اشترى فادي بعض الأغنام والأبقار ثم أدخلها إلى الحظيرة. وأقفل عليهم الباب ثم عاد إلى البيت. طلب السيد رشيد من بعض الرعاة عنده أن يتابعوا هذا الشاب ويعرفوا أين يربي ويرعى المواشي.
أصبح فادي يأتي كل صباح عبر النفق ويأخذ القطيع وينزل به إلى أسفل الجبل ثم يذهب للمدرسة ثم يعيدهم مساء. كان الرعاة ينتظرون كل صباح أمام الحظيرة ولكن لم يلاحظوا فادي يُخرج القطيع ولم يلاحظوا أي أعشاب تدخل أو مياه إلى تلك الحظيرة. أخبروا السيد رشيد وقالوا له: الشاب مشغول في المدرسة والقطيع محبوس طول تلك الفترة في الحضيرة سيخرجون ضعافا أو سيموت أكثرهم.
بعد شهرين يأتي فادي يخرج القطيع فإذا هم بأحسن حال منه عندما اشتراهم. استغرب السيد رشيد وقال كثرت علينا الطلبات على القطيع الذي تقوم بتربيته. وخصوصا من القصور الملكية والأثرياء فطعمها ولبناه مختلف عن غيرها. هل ستخبرني عن السر. قال فادي. لن أستفيد شيئا إذا أخبرتكم السر. قال السيد رشيد لن أسألك مرة أخرى عن السر وستبقى تلك الحظيرة لك بالمجان ولكن لن تبيع لغيري.
قال فادي ما رأيك أن نصبح شركاء لمدة سنة واحدة. أنت تحضر لي المواشي وأنا أرعاها لك وأكاثرها لك ونتقاسم النصف بالنصف بشرط ألا تسأل كيف وماذا أعمل ولا تبحث ولا ترسل من يراقبني. قال له السيد رشيد اتفقنا وما المطلوب مني. قال أريد أن تعطيني أكبر حضيرة عندك.
فتحول فادي إلى حظيرة أكبر. وأصبع عنده ثلاثة أضعاف الحيوانات التي كانت عنده. وكان كل ثلاثة شهور تعود المواشي بحال أفضل وألبان وافرة وطعم أفضل. اشتهر السيد رشيد وأصبح الكثير يأتون أليه ليعرفوا ماذا يفعل. فقال لهم لا أستطيع أن اعطيكم السر. لكن وسائل الإعلام أصبحت تراقبه وعند تسليم الدفعة التالية رأى الجميع السر وراء هذا الرجا وهو شاب في الرابعة عشر من عمره. اسمه
فادي. أصبح فادي غنيا ولكن لا يعرف ما يفعل بالنقود فكان يأتي كل ثلاثة أشهر. إلى جدته بمبلغ كبير. وتأخذه جدته إلى البنك ويودعه بنفسه.
انتهت السنة وأصبح عند فادي الكثير من المال. وتضاعفت تجارة السيد رشيد. وقبل أن يذهب فادي. سأله السيد رشيد هل ستخبرني ما هو سر المواشي. قال فادي لا أستطيع. عاد فادي إلى السيدة نور احتفلوا تلك الليلة بعيد ميلاده الخامس عشر. وأهدت له حصان. قالت آن الأوان لتتعلم ركوب الحصان. أحب فادي الهدية وعانق السيدة وشكرها على هذه الهدية. أخذ فادي الحصان إلى السهول الخضراء وطلب من صديقه كريم أن يعلمه كيف يمتطي الحصان. قال كريم هذا الحصان جميل وما يزال صغير في السن. قال له: لقد أهدتني أمي هذا الحصان. ثم بدأ صديقه كريم يعلمه كيف يمتطي الحصان ويسير عليه. قضى فادي ذلك اليوم يتعلم على الحصان. ثم تركه في حظيرة كريم حتى يجد له مكان مناسب بالقرب من منزله.
عاد فادي إلى المنزل وفي الطريق يشاهد أحد المنازل القريبة تحترق، أسرع في المشي ولما قرب من المنزل. سمع إحدى الجارات تبكي وتصرخ طفلي في البيت أرجوكم أنقذوه. سحب فادي نفسه واتجه إلى منزله.
