كاتب الموضوع :
مخمل الرجاء
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
الفصل الثالث
الفصل الثالث
ـــــــ
بعد شهرين
فوضى، ضجيج، صور متداخلة، أشجار عالية، عناق تتلوه طعنة، وها بوجه مسود تعلوه ملامح ميت يهمس بفحيح:
ــ ذؤيب، اقتلني
أنا ذؤيب، أستيقظ فزعا بعينين جاحظتين ونفس متسارع لأنظر حولي بارتياب، الجدران الكئيبة والأثاث الساكن، كل هذا لم يتغير، أنا في غرفتي، لقد كان مجرد كابوس، آخذ نفسا عميقا مغط وجهي براحة يدي محاولا تمالك أعصابي
أعتدل في جلوسي لأستكمل الأعمال المكتبية التي قاطعتها الغفوة البائسة، هذه الأعمال تجعلني أشعر بكم هائل من الممل والضجر لكنها تبقى الحل الأفضل للهروب من الفراغ وما يرافقه من الأفكار السوداوية
دقائق لا يُسمَع فيها شيء غير خربشة القلم وصوت الضرب على أزرار لوحة المفاتيح، فجأة تبدأ الإضاءة في البريق .. النور ينقطع ويعود بسرعة، أرفع نظري للمصباح باستنكار، ألم يصلح أمزيان العطل بعد؟ أبلع ريقي لأعود لعملي متأكدا من أن الأمر لن يستمر على وضعه، تمر الثواني بشكل ثقيل، ليعود نفسي للتسارع جاعلا صدري يرتفع ويهبط بشكل ملحوظ، سيل من العرق يأخذ مجراه على وجهي، القلم لا يكاد يثبت بسبب ارتعاش يدي الشديد، والبريق لايزال على حاله
ــ ذؤيب، اقتلني
ينقبض قلبي فور سماعي لهذا الهمس، أنظر حولي لأجد الجدران تحمل ذاك الوجه البائس وتضيق علي الغرفة، أنهض من مكاني سريعا، أمد يدي للدرج مخرجا نظارتي الخاصة وأندفع بأقصى سرعة خارج المكان مغلقا الباب خلفي بكل قوة قبل أن تتبعني تلك الوجوه
أستند على الجدار بتعب لأضبط إعدادات النظارة .. إنها نظارة خاصة تخصص لي مستوى إنارة مناسب كوني أكره الظلام وأعاني من حساسية اتجاه الإنارة المرتفعة.. أتحسس حلقي الذي أصبح ينافس البيداء في الجفاف، مضى وقت طويل على عيش هذه الأجواء الكريهة، بئسا لك أمزيان لما لم تصلح الإنارة؟ من سيجعلني أنسى وجه راشد الآن
أستمر في شتم أمزيان وراشد لأفعل المثل للمهندس الذي صمم هذا المنزل الضخم وسط سيري نحو المطبخ من أجل شرب الماء، لما الرواق طويل لهذه الدرجة؟ رأسي يبدأ في الطنين ليشتد الألم مع كل خطوة أخطوها، أتوقف عن التقدم في محاولة لاستجماع قواي ليقع نظري على الإطار الضخم المعلق على جدار الرواق، تحديدا على وجه الشاب المبتسم بهدوء، راشد .. بئسا لك بئسا لك وبئسا لك للأبد، لو عدت للحياة حقا فسأحرص على قتلك بيدي المجردتين، فقط ما الذي تستفيده من إزعاجي بهذه الطريقة
أشد على قبضتي بغضب شديد ناويا لكم الجدار لكن صوت أنثوي يوقفني بقوله:
ــ راشد أخي المغدور، أهلك الله قاتلك وجعله يتلوى بين لهب جهنم وبئس المصير
*
أنا دميتري، أضرب على كتف دانيال بفخر معرفا الجميع إياه:
ــ وكما أخبرتكم جميعا فهذا الفتى معجزتنا الجديدة، رغم وجهه البريء إلا أنه يصبح قطة شرسة في أرض المعركة، رأيته بأم عينيّ وهو يطلق النار على ثلاثة رجال في أقل من ثانيتين
تظهر علامات الدهشة على بقية أفراد العصابة، نحن مجتمعين في قاعة الحفلات وسط الأغاني الصاخبة والأكلات اللذيذة، إنها حفلة أقامها الرئيس بسبب مرور عشرون عاما على توليه منصب القيادة، ينسحب دانيال ببطء مبتعدا عنا ليستأذن قائلا:
ــ أعتذر على سلوكي الوقح لكنني أريد الخروج للحديقة والراحة من هذه الأصوات الصاخبة، قرأت تقريرا طبيا يقول أنها
مضرة للصحة فقد تؤدي لفقدان حاسة السمع
ــ حاسة السمع؟ متأكد من أنك لو لم تفقدها عند سماعك لصراخ وعويل ضحاياك فلن يفقدك إياها شيء آخر، على كل حال تستطيع الذهاب، أنت تستحق التدليل بعد إنجازاتك الرائعة، لا أذكر أن هناك غيرك من أصبح عضوا رسميا بالعصابة في شهرين فقط
