استيقض رومي وكارا في صباح اليوم الثاني على صوت لتيشا تصرخ وتنادي. خرج رومي وسألها ماذا يجري. قالت: الكل يبحث عنك، يجب أن تعود إلى "
جزيرة الألماس"، وكانت طريقة لتيشا توحي بأن هنالك مشكلة. قال لها ماذا يجري. قالت كل الي أعرفه أنهم قالوا يجب أن تعود بسرعة. اتصل رومي بوليم فلم يرد. ثم اتصل بمي وجدها تبكي وتقول تعال بسرعة نحن بحاجة إليك. صعد رومي ولتيشا وكارا إلى الطائرة وعادا بأقصى سرعة إلى الجزيرة.
ولما وصلا ارتمت أخته لميس في حضنه وهي باكية. قال لها ماذا يجري. فجأة أغمي عليها ولم يعرف منها شيئا. حملها رومي إلى المنزل ورأى الجميع يبكون ويشهقون من البكاء. قال هل سيخبرني أحدكم ماذا يجري. التفت رومي يمنة ويسرة فلم يرى وليم ونهاد وعفراء وآيتن وسارة. سألهم أين بقية رفاقي. تقدمت إليه "مي" وكانت تحاول أن تتمالك نفسها لكي لا تخسر جنينها. وقالت: لنذهب إلى "
غرفة التحكم" في القاعدة. وذهبت كارا ولتيشا معهم.
جلست "مي" وبدأت تشرح له وتريه مقاطع مما صورته "
الكاميرات المضيئة" وقالت: بعد أن رحلت إلى أفريقيا. كان الحوت يسير إلى "
المحيط الأطلسي" بقرب جنوب امريكا. بعد ساعة وجدنا العديد من السفن السياحية تقترب من الحوت. تريد أن تشاهد الحوت العملاق. كانت السفن تسير بمحاذات الحوت. انطلق وليم ومعه
نهاد و
عفراء و
سارة و
أيتن و
لويس لتأمين الحماية للحوت. انطلقوا باليخت الطائر حتى وصلوا إلى المنطقة وكانوا يحاولون ابعاد الناس عن الحوت المسافات المناسبة. لكن المكان أصبح فوضويا فكثرت السفن والمراكب في تلك المنطقة.
بعدها بساعات لاحظنا سفن أخرى تقترب وعليها مجموعة من الصيادين جاؤوا بقصد صيد الحوت. كان الحوت هادئ. ثم بدأ الصيادين برمي سهامهم باتجاه الحوت من كل الجهات، فقاموا بجرحه وإدمائه. اقترب وليم من الصيادين يريد ان يمنعهم. لكنهم استمروا بمهاجمة الحوت. فما كان من الحوت إلا أن بدأ يدافع عن نفسه، فأخذ يهاجم سفن الصيادين التي في المنطقة بما فيها اليخت. فكان يرمي بذيله الذي يزن الأطنان على السفن. ويرفع السفن السياحية برأسه ويلقي بها. فزع الناس، ابتعد من ابتعد. ودمرت الكثير من السفن وسقط الكثير من الناس في المحيط. وبدأت تهجم عليهم الأسماك.
سقط الصيادين في البحر، وكسرت مراكبهم ثم بدأ الحوت يهاجم المراكب السياحية. وتمكن من قلب اليخت سقط البعض في المحيط بينما علق البعض بداخل اليخت وهو يغرق.
أرسلنا فريق انقاذ ليحاول أخراج الناس من المحيط. لكن الحوت بدأ يلتهم كل شيئ. فزع رومي ووضع يده فوق رأسه وبدأت تدمع عيناه. قال لها مذا حدث بعد ذلك. قالت استطاعت آيتن اخراج وليم بعد أن تعرض للعديد من الإصابات. وتمكنت من انقاذ عفراء فلم تصاب بشيء. بكت ديانا ثم أكملت وهي تشهق من البكاء وفقدنا الآخرين سارة ونهاد ولويس. جثا رومي على ركبته باكيا وبكت كارا ولتيشا. اقتربت منه ديانا وعانقته وهي تبكي معه. وبعد أن توقفا من البكاء. أكملت آسية مات الكثير من الناس هنالك ما بين غرقى وما بين من التهمهم الحوت. قال رومي وأين رفاقي الآن. قالت ذهب جدك ليحضرهم بعد أن ينتهوا من التحقيق.