ثم وذهب إلى ذلك المنزل مسرعا عبر النفق ودخل عبر الباب السري ووجد الدخان وقد ملأ المكان. وسمع صراخ الطفل الرضيع ثم زحف على الأرض حتى وصل إليه وأخذه إلى الأنفاق. أخذ يفكر لبرهة ماذا يفعل. فلا يريد ان يخرج لهم بالطفل. قرر أن يذهب إلى المسجد ودخل من الباب السري تحت المسجد ووضع الطفل هنالك. ثم عاد وغير ملابسه واستحم لكيلا يظهر عليه رائحة الدخان ثم جلس بالقرب من النافذة ينظر ما يحصل. أُطفئت النيران وفقدت الأم الأمل في عودت طفلها الصغير. وبعد ساعة وبينما كان الشرطة حوليها يسألونها سمعوا رجلا يصرخ لقد سمعت صوت طفل في المسجد.
فتحوا المسجد فوجدوا الطفل يبكي. سألوها هل هذا طفلك. أخذت تجري إليه تتأمله وتقبله. وكان على الطفل رائحة دخان الحريق. وآثار من احتراق المنزل. استغرب الجميع كيف نجى الطفل من الحريق وانتقل إلى المسجد.
فرح فادي عندما شاهد الطفل يلتقي بأمه. وشعر أنه أنقذ حياة ذلك الطفل. فشعر أنه قد يستعمل تلك الأنفاق لمساعدة الآخرين. لكن عليه أن يجد طريقة ليخفي هويته.
عاد إلى والدته وقضى تلك الليلة عندها. قالت سأذهب غدا إلى المدينة، لدي موعد في المستشفى وأريدك أن ترافقني؟ قال طبعا يا أُمّاه. ذهبا إلى محطة القطار. وهنالك حصل فادي على التذاكر. كان فادي يتطلع إلى هذه الرحلة بلهفة، سمع الكثير عن المدينة ولكن لم تأتي الفرصة ليزورها. صعد فادي القطار وساعدها على الصعود إلى القطار. أحب فادي القطار جلس بجانب أمه ينظر هنا وهناك وبعد أن تحرك القطار قالت له السيدة بإمكانك أن تتجول في القطار فرح فادي وبدأ يتنقل في القطار كيف يشاء ثم يعود إلى أمه ويجلس بجانبها. وبعد ساعة بدأت ملامح المدينة من نافذة القطار. قالت تلك هي المدينة سنصل بعد عشر دقائق.
لمعت عينا فادي حينما شاهد المدينة لأول مرة، المباني الشاهقة والطرقات المعبدة والشوارع الكبيرة ومحطة القطار الضخمة. يدفع أمه على كرسي العجلات ينقلها من مكان لآخر. سألها إلى أين تريديننا أن نذهب. قالت سنذهب إلى مستشفى المدينة. ركبا تاكسي وذهبا إلى المستشفى. وفور وصولهما قاموا بعمل فحوصات لقدمها، وقالت لها الدكتورة الان الطب تقدم بإمكاننا أن نجري لك العملية وتستطيعين المشي من جديد. قالت الأم لفادي هيا لنعود إلى القرية. قال لماذا يا أمي وصلنا اليوم. قالت لقد طلبوا مبلغا كبيرا لن نستطيع دفع المبلغ المطلوب في العملية.
دخل فادي على الدكتورة وجلس يتحدث معها. وسألها عن تكلفة العملية؟ قالت الدكتورة ثمن العملية في هذا المستشفى عالي. ستكلف ربع مليون يورو. قال ممكن تعطيني رقم حسابكم. وابدئي بالإجراءات سأذهب لأحول المبلغ لحسابكم. نظرت الدكتورة لفادي مستغربة ولا تعلم هل تأخذ كلامه بجدية أم تعتبره مجرد طفل. لكن رأت أنه جاد فيما يقول فطلبت منهم أخذ الأم إلى غرفتها وتجهيزها للعملية. قال فادي لأمه سأذهب لأحول لهم المبلغ وسأعود. قالت الأم ولكن هذا المال تعبت أنت عليه لتجمعه. قال لها نستطيع أن نجمع غيرها. المهم أراك تقفين على قدميك من جديد.