أقولها بإطراء لأضرب ظهر دانيال الذي غادر وتعبيراته الخجولة لا تفارقه، يقترب ماكس نحوي بعدما ابتعدت عن بقية الأعضاء المشغولون بالدردشة، يقول ببرودة:
ــ يبدو أنك وقعت في حب المستجد، أنت لا تكف عن الإطراء مع أن هذا ليس من عادتك
ــ هل هذا واضح؟ لا تقل أنك غيور، لكن ألم تعجب به؟ إنه رائع حقا، حتى أنا لا أجيد التعامل مع الأسلحة بهذه الطريقة
ــ قابلتُ الأفضل منه بالفعل
ــ حسنا أنت محق ماكس، لكن بالنسبة لشخص بشخصيته .. لا لم يمر علي أحد مثله .. المتميزون كثيرا ما يكونون مختلين نفسيا مثلك لا خجلين يستمرون في الانحناء والتماس الأعذار
يرفع ماكس حاجبه بعد كلامي لأردف مستمرا في استفزازه:
ــ أنا أتكلم بجدية، ذوي الأقنعة الكثيرة مختلون نفسيا، لا أصدق أن هناك شخص طبيعي يستطيع العمل مع الكثير من الأطراف وإظهار الولاء لهم دون أن يُكتَشَف، الجواسيس والممثلين هم الأسوء
ــ من يهتم، الأهم أننا نحصل على المرتب الأفضل، لا أظن أن هذا يخفى عليك يا صاحب المسدس النظيف
يجيبني مستفزا إياي، صاحب المسدس النظيف؟ هذا المسمى الذي أطلقه علي الرئيس بعد نومي في إحدى المهام وعدم إطلاق النار على ضحيتنا، لقد كانت فضيحة أكره تذكرها، أنا دميتري، رغم أن منصبي الحالي هو مقاتل من المسافات البعيدة إلا أني أكره عملي حقا، فميزتي الرئيسية هي القتال من المسافات القريبة لكن الرئيس أمرني بأخذ عمل آخر بسبب نقص الأيدي العاملة في هذا المنصب، لا أستغرب كره الأعضاء له، من الممل حقا البقاء لساعات في مكان بعيد عن موقع حدوث العملية ورؤية الجميع يستمتع ويسفك الدماء بينما أنت تحرسهم لا غير
أجهز جملتي لرد استفزازه لكنه يصدمني بتصريحه:
ــ لقد وجدت وثائقا بمكتب جيفري تحمل تواقيع العميل بِين، بين الوغد، إنه يخون العصابة
تتمالكني الصدمة، بين المسؤول عن هندسة مباني العصابة يخوننا؟ لقد بدأ العمل معنا منذ سبع سنوات ولسبب كونه المعيل الوحيد لعائلته فلا يستطيع الابتعاد عنهم والمجيء للمقر هنا، ولكون عمله يقتصر على التخطيط فتواجده الدائم غير مهم لذا سُمِح له بالبقاء بعيدا، خاصة كونه يملك موهبة مميزة في التصميم الهندسي لا يمكن إيجادها بكثرة
ــ هل أنت متأكد من ذلك؟ ربما يحاول خداع منظمة موند من أجل التجسس عليها لا غير، لا بد من أنه يريد القيام بعمل مميز للحصول على ترقية ومدح من الرئيس
أقولها بمحاولة تبرير لكن ماكس يرد بحنق:
ــ لا تحاول البحث عن عذر، لقد سألت جيفري عن علاقته به وقال متفاخرا أنه من سلمهم مخططات المباني التي اقتحموها مؤخرا في الأشهر الماضية، لقد سهل لهم الأمر بعدما أعلمهم بمكان كل الفخاخ، من حسن حظنا أنه انضم لهم مؤخرا فقط، لكن لو استمر الأمر دون أي تدخل فنظام حماية العصابة الصخري سيهدم
ــ وهل أخبرت الرئيس؟
ــ نعم، لكنه لم يقم بأي إجراء
ــ جديا؟ ألم يأمر بقتله أو حجزه حتى؟
ــ كلا، ظل صامتا دون إصدار أي أوامر
يجيب بحنق مضاعف لأعتنق الصمت بتفكير، أشعر بصدمة من هذا الخبر الذي يهدد العصابة لكني لست غاضبا للدرجة التي وصلها ماكس، رغم أننا بدأنا العمل هنا في فترات متقاربة منذ كنا في العاشرة من عمرنا لكنه يحمل ولاءً أشد مني للعصابة، أنا أعمل لسببين هما الرغبة في المال واستمتاعا بسفك الدماء .. الكثير من الأغبياء يعتبروني مختلا نفسيا للأسف، هم لا يعرفون المتعة الحقيقية .. أما ماكس فألاحظ عدم اهتمامه بالمال بقدر رغبته في الإطاحة بالقانون الفاسد وهزيمته .. أذكر أنه ذكر سابقا أن شرطيا قتل والده ظلما مما جعله يمقت القانون .. لذا أي تهديد للعصابة يعتبرها تهديدا لحياته وعالمه الخاص
