كاتب الموضوع :
سارة منصور دوار الشمس
المنتدى :
قصص من وحي قلم الاعضاء
رد: رواية المتحول الوسيم
الفصل الخامس والسادس
توقف الزمن عندما مرت تلك الكلمة على أذناه ، فقد تمناها كثيرا ، لكن ، لما يشعر بطعنة تخترق قلبه وتترك له الألم .. الذي غطى عيناه عن العالم أجمع ...وترك له رؤية دموع والدته فقط ... تسير ..بغزارة ... أهى دموع الحسرة ..أم الفرحة .
تركت الطعنة فى نفس الوقت ، ألما شديدا لم يستمر سوى دقائق ،ومن ثم تلاشي ... افقده الاحساس بكل شئ ؟
أم أن قلبه انفطر كثيرا ولم يعد به أحساس بالدنيا .
تجمعت العائلة امامهم* بملابس سهرة ، وعلى وجههم مساحيق التجميل ، يهتف البعض بعدم التصديق ،ولما ، والاخرون يضربون أيديهم فوق بعضها بزهول* .
لم يرى ولا دمعة تسقط على جفونهم ، ولا حزنا ، ولما هو مندهشا منهم ، فهو الاخر لم تسقط منه ولا دمعه واحده . فقط هذا الشعور الغريب، الذي ينقل الى عالم لا تعرفه ورياح داخل قلبه تمر ذهابا وايابا،
الاشد غرابة أنها تشعره بالراحة* ..
مازال جالسا على الارض وأمه بأحضانه دافنة وجهها فى صدره ، وهو ..ينظر حوله لاولئك الناس...يراقبهم .
وخاصة صاحب العيون الرماديه (أدم) ، الذي ينظر اليه بضيق وكأنه يريد أن يحطم وجهه .
وهل له ذنب ان أباه توفى فى يوم زفافه ، وأنقلاب الفرح الضخم الذى كان يصمم داخله بأحدث مدخلات الزفاف* لأكثر من ثلاث شهور ... الى مأتم .
لن ينسي أبدا الدمعة الوحيده التى عبرت على خد عمه ناجى حتى شعر بمرارتها .. وكميه ألمها ..
وعن دمعة هذا الشخص الذي أمسكه واقامه من الارض وأجلسه على كرسيا .. ينظر اليه بشفقه .. ودموعه تجرى على خديه .
وهو* يراقبه عن قرب ، العينان التي راى فيهما الرعب وعدم الامان طويلا ، الان يراهم تزرف الدموع
... دموع صادقة ، حزينة . لأجله !!!!
_ خليك قوى ياصحبي ، انت مسؤل دلوقتى عن أمك .. متضعفش قدامها عشان متتكسرش اكتر ، وأنا معاك لو أحتاجت أى حاجة ..
فى تلك اللحظة نزلت دمعة من عيناه الزرقاء ،وهو يرى لأول مرة يد اخرى تربط عليه ، وتقوم باحتضانه ...
اهو مرغوب بأن يكون صديقا لأحد ، اسيجد أحد يقف بجانبه .. أسيكون بين هاتين الزراعين فى كل مرة يحتاج اليهما .
* * * * * * * * * ** ****
اسبوعا كاملا ينام فقط فى أحضان والدته ، لايفارقها ولا تفارقه ، لايتحدثون مع بعضهم سوي قطرات دموعها التى أثارت عيناه بدموع الحزن عليها .. وعلى حالتها التى تدهورت ...
_ تعرفي ياسمين ، مكنتش أعرف أن هزعل عليه كدا يابنتي ، قلبي وجعنى عشانه .. مكنتش أعرف أنى هفتكر الحلو كله ..
...... الحاجه الوحيدة اللى مصبراني ، أنه مات قبل مايأذيك ويغضب ربنا يابنتي ... ساعتها كان ..... ظلم نفسه وظلمك معاه...