ذهب فادي إلى خارج المستشفى ولم يكن يعرف شيئا في المدينة. فتذكر تلك الفتاة لونا التي التقى بها بعد يوم وفاة والدته. اتصل بها وقال هل تأتين إليّ؟ قالت أين أنت؟ قال أنا في مستشفى المدينة. هل ستأتين؟ قالت سأصل بعد عشر دقائق. انتظرها عند مدخل المستشفى، رأته الفتاة وقد كبر وبدأت ملامح رجولته تظهر عليه. رحبا بها وقال شكرا لك سيدتي. قالت تستطيع مناداتي لونا. ما لذي أتى بك إلى المدينة هل انت بخير؟ شرح لها فادي ما استجد في حياته. ثم سألته إلى أين تريد ان تذهب؟ قال إلى البنك لو سمحتي. أخذته لونا إلى البنك ولما أراهم بطاقته أخذوه مباشرة إلى المسؤول. قال: كيف نستطيع أن نخدمك أستاذ فادي. قال هل ممكن أعرف كم رصيدي في البنك. قال لديك ثلاثمائة ألف يورو. استغربت لونا وقالت لنفسها تركته وليس معه شيء. قال فادي أريد أن تحول هذا المبلغ من حسابي إلى حساب المستشفى من أجل أمي فهي تريد ان تعمل العملية لقدمها. وبعد أن عمل فادي التحويلات اتصل على والدته وقال ستكونين بخير إن شاء الله.
قالت له لونا هل عادت أمك إلى المنزل قال نعم وإن شاء الله تعود إليه بكامل صحتها. قالت له انت طيب يا فادي. أين ستبقى الليلة قال سأنتظر أمي أمام المستشفى. قالت: سآخذك في جولة في المدينة ثم ستأتي إلى منزلي هذه المرة وتبقى معي. قال لها شكرا. أخذت لونا فادي وفي الطريق تحدثت معه كثيرا وذهبا ليتناولا العشاء في إحدى المطاعم. وكان فادي نبيلا فلم يسمح لها بدفع ثمن العشاء.
ذهبا ليسيرا على الأقدام. شاهد فادي الكثير من الفتيات الجميلات. بتلك الملابس الأنيقة. قالت له لونا على هونك يجب أن تبقى ثابتا ولا تطيل النظر إلى الفتيات، فإن جمالهن سيخترق قلبك. قال لكن جمالك لم يخترق قلبي. قالت: هذا لأني أكبر منك سنا. لكن لما يأتي الوقت وتجد الفتاة المناسبة فستشعر بطعم غريب في قلبك. ثم لا تريد أن تنظر إلى فتاة غيرها. لأنها هي الفتاة التي ستسكن قلب ولن تجد في قلبك مكان في قلبك لغيرها. قال لها لنذهب فقلبي الآن ملك أمي.
أخذته إلى منزلها وقالت مرحبا بك هذه أمي وهذا أبي وهذا خطيبي. وهذه العاملة التي ستريك غرفت الضيوف. ستغير ملابسك ثم ستأتي لنجلس سويا مع العائلة. شاهد فادي المنزل الكبير والراقي والمغطى بالزجاج من كل الجهات. غير ملابسه ثم ذهب ليجلس معهم. رحبوا به وجلسوا معه يحدثونه بلباقة. كان فادي يحاول أن يتكلم بنفس الطريقة التي يتكلمون بها. وبينما هو كذلك تتصل أمه لتطمئن عليه. فيطمئنها أنه مع هذه العائلة الراقية. أحبت العائلة فادي وارتاحوا له كثيرا. قال يجب أن أذهب للنوم فعملية والدتي غدا صباحا.
غادر فادي المنزل صباحا بعد أن كتب لهم رسالة شكر. وذهب إلى المستشفى وجلس مع والدته حتى بدأت العملية. وبقي ينتظرها وبينما هو كذلك قدمت لونا وقالت لماذا خرجت لوحدك. قال لم أرد أن أزعجكم. قالت أنت لا تزعجني أبدا. وجلسا ينتظران حتى خرجت من العمليات، طمأنته الدكتورة بنجاح العملية. فرح فادي وأخذ يقفز فرحا. وقفت لونا تشاهد فرحته وهي تبتسم وتصفق.