ــ على فكرة، ألم ترى جوزيف؟
أسأل في محاولة لتخفيف حدة الموقف ليجيب ماكس بانزعاج:
ــ لقد كان هنا لكن الرئيس طلب رؤيته في مكتبه لذا غادر
ــ ألا تظن أنه أصبح المفضل عند الرئيس مؤخرا؟ رغم أنه انضم للعصابة منذ سبع سنوات فقط بعكسنا اللذان نملك خبرة خمس عشرة سنة إلا أنه يستمر في تدليله
ــ لا أستغرب هذا فهو ابن أخيه بعد كل شيء، انتماء الدماء مهم بالنسبة للكثيرين، خاصة أنه من المحتمل أن يرث قدرات كعمه الرئيس
ــ نعم يبدو أن عائلتهم تتميز بالعبقرية، سمعت إشاعة مفادها أن جدودهم كانوا من أهم وأبرز القادة الحربيين قديما
ــ لا يمكننا الجزم بذلك لأن أصول الرئيس غير معروفة، الرئيس غامض للغاية، الشيء الوحيد الذي يتأكد الجميع حوله هو حبه للورود خاصة الأوركيد والكاميليا والسوسن، والآن توقف عن الثرثرة فرأسي يؤلمني
أميل فمي بعبوس، أهذا من أردت التخفيف عنه؟ ياله من ناكر جميل
*
أنا ملاك، أركض بأقصى ما أملك من سرعة متجاهلة نزيف جراحي ولهيبها، أخال أنني أسابق الضوء والصوت في هذه اللحظة، أدير رأسي للخلف ملقية نظرة أخيرة على ذاك المنزل الضخم الذي كنت محتجزة به، لقد هربت منه أخيرا بعد شهرين من الاحتجاز
ــ كفي عن الاستدارة، ركزي على الركض وحسب فقد أُكتشِفَ أمر اختفاءك الآن على الأرجح
يقولها الرجل المتشبث بي لأجيبه بانزعاج بعد محاولاتي اليائسة لفك يدي عن يده:
ــ لا شأن لك، أتركني وحسب، أستطيع الركض بمفردي
ــ لا أستطيع فعل هذا قبل وصولنا لبر الأمان لذا اصبري، لا تقلقي لست شخصا سيئا، أنا مجرد رسول أرسلني والدك عزام لإعادتك
يقولها بمحاولة لطمأنتي مردفا:
ــ أدعى جوزيف بالمناسبة
أستمر في الركض متجاهلة الرد عليه، لما يخبرني باسمه؟ أيظنني سأعتبره حليفي لو قال هذا؟ لست غبية لكي أصدقه، حتى ادعائه بعلاقته مع أبي مازال موضع شك، لكنه يبقى خياري الوحيد حاليا لذا علي مجاراته إلى أن تسنح لي الفرصة بالإفلات، فهو من ساعدني على الهرب
تنطلق السيارة سريعا، دقائق تصل لنصف ساعة حتى نتوقف في مكان موحش لا يتواجد به غير قصر كبير وحديقة ذابلة نباتاتها، أرمق المكان بخوف أخفيه وراء ملامحي المرتابة، هذه البناية قديمة للغاية، نصفها الأول قد أكلته النيران وفحمته أما الآخر فقد أصبح رمادا وتلاشى، لماذا أحضرني إلى هنا؟
ــ لقد وصلنا لوجهتنا، أعلم أنه ليس المكان الملائم لكنه الوحيد المتاح في هذه اللحظة، شقتي بعيدة جدا ويجب ألا أغيب عن الحفلة كي لا أجلب الشكوك نحوي، خذي هذا المصباح وهذا الطعام المتبقي من غدائي، سأعود غدا بأسرع ما يمكنني لذا اصبري
يقولها جوزيف مناولا إياي المصباح والطعام، ثم يردف مشيرا للقصر:
ــ ظلي في الطابق الأول لكي لا تتأذي بالحجارة المنهارة بين الفينة والأخرى، والآن وداعا
يختتم حديثه ليركب السيارة وينطلق تاركا إياي في هذا المكان الموحش، أعاود إلقاء نظرة على القصر بينما الرعب أخذ مجراه في قلبي فور هبوب ريح قوية، أرتل بعضا من ما أحفظ من القرآن، إذا لم تقتلني العصابة فسأنتهي على يد الجن والعفاريت، رحمتك يا رب
*
"أنا ريان، اليوم يوافق تاريخ مولدي، أخيرا أتممت الخامسة عشر من عمري، أردت الاحتفال والمطالبة بالهدايا لكني تذكرت كلام جارتنا أمل عن كون الاحتفال بيوم الميلاد بدعة لا تجوز، كما أنني أستغرب في من يحتفل بمرور عام آخر من حياته واقتراب أجله، لكنني أشعر بالمتعة عندما أتذكر أنك لا تزالين في الرابعة عشرة، من يصدق أن عمتي أصغر مني سنا