تواصل رومي مع الجد وعرف أنهم عائدون إلى الجزيرة. وبعد ساعات قليلة، وصلت طائرتهم إلى "
مهبط الطائرات" في البرج وكان الجميع في استقبالهم. نزلت آيتن وارتمت في أحضان رومي باكية ثم قدمت عفراء أيضا أما وليم فكانت إصابته بليغة وكان تحت صدمة ما حصل وفقدان حب حياته نهاد، نقلوه إلى المستشفى مباشرة . وبعد لحظات أنزلوا الحوانيت التي تحمل لويس وسارة ونهاد نظر إليهم رومي ودموعه تتقاطر من خديه يبكي وكل من حوله يبكي عليهم بحرقة.
ذهب إلى "
سارة" فتح عنها الحانوت نظر إليها ومسح ما علق عليها من التراب وأخذ يضمها ويبكي حتى انهار. اقترب إليها الجميع ينظرون إليها ويقبلونها ويودعونها، ثم انتقل رومي إلى نهاد ولويس والحزن يقتل قلبه على فقدانهم. كان يوما من أسوأ الأيام في الجزيرة. فقد رومي زوجته سارة أقربهم إلى قلبه. وفقدت لميس حبها الأول وفقد وليم الفتاة التي أحبها.
مسح رومي دموعه ثم التفت إلى "كارا" وطلب منها متابعة أحوال الحوت. ذهبت كارا رغم الحزن الي في قلبها إلى "
غرفة المراقبة" لتراقب مكان الحوت. شاهدت الحوت يتألم عائدا بإتجاه الجزيرة وبه العديد من الأسهم التي سببت النزيف في جسمه وأعاقة حركته. عادت لتخبر رومي بحال الحوت. قال لها تابعي المراقبة.
انتشر الحزن في الجزيرة بعد فقدان ثلاثة من رفاق رومي. وبقي رومي يبكي والجميع حوله يبكون حتى جاء المساء بدأت نفسه تهدأ قليلا، ثم سأل رومي كارا أين وصل الحوت. قالت: إنه يعاني بالقرب من حدود "
جنوب أفريقيا". انتظر رومي حتى نام الجميع. ثم طلب من كارا أن ترافقه إلى مكان الحوت. ولما وصل إلى هنالك نزلت بالطائرة إلى قرب المحيط قفز رومي إلى المحيط وغطس حتى وصل إلى الحوت. فلما شاهده الحوت سكن وصعد إلى السطح، ثم أضاءت كارا أضواء الطائرة باتجاه الحوت. ثم بدأ رومي يخرج السهام من الحوت واحد بعد الآخر. فقد كانت تعيق تحرك الحوت. ثم استمر الحوت في طريقه حتى وصل إلى حدود الجزيرة. اطمئن رومي أن الحوت أصبح بأمان. فلن يستطيع أحدهم أن يتجرأ ويعتدي عليه مرة أخرى. وقام بإلغاء موقع الحوت إلى لعلماء البحار فلهم القدرة على متابعة تحرك الحوت.
عاد رومي ذهب مباشرة إلى "مي" وكانت في شهرها الأخير. سألها كيف تشعرين. قالت: إنني بخير أحاول ألا أجهد نفسي بالبكاء. نظرت إليه وقالت: لماذا ملابسك مبللة؟ هل كنت في البحر. قال لقد أعدت الحوت إلى شواطئ الجزيرة. ثم ذهب ليطمئن على بقية الزوجات فوجد الحزن قد تمكن منهم حتى غلبهم النوم.
أنزل رأسه وبدأ يبكي. ويقول أنا السبب في هذا. كانت فتاة رقيقة تعيش أنوثتها وحياتها كما تريد. دخلت إلى حياتها وبعثرتها وحببت إليها المغامرة والمخاطرة. لو لم أصنع ذلك اليخت الطائر لتأخرت في الوصول وعادة إلي بالسلامة. حتى أني لم أجد فرصة لأودعها. دمرت حياتها وحيات أخواني كل واحد منهما فقد حبه الأول. قالت "مي" هون عليك. لماذا في كل مرة تلوم نفسك؟ بالعكس أنت كنت الوحيد الذي يجعلها سعيدة. وجودك في حياتها أعاد إليها الإبتسامة والأمل والسعادة. كانت تقول أنها رغم توفر كل شيئ حولها من المال والثراء والشهرة وكل شيئ، لو وضعوها في كفه ورومي في كفة أخرى لأخترت رومي.
