كاتب الموضوع :
روميو ملك البحار
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
Part 04
سألتهم من منكم سيبدأ الكلام أولاً وبصدق. قال عامر بصوت حزين، أنا سأبدأ الكلام. قطعت شيماء الصوت عن الآخرين وبدأت تسأل عامر. قالت يجب أن تعرف أن كل هذا مسجل وكل شيء محسوب عليك وإذا كان فيه تناقض في كلامك مع الآخرين تعلم ما هي العقوبة.
قال اسمي عامر وأسم أبي جلال يعمل في منصب "رئيس شرطة المدينة"، عمري 28 سنه متزوج منذ ثلاثة شهور. وذكر عنوان السكن.
سألته: لماذا أردت أن تتحدث أولاً.
قال ضميري يؤنبني لم أعرف طعم للراحة منذ أن ماتت "حياة". أردت أن أعترف بكل شيء لكن أعرف أنه لن يصدقني أحد وسيتحدون علي وأكون أنا الجاني الوحيد بينهم.
سألته ولماذا فعلتم ذلك كانت فتاة بريئة ومتفوقه تحب عائلتها وتحبها عائلتها. عندكم المال تستطيعون أن تتزوجون وتعيشون حياة سعيدة.
قال كل ما تقولينه صحيح لكن المال أعمى قلوبنا ومن كثرة كنا نشعر أن المدينة ملك لنا بشرطتها ومحاكمها ومؤسساتها ورجالها ونساءها. كنّا كالوحوش في المدينة الكل يخافنا ويهابنا. وما جعلنا أقويا إلا ضعف أهلها وتفرقهم.
رأينا "حياة" في ذلك اليوم فتاة بريئة. تتساقط الأمطار عليها. وكانت تضع حقيبتها فوق رأسها تنتظر والدها. في المرة الأولى عرضنا عليها المساعدة لننقلها إلى منزل أبيها. لكن رفضت بابتسامة وبطفولية. ليتها لم تتكلم وأشارت بأن اذهبوا في سبيلكم. تركناها وذهبنا. ولكن بقيت تلك الابتسامة تعيد نفسها أمامنا مرات ومرات عدنا ومررنا من أمامها مرة أخرى لكن أشرت لنا بأنها تنتظر أبيها. ذهبنا ولكن الشيطان لم يتركنا في حالنا. كان الطريق شبه فاضي والسيارات قليلة ومن كانوا يمرون من هنالك نعلم أنهم لن يتدخلون امام وحوش المدينة. قال نصير لابد أن والدها عالق في زحمة الطرقات. لنأخذها ونتسلى بها قليلا.
رفضنا أنا ومحمود وقلنا اتركوها ما تزال فتاة بريئة. قال نصير وكان هو من يقود السيارة إذا لم تريدوا فاخرجوا من السيارة. نظرت إلى محمود وقال كيف سنخرج في هذا المطر الغزير. قال نصير إذا أردتم أن تبقون فأنتم من سيدخلونها في السيارة. سنكون كلنا شركاء في الجريمة لكيلا يخوننا أي واحد منّا.
تستمع إليه شيماء وقلبها يتألم لكن لا تريده أن يشعر بآلامها. ثم قالت ثم ماذا حصل؟ قال عامر: عدنا إليها وكانت ما زالت تتكلم ببراءة ولم تعلم أننا الوحوش التي أتت لتفترسها. نزل محمود وقال لها لما لا تصعدين وسننتظر والدك في السيارة. هنا بدأت حياة ترتاب وتخاف فأرادت أن تهرب فلحقنا بها وأمسكناها، استنجدت بالناس في الشارع لكن لم يتجرأ أحد ليوقفنا. كانت تصرخ وتقاوم. أمسكنا بها وأدخلناها بالقوة إلى السيارة، كانت مبللة وتبكي وتقاوم ونحن نحاول أن نسيطر عليها.