ها بكارمن وياسمين تقفزان هنا وهناك في رجاءٍ من والدتهما خالتي كاميليا من أجل السماح لهما والخروج للحديقة، لكن موقفها الرافض لا يتغير، فمنذ مجيئنا تم فرض منع تام لخروجنا دون سبب مهم ودون مرافقة أحد الرجال، الأمر لا يقتصر على خارج المنزل إنما بداخله أيضا، جدي يرفض رفضا قاطعا خروجنا من طابقنا ومقابلة أفراد العائلة والتعامل معهم لسبب مجهول، تخيلي أنهم يقيمون كل يوم جمعة حفلة أسرية تملؤها ضحكاتهم ورائحة الطعام الزكية لكننا كالعادة ممنوعين من المشاركة، أتعلمين؟ أحترم رغبة جدي في قراره هذا لكنني أريد مخالطة هذه العائلة ومعرفة أسرار ثروتها، المكان يصيح بالغنى يا فتاة
عمي ركان يدخل الآن لتقفز عليه ابنتاه، تنهرهما خالتي خوفا على يده المصابة، صحيح لقد سبق وأخبرتك أنه خاض شجارا مع أقاربه انتهى برمي الأخير الرصاص عليه ومحاولة قتله، أظن أن اسمه كان مصعب ذياب، أحد الكارهين لوجودنا هنا، ما السبب؟ حاولت معرفته لكن أمي رفضت التصريح أكثر
لقد تذكرت، مؤخرا قمت ببحث شامل عن شجرة العائلة، لقبنا الحقيقي "ذياب"، إنه فخم، لا أفهم لما زوره جدي، المهم دعينا نكمل .. كبار العائلة هما الأخوان هشام وهشيم اللذان تزوجا من امرأتان أجنبيتان هما بلوميريا وفاوانيا، وعاش أربعتهم في هذا القصر الكبير، هشام وبلوميريا أنجبا جدي عزام وتوأمه أب ذؤيب وكلاهما في الخمسين من عمرهما الآن، أما هشيم وفاوانيا فأنجبا أب مصعب .. الذي حاول ابنه قتل عمي .. وأب زياد، متعب، والفتاة الوحيدة في العائلة جدتي أفنان، أتساءل إن كان سبب إصابتها بالاكتئاب هو عدم وجود أخت لها، لكني سمعت إشاعة من الخدم مفادها أن هشيم لديه زوجة أخرى تقطن الريف ولديه ابنين منها، الأمر متشعب للغاية لكن حاولي فرزه فطالما أردنا معرفة أصولنا والآن جاءت اللحظة المنتظرة
صحيح، سمعت من الخدم .. الذين أصبحوا أصدقائي الآن .. سبب طردنا من العائلة، قالوا أن جدي عزام كان كثير التمرد على والده هشام لدرجة أنه كان يصاحب رجلا أجنبيا من دولة البيضاء بالرغم من رفض والده لهذه الصداقة، وعندما مات هذا الأجنبي تحت ظروف غامضة ترك خلفه أبناءً قرر جدي الاعتناء بهم وفاءً له، وهذا ما لم يرضي هشام وجعله يطرده، من كان يتوقع أن شجار الأب وابنه كان من أجل شيء سخيف كهذا؟
وعندما سألت أمي عن الأمر قالت أن هذا الصديق الأجنبي هو والدها، حيث كان شرطيا قتله المجرمون رفقة زوجته فاعتنى جدي عزام بأطفاله الأربعة .. أمي أوركيد، خالتي كاميليا، ملاك وراشد .. حيث أن راشد قد رضع من جدتي مع فارس لذا أصبح فردا رسميا من الأسرة، أما أمي وخالتي فتزوجا من أبي وعمي ركان بعد وقوعهم في الحب، لتبقى ملاك التي فضلها جدي على الجميع كما نعلم، حتى عندما أصيب بالجنون قبل أعوام لم يقم بضربها عكسنا .. نحن الذين عشنا الذكريات السوداء بحذافيرها، آآآه
أوه، لقد تحدثت كثيرا، أشعر وكأنني في حصة تلفزيونة أقص فيها على المتفرجين قصصا تاريخية من الزمن البعيد، ماذا عنك ضياؤنا الجميلة؟ هل مازالت أنستازيا تتنمر عليك؟ لو تجرأت على إزعاجك مجددا أخبرينا كي أعلمها الآداب، لقد استطعت مؤخرا الانضمام لصالة رياضية لذا سأبدأ في تنمية قويتي من أجل مواجهة كل من يتجرأ على الاقتراب منك وإزعاجك"
أنهي كتابة الرسالة الإلكترونية لأرسلها، تمر دقائق حتى ترد علي ضياء:
"يا لك من محظوظ، تستمتع وتعيش المغامرة بينما الملل يقتلني هنا، أنا حقا أتمنى العودة للحسناء، بلدي الأفضل، الحياة هناك كانت رائعة، أتمنى لو لم تنسى ندى الغاز يتسرب، لا أصدق أن بيتنا الجميل احترق وفرقنا في دروب الحياة.