بقي رومي يبكي ويبكي حتى غلبه النوم. اتصلت "مي" بديانا وقالت. يجب أن يستحم ويغير ملابسه قبل أن ينام. أخذته ديانا إلى الحمام وحممته وألبسته ثم ارتمى على السرير نائما بجانبها.
في اليوم التالي، ذهب ليطمئن على أخيه وليم وجد أن حالته مستقرة. جلس بجانبه يتحدث إليه ويخفف عنه ويصبره على مصيبته. ثم طلب من عفراء الإعتناء به. دفن رومي حبيبته سارة ورفاقه نهال ولويس. ولكن هذه المرة لم يستطيع أن يخلوا بنفسه فكان يبقى قريبا من "مي" لقرب ولادتها. حزن الجميع واستقبلوا العزاء ثم استقر رومي في "
قصر الألماس" بالقرب من رفاقه. بعد أسبوع تقريبا تماثل وليم للشفاء وعاد إلى القصر. وبقي الحوت في "
المحيط الهندي" يخرج رومي يطمئن عليه من وقت للآخر.
حزن وليم كثيرا لفراقهم وخصوصا "
نهاد". وكان الجميع حوله يواسونه ويحاولون أن يخففوا عنه. لكنه لم يتحمل فراقها فانقطع عن الجميع في يخت سارة. تزوره عفراء من وقت للآخر ويتناوب الجميع على زيارته من وقت للآخر
وحزنت لميس أيضا لوفاتهم وخصوصا "
لويس" الذي بدأت تعجب به. فكانت عفراء بجانبها تواسيها وتصبرها.
بعد أسبوعين من وفاة سارة رزق رومي و"مي" بإبنتهما الأولى، إختارت "مي" اسم "سارة" لتذكرها دائما برفيقتها، ولدت سارة الصغيرة بعينين زرقاوان. فرح الجميع بولادتها. فقد أعادت إليهم القليل من الإبتسامه. التف الجميع حول "مي" وباركوا لها مولودتها الصغيرة يعتنون بها جيدا وبصغيرتها فأخذت الاهتمام الأكبر. حتى وليم رغم حزنه ترك اليخت وعاد وأصبح يقضي الوقت الكثير مع ابنة أخيه.
أما رومي فأمامهم يظهر بأنه تناسى أحزانه بينما يقضي بقية الوقت في بيت الشجرة يبكي حزنا على فراق سارة. فكانت آيتن حوله تطمئن عليه من وقت للآخر. ثم تأخذه إلى البحر ليلاعب الأسماك تارة والحوت تارة أخرى.
بدأ رومي يعود لطبيعته بعد شهر من فراق سارة. وأخذ يلاعب سارة الصغيرة ويقضي وقته معها. رجع المرح للقصر. وبدأ الجميع العودة إلى أعمالهم والتزاماتهم. وبدأت "
مي" تخرج وترافق رومي في كل مكان أحيانا لوحدهما وأحيانا أخرى مع طفلتهما. أصبح الجد أيضا يقضي أوقات كثيرة في القصر. ليلتقي بسارة الصغيرة. استمروا على هذه الحياة الجميلة ثلاثة شهور.
حتى جاء اليوم الذي تلقى رومي اتصال مهم من البرج بقدوم شخص يريد اللقاء به. ذهب رومي بصحبة كارا إلى البرج. التقى بالرجل وتعرف عليه وإذا هو أخو سارة "
هاني سلامة" رحب به رومي واستقبله. وأخذه إلى قصر كبار الزوار. التقى هاني برفاق رومي الذين قدموا له العزاء. وقضى يومين جميلة في الجزيرة.
قالت لميس لرومي أظنه لم يقدم فقط للقائك أو العزاء. قال رومي: لم تتكلم سارة كثيرا عن عائلتها أخبرتني أنها فقدته منذ سنين. ولم تعد تعرف عنه شيئا إذا كان حيا أو ميتا. لكن السؤال لما لم يظهر إلا بعد وفاتها. سنلتقي به غدا ونعرف لماذا قدم إلى الجزيرة.