كاتب الموضوع :
روميو ملك البحار
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية العمياء والذئاب ** مكتملة **
فك الأب الحبل الذي كان بينه وبين ابنته. ثم سألها هل تستطيعين السير على قدميك. قال نعم يا أبي أنسيت أنني فتاة قوية. قال هيا لنبحث عن فندقا أو مكانا قبل أن يدخل الظلام. دخلا بين الأشجار إلى الغابة. نظر الأب إلى الأمام فلا يرى سو الأشجار على مد البصر.
بدأ يدخل الظلام فسمع صوت الذئاب تعج في المكان. فشاهد كوخاً في وسط الجزيرة. بدأ يزيد في السرعة. فذهبا إليه مباشرة. طرقا الباب. ففتح لهما شابٌ الباب. طلب منهما الدخول بسرعة. وأقفل الباب جيدا بعد أن دخلا. سألهما من انتما وكيف أتيتما إلى هنا. قال الدكتور كنا في رحلة صيد غفونا قليلا فانقطع حبل المرساة وأخذتنا الأمواج إلى وسط البحر ولم نجد أنفسنا إلا في هذا المكان.
عرّف الشاب بنفسه وقال اسمي زياد صافحه الدكتور ثم عرّف بنفسه قائلا اسمي طارق وهذه ابنتي نايا.
أراد الدكتور أن ينظر من الشباك، قال له زياد لا أنصحك بذلك، فبمجرد أن ترى الذئاب النور ستحاصر الكوخ وقد لن نبقى أحياء حتى الصباح. وضعت نايا يدها على بطنها تتضوع من الجوع. فلما رآها الدكتور سال زياد هل عندك طعام. قال زياد نعم فأخرج لهما القليل من لحم السمك المشوي وقليل من الماء. أكلت نايا والدكتور طارق منه حتى شبعا.
قال الدكتور طارق لم أعلم أن في هذا البحر جزيرة. ثم سألا زياد عن قصة الجزيرة. بدأ زياد يحكي قصته. تعلمت الغطس مع مجموعة من الشباب وأدمنّا عليه. فأتينا إلى أحد المناطق المشهورة بجمال بحارها. ثبتنا القارب ثم بدأنا نغطس ونتجول في قاع البحر. فجأة بدأ الظلام يخيم على المكان وكأنه الكسوف. أردنا أن نصعد إلى السطح لكن لم نجد مكان لنخرج منه. أصبحنا تحت جزيرة لا نعرف إلى أي اتجاه نذهب. فتحركنا إلى أطراف الجزيرة. ثم صعدنا إلى سطحها. كانت الجزيرة فارغة. لا يوجد فيها سوى الطيور تحلق فوق أشجارها. فقدنا قاربنا الذي أتينا عليه. فأصبحنا ثلاثتنا نعيش على هذه الجزيرة. بنينا الكوخ ليحمينا من الشمس والأمطار. وأصبحنا نأكل مما نصطاده من الأسماك.
وفي يوم من الأيام سمعنا صوتا هز قلوبنا. فلما أتى الصباح. ذهبنا لنكتشف ما يجري. فوجدنا أن زاد حجم الجزيرة وكأن جزءً آخر التصق بالجزيرة. لقد استكشفنا الجزيرة جيد لكن لا نعلم من أين أتى هذا لجزء.
اتفقنا أن نذهب سويا لنكتشف ذلك الجزء. وما أن وصلنا إلى الجزء الآخر سمعنا العشرات من الذئاب التي كانت تقترب منا. فهربنا إلا أحدنا لم يستطيع الهروب. فالتهمته الذئاب. عدنا إلى الكوخ واختبأنا فيه بقيت الذئاب تحاصر الكوخ لعدة أيام لم نستطيع الخروج لا ليلاً ولا نهاراً.
بعد ذلك بدأت تهدأ واختفت ولم نعد نسمع لها أصوات. خرجنا نبحث عن الطعام والماء. ولما أتى المساء حاصرتنا فأكلت صديقي الوحيد في هذه الجزيرة. وأنا هربت بأعجوبة. ومنذ ذلك الوقت وأنا عالق في هذا الكوخ حتى رأيتكما. كنت سأجن لو لم تأتيان. ثم تدريجيا بدأت أعرف سر الجزيرة.
انتبه الدكتور وابنته لما سيقوله زياد. فسألته نايا قائلة وما سرها. قال لن تصدقان ما سأقوله لكما. إن الجزيرة هي حوت عملاق تكونت الجزيرة فوق ظهره. قال الدكتور كلامك منطقي. فلا أعلم أن في هذا البحر أي جزيرة. وأثناء العاصفة لم نرى أي جزيرة. وفجأت ظهرت لنا هذه الجزيرة.