صحيح، هل عاد أبي من سفره أم لا؟"
أميل فمي بانزعاج مجيبا بكذب:
"لا لم يعد بعد، فور عودته سأعلمك بإذن الله"
ذاك الرقم الذي أخذته من هاتف جدي والمسمى بـ "ذنبي" قمت بتعقب موقعه ووجدته رقم هاتف ثابت لإحدى البيوت بالريف، اتصلت به فأجابتني الخادمة لأغامر وأطلب الحديث مع ضياء، وكما ظننت ضياء كانت هناك حقا، لازلت أذكر اللهفة التي أجابتني بها ومدى الشوق الذي كانت كلماتها تغرق به، أخبرتني أنّ جدي أعلمها بعودته فور انتهائه من عمل ما لكني لم أعرف ماذا يعنيه هذا، جدي لا يتزعزع من المنزل إلا لزيارة متجر الأسرة البسيط، هو يستطيع إعادتها أو طلب ذلك من أحدهم لكن لما لم يفعل هذا وكذب عليها؟ لا أفهم ما يفكر به جدي لكني أجبتها بكونه مسافرا حاليا بعدما ظلت تزعجني بسؤالها يوميا، هل يتعمّد إبقائها بعيدا؟ أبسبب شاجرها المستمر مع أبي؟ أم لحمايتها؟
حمايتها؟ تتبادر لذهني ذكرى احتراق بيتنا في دولة الحسناء قبل سفرنا لهذا البلد، كنا قد خرجنا للتنزه وعندما عدنا وجدنا اللهب يلتهم بيتنا، قيل لنا أن عمتي ندى من نسيت الغاز يتسرب لكني سمعت حديثا جانبيا بين جدي وأعمامي مفاده أن الحريق مدبر من طرف أعداء لنا، أظن أن جدي يريد حماية ضياء منهم والأمر نفسه مع ملاك لذا تركها في المدرسة الداخلية، لكن لما هما الاثنين بالتحديد؟ هل لأنهما الفتاتان الأصغر سنا بيننا؟
ــ ريان، مع من تتحدث؟
يقطع تفكيري سؤال أمي التي ظهرت فجأة خلفي، أغطي شاشة هاتفي بتوتر لأعدل جلوسي على كرسي المكتب، أتمنى أنها لم ترى شيئا:
ــ مع صديق
ــ حقا؟ ومنذ متى أصبح لديك أصدقاء غير ضياء؟ إنها الوحيدة التي تتحمل غرورك
تقولها باستخفاف، لو علم جدي بتواصلي مع ضياء فأظن أني سأعاقب إلا أني لا أستطيع إخفاء الأمر عن أمي، هي لن تشي بي، كما أنها لن تتركني وشأني لو لم أصارحها
أنظر لها بعينين ضيقين هامسا بحذر:
ــ حسنا سأخبرك، إنها ضياء، لكن لا تخبري أحدا، لو علم جدي فمن المحتمل أن يعاقبني ويمنعني من الحديث معها ويجبرني على العمل مع أبي
تظهر ملامح الدهشة على ملامحها لتسرع بالسؤال في همس أشد:
ــ ضياء؟ هل استطعت التواصل معها؟ متى فعلت هذا وأين هي الآن؟
ــ لقد وجدت رقمها قبل شهرين بهاتف جدي وهي الآن تقطن بمنزل في الريف، ليس بيت قريبة جدي الذي أخبرنا عنها بل منزل آخر انتقلت له
ــ ما عنوانه؟
ــ لا أعلم
ــ اسألها عنه
أرمق أمي باستغراب من سبب اهتمامها الكبير بمعرفة العنوان لكنها تردف سريعا بعد ملاحظة نظراتي لها:
ــ أعلم أننا لا نستطيع زيارتها كوننا تحت مراقبة عمي عزام الشديدة لكني سأحاول إرسال بعض الأشياء لها، الرواية التي طالما انتظرتها صدرت أخيرا وستكون سعيدة لو ابتعناها لها
تشع السعادة مني بسبب تفكيرها في إسعاد ضياء لأسرع في سؤال الأخيرة عن العنوان، أمي رائعة حقا، أمي وردة أوركيد على شكل بشر، حفظها الله من كل شر
*
أنا ضياء، أوصل الهاتف بالشاحن بعدما انطفأ بسبب الوقت الطويل الذي قضيته في الدردشة مع ريان الذي ختم كلامه بأجمل خبر سمعته اليوم، سأحصل على أفضل رواية رعب أخيرا