.... يلا* ربنا يغفرله .....
_ عشان خاطرى متعمليش كدا فى نفسك ، معتيش تعيطي ... أنت بقالك فترة سخنة أوووى ومش بتبطلى تكحي ...* أنت ختى الدوى ...ولا أجيبه ليك ..
_ خته ، خته ياحبيبتي ، أنا كويسة .... قالتها الام وهى تربط على كتفى إسلام ، وكلما تنظر اليه تسقط الدموع ، تريد أن تخبره أنها تبكى لأجله هو ، وعلى حياتها التى جرت مسرعه ، وطفولتها التى كانت بقبضت والدها المحكمة ...
لكن الان تحررت ، هتنهدت ... وقالت
_ ياسمين ...أنا هقول لعمك ناجي على كل حاجه ، وهو هيساعدنا ...
_ ابوس ايدك ياماما بلاش ، سبيني أختار حياتي
_ أنت .... قالتهاالام لتنفعل ببكاء ، ترك أثر فى قلبه هو الاخر .
علا صوت الجرس يدوى ،* مسحت دموعها وقامت لتفتح الباب مسرعة.
تغيرت قسامتها وهى تنظر الى نجوة وزوجها عم اسلام الكبير .فكانت تعتقد أنه أخ زوجها( ناجى) ..
وبعد أن جلسوا أمام بعضهم .. قالت نجوة ..
_ منجلكيش فى وحش أبدا ياست رحمة ، البقاء لله يااسلام يابني ...
هتف العم
_ أنا بقول ليه يااكرم تزعل نفسك ، ايه ياعني لما خسرت 500 الف ، دا حتى الرجال اللى اسمه .....أأأه .... الإمام دا شريك ناجى أخويا خسر من البنك 50 مليون .. والراجل زي الفل ..
لايعرف أن بكلامه هذا فتح عمق الالم من جديد فى جسديهما* ، تذكرت رحمة زوجها قبل وفاته ،عندما كان جالسا على فراشه يبكي ويصيح أن تعب عمره الذي أكل صحته ، ضاع فى ثوان .* ووجع قلبها الذي نمي عندما* وجدته غارق فى دموعه يتمتم بكلمه (ابني ) (اسلام ) ،و لا يستجيب لصوت صياحها ... ليصمت للأبد ،وتنقطع أنفاسه بحسرته ...
قالت نجوة
_ شهيد لقمه العيش ياحبة قلبي ، كان يطلع من الشغل بتاعه على شغله التانى والثالث ..
مضي وقت على صمتهم الطويل ، وعلى شهقات رحمة المتواصلة .. على حال زوجها وابنتها .. التى قطفها بصحته وعمره ، واردا أن يقتلع أوراقها ... لكنه مات زليلا ، متألما ..
قطع صمتهما العم وهو يقول ..بعد أن لكزته زوجته عدة مرات فى قدميه حتى يتكلم
_ ياست رحمة ... المرحوم قبل مايموت ، باع* الشقة دى وقالى أنه محتاج الفلوس ضرورى ، وأنا أعطتله الفلوس لأن كنت ساعتها بدور على شقه لابني عشان يتجوز فيها .. وزى ماأنت شايفه أبنى لقى عروسة وعاوز يوضب شقته .
فلو ... يعني ...
لاحظ العم تغير قسمات زوجة أخيه رحمة الى الاحمرار الشديد ...
فأردف
_ هو أكرم مقلش ليكى ولا ايه ..؟
فجأة علا صوت شهقاتها تطالب بالهواء ، انخلع قلب اسلام عليها .. وهو يراها بتلك الحالة وهى تفقد وعيها تماما ...
* * * * * * * * * * * ****
عض على شفتيه حتى نزفت بالدماء، يحاول التماسك فهو الأخر يشعر أن اخر نفس سينهى حياته قريبا وهو ينتظر الطبيب ..