قال الشاب أظن الحوت فاقد الحياة ويتجه إلى المدينة وعلى ظهره عشرات الذئاب المفترسة التي لو وصلت إلى المدينة ستفترس كل من في طريقها. قال الدكتور هذا خطير لكن كيف سنستطيع إيقاف الحوت أو الذئاب. ليس لدينا أي أسلحة أو أجهزة اتصال.
في المدينة ما يزال البحث عن الدكتور وابنته، بعد أن بلّغت إدارة المستشفى عن فقدان الدكتور، ومن ثم علموا أن ابنته أيضا مفقودة، وبعد بحث مستمر علموا أن قارب الدكتور الذي كان يستخدمه للصيد أيضا مفقود. بحثوا عنه في الأماكن التي عادتا ما يذهب إليها الصيادون لكن. لا يوجد أي أثر لهما.
بعد عدة أيام وجدوا على الشاطئ بقايا من قارب الدكتور. فتوقع الجميع غرق الدكتور وابنته في العاصفة.
أما على ظهر الحوت بدأت نايا تشعر بأن نظرها يضعف. ولا يستطيع والدها أن يعمل لها شيئا سوى إراحة عينيها بالضمادات حتى يرتاح العصب. كان زياد في الصباح يخرج من أجل أن يبحث عن الطعام لهم ويعود قبل أن تغرب الشمس.
وكانت نايا تخرج من الكوخ ولكن لا تبتعد عنه. ففي يوم من الأيام خرجت من الكوخ وأخذت تعزف بالهارمونيكا وهي أداة تمررها بين شفتيها فتصدر أصوات موسيقية. وبينما هي كذلك التفت حولها الذئاب. البنت الشجاعة عرفت أنها لو صرخت تستدعي أبيها لأتى وأكلته الذئاب. شاهد زياد الموقف من النافذة. فذهب وأقفل باب الكوخ. سأله الدكتور لم تفعل ذلك قال زياد لقد فات الأوان. نظر الأب من النافذة فوجد ابنته في الوسط وتدور حولها الذئاب. وهي مستمرة في العزف.
خاف عليها وهمَّ ليخرج لإنقاذها. قال له زياد لا تستفزهم. فلو أرادوا أن يأكلوها لن يتأخروا ليسمعوها تعزف. ابنتك قوية وشجاعة.
استمرت الذئاب تدور حول الفتاة مشهرة أنيابها والفتاة جالسة في المنتصف تعزف. وبعد لحظات تركتها الذئاب وعادت ما عدى واحد منهم. بقي يراقب الفتاة. سكتت الفتاة قليلا ثم رأت تلك الذئبة تقترب منها شيئا فشيئا. أخذت تشمها وتدور حولها ثم عادت إلى بقية القطيع.
جلست الفتاة قليلا ثم عادت إلى الكوخ. عانقها أبيه وقال انت أشجع فتاة في العالم. نظر إليها زياد. وقال هل انت بخير. قالت نعم وأشكركم لأنكما لم تخرجا. في اليوم الثاني خرجت نايا أمام المنزل مثل اليوم الذي قبله. اقتربت منها الذئاب مثل المرة السابقة. فحاول أحدها أن يهجم عليها. فتقدمت الذئبة التي بقيت اليوم الذي قبله تدافع عنها.
كان عراك شديد بين الذئبة والذئب المهاجم. تمكنت منه وسقط ميتا. بينما سقطت الذئبة وبها العديد من الجراح. سحبت الذئاب الذئب الميت وبقيت الذئبة بلا حراك متألمة وتنزف دما. قالت نايا لوالدها يجب أن نساعدها. تردد والدها قليلا ثم قال لزياد هيا ساعدني.
بقي الثلاثة حول الذئبة يعالجونها حتى تمكنوا من إيقاف النزيف. ثم بقت نايا بجانبها تعالجها وتعتني بها لمدة أسبوع. نشأت خلالها صداقة بين نايا والذئبة. وبعد أن استعادة الذئبة قوتها وشفيت من جروحها، غادرت المكان ولم يعد يسمعوا لهم صوت أثناء الليل.
في صباح اليوم التالي أتت إليهم الذئبة بأسماك في فمها. ولما رأتها نايا فتحت الباب وخرجت إليها. وبدأت تلامس جسمها مكان الإصابة حتى اقتربت من راسها. شعرت الذئبة بنايا وشعرت بها نايا بالمقابل. بدأت نايا تحادث الذئبة. وكأنها تتحدث إلى شخص مقرب. قالت سأسميك "نيرا" فبدأت تناديها بهذا الاسم حتى فهمت الذئبة أن هذا هو اسمها.
خاف الدكتور على ابنته وطلب منها ألا تأمن الذئاب. بينما قال لها زياد رأيت الكثير من الفتيات لكن لم أرى فتاة بشجاعتك. أعجب زياد بنايا وبجمالها وشجاعتها. فأصبح يتحدثان ويتعرفان على بعضهما.
|