أشكرك , وأنت هل نمت ؟"
أطرق برأسه , ووضع فوطة على ساقيه " أنا أحب قهوتي بيضاء عند الفطور وسوداء بقية النهار"
" اوه , هل كنت تنتظرني ؟ أنا آسفة " امسكت ابريق القهوة وصبت كوبين .
" رائحتك جميلة جداً " ابتسم لها .
" أشكرك , وكذلك رائحة هذه " هو شم شذى البخار المتصاعد من كوبها والكرواسان الطازجة المدهونة بالزبدة .منتديات ليلاس
" إمم , ما اشهى هذا الخبز "
" أنا استطيع أن أوصي على فطور انكليزي اذا شئت , لكنني اعتقد انك تفضلين التركيز على الغداء والعشاء طالما نحن هنا. أنت لست في حمية على ما أرجو "
ضحكت اندريا وهزت رأسها . " أنا لدي شهية معظم غير السيدات . لحسن الحظ إنها لا تؤثر على وزني "
" حسنا , الطعام الفرنسي يستحق تقرباً من القلب , لكن من جهة اخرى القوام الجذاب يستحق مقداراً محدداً من انكار الذات على ما اعتقد"
هما تناولا الغداء على شرفة بجانب نهر السين وراقبا ثلاثة او اربعة رجال يصطادون السمك على رصيف مقابل.
في فترة بعد الظهر هما تمشيا عبر الأورقة الفسيحة الباردة لمتحف اللوفر ومن ثم عادا الى الفندق في عربة يجرها حصان بدا قديماً كالسائق العجوز المجعد .
في المساء هما تعشيا في زورق على الضفة اليسرى . كانت الأرض مفروشة بالنشارة والطاولات مغطاة بأقمشة ورقية مجعدة , لكن الطعام كان يلبق بالملوك .
استأجر جوستين سيارة لفترة اقامتهما وفي الصباح التالي ذهبا الى فرساي , وكان قد اتخذ الترتيبات للعشاء مع بعض اصدقائه في المساء .

سار النهار على ما يرام . بعد جولة في القصر الفسيح ومخلفات ماضيه وعظمته المضمحلة , هما تعشيا بجانب البحيرة وامضيا بعد ظهر كسول يسيران في الأراضي .
بدا جوستين بأنه وضع نفسه ليرفه عنها , وعندما عادا الى باريس ادركت اندريا ان النهار لم يفسد بواسطة أي توتر مفاجئ او ملاحظة بدون تفكير.
كان عليهما ان يتعشيا في لاتور دارجنت, احد أشهر المطاعم في المدينة , وهكذا هي كانت متلهفة لتبدو في احسن حالاتها وقررت ان ترتدي فستان سهرة من الشيفون الرمادي الضبابي مع وشاح طويل من الساتان الكهرماني وحذاء مناسباً بيكل من الياقوت .
كان جوستين يتصفح نسخة من صحيفة باري سوار عندما هي دخلت الى غرفة الجلوس قبل بضع دقائق من موعد حضور اصدقائه. عند حفيف وشاحها هو ألقى الصحيفة جانباً ووقف, نظرته سافرت من رأسها الى اصابع حذائها .
" هل أنا مناسبة هكذا ؟" سألت .ريحانة
" يجب ان تكون مرآتك قد اخبرتك ذلك" قال بجفاء , وقدم لها سيجارة .
هزت رأسها وتجاوزته الى الشرفة . في الخارج كان الغسق يهبط في ظلال ناعمة والنجوم الأولى كانت تتلألأ في سماء كحلية داكنة .
" الباريسيون يسيمون هذا الساعة الزرقاء " قال بهدوء من خلفها .
" اوه , هناك عطر يدعى هكذا . أنا كثيراً ما تعجبت لماذا "
اتكأت بكوعيها على درابزين الشرفة, وغلقت ذقنها بيديها ونظرت الى الشارع الأغبش .
" لن تشعري بالبرد هنا " قال جوستين " هل تفضلين كوباً من العصير قبل ان يصل آل بيشيه ؟"
" لا, أشكرك " عينا اندريا كانتا على زوجين شابين يقفان على الجانب المقابل من الطريق ومن الواضح انهما كانا يقولان وداعاً. الفتاة شعرها الاسود معقود في ذيل حصان , استدارت لتغادر , والشاب امسك بذراعها وسحبها نحوه . في لندن العابرون سيشمئزون من هذا العرض العام , لكن هنا في باريس لا أحد يكترث.منتديات ليلاس
فجأة هي شعرت بذراعي جوستين تطوفانها . لحسن الحظ هي سمعت طرقة على باب جناحهما. التفتت وتوقعت من جوستين ان يفسح لها الطريق, لكنه ظل واقفاً وسد طريقها .
" انت جميلة جداً" قال بنعومة .
وفي اللحظة التالية هو كان يتجه نحو الباب .