_ للاسف الحالة دخلت فى غيبوبة سكر ، وبنحاول على قد مانقدر ،الامر بيد الله ادعولها ..
_ ونعم بالله يادكتور ،ياعيني عليكي يارحمة ياحبيبتي ، هتروحي فيها وجوزك لسة ميت من كام يوم ..
هتفت بها نجوة ....
فرد عليها زوجها
_ اخرصي ياولية .... الست فى غيبوبة ... ان شاء الله تفوق ....
لم يشعر اسلام* بقدماه وهى تسقط على الارض ، وعلى صوت صياحه بالبكاء يدوى فى ارجاء المشفي . فلم تعطيه الدنيا السعادة ، بل سحبت منه أوصاله التى كانت سبب فى الحياة ..
داخله يناجى ربه ..وشفتاه ترتعش بالخوف ، وقلبه يتمزق مع كل نبضة..
_ يارب مليش غيرها ، احفظهالى ليا .. أنا ممكن اموت بعدها .. مش هستحمل فراقها ابدا ...
...يارب ... يار ب...
تمضي الايام ، تاركه أوجعها تزداد، داخل كيانه تمزقة مع كل شهيق يدخل رئتيه .
يظل فى المشفي ولا يخرج .. منها الا عندما يأتى الامن ليخرجه ... يطلب رؤيتها ،ولو دقيقه واحدة ... لكن الرفض يأتى فى كل مرة ..
وبصعوبة تامه سمح له بالدخول لعدة دقائق ، تحت توصية كبيرة من عمه ناجى الذي أشفق على حالته ...
_ ماما ..متسبنيش .. أنا محتاجلك ... انت وعدتنى تفضلى معايا .. قالها وهو يمسك بيديها وتتساقط الدموع على تغطيته المعقمه ...
يراها كالبدر المضئ فى ليلة ظالمة ، تكون هى وجه السعادة تلطف بضوئها الساحر الممزوج بالامان ... برغم تدهور حالتها الصحية ، الا أنها فقط تزداد جمالا ، تطرق ذكرياته لها وهى تمنع والده من ضربه .. وتتلقى هى الضرب .. وعن أخبارها الدائم له .. أنها فتاة جميلة ..
فيتحطم قلبه أكثر ، وهو يخبره أنه لو لم يأتى لم تكن التعاسة حظها .، ولم يكن المرض يحوطها ...
تمنى لو يعود الزمن وتخرج روحه فى وقت ولادته ، كانت لتكون سعيده مع أبيه الان ...
* * * * * * * * * * * ***
طوال النهار والليل يبقي معها ، وفى جنون الليل يذهب الى غرفته المظلمه التى فرشت الدموع داخلها باشواك الماضي .. وبقي اثارها فى كل شئ .
فتح هاتفه المحمول ليري 100 رساله نصيه و300 اتصال لم يصله ..
كلها من شخصا واحد (رامى ).
(إنت فين يابني ، مختفى ليه )
(جتلك البيت ميه مرة ، وانت مش موجود )
(أدم قالى على والدتك ، أنا أسف ، هتخف وهتبقي كويسة متقلقش* )
(روحتلك المستشفي ومش عارف أوصلك )
أغلق هاتفه ، وألقاه فى الجدار فتحطم ...
فى تلك اللحظة رن جرس المنزل عده مرات ،لايريد مقابلة أحد ، لكن ، يستمر الطارق فى النقر عليه ...
أقترب من الباب ، وبعيناه شعله ، لن تنطفئ أبدا ..
_ أنت فين يا اسلام ، أنتوا كويسين يابني . قالتها نجوة .. وعلى وجهها الخبث ، يحمل كلمات يعرفها جيدا .
_ لا مش كويسين ، نعم ..
انقلبت قسماتها الى الضيق وهتفت .. بص يااسلام ، أحنا مش مجبرين ننتظر أكتر من كدا أبني عريس وعاوز يفرح ...