بقي فادي مع أمه في المستشفى يتحدث إليها ويحكي لها عن الأماكن التي زارها وعن عائلة لونا. وعن الفتيات الجميلات التي شاهدهن. كانت أمه تضحك من كلامه وترشده وتذكره بأن يحافظ على نفسه وماله. ولما تنتهي أوقات الزيارة يذهب لينام الليل في منزل لونا ثم يعود اليوم الآخر. ويتجول كما يحلوا له في المدينة. في يوم من الأيام وبينما كان يتناول الغداء في إحدى المطاعم. لمح صورة أمه في إحدى البرامج الإخبارية. كان الصوت منخفض ولم يسمع ما قالوه عنها.
وصلت لونا متأخرة. سألها كيف أستطيع أن اعيد خبر جاء في التلفاز. قالت له: لن تستطيع إعادته إلا إذا كان مسجل. أو تبحث عنه عن طريق الإنترنت قال وكيف أحصل على الإنترنت. قالت يجب ان يكون لديك كمبيوتر وتتعلم كيف تستخدمه ثم سيسهل عليك استخدام الكمبيوتر. قال لها أريد أن أعيش في المدينة؟ قالت فادي العيش في المدينة ليس سهلا كما تتوقع. إنها خطيرة وبدون مال كافي وشخص هنا ليقف معك لن تستطيع العيش.
قال وانتِ. قالت قريبا سأتزوج وأكون مشغولة بزوجي. ثم سألها كم احتاج من مال لأشتري منزلا مثل بيتكم. قالت: قد تحصل على منزل قريب منا بمليون يوروا. ومثلها لتفتح مشروع يساعدك على البقاء في المدينة.
عاد فادي إلى والدته في المستشفى. فوجدها وقد سمحت لها الدكتورة الخروج. فرح فادي لسلامتها. فأخذه لتشاهد المدينة ثم أخذها إلى محطة القطار. وعادا إلى القرية. وصل القطار إلى القرية. وأنزل فادي والدته إلى المحطة وما تزال على كرسي العجلات. ثم أنزل الشنطة.
لم ينتظر القطار في المحطة كثيرا. أطلق القطار صافرة الإنذار ليبتعد الجميع عن الرصيف ليغادر. وقبل أن يقفل القطار أبوابه رأى فادي فتاة قريبة من عمره تجري بسرعة وخلفها بعض الحرّاس. ثم قفزت من القطار قبل أن يُقفل الأبواب اصطدمت الفتات بفادي، نظرت إليه وقالت: أرجوك أنقذني منهم. تفاجئ فادي بطلبها ولم يعلم ماذا يفعل. نظر إلى أمه وقال عودي إلى البيت.
أخذ الفتاة وبدأ يجريان، قطعا سكة القطار، وهربا إلى المروج والمزارع الخضراء. توقف القطار فجأة وخرج منه الحراس وبدأوا يلحقون بهم. قال قائدهم لا تقتلوها نريدها حية. كان فادي ممسكا بيد الفتاة ويجري باتجاه حافة الجبل. توقفا هنالك وبدأ ينظر لا يرى إلا الغيوم تغطي أسفل الجبل. وقف فادي والفتاة على حافة الجبل ولما اقترب الجنود شعر فادي بخوف الفتاة الشديد أمسك بها ومن خوفها دفعته وسقطوا إلى أسفل الجبل. شاهدت والدته والناس والمزارعين اللذين كانوا في السهول الخضراء والجميع فادي والفتاة يسقطون من أعلى الجبل. اجتمع الحراس ينظرون من على حافة الجبل فلم يروا إلا الغيوم.