أخرج من غرفتي لأبدأ في السير متأملة أرجاء المنزل الواسع، لم أكن أبالغ عندما وصفته بقصر مصاص الدماء، إنه ينطق بالكآبة، لو كنت مالكته لأمرت بتجديده حالا، رغم إعجابي الأولي به إلا أنه لا يصلح للعيش بسلام
مر شهرين على تواجدي هنا ومازلت أنتظر عودة أبي، غير أني أصبحت غاضبة منه خاصة بعدما أخبرني ريان بموضوع سفره، إذ كان سيسافر لما لم يعدني للمنزل من البداية؟ حتى لو أراد مني الاستمتاع في الريف كان عليه على الأقل إحضار بقية الأسرة وشراء منزل هنا
أرى أنستازيا تقترب مني وملامحها الحادة لا تفارق وجهها، إنها الوحيدة رفقة ريان اللذان يسليانني هنا، تقف أمامي لتقول بعجلة معطية إياي بعض الملاءات:
ــ ضياء، خذي هذه للغرفة الثالثة يمينا بالطابق العلوي، السيدة طلبت مني القيام ببعض الأعمال قبل عودتها وأنا متأخرة
تكمل كلامها لتغادر بنفس عجلة مجيئها تاركة إياي أنظر للفراغ بريبة، الطابق العلوي؟ أذكر كلام السيدة سارا حول كون صعودي إلى هناك ممنوعا كونه خاصا بسيد المنزل، نعم فهذا المنزل يحتوي على أربعة أشخاص غيري .. السيدة سارا، أنستازيا الخادمة، سيد المنزل الذي لا أعرف اسمه ومساعده أمزيان ابن السيدة سارا .. لم يسبق وأن التقيت بالسيد لكني رأيت مساعده، صاحب الجسد الضخم والهيئة المخيفة، أذكر أني اصطدمت به في وسط سرحاني أثناء سيري وقد رمى علي نظرة حادة لا أستطيع نسيانها
أصعد السلم اتجاه الطابق العلوي والفضول يتملكني، ما سبب منعي من الاقتراب منه؟ هل ساكنه مصاص دماء حقا؟ رغم أن الفكرة سخيفة لكن الأمر مريب فهو لا ينزل منه أبدا، عندما سألت أنستازيا عنه قالت أنه أسوء شخص قد أقابله في حياتي وبعدها لم تضف شيئا آخر
أجد الغرفة المنشودة، أدخلها، أضع الملاءات ثم أعود مولية أدراجي، أكاد أنزل السلم متجاهلة فضولي حول استكشاف الطابق وكلام أنستازيا عن سوء صاحبه يتمثل أمامي، لكن يوقفني ذاك الإطار الضخم الذي يتوسط الجدار، يحمل صورة لخمسة أشخاص كلهم في العشرينات من عمرهم .. شاب أسود الشعر والعينين تحيط به هالة هادئة في الجانب الأيمن يضع يده بيد فتاة شقراء، وشاب أشقر الشعر أخضر العينين في الجانب الأيسر يتأبط فتاة خمرية البشرة، ويتوسطهم شاب ذو شعر أسود وعينين ذات مزيج فاتن من اللون الرمادي والأزرق .. السعادة تملأ ابتسامات الجميع خاصة الشاب المتواجد في الوسط والذي يبدو وكأنه أكثرهم نشاطا ومودة
أنقل نظراتي بين الشاب الأشقر والهادئ، الأشقر .. هيئته تذهلني، إنه مطابق لأخي فارس، هل هو ذاته؟ لا أظن فأخي لم تكن له علاقة سرية بفتاة، لابد من أنه أحد أشباهه الأربعين .. أما الهادئ فيبدو وجهه مألوفا للغاية، أضع يدي على قلبي فور شعوري بانقباضه ليزورني وجع رأس خفيف وأنا أحاول تذكر هويته، أين رأيته أين رأيته؟؟
تمر علي ذكرى مفاجأة لدموع تُغرِق عيون أمي وكل من ندى وملاك بينما فارس الذي أخذ يكسر أثاث منزل مجهول، يحتد ألم رأسي متزامنا مع ذكرى ملاك وهي تقول "نامي ضياء ولا تنتظري فراشد لن يعود، لقد قتله أحد الحثالة"
راشد؟ نعم لقد تذكرت، إنه أخي الذي قُتِلَ، والذي طالما كنت أحبه، كيف لي أن أنساه؟ أشد على قبضتي بشدة لأقول بكره يغزو كلماتي:
ــ راشد أخي المغدور، أهلك الله قاتلك وجعله يتلوى بين لهب جهنم وبئس المصير