رد عليها اسلام مقاطعا
_ أنا هسبلكم الدنيا أنا وامى عشان تفرحوا أكتر .
قالها وهو يلقي بمفتاح الشقه على الارض ، ويمشي بسرعة من أمامها تاركا البيت بالكامل .
مشي على الطريق العام ، لايري لايسمع .. فقط ذكريات حياته تمر عليه مرارا وتكرار ، لاشئ سعيد ..لم تفرح والدته ،* بل لم يجد الفرح طريقها ابدا ،فقط أبتسامات كاذبة .. تعطيها له ... كيف لم يعرف أن وراء تلك الابتسامه الم ينذف بالوجع .
وصل الى البحر ، نظر اليه طويلا، حتى مر الليل باكمله على عيناه المستيقظة الغارقة بهالاتها السوداء* ،حتى ارتفعت الشمس تخاطب قلبه الحزين .. بأن يصمد .. لأجل والدته .
رجع الى شقته ليري ان محتويات البيت كلها بالخارج* .
والعمال يخرجون باقى الحاجات ، تسأل ما بال حقدها وسوادها ليجعلها تخرج كل أثاث البيت طوال الليل .
هل سمعت الكلمات التى قالها لها ولم ترى الوجع بكل حرف .
اتجهه الى خزانة والدته واخذ ملابسها فقط واتجهه فى طريقه ... لايعرف الى اين ...فقط يمشي عده ساعات ،* ليري أنه وافقا أمام منزل عمه ناجى ..
_ ملقتيش الا هو ، تروحى عند الأسد برجلك ... هاهاه ، بس عندك حق ماانت ملكيش حد غيره .
قالها اسلام مخاطبا قدميه التى أتت به عند منزل عمه .
تنهد وهو يصعد الى المنزل ليقابل عمه ناجى ، الذي رحب به كثيرا .
_ والله كنت جايلك ، لسه من شوي عمك قالى أنك سبت الشقه وبعتها ليه استغربت جدا وقولت لازم أشوفك ..
_ هو قالك كدا ياعمي؟ ، ابويا اللى باعها له ، وانا دلوقتى معنديش حته أعد فيها .
شعر ناجي بالم الذي بحروف اسلام ، فتنهد بحزن وقال
_* بيت عمك هو بيتك الاول مش التانى كمان، أنت زي أدم عندى* والله ، ومتقلقش الدكتور طمني على والدتك .. حالات كتير بيحصل كدا وبيقوموا على طول ..* ادعيلها انت بس ياحبيبي
قالها ناجي وهو يربط على كتف اسلام ، الذي فاضت عيناه بالدموع الكسرة ..
فأردف ناجى
_ الواد أدم أتجوز وأوضته القديمه فاضيه .. خدها أنت وارتاح فيها ..
واى حاجه تعوزها قولى ....
...ياعم توفيق ....تعالا خد اسلام وديه اوضه ادم ..
... أنا ياحبيبي دلوقتى رايح شغل ضرورى ...
..... صحيح ... نسيت اقولك ...
أدم فتح صيدلية جديده ، فى منطقة المهندسين ، قولتله محدش هيمسك الحسابات غير اسلام ...
... أطلع أطلع لما أجى بينا كلام كتيير ...
...يلا ياحبيبي مع السلامه ....
لم يستطع اسلام الرد على كلام عمه ناجي ، فالفرق بينه وبين أبيه وأخوته كالسماء والارض .
وعيناه التى تنبعث منها الحنان الابوى ، الذي لم يشعر به أبدا ألقى فى قلبه الراحة ، وأن زاد خوفه من أدم الذي يقطن فى الاعلى مع زوجته لبني* ..
حدث نفسه* بأن ذهابه الى الصيدلية أفضل له وأن كان أدم بها، مع البقاء مع أعمامه الحاقدين الذين يراقبونه ليلا ونهارا ..