بعد لحظات جاءت سيارة فاخرة للحاكم وابنه. نزل الابن يجري يسأل الحراس أين ليلا؟ قالوا لقد هربت مع شاب إلى حافة الجبل ودفعته وسقطا أسفل الجبل. صرخ الشاب أحضروا الطائرات وأحضروا الجيش أريدها يا أبي. قال له والده لن تستطيع أي طائر ولا جيش ولا أحد الوصول إلى أسفل الجبل. لقد ماتا. جثا الشاب على ركبته وقال أحبها يا أبي. قال له لقد ماتت وتفتت إلى أجزاء أسفل الجبل. فانهار الابن بالبكاء. قال له الأب خلاص انساها سنبحث لك عن فتاة غيرها. أخذ الابن السلاح وأطلق النار على الحراس فأصابهم جميعا ولكن لم يقتلهم وصرخ فيهم قائلا كيف جعلتموها تهرب.
شاهدت أم فادي ابنها يسقط من فوق الجبل مع الفتاة فانفطر قلبها بكاءً على فادي دفعت لأحدهم لينقل لها الشنطة إلى المنزل. وما أن وصلت انهارت بالبكاء على فادي.
سقط فادي والفتاة من حافة الجبل وارتطما ببعض الأشجار العالقة بجانب الجبل فمن شجرة إلى شجرة أخرى حتى سقطا في النهر. وبدأ يجرفهما التيار استطاع فادي التمسك بإحدى جذوع الأشجار وامسك بالفتاة وأخرجها من النهر. استلقى فادي على جانب النهر يلفظ أنفاسه وينظر إلى الارتفاع الذي سقط منه. ثم نظر إلى الفتاة التي هي أيضا بدأت تستعيد أنفاسها. وقال هل انتِ بخير. قالت: أنا بخير بدأت الفتاة تلامس يديها ووجهها فقد سببت لها الأشجار بعض الخدوش في جسمها.
خافت الفتاة وقالت نحن في أسفل الجبل هيا نهرب يقولون إن المكان هنا مخيف. قال لها انظري إلى جمال الطبيعة والزهور والنهر. هل تعتقدين ان هنا شيئا مخيف. قالت هل سبق وأتيت إلى هذا المكان. قال وأعرفه جيدا. صافحته وقالت:
ليلى.
قال تشرفت بمعرفتك أنا
فادي. قالت أنت التاجر الذي يسمونه الساحر. الآن عرفت سرك انت تأتي بالخرفان إلى هنا وبعد شهرين أو ثلاثة تصبح بحال أفضل. يا لك من ذكي!
سألها ما لذي يجري لماذا الحراس يلحقون بك. قالت باختصار كانوا يريدون أن يزوجوني بدون موافقتي لأبن الحاكم "
إدوارد" وأنا لا أريده. قال تقصدين الحاكم في الجزء الآخر من القرية. يقولون إنه عادل ومتواضع. قالت الأب انسان خلوق وطيب. لكن الابن شيطان يريد أن يحصل على كل شيء.
قال لها يجب أن نتوارى عن الأنظار لفترة ثم تعودين إلى والديك. وأنا سأذهب إلى المدينة. قالت والدي باعاني إلى هذه العائلة لأخدمهم. واراد ابنهم ان يحصل علي. فقال له الحاكم ابتعد عنها فأنها لا تزال في الرابعة عشر من عمرها. لم يعجب الكلام هذا إدوارد فأصر أردت أن أهرب إلى المدينة فأرسل الحراس ولما رأيتهم يصعدون القطار هربت منهم واصطدمت بك. فلن أعود إلى والدي. سألته ماذا سنفعل.
قال يجب أن نبقى مع بعض. أنا على وشك ان أخبرك بسر لم أخبره أحد منذ عشر سنوات. ستعديني أنك ستبقين معي وستفعلين ما أطلبه منك. قالت: أعدك بس المهم نكون بعيدين عن هذه العائلة. قال إذا اتفقنا.