يكمل عامر والدموع تغرق عينيه. أخذناها إلى منزل كنا دائما نجتمع فيه لما يكون عندنا مصيبة. كانت رغم أنها صغيرة تقاوم بقوة وتصرخ فضربها ريان ضربة أغمي عليها فحملناها إلى الغرفة ووضعناها وصار الي صار. أصرت شيماء أن تسأله بالتفصيل ما حصل في تلك الغرفة. فأخبرها بكل شيء. قال كنت أنا آخرهم. وجدت دمائها وقد أغرقت السرير. لم افعل شيء أعدت ملابسها عليها ثم خرجت. بقينا ندخن ونفكر كيف نتخلص منها. أشار علينا رائد بأن نلقيها في مجرى السيول. فأخذناها وألقيناها هناك.
عدنا إلى منازلنا واتفقنا ألا نفتح الموضوع بيننا أبدا. كانت تلك الليلة مثل فلم الرعب. كنت أراها في كل مكان فشعرت بتأنيب ضمير وكرهت نفسي منذ تلك اللحظة. وخصوصا لما علمت بموت الأب ثم الجنين ثم الفتاة.
سألته من الذي كان يتحكم في القضية ويمحوا كل أثر. قال كل ما أعرف أن عائلاتنا تتحكم في كل شيء في المدينة. فأبي رئيس الشرطة في المدينة وأبو نصير رئيس المحاكم وأبو رائد مرشح للوزارة وأبو محمود رئيسا للبلدية وأبو ريان أكبر تاجر في المدينة. هؤلاء هم وحوش المدينة. وحينما يكونون أصدقاء الشر فلن يستطيع أحد أن يقف في طريقهم.
شعرت شيماء برهبة لما عرفت أن آبائهم هم من يسيطرون على كل شيء. لكنها قررت أن تنتهي من التحقيق مع الأولاد أولا ثم تفكر ماذا تفعل.
اختارت محمود لترى هل كلامه مطابق لكلام عامر. فقالت أولا عرف بنفسك. قال لها أرجوك أخرجيني أمي عندها مرض في القلب وزوجتي على وشك الولادة. قالت يعني تنتظرون طفلة! ياترى ولد ولا بنت. قال ولد. قالت هل كنت تعلم أن "حياة" كانت تنتظر أخ أيضا وأبوها كان يعد الساعات لكي يأتي هذا الطفل ويملأ عليهم المنزل. والأم تعبت ثمانية شهور تحمله وتخاف عليه وتحرم نفسها من كل شيء حتى يخرج سليماً معافا. لماذا تضنون أن اطفالكم أهم من أطفال الناس وأخواتكم هن العفيفات الطاهرات، ثم تدنسون بنات الناس. قال لها يكفي. لم نكن نريد ان نفعل بالفتاة كانت نيتنا سليمة في البداية. قالت انتظر وعرف بنفسك ثم أكمل.
اسمي محمود وأسم أبي عمران يعمل أبي في منصب "رئيس البلدية" 29 سنة متزوج وانتظر طفلي الأول. قالت الآن أخبرنا القصة.
قال: رأيت حياة ومن النظرة الأولى دخلت قلبي أردتها لأخي الأوسط. طريقتها في الكلام ونعومتها واحترامها لنفسها وبراءتها. مين ما يتمنى فتاة مثلها. لكن كانت في المكان غير المناسب وفي الوقت أيضا غير المناسب، وأنا كنت مع الصحبة غير المناسبة.
كان قلبي يتقطع ونحن ندخلها للسيارة. لكن كنتُ جبان بمعنى الكلمة لأدافع عن شرف فتاة مسكينه كل ذنبها أن أبوها تأخر عنها. كانت تنظر ألي وتقول بعيونها الباكيتين اتركني الله يخلي لك أختك. وأخذت تترجاني وأنا أعلم ان هؤلاء لن يتركوها في حالها ولن يتركوني أيضا لأني يجب أن أشاركهم لكيلا أبلغ عنهم. أجبروني ريان ونصير ورائد أن أفعل مثل ما فعلوا فلم أستطيع أن أكمل لأني شعرت بالغثيان وهربت إلى الحمام. انتهينا منها حملناها لنلقي في مجرى مياه الأمطار استيقظت وهي بين يدي تقول وتدعي علينا"الله ينتقم منكم" وبدأت ترددها. ثم ألقيناها في المجرى.