خرجت من فمه ضحكه ساخرة وهو يقول
_ الضباع مستنياني فى كل مكان أروحه ...
تنهد وأردف
...يارب أنا مش عاوز حاجه من الدنيا دي ، غير أمى تكون بصحتها ، هستحمل أى حاجه بس أمى ترجعلى ...
وفى الليل تقلب اسلام طويلا على الفراش ، ينتظر غبار النوم ينتشر داخل عيناه ،فلم ينم منذ شهر كاملا ، وبالفعل جاء النوم يملا جسده بالانهاك مع ثقل الليل .
وضاع منه فرصه ان يستمع* الى المشاحنات التى تأتى من الدور العلوى بالصياح وتكسير الاثاث ،حتى انه لم يشعر بذلك الذي يقفز من شرفته العلوية الى شرفته بغرفته القديمة .... ويزفر بقوة ..
أستلقى على فراشه الكبير يتقلب فيه ويسب كل شئ .. حتى أنهكه التفكير ونام لتذهب روحه الى عالم الاحلام ...
تسللت شمس الصباح الى شرفته ترتسم على عضلات بطنه السداسيه ..
فاستيقظ قليلا .. يتقلب فى اتجاه اليمين . ليلمس جسدا نائما يمتلك رائحة نالت من قلبه وصبت داخله* بالحنين ..
_ لبنى .... ياوحشه ... مش هسامحك برضه .. قالها وهو يقترب منه ويدخله فى احضانه وينفث على رقبته بهوائه الدافئ.. ويمرر يده على جسده ..
..... أيه دا أنت طولتى أمتى ...
فجأه أنفتح عيناه ، وقام من جلسته منتفضا بصدمه .. وهو ينظر الى أكثر وجهه يكره ....
_ ماما متسبنيش .... متسبنيش .. ماما ..
تمتم بها اسلام وهو نائما ...* لتمر على أذن ادم كالضربه القاضية .، فنبض قلبه بجنون ، وأنتفض مسرعا الى شقته فى الدور العلوى ... وهو يكز على أسنانه ....بضيق حاد ...
* * * * * * * * * * * * ***
تمضي الايام على عهدتها لا شئ جديد .. حتى
جاء اليوم الذي يذهب فيه اسلام الى صيدلية أدم .
كان الاستقبال مثل ماتوقعه اسلام بالظبط ، فنظرات أدم المشتعلة بالضيق ماتزال تسكن عيناه ، نظرات تخبره أن يخرج قبل أن يطعنه ، لكنه فقط يبقي تحت حصن عمه ناجى ، الذي يمنع ادم من التكلم ...
ولا يختلف شعورهم عن بعض ،فالقلوب عند بعضها ،تقرأ من هم احبابها واعدائها ، فغالبا مايشعر اسلام بالحقد أتجاه أدم فهو مايزال فى السنه الثالثه فى الجامعة* وقد تزوج ، وفتح له ابيه صيدلية طبية ضخمة... ويكفى ان والده ناجى يحبه ويحتضنه كلما يراه ...
دائما ماتأتى* لبني الى زوجها ادم* .. وطبيعتها فى أثارة غيرته لم تتوقف الى الان* .. فكان اسلام ضحيتهما ، مجرد علكة تمضغها لبني بدرسها يمينا ويسارا ..
حتى تشعل عين أدم ..
تضايق اسلام بشدة وهو يرى نفسله مجرد لعبه فى يديها ، وأن مابه يكفى ..* فأراد أن يجعلها تندم فذهب الى* مكتب أدم وهتف
_ قول لمراتك تبعد عنى كل لما تشوفنى تتلزق فيا ، وأنا مش طايقها أساسا
لم يعرف أسلام أن تلك الكلمه خرجت الى أدم لتطعنه فى شرف زوجته** ... فاقترب منه يمسكه من قميصه ولايفرق بينهم سوي النفس .. وينظر اليه .. يريد ان يحطم عظامه بالكامل ...