أستدير ناوية الابتعاد عن هذه الصورة التي جعلت دم جسمي يغلي من الغضب، أشعر بألم فظيع برأسي، أنوي السير لكن ذاك الشخص الذي ظهر فجأة أمامي جعلني أتوقف بصدمة، شاب هزيل شاحب البشرة أسود الشعر ويرتدي نظارات غريبة، منذ متى وهو هنا؟ لم أشعر به، هل هو سيد المنزل؟
أنوي الابتعاد عن أمامه متذكرة كلام أنستازيا، لا تنقصني مشاكل أخرى، قواي أنهكت بعدما زارتني ذكرى موت راشد البغيضة والتي لا أعلم لما لم أتذكرها إلا الآن، أسير في محاولة لتجاوزه لكني أشعر بيد تشد خماري الذي أرتديه، هذا جن هذا الرجل؟ أصيح طالبة منه تركي لكنه يتجرأ بمد يده الأخرى ووضعها على عنقي والضغط محاولا خنقي بينما يقول بفحيح:
ــ هو السبب، هو من اختار الموت، أنا لم أقتله، هو من يستحق الاحتراق لا أنا، أنتم لا تعرفون شيئا، لا تعرفون شيئا، هو السبب في قتلي لها
أحاول التقاط بعض الهواء وسط كلماته السريعة الفوضوية، أشعر بالدوار، أحس فجأة باندفاع أحدهم وفكي من يدي هذا المجنون، إنه أمزيان الضخم.
ألتقط أنفاسي بينما جسدي يرتجف، كدت أموت، أحمل جسدي لأجره بسرعة بعيدا في وسط محاولات أمزيان لتهدئة المجنون الذي أخذ يضرب الأرض وهو يقول ويعيد بسخط:
ــ بئسا لك راشد، أنت السبب، أنت السبب
ــ هل أنت بخير؟ دعيني أساعدك
تقولها السيدة سارا بجزع لتمسكني مساعدة إياي في السير بعدما رأت المشهد المخيف من الطابق الأرضي، ننزل السلم لتأخذني لغرفتي، تسألني عن حالي لكني لا أجيبها، بل لا أستوعب ما تقوله أساسا، كل ما يظهر أمامي هو عيني ذاك الرجل التي استطعت رؤيتهما من خلال نظاراته بوضوح، عينين امتزج لونهما بين الأزرق والرمادي، مزيج جميل غلفه خليط مخيف بائس من الحنق، الحقد والشجن
*
أنا فارس، أسير بحذر وتمثيل متقن لتنكري على شكل خادم بسيط، أرى الأعضاء مجتمعين في القاعة الرئيسية يستمتعون بالحفلة بينما قلة منهم يتوزعون على أنحاء الحديقتين الخلفية والأمامية، أما بقية أرجاء المنزل فيتوزع فيها الخدم، يمر من أمامي رجل ذو هندام أنيق ليلج القاعة ويلتفت له الجميع محيين إياه باحترام، إنه رئيس العصابة، ستيفن الوغد
أشد على قبضتي ونظراتي تنطق بحقد قديم تأبى ناره الانطفاء، أتجاهله لأكمل سيري نحو وجهتي .. مكتب الرئيس .. أتعدى الخدم الآخرين دون لفة الانتباه لأصل لعتبة الطابق الثالث .. المكان الذي لا يسمع بالتواجد فيه غير الرئيس وأتباعه ..
أخرج هاتفي لأضغط على السماعات الإلكترونية التي بأذني وأعاود الاتصال بريان ليجيب بحنق:
ــ هل عدت مجددا؟ كيف لك أن تنهي الاتصال فجأة بعد أخذ غايتك؟ على الأقل قل كلمة شكر واحدة
ــ كف عن الكلام واخترق نظام الحماية هذا أيضا، لقد أرسلت لك خرائط توزيعها لذا أسرع الوقت ينفذ
ــ حسنا حسنا، فقط أخبرني ما الذي تفعله بالضبط؟ هذه الخرائط تبدو تابعة لمنزل أحد المجرمين فقد رأيت مثلها في الانترنت المظلم لكنها أكثر تعقيدا، لا تقل أنك ورطت نفسك مجددا في أمور العصابات؟ جدي سيجن لو علم بهذا
يا إلهي صبرني على هذا الثرثار، جديا ألا يستطيع العمل دون التفوه بكل هذا؟ تمر دقائق حتى يردف:
ــ لقد أنهيت، لن تعمل أجهزة الإنذار طيلة ربع ساعة القادمة لذا أسرع، ولا تنسى المبلغ المالي الذي وعدتـ...