استمرت كلماتها تتردد في اذني فتركتهم وعدت إليها وبحثت عنها في نفس المكان لكن سحبتها المياه فسرت مشيا مع مجرى المياه حتى وجدتها تتشبث بالبقاء في جنبات المجرى قفزت إليها وأمسكت بها فلما رأتني خافت مني وأخذت تدفعني تظن أني أتيت لأتأكد انها فارقت الحياة. استطعت أن أسيطر عليها وأخبرتها بأني أريد أن أعيدها إلى منزلها، فحملتها وقلت لها أين تسكنين فذكرت لي العنوان فأخذتها وحاولت أن أعتذر منها لكنها كانت تأن بصمت ولم تتكلم طول الطريق. حتى لما وصلت إلى منزلها. حاولت أن أعتذر منها مرة أخرى لكنها بسقت في وجهي وقالت لن تنجون بفعلتكم. فتركتها عند الباب وهربتُ مثل الجبناء.
قالت شيماء يعني رئيس العصابة ذلك اليوم نصير. ثم سألته هل علم والدك بالموضوع.
قال بعد أن انتشر فيديو حياة وكان اسم نصير وسيارته في المقطع. أتي ألي والدي وسألني هل كنت من الخمسة؟ ولم أستطيع أن أخفى عنه شيء.
قالت وطبعا خفتم من نصير ووالده.
قال لها حتى عالم الوحوش هنالك وحوش أقوى من وحوش أخرى.
خرجت شيماء إلى الحديقة لتشم الهواء واخذت تبكي وتبكي على أختها.
قالت سامحيني يا أختي، وأنا شريكة لهم تركتكِ في العمر الذي المفروض ما ابتعد عنك، لكن أعدك بأنهم كلهم سيدفعون الثمن.
عادت واستعادت أنفاسها. ثم قالت جاء دورك يا نصير. بدأ يضحك وقال: والدها كان السبب. أنا لو لدي ابنة مثلها لما تركتها لوحدها للحظة.
الذئب عادة لا يفترس القطيع لكن إذا بقيت أحداهن لوحدها سهل اصطيادها. فنحن كنا شباب مثل الذئاب الجائعة، رأينا الفريسة فسال لعابنا وأكلناها. إذا جاءت سكرة الشهوة لا يكاد يرى المفترس إلا الفريسة، وعندما يشبع غريزته عندها يفيق من سكرته، ووقتها لا يندم. فيحاول أن يصحح الخطأ ولكن بخطأ أكبر منه. لا ينفعنا الآن الأسف لأن الجريمة قد حصلت فأن مستسلم للعقاب وجاهز. هيا اقطعي عني الهواء والماء. لارتاح من عذاب الضمير.
بدأت تصفق شيماء وقالت لن أجعلك تموت بسرعة فهنالك مهمة لك قبل أن تموت.
قامت شيماء بلقاء مع ريان 28 سنه ورائد 30 سنه وقالا مثل ما قال نصير.
واعترف رائد أن أبيه كان المحرك الرئيسي للقضية لكيلا يخسر مكانه في الوزارة.
في المدينة بحث الكل عن نصير فلم يجدوه وفجأة وجدوا أن الأربعة الآخرين مفقودين. فكان الجميع يتوقع أنها أعمال إرهابيين. فاهتمت الصحافة والإعلام والسوشيال ميديا بهذه القضية.