_ متضربني .. ياجبان ... اضرب ، بدل ماتروح تربي مراتك ...التيييت .....
رفع يده يوجه اليه لكمه بأقصي قوته ، ومن قوة دفعه ، سقط على الارض بعيدا على كرسيا تحطم* بمجرد وقعه عليه ... فانكسرت يداه ...
حدث اسلام نفسه ...
_ مش مهم ايدي تتكسر المهم اللى بينهم هما يتكسر .. ربنا ينتقم منك يالبني أنت وامك نجوة الحرباية وابوك* مش مكفيكم انكم السبب فى اللى حصل لامى ... وكمان عاوزة تكشحيني من الشغل ....أنا بقي اللى هوريك مين هيمشي ...
* * * * * * * * * ** ****
كلما يراه أدم ينتفض قلبه بالسم الغاضب ، يريد أن يبرحه ضربا حتى يكسر عظامه ، لكن والده يقف فى كل شئ ، لا يصدق أن أباه يقف فى صفه الى تلك الدرجة ... حتى أنه يريد أن يجعله يكمل دراسته ، ويجعله يمسك بعض مشاريعه ...
وقف أمامه يراقبه بضيق وهو يأخذ اموال الحساب* ، حتى لمح صديقه رامي يأتى اليه فى الصيدلية* ليشترى منه ... وبعد أن تكلموا كثيرا .
نظر رامي بدهشة الى اسلام فهتف به ..
_ أنت يا تيييت ... مش عارف أوصلك ... تبقي أنت هنا .... ليه يا أدم مقولتليش ...
كز ادم على أسنانه عندما تقابلت عيناه مع اسلام الذي ينظر اليه باستحقار ...
لكن رامي سحب اسلام* الى الخارج.. وقال
_ أنت تيييت ياض .. كل الفترة دي متكلمنيش ... وأنا قاعد أدور عليك ....
_ يعن أنت مش عارف اللى أنا فيه ...
_ مامتك أخبارها ايه صحيح ..
_ لسة فى غيبوبة ..
_ ربنا يشفيها .. معليش ياحبيبي ... بكرة تبقي تمام ... شد حيلك أنت بس ... عشان لو شافتك بمنظرك دا هتتعب أكتر .
أنتبه أسلام الى كلمه حبيبي ..، فنظر اليه طويلا ... وصاد الصمت لحظات ...
فأردف رامي ...
_ بكره هاجى أفوت عليك ... عندى ليك مفاجأة .
_ مش هعرف ...
_ يييه عليك .. اسمع الكلام ...
قالها رامي وهو يهم بالانصراف الى سيارته ، وبقي اسلام ينظر اليه وهو يمشي من أمامه ويطلق بوق السيارة بطريقة مضحكه ، حتى أبتسم* اسلام له* ...فقابله أدم بضحكة من السيارة
جعلت قلبه يرتاح لدقائق ...* حتى رأى يد فتاة* تخرج من الشباك الاخر فانقلبت الابتسامه الى عبوس ..
* * * * * * * * * ** ****
فى اليوم التالى
ذهب اسلام مع رامي الى منزله بعد ألح عليه ، فكان يخشي من وجود سيف هناك، ولكن استسلم بإلحاح رامي ، ولأن فضوله ينهكه بالتفكير، أراد أن يعرف بأمر الفتاة التى كانت معه البارحة ...
دهش اسلام وهو ينظر الى هذا القصر الكبير ، ينظر يمينا ويسارا وأعلا وأسفل .. ويد رامي تسحبه الى غرفته ...
_ شوفوا مين هنا ....يااااه وحشتيني يااسلام .. قالها سيف وعلى وجهه ابتسامه ساخرة ...
تصلب اسلام كالرمح وهو يسمع هذا الصوت الممزوج بصوت الافعى .. الذي يخشاه،* فالتفت له وهو يزدرد ريقه بصعوبة ...