أنهي المكالمة دون سماع باقي الحديث لأسرع الخطى نحو المكتب، يجب أن أنهي عملي في أقل من ربع ساعة، أجد الباب المنشود لأفتحه والجًا المكان على وجه سرعة، مجموعة من أرفف الكتب تتواجد على جانبي الغرفة ومكتب يتوسط المكان وخلفه جدار زجاجي يطل على معالم دولة البيضاء وأضوائها البرتقالية
أستعمل مصباح خاص يكشف البصمات بوضوح لأسلطه على الكتب باحثا عن آخر ما قد استخدم لأفتشه، من المحتمل أن تُخبأ بعض الأشياء الهامة هنا، يصدق حدسي فهابي أجد مجموعة من الوثائق، أخرجها لأصورها وأعيدها لمكانه منتقلا للمكتب، سطحه فارغ وأدراجه مغلقة، أخرج عودا حديد لأفتح القفل وأكمل عملي مصورا كل ما يبدو لي أنه يحمل قدرا من الأهمية، لا أملك الوقت لتصفح كل هذا لكنها تبدو كغنائم تباع بالملايين لو عرضتها على موند كبضاعة
تنتهي عشر دقائق لينتهي عملي أيضا، أعدل ثيابي لأسير خارجا لكن يوقفني صوت خطواتي الغريب، أجثو أرضا لأضرب على الأرضية، هناك فراغ تحتها، يغرقني الاستنكار، فراغ؟ لا أذكر أني صممت شيئا كهذا
أمسح بيدي عليها مجددا متحسسا أي زر قد يساعدني على فتحها، أجده لأضغط عليه ويظهر لي جهاز إلكتروني خاص بكتابة الرقم السري، أعاود الاتصال بريان لأهمس بعجلة:
ــ ريان ألم يكن هناك جهاز حماية في أرضية المكتب؟
ــ بلا، رغم أنه لم يكن موجودا على الخريطة إلا أني اخترقته للاحتياط
ــ أسرع وقل الرقم السري
ــ حسنا حسنا إنه تاريخ ميلاد أمي، يا للمصادفة يبدو أن صاحب المكتب يملك شخصا مميزا بعمرهـ...
أقاطع ثرثرته مجددا منهيا الاتصال لأكتب الأرقام، ينجح الأمر، ترتفع قطعة من الأرضية مظهرة ما يوجد أسفلها .. مجموعة من المجلدات الرثة .. أحملها باستغراب، ما يوجد داخلها ولما هي مخبأة هكذا؟ أرى محتواها بسرعة لأجد مجموعة من الصور لأناس متشابهين يبدون من عائلة واحدة، كما أن المثير للانتباه أن أسماء النساء كلها تقتصر على أسماء الورود والأزهار وحسب
يقاطعني صوت إنذار، أنظر ناحية ساعتي بصدمة، لم تمر ربع ساعة بعد، أعيد المجلدات لمكانها وأغلق الأرضية لأخرج بسرعة من المكتب ثم الطابق بأكمله، أنزل السلم لأجد جميع الخدم يركضون وهم يصيحون:
ــ لقد هربت السجينة، ابحثوا عن فتاة شقراء تملئ الندوب جسدها
سجينة؟ أهذا سبب إطلاق الإنذار؟ أزفر ببعض الراحة لأكمل سيري ناويا تغيير ملابسي والمغادرة فقد انتهت المهمة على كل حال، أدخل الحمامات، ألقي نظرة على وجهي المنعكس على المرآة .. أنا أزداد وسامة كالعادة، حفظني الله ورعاني .. أبتسم بغرور لأخرج كيس ملابسي من مخبأه ثم أتوجه نحو المرحاض للتغيير لكن أتوقف مكاني فور شعوري بفوهة مسدس موضوعة على مؤخرة رأسي وصوت من خلفي يملؤه الغضب:
ــ ما الذي تحمله يا هذا؟ حمام الخدم ليس هنا
تتسع ابتسامتي دون رد، لقد أُكتُشِف أمري من طرف العميل النبيل ماكس، دون أي تمهيد أستدير لأضرب يده ملقيا المسدس بعيدا، يخرج مسدسا آخر ليصوب نحوي لكني أتفادى الطلقة، حملي للكيس وقدرات ماكس التي لا يستهان بها تنبئاني بخسارتي في النزال لذا يجب الفرار
بحركة مراوغة أدخل إحدى المراحيض لأصعد على حافة الكرسي وأقفز من النافذة المفتوحة متفاديا طلقات الرصاص وهابي أجد نفسي في الحديقة الخلفية، أستكمل ركضي نحو سيارتي، لابد من أن ماكس سيلحقني الآن
*
تم الفصل الثالث والحمد لله
نلتقي بإذن الله في الفصل القادم
|