سار فادي مع ليلى وأدخلها من المدخل السري لأسفل الجبل. تفاجأت ليلى بهذه الأنفاق وبدأت تسأل عن النفق كيف ومنذ متى قال لها فادي صدقيني لا أعلم كل سنة تمر من عمري يفتح لنا طريق جديد يؤدي إلى شارع أو مكان مختلف. قالت أنت تمزح. قال لها صدقيني، بشكل أو بآخر هذا النفق مرتبط بي. لا أعلم كيف قاموا ببنائه بهذه الجودة ولا متى ولا لأي غرض. لكن في المرة السابقة استطعت أن أنقذ طفلا من الحريق. قالت إذا أنت من نقل الطفل إلى المسجد. سمعت الناس يقولون إنه الطفل المعجزة وأنه سيكون خارق. فضحكت ليلا. أخذها فادي إلى منزله وأعطاها من ملابسه وقال اذهبي واستحمي وابقي في البيت حتى أعود. سأذهب لأطمئن على أمي.
عاد فادي ودخل إلى الأنفاق مرة أخرى، وذهب إلى منزل أمه صعد إليها ولما تأكد إنها لوحدها. دخل عليها من الباب السري. واقترب من سريرها وقال ماما فتحت عينها وقالت: بسم الله هل هذا حلم أو علم. قال أنا بخير يا ماما. مدت يديها وبدأت تلامس وجهه وخدوده وجسمه ويديه ورجليه لتطمئن أنه بأحسن حال. قال لها أمي اطمئني أنا بخير. قالت وماذا عن الفتاة قال إنها أيضا بخير. قال أتيتُ فقط لأخبرك بأننا بخير. تركت الفتاة لوحدها في المنزل. سأعود إليك في الصباح الباكر، لا تخبري أحدا بأمرنا. ذهب فادي إلى الباب السري، سألته" ما هذا المخرج قال لها سأشرح لك فيما بعد وأقفل الباب.
عاد فادي إلى المنزل. فوجد الفتاة نائمة في الصالة. أيقضها وقال اذهبي ونامي في غرفتي وأنا سأنام في غرفت أمي. نظرت إليه وقالت شكرا فادي أنا سعيدة بأنك أنت من التقيت به في محطة القطار. قال وأنا سعيد لأحصل على هذا الشرف. نام كل منهما نوما عميقا فقد كانا منهكين من السقوط. في الليل استيقظ فادي على صوت الفتاة تصرخ وتقول اتركني لا أريد الذهاب معك. ذهب على غرفتها طرق الباب ونادى ليلى لكن لم تجيب، فدخل الغرفة وأيقظها قامت من نومها مفزوعة. وقالت أشكرك لأنك أيقظتني لقد كان حلما مزعجا. قال لا تقلقين سأبقى هنا بجانبك حتى تستغرقي في النوم. نامت ليلى ثم عاد فادي إلى غرفته ونام هو الآخر.
استيقظت ليلى أولا وذهبت إلى غرفة فادي فرأته أيضا يستغرق في النوم. ايقظته وقالت أنا جائعة. قال سنذهب إلى منزل السيدة نور فهي تنتظرنا. خرجا وذهبا عبر النفق ودخلا على السيدة نور. قال لها هذه ليلى. قالت الأم لا عجب أن ابن الحاكم أراد الزواج منها. شعرت ليلى بالخجل وشكرتها على استضافتها. جلسا مع الأم وتناولا طعام الإفطار. ثم سألته الأم ماذا ستفعل. قال سأقوم بصفقة العمر ثم سنغادر إلى المدينة. قالت ماذا ستفعل. قال سأعمل مع السيد رشيد لشهرين قادمين بعدها سأنتقل إلى المدينة. قالت الأم ولكن هذا كثير جدا عليك. قالت ليلى أنا سأساعده ولكن بشرط أن يقسم المبلغ بيننا بالنصف. ومدت يدها لتعقد الاتفاق ونظر إليها فادي وقال: هل انت متأكدة. ابتسمت وقالت: معاك في الحلوة والمرة. مدّ فادي يده وقال: اتفقنا. تشاهد الأم ابنها يكبر أمام عينها ويتحمل المسؤولية. ليس فقط مسؤوليتها بل ومسؤولية فتاة لم يتعرف إليها إلا لساعات. خافت الأم أن تأتيه المتاعب بسبب هذه الفتاة.