فقال رامي بسخرية .
_ مش وقتك ياسيف ، روح كمل لعب مع البنات بتوعك دلوقتى .
_ لا بنات ايه دلوقتى ...* وإسلام موجود* ...
نظراته الخبيثة وعيناه التى تشع بالحقد ، تشعره أنه يعرف بأمره ..، بسره الذي يخفيه عن العالم . ...
_ رامي أنت جيبني هنا اتهزق . قالها اسلام بتماسك .
_ سيبك منه ياعم ...تعالا* ....قالها رامي وهو يمسك بيد اسلام يدخله غرفته ويغلق الباب، فقد تضايق رامي من أخيه سيف وتصرفاته المحرجه .
نظر اسلام الى الغرفة بعجب* فيوجد بها الكثير .. من الامور التى يتمناه الجميع ..
شاشه عرض كبيرة موضوعة على حائط الغرفة ، العاب الفديو فى كل مكان ..
قام رامي بفتح الشاشة الكبيرة ، وقام بتوصيل لعبه به FIFA تحت عينان اسلام المندهشه بعجب كبير ...
_ ايه دا FIFA 2019 جبتها ازاى أنا سامع أن صعب تبقي مع اى حد ...
_ مفيس صعب يلا، مع رامي الامام ..
ضحك اسلام بسخريه وقال
_ هختار برشلونه .. وانت الريال ..
_ لا ياحبيبي انت الريال ..
_ خلاص مش لاعب .
_ياساتر* عليك .. خلاص ياعم انت برشلونه
_اوبا .. دا3D ... طول عمرك محظوظ ..
_شغل الأر دا مبحبوش ..
استمر اللعب بينهم ثلاث ساعات كامله ، وتنتهى اللعبه دائما* بفوز اسلام ... حتى تضايق رامي منه ، وقام بلكمه فى صدره ..
فانقلبت قسمات اسلام الى الضيق، واحمر وجهه .. وقام من مجلسه والقى درع اللعبه على الارض .. وذهب الى الباب .. ليمشي ..
تابعه رامي .. وعلى وجهه السخرية ..
_* أنت قموصة يلا ، خلاص ياعم ... أنا اسف ...
قالها رامي وهو يمنع اسلام من الخروج من الغرفة ... ويمسكه بقوة من كامل جسده* ...
أراد أسلام أن يخرج بسرعه حتى لا يري دموعه التى تعافر على الخروج ...
_* عشان خاطرى خلاص يااعم بقي ... . حقك عليا ..
فدفعه اسلام لكى يبتعد عنه .. وجلس وهو يكتم شهقاته ...التى* ترجمها رامي على أنه بسبب ظروفه الصعبة .. وندم على فعلته .. التى لم يكن يقصد منها سوي المرح .. كما يفعل ذلك مع باقى* أصدقائه .
_ رامي..... مين البنت اللى كانت معاك فى العربية امبارح ...
فى تلك اللحظه دخل أحد العاملين بالقصر ، يخبر رامي
_ يا رامى بيه ، أصحابك موجدين تحت فى الحديقه ...
_ ماشي ياعم حسين ، قولهم جاي اهو .
_ هتعرف كل حاجه ... لما ننزل ..
_ أصحابك مين ... أنا مش عاوز أشوف حد ..
_ يابني متقلقش .. عشان اقولك على المفاجأة .
ولأن اسلام يريد أشباع فضوله ، وافق على أن ينزل مع* رامي ... فى الحديقه ...
* * * * * * * * * * ****
هبت نسمات الرياح على أشجار الصفصاف تتراقص مع زهور الحديقه الملونة* ،تحت ضوء القمر يتناغم مع أصوات ضحكات الشباب وهمسهم* وهم يجلسون فى مقاعد ذهبية* اللون وسط أشجار حديقه القصر .