تحركت كل مرافق المدينة لتبحث عن المفقودين الخمسة. وأثار اهتمام الجميع أنهم أبناء "وحوش المدينة"
تتابع شيماء تلك الأخبار. لتحاول أن تجد ثغرات لتقبض على "وحوش المدينة". لاحظت أن كل واحد منهم سخر جميع الطاقات والإمكانيات التي لديه للبحث عن المفقودين. فخشيت أن يمتد البحث إلى حيث تتواجد. فقامت بأخذ جوالاتهم وذهبت بها إلى منزلها حيث كانت تسكن مع عائلتها وقامت بتشغيلها، وتركت رسالة مطبوعة على ورقة.
قامت الشرطة بتتبع هواتف الشباب المفقودين. فوجدوا إشارات الهواتف المحمولة تأخذهم إلى هذا العنوان. اجتمع وحوش المدينة وذهبوا إلى العنوان فوجدوا أنه عنوان العائلة التي قُتلت.
كان الإعلام يتابع القضية. وحينما وصلوا إلى منزل العائلة. تذكر الجميع قصة العائلة التي قُتلت. وتذكر البعض ممن ما زالوا يحتفظون بمقطع الفتاة حينما قالت:" كانوا خمسة في سيارة "بي ام دبليو" بيضاء رقم اللوحة مميز (6000). أحدهم اسمه "نصير" " فبدأ القلق يدخل قلوب عائلات الشباب لا يعلمون لماذا تجتمع هواتف أبناءهم في هذا المنزل، فكانوا بين الخوف أن يجدوا ابناءهم وقد فارقوا الحياة في ذلك المنزل. وبين الإحراج من أن تفتح القضية مرة أخرى ولا يستطيعون إقفالها.
دخلت الشرطة إلى المنزل وبعد أن وجدوا المنزل آمن دخل وحوش المدينة ليجدوا الهواتف على طاولة وتحتها رسالة مطبوعة على ورق مكتوب عليها: "لا تتعبوا أنفسكم في البحث فأبناءكم في القبور جزاء ما فعلوا بهذه العائلة، واختتمتها بكلمة: انتهت محاكمتهم"
قرأوا الرسالة وصدم الجميع بما فيها. وحاول كل واحد منهم أن يتمالك نفسه. لكن الأمر كان صعباً عليهم. وحينما رفعوا الورقة. وجدوا "جهاز تسجيل صوتي" قاموا بتشغيل التسجيل فسمعوا اعتراف لأولادهم. كيف دمروا تلك العائلة وكيف بواسطة السلطة التي أعطيت لآبائهم خرجوا من القضية.
بدأ بعضهم يلوم بعضا، ويتخاصمون، ويفضح بعضهم بعضاً، اشتعل المكان بصياحهم فكل واحد منهم أخذ ينفس عن غضبه في فراق ابنه، بمقاتلة الآخرين حتى لما تعبوا من الصياح وكادت أن تنتهي تلك الشراكة، امتصوا غضبهم واتفقوا ألا يعلم أحد بقصة الرسالة والتسجيل. وقالوا ربما ما يزال الأولاد على قيد الحياة وإلا لما أرسل الشخص تلك الرسالة.
خرجوا من هنالك ولم يعلموا أن شيماء وضعت لهم كاميرات في المنزل وقامت بتصوير ما دار بينهم بكاميرات لا سلكية موصولة بهاتفها المحمول. خرجوا من هنالك وتحدثوا للإعلام قائلين: لم نجد أي شيء. كانت إشارات الهاتف المحمول خاطئة. ثم عادوا إلى منازلهم.
كانت تلك الصدمة للآباء المفقودين بعثرت أوراقهم. وأصابتهم في قلوبهم. فلم يعلمون كل واحد منهم ما يفعل. فاتفقوا أن يجتمعوا بعيدا عن العائلة. فقاد كل واحد منهم سيارته. وذهبوا إلى بستان السيد ريان وقالوا لنبقى فيه حتى الصباح. ونرى كيف سنبحث عمن فعل ذلك بأولادنا.
|