اتصل فادي بالسيد رشيد وقال مرحبا، تفاجأ السيد رشيد وقال كيف استطعت أن تنجو من ذلك السقوط. قال فادي سأحكي لك عندما نلتقي، اريد ان نعمل أنا وأنت في صفقة العمر اجمع أكبر عدد من المواشي وبعد شهرين أو ثلاثة ستتضاعف تجارتك. قال السيد رشيد اتفقنا. قال له فادي كل ما عليك أن تجمعها وتضعها في الحضيرة الكبيرة واترك الباقي لي. قال له السيد رشيد. ستجدها بعد يومين في الحضيرة. قال له فادي أريدك أن تحضر أيضا حصاني من عند صديقي كريم وتضعه معها.
خلال تلك اليومين بدأ فادي يقضي الوقت مع والدته يساعدها مع ليلى على السير. ثم يأخذ ليلى ليعرفها على النفق فكانا يقضيا أوقات كثيرة هنالك. ثم يذهبان إلى أسفل الجبل ويقضيان أوقات جميلة بين الطبيعة والأزهار.
بعد يومين أيقظ فادي ليلى وقال لها. يجب أن نذهب الآن. ودّعا السيدة نور التي جهزت لهما بعض الأكل ليأخذاه ويأكلانه هنالك في أسفل الجبل. ذهبا إلى الحظيرة عن طريق الأنفاق وفتح باب كبير وبدأت تدخل المواشي وتسير إلى أسفل الجبل حتى آخر واحدة منهن فكانت ليلى في المقدمة وفادي في المؤخرة. أخذ الحصان وأقفل الباب.
نزلت الحيوانات إلى أسفل الجبل وكان عددها كبير. بدأ فادي وليلى بمهمة رعايتها. فكانا يتركانها ترعى وتأكل وتتنقل على راحتها في المروج الواسعة المغلق من كل الجهات وكانا يتواجدان بالقرب من البحيرة. كانت أجواء رائعة يقضونها بالقرب من الحيوانات. ثم يصعدان على الحصان يتجولون في المراعي الخالية ويعودون كل ليلة يغيران ملابسهما في منزل فادي ثم يستحم كل واحد منهما ثم يذهبان إلى الأم نظيفين.
وبعد شهر ونصف بدأت الأم تمشي على أقدامها فأصبحا يأخذانها معهما إلى أسفل الجبل فكانت الأم في قمة السعادة. تشاهد الطبيعة الرائعة وتنزل معهما في البحيرة. عادت إليها الحياة بعد أن تخلى عنها الجميع أصبح عندها ابن وبنت في قمة الروعة والاهتمام. أصبح الثلاثة اسرة واحدة. يتعامل فادي وليلا مع بعضهما ببراءة الأطفال.
وبعد شهرين ونصف أصبحت المواشي جاهزة لتعود إلى الحضيرة ممتلئة وأفضل مما يتخيل السيد رشيد. اتصل به فادي وأخبره أن الحيوانات جاهزة. فتح السيد رشيد الحضيرة ووجد جميع الحيوانات تتمتع بصحة وقوة. فقام مباشرة بتوزيعها وبيعها وحصل على مبلغ لم يكن ليحلم به. وحصل فادي على نصيبه من الصفقة قال له السيد رشيد هذه المليونين التي اتفقنا عليها وهذا مليون آخر فقط لتخبرني أين ترعى المواشي. أخذ فادي المليون الثالث وقال له كنت أرعاها في أسفل الجبل. احتار السيد رشيد فلم يعلم ان هنالك طريق لأسفل الجبل. قال له فادي سألت على المكان فأخبرتك وأنا متأكد أنك ستجد طريقة لتنزل إلى الجبل.
أراد فادي الذهاب إلى المدينة بصحبة ليلى والسيدة نور التي قالت لا أستطيع أن أرافقكما يجب أن أبقى في بيتي. ولكن فادي أصر عليها لتذهب معهما. فوافقت لتكون قريبة من فادي.
اتصل فادي بالفتاة لونا وقال أريد منك خدمة أخيرة. قالت: ماذا تريد يا فادي قال أريد أن تأخذينا إلى المدينة. فلن نستطيع الذهاب عن طريق القطار. ابتسمت لونا وقالت: سأفعل بالتأكيد
وفي المساء أحضرت الفتاة سيارتها الفارهة وصعد معها فادي وليلى والسيدة نور إلى المدينة.