_ هو لسة رامي مصاحب اسلام* ، محدش قالى ليه يارجالة ان* الواد دا جاى .. هتف بها أدم وعلى وجهه الغضب ..وهو يقوم من مجلسه ..
فقال أحدهم
_ أعد ياعم ملناش دعوة* ، وبعدين أنته حاطه فى دماخك ليه ...أعد أعد ..
فأردف شابا أخر
_ شوف حتى لما شافك هو كمان* مرداش يدخل ولف الجهه التانية ..
وأنا كمان مبقبلوش تحسه غريب كدا ،وحركات وشه مش عجباني ..
قال الاخر
_ فاكرين يارجاله لما كنا فى الثانوى* ومسكنا فيه وسيف ضربه ، وقعد يعيط ، كنت حاسس ان بنت اللى بتعيط ...* حتى حركات عنيه* وهو بيتكلم* بتخل* جسمي يقشعر .
_ بنت ايه ياعم ، فى بنت طولها 180 ، دا شكل واحد أستغفر الله حركات عيال تيييت مدلعة مشفوش قطم ظهر الرجاله .
تعالات ضحكات الشباب الا أدم الذي كان يريد أن ينقض عليه ويذيقه من الضرب مايكفى لإخماد ناره .
_ماتيجي يابني ... قالها رامي وهو ينظر لاسلام برجاء
_ لا مش عاوز أعد مع الاشكال دى ..، أنت نسيت عملوا فيا ايه ..أخر مرة ...
_ دا أدم معاهم .. ابن عمك ...
_ دا أكتر واحد تيييت فيهم ...
_ طب خلاص خمس دقايق بس ... عشان بس اقول اللى عندى وهنمشي على طول ..
تنهد أسلام ، فرامي كثير الحاح عليه ، ولن يتوقف حتى ينفذ مابعقله ... وطريقته تزيد فضول اسلام أكثر ...
فدخل عليهم وهو ينظر الى كل شخص منهم باستحقار ..
فقال رامي معلنا أمامهم ..
_ يارجاله ..أنا عندى ليكم مفاجأة ...
لم يشعر أحد بدهشة ، الا عينان اسلام التى كانت مشتعله بالفضول ، وأذناه التى تترقب كل حرف يخرج..
_ طبعا أنتوا عرفين ، أن إمام بيه ممول نادى مركز البلد ...* وزى ماانتوا شايفين ..أنا بحب الكرة قد أيه ...قررت أنى اكون مسؤل عن النادى .. وهو أعطانى الموافقة ...
... وطبعا أنا هرجع ألعب تاني ... وملقتش أحسن منكم تمثلوا فريق النادي ..
_ طب واللاعبين اللى فيه ..هتف بها أحدهم ..
_ هيفضلوا موجدين بس أحنا الاساس ...
هااه مين معايا ... إسلام ..؟
وافق الجميع على الدخول الا اثنان .. أحدهما يبدو عليه التررد والاخر غامض ..
هتف أدم ..
_ أنا دلوقتى متجوز وبشتغل ، ومش فاضي ، خرجونى منها ...
اردف رامي .. وهو يرى أسلام متردد ...
_ أنت كدا كدا .. معانا على فكرة ..
... تمام يارجاله ... معادنا بكرة ... الساعه 10
هتف أحدهم ..
_ هى دى المفاجأة ؟؟؟...، دا أنا قولت .. أن فى أحتفاليه جديدة ...
_ ما انت ناصح اهو* يابرنس ...قالها رامي ويبدو علية السعاده
انتبه أسلام وقد نبض قلبه بجنون ... وهو ينظر الى رامي وعيناه جاحظة ..
_ انا هتجوز ... هتف بها رامي .. أمامهم ... وعيناه تتابع أسلام الذي كانت ألوان الدنيا يختفى بريقها من عيناه بل تلاشت .. وبقي غمامة تمطر بغزارة عليه بمفرده .
...يتبع